الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 مايو 2022

الطعن 728 لسنة 37 ق جلسة 22 / 5 / 1967 مكتب فني 18 ج 2 ق 135 ص 694

جلسة 22 من مايو سنة 1967

برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد صبري، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني، وأنور أحمد خلف.

------------

(135)
الطعن رقم 728 لسنة 37 القضائية

(أ، ب) بناء. قانون. "الأثر الرجعي للقانون". جريمة. "الجريمة الوقتية".
(أ) خضوع الأعمال المتعلقة بإقامة البناء أو تعديله أو ترميمه لأحكام القانونين 45 لسنة 1962 و55 لسنة 1964 إذا كانت قيمتها تزيد على ألف جنيه. غير ذلك من الأعمال التي تتناول المباني لا يسري عليها سوى حكم القانون الأول وحده بالغة ما بلغت قيمتها.
(ب) الأعمال المتعلقة بالبناء أيا كان نوعها موقوتة بطبيعتها، وإن كانت تقبل الامتداد. الجريمة التي ترد عليها وقتية.
القانونان 45 لسنة 1962 و55 لسنة 1964 ليس لهما أثر رجعي. تتابع العمليات المستقلة على المبنى الواحد لا يجعلها خاضعة لحكم القانون الذي يؤثمها فيما تم منها قبل نفاذه.

--------------
1 - يبين من نصوص المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني، والمادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء في صريح لفظهما وواضح دلالتهما، كما يبين من استقراء نصوص القانونين كليهما ومن مطالعة مذكرتيهما الإيضاحيتين أن الجامع بينهما من حيث الموضوع الذي ينطبق عليه هو إقامة بناء أو تعديله أو ترميمه، فكل من هذه الأعمال تخضع لهما معا إذا كانت قيمتها تزيد على ألف جنيه. فيشترط أن يحصل صاحب الشأن على موافقة اللجنة المشار إليها في القانون رقم 55 لسنة 1964 بالإضافة إلى الترخيص الذي أوجبه في القانون رقم 45 لسنة 1962 أما غير ذلك من الأعمال التي تتناول المباني فلا يسري عليها سوى الترخيص أو الإخطار الواجب في القانون الأخير وحده بالغة ما بلغت قيمة هذه الأعمال.
2 - إن كل عمل من الأعمال المتعلقة بالبناء - أيا ما كان نوعه - إنما هو موقوت بطبيعته وإن كان يقبل الامتداد، إلا أن الجريمة التي ترد عليه وقتية. وإذ كان القانون رقم 55 لسنة 1964 ليس له أثر رجعي رجوعا إلى حكم الأصل المقرر في الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليه، وكانت المادة 19 من القانون رقم 45 لسنة 1962 قد أوردت هذا الحكم صراحة، ومن ثم فإن تتابع العمليات المستقلة على المبنى الواحد - أيا كانت - لا يجعلها خاضعة لحكم القانون الذي يؤثمها فيما تم منها قبل نفاذه. ولما كان الطاعن قد أقام دفاعه على أن المبنى الذي أقامه قد تم بناؤه قبل نفاذ القانون رقم 55 لسنة 1964 وأن البياض والتشطيب هما اللذان وقعا في ظله، وعلى الرغم من أن محرر المحضر قد شهد في جلسة المحاكمة بأنه لا يعرف تاريخ إقامة المبنى، وطلب الرجوع في هذا التحديد إلى قسم الحصر في المديرية، وقدم الطاعن مستندات تدعم دفاعه، وطلب تعيين خبير لتحقيقه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبد منه تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، فلم يسقط هذا الدفاع حقه، بل أطرحه جملة، ولم يحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، أو يرد عليه بما ينفيه وأسس قضاءه على ما ورد في محضر الضبط وهو ما لا يصلح في تفنيده، فإنه يكون قاصر البيان معيبا بما يبطله ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 22 ديسمبر سنة 1965 بدائرة الزقازيق: (أولا) أقام بناء بدون ترخيص من سلطة التنظيم. (ثانيا) أقام بناء على أرض مقسمة قبل صدور الموافقة على التقسيم. (ثالثا) أقام بناء على قطعة أرض لا تطل على طريق قائم. (رابعا) أقام بناء داخل حدود مدينة الزقازيق تزيد تكاليف الأعمال المجراة فيه عن ألف جنيه بغير الحصول على موافقة اللجنة المختصة. وطلبت عقابه بالمواد 1 و2 و3 و10 و12 و14 و20 و22 من القانون 52 لسنة 1940 المعدلة بالقانون 2 لسنة 1950 والمواد 1 و11 و16 و18 و21 من القانون 45 لسنة 1962 وقرار الإسكان والمرافق رقم 169 لسنة 1962 والمادتين 1/ 1 و5 من القانون 55 لسنة 1964. ومحكمة بندر الزقازيق قضت في الدعوى حضوريا بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1966 عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بتغريمه خمسة جنيهات وضعف الرسوم المستحقة على الترخيص وغرامة تعادل قيمة تكاليف الأعمال ومواد البناء المتعامل فيها عن التهم المسندة إليه. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بتاريخ 18 ديسمبر سنة 1966 بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع بتغريمه خمسة جنيهات وضعف الرسوم المستحقة على الترخيص وغرامة قدرها 2156 جنيها قيمة تكاليف الأعمال لما نسب إليه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض...الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن في تهمة إنشاء بناء تزيد قيمته على ألف جنيه بغير الحصول على موافقة اللجنة المختصة قد أخطأ في تطبيق القانون، وبنى على الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المستفاد من نصوص القانون رقم 45 لسنة 1962 في شأن تنظيم المباني، والقانون رقم 55 لسنة 1964 في شأن توجيه أعمال البناء اللذين دين الطاعن بمقتضاهما، ومن المذكرة الإيضاحية للقانون الأخير، أن المشرع يفرق بين معنى المبنى الواحد، وبين معنى العملية الواحدة، ويتصور المبنى الواحد موضوعا قابلا لأن تتوارد عليه عمليات متعددة كالإقامة أو التوسيع أو التعلية أو التعديل أو التدعيم أو البياض وما شابهه، وكل منهما يحتاج إلى ترخيص مستقل إذا أقيمت منفصلة في الزمان، والمناط في إخضاع العملية أو الأعمال المطلوب إجراؤها بشرط الحصول على موافقة اللجنة هو قيمتها في ذاتها بشرط حصولها بعد نفاذ القانون. وقد قام دفاع الطاعن أمام المحكمة الاستئنافية أنه أتم إنشاء مبناه قبل 18 من مارس سنة 1964 وهو تاريخ نفاذ القانون الذي ليس له أثر رجعي ينسحب على ما تم قبل صدوره، وقدم مستندات مثبتة لذلك، وطلب سؤال مهندس التنظيم الذي لم يستطع الجزم بتاريخ إنشاء البناء أو إتمامه، وأحال في هذا التحديد على قسم الحصر في المديرية، وطلب تعيين خبير تحقيقا لهذا الدفاع - ولكن الحكم المطعون فيه أطرحه جملة، ولم يعتد بالمستندات المقدمة تدعيما له، ولم يستجب إلى ما طلبه من ندب خبير لتحقيقه، مما يعيبه بما يبطله ويوجب نقضه.
وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم 45 لسنة 1962 الصادر في 4 من فبراير سنة 1962 في شأن تنظيم المباني، قد نصت على أنه: "لا يجوز لأحد أن ينشئ بناء أو يقيم أعمالاً أو يوسعها أو يعليها أو يعدل فيها أو يدعمها أو يهدمها، كما لا يجوز تغطية واجهات المباني القائمة بالبياض وخلافه إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك حسب الأحوال، ووفقا لما تقضيه اللائحة التنفيذية"، ونصت المادة الأولى من القانون رقم 55 لسنة 1964 الصادر في 18 من مارس سنة 1964 بتنظيم وتوجيه أعمال البناء على أنه (فيما عدا المباني التي تقيمها الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات والمؤسسات العامة، يحظر في أي جهة من الجمهورية داخل حدود المدن أو خارجها إقامة أي مبنى أو تعديل مبنى قائم أو ترميمه، متى كانت قيمة الأعمال المطلوب إجراؤها تزيد على ألف جنيه إلا بعد الحصول على موافقة لجنة يصدر بتشكيلها وإجراءاتها قرار من وزير الإسكان والمرافق. ولا يجوز للسلطة القائمة على أعمال التنظيم في هذه الحالة النظر في طلب أي ترخيص إلا بعد قيام طالب الترخيص بتقديم موافقة اللجنة المذكورة). ويبين من نصوص هاتين المادتين في صريح لفظهما وواضح دلالتهما، كما يبين من استقراء نصوص القانونين كليهما ومن مطالعة مذكرتيهما الإيضاحيتين أن الجامع بينهما من حيث الموضوع الذي ينطبق عليه هو إقامة بناء أو تعديله أو ترميمه، فكل من هذه الأعمال تخضع لهما معا إذا كانت قيمتها تزيد على ألف جنيه - فيشترط أن يحصل صاحب الشأن على موافقة اللجنة المشار إليها في القانون رقم 55 لسنة 1964 بالإضافة إلى الترخيص الذي أوجبه في القانون رقم 45 لسنة 1962 أما غير ذلك من الأعمال التي تتناول المباني فلا يسري عليها سوى الترخيص أو الإخطار الواجب في القانون الأخير وحده بالغة ما بلغت قيمة هذه الأعمال. لما كان ذلك، وكان كل عمل من الأعمال المتعلقة بالبناء - أيًا ما كان نوعه - إنما هو موقوت بطبيعته وإن كان يقبل الامتداد إلا أن الجريمة التي ترد عليه وقتية. وإذ كان القانون رقم 55 لسنة 1964 ليس له أثر رجعي رجوعا إلى حكم الأصل المقرر في الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليها. وكانت المادة 19 من القانون رقم 45 لسنة 1962 قد أوردت هذا الحكم صراحة، ومن ثم فإن تتابع العمليات المستقلة على المبنى الواحد أيا كانت لا يجعلها خاضعة لحكم القانون الذي يؤثمها فيما تم منها قبل نفاذه. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أقام دفاعه على أن المبنى الذي أقامه قد تم بناؤه قبل نفاذ القانون رقم 55 لسنة 1964 في 18 من مارس سنة 1964 وأن البياض والتشطيب هما اللذان وقعا في ظله، وعلى الرغم من أن محرر المحضر قد شهد في جلسة المحاكمة بأنه لا يعرف تاريخ إقامة المبنى، وطلب الرجوع في هذا التحديد إلى قسم الحصر في المديرية، وقدم الطاعن مستندات تدعم دفاعه، وطلب تعيين خبير لتحقيقه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبد منه تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، فلم يسقط هذا الدفاع حقه، بل أطرحه جملة، ولم يحققه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، أو يرد عليه بما ينفيه وأسس قضاءه على ما ورد في محضر الضبط وهو ما لا يصلح في تفنيده فإنه يكون قاصر البيان معيبا بما يبطله ويوجب نقضه.

الطعن 2358 لسنة 30 جلسة 4/ 4/ 1961 مكتب فني 12 ج 2 ق 80 ص 433

جلسة 4 من أبريل سنة 1961

برياسة السيد محمود إبراهيم إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمد عطية إسماعيل، وعادل يونس، وعبد الحسيب عدى، وحسن خالد المستشارين.

------------

(80)
الطعن رقم 2358 لسنة 30 القضائية

(أ) جريمة مستمرة. خدمة عسكرية.
جريمة المادة 55 من القانون رقم 505 لسنة 1955. طبيعتها. جريمة سلبية مستمرة استمرارا تجدديا. قيامها حتى بلوغ الفرد الثانية والأربعين من سنيه مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته.
(ب) قانون. تطبيقه بالنسبة للزمان. القانون الأصلح. نقض. مثال.
سريان التشريع الجديد على الجريمة المستمرة ولو كان أشد مما سبقه. لا وجه للاحتجاج بقاعدة قانون الأصلح. القانون رقم 54 لسنة 1960. تقريره حكماً وقتياً أصلح للمتهم. نقض الحكم وبراءة المتهم - عند استيفاء شرطي الإعفاء المنصوص عليهما فيه. المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959.

-------------------
1 - دلالة عبارات نصوص المواد 55 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية و 71 في فقرتيها الأولى والثالثة و 74 في فقرتها الثانية من القانون رقم 9 لسنة 1958 بتعديل بعض مواد القانون المذكور، وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقا على تعديل المادة 74 في فقرتها الثانية - هو أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد لتقرير معاملته، هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمرارا تجددياً يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين، وذلك أخذا من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهي حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني، وإيجابيا من جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى عنها الذى طال الشارع مداه، وللحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية - ويظل الفرد مرتكبا للجريمة في كل وقت حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنيه، وتقع جريمته تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته. (1)
2 - من المقرر قانونا أن التشريع الجديد يسرى على الجريمة المستمرة حتى ولو كان أشد مما سبقه لاستمرار الجريمة في ظل الأحكام الجديدة، ولا وجه للاحتجاج بقاعدة القانون الأصلح لأن لازم تطبيقها بحسب نص المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يكون القانون الجديد أهون في أحكامه مما سبقه وباعتبار القانون الجديد أكثر تحقيقا للعدالة. ولما كان القانون رقم 9 لسنة 1958 قد أصدره الشارع وشدد العقوبة فيه واعتبر بنص المادة 55 وبخطابه في الفقرة الثانية من المادة 74 الجريمة مستمرة، وكان الثابت من الحكم أن المتهم ظل فارا من الخدمة العسكرية وممتنعا عن تقديم نفسه للجهة المختصة حتى أرسلته الجهة الإدارية إلى منطقة التجنيد التابع لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين أن لا تنزل الغرامة عن خمسين جنيها طبقا لما نصت عليه المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958. إلا أنه لما كان قد صدر - بعد صدور الحكم المطعون فيه - القانون رقم 54 لسنة 1960 مقرر حكما وقتيا على المادة 71، وكان هذا القانون لا ريب أصلح للمطعون ضده مادام قد ثبت أنه قد توافر في حقه الشرطان اللذان نص عليهما هذا القانون الأخير، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة المتهم المطعون ضده عملا بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 التي تخول محكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى . (1)


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حتى يوم 11 فبراير سنة 1959 بصفته شابا بلغ سن التجنيد لم يقدم نفسه عند طلبه في الميعاد المقرر دون عذر مقبول. وطلبت عقابه بالمادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1958. والمحكمة الجزئية قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام مع تطبيق المادتين 55 و 56 من قانون العقوبات بتغريم المتهم عشرة جنيهات وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائيا. استأنفت النيابة هذا الحكم. والمحكمة الاستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإجماع الآراء برفضه وتأييد الحكم المستأنف عملا بالمواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

وحيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى بتأييد حكم محكمة أول درجة فيما قضى به من تغريم المطعون ضده عشرة جنيهات بالتطبيق للمواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955 في شأن الخدمة العسكرية والوطنية لعدم تقديم نفسه خلال ثلاثة شهور من بلوغه سن الحادية والعشرين إلى الجهة الإدارية التابع لها لمعاملته عسكريا. وأنه لما كانت هذه الجريمة مستمرة وكان القانون رقم 9 لسنة 1958 قد صدر معدلا لبعض نصوص القانون 505 لسنة 1955 فنص في المادة 71 على معاقبة من يخالف أحكام المادة 55 بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى العقوبتين كمل عدل المادة 74 فجعل بدء سريان المدة المسقطة للدعوى الجنائية من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين بدلا من سن الثلاثين مما ترتب عليه أن حالة الاستمرار المكونة للجريمة المسندة للمطعون ضده تظل قائمة حتى يبلغ الثانية والأربعين من عمره وبالتالي فإن القانون رقم 9 لسنة 1958 يسرى على الجرائم التي بدأت قبل صدوره متى كانت حالة الاستمرار قائمة عند العمل به، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المطعون ضده أتم الحادية والعشرين في سنة 1955 ولم يقدم نفسه للجهة الإدارية التابع لها خلال ثلاثة شهور من تاريخ بلوغه تلك السن لمعاملته عسكريا وظل ممتنعا عن تقديم نفسه إلى أن أرسل من مركز فاقوس إلى منطقة التجنيد في 8/ 2/ 1959، فإنه كان يتعين على المحكمة أن تعامله طبقا لنص المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 فلا تنزل بالغرامة عن حدها الأدنى وهو خمسون جنيها.
وحيث إنه لما كان الثابت من الاطلاع على الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد المتهم (المطعون ضده) بوصف أنه حتى يوم 11 فبراير سنة 1959 لم يقدم نفسه في خلال ثلاثة شهور من تاريخ بلوغه سن الحادية والعشرين إلى الجهة الإدارية التابع لها لترحيله لمركز التجنيد لمعاملته عسكريا وطلبت عقابه بالمادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 فقضت محكمة أول درجة بتغريمه عشرة جنيهات مع إيقاف التنفيذ. فاستأنفت النيابة وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف مطبقة على التهمة المسندة للمتهم المواد 55 و 68 و 69 من القانون رقم 505 لسنة 1955. ولما كان الشارع قد أصدر القانون رقم 9 لسنة 1958 في شأن تعديل بعض مواد القانون رقم 505 لسنة 1955 الخاص بالخدمة العسكرية والوطنية ونص في المادة 71 منه على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسين جنيها ولا تزيد على مائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص ملزم بالخدمة الإلزامية خالف أحكام المادة 55 أو لم يخطر منطقة التجنيد بزوال سبب الإعفاء...." ونص في الفقرة الثانية من المادة 74 على أنه " لا تبدأ المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد سن الثانية والأربعين" ونصت المادة 71 فقرة ثالثة على أنه "يجوز إذا كان الشخص لائقا للخدمة بعد أدائه العقوبة - تجنيده فور أدائها بناء على طلب إدارة التجنيد..." وجاء بالمذكرة الإيضاحية الملحقة بالقانون رقم 9 لسنة 1958 في التعليق على المادة 74/ 2 منه ما يأتي "الشخص يكون في شرف الخدمة العسكرية والوطنية لمدة اثنى عشرة سنة منها ثلاث سنوات في الخدمة العسكرية والباقية في الاحتياط باحتساب هذه المدة بالنسبة إلى الشخص الذى يطلب للخدمة العسكرية أو الوطنية قبيل أن يتم الثلاثين من عمره مباشرة أي قبل أن يتم السنة التي لا يجوز أن يطلب بعدها للخدمة العسكرية أو الوطنية فإن مثل هذا الشخص يبقى في الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط حتى يبلغ سن الثانية والأربعين - ولهذا رؤى أن لا تبدأ المدة المقررة لسقوط الحق في إقامة الدعوى على الملزمين بالخدمة الإلزامية إلا من تاريخ بلوغ الفرد هذه السن وهى أقصى سن تنتهى فيها الخدمة العسكرية الفعلية... وذلك حتى يبادر كل من يطلب للخدمة العسكرية أو الوطنية إلى تقديم نفسه وحتى لا يكون الشخص الفار من الخدمة العسكرية في مركز أحسن من هذا الذى يسعى إلى تقديم نفسه قبل انتهاء السن التي لا يجوز أن يطلب فيها للخدمة العسكرية أو الوطنية"، ودلالة عبارات النصوص المتقدمة وما جاء بالمذكرة الإيضاحية تعليقا على تعديل الفقرة الثانية من المادة 74 هي أن جريمة عدم التقدم للجهة الإدارية لترحيل الفرد لأحد مراكز التجنيد هي بحكم القانون جريمة مستمرة استمرارا متجددا يبقى حق رفع الدعوى عنها حتى بلوغ الفرد الملزم بالخدمة سن الثانية والأربعين، وذلك أخذا من جهة بمقومات هذه الجريمة السلبية وهى حالة تتجدد بتداخل إرادة الجاني تداخلا متتابعا، وإيجابا من جهة أخرى للتلازم بين قيام الجريمة وحق رفع الدعوى عنها الذى أطال الشارع مداه، وللمحكمة التشريعية التي وردت في المذكرة الإيضاحية على ما سلف بيانه، ويظل الفرد مرتكبا للجريمة في كل وقت لم يتقدم فيه للتجنيد حتى يبلغ الثانية والأربعين من سنيه، ثم تبدأ في السقوط. وتقع الجريمة تحت طائلة العقاب مادامت حالة الاستمرار قائمة لم تنته. لما كان ذلك، وكان من المقرر قانونا أن التشريع الجديد يسرى على الجريمة المستمرة حتى لو كانت أحكامه أشد مما سبقه لاستمرار ارتكاب الجريمة في ظل الأحكام الجديدة ولا وجه للاحتجاج بقاعدة القانون الأصلح لأن لازم تطبيقها بحسب نص المادة الخامسة من قانون العقوبات أن يكون القانون الجديد أهون في أحكامه مما سبقه وباعتبار القانون الجديد أكثر تحقيقا للعدالة، والقانون رقم 9 لسنة 1958 قد أصدره الشارع وشدد العقوبة فيه واعتبر بنص المادة 55، وبخطابه في المادة 74/ 2 منه الجريمة مستمرة، لما كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون ضده ظل ممتنعا عن تقديم نفسه للجهة المختصة حتى أرسله مركز فاقوس في 8/ 2/ 1959 إلى منطقة التجنيد التابع لها، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف الذى قضى بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات يكون قد أخطأ في تطبيق القانون إذ كان يتعين أن لا تنزل الغرامة عن خمسين جنيها طبقا لما نصت عليه المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 والمعدلة بالقانون رقم 9 لسنة 1958. إلا أنه لما كان قد صدر في 8 من مارس سنة 1960 - بعد صدور الحكم المطعون فيه - القانون رقم 54 لسنة 1960 - مقررا حكمها وقتيا على المادة 71 من القانون السالف الإشارة إليه - فنص في مادته الأولى على أنه "يعفى من تطبيق أحكام المادة 71 من القانون رقم 505 لسنة 1955 المتخلفون من مواليد سنة 1931 إلى سنة 1938 الذين يتقدمون إلى مناطق التجنيد خلال ثلاثة شهور من تاريخ العمل به" وأنه لما كان هذا القانون لا ريب أصلح للمطعون ضده إذا ثبت أنه قد توافر في حقه الشرطان اللذان نص عليهما هذا القانون الأخير، فإن هذه المحكمة قد أمرت بالاستعلام عن ذلك، وقد ورد كتاب منطقة تجنيد التل الكبير المؤرخ 3/ 4/ 1961 يفيد أن المطعون ضده ولد في 20 من مايو سنة 1933 وأنه تقدم لمكتب التجنيد في 10 من أبريل سنة 1960 وفرز "لائق" تحت الطلب - لما كان ما تقدم وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول هذه المحكمة أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد الحكم المطعون فيه قانون يسرى على واقعة الدعوى، وكان قد ثبت فيما تقدم أن المطعون ضده قد استوفى شرطي الإعفاء المنصوص عليهما بالقانون رقم 54 لسنة 1960 وأنه تقدم لمكتب التجنيد في الفترة التي حددها القانون والتي يشملها الإعفاء فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وبراءة المتهم المطعون ضده.


 (1) المبدأ ذاته في الطعن رقم 1489 لسنة 30ق (جلسة 16/ 5/ 1961).

الجمعة، 27 مايو 2022

الطعن 32731 لسنة 85 ق جلسة 31 / 7 / 2017 مكتب فني 68 ق 54 ص 452

جلسة 31 من يوليو سنة 2017
برئاسة السيد القاضي / محمد سامي إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / عابد راشد ، رأفت عباس ، هشام الجندي ووليد عادل نواب رئيس المحكمة .
----------

(54)

الطعن رقم 32731 لسنة 85 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

حكم الإدانة . بياناته ؟ المادة 310 إجراءات .

بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .

عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمة إخفاء أثر متحصل من جريمة سرقة .

(2) آثار . إخفاء أشياء مسروقة . قصد جنائي . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

   العلم في جريمة إخفاء أثر متحصل من جريمة سرقة . مسألة نفسية . لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها . تحدث الحكم عنها صراحة وعلى استقلال . غير لازم . حد ذلك ؟

  الجدل الموضوعي في تقدير الأدلة . غير جائز أمام محكمة النقض .

 (3) تلبس . تفتيش " التفتيش بغير إذن " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . مأمورو الضبط القضائي " سلطاتهم " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " .

لمأمور الضبط القضائي في حالة التلبس بالجناية القبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه . أساس ذلك ؟

  تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . حد ذلك ؟

نعي المتهم الأول ببطلان القبض والتفتيش لعدم شمول الإذن له . غير مجد . ما دام قد ثبت مساهمته في الجريمة بناء على إقرار المتهم الثاني الذي ضبط متلبساً بها .

مثال لرد سائغ على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .

(4) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .

للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . ما دامت قد عرضت على بساط البحث .

عدم بيان مهنة الطاعن . لا يقدح في جدية التحريات .

 (5) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

العبرة في المحاكمات الجنائية . باقتناع القاضي بناءً على الأدلة المطروحة عليه . له أن يستمد اقتناعه من أي دليل . طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق .

تساند الأدلة في المواد الجنائية . مؤداه ؟

مثال .

(6) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

النعي على المحكمة قعودها عن اتخاذ إجراء لم يطلبه منها . غير جائز .

مثال .

 (7) وصف التهمة . محكمة الموضوع " سلطتها في تعديل وصف التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم . لها تعديله . متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم .

تعديل المحكمة وصف التهمة من سرقة أثر مملوك للدولة والإتجار فيه إلى إخفاء أثر متحصل من جناية سرقة . لا يقتضي تنبيه الدفاع . علة ذلك ؟

 (8) عقوبة " تقديرها " .

نعي الطاعن على الحكم مخالفة القانون في شأن قدر العقوبة . غير مقبول . ما دامت العقوبة المقضي بها تدخل في الحدود التي رسمها القانون .

 (9) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها . إغفالها بعض الوقائع أو المستندات . مفاده : اطراحها .

مثال .

 (10) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .

إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم . غير لازم . كفاية إيراد مضمونها . نعيه على المحكمة إسقاطها بعض أقواله . غير مقبول . علة ذلك ؟

(11) إثبات " خبرة " " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من التقرير الفني المحرر بمعرفته . لا يعيبه . ما دامت متفقة مع ما أورده الحكم من التقرير .

مثال .

(12) نقض " المصلحة في الطعن " .

نعي الطاعن على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات . غير مجد . ما دامت الجريمة في حالة تلبس .

(13) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحاً محدداً .

مثال .

(14) غرامة . عقوبة " تطبيقها " . محكمة النقض " سلطتها " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " .

إدانة الطاعن بالغرامة إضافة لعقوبة السجن سبع سنوات في جريمة إخفاء أثر مملوك للدولة . خطأ في تطبيق القانون . يوجب نقضه جزئياً وتصحيحه . أساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله : " وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة تخلص في أنه وعقب قيام ثورة 25 يناير سنة 2011 سادت البلاد فوضى عارمة استغلها كل من ليس له ضمير أو حس وطني ومنهم من سولت له نفسه الاستيلاء على تراث وتاريخ هذا البلد فكان أن اقتحم الغوغاء من المجرمين المتحف المصري الكائن بدائرة قسم .... محافظة .... في يوم 28 من يناير 2011 في غيبة من الشرطة وسرقوا ما طالته أيديهم من آثار طالما تباهت بها مصر على سائر الأمم ، وجلبت العالم كافة لمجرد رؤيتها معروضة في هذا المتحف . ووقع أحد تلك الآثار وهو تمثال لقط فرعوني لمعبودة مصرية قديمة (باستت) والمنتمي للعصور المصرية القديمة المتمثلة في الحقبة التاريخية الممتدة من الأسرة الواحدة والعشرين إلى السادسة والعشرين والمملوك للدولة والمحفوظ ضمن محتويات القسم الثالث (قسم المعبودات) بالحجرة رقم 19 الكائنة بالطابق العلوي بالمتحف المصري دائرة قسم .... في يد المتهمين الأول .... ، والثاني .... وأخفياه رغم علمهما أنه أثر تاريخي ومتحصل من جريمة سرقة من المتحف ، وبدأ المتهم الثاني في الترويج لذلك الأثر بقصد بيعه وتقاسم ثمنه مع المتهم الأول . ووصل نبأ ذلك البيع للضابط .... المقدم بالإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار فأجرى تحرياته السرية التي أكدت له صحة وجود الأثر بحوزة المتهم الثاني والذي يروج لبيعه فتمكن من دفع المقدم .... والذي كان يعمل بشرطة السياحة للقاء المتهم الثاني مستغلاً في ذلك خلقته الشبيهة بالسودانيين والتقى بالمتهم الثاني الذي عرض عليه صورة التمثال المسروق وتفاوض معه في السعر إلى أن اتفقا على مبلغ مليوني دولار أمريكي ثمناً له وحددا موعداً في .... لإتمام عملية البيع . فحرر المقدم .... محضر بتك التحريات عرضها على النيابة العامة في حينه فأذنت له بضبط المتهم الثاني ، ونفاذاً لذلك الإذن تم إعداد مأمورية من بعض الضباط شملت الضابطين سالفي الذكر ، وتوجه الضابط .... إلى مقهى .... دائرة قسم .... محافظة .... وفقاً للموعد المتفق عليه مع المتهم الثاني وحضر ذلك الأخير وبرفقته المتهم الأول ، وأخرج المتهم الثاني من بين ملابسه الأثر المنشود وعرضه على الضابط الذي بادر بالإشارة إلى القوة التي داهمت المتهمين وقبضت عليهما وبحوزة المتهم الثاني ذلك الأثر النفيس ، وباستكمال تفتيشه عثر معه على مطواة حازها بغير مسوغ قانوني أو ضرورة حرفية أو مهنية " وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وأعضاء اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ومما ثبت بتقرير اللجنة ومن اعتراف الطاعن الثاني بالتحقيقات بحيازته للسلاح الأبيض المضبوط . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه . وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم بالقصور يكون لا محل له .

2- لما كان العلم في جريمة إخفاء أثر متحصل من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتتها تفيد بذاتها توفره ، فإن النعي على الحكم بقصوره في التدليل على توافر هذا العلم يكون في غير محله ، ولا يعدو ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع .

3- لما كانت حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي – طبقاً للمادتين 34 ، 46 من قانون الإجراءات الجنائية – أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه ، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصل دفاع الطاعن الأول من دفعه ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه – بعد أن أورد مقرراته القانونية – في قوله : " .. وكان واقع الحال في هذه الدعوى أن القبض على المتهم الثاني لم يتم إلا بعد أن أظهر طواعية واختياراً للضابط التمثال الفرعوني المبلغ بسرقته من المتحف المصري وشاهد الضابط ذلك الأثر والذي يشكل إخفاءه جناية ، فتم القبض على المتهم الثاني والذي دل على أن المتهم الأول هو الذي أحضر ذلك الأثر ، ولما كان التلبس صفة متعلقة بالجريمة ذاتها بصرف النظر عن المتهم فيها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة ، وكانت مساهمة المتهم الأول في هذه الجريمة قد ثبتت لمأمور الضبط من إقرار المتهم الثاني بذلك على إثر ضبطه في تلك الجريمة المتلبس بها . لما كان ذلك ، فإن ما يعيبه المتهمان على إجراءات القبض والتفتيش عليهما بدعوى عدم جدية التحريات أو قصورها أو صدورها عن جريمة مستقبلة أو عدم شمول الإذن الصادر من النيابة العامة للمتهم الأول يكون بلا جدوى تطرحه المحكمة " وهو رد كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص يكون غير سديد .

4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان عدم بيان مهنة الطاعن لا يقدح بذاته في عدم جدية التحري ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن يكون غير سديد .

5- من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . لما كان ما تقدم ، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة والقرائن التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعن من إخفاءه أثر متحصل من جريمة سرقة ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً.

6- لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة – كما ذهب في طعنه – استدعاء عامل المتحف المصري لسؤاله أو تفريغ كاميرات المراقبة ، فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذ إجراء لم يطلبه منها .

7- لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله ، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المرفوعة بها الدعوى تتضمن اتصال الطاعنين بالأثر المسروق مع علمهما بسرقته ، وكانت المحكمة فيما ذهبت إليه قد أقامت حكمها على الواقعة المادية ذاتها التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى – وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان – فإن التعديل الذي أجرته المحكمة في وصف التهمة حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة متحصل من جريمة سرقة لا يعطي للطاعنين حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه الطاعن أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت واقعة السرقة تتضمن واقعة الإخفاء ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .

8- لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يقض بمعاقبة الطاعن بعقوبة السجن المشدد – على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه – وإنما أوقع عليه عقوبة السجن لمدة سبع سنوات وهي عقوبة تدخل في الحدود التي رسمها القانون وفقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار ، ومن ثم فإن الحكم يكون برئ من قالة مخالفة القانون في شأن قدر العقوبة المقيدة للحرية .

9- من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعضها ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى الأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار قطاع المتاحف وأقوال أعضاء تلك اللجنة ومن اعترافه بالتحقيقات بإحرازه سلاح أبيض بغير ترخيص ، فإنه لا يعيبه - من بعد – إغفاله الإشارة إلى أقوال كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ما دام أنها لم تكن ذات أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ويكون ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الشأن غير سديد .

10- من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من إغفاله تحصيل بعض أقوال الشاهد الضابط .... على النحو الذي يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل .

11- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من التقرير الفني المحرر بمعرفته ما دامت أقواله متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من ذلك التقرير الذي استند إليه ، وكان الطاعن الثاني لا يماري في أن أقوال الشهود – أعضاء اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار – متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من التقرير الذي أحال إليه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله .

12- لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه – مما لم ينازع فيه الطاعن الثاني – أن الضابط .... لم يقم بالقبض على الطاعن إلا بعد أن أخرج للشاهد الثاني من بين طيات ملابسه الأثر المضبوط وعرضه عليه ، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة في ذلك ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الثاني في شأن قصور الحكم في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات . هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لذلك الدفع واطرحه برد سائغ .

13- من المقرر أنه ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً فيه ما يرمي إليه الطاعن ، وكان الطاعن الثاني لم يبين بوجه طعنه ماهية الدفاع والدفوع التي أثارها بمحضر الجلسة ولم ترد عليها المحكمة ، فإن نعيه على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول .

14- لما كانت العقوبة المقررة لجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة عملاً بالمادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 هي السجن لمدة لا تزيد على سبع سنين . ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به على الطاعنين من عقوبة الغرامة ، وهي عقوبة لم ينص عليها القانون المنطبق على واقعة الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها على الطاعنين ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1- .... 2- .... " طاعنان " 3- .... 4- .... 5- .... بأنهم :

أولاً : المتهم الأول : سرق الأثر المبين وصفاً وقيمة بالأوراق (تمثال أثري لقط فرعوني لمعبودة مصرية قديمة باستت) والمنتمي للعصور المصرية القديمة المتمثلة في الحقبة التاريخية الممتدة من الأسرة الواحدة والعشرين إلى السادسة والعشرين) والمملوك لجمهورية مصر العربية والمحفوظ ضمن محتويات القسم الثالث (قسم المعبودات) بالحجرة رقم 19 الكائنة بالطابق العلوي بالمتحف المصري دائرة قسم .... بأن تمكن من الدلوف إلى داخل المتحف آنف البيان أثناء اندلاع أحداث يوم 28/1/2011 مستغلاً وطأة الانقلاب الأمني الحادث بربوع البلاد مستولياً عليه . ثانياً : المتهمون من الثاني حتى الخامس : أخفوا الأثر الفرعوني (تمثال أثري لقط فرعوني لمعبودة مصرية قديمة باستت) والمتحصل عليه من جريمة السرقة موضوع الاتهام الأول بأن قام المتهم الأول بإعلام المتهم الثالث بحيازته له سائلاً إياه إمداد يد العون لترويجه وقام الأخير بإخبار المتهم الثاني تحت ستار ما يربطهما من أواصر القرابة وأعقب ذلك قيام المتهم الثالث بإخبار المتهمين الرابع والخامس بإخفائهما لتلك القطعة الأثرية وانتواء قصدهم لبيعها فاتفقوا فيما بينهم على لقاء المتهم الأول لإتمام المشروع الإجرامي المتمثل في بيع تلك القطعة الأثرية وتحديد دور كل منهم مع علمهم جميعاً بكونها متحصلة من جريمة السرقة وتسليم المتهم الأول القطعة الأثرية للمتهم الثاني صبيحة يوم حدوث الواقعة لبيعها وضبطها بحوزته وضبط باقي المتهمين على النحو المبين بالتحقيقات . ثالثاً : المتهمون من الأول حتى الخامس : اتجروا في الأثر موضوع الاتهامين السابقين بأن اتفقوا فيما بينهم على قيام المتهمين الثاني والرابع للقاء العميل الشاهد الثاني بأحد المقاهي بمحافظة .... (دائرة قسم ....) للتفاوض فيما بينهم على بيع التمثال الفرعوني نظير مبلغ مالي وقدره (مليوني دولار أمريكي) وما إن نال ثقتهم الأخير حتى أتموا تحديد ميعاد التسليم بمقهى .... الكائن بدائرة قسم .... بمحافظة .... بتاريخ .... وبظهيرة ذلك اليوم تقابل المتهمان الأول والثاني مع الشاهد الثاني محرزاً المتهم الثاني التمثال الأثري بينما تواجد المتهمون الثالث والرابع والخامس خارج المقهى لمراقبة المارة وتأمين عملية البيع وضبطهم جميعاً والجريمة متلبس بها . رابعاً : المتهم الثاني : أحرز سلاحاً أبيض " مطواة " دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية .

وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمـــة المذكورة قضت عملاً بالمادة 44 مكرراً من قانون العقوبات ، والمادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدل ، والمادة 25 مكرراً من القانـون رقم 394 لسنة 1954 والبند رقم "5" من الجدول الأول المرافق للقانون أولاً : بمعاقبة كل من .... ، .... بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه عما نسب إليه بالتهمة الأولى ، وبحبس الثاني ثلاثة أشهر وتغريمه مائة جنيه عما نسب إليه بالتهمة الأخيرة وألزمتهما بالمصاريف الجنائية ، وبمصادرة الأثر المضبوط لصالح المجلس الأعلى للآثار ومصادرة السلاح المضبوط ، وبراءتهما من باقي ما أسند إليهما . ثانياً : ببراءة كل من .... ، .... ، .... مما أسند إليهم ، وذلك بعد أن عدلت المحكمة وصف التهمة الأولى المسندة إلى الطاعنين بجعلها:

أخفيا قطعة أثرية عبارة عن تمثال من البرونز يمثل المعبودة المصرية القديمة " باستت " على هيئة قط مصري قديم ، من مقتنيات المتحف المصري ومن ضمن القطع المبلغ عن سرقتها من المتحف في يوم 28/1/2011 مع علمهما بأنها متحصلة من جناية السرقة المنصوص عليها بالمادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن إصدار قانون حماية الآثار المعدل .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمـة

حيث إن حاصل أوجه الطعن في تقريري الأسباب هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة ومتحصل من جناية سرقة ودان الطاعن الثاني أيضاً بجريمة إحراز سلاح أبيض بغير ترخيص ، قد شابه قصور في التسبيب ، وفساد في الاستدلال ، وإخلال بحق الدفاع ، وخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات عامة مجملة خلت من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجريمة وظروفها ومؤدى أدلة الإدانة التي عول عليها في قضائه ، ولم يستظهر ركن العلم في جريمة إخفاء أثر التي دان الطاعنين بها . ويضيف الطاعن الأول بأن الحكم التفت عن دفاعه القائم على بطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس ولعدم اشتمال الإذن الصادر من النيابة العامة على ضبطه ، واستند إلى تحريات الشرطة رغم أنها أجريت في وقت لاحق على واقعة الضبط وبالرغم من عدم توصلها إلى مهنته ، كما أن المحكمة لم تحفل بأن تأتي بشواهد وأدلة تؤدي إلى توافر الجريمة المسندة إليه وأن ما استدل به الحكم من أدلة لا يوفر قيامها في حقه ، ولم تجبه إلى طلبه باستدعاء عامل المتحف المصري وسماع أقواله وتفريغ أشرطة كاميرات المراقبة ، وعدلت وصف التهمة من سرقة أثر مملوك للدولة – التي كانت موجهة إليه أصلاً – إلى إخفاء أثر متحصل من جريمة سرقة دون لفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل ليجري دفاعه على أساسه . كما أن الحكم قضى بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة سبع سنوات وهي عقوبة تجاوز الحد الأقصى المقرر للجريمة التي دانه بها . كما يزيد الطاعن الثاني بأن الحكم لم يورد أقوال .... ، .... ، .... ، وأقوال الضابط .... ، .... ، .... باعتبارها من أدلة لدعوى ، وأغفل في تحصيله لأقوال الضابط .... ما قرره بالتحقيقات من أنه وحال مراقبته للطاعنين لم يكن بحوزتهما الأثر المضبوط ، وعول على أقوال .... ، .... ، .... – أعضاء اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار – ولم يورد مؤداها واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما ورد بالتقرير المحرر بمعرفتهم ، واطرح دفعه ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات برد قاصر غير سائغ ، كما أن المحكمة لم ترد على دفاعه ودفوعه المثبتة بمحضر الجلسة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بقوله : " وحيث إن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة تخلص في أنه وعقب قيام ثورة 25 يناير سنة 2011 سادت البلاد فوضى عارمة استغلها كل من ليس له ضمير أو حس وطني ومنهم من سولت له نفسه الاستيلاء على تراث وتاريخ هذا البلد فكان أن اقتحم الغوغاء من المجرمين المتحف المصري الكائن بدائرة قسم .... محافظة .... في يوم 28 من يناير 2011 في غيبة من الشرطة وسرقوا ما طالته أيديهم من آثار طالما تباهت بها مصر على سائر الأمم ، وجلبت العالم كافة لمجرد رؤيتها معروضة في هذا المتحف . ووقع أحد تلك الآثار وهو تمثال لقط فرعوني لمعبودة مصرية قديمة (باستت) والمنتمي للعصور المصرية القديمة المتمثلة في الحقبة التاريخية الممتدة من الأسرة الواحدة والعشرين إلى السادسة والعشرين والمملوك للدولة والمحفوظ ضمن محتويات القسم الثالث (قسم المعبودات) بالحجرة رقم 19 الكائنة بالطابق العلوي بالمتحف المصري دائرة قسم .... في يد المتهمين الأول .... ، والثاني .... وأخفياه رغم علمهما أنه أثر تاريخي ومتحصل من جريمة سرقة من المتحف ، وبدأ المتهم الثاني في الترويج لذلك الأثر بقصد بيعه وتقاسم ثمنه مع المتهم الأول . ووصل نبأ ذلك البيع للضابط .... المقدم بالإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار فأجرى تحرياته السرية التي أكدت له صحة وجود الأثر بحوزة المتهم الثاني والذي يروج لبيعه فتمكن من دفع المقدم .... والذي كان يعمل بشرطة السياحة للقاء المتهم الثاني مستغلاً في ذلك خلقته الشبيهة بالسودانيين والتقى بالمتهم الثاني الذي عرض عليه صورة التمثال المسروق وتفاوض معه في السعر إلى أن اتفقا على مبلغ مليوني دولار أمريكي ثمناً له وحددا موعداً في .... لإتمام عملية البيع . فحرر المقدم .... محضر بتك التحريات عرضها على النيابة العامة في حينه فأذنت له بضبط المتهم الثاني ، ونفاذاً لذلك الإذن تم إعداد مأمورية من بعض الضباط شملت الضابطين سالفي الذكر ، وتوجه الضابط .... إلى مقهى .... دائرة قسم .... محافظة .... وفقاً للموعد المتفق عليه مع المتهم الثاني وحضر ذلك الأخير وبرفقته المتهم الأول ، وأخرج المتهم الثاني من بين ملابسه الأثر المنشود وعرضه على الضابط الذي بادر بالإشارة إلى القوة التي داهمت المتهمين وقبضت عليهما وبحوزة المتهم الثاني ذلك الأثر النفيس ، وباستكمال تفتيشه عثر معه على مطواة حازها بغير مسوغ قانوني أو ضرورة حرفية أو مهنية " وساق الحكم للتدليل على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وأعضاء اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار ومما ثبت بتقرير اللجنة ومن اعتراف الطاعن الثاني بالتحقيقات بحيازته للسلاح الأبيض المضبوط . لما كان ذلك ، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منه . وكان يبين مما سطره الحكم أنه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة . وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعنين على الحكم بالقصور يكون لا محل له . لما كان ذلك ، وكان العلم في جريمة إخفاء أثر متحصل من جريمة سرقة مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتتها تفيد بذاتها توفره ، فإن النعي على الحكم بقصوره في التدليل على توافر هذا العلم يكون في غير محله ، ولا يعدو ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكانت حالة التلبس بالجناية تبيح لمأمور الضبط القضائي – طبقاً للمادتين 34 ، 46 من قانون الإجراءات الجنائية – أن يقبض على المتهم الحاضر الذي توجد دلائل كافية على اتهامه وأن يفتشه ، وتقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحت التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد صورة الواقعة حصل دفاع الطاعن الأول من دفعه ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه – بعد أن أورد مقرراته القانونية – في قوله : " .. وكان واقع الحال في هذه الدعوى أن القبض على المتهم الثاني لم يتم إلا بعد أن أظهر طواعية واختياراً للضابط التمثال الفرعوني المبلغ بسرقته من المتحف المصري وشاهد الضابط ذلك الأثر والذي يشكل إخفاءه جناية ، فتم القبض على المتهم الثاني والذي دل على أن المتهم الأول هو الذي أحضر ذلك الأثر ، ولما كان التلبس صفة متعلقة بالجريمة ذاتها بصرف النظر عن المتهم فيها مما يبيح لرجل الضبط القضائي الذي شاهد وقوعها أن يقبض على كل من يقوم دليل على مساهمته فيها وأن يجري تفتيشه بغير إذن من النيابة العامة ، وكانت مساهمة المتهم الأول في هذه الجريمة قد ثبتت لمأمور الضبط من إقرار المتهم الثاني بذلك على إثر ضبطه في تلك الجريمة المتلبس بها . لما كان ذلك ، فإن ما يعيبه المتهمان على إجراءات القبض والتفتيش عليهما بدعوى عدم جدية التحريات أو قصورها أو صدورها عن جريمة مستقبلة أو عدم شمول الإذن الصادر من النيابة العامة للمتهم الأول يكون بلا جدوى تطرحه المحكمة " وهو رد كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، وكان عدم بيان مهنة الطاعن لا يقدح بذاته في عدم جدية التحري ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الشأن يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته ، وله أن يستمد اقتناعه من أي دليل يطمئن إليه طالما له مأخذه الصحيح من الأوراق ، ولا يشترط أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ، ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ، ولا ينظر إلى كل دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة ، بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه . لما كان ما تقدم ، وكان جميع ما تساند إليه الحكم من الأدلة والقرائن التي أخذت بها المحكمة واطمأنت إليها من شأنها مجتمعة أن تحقق ما رتبه عليها من استدلال على صحة ما نسب إلى الطاعن من إخفاءه أثر متحصل من جريمة سرقة ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول لم يطلب إلى المحكمة – كما ذهب في طعنه – استدعاء عامل المتحف المصري لسؤاله أو تفريغ كاميرات المراقبة ، فليس له من بعد أن يعيب على المحكمة عدم اتخاذ إجراء لم يطلبه منها . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم ، لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله ، متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى أنه الوصف القانوني السليم ، ولما كانت الواقعة المرفوعة بها الدعوى تتضمن اتصال الطاعنين بالأثر المسروق مع علمهما بسرقته ، وكانت المحكمة فيما ذهبت إليه قد أقامت حكمها على الواقعة المادية ذاتها التي شملها التحقيق ورفعت بها الدعوى – وهو ما لم ينازع فيه الطاعنان – فإن التعديل الذي أجرته المحكمة في وصف التهمة حين اعتبرت الطاعنين مرتكبين لجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة متحصل من جريمة سرقة لا يعطي للطاعنين حقاً في إثارة دعوى الإخلال بحق الدفاع إذ إن المحكمة لا تلتزم في مثل هذه الحالة بتنبيه الطاعن أو المدافع عنه إلى ما أجرته من تعديل في الوصف ما دامت واقعة السرقة تتضمن واقعة الإخفاء ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يقض بمعاقبة الطاعن بعقوبة السجن المشدد – على خلاف ما يذهب إليه بأسباب طعنه – وإنما أوقع عليه عقوبة السجن لمدة سبع سنوات وهي عقوبة تدخل في الحدود التي رسمها القانون وفقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار ، ومن ثم فإن الحكم يكون برئ من قالة مخالفة القانون في شأن قدر العقوبة المقيدة للحرية . لما كان ذلك ، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وأن في إغفالها بعضها ما يفيد ضمناً اطراحها لها واطمئنانها إلى الأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها ، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار قطاع المتاحف وأقوال أعضاء تلك اللجنة ومن اعترافه بالتحقيقات بإحرازه سلاح أبيض بغير ترخيص ، فإنه لا يعيبه - من بعد – إغفاله الإشارة إلى أقوال كل من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، .... ما دام أنها لم تكن ذات أثر في تكوين عقيدة المحكمة ، ويكون ما ينعاه الطاعن الثاني في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها ، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها اطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم من إغفاله تحصيل بعض أقوال الشاهد الضابط .... على النحو الذي يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من التقرير الفني المحرر بمعرفته ما دامت أقواله متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من ذلك التقرير الذي استند إليه ، وكان الطاعن الثاني لا يماري في أن أقوال الشهود – أعضاء اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار – متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من التقرير الذي أحال إليه ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه – مما لم ينازع فيه الطاعن الثاني – أن الضابط .... لم يقم بالقبض على الطاعن إلا بعد أن أخرج للشاهد الثاني من بين طيات ملابسه الأثر المضبوط وعرضه عليه ، مما تعتبر به الجريمة في حالة تلبس تبيح للضابط القبض عليه وتفتيشه دون إذن من النيابة العامة في ذلك ، فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الثاني في شأن قصور الحكم في الرد على الدفع ببطلان إذن النيابة بالقبض عليه وتفتيشه لعدم جدية التحريات . هذا فضلاً عن أن الحكم قد عرض لذلك الدفع واطرحه برد سائغ . لما كان ذلك ، وكان ينبغي لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً مبيناً فيه ما يرمي إليه الطاعن ، وكان الطاعن الثاني لم يبين بوجه طعنه ماهية الدفاع والدفوع التي أثارها بمحضر الجلسة ولم ترد عليها المحكمة ، فإن نعيه على الحكم في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً . لما كان ذلك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة إخفاء أثر مملوك للدولة عملاً بالمادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدلة بالقانون رقم 3 لسنة 2010 هي السجن لمدة لا تزيد على سبع سنين . ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بمعاقبة الطاعنين بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريم كل منهما مائة ألف جنيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به على الطاعنين من عقوبة الغرامة ، وهي عقوبة لم ينص عليها القانون المنطبق على واقعة الدعوى ، ومن ثم فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبة الغرامة المقضي بها على الطاعنين ورفض الطعن فيما عدا ذلك ، عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من القانون رقم 57 لسنة1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولو لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ