الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 25 يونيو 2025

الطعن 16909 لسنة 66 ق إدارية عليا جلسة 20 / 1 / 2021

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة السادسة ( تعليم - موضوع )
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق محمد لطيف عبد العزيز نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / محمد ياسين لطيف شاهين نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الغني سيد محمد الزيات نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / ياسر احمد محمد يوسف نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / عبد الحكم محمود نور الدين محمود نائب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / أحمد اسامة عبد المقصود مفوض الدولة

وسكرتارية السيد / محمد علي إبراهيم أمين السر

أصدرت الحكم بالآتي
في الطعن رقم 16909 لسنة 66 ق.عليا
في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالمنصورة - الدائرة الثانية-
بجلسة 16/10/2019 في الدعوى رقم 22405 لسنة 41 ق

المقامة من
………………
بصفته ولياً طبيعياً على ابنته القاصره/ ……….
1- وزير التربية والتعليم
2- محافظ الدقهلية
3- المشرف علي اعمال امتحانات الثانوية العامة
4- رئيس كنترول الثانوية العامة
5- رئيس مكتب تنسيق الثانوية العامة

----------------

" الإجراءات "

في يوم الثلاثاء الموافق 17/12/2019 أودع وكيل الطاعن بصفته ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن الماثل، قيد بجدولها بالرقم المسطر أعلاه، في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري - دائرة المنصورة الثانية - بجلسة 16/10/2019 في الدعوى رقم 22405 لسنة 41 ق، والذي قضى بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من حرمان كريمة المدعي من دخول الامتحان خلال العام التالي لعام الإلغاء (2019/2020 ) مع مايترتب علي ذلك من اثار علي النحو المبين بالاسباب ، وبرفض طلب وقف التنفيذ فيما عدا ذلك ، وإلزمت المدعي بصفته مصروفات الشق العاجل ، وامرت بإحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لإعداد تقرير بالرأي القانوني في موضوعها.
وطلب الطاعن، للأسباب المبينة بتقرير الطعن، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبوقف تنفيذ وإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء امتحان نجلة الطاعن ايه في شهادة الثانوية العامة - في العام الدراسي 2019/2020 ، وحرمانها من دخول الامتحان لمدة عامين ، مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعلان نتيجتها هذا العام والسماح لها بالتقديم لمكتب التنسيق حالة نجاحها وتمكينها من الامتحان في الدور الثاني في حالة رسوبها في بعض المواد ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات 0
وقد أعلن المطعون ضدهم بصفاتهم بتقرير الطعن، على النحو الثابت بالأوراق، وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وإلزام الطاعن المصروفات.
وقد نظرت الدائرة السادسة - فحص طعون - بالمحكمة الإدارية العليا الطعن، وبجلسة 16/9/2020 قررت إحالته إلى الدائرة السادسة - موضوع - بالمحكمة ذاتها لنظره بجلسة 21/10/2020 ، وقد نظرته المحكمة بهذه الجلسة ، وتدوول نظر الطعن علي النحو المبين بمحاضر جلساتها وبجلسة 16/12/2020 قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم, وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

----------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .
وحيث إن الطاعن يطلب الحكم بطلباته أنفة البيان.
وحيث إن الطعن أقيم في الموعد المقرر قانوناً، واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم تقضي المحكمة بقبوله شكلاً .
وحيث إن عناصر هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 17/7/2019 أقام الطاعن بصفته ولياً طبيعياً على كريمته ……. الدعوى رقم 22405 لسنة 41ق أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة - الدائرة الثانية ضد المطعون ضدهم بصفاتهم بطلب الحكم بقبولها شكلاً ، وبوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار المطعون فيه الصادر بإلغاء امتحان كريمته بالصف الثالث الثانوي - الدور الأول - في العام الدراسي 2018/2019 في جميع المواد، وحرمانها من الامتحان لمدة عامين مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعلان نتيجتها والسماح لها بالتقديم لمكتب التنسيق حالة نجاحها وتمكينها من الامتحان في الدور الثاني في حالة رسوبها في بعض المواد ، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ، وتنفيذ الحكم بمسودته بدون إعلان، وذلك على سند من أن ابنته ايه طالبة بالصف الثالث الثانوي - في العام الدراسي 2018/2019 ، وأدت الامتحانات ، وفوجئ بعدم إعلان نتيجتها؛ لصدور قرار من وزير التربية والتعليم متضمناً إلغاء امتحانها وحرمانها من دخول الامتحان لمدة عامين ، علي الرغم من انه لم يصدر منها أي اخلال بنظام الامتحان ، وفوجئت بملاحظ اللجنة يطلب منها التوقيع علي أوراق دون ان تعلم محتواها وانها وقعت تحت التهديد والاكراه ، وانه بادر بالتظلم من هذا القرار ولكن دون جدوى، الأمر الذي حدا به إلى إقامة دعواه ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون وفقدانه لسببه المشروع، وذلك تأسيساً على أن ابنته لم ترتكب اية مخالفة ولم تقم بالغش علي نحو ماهو ثابت بمحضر اثبات الحالة الذي تم تحريره عقب خروجها من اللجنة 0
وبجلسة 16/10/2019أصدرت محكمة القضاء الإداري - دائرة المنصورة- حكمها المطعون فيه، والذي كيف طلبات المدعي بصفته علي انه يطلب الحكم بقبول الدعوي شكلا ، وبوقف تنفيذ ثم الغاء قرار وزير التربية والتعليم الصادر في غضون عام 2019 بإلغاء امتحان كريمته في جميع مواد امتحان الدور الأول للصف الثالث الثانوي لعام 2018/2019 وحرمانها من دخول امتحان الدور الثاني واحتساب عام الحرمان عام رسوب ، وحرمانها من دخول الامتحان في جميع المواد بالعام الذي يليه 2019/2020 مع مايترتب علي ذلك من اثار اخصها اعلان نتيجة نجلته وتمكينها من أداء امتحان الدور الثاني ان كان لذلك مقتضي والزام الجهة الإدارية المصروفات ، وشيدت قضاءها - بعدما استعرضت نصوص قرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رقم 34 لسنة 2018 بشأن تنظيم أحوال إلغاء الامتحان والحرمان منه - على أن البادي من ظاهر الأوراق ان الجهة الإدارية نسبت الي كريمة المدعي حيازتها هاتف محمول ماركة ايفون 7 بلس بكاميرا اماميه وعدد 2 كاميرا خلفية ابيض اللون مدون عليه رقم 682 وقيامها بتصوير كراسة اجابتها يوم السبت الموافق 29/6/2019 اثناء أدائها امتحان مادة الجيولوجيا في لجنتها المقيدة بها ومقرها مدرسة الجمالية الثانوية بنات التابعة لادارة الجمالية التعليمية ، وتشيير جزء من الأسئلة عن طريق الهاتف المحمول ، وان الشئون القانونية بالجهة الإدارية قد اجرت تحقيقا في الواقعة يوم 29/6/2019 ، وان غرفة عمليات الثانوية العامة عام 2019 رصدت في ذات اليوم اثناء أداء امتحان مادة الجيولوجيا قيام الطلاب الواردة أسمائهم بالكشف المرفق بالتقرير باستخدام أجهزة الاتصال الحديثة في الغش والنشر وقد ورد اسم وبيانات كريمة المدعي باحدي صفحات هذا الكشف وتحديد هويتها من خلال الرقم الكودي الخاص بكراسة اجابتها عبر رصده بالمجموعة المسماه بالغش اتجمعنا علمي بوسيلة التواصل الاجتماعي وتساب ومن ثم تكون المخالفة المنسوبة للطالبة قد ثبتت في حقها ثبوتا كافيا ، وإذ صدر القرار المطعون فيه بإلغاء امتحانها في جميع المواد ، واعتبارها راسبة وحرمانها من دخول الدور الثاني ، فانه يكون بحسب الظاهر مبرأمن عيوب المشروعية مما ينتفي معه ركن الجدية ويتعين معه ركن الجدية ويتعين القضاء برفض وقف تنفيذ القرار في شطره الأول 0، وانه عن الشطر الثاني من القرار والذي تضمن تغليظ العقوبة علي الطالبة استنادا الي سلطة وزير التعليم بمقتضي نص المادة 6 من القرار رقم 34 لسنة 2018 فأن هذه المادة قد اشترطت لاعمال حكمها ان توصف المخالفة المنسوبة للطالب بقدر عال من الجسامة ، ولما كانت جسامة العمل المادي المشكل للمخالفة التأديبية انما يرتبط بما يترتب عليها من اثار ، ومتي كان القرار الطعين قد خلا من تحديد تلك الاثار ومن ثم افتقدت المخالفة الي مناط تغليظ العقوبة مما يصم القرار بعيب عدم التناسب الظاهر مما يرجح معه الغاؤه ويتوافر بذلك ركن الجدية مع توافر ركن الاستعجال ويتعين وقف تنفيذه فيما تضمنه من حرمان الطالبة من دخول امتحان العام الذي يليه عام الإلغاء .
وحيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ، وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ، وذلك تأسيساً على أن الحكم استند الي التقرير الوارد من غرفة عمليات الثانوية يوم السبت 29/6/2019 واعتبر ان هذا التقرير يثبت المخالفة في حق الطالبة علي الرغم من ان هذا التقرير مجرد صورة ضوئية وطعن فيه الطاعن وطلب تقديم اصله وتقديم الهاتف المضبوط ، فضلا عن التناقض الواضح في أسباب الحكم حين اعتمد علي التقرير سالف الذكر والذي يتناقض مع مسلك الجهة الإدارية والتي قامت بمعاقبة ملاحظي اللجنة لعدم اكتشافهما الواقعة بالإضافة الي تناقض اقوال الشهود في التحقيق .
وحيث ان المحكمة توطئة لحكمها تشير باديء ذي بدء الي أن نطاق هذا الطعن يتحدد في مدي سلامة ومشروعية ماقضي به الحكم المطعون فيه - منطوقا واسبابا مرتبطة به - رفض وقف تنفيذ القرار المطعون فيه في شقه الأول من بإلغاء امتحان كريمة الطاعن في جميع مواد امتحان الدور الأول للصف الثالث الثانوي لعام 2018/2019 وحرمانها من دخول امتحان الدور الثاني واحتساب عام الحرمان عام رسوب ، وذلك لان الحكم المطعون فيه قد قضي بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه في شقه الثاني من حرمان الطالبة من دخول الامتحان في العام الذي يلي عام الإلغاء 2019/2020 باعتبار ان هذا القضاء قد حاز حجية الامر المقضي فيه بعدم طعن الجهة الإدارية عليه .
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري ، طبقاً لنص المادة (49) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، توافر ركنين مجتمعين ، أولهما : ركن الجدية ، بأن يكون الطعن على القرار قائماً ، بحسب الظاهر من الأوراق ، على أسباب جدية يرجح معها إلغاؤه عند نظر الموضوع. وثانيهما : ركن الاستعجال ، بأن يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه ، أو الاستمرار في تنفيذه ، نتائج يتعذر تداركها إذا قضى بإلغائه.
وحيث إنه عن ركن الجدية ، فإن المادة (14) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المعدلة بالقانون رقم 233 لسنة 1988 تنص على أنه : بمراعاة ما ورد في هذا القانون من أحكام خاصة ، يحدد وزير التعليم ، بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم قبل الجامعي ، شروط اللياقة الطبية اللازمة للقبول في مختلف مراحل التعليم ، ونظم الامتحانات ، وقواعد النجاح وفرص الرسوب والإعادة ، والحوافز التشجيعية للتلميذ ، ونظام التأديب والعقوبات التي توقع على التلاميذ ، وأحوال إلغاء الامتحان أو الحرمان منه ، ونظام إعادة القيد ، على أن يتضمن هذا النظام فرض رسم يقدره وزير التعليم لإعادة قيد التلميذ المفصول ، وفقاً لما هو وارد في المادتين (24) و(45) .
واستناداً إلى ما تقدم صدر قرار وزير التربية والتعليم والتعليم الفني رقم 34 لسنة 2018 بتاريخ 15/2/2018 بشأن تنظيم أحوال إلغاء الامتحان والحرمان منه ونص في المادة الثالثة على أن :
يلغى امتحان الطالب في جميع المواد ، ويعتبر راسباً فيها ، سواء في الامتحانات العامة أو الامتحانات المحلية ، مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانوناً ، إذا ارتكب أي من الأفعال الآتية:
(1) صور او طبع او نشر او اذاع او روج باي وسيلة : أسئلة الامتحانات او اجوبتها قبل عقد لجان الامتحانات او اثنائها ، سواء وقع بالفعل داخل هذه اللجان او خارجها بقصد الغش او الاخلال بالنظام العام للامتحان او اشترك او شرع في ارتكاب أيا من هذه الأفعال 0
(2) الغش أو الشروع فيه ، أو الاستفادة منه ، أو المساعدة عليه بأي وسيلة أثناء الامتحان .
3- القيام بأى عمل من شانه الإخلال بنظام الامتحان.
4- الإعتداء بالقول، أو بالفعل على أحد القائمين باعمال الامتحانات، أو معاونيهم، أو الطلاب، أو التحريض على ذلك أثناء الامتحان أو بسببه.
5-استخدام الهاتف المحمول بكافة انواعه ، او أي وسائل تكنولوجيه اخري تؤدي الي ارتكاب أي فعل من الأفعال المنصوص عليها بالفقرتين (1،2) من ذات المادة او الشروع فيها
وفى المادة الرابعة على أن:
يلغى امتحان الطالب فى المادة التى يؤدى الامتحان فيها، مع عدم الإخلال بالعقوبات المقررة قانوناً، إذا ما إرتكبت إحدى المخالفات الآتية:
1- حيازة الهاتف المحمول، أو أى من الأجهزة التكنولوجية، أو أى وسائل أو أدوات أخرى تساعد على الغش أثناء الامتحان.
2- تضمين الإجابة ما يكشف عن شخصيته، أو ما ينم على الإستهانة أو السخرية بأى صورة من الصور.
3- تمزيق أوراق الإجابة، أو نزع ورقة منها، أو العبث بها أو محاولة إخفائها، او محاولة الهروب بها.......................
وفي المادة الخامسة على أن : يلغى امتحان الطالب طبقاً لأحكام المادتين الثالثة والرابعة من هذا القرار بقرار من المشرف على الامتحان بعد تحرير رئيس لجنة سير الامتحان محضراً بإثبات الحالة فور حدوث الواقعة أو اكتشافها ، وإجراء تحقيق مع الطالب بمعرفة جهة التحقيق المختصة من (الإدارة - المديرية - الوزارة) ويُعد امتناع الطالب عن الخضوع للتحقيق تنازلاً عن حقه في الدفاع عن نفسه وإقراراً ضمنياً منه بصحة ما ارتكبه من مخالفة ، وتعرض نتيجة التحقيق والتوصية المقترحة على المشرف على الامتحان ؛ لإصدار القرار المناسب ، على أنه بالنسبة للامتحانات العامة يجب إرسال أصل أوراق التحقيق إلى الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة لاقتراح التوصية ، وتعرض الأوراق على المشرف على الامتحان ؛ لإصدار القرار المناسب ، ولا يخطر الطالب بالقرار الصادر بشأنه إلا مع إعلان نتيجة الامتحان ، وتعد الشهادة أو البيان الصادر بنتيجة الامتحان إخطاراً له .
وفي المادة السادسة علي ان : يجوز لوزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، او المحافظ المختص بحسب الأحوال حرمان الطالب من دخول امتحان العام التالي لعام الإلغاء اذا كانت المخالفة علي قدر عال من الجسامة 0
وفي المادة التاسعة على أن : يحرم الطالب الذي أُلغى امتحانه في جميع مواد امتحان الدور الأول من أداء امتحان الدور الثاني لذات العام الدراسي الصادر فيه قرار الإلغاء، أما إذا كان إلغاء الامتحان في الدور الثاني فيكتفي بالإلغاء في هذا الدور .
ويعتبر العام الدراسي الذي عوقب فيه الطالب بإلغاء الامتحان لأي سبب من الأسباب الواردة بهذا القرار عام رسوب ، ويحسب ضمن عدد مرات التقدم لأداء الامتحان المسموح بها قانونا ، ويعتبر الغاء الامتحان في مادة واحدة رسوبا في هذه المادة ويطبق في شأنها القواعد المنظمة للدور الثاني ، ويكون الإلغاء في احد فروع المادة الغاء للمادة بأكملها .
وحيث إن البين مما تقدم أن المشرع حرصاً منه على درء الغش بكافة أنواعه وأشكاله ووسائله؛ بحسبانه عمل ممقوت وفساد مبين يفضي إلى تدمير العقول وإلباس الباطل ثوب الحق، ومن ثم تخاذل شباب الوطن وتقهقره، قد رصد عقوبة مغلظة لكل طالب ارتكب واقعة الغش أو الشروع فيه، أو الاستفادة منه، أو المساعدة عليه بأي وسيلة أثناء الامتحان، وتتمثل هذه العقوبة في إلغاء امتحان الطالب في جميع المواد واعتباره راسباً فيها، وقد حدد المشرع ضوابط وإجراءات يجب اتخاذها عند اكتشاف واقعة الغش بشكل فردي ، وذلك بأن يحرر رئيس لجنة سير الامتحان محضراً بإثبات حالة الغش فور حدوثها أو اكتشافها، ثم يجرى تحقيق مع الطالب بمعرفة جهة التحقيق المختصة، سواء من الإدارة أو المديرية أو الوزارة، ثم يعرض نتيجة التحقيق والتوصية المقترحة على المشرف العام على الامتحان لإصدار القرار المناسب، فإذا تعلق الأمر بامتحانات عامة وجب إرسال أصل التحقيق إلى الإدارة العامة للشئون القانونية بالوزارة لاقتراح التوصية والعرض على المشرف العام على الامتحان لإصدار القرار المناسب، كما نظم المشرع حالة قيام الطالب بتسريب الامتحان اثناء أدائه او قبل انعقاده عن طريق استخدام وسائل التواصل الحديثة ، وجعل لهذه الأفعال عقوبة مغلظة تتدرج من الغاء امتحان المادة محل الواقعة او امتحان الدور كاملا او امتحان العام كاملا واعتباره عام رسوب ، بالإضافة الي حرمانه من دخول الامتحان في العام التالي لعام الإلغاء اذا كانت المخالفة علي قدر كبير من الجسامة .
وغنى عن البيان أن المشرع لم يفرض هذه الإجراءات وتلك الضمانات اعتسافاً، ولم يقرر العقوبات الرادعة لها عبثاً لا طائل منها، وإنما وضعها بغاية التوفيق بين اعتبارين رئيسيين أولهما: حق الطالب في التمتع بأصل البراءة المقرر بنص الدستور، وثانيهما: الحيلولة دون اتخاذ الغش سبيلاً لاجتياز الامتحان والإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص، وهو مبدأ دستوري لا سبيل البتة إلى إنكاره، فضلاً عن أن قواعد العدالة والإنصاف تحتم أن يكون للإنسان ما سعى وألا يتجاوزه إلى ما عداه بطرق احتيالية ممقوتة، لذلك استلزم المشرع لقيام حالة الغش .
وحيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد أشار إلى أنه عند استخلاص المحكمة للدليل الذي تكون به عقيدتها يكون لها الركون إلى أي عنصر من عناصر الدعوى ومستنداتها كما أن لها كامل الحرية في وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي تؤدي فيها شهادتهم ولها أن تأخذ منها أو ترفضها أو ترجح شهادة شاهد على آخر، كما أنها غير ملزمة لأن تعرض لجميع الأقوال أو تذكر علة أخذ أحداها وطرح الأخر كما لا تلتزم بتحديد موضع الشهادة أو دليل آخر ما دام له أصل في الأوراق.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 36823 لسنة 56ق.ع جلسة 24/3/2012).
كما جري قضاؤها كذلك إلى أنه مِن المبادئ الأساسية فِي المسئولية العقابية وجوب الثبوت اليقيني لوقوع الفعل المؤثم مِن المتهم، وأن يقوم هَذَا الثبوت عَلَى أساس توافر أدلة كافية لتكوين عقيدة المحْكَمَة يقينياً فِي ارتكاب المتهم الفعل المنسوب إليه، ولا يسوغ قانوناً أن تقدم الإدانة تأسيساً عَلَى أدلة مشكوك فِي صحتها أو فِي دلالتها، وإلا كَانَتْ تِلْكَ الإدانة مزعزعة الأساس متناقضة المضمون مفرغة مِن ثبات اليقين، ومادام الأصل فِي الإنسان البراءة فَإِذَا ما شاب الشك وقوع الفعل أو نسبته إِلَى فاعله تعين تفسير الشك لصالحه وحمل أمره عَلَى الأصل وهُوَ البراءة ينعم بِهَا ولا تنفك عنه، مادامت الأوراق لَمْ تكن شاهدة وواضحة فِي ثبوت نسبة الاتهام إِلَيْهِ باعتبارها أحد أهم المبادئ التِي كفلتها الدساتير والمواثيق الدولية ومِن قبلهما الشرائع السماوية، بِمَا يستلزم وجوب إجراء تحقيق قانوني صحيح يعني بالفحص والبْحَث والتقصي الموضوعي والمحايد والنزيه لاستبانه وجه الحقيقة فيما يتعلق بصحة حدوث وقائع محددة ونسبتها إلي أشخاص محددين، وذلك لوجه الحق والعدالة، ولا يتأتي ذلك إلا بتحديد الواقعة محل الاتهام من حيث عناصرها بوضوح أفعالاً وزماناً وأشخاصاً فضلاً عن أدلة وقوعها ونسبتها إلي المتهم، فإن قصر التحقيق عن استيفاء عنصر أو أكثر من هذه العناصر علي نحو تجهل معه الواقعة وجوداً وعدماً أو أدلة وقوعها أو نسبتها إلي المتهم، كان التحقيق معيباً.
(يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 2910 لسنة 62ق. عليا جلسة 18/1/2017).
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان البين من ظاهر الأوراق ، وبالقدر اللازم للفصل في الشق العاجل من الدعوى ، ودون مساس بأصل طلب الإلغاء ، أن ابنة الطاعن أدت امتحانات الشهادة الثانوية العامة - القسم العلمي - في الدور الأول من العام الدراسي 2018 /2019 بمدرسة الجمالية الثانوية بنات بمحافظة المنصورة ، برقم جلوس (777888) وقد نسبت اليها الجهة الإدارية انها اثناء أداء امتحان مادة الجيولوجيا يوم السبت الموافق 29/6/2019 قامت بالغش وتصوير وتشيير الأسئلة عن طريق الهاتف المحمول وفقا لما جاء بتقرير غرفة عمليات الوزارة ، وبناء علي ذلك صدر القرار المطعون فيه بإلغاء امتحان الطالبة في جميع مواد الدور الأول 2018/2019 مع اعتبار عام الإلغاء عام رسوب ويحسب ضمن عدد مرات التقدم لاداء الامتحان المسموح بها قانونا مع عدم السماح لها بدخول الدور الثاني عام 2019 مع حرمانها من دخول الامتحان في جميع المواد بالعام الذي يليه 2019/2020 وذلك نظرا لجسامة المخالفة 0
ولما كان قضاء المحكمة الإدارية العليا على النحو المشار الية قد استقر على ان المخالفة التأديبية يجب أن تثبت يقينا ً في حق الطالبة حتي يتعين مجازاتها عنها تأديبيا ً بعد التحقيق معها تحقيقاً قانونياً يُكفل لها فيه ضمانات الدفاع عن نفسها وسماع أقوالها والرد على دفاعها حتى يكون ما يصدر بعد ذلك من جزاء موافقاً لما جاء بأدلة الاتهام وماورد بالتحقيقات وأقوال الشهود فإذا لم تكن هناك ثمة مخالفة فى الأصل أو كانت الأدلة على ارتكابها المخالفة لا ترقي إلي مرحلة التيقن من ارتكابها لها تعين تبرئتها حيث لا يجوز إقامة الإدانة على أساس أدلة مشكوك في صحتها ومن حيث ان الثابت بالاوراق ومن خلال التحقيقات التي أجرتها الجهة الإدارية عن الواقعة محل القرار المطعون فيه ان ملاحظي اللجنة رقم (7) التي أدت فيها ابنة الطاعن الامتحان قد حررا محضر اثبات حالة جاء فيه انه تم ضبط موبايل ايفون ابيض اللون بحوزتها وتم تحريزه والتحفظ عليه ، ولم يرد من خلال التحقيقات التي أجريت مع الطالبة وملاحظي اللجنة وثلاثة من الطالبات زميلاتها مايفيد رؤية احد للطالبة وهي تقوم بالغش من الهاتف او انها تقوم بتصوير الامتحان او كراسة الإجابة ، وان أقول ملاحظي اللجنة توقفت عند قولهما انهما احسا بقيامها بحركة مريبة وتم ضبط الهاتف معها وتحريزه وانه كان مغلق ، ومن ثم فإن هذه المخالفة بالكيفية الموضوعة لها لايمكن تصور قيام ابنة الطاعن بها إلا بإخراجها الهاتف من شطنتها او ملابسها وقيامها بتصوير الأسئلة وما يتطلبه ذلك من حركة وتظبيط للورقة التي يتم تصويرها ، وهو ما لم يثبته ملاحظي اللجنة فى أقوالهما ، مما يثير الشك فى ثبوت الواقعة تجاة للطاعنة بالكيفية التى ذكرتها الجهة الإدارية ، وان ماقدمته الجهة الإدارية من أوراق بخصوص رصد غرفة عمليات الثانوية العامة بالوزارة يوم السبت الموافق 29/6/2019 ان الطالبة تمكنت من بث جزء من أسئلة مادة الجيولوجيا علي مواقع التواصل الاجتماعي وقد تم تحديد هويتها من خلال الكود الموجود علي كراسة الإجابة ورقمه (44362414 ) علي جروب واتس / بالغش اتجمعنا علمي ، فأنه لم يثبت من الأوراق ان الجهة الإدارية قد قامت بعمل محضر تفريغ للتليفون المحمول المضبوط وبيان ما اذا كان به صور من عدمه ، وان الصورة الضوئية لجزء من سؤال في المادة محل الواقعة المقدمة ضمن أوراق الجهة الإدارية لاتوجد عليها اية إشارات تفيد بنسبتها الي ابنة الطاعن وانما هي محض صورة ضوئية ولم يتبين عليها وجود كود خاص بها ، وانما جاء ذلك مرسلا بدون دليل عليه ، وفضلا عن ذلك فأن محضر التحقيق المعد من لجنة سير الامتحان بالمدرسة محل الواقعة مثبت به ان الهاتف كان مغلق وبدون شريحه وهو مايستحيل معه تمكنها من التعامل به علي شبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ، وهو مايلقي ظلالا كثيفة من الشك حول ارتكاب ابنة الطاعن للواقعة المنسوبة اليها والتي صدر القرار المطعون فيه بناء عليها 0
وإذ وقر في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أن ثمة شكوك حول اقتراف ابنة الطاعن لجريمة الغش وتصوير وتشيير جزء من أسئلة مادة الجيولوجيا، على ما سلف بيانه ، ومن ثم يكون القرار المطعون فيه قد استخلص استخلاصاً غير سائغ ومن أصول لا تنتجه مادياً وقانوناً، ووقع مخالفاً للقانون فاقداً لركن السبب، بما يرجح إلغاؤه، مما يقوم معه ركن الجدية اللازم للحكم بوقف تنفيذه، ومتى كان الاستمرار في تنفيذ هذا القرار يرتب بحق ابنة الطاعن نتائج يتعذر تداركها أخصها تأخرها عن ركب زملائها، وحرمانها من ثمرة جهدها، ومن ثم يكون طلب وقف التنفيذ قد استوى على ركنيه، ويغدو متعيناً القضاء بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه ذهب غير هذا المذهب ، ومن ثم يكون قد خالف القانون ، الأمر الذي لا مناص معه من الحكم بإلغائه ، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه فيما تضمنه من إلغاء امتحان ابنة الطاعن في جميع المواد في الشهادة الثانوية العامة في العام الدراسي 2018/2019 ، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إعلان نتيجتها في امتحانات الشهادة الثانوية لهذا العام ، وتمكينها من الالتحاق بالكلية أو المعهد الذي ترغب في الالتحاق به، وفق مجموعها وما انتهى إليه تنسيق القبول في هذا العام ، وإعمال كافة الآثار المترتبة على ذلك.
وحيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة (270) من قانون المرافعات .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات0
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم الأربعاء 7 من جمادى الآخر سنة 1442 هجرية، الموافق 20/1/2021 ميلادية وذلك بالهيئة المُبِينة بصدره.

الطعنان 15118 ، 17628 لسنة 65 ق إدارية عليا جلسة 21 / 12 / 2019

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
( الدائرة الرابعة - موضوع )
بالجلسة المنعقدة علناً
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / حسن محمود سيد أحمد نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / نبيل عطا الله مهنى عمر نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / شعبان عبد العزيز عبد الوهاب إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة

وبحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد الصباحي مفوض الدولة

وسكرتارية السيد / سيد أمين أبو كيله سكرتير الدائرة

أصدرت الحكم الآتي
في الطعنين رقمي 15118 ، 17628 لسنة 65 قضائية عليا
فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا
في الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 60 قضائية بجلسة 28/ 11/ 2018

المقام من :
…………..
ضد
رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته ومحمد محمد رأفت عوض
و 17628 لسنة 65 قضائية عليا
المقام من :
……………
ضد
رئيس هيئة النيابة الإدارية بصفته

----------------

" الإجراءات "

بتاريخ 17/ 12/ 2018 أودع الأستاذ / ..... المحامي المقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن الطاعن ..... قلم كتابها تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 15118 لسنة 65 ق .عليا في الحكم المشار إليه الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 60 قضائية بجلسة 28/ 11/ 2018 بعدم قبول الدعوي قبله لإقامتها بغير الطريق القانوني.
الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً , وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من عدم قبول الدعوي التأديبية قبله ، والقضاء مجدداً ببراءته .
وبتاريخ 22/ 12/ 2018 أودع الأستاذ / .....المحامي المقبول للمرافعة أمام هذه المحكمة بصفته وكيلا عن الطاعن ..... قلم كتابها تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 17628 لسنة 65 ق .عليا في الحكم المشار إليه الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى التأديبية رقم 40 لسنة 60 قضائية بجلسة 28/ 11/ 2018 بمجازاته بعقوبة الإحالة إلي المعاش .
والتمس الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً , وبصفة مستعجلة وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه ، وفي الموضوع بإلغائه فيما تضمنه من معاقبته بعقوبة الإحالة إلي المعاش ، والقضاء مجدداً ببراءته مما أسند إليه مع ما يترتب علي ذلك من أثار .
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعنين .
ونظر الطعنان أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالتهما إلي هذه المحكمة , وتدوول كلاهما أمامها علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 16/ 11/ 2019 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة اليوم , حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه لدي النطق به .
----------------
" المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
ومن حيث إن الطعنان قد أستوفيا سائر أوضاعهما المقررة قانوناً , فمن ثم يكونا مقبولان شكلاً .
ومن حيث أن وقائع الطعنين تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوي التأديبية ابتداء رقم 331 لسنة 59 ق أمام المحكمة التأديبية لرئاسة الجمهورية بتاريخ 4/ 3/ 2017 متضمنة ملف القضية رقم 338 لسنة 2014 نيابة الاستثمار والشئون المالية ، وتقرير اتهام ضد كل من / الطاعن الأول الذي يعمل في وظيفة نائب مدير عام إدارة التحقيقات بالبنك المركزي المصري والطاعن الثاني الذي يعمل في وظيفة مصرفي (أ) بقطاع البحوث بذات البنك ، لأنهما بتاريخى 15/ 1/ 2011 و 8/ 11/ 2012 بوصفهما السابق وبدائرة عملهما المشار إليها سلكا مسلكاً لا يتفق والاحترام اللائق بالوظيفة العامة وشاغليها ولم يحافظا علي كرامة الوظيفة وخرجا علي مقتضي الواجب الوظيفي ، والثاني منفرداً أفضي بتصريحات عن أعمال الوظيفة بإحدى طرق النشر دون الحصول علي التصريح اللازم ، وذلك بأن : (الأول) أساء استخدام حق الشكوى بالادعاء بادعاءات كاذبة علي رئيسه وزملائه بذات الإدارة والتشهير بهم وتضمين شكواه ألفاظا خارجة وعبارات نابية ماسة بالشرف والعرض والسمعة من شأنها لو صحت لو جبت مساءلتهم واحتقارهم واستخدم الشكوي ذريعة للنيل منهم ومنع ترقيتهم علي النحو الموضح بالأوراق ، (الثاني) نشر ادعاءات كاذبة عن العاملين بالإدارة القانونية بالبنك المركزي المصري علي صفحته بموقع الفيس بوك وشهر بهم وضمن ذلك ألفاظا خارجة وعبارات نابية ماسة بالعرض والشرف والسمعة من شأنها لو صحت لأوجبت مساءلتهم واحتقارهم علي النحو الموضح بالأوراق , وطلبت محاكمتهما تأديبياً عن المخالفات المنسوبة إليهما , وأرفقت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام مذكرة بأسانيده وأدلة ثبوته .
وبجلسة 28/ 9/ 2017 المحكمة المذكورة قضت بعدم اختصاصها نوعياً بنظرها وأمرت بإحالتها إلي المحكمة التأديبية لمستوي الإدارية العليا للاختصاص ، وبناءً عليه أحليت الدعوي التأديبية إلي المحكمة الأخيرة وقيدت بجدولها العام برقم 40 لسنة 60 قضائية .
وبجلسة28/ 11/ 2018 أصدرت المحكمة الحكم المطعون فيه أولاً : بعدم قبول الدعوي قبل ..... لإقامتها بغير الطريق القانوني ، ثانياً : بمجازاة ..... بعقوبة الإحالة إلي المعاش .
وشيدت المحكمة قضاءها بالنسبة للطاعن فى الطعن الأول والذي يشغل وظيفة نائب مدير عام إدارة التحقيقات بالإدارة المركزية للشئون القانونية بالبنك المركزي المصري أن الدعوى التأديبية بالنسبة له قد جاءت خالية من موافقة محافظ البنك المركزى المصرى باعتباره الوزير المختص بطلب إحالة المذكور إلى المحاكمة التأديبية وفقا للمادة (21) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية ومن يتعين عدم قبول الدعوى بالنسبة له .
كما شيدت قضائها بالنسبة للطاعن فى الطعن الثانى على أن المخالفة المنسوبة إليه ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً أخذاً بما سطرته التحقيقات وما حوته الدعوي من أوراق ومستندات طالعتها المحكمة ، واعتراف الطاعن الصريح بنشر البلاغ المذكور علي صفحته علي الفيس بوك وهو الأمر الذي يعد خروجاً واضحاً علي مقتضيات الواجب الوظيفي والإخلال بكرامة الوظيفة , فضلاً عن سلوكه مسلكاً معيباً ولا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة , بتتبعه عورات الأخرين وأخبارهم ونشر ادعاءات كاذبة عنهم علي مواقع التواصل الاجتماعي مما يتعين معه مجازاته بالإحالة للمعاش .
بيد أن الطاعن فى الطعن الأول لم يرتض هذا الحكم فأقام طعنه ناعياً عليه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيق وتأويله ووجيزها أنه ناشد المحكمة البحث فى موضوع الاتهام الموجه إليه فى حتى يحصل على البراءة الموضوعية وأن الدعوى التأديبية بالنسبة له مزعزة الأركان , وخلص الطاعن فى ختام تقرير الطعن إلى طلباته سالفة البيان .
كما أن الطاعن فى الطعن الثانى لم يرتض هذا الحكم , فأقام طعنه ناعياً عليه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد فى الاستدلال علي النحو الوارد تفصيلاً بتقرير الطعن ووجيزها أن الاتهام المسند إليه أقامته المحكمة على الظن والتخمين وليس الجزم واليقين وانتزعته من غير أصول تنتجه , وأنه اكتشف أن النيابة الإدارية سلخت من أوراق محاضر تحقيقاتها فى القضية رقم 338 لسنة 2014 شئون مالية بما يزيد عن 492 ورقة وأنه أجهض محاولة النيابة الإدارية بإجراء تحقيق مستقل قيد طرفها للقضية رقم 287 لسنة 2017 شئون مالية فيما اكتشفه من إخفاء جزء كبير من محاضر تحقيقاتها فى القضية رقم 338 لسنة 2014 شئون مالية وأنه أثبت لتلك النيابة استحالة قبول استيلائه على الأوراق المنسلخة من محاضر تحقيقاتها , كما أن الحكم المطعون فيه قد أخل بحقه فى الدفاع والقصور الشديد فى التسبيب والمغالاة الشديدة فى توقيع الجزاء , ولم يراع الحكم المطعون فيه أصل الواقعة محل الاتهام التى بدأت بشكوى من الطاعن الأول المقدمة منه إلى التفتيش الفنى المتضمنة اتهامه لرئيسه فى العمل بممارسة الرذيلة معه وزميل أخر لهما وأنه حدد شهود ذكرهم بالإسم وقد أفلت الطاعن الأول من العقاب عما أتاه بسبب عيب فى الإجراءات وليس ببراءته وقد استمر فى الوظيفة بينما هو تم إحالته إلى المعاش .
ومن حيث إنه عن الطعن الأول , فإن الحكم المطعون فيه قد انتهى - بحق - إلى عدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة إليه - حال كونه يشغل وظيفة نائب مدير عام إدارة التحقيقات بالإدارة المركزية للشئون القانونية بالبنك المركزي المصري - التى جاءت خالية من موافقة محافظ البنك المركزى المصرى باعتباره الوزير المختص بطلب إحالة المذكور إلى المحاكمة التأديبية وفقا للمادة (21) من القانون رقم 47 لسنة 1973 بشأن الإدارات القانونية , وقد استقر قضاء هذه المحكمة على أن الطعن في الحكم لا يجوز إلا لمن أضر به وهو الخصم الذي قضى ضده , ولما كان الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء ضد الطاعن في الطعن الأول ، بل قضى بعدم قبول الدعوى التأديبية ضده وهو في ذلك قد صدر وفق طلباته أمام محكمة أول درجة ، فإن طعنه في هذا الخصوص يكون غير جائز , إذ القاعدة على ما قُضى به في المادة 211 من قانون المرافعات أنه لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه ولا يجوز ممن قُضى له بطلباته , وإذا أراد الطاعن ما يبغيه من سعيه نحو اعتقاده بالبراءة الموضوعية فما أعوزه الدليل من تقديم طلبه إلى محافظ البنك المركزى المصرى بذلك وهو صاحب الصفة في تحريك الدعوى التأديبية , وليس على حساب النظام القانونى الإجرائى المتعلق بالنظام العام , ولذلك يتعين الحكم بعدم جواز الطعن فيما قضى به الحكم في هذا الشق منه , والمحكمة تهيب بالنيابة الإدارية معاودة التحقيق في الواقعة محل الاتهام بالنسبة لهذا الطاعن بعد استيفاء الإجراءات المقررة قانونا.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن الثانى , فإن المادة (78) من لائحة العاملين بالبنك المركزي المصري المعتمدة من مجلس إدارة البنك المركزي المصري بجلسته المنعقدة بتاريخ 28/ 7/ 1977والمعمول بها اعتباراً من 1/ 7/ 1977تنص علي إنه : يجب علي العامل مراعاة أحكام هذه اللائحة والقرارات والتعليمات المتممة لها وتنفيذها : وعليه 1"-- 2- أن يحافظ علي كرامة وظيفته طبقا للعرف العام وأن يسلك في تصرفاته مسلكاً يتفق والاحترام الواجب ""--
وتنص المادة 79 من ذات اللائحة علي إنه : يحظر علي العامل :- 3- أن يفضي بأي تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طريق النشر إلا إذا كان مصرحا له بذلك من المدير العام المختص "--
وتنص المادة 81 من تلك اللائحة علي إنه : في حالة مخالفة العامل أي حكم من الأحكام الواردة في الموارد 78 و79 و80 يعتبر إخلالا منه بواجباته يستوجب مساءلته تأديبياً
ومن حيث أن المادة الأولي من لائحة نظام وإجراءات التحقيق والجزاءات التأديبية للعاملين بالبنك المركزي المصري والمعتمدة من مجلس إدارة البنك بتاريخ 18/ 2/ 1991تنص علي إنه : كل من يقصر في أي من الواجبات أو يرتكب أيا من المحظورات المنصوص عليها في لائحة العاملين بالبنك أو يخرج علي مقتضي الواجب في أعمال وظيفته يجازي بالجزاءات المقررة للمخالفة .....
وتنص المادة الثالثة منها علي إنه : لا يمنع الحكم علي العامل بعقوبة جنائية أو الحكم ببراءته أو حفظ التحقيق الجنائي من النظر في مساءلته تأديبياً في الوقائع المنسوبة إليه إذا كانت تشكل مخالفة إدارية "-.
وتنص المادة الخامسة منها علي إنه : "- الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها علي العاملين من غير شاغلي وظائف الإدارة العليا وهي :- 1- الإنذار.
2- تأجيل موعد استحقاق العلاوة لمدة لا تجاوز ثلاثة أشهر.
3- الخصم من الأجر لمدة لا يتجاوز شهرين في السنة.....
4- الحرمان من نصف العلاوة الدورية.
5- الوقف عن العمل لمدة لا تجاوز ستة أشهر مع صرف نصف الأجر.
6-......... 7-........
8- الخفض إلي الوظيفة الأدني مباشرة.
9- الخفض إلي الوظيفة الأدني مباشرة مع خفض الأجر بما لا يتجاوز القدر الذي كان عليه عند الترقية.
10- الإحالة إلي المعاش.
11- الفصل من الخدمة ولا يسري البندين 8/ 9علي العاملين الذين يشغلون أدني وظائف التعيين .
وتنص المادة السادسة منها علي إنه : الجزاءات التي يجوز توقيعها علي العاملين من شاغلي وظائف الإدارة العليا هي :- (1) التنبيه وهو يعادل جزاء الإنذار من حيث الآثار المترتبة عليه بالنسبة لباقي العاملين(2) اللوم وهو يعادل جزاء الخصم من الأجر الذي لا يزيد علي ثلاثة أيام من حيث الآثار المترتبة عليه بالنسبة لباقي العاملين (3) الإحالة إلي المعاش (4) الفصل من الخدمة.
ومن حَيْثُ إن قضاء هذه المَحْكَمَة قد استقر على أن رقابتها على أحكام المحاكم التأديبية ومجالس التأديب رقابة قانونية لا تعنى استئناف النظر في الحكم بالموازنة والترجيح بين الأدلة المقدمة اثباتاً ونفياً فذلك تستقل به المحكمة التأديبية وحدها , ولا تتدخل فيه المحكمة الإدارية العليا وتفرض رقابتها عليه إلا إذا كان الدليل الذى اعتمد عليه قضاء الحكم المطعون فيه غير مستمد من أصول ثابتة في الأوراق أو كان استخلاص هذا الدليل لا تنتجه الواقعة المطروحة على المحكمة فهنا فقط يكون التدخل لأن الحكم حينئذ يكون غير قائم على سببه .
استقر قضاؤها على أنه متى كانت المَحْكَمَة التأديبية قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقَانُونياً وكيَّفتها تكييفاً سليماً وكانت هذه النتيجة تبرّر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محلّ للتعقيب عليها ذلك أن لها الحرية في تكوين عقيدتها من أي عنصر من عناصر الدَّعْوَى ولها في سبيل ذلك أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها ممَّا لا تطمئن إليه.
كما جري قضاؤها أيضاً القاضي التأديبي يتمتع بحرية كاملة في مجال الإثبات ولا يلتزم بطرق معينة ،وأن له أن يحدد بكل حريته طرق الإثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها وفقا لظروف الدعوي المعروضة عليه ، وللقاضي التأديبي أن يستند إلي ما يري أهميته ويبني عليه اقتناعه وأن يهدر ما يري التشكك في أمره ويطرحه من حسابه فاقتناع القاضي التأديبي هو سند قضاؤه دون تقيد بمراعاة استيعاب طرق الإثبات أو أوراقه .
ومن حيث إن شبكة الإنترنت وتنوعات مجالاتها أصبحت جزءاً من الحياة اليومية فى العالم لاعتبارها من أكثر الوسائل المستعملة للتعارف بين الناس, وهو ما جعل الناس يعتقدون أنها فضاءً مباحا ومنطقة فوق القانون ، خاصة مع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت أبواب الحوار علي مصراعيها بين مختلف الشعوب ، وحيث وجدت الحرية وجد التعدي علي الحرية , فالواقع الإلكتروني والعالم الافتراضي أفرز العديد من التجاوزات عن طريق الاستخدام غير المشروع لمواقع التواصل الاجتماعي فتحولت من فضاءات للتعارف والتقارب وتبادل المعارف والأفكار والرأي ، إلي منابر للدعوة لبعض الأفعال الماسة بالأمن القومى واستقرار الدول أو بالحريات الشخصية وبشرف الأشخاص واعتبارهم أو بالنظام العام أوالاَداب العامة.
ومن حيث إن استعمال الموظف العام لمواقع التواصل الاجتماعي فى العالم الافتراضي أيا كانت (فيسبوك وتوتير وإنستجرام وغيرها) هو من الحقوق المباحة للجميع لما لها من سهولة التواصل بين الناس ، ومساعدتهم علي تبادل المعارف والأفكار والآراء ، والتعليم والتثقيف وربط العلاقات ، وفتح نافذة لحرية التعبير ، إلا أنه يتعين أن يكون استعمالها مشروعاً بأن يقف عند حدود الحفاظ على الأمن القومى والأداب العامة و عدم المساس بسمعة المواطنين أو خرق خصوصيتهم بما يسئ إليهم فى ارتكاب أفعال السب والقذف والتشهير والابتزاز والإساءة , وإذا كان ذلك الأمر واجبا على المواطنين كافة فإنه أوجب على الموظف العام خاصة عن أعمال وظيفته والمعلومات التى تتعلق بما هو سرى بطبيعتها , فإذا ما تجازوها يستحق أشد العقاب مغلظاً.
ومن حيث إن المشرع المصرى - بالقانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات - وضع مصر على خريطة العالم الرقمى وجاءت نصوصه كاشفة عن أنه قانون عقابى للمجرم المعلوماتى وليس رقابيا فهو احترازى لا اختراقى , يمنح المواطنين الحرية في الفضاء الإلكترونى أيا كانت وسائله سواء (الفيسبوك أو تويتر أو انستجرام أو غيرها) طالما كانت تلك الحرية تمارس في إطار القانون دون المساس بالأمن القومى للبلاد أو بسمعة المواطنين أو خرق حياتهم الخاصة بما يسئ إليهم , وحفاظا على سمعة المواطنين , فإن المشرع انتهج في هذا القانون تجريم هذه الأفعال التى تقع بهذه الوسائل وقرر لها عقابا صارما لاَثارها المدمرة على الوطن في مساسها بالأمن القومى له والنظام العام والأداب به , وعلى المواطن بمساسها بشرفه وعرضه واعتباره بين أهله وذويه , فنص في المادة 25 من القانون على تحديد الجرائم المتعلقة بالاعتداء على حرمة الحياة الخاصة والمحتوى المعلوماتي غير المشروع وأبان عن أنها كل اعتداء على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري أو انتهك حرمة الحياه الخاصة، أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الإلكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات شخصية إلى نظام أو موقع إلكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته، أو نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات معلومات أو أخبارا أو صورا وما في حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أو غير صحيحة.
ومن حيث إن المخالفة المنسوبة للطاعن تتبلور فى أنه قد ورد كتاب محافظ البنك المركزي المؤرخ 24/ 12/ 2013 لرئاسة هيئة النيابة الإدارية بتاريخ 25/ 12/ 2013والمقيد برقم 5469 لسنة 2013 لإعمال شئونها بشأن الشكوى المقدمة من .... رئيس قسم بالإدارة المركزية للشئون القانونية ضد .... الطاعن فى الطعن الثانى بخصوص ما جاء بالإنذار المرسل منه إلي محافظ البنك المركزي والذي تضمن إبلاغ المذكور بشأن واقعة إتهام .... نائب المدير العام بالإدارة القانونية الطاعن فى الطعن الأول للمدعو / .... المدير العام بممارسة الرذيلة معه ومع زميل أخر وما أنتهي إليه من خلال الإنذار المرسل منه بشأن طلبه إجراء كشف طبي علي العاملين بالإدارة القانونية وهو ما وجد فيه الشاكي إساءة بالغه له ولغيره من أعضاء الإدارة القانونية لا سيما وأن الطاعن فى الطعن الثانى قد قام بنشر ذلك علي صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك , وقد باشرت النيابة الإدارية تحقيقاً في الوقائع المشار إليها ؛ أفردت لها في ابتداء ملف القضية رقم 17لسنة 2014 مكتب فني رئاسة الهيئة ثم تم إحالتها إلي نيابة الشئون المالية وأفردت لها النيابة المذكورة ملف القضية 338 لسنة 2014 واستمعت لمن ارتأت سماع أقوالهم ، وقامت بسؤال الطاعن فى الطعن الثانى وبمواجهته بما هو منسوب إليه , وانتهت في ختام تحقيقاتها إلي ثبوت المخالفة المنسوبة إليه ، وطلبت محاكمته تأديبياً وفقاً لما ورد بتقرير الاتهام وطبقاً للقيد والوصف الوارد به .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن الطاعن فى الطعن الثانى قام بنشر ادعاءات كاذبة عن زملائه في العمل هو زميله .... وباقي العاملين بالإدارة القانونية بالبنك المركزي المصري علي صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك والتشهير بهم وتضمينها ألفاظا خارجة وعبارات نابيه ماسة بالعرض والشرف والسمعة بغير دليل من شأنها لو صحت لأوجبت احتقارهم ومساءلتهم , وبمواجهته بما هو منسوب إليه اعتراف صراحة بأنه قام بتاريخ 8/ 11/ 2012بتوجيه إنذار إلي محافظ البنك المركزي بسبب قيام المدعو ..... خلال شهر 5/ 2011بتقديم مذكرة إلي إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل يتهم فيها ..... مدير الإدارة العامة والمشرف علي إدارة القضايا بممارسة الرذيلة معه ومع زميل أخر يدعي .... وهو ما دفعه إلي تقديم هذا الإنذار كبلاغ رسمي لمحافظ البنك المركزي للوقوف علي صحة الواقعة من عدمها .
كما أضاف الطاعن أنه بالفعل قام بنشر الموضوع محل التحقيق علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك في محاولة منه للتحقيق في الواقعة ، وأن المدعو .... قام بتوجيه إنذار إليه أقر فيه بأن ما ورد بشكواه المذكورة كذبا وبهتنا وهو ما يعد إقرار منه بكيدية شكواه , وأنه وبسؤال .... مقدم الشكوي أفاد بأنه مقدم الشكوي ضد الطاعن فى الطعن الثاني بسبب قيام المذكور بإرسال إنذار رسمي علي يد محضر إلي محافظ البنك المركزي وقد تضمن هذا الإنذار عبارات سب وقذف وأهانه موظف عام في حقه بطريق الكتابة والعلانية حال كونه موظف عام بالبنك المركزي حيث تضمن الإنذار عبارات تنطوي علي المساس بالشرف والاعتبار في حقه وحق العاملين بالإدارة القانونية الخاضعين لرئاسة .... وذلك بطلب المذكور من خلال الإنذار بانتداب طبيب شرعي يقوم بتوقيع الكشف الطبي علي العاملين بالإدارة القانونية الخاضعين ل .... , وأنه وبسؤال .... أفاد أنه بالفعل تقدم بشكوي إلي إدارة التفتيش الفني بوزارة العدل ضد .... إلا أن هذه الشكوي تم حفظها وذلك لتقدمه بتنازل عنها حيث أنه قد ثبت له أن ما ورد بها غير صحيح ولم يحدث وقد أختلط الأمر عليه وأنه لم يحدث أي تصرف معه من المدعو ....
ومن حيث أنه قد ثبت ووقر فى يقين هذه المحكمة من خلال مطالعة صورة الإنذار المرسل من الطاعن إلي محافظ البنك المركزي بتاريخ 18/ 11/ 2018 أنه تضمن أنه تسلم بعض المستندات من بينها بلاغ مقدم من .... محامي بالإدارة القانونية بالبنك في 15/ 5/ 2011إلي مساعد وزير العدل يتهم فيها ..... بمحاولة ممارسة الرزيلة معه ومع زميل أخر لهما كما قرر أن المذكور في 11/ 5/ 2011حاول الالتصاق بزميل بالإدارة وأرفق بالإنذار صورة ضوئية من بلاغ .... وأفاد أنه قام بنشر بلاغ .... المشار إليه علي صفحته الخاصة علي موقع الفيس بوك .
وأضاف الطاعن فى الإنذار المرسل منه إلي محافظ البنك المركزي أنه قام بإجراء التحريات اللازمة للتأكد من صحة الواقعة على النحو الوارد بأقواله فى التحقيقات وخلص الطاعن إلي مطالبته لرئيس البنك المركزى المصرى : بندب طبيب متخصص من مصلحة الطب الشرعي يقوم بتوقيع الكشف الطبي الدقيق علي كل العاملين بالإدارة القانونية وإعداد تقرير طبي عن حالة كل منهم فيما يتعلق بما سلف بيانه "- وإن هذا الإنذار سوف ينشر في صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك بمجرد إعلانه قانوناً إلي المعلن إليه ونشره بالفعل .
ومن حيث إنه عود على بدء ما تقدم , فإن المخالفة المنسوبة إلي المحال تغدو ثابتة في حقه ثبوتاً يقينياً أخذاً بما سطرته التحقيقات وما حوته الدعوي من أوراق ومستندات طالعتها المحكمة ، واعتراف الطاعن الصريح بنشر البلاغ المذكور علي صفحته علي الفيس بوك , وهو الأمر الذي يعد خروجاً واضحاً علي مقتضيات الواجب الوظيفي والإخلال بكرامة الوظيفة فضلاً عن سلوكه مسلكاً معيباً ولا يتفق والاحترام الواجب للوظيفة العامة , وما تفرضه علي الموظف العام من التحلي بطيب الخصال لا بسوء الطباع وهو الأمر الذي يشكل في حقه ذنباً مؤثماً يستوجب مجازاته عنه تأديبياً بالإحالة إلى المعاش بحسبان أن جسامة الذنب المؤثم الذي تردي فيه الطاعن وخطورة أثاره المترتبة على المساس بسمعة زملائه وسمعة البنك المركزى المصرى ذاته بنك البنوك الذى يرسم السياسة النقدية وقياس متانتها ويحدد موقع مصر فى ساحة المال على الاقتصاد العالمى ويطل عليه ويتفاعل معه , ولا يصح أن يبقى به نفس اشرأبت سوءاً وحدقت بأبصارها نحو الرذيلة تتبع عورات الأخرين وأخبارهم ونشر ادعاءات كاذبة عنهم علي مواقع التواصل الاجتماعي غير مكترث بأثر هذا النشر عليهم وعلي أسرهم وذويهم .
أخذا فى الاعتبار أنه لم يثبت بشكل يقيني حدوث تلك الوقائع فضلاً عن عدم احترامه لتعاليم الدين الإسلامى الحنيف وما تفرضه من التخلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل التى هى من قبيح الصفات باعتبار أن التحلي بالأخلاق الكريمة والقيم النبيلة مطلب إنساني وأساسي أصيل لصون كرامة النفس الإنسانية وعدم اكتراثه بالوظيفة العامة وما تفرضه عليه من واجبات ضل مسعاه أن يعيها وانشغل بالتقصي والتحرى عن عورات الناس ونصب نفسه التحقيق مع العباد والحكم علي تصرفاتهم وأفعالهم على صحفته بالفضاء الافتراضى على الفيسبوك , غير عابئ بمدي حساسية المرفق الذي ينتمي إليه وهو العليم بحكم عمله بوجود جهات ناط بها القانون التحقيق فى الجرائم والمخالفات والتحرى عنها , وكان يتعين عليه أن يلجأ إليها في حالة إذا ما تكشف له الحال عن وجود تجاوزات وجرائم ترتكب دون التشهير بسمعة زملائه وسمعة البنك المركزى المصرى علي غير سند , وهو ما يستحق معه الشدة فى توقيع العقاب على نحو ما سلف بفصم عرى الوظيفة بإحالته إلى المعاش على نحو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه , وقد عززته هذه المحكمة فاستوى على سوقه عدلا وقسطاطا , مما لا مطعن عليه .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم جواز نظر الطعن الأول رقم 15118 لسنة 65 ق عليا فيما قضى به الحكم المطعون فيه من عدم قبول الدعوى التأديبية بالنسبة إلى الطاعن.
ثانياً : بقبول الطعن الثانى رقم 17628 لسنة 65 ق عليا شكلاً , ورفضه موضوعاً .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بجلسة اليوم 24 ربيع الآخر لسنة 1441 هجرية , السبت الموافق 21/ 12/ 2019 ميلادية , بالهيئة المبينة بصدره .

الطعنان 20806 ، 23187 لسنة 60 ق إدارية عليا جلسة 13 / 6 / 2020

باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / عادل سيد عبد الرحيم حسن بريك نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / سيد عبد الله سلطان عمار نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد أحمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / شعبان عبد العزيزعبد الوهاب إسماعيل نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السيد الأستاذ المستشار / أحمد ماهر سيد عبد العال نائب رئيس مجلس الدولة

 وحضور السيد الأستاذ المستشار / محمد الصباحي مفوض الدولة

وسكرتارية السيد/ سيد أمين أبو كيلة أمين سر المحكمة

أصدرت الحكم بالآتي
في الطعنين رقمي 20806 ، 23187 لسنة 60 ق . عليا .

-------------------
" الإجراءات "

بتاريخ 20/ 2/ 2014 أودع الأستاذ / ….. نائباً عن الأستاذ / ….. المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنين قلم كتاب هذه المحكمة الطعن المقيد برقم 20806 لسنة 60 قضائية عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس جامعة عين شمس في الدعوى التأديبية رقم 57 لسنة 2013 بجلسة 1/ 1/ 2014 بمجازاة الطاعنين بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
والتمس الطاعنان - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بمعاقبتهما بعقوبة العزل من الوظيفة , وفى الموضوع بإلغائه وببراءتهما مما هو منسوب إليهما .
وبتاريخ 27/ 2/ 2014 أودع الأستاذ /…. المحامي بالنقض والإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة الطعن المقيد برقم 23187 لسنة 60 قضائية عليا في القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس المشار إليه بمجازاة الطاعن بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
والتمس الطاعن - لما ورد بتقرير الطعن من أسباب - الحكم بقبول الطعن شكلاً , وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه الصادر بمعاقبته بعقوبة العزل من الوظيفة , وفى الموضوع بإلغائه وببراءته مما هو منسوب إليه .
وقد أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعنين .
ونظر الطعنان أمام الدائرة الرابعة لفحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا حيث قررت إحالتهما إلي هذه المحكمة لنظرهما أمامها , وتدوولا أمامها علي النحو الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 11/ 4/ 2015 حكمت المحكمة بوقف الطعنين وإحالة أوراقهما بدون رسوم إلي المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية الفقرة الأخيرة من المادة (110) من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظم الجامعات فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة (103) من ذات القانون وذلك علي الوجه المبين بالأسباب .ونفاذا لذلك اُحيلت أوراق الطعنين إلى المحكمة الدستورية العليا حيث قيدت بجدولها تحت رقم 166 لسنة 37 قضائية دستورية .
وبجلسة 2/ 2/ 2019 حكمت المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 166 لسنة 37 قضائية دستورية برفض الدعوى .
ومن ثم اُعيدت أوراق الطعنين إلى هذه المحكمة مرفقا بها صورة طبق الأصل من حكم المحكمة الدستورية , وتحدد للطعنين جلسة 1/ 6/ 2019 لنظرهما وتدوولا على النحو الثابت بمحاضر الجلسات ,وبجلسة 16/ 11/ 2019 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعنين بجلسة 18/ 1/ 2020,وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 21/ 3/ 2020 لاستمرار المداولة , وفيها قررت المحكمة تأجيل النطق بالحكم إدارياً لجلسة اليوم , حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة علي أسبابه لدي النطق به .
----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانوناً .
ومن حيث إن الطعنين قد استوفيا سائر أو ضاعهما المقررة قانوناً , فمن ثم يكونا مقبولين شكلاً .
ومن حيث أن وقائع الطعنين تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الآداب جامعة عين شمس حررت مذكرة مؤرخة 15/ 1/ 2013 لوكيل الكلية للتعليم والطلاب مفادها أن هناك شكوي تقدم بها بعض أولياء أمور طلاب بالفرقة الأولي يدعون وجود مكتبة تبيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة جغرافية فلسطين التي يقوم بتدريسها د. …… وأنه الذي قام بكتابتها , وأن الامتحان ورد بالفعل من هذه الملزمة , كما أضاف الطلاب في شكواهم أن المكتبة بدأت توزيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة علم اللغة التي يقوم بتدريسها د …. المدرس بالقسم وأنه من وضعها وأن الامتحان موجود بها , كما أضافت الشكوى بأن الطلاب أكدوا قيام هذين الأستاذين بإعطاء دروس خصوصية , وبتاريخ 9/ 1/ 2013 تقدمت رئيس قسم اللغة العبرية بشكوي ضد الدكتور ….. الأستاذ المساعد بالقسم مفادها أنه يقوم بإعطاء دروس خصوصية ويقوم بإعطاء الامتحان للطلبة , وبتاريخ 17/ 1/ 2013 أشر رئيس الجامعة بضم تلك الشكاوي وإحالتها للتحقيق بمعرفة أحد أساتذة كلية الحقوق بالجامعة حيث جري التحقيق علي النحو المبين بالأوراق , وبتاريخ 14/ 4/ 2013 أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 224 بإحالتهم لمجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة .
وبجلسة 1/ 1/ 2014 أصدر مجلس التأديب قراره في الدعوى التأديبية رقم 57 لسنة 2013 بمجازاة الطاعنين بالعزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة .
وقد شيد مجلس التأديب قراره على أن الطاعنين قد تنكبوا جادة الصواب وخرجوا علي الواجب الوظيفي المنوط بهم وخالفوا القانون والقواعد والتعليمات والتقاليد الجامعية المعمول بها وثبت في حقهم بشهادة الشهود قيامهم بإعطاء دروس خصوصية خلافاً لما تقرره المادة (103) من القانون رقم 49 لسنة 1973 بشأن تنظيم الجامعات ، وقرر مجلس التأديب مجازاة كل منهم بعقوبة العزل من الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة إعمالاً لأحكام المادة 110/ 4 من قانون تنظيم الجامعات وتعديلاته.
وإذ لم يلق هذا القرار قبولاً لدى الطاعنين فى الطعن الأول ، فأقاما طعنهما بالنعى على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله , وشابه القصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال, تأسيساً على أسباب حاصلها , أنهما يبديان الدفع بانقضاء الدعوى التأديبية وسقوطها بمضى المدة لأن الادعاء بإعطاء الدروس الخصوصية كان فى العام الجامعى 2009/ 2010 وأن التحقيق اُجرى فى 5/ 1/ 2013 بعد أكثر من ثلاث سنوات وهو مالم يأخذ به مجلس التأديب , وأن الاتهام المسند إليهما بشأن إعطاء الدروس الخصوصية غير صحيح لأن معنى الدرس الخصوصى أن يكون لمجموعة من الطلاب فى مكان متفق عليه ولعدة مرات ولقاء مقابل متفق عليه وهو ما لم يثبت من الأوراق , وكذلك جاء قرار مجلس التأديب مشوبا بالبطلان لمخالفة حيثياته لوقائع التحقيقات , وإذ جاءت أقوال الطالبات متناقضة ومعظمها سماعى , وأن التسجيلات التى اعتد بها مجلس التأديب غير مشروعة فهى إما صورة بلا صوت وإما صوت بلا صورة , وأن تحريك الدعوى التأديبية يرجع إلى خصومة بين الدكتورة …… رئيس قسم اللغة العبرية وبينهما التى ادعت بأن أولياء الأمور تقدموا بشكوى ولا يوجد توقيع لهم ولا أسماء الشاكين , فضلا عن أن التحقيق انتهى إلى طرح جميع الاتهامات المنسوبة للمحالين عدا تهمة اعطاء الدروس الخصوصية استنادا إلى أقوال الطالبات التى جاءت متضاربة وتحريات الرقابة الإدارية التى كانت غير صحيحة ، وخلص الطاعنان فى ختام تقرير طعنهما إلى طلباتهما سالفة البيان.
كما أن هذا القرار لم يلق قبولاً لدى الطاعن فى الطعن الثانى ، فأقام طعنه نعياً على القرار المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله , وشابه القصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال, تأسيساً على أسباب حاصلها , أنه توجد خصومة بينه وبين الدكتورة ………… رئيس قسم رئيس قسم اللغة العبرية وصلت إلى حد التربص به وتلفيق الاتهامات له ,وقد جاءت الأوراق والتحقيقات خالية من وجود دليل مادى على صحة ما نسب إليه من اتهام بقيامه بإعطاء الدروس الخصوصية , إذ جاءت أقول الطالبات متناقضة , كما جاء قرار الإحالة للتحقيق باطلا لقصور التحقيق قصورا مبطلا, وأن الدكتورة المذكورة رئيس القسم هى التى أثارت الموضوع عبر وسائل الإعلام ولم يتم سؤال العميد أو الوكيل , فضلا عن أن قرار مجلس التأديب مشوبا بالبطلان لبطلان تشكيله حيث جمع الدكتور جميل عبد الباقى عميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس بين سلطتى الاتهام والمحاكمة لأنه هو الذى حقق فى الموضوع , وأخيرا جاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه إخلالا بحق الدفاع , واعتمادا على تقرير هيئة الرقابة الإدارية الذى احتوى على متناقضات عديدة ولا يسند إلى أى دليل .
وحيث إنه عن موضوع الطعن , فإن المادة (95) من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 وتعديلاته تنص على إنه على أعضاء هيئة التدريس أن يتفرغوا للقيام بالدروس والمحاضرات والتمرينات العملية وأن يسهموا في تقدم العلوم والآداب والفنون بإجراء البحوث والدراسات المبتكرة والإشراف على ما يعده الطلاب منها والإشراف على المعامل وعلى المكتبات وتزويدها بالمراجع
وتنص المادة (96) من القانون على إنه : على أعضاء هيئة التدريس التمسك بالتقاليد والقيم الجامعية الأصيلة والعمل على بثها في نفوس الطلاب، وعليهم ترسيخ وتدعيم الاتصال المباشر بالطلاب، ورعاية شئونهم الاجتماعية والثقافية والرياضية.
وتنص المادة (103) من هذا القانون على إنه : لا يجوز لأعضاء هيئة التدريس إعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل.
وتنص المادة (110) من القانون المذكور - والمستبدل فقرتها الثانية بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 3 لسنة 2015 - على إنه : الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على أعضاء هيئة التدريس هي:
1- التنبيه.
2- اللوم .
3- اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة لفترة واحدة أو تأخير التعيين في الوظيفة الأعلى أو ما في حكمها لمدة سنتين على الأكثر.
4- العزل عن الوظيفة مع الاحتفاظ بالمعاش أو المكافأة.
5- العزل مع الحرمان من المعاش أو المكافأة وذلك في حدود الربع.
ويعاقب بالعزل عضو هيئة التدريس الذى يرتكب أى من الأفعال الاَتية : --
4- فعل يزري بشرف عضو هيئة التدريس أو من شأنه أن يمس نزاهته وكرامته أو فيه مخالفة لنص المادة (103) يكون جزاءه العزل.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع ناط بالجامعة - وفقاً لقانون تنظيم الجامعات - الاختصاص بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعي والبحث العلمي الذي تقوم به كلياتها ومعاهدها في سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضارياً، متوخية في ذلك المساهمة في رقي الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وتزويد البلاد بالمتخصصين والفنيين والخبراء في جميع المجالات وإعداد الإنسان المزود بأصول المعرفة وطرائق البحث المتقدمة والقيم الرفيعة ليساهم في بناء وتدعيم المجتمع وصنع مستقبل الوطن وخدمة الإنسانية، بحسبان أن الجامعات بذلك معقلاً للفكر الإنساني في أرفع مستوياته، ومصدر الاستثمار وتنمية أهم ثروات المجتمع وأغلاها وهي الثروة البشرية , فإن من أهم عملها واختصاصاتها مراعاة المستوي الرفيع للتربية الدينية والخلقية والوطنية , وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة لكونهم قدوة لطلابهم يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم , وهو ما يقتضى حظر إعطاء الدروس الخصوصية فى الجامعات لما فيه من الاتجار بالوظيفة والتربح منها , فإذا ما خرج أحدهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية وتنكب بمسلكه وأفعاله وتصرفاته الطريق القويم وأتى فعلاً مزريا بالشرف والاعتبار الذى يوازيه فى العقاب إعطاء دروس خصوصية , فقد الثقة والاعتبار ويتعين بتره من الجامعة ليبقى ثوبها أبيضاً ناصعا .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يشير إلى أن المحكمة الدستورية العليا قضت فى الدعوى الدستورية رقم 166 لسنة 37 قضائية دستورية بجلسة 9/ 2/ 2019 - بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بموجب حكمها الصادر بجلسة 11/ 4/ 2015 فى الطعنين الماثلين المقامين من الطاعنين ضد رئيس جامعة عين شمس - برفض الدعوى ودستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة 110 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فيما تضمنه من جزاء العزل لكل فعل فيه مخالفة لنص المادة 103 من القانون ذاته تأسيسا على أن دستورية النصوص القانونية التي يسنها المشرع في المجال التأديبي يتحدد بمدى توازن الجزاء التأديبي المقرر مع الإثم الذي يقارفه العاملون بالجهة الإدارية ، فينبغى أن يكون هذا الجزاء مبرراً بما يعد حقاً وعدلاً ، فلا يكون بشططه حائلاً دون أداء العاملين لواجباتهم ، ولا بلينه أو هونه مؤدياً إلي استهانتهم بها ، بل يكون مجرداً من الميل ، دائراً حول الملاءمة الظاهرة بينه ، نوعاً ومقدراً ، وبين خطورة الفعل المعتبر ذنباً إدارياً ، وإلا كان تقدير المشرع انحرافاً بالسلطة التأديبية عن أهدافها ، وبهذه المثابة فإنه ولئن كان الأصل أن يتقرر أكثر من جزاء تأديبي للإثم الواحد كى تقدر السلطة التأديبية المختصة بتوقيعه ما يكون مناسباً من بينها ، إلا أنه لا ضير من أن يختص المشرع إثما بعينه بجزاء بعينه ، مادام قد استهدف في ذلك المصلحة العامة وحدها ، وكان الجزاء متناسباً مع خطورة الإثم المرتكب ، ودون أن يشوب تقديره غلو أو تفريط .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يقرر أن الدستور نص في المادة 19 منه على أن يكون التعليم حقا لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمى فى التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، بما يوجب عدم التفرقة بين الطلاب الأثرياء والطلاب الفقراء في النهل من العلم الذى هو مناط تجريم الدروس الخصوصية , ذلك أن العملية التعليمية التى يتولاها أساتذة الجامعات يجب أن يقوم بنايتها على أساس صلب متماسك، نحو رحابة آفاق العلوم متوازية مع أصول مناهجها التربوية ، تعبيرا عن حقائق العصر ومعطياته، وبتكامل الشخصية الإنسانية التى يتشكل منها وجدان شباب الأمة ، وبإنماء التقاليد التربوية والخلقية والثقافية وتكريسها للطلاب ليرسموا في داخلهم ألوانا من فنون الإبداع , وهو مالم يمكن تحقيقه إلا إذا التزم أساتذتهم بالمعايير المهنية التي التزمتها الأمم المتحضرة تأمينا لتعليم جيد للأجيال تنهض به الأمة لتحقق آمالا لا ينحصر لها محيط ، ولا تمتد لحيزها فراغ ، فإذا تنكب بعض أعضاء هيئة التدريس في الجامعات طريق الاستقامة ، وقد وسد القانون لهم أمانة تنشئة شباب الوطن ، وغرس قيم الحق والعدل في عميق وجدانه ، توطئة فى المستقبل القريب لحمل أمانة النهوض بالبلاد ، وإذا ما استباحوا هدم القيم الجامعية الأصيلة ، سعيه وهو ظالم إلي إعطاء الدروس الخصوصية ، مهدرا بذلك مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع الطلاب محدثا ميزة لطلابهم الأثرياء على حساب كفاءة نظرائهم الفقراء كان مسلكهم فى هذا الطريق المعوج الموحل كالح السواد أثره الوبيل على مستقبل شباب الأمة ،وهم يرون بأعينهم أن معيار التعلم والنجاح لم يعد يعتمد على الكفاءة والجدارة والاستحقاق ولم يقم وزنا للموهبة والكد والمثابرة والجد وإنما اعتمد على مجرد المقدرة المالية ، فتتحول العملية التعليمية إلى صحراء جرداء وهجير لافح، ليس فيها ظل العلم ولا رواء التربية ولا مأوى الفضيلة , ويضحى علمُ أضاعَ جوهرَه الفقرُ وجهلٍ غَطىَّ عليه الثراءُ , و يكون لا ريب فعل اَثيم جزاؤه العزل من الوظيفة الجامعية التى تسعى غاياتها لتحقيق المصلحة العامة وحماية أمن عقول الشباب والمجتمع .
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة يقرر كذلك أن الدستور حرص فوق هذا وبنص المادة 21 منه , على أن تكفل الدولة استقلال الجامعات ،وتوفير التعليم الجامعي وفقاً لمعايير الجودة العالمية، وتعمل على تطوير التعليم الجامعى وتكفل مجانيته فى جامعات الدولة ومعاهدها وفقا للقانون , وعلى القمة من مظاهر مجانية التعليم حظر إعطاء الدروس الخصوصية بالجامعات التى تحوط لها المشرع في المادة 103 من قانون تنظيم الجامعات المشار إليه , ورصد عقوبة العزل لها وفقا للمادة 110 لأعضاء هيئة التدريس الذين يرتكبون جُرم إعطاء الدروس الخصوصية لخطورتها على تخريب التعليم الجامعى من ناحية , وتمييزا لفئة الطلاب الأثرياء القادرين على تكاليف هذا الجُرم , عن الطلاب الفقراء ومحدودى الدخل من ناحية أخرى , مما يستنهض عدل هذه المحكمة من منصتها العالية متوخية بذلك أن تتكامل العملية التعليمية في وسائلها وغاياتها ، وأن تتعدد روافدها لتكون نهرا متصلا يتجدد ماؤه ولا يغير مساره ، ليكون رواء ماؤه تلك القيم والتقاليد الكامنة في أعماق بيئتها الجامعية ، وتعبيراً عن المصالح والأسس التي يقوم عليها تثبيتا لها، وتعميقا لمضمونها , وهو ما يفرض على أولى الأمر بالجامعات ألا يقفوا من ظاهرة الدروس الخصوصية موقفا سلبيا ، وإنما حملهم القانون مسئولية مجابهتها والإصرار عليها .
ومن حيث إن التعليم يعد حجر الزاوية في بناء المجتمعات المتحضرة لاتصالها بآمال النشء وطموحاتهم، وارتباطها بمصالح الدول ومقاييس تقدمها، وهو ما يوجب على الجامعات أن تهيمن على عناصره الرئيسية ، وأن توليه رعايتها، وأن توفر لدور التعليم - وبقدر طاقتها - شرايين الحياة الجوهرية التي لا تقوم إلا بها، وأن يكون جهد أساتذتها في البناء التعليمى للطلاب داخل قاعات الدرس لا خارجه ، تعبيرا عن اقتناعها بأن ثماره عائدة في منتهاها إلى الأمة , وأنها بيد أعضاء هيئة التدريس بها ليكون اضطلاعهم بالمسئولية مستقبلا منتجا وفعالا، وتعميقا لمشاعر الانتماء للوطن ، يتمخض إلهاما للضمائر الجامعية ، وشحذا للهمم نحو ما ينبغي أن يكون نهجا قويما للعمل الجامعى ، استعادة لتلك القيم التربوية التى تأبى أن يكون جهد أساتذتها انحرافا بالدروس الخصوصية عن غاياتها , بل تكون المثل العليا التي يكون غرسها وإيقاظها في نفوسهم عملا يؤول مصيره لصالح طلابهم ، مشكلا عقولهم ومحددا معالم الطريق تجاه وطنهم ، فلا يرون قدوتهم في الجامعة تنحدر إلى الاتجار بإعطاء دروس خصوصية فيتخاذلون ويمارون و يفرطون فى كل القيم والمثل التى كان يجب غرسها في نفوسهم .
ومن حيث إن التعليم الجامعى فوق هذا يعد هؤلاء الفتية للحياة ويدربهم على مواجهة صعابها ، وهم أسوياء بالتعليم داخل أسوار الجامعة لا خارجها ، يتوافقون به مع بيئتهم، ويندمجون في مجتمعاتهم، فلا يسعون لغير مظاهر التفوق إصرارا ، ليكون التعليم دوما حقا أصيلا لا تجد الأهواء فرص النفاذ إليه ، ولا تمليها نزوة عابرة بدرس خصوصى فيقيد من مدى حقهم اعتسافا ، بل يكون لجميع الطلاب داخل قاعات المحاضرات محددا وفق أسس موضوعية تستقيم بها متطلبات ممارسة هذا الحق، فلا يكون التعليم على ضوئها شكليا بلا مضمون ، ، بل يكون ملبيا للأغراض التي يتوخاها الدستور على ضوء نظرة كلية تكفل الارتقاء بالمجتمع حضاريا ، ولا ريب أن جُرم الدروس الخصوصية تنال من مبدأ تكافؤ الفرص بين الطلاب في الصميم , ويقضى على مواهبهم وقدراتهم ، فتنعدم قدرة الجامعات على الاتصال المنشود بطلابها والتأثير فيهم وجذبهم إليها ، وإشرابهم تلك القيم والمثل التي تمليها المصالح الحيوية في درجاتها العليا. ذلك أن العملية التعليمية يجب أن تتكامل عناصرها ، فلا يجوز المساس بها عن طريق فتح باب انحراف الدروس الخصوصية فتنفصل بعض أجزائها عن البعض ، وتنهار الحماية التي كفلها الدستور للحق في التعليم، ومن شأنها الإخلال بركائز التعليم وخلق تمييز غير مشروع بين الطلاب ، غير مستند إلى جدارتهم وهى المعيار القويم للأمم المتحضرة .
ومن حيث إن المواثيق الدولية حرصت على إرساء التكافؤ في الفرص والمعاملة المتساوية بين الطلاب في مجال التعليم , فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يؤكد في ديباجته، أن الحقوق المنصوص عليها فيه، مرجعها إيمان شعوب الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان، وبقيمة كل فرد وكرامته، وضرورة أن يعامل مع غيره وفقا لمقاييس تتكافأ مراكزهم القانونية بشأنها , وكان من بين هذه الحقوق، تلك المنصوص عليها في المادة 26 من هذا الإعلان في شأن التعليم، فقد جاء نصها صريحا في أن لكل إنسان حقا فيه، ولا يتاح التعليم العالي إلا على أساس من الجدارة والاستحقاق، وهو النهج الذى تناقضه أهداف الدروس الخصوصية وتؤكد المادة 13 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أن التعليم حق ينبغي أن يكون موجها نحو التطوير الكامل للشخصية الإنسانية، معززا الاحترام لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، مقترنا بضمان حق الناس جميعا في مجال الإسهام الفعال في بناء مجتمعاتهم الحرة، وهى حقوق وضمانات تنهار بإعطاء الدروس الخصوصية الذى يخرج بالتعليم خارج الحرم الجامعى وأروقته , فتتكون شخصية الطالب على غير ما تهدى إليه القيم الجامعية ويتنكب السبيل إلى تحقيق أهداف التعليم الجامعى .
كذلك يبين من الاتفاقية التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والشئون العلمية والثقافية في 14 ديسمبر 1960 في شأن مناهضة التمييز في مجال التعليم.Convention against discrimination in education adopted on 14th December, 1960, by the General Conference of The United Nations Educational, Scientific and Cultural Organization (UNESCO) إن هذا التمييز، يمثل انتهاكا للحقوق التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وإن منظمة اليونسكو، تؤكد أن احترامها للتنوع في النظم التعليمية الوطنية، لا يجوز أن يخل بالتزامها - ليس بتحريم أشكال التمييز في نطاق التعليم على اختلافها فحسب - بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ في الفرص والمعاملة المتساوية على صعيد التعليم، ذلك أن أشكال التمييز - على تباينها - تكتنفها مخاطر بعيدة آثارها. وكان لازما بالتالي أن يتناولها تنظيم دولي، يكون منهيا لصورها غير المبررة. وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية الآنف بيانها، ذلك أن التمييز وفقا لحكمها يعني كل تفرقة أو تقييد أو استبعاد أو تفضيل يستند إلى لون الأشخاص أو جنسهم أو لغتهم أو عقائدهم أو آرائهم، أو أصلهم الوطني أو الاجتماعي أو حالتهم الاقتصادية وهو ما يظهر جليا في أساس الدروس الخصوصية ومبعثها خاصة أن هذا التمييز يتوخى إلغاء المعاملة المتكافئة بين الطلاب داخل قاعات الدرس .
وحيث إنه قد بات مستقرا أن الحقوق الأساسية للإنسان لا تستمد من صفته كمواطن في بلد ما فحسب ، بل مردها إلى الخصائص التي تميز الشخصية البشرية وتبرر بالتالي حمايتها وطنيا ودوليا، وكانت الدساتير المصرية جميعها بدءا بدستور سنة 1923 وانتهاء بالدستور القائم، ترد المواطنين جميعا إلى قاعدتين متلازمتين ، حاصلهما مساواتهم أمام القانون وتكافؤ الفرص فيما بينهم خاصة في مجال التعليم ، باعتبارهما قواما للعدل وجوهرا للحرية والسلام الاجتماعي، لذا فإن جُرم إعطاء الدروس الخصوصية في الجامعة تمثل إخلالا بالحق في التعليم وبالتضامن الاجتماعي، فليس لفريق من الطلاب لثرائهم أن يتقدموا على غيرهم من الزملاء انتهازا، ولا أن ينالوا قدرا من المزايا غير المشروعة يكونوا بها - عدوانا - أكثر علوا من فقرائهم ، فيتميزن عن بعضهم بهتانا، لذا كان جُرم الأستاذ الجامعى الذى يخون الأمانة والثقة ويعطى دروسا خصوصية جرما جائرا في حق الوطن وطلابه , ولا يعدو أن يكون تمييزا على أساس من الحالة الاقتصادية في مجال مباشرة حق التعليم الذى كفله الدستور للمواطنين جميعا على السواء ، لينحل تمييزا منهيا عنه دستوريا، ذلك أن تكافؤهم في الشروط الموضوعية التي يتم على ضوئها اجتياز الامتحانات يقتضى بالضرورة تعادلهم في مجال الانتفاع بعلم أساتذتهم داخل قاعات الدرس المتصل بالعملية التعليمية لا بدروس خصوصية خارج قاعات الدرس والتحصيل فيختل الميزان ويضطرب مؤشره .
ومن حيث إنه لما كان كل ما تقدم , وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنه متى ثبت أن المحاكم التأديبية  وما في حكمها كمجالس التأديب  قد استخلصت النتيجة التي انتهت إليها استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مادياً وقانونياً، وكان تكييفها للوقائع تكييفاً صحيحاً وسليماً، وكانت هذه النتيجة تبرر اقتناعها الذي بنت عليه قضاءها، فإنه لا يكون هناك مجال للتعقيب عليها، ولا يجوز لمن قضت المحكمة التأديبية أو مجلس التأديب بمجازاته معاودة الجدل في تقدير أدلة الدعوى التأديبية ووزنها أمام المحكمة الإدارية العُليا، ذلك أن وزن الأدلة وما يستخلص منها هو من الأمور الموضوعية التي تستقل بها المحكمة أو مجلس التأديب مادام التقدير قد جاء سليماً والتدليل سائغاً، دون أن ينال من ذلك مقولة عدم الرد على بعض أوجه الدفاع بحسبان أن حكم أول درجة ليس ملزماً بتعقب دفاع المحال في وقائعه وجزئياته للرد على كل منها، مادام قد أبرز إجمالاً الحجج التي كونت عقيدته مطرحاً بذلك ضمناً الأسانيد التي قام عليها دفاعه.
كما استقر قضاء هذه المحكمة أيضاً أنه مِن الأُصول المُقرَّرة أنَّ القاضي التَّأديبي يَتَمتَّع بحُرِّية كاملة في مجال الإثبات، ولا يلتزم بطريقة معيَّنة، وله أن يحدِّد بكل حُرِّية طُرُق الإثبات التي يَقبَلها، وله أن يَستَنِد على ما يرى أهميته ويبني اقتناعه، وأن يُهدر ما يرى التَّشكِيك في أمره ويَطرحه من حساباته ، فاقتناع القاضي التَّأديبي هو سَنَد قَضائِه دون التَّقيُّد بمُراعاة استيعاب طُرُق الإثبات أو أوراقه.
ومن حيث إنه إعمالا لما تقدم , ومتى كان الثابت بالأوراق أن أ.د ….. رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب جامعة عين شمس حررت مذكرة بتاريخ 5/ 1/ 2013 لوكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب مفادها أن هناك شكوي تقدم بها بعض أولياء أمور الطلاب بالفرقة الأولي يدعون وجود مكتبة تبيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة جغرافية فلسطين التي يقوم بتدريسها الدكتور / ………….. - الطاعن الأول فى الطعن الأول - وهو الذي قام بكتابتها , وأن الامتحان أتي بالفعل من هذه الملزمة , كما أضافت أن الطلاب في شكواهم أكدوا بأن المكتبة بدأت توزيع ملزمة المراجعة النهائية لمادة علم اللغة التي يقوم بتدريسها الدكتور / ………. المدرس بالقسم - الطاعن الثانى فى الطعن الأول - وأنه من وضعها وأن الامتحان موجود بالملزمة , كما أضافت رئيس قسم اللغة العبرية أنها انتظرت حتي جاء موعد الامتحان لمادة علم اللغة يوم السبت 5/ 1/ 2013 وتأكدت من وجود إجابات أسئلة الامتحان في هذه الملزمة ، وأن الطلاب في شكواهم أكدوا قيام هذين الأستاذين بإعطاء دروس خصوصية في المواد التي يقومان بتدريسها , فضلاً عن تلاعب د / …………. في درجات الطلاب بالكنترول وأنه يبيع أسئلة الامتحان.
وبتاريخ 9/ 1/ 2013 تقدمت رئيس قسم اللغة العبرية بمذكرة ثانية تنطوي علي اتهامات من أحد الطلاب منسوبة للدكتور / ……….الأستاذ المساعد بالقسم - الطاعن فى الطعن الثانى - مفادها أنه يقوم بإعطاء دروس خصوصية ويقوم بإعطاء الامتحان لطلاب تلك الدروس ، وقد تم إحالة الشكاوى إلي رئيس الجامعة في 8/ 1/ 2013 , وبتاريخ 17/ 1/ 2013 قام بالتأشير علي تلك الشكاوي بإحالتها للتحقيق بمعرفة أحد الأساتذة أعضاء هيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة عين شمس حيث اُجري التحقيق علي النحو المبين بالأوراق .
وبسؤال أ. د ……….. - رئيس قسم اللغة العبرية بكلية الأداب جامعة عين شمس - أفادت بأن هناك مذكرة وصلت إليها تتضمن اتهام د / ………….. ، د / ……………. بأنهما يقومان بإعطاء دروس خصوصية وبتسريب الامتحان ، وقررت أنها تعلم ما هو منسوب إليهما منذ فترة طويلة مبررة عدم إبلاغها عن تلك التجاوزات بأنها لم تكن رئيسا للقسم , فضلاً عن علم عميد الكلية بها ومن ثم لم يكن من الضروري إبلاغه بتلك الوقائع .
وبسؤال الطالبة ………. خريجة القسم العبرى بكلية الأداب جامعة عين شمس فى العام الجامعي 2011/ 2012 والتي تقدمت بعشرة أوراق تحمل محادثات عديدة تمت بينها وبين د / ……… - الطاعن فى الطعن الثانى - علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أكدت أن د / ……… كان يقوم بإعطائها درساً خصوصياً منذ الفرقة الثانية وحتي الفرقة الرابعة مع أربع طالبات أخريات مقابل ألف جنيه من كل طالبة عن المادة الواحدة , وأضافت أن الدكتور المذكور ن كان يعطيها بعض الموضوعات التي يأتي منها الامتحان , و كان يُطمئن من يأخذ معه درساً خصوصياً بمراعاته في الكنترول باعتباره رئيس الكنترول .
وبسؤال الطالبة / …………………. بالفرقة الرابعة فى العام الجامعى 2012/ 2013 قررت أن د / ………………. يعطي دروساً خصوصية وأنه يعطي الطلاب الذين يحصلون علي درس خصوصي أسئلة الامتحان وأنها تتحصل عليها من بعض زميلاتها وأنه يطلب منهم وضع علامات بكراسة الإجابة ليسهل لهم الحصول علي تقديرات أعلي , وأنها تقدمت بشكوي بهذا المضمون إلي رئيس قسم اللغة العبرية المذكورة لإزالة الفساد التي تحس به ويحس به معظم الطلاب .
وبسؤال الطالبة / …………….. بالفرقة الثالثة فى العام الجامعى 2012/ 2013 أفادت أنها أخذت درساً خصوصياً عند د / ……………… في الفرقة الأولي في مادة تاريخ اليهود مقابل 300 جنيه ثلاثمائة جنيه ومكان الدرس هو منزل الطالبة …………….. بجسر السويس في الفرقة الثانية مع الطلاب ……………………………. ، وفي التيرم الثاني أخذت معه درساً خصوصياً في مادة فرق وطوائف مقابل ألف جنيه , وأضافت الطالبة المذكورة أن د / ……… كان يعطيهم ثلاث محاضرات فقط تتضمن أسئلة الامتحان .
وبسؤال الطالبة ……….. الطالبة بالفرقة الثالثة فى العام الجامعى 2012/ 2013 أفادت بأنها أخذت درساً خصوصياً مع د / ………. في مادة تاريخ اليهود بالفرقة الثانية في منزل إحدي البنات بجسر السويس مقابل 400 جنيه أربعمائة جنيه وإنه قام بتحديد أماكن أسئلة الامتحان وإجاباتها في الكتاب ، فضلاً علي إنه أعطي لها ملزمة بالعبري وقرر أن ترجمتها موجودة في مركز تل أبيب للتصوير .
وبسؤال الطالبة ………….. بالفرقة الرابعة فى العام الجامعى 2012/ 2013 أفادت بأنها حصلت علي درس خصوصي لدي الدكتور / ………… أربع مرات , وأنه كان يعطيها أسئلة الامتحان ، وأنه بالنسبة للدكتور / هاني عبد العزيز فقد أعطي لها درس خصوصي في مادة قراءة ومحادثة مقابل ثلاثة ألاف جنيه , فضلاً عن ابتزازه لها بحصوله منها علي جهاز لاب توب وأيضاً جهاز محمول نوكيا , وقد رضخت لذلك الابتزاز حرصاً علي مستقبلها وخشية أن ترسب باعتباره أستاذ المادة ويعمل بالكنترول ، وأضافت بأنها أخذت درساً خصوصياً أيضا مع د / ……………. وأنه كان يعطيها أسئلة الامتحان .
وبسؤال الطالبة ………. عن مضمون السي دي الذي قدمته بالتحقيقات أفادت بأنه يحتوي علي عدة تسجيلات صوتية ومقطع فيديو يفيد تواجد د / أحمد محمد عبد الرحمن في منزلها وقيامه بإعطائها درساً خصوصياً هي وبعض زميلاتها ، وفي تسجيل أخر يتضمن شرحاً لموضوعات الامتحان يقوم به أثناء شرحه في الدرس الخصوصي .
وبسؤال الطالب / ………… بالفرقة الرابعة عبري فى العام الجامعى 2012/ 2013 أفاد أنه أخذ درساً خصوصياً لدي د / ………. في مادة جغرافيا فلسطين ، في التيرم الأول ، في السنة الأولي نظير مبلغ 300 جنيه ، وفي التيرم الثاني في مادة تاريخ اليهود نظير مبلغ 300 جنيه ، وفي الفرقة الثانية حصل علي درس خصوصي في مادة تاريخ اليهود مقابل 500 جنيه .
ومن حيث إنه عن المخالفة المنسوبة للطاعنين الأول والثانى فى الطعن الأول والطاعن فى الطعن الثانى من قيام الثلاثة بإعطاء دروس خصوصية علي خلاف الحظر الوارد بالمادة (103) من قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 التى حظرت على أعضاء هيئة التدريس اعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل , فهى ثابتة في حقهم ثبوتاً يقينياً على نحو ما شهد به الطلاب المذكورين سلفا ممن سمعت أقوالهم فى التحقيقات , وقد تواترت أقوالهم بما يكشف عن صحة إسناد الواقعة محل المخالفة لهم ، وقد تنكبوا جادة الصواب وخرجوا علي الواجب الوظيفي الجامعى المنوط بهم وخالفوا القانون بما يمليه من الحرص على التقاليد الجامعية و ثبت في حقهم بيقين قيامهم بإعطاء دروس خصوصية خلافاً لما تحظره المادة (103) المشار إليها ،وإزاء ما ثبت ووقر فى يقين المحكمة بحق وعدل ويقين في شأن الطاعنين الثلاثة فى الطعنين الماثلين , فإن المحكمة لا تملك فى حدود ولايتها قصاصاً منهم سوى عزلهم من الوظيفة إعمالاً لأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات والتي تقضي بأن كل فعل فيه مخالفة لنص المادة 103 التى تحظر إعطاء دروس خصوصية بمقابل أو بغير مقابل , يكون جزاؤه العزل , ويكون ما ذهب إليه مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة عين شمس من مجازاة الطاعنين الثلاثة بعقوبة العزل من وظائفهم الجامعية مع الاحتفاظ لهم بالمعاش أو المكافأة متفقا وحكم الفقرة الأخيرة من المادة 110 من قانون تنظيم الجامعات مطابقا لحكم القانون لا تثريب عليه .
ومن حيث إن المحكمة تسجل فى حكمها أن ظاهرة انتشار الدروس الخصوصية في الجامعات المصرية مرض عضال ينهش في جسد التعليم الجامعى , وكارثة تعليمية وتربوية تهدد بنسف منظومة التعليم الجامعى لتعارضها مع تقاليد وأصول المنهج الجامعى الذي يرتكز في الأساس على تنمية قدرة الطالب على البحث عن المعلومة , فضلاً عما فيه من النأى بالطالب خارج الحرم الجامعى لتلقى علومه وهو أمر جد خطير لما فيه من غرس قيم سلبية في مرحلة التكوين العلمى والفكرى ويفت في عضد انتمائه لمجتمعه ووطنه وجامعته بما يجعله عرضة لأنواء الأمراض الاجتماعية التى يمكن أن تترك ندوباً على وجه الوطن يحتاج إلى البرء منها سنين عددا ، وسوف تؤدى هذه الظاهرة إذا لم تلق العناية الكافية من المجلس الأعلى للجامعات إلى انهيار التعليم الجامعي وضعف خريجيه مما يلزم معه على رؤساء الجامعات العمل على ايجاد نظام حقيقى للرقابة الفعلية على أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم والمتابعة الواقعية التى تؤدى إلى القضاء على تلك الظاهرة , وكذلك العناية بأهمية توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمة، وابتكار ما يتوافق منها مع ما يُمكن الطالب من تفاعله مع المحاضر , خاصة وأن المادة 19 من قانون تنظيم الجامعات رقم 49 لسنة 1972 أناط بالمجلس الأعلى للجامعات من بين اختصاصاته كل ما يتعلق بمسائل التعليم في مستوياته ونوعياته المختلفة ووضع النظم الخاصة بتقويم وتطوير الأداء الجامعي , ولا ريب أن الدروس الخصوصية على القمة من مهام المجلس الأعلى للجامعات للوصول بالتعليم الجامعى إلى مرتبة الجودة , ذلك أن النصوص القانونية لا تكفى وحدها ما لم تحظ بتطبيق فعال ممن ناط بهم القانون لتنفيذ قواعده للقضاء على تلك الظاهرة التى أساءت للتعليم الجامعى المصرى صاحب الصدارة والريادة فى المنطقة العربية والإفريقية.
ولا يغير من ذلك ما تذرع به الطاعنون من سقوط الدعوي التأديبية قبلهم بمضى أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع المخالفة طبقاً لأحكام المادة (91) من قانون تنظيم العاملين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 التى تنص علي أن تسقط الدعوي التأديبية بالنسبة للعامل الموجود بالخدمة بمضي ثلاث سنوات من تاريخ ارتكاب المخالفة -- وتنقطع هذه المدة بأي إجراء من إجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وتسري المدة من جديد ابتداء من أخر إجراء فذلك مردود بأن المخالفة المنسوبة للطاعنين وهي إعطاء دروس خصوصية قد وقعت في العامين الجامعيين 2011/ 2012 ، 2012/ 2013 ، وكان بدء التحقيق في 23/ 1/ 2013 على نحو ما ثبت بأقوال الطالبات الواردة بالتحقيقات , ومن ثم لم ينقض سنوات ثلاث من تاريخ ارتكاب المخالفة , مما يتعين معه طرح هذا الدفع .
كما لا يغير من ذلك ما ذكره الطاعنون من أن أقوال الطالبات متناقضة ومعظمها سماعى , ذلك أن المحكمة قد استبعدت من يقينها كل شهادة سماعية واقتصرت قناعتها على الطالبات والطلبة الذين أقروا جميعا وعلى وجه التفصيل - على نحو ما سلف بيانه - بصحة الواقعة وأنهم تلقوا بصفة مباشرة دروسا خصوصية على يد الطاعنين , بحسبان أن القاضي التأديبي يتمتع بحرية كاملة في مجال الاثبات ولا يلتزم بطريقه معينة فله أن يحدد بكل حرية طرق الأثبات التي يقبلها وأدلة الإثبات التي يرتضيها وفقاً لظروف الدعوي المعروضة عليه وله أن يستند إلي ما يري أهميته ويبني عليه اقتناعه وأن يهدر ما يري التشكيك في أمره ويطرحه من حسابه فاقتناع القاضي التأديبي هو سند قضائه .
ولا ينال مما تقدم , ما ذكره الطاعنون من أن تقرير هيئة الرقابة الإدارية غير صحيح و احتوى على متناقضات عديدة ولا يستند إلى أى دليل , ذلك إلى أن المحكمة اطمأنت إلى سماع أقوال الطلاب الذين أقروا بصحة واقعة إعطاء الطاعنين لدروس خصوصية لهم مما ينبئ عن أن تحريات هيئة الرقابة الإدارية قد صادفت الحقيقة والواقع وجاءت تحرياتها دقيقة في ضوء ما ورد بالمادة (2) من القانون رقم 207 لسنة 2017 فى شأن تعديل بعض أحكام القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية من منح تلك الهيئة الاختصاص بكشف وضبط الجرائم التى تستهدف الحصول على أو محاولة الحصول على أى ربح أو منفعة باستغلال صفة أحد الموظفين العموميين المدنيين أو أحد شاغلى المناصب العامة بالجهات المدنية أو اسم إحدى الجهات المدنية المنصوص عليها بالمادة (4) من هذا القانون.
كما لا يوهن من سلامة هذا النظر , ما ساقه الطاعنون من وجود خلاف بينهم وبين د / ……….. رئيس قسم اللغة العبرية أنذاك دفعها إلي محاولة النيل منهم ، فذلك مردود بأن الدكتورة المذكورة اقتصر دورها على دور المبلغ للجامعة عما خطه الطلاب ضد الطاعنين من وقوع جُرم إعطاء الدروس الخصوصية لهم , وهو من أخص واجباتها ومسئولياتها كرئيس لمجلس قسم اللغة العبرية, ولم تشترك فى أى إجراء من إجراءات التحقيق , وفضلا عن ذلك فإن الادعاء بوجود خصومة بينها وبين الطاعنين محض قول مرسل دون دليل يؤيده فى عيون الأوراق التى خلت من ثمة دليل جدى على الخصومة بينهم وبينها تلقى بظلالها على موضوع الطعنين .
ولا ينال مما تقدم أخيرا , ما ذكره الطاعنون من بطلان قرار مجلس التأديب لبطلان تشكيله حيث جمع الدكتور جميل عبد الباقى عميد كلية الحقوق بجامعة عين شمس بين سلطتى الاتهام والمحاكمة لأنه هو الذى حقق فى الموضوع , فذلك مردود بأن الثابت بالأوراق أن الذى حقق فى موضوع المخالفة محل الطعنين الماثلين هو الدكتور طه عوض غازى وكيل كلية الحقوق لشئون الدراسات العليا والبحوث ومن ثم يضحى قولهم لا يستأهل فى الحق ذكرا , مما يغدو معه الطعنان لا سند لهما من القانون ولا ظل لهما من الواقع متعين رفضهما .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول الطعنين شكلاً , ورفضهما موضوعاً .
صدر هذا الحكم وتلي علناً بالجلسة المُنعقدة يوم السبت 21 من شوال لسنة 1441 هجرية ، الموافق 13/ 6/ 2020 ميلادية , بالهيئة المُبِينة بصدره.