الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 سبتمبر 2014

الطعن 22218 لسنة 71 ق جلسة 3 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 63 ص 355

جلسة 3 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مجدي الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جابري، أحمد جمال الدين عبد اللطيف، فريد عوض على عوض وسعيد فنجرى. نواب رئيس المحكمة

--------------

(63)
الطعن رقم 22218 لسنة 71 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. استخلاص حصوله. موضوعي. ما دام سائغًا.
(2) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
التمسك بالورقة المزورة. لا تقوم به جريمة استعمال المحرر المزور. وجوب ثبوت علم من استعملها بأنها مزورة.
(3) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد تمسك المتهم بالمحرر المزور وكونه صاحب المصلحة فيه. غير كاف لثبوت ارتكاب التزوير والعلم به. ما دام ينكر ارتكابه ويجحد علمه به.
إغفال الحكم التدليل على اشتراك الطاعنين في ارتكاب التزوير. قصور.
(4) تزوير. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
اعتبار الحكم الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته إلى اعتبارهما شريكين مع مجهول في تزوير المحرر دون بيان عناصر الاشتراك وطريقته والأدلة عليه. تناقض وقصور.

---------------
1 - من المقرر أنه ولئن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفره اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
2 - من المقرر أيضًا لا قيام لجريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفى مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل.
3 - لما كان الحكم وقد دام الطاعنين بتهمة الاشتراك في التزوير واستعمال الطاعن الثاني لمحررات مزورة لم يستظهر في حق الطاعنين قيام أية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات وكون الطاعن الأول صاحب المصلحة في التزوير لا يكفي بذاته في ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به - كالحال في هذه الدعوى كما وأنه لا يكفي أن يكون الطاعن الثاني هو الذي قدم العقد المزور إلى الجهات التي قدمها لها لأنه ليس من شأنها ذلك حتما أن تتوفر به جريمة استعمال المحرر المزور مع العلم بتزويره ما دام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعنين قد اشتركا في ارتكاب تزوير المحرر فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور.
4 - لما كان ما أورده الحكم من اعتبار الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته من بعد إلى اعتبارهما شريكين مع مجهول في تزوير المحرر العرفي دون أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها إنما يفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقره في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يتعذر معه بالتالي على محكمة النقض تبين الأساس الذي بنت عليه المحكمة عقيدتها في الدعوى فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب فضلاً عن التناقض والفساد مما يتعين معه نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين في قضية الجناية بأنهما: - أولاً: - اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظفة عمومية حسنة النية هي....... "مأمورية ضرائب" في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو الملف الضريبي رقم..... حال تحريره المختصة بوظيفتها وذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها بأن اصطنعا عقد إيجار بين المتهم الأول والشاهد الثاني للحانوت رقم..... وقدمه المتهم الثاني للموظفة العمومية سالفة الذكر والتي أضافت ذلك الحانوت على الملف الضريبي المذكور فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثانيًا: - اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هي...... الموظفة بالغرفة التجارية في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو الترخيص رقم حال تحريره المختصة بوظيفتها وذلك بأن اصطنعا عقد إيجار مزور على النحو السالف بيانه وقام المتهم الثاني بتقديمه رفقة الملف الضريبي المزور موضوع التهمة الأولى إلى الموظفة المذكورة والتي قامت بتحرير الترخيص فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثًا: - اشتركا بطريق الاتفاق فيما بينهما وبطريق المساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو....." الموظف بسجل تجاري...... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو السجل رقم...... حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزوير بأن استحصلا على الترخيص المزور موضوع التهمة الثانية وقام المتهم الثاني بتقديمه إلى الموظف المذكور والذي أضاف ذلك للسجل التجاري فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. رابعًا: - ارتكبا تزويرًا في محرر عرفي هو عقد إيجار الحانوت رقم........ وكان ذلك باصطناعه ووضع إمضاء عليه نسباه زورًا إلى الشاهد الثاني على خلاف الحقيقة واستعمله المتهم الثاني بأن تقدم به إلى مأمورية ضرائب..... والغرفة التجارية...... المتهم الثاني: - استعمل المحررات المزورة موضوع التهمتين الأولى والثانية مع علمه بتزويرها بأن تقدم بالمحرر الأول إلى الغرفة التجارية.... كما تقدم بالمحرر الثاني إلى سجل تجارى.... على النحو المبين بالتحقيقات. وإحالتهما إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجنى عليه مدنيًا قبل المتهمين بمبلغ آلفان وواحد جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا..... عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 211، 213، 214، 215 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ آلفان وواحد جنيهًا على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/....... المحامي عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض..... الخ.


المحكمة

وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وعرفية واستعمال الطاعن الثاني لتلك المحررات قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً سائغًا على إسهامهما في التزوير بأي فعل من أفعال الاشتراك وأتخذ من مجرد كون الطاعن الأول صاحب المصلحة دليلاً على التزوير وأفترض علم الطاعن الثاني بأن المحرر الذي استعمله كان مزورًا لمجرد تقديمه المحرر الأول للغرفة التجارية والمحرر الثاني لمكتب السجل التجاري.....، وأوردت المحكمة في مدوناتها أن الطاعنين فاعلين أصلين لجريمة التزوير في محرر عرفي (عقد الإيجار) غير أنها انتهت إلى أنهما اشتركا مع مجهول في تزوير محرر عرفي مما مفاده أنها اعتبرتهما شريكين في التزوير وليسا فاعلين أصلين دون أن تستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن تبين الأدلة الدالة على ذلك مما يدل على اختلال فكرة الحكم عن الواقعة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المجني عليه يستأجر الحانوت رقم....... وأنه تعاقد مع الطاعن الأول على إدارة وتشغيل ذلك المحل إلا أن ذلك الطاعن اصطنع والطاعن الثاني أثناء سفر المجنى عليه للخارج عقد إيجار نسباه له زورًا ليصبح بمقتضاه الطاعن الأول مستأجرًا لذلك المحل واستعمل الطاعن الثاني ذلك العقد بتقديمه لموظفة حسنة النية هي مأمورة ضرائب..... وحصل بمقتضاه على الملف الضريبي رقم ..... كما تقدم بذلك العقد لموظفة عمومية حسنه النية بالغرفة التجارية..... وحصل بمقتضاه على الترخيص رقم........ وقدم أيضًا ذلك العقد لموظف عمومي حسن النية بسجل تجاري ..... فحصل بمقتضاه على السجل التجاري رقم.... حال كونه يعلم بأن المحرر الذي استعمله مزورًا. ثم خلص الحكم إلى إدانة الطاعنين في قوله "..... وأن المتهم الأول ووكيله المتهم الثاني عندما ضاقت بهما السبل في استخراج بطاقة ضريبية وسجل تجارى وترخيص للمحل بموجب عقد الإدارة والتشغيل قاما باصطناع عقد إيجار بين المتهم الأول والمجنى عليه وتقدم به المتهم الثاني بصفته وكيلاً عن المتهم الأول مع علمه بأن صاحب المصلحة في ذلك هو المتهم الأول وأن العقد مزور على المجنى عليه إلى جهات رسمية هي مأمورية ضرائب...... والغرفة التجارية..... والسجل التجاري...... وبناء على العقد المزور الذي تقدم به المتهم الثاني إلى هذه الجهات صدر ملف ضريبي رقم........ - وترخيص للمحل موضوع العقد المزور تحت رقم...... وأيضًا سجل تجارى رقم..... وقد أطلعت موظفة الغرفة التجارية على أصل العقد المزور والمقدم من المتهم الثاني وأرفقت صورته وردت له الأصل بعد الاطلاع عليه وبذلك اكتملت جناية التزوير وتوافرت أركانها في حق المتهم الأول باعتباره صاحب مصلحة في ذلك وإنشاء شركة توصية بسيطة مقرها المحل ...... المستأجر للمجنى عليه وكثره القضايا المقامة من المتهم الأول ضد المجني عليه واتهمه فيها بالتبديد على أنه وكيل بالأجر وقضى فيها ببراءته مما يقطع بسوء نية المتهم الأول والإضرار بالمجنى عليه وأقل ذلك أن المالك الأصلي يمكنه طرده من المحل ومما يقطع بأن المتهم الثاني أيضًا عالم بتزوير العقد الذي تقدم به إلى الجهات المذكورة سالفًا أنه على علم بكل نزاع نشأ بين المتهم الأول والمجنى عليه ورغم ذلك تمادى في اتخاذ الإجراءات على النحو المبين بالتحقيقات فإن ذلك يكشف عن سوء نيتهما وبذلك يتوافر أركان جريمة التزوير والاستعمال في حق المتهمين". لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ولئن كان الاشتراك في جرائم التزوير يتم غالبا دون مظاهر خارجية وأعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه إلا أنه يجب على المحكمة وهى تقرر حصوله أن تستخلص من ظروف الدعوى وملابساتها ما يوفر اعتقادًا سائغًا تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم. وكان من المقرر أيضًا لا قيام لجريمة استعمال الورقة المزورة إلا بثبوت علم من استعملها بأنها مزورة ولا يكفي مجرد التمسك بها أمام الجهة التي قدمت لها ما دام لم يثبت أنه هو الذي قام بتزويرها أو شارك في هذا الفعل. لما كان ذلك وكان الحكم وقد دام الطاعنين بتهمة الاشتراك في التزوير واستعمال الطاعن الثاني لمحررات مزورة لم يستظهر في حق الطاعنين قيام أية صورة من صور الاشتراك المنصوص عليها في المادة 40 من قانون العقوبات وكون الطاعن الأول صاحب المصلحة في التزوير لا يكفى بذاته في ثبوت اقترافه التزوير أو اشتراكه فيه والعلم به ما دام ينكر ارتكابه له ويجحد علمه به - كالحال في هذه الدعوى - كما وأنه لا يكفى أن يكون الطاعن الثاني هو الذي قدم العقد المزور إلى الجهات التي قدمها لها لأنه ليس من شأن ذلك حتمًا أن تتوفر به جريمة استعمال المحرر المزور مع العلم بتزويره ما دام الحاصل أن الحكم لم يقم الدليل على أن الطاعنين قد اشتركا في ارتكاب تزوير المحرر فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم من اعتبار الطاعنين فاعلين أصليين ثم عودته من بعد إلى اعتبارهما شريكين مع مجهول في تزوير المحرر العرفي دون أن يستظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وأن يبين الأدلة الدالة على ذلك بيانًا يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها إنما يفصح عن أن الواقعة وعناصرها لم تكن مستقرة في ذهن المحكمة الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة الأمر الذي يتعذر معه بالتالي على محكمة النقض تبين الأساس الذي بنت عليه المحكمة عقيدتها في الدعوى فإن الحكم يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب فضلاً عن التناقض والفساد مما يتعين معه نقضه والإعادة.

الطعن 636 لسنة 71 ق جلسة 3 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 62 ص 346

جلسة 3 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، أنس عمارة، فرغلي زناتي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(62)
الطعن رقم 636 لسنة 71 القضائية

(1) حكم "وصف الحكم". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
العبرة في وصف الحكم. هي بحقيقة الواقع.
حضور وكيل عن المتهم في جنحة يجوز فيها الحبس أمام محكمة الجنايات. في حقيقته حكمًا غيابيًا ولو وصف بأنه حضوري. علة ذلك؟
الحكم الصادر غيابيًا من محكمة الجنايات في جنحة. يقبل المعارضة. المادة 397 إجراءات. أثر ذلك. عدم جواز الطعن بالنقض فيه.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم الأسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) استيلاء على أموال أميرية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب" "ما يعيبه في نطاق التدليل". ارتباط. نقض "أثر الطعن" "أسباب الطعن. ما يقبل منها"
جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال للدولة. عمدية. تقع بانصراف نية الجاني وقت ارتكاب فعل التسهيل إلى نية تملكه بغير حق للغير وتضييعه على ربه.
التحدث عن ذلك القصد. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل على قيامه. مجرد الحديث عن الأفعال المادية دون التدليل على توافر ذلك القصد الخاص. قصور. نقض الحكم في تهمة. يوجب نقضه في التهمة المرتبطة.
عدم امتداد أثر الطعن للمحكوم عليه غيابيًا. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كانت العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه. لما كان ذلك وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت ضد المحكوم عليه السابع -...... - بجريمة الجنحة المنصوص عليها في المادة 116 مكررًا (أ) من قانون العقوبات وأحيلت إلى محكمة الجنايات لارتباطها بجناية وقد دانه الحكم المطعون فيه بهذه الجريمة وهي من الجرائم التي يجوز فيها الحبس فلا يجوز للمتهم بها أن ينيب عنه وكيلاً للدفاع عنه، بل يجب أن يحضر بنفسه طبقًا للمادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه المذكور لم يحضر بنفسه جلسات المرافعة بل حضر عنه وكيله فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكمًا غيابيًا ولو وصفته المحكمة بأنه حضوري. ولما كانت المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا غاب متهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر منها قابلاً للمعارضة" وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح، كما تقضى المادة 32 من القانون ذاته بعدم قبول الطعن بالنقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزًا، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابيًا ولم يعلن بعد للمحكوم عليه المذكور ولم يعارض فيه لأن الإعلان هو الذي يفتح باب المعارضة - وذلك على ما أفصحت عنه مذكرة نيابة النقض المرفقة - فإن باب المعارضة فيه لما يزال مفتوحًا ومن ثم فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه...... يكون غير جائز.
2 - لما كان المحكوم عليه الرابع...... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به. وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه المذكور يكون غير مقبول شكلاً.
3 - لما كانت جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات هي جريمة عمدية تتطلب قصدًا جنائيًا خاصًا ولا تقع إلا إذا انصرفت نية الجاني وقت ارتكاب فعل التسهيل إلى نية تمليكه بغير حق للغير وتضييعه على ربه ولا يكفي لبيان هذا القصد أن يثبت الحكم مقارفة الجاني للفعل المادي المكون لهذه الجريمة ما لم يثبت أنه كان مصحوبًا بهذه النية عن علم وإرادة، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يكفي في الدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده بيانًا لواقعة الدعوى وتحصيلاً لأدلتها أو ما استدل به على توافر أركان هذه الجريمة لا يكفي لتوافر القصد الجنائي فيها إذ لا يعدو أن يكون حديثًا عن الأفعال التي قارفها الطاعنون دون أن يدلل على أن ارتكابهم تلك الأفعال كانت مصحوبة بنية تسهيل الاستيلاء على أرض الدولة وتضييعها عليها ومن ثم فإنه يكون قاصرًا في استظهار القصد الجنائي في هذه الجريمة على النحو المعرف به في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه في هذه الجريمة وجريمة الإضرار العمدي المرتبطة بها بما يمتد به أثره للطاعنين جميعًا بما فيهم الطاعن الرابع الذي لم يقبل طعنه شكلاً. دون الطاعن السابع الذي صدر الحكم بالنسبة له غيابيًا وقابلاً للمعارضة ولا يجوز له أصلاً حق الطعن في الحكم فيه. لا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بوصف أنهم أولاً: المتهمون الثلاثة الأول: بصفتهم موظفين عموميين الأول عضو فني والثاني مراجع بمأمورية الشهر العقاري والتوثيق.... والثالث (متوفى) المشرف على المكتب الهندسي للمساحة التابع لذات المأمورية سهلوا للمتهم السابع الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على الأطيان الكائنة بناحية ...... والبالغ مساحتها واحد وعشرون فدانًا وعشرة قراريط وسبعة عشر سنتيمترًا والمملوكة للدولة والبالغ قيمتها عام 1986 بمبلغ عشرة آلاف وأربعمائة وستة وثلاثون جنيهًا ومائة وأربعين قرشًا وكان ذلك بأن نقلوا ملكيتها باسمه بالعقدين المشهرين برقمي ..... على الرغم من عدم وجود تصرف نهائي من الجهة المنوط بها التصرف وبالمخالفة للإجراءات المتبعة ونظام العمل على النحو المبين بالتحقيقات.
ثانيًا: المتهمان الرابع والخامس: بصفتيهما موظفين عموميين الأول المشرف على إدارة الأملاك بمحافظة..... والثاني مدير ذات الإدارة أضرا عمدًا بأموال ومصالح جهة عملهما ضررًا جسيمًا بأن أصدرا خطابًا مؤرخًا في...... لرئيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق ..... يتضمن عدم ممانعة المحافظة في تصرف المتهم السابع في المسطح المبين بوصف التهمة الأولى وذلك بالمحافظة للإجراءات ونظام العمل مما مكنه من بيعها للغير وقبض ثمنها البالغ مليونا وسبعمائة واثنين ألفا وسبعمائة جنيه على النحو المبين بالتحقيقات.
ثالثًا: المتهمان السادس والسابع: اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأول في ارتكاب الجريمة موضوع البند أولاً بأن اتفقا معهم على ارتكابها وساعداهم بأن أمداهم بالمستندات والبيانات المتبعة بالعقدين المسجلين سالفي البيان وقاما بالتوقيع على محاضر التصديق وكافة الأوراق اللازمة لإشهارهما فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. رابعًا: المتهم السابع: اشترك بطريق الاتفاق والمساعدة مع المتهمين الرابع والخامس في ارتكاب الجريمة موضوع البند ثانيًا بأن اتفق معهما على ارتكابها وساعدهما بأن أمدهما بالمستندات والبيانات المثبتة بالخطاب المشار إليه بوصف هذه التهمة فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات. خامسًا: المتهم الثامن: بصفته موظفًا عامًا سكرتير عام محافظة...... تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بأموال ومصالح جهة عمله وكان ذلك ناشئًا عن إهماله في أداء وظيفته وإخلاله بواجباتها بأن اعتمد الخطاب موضوع التهمة المبينة بالبند ثانيًا دون مراجعة لمستندات الملكية من المتهمين الرابع والخامس من ارتكاب جريمتهما فألحق ضررًا جسيمًا بأموال جهة عمله تقدر بمبلغ مليون وسبعمائة واثنين ألفا وسبعمائة جنيه على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا...... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا....... عملاً بالمواد 40/ 2، 3، 41/ 1، 113/ 1، 116 مكررًا/ 1، 116 مكررًا أ/ 1، 118، 118 مكررًا، 119/ 1، 119 مكرر/ أ من قانون العقوبات بمعاقبتهم جميعًا - الطاعنين عدا الأخير - أولاً: بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات ورد الأرض المستولى عليها وتغريمهم مبلغ عشرة آلاف وأربعمائة وستة وثلاثين جنيهًا ومائة وأربعين مليمًا وبعزل المتهمين الأول والثاني والرابع والخامس من وظائفهم عما هو منسوب إليهم. ثانيًا بمعاقبة الثامن بالحبس مع الشغل لمدة سنة. ثالثًا: انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم الثالث بوفاته.
فطعنت الأستاذة/..... المحامية بصفتها وكيلة عن المحكوم عليه.... إلخ


المحكمة

من حيث إن العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع لا بما تذكره المحكمة عنه. لما كان ذلك، وكانت الدعوى الجنائية قد رفعت ضد المحكوم عليه السابع -..... - بجريمة الجنحة المنصوص عليها في المادة 116 مكررًا (أ) من قانون العقوبات وأحيلت إلى محكمة الجنايات لارتباطها بجانية وقد دانه الحكم المطعون فيه بهذه الجريمة وهى من الجرائم التي يجوز فيها الحبس فلا يجوز للمتهم بها أن ينيب عنه وكيلاً للدفاع عنه، بل يجب أن يحضر بنفسه طبقًا للمادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه المذكور لم يحضر بنفسه جلسات المرافعة بل حضر عنه وكيله فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكمًا غيابيًا ولو وصفته المحكمة بأنه حضوري. ولما كانت المادة 397 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "إذا غاب متهم بجنحة مقدمة إلى محكمة الجنايات تتبع في شأنه الإجراءات المعمول بها أمام محكمة الجنح ويكون الحكم الصادر منها قابلاً للمعارضة" وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 لا تجيز الطعن بالنقض إلا في الأحكام النهائية الصادرة في مواد الجنايات والجنح، كما تقضى المادة 32 من القانون ذاته بعدم قبول الطعن بالنقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزًا، وكان الحكم المطعون فيه قد صدر غيابيًا ولم يعلن بعد للمحكوم عليه المذكور ولم يعارض فيه لأن الإعلان هو الذي يفتح باب المعارضة - وذلك على ما أفصحت عنه مذكرة نيابة النقض المرفقة - فإن باب المعارضة فيه لما يزال مفتوحًا ومن ثم فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه...... يكون غير جائز.
وحيث إن المحكوم عليه الرابع...... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابًا لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به. وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وإن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معًا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه فإن الطعن المقدم من المحكوم عليه المذكور يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة تسهيل الاستيلاء على مال عام قد شابه القصور في التسبيب ذلك أنه جاء قاصرًا في التدليل على توافر القصد الجنائي الذي تمسكا بانتفائه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إنه بتاريخ..... حررت المؤسسة المصرية العامة لتعمير الصحارى للمتهم السادس..... شهادة توزيع برقم... تضمنت موافقة وزارة الحربية بالترخيص بتملكه أرض زراعية مساحتها 16 س 13 ط 13 ف وذلك طبقًا لقانون تنظيم تملك الأراضي الصحراوية، وفى ذات التاريخ حررت شهادة مماثلة لآخر هو..... بمساحة قدرها 19 س 21 ط 7 ف وقام المتهم السابع...... بشراء المسطحين المذكورين من المرخص لهما ورغبة منه في إشهار مشتراة قام هو والمتهم السادس بالتواطؤ مع المتهمين الثلاثة الأول -......، ......، ........ بأن سهلوا له الاستيلاء على الأرض وذلك باتخاذ إجراءات إشهار الشهادتين وعقدي البيع المذكورين وتمكن بذلك من شهرهما برقمي.......، ....... بتاريخ..... رغم أن الشهادتين لا تعدا سندًا ناقلاً للملكية وبلغ قيمة إجمالي الأرض في تاريخ الشهر مبلغ 10436.140 جنيه وقام المتهم السابع ببيع مشتراة المذكور والذي تبين أن مساحته الفعلية 17 س 10 ط 21 ف إلى الشركة السعودية المصرية للتعمير وقدم بشأنه طلب شهر قيد برقم 2214 لسنة 1992 موضوعه بيع قطعة أرض فضاء كائنة بناحية القصر...... بالمسطح المذكور، وإذ علمت الإدارة المركزية للملكية والتصرف بهذا الطلب أرسلت كتابًا إلى أمين الشهر العقاري..... ورئيس مصلحة الشهر العقاري بتاريخ...... ضمنته طلب وقف إجراءات شهر الطلب الأخير باعتبار أن أساسه هو المحررين 118، 119 لسنة 1986 والشهادتين المذكورتين واللتين لا تعدا سندًا ناقلاً للملكية ورغبة من المتهم السابع في استمرار إجراءات التسجيل لجأ إلى إدارة الأملاك بمحافظة....... وقام بسداد 2600.4500 جنيه عن المحررين 118، 119 بغير أساس ودون قيام المحافظة بتحرير أي عقد بيع بشأنهما، كما قام المتهمان الرابع والخامس ...... المشرف على إدارة الأملاك آنذاك، مراجعة....... مدير ذات الإدارة تحرير خطاب صادر إلى رئيس مصلحة الشهر العقاري بالقاهرة بتاريخ..... تضمن أن الأرض المذكورة تقع داخل كردون قرية القصر التابعة لمركز..... وإعمالاً للقانون 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلى فإن المحافظة لا تمانع من قيام المتهم السابع في التصرف في كل أو بعض المساحة الواردة بالعقدين.....، ..... لسنة........ وقد اعتمد المتهم الثامن من...... السكرتير العام لمحافظة..... الخطاب المذكور بالتوقيع عليه وذلك رغم أن المحافظة لم تقم ببيع الأرض موضوعه وبناء على هذا الخطاب قام مكتب شهر عقاري...... بشهر طلب الشركة..... برقم..... لسنة.....". وبعد أن حصل الحكم واقعة الدعوى على النحو المتقدم أورد بيانًا للأدلة التي استند إليها في قضائه وبعد أن أورد مضمونها ومؤداها عرض للتدليل على توافر الركن المادي والمعنوي في جريمة تسهيل الاستيلاء على المال العام وأورد ما نصه "إن تسهيل استيلاء الغير على مال الدولة قد يتخذ صورة إمداد هذا الغير بالممكنات التي تمكنه من ذلك أو إزالة العقبات التي تقف في سبيل انتزاعه لحيازة المال وإذ كان ذلك، وكانت المحكمة قد انتهت إلى أن الأرض المستولى عليها مملوكة للدولة ملكية خاصة وقد قام المتهمان الأول والثاني بشهر الشهادتين موضوعهما بما مفاده نقل ملكيتها من الجهة المالكة إلى المتهمين السادس والسابع وذلك خلافًا لما ورد بكل من الشهادتين من وجوب تحرير عقد بيع نهائي بين الجهة المالكة وكل من المرخص لهما بالتمليك وخلافًا لما ورد بالقانونين 124 لسنة 1958 و100 لسنة 1964 المعدل من إجراءات محدد على سبيل الحصر لنقل ملكية الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة الى الغير وقد اشترك المتهمان السادس والسابع في جريمتهما هذه بأن أمدوهما بالشهادتين المذكورتين ووقع على محضر التصديق والأوراق اللازمة لشهرهما مما يظهر بجلاء توافر أركان جريمة الاستيلاء في حق المتهمين الأول والثاني". لما كان ذلك، وكانت جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال للدولة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 113 من قانون العقوبات هي جريمة عمدية تتطلب قصدًا جنائيًا خاصًا ولا تقع إلا إذا انصرفت نية الجاني وقت ارتكاب فعل التسهيل إلى نية تمليكه بغير حق للغير وتضييعه على ربه ولا يكفى لبيان هذا القصد أن يثبت الحكم مقارفة الجاني للفعل المادي المكون لهذه الجريمة ما لم يثبت أنه كان مصحوبًا بهذه النية عن علم وإرادة، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجريمة إلا أن شرط ذلك أن يكون فيما أورده الحكم من وقائع وظروف ما يكفي في الدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه سواء فيما أورده بيانًا لواقعة الدعوى وتحصيلاً لأدلتها أو ما استدل به على توافر أركان هذه الجريمة لا يكفى لتوافر القصد الجنائي فيها إذ لا يعدو أن يكون حديثًا عن الأفعال التي قارفها الطاعنون دون أن يدلل على أن ارتكابهم تلك الأفعال كانت مصحوبة بنية تسهيل الاستيلاء على أرض الدولة وتضييعها عليها ومن ثم فإنه يكون قاصرًا في استظهار القصد الجنائي في هذه الجريمة على النحو المعرف به في القانون مما يعيبه ويوجب نقضه في هذه الجريمة وجريمة الإضرار العمدي المرتبطة بها بما يمتد به أثره للطاعنين جميعًا بما فيهم الطاعن الرابع الذي لم يقبل طعنه شكلاً. دون الطاعن السابع الذي صدر الحكم بالنسبة له غيابيًا وقابلاً للمعارضة ولا يجوز له أصلاً حق الطعن في الحكم فلا يمتد إليه أثره.

الطعن 30095 لسنة 69 ق جلسة 3 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 61 ص 334

جلسة 3 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد طلعت الرفاعي، عادل الشوربجي، حسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وهاني عبد الجابر.

----------------

(61)
الطعن رقم 30095 لسنة 69 القضائية

(1) استيلاء على مال عام. إثبات "بوجه عام". حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً معينًا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤديًا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظرفها.
(2) استيلاء على مال عام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحدث عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام. غير لازم. كافية أن يكون ما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
(3) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مأخذ من الأوراق.
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بشهادة شاهد مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. أمام محكمة النقض. غير جائز.
(5) وصف التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم إضافة وقائع لم يشملها وصف الاتهام. غير صحيح. طالما أن الواقعة المسندة للطاعن هي بذاتها التي دارت عليها المرافعة بجلسات المحاكمة وقضي بإدانته عنها.
(6) استيلاء على مال عام. نقض "المصلحة في الطعن". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
خطأ الحكم بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه. لا ينال من صحته طالما لم يوقع عليه سوى عقوبة واحد هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها.
(7) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد. متى لا يعيب الحكم؟
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام".
عدم تقيد القاضي عند محاكمة متهم بحكم آخر صادر في ذات الواقعة على متهم آخر.
(9) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بنفي التهمة". حكم "تسبيبه - تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نفى التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) أمر الإحالة. بطلان. إجراءات "إجراءات التحقيق".
أمر الإحالة عمل من أعمال التحقيق. قصوره لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة لجراءات.
إبطال أمر الإحالة. مفاده: إعادتها لمرحلة الإحالة وهذا أمر غير جائز. علة ذلك؟
(11) مسئولية جنائية. حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تحديد مسئولية المتهم بما يسند إليه من وقائع.
نعي الطاعن على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء. غير مجد. ما دام ثبت ارتكابه لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام.
(12) استيلاء على مال عام. عقوبة "تطبيقها". غرامة. دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات من الغرامات النسبية المشار إليها في المادة 44 عقوبات. وجوب الحكم بها على المتهمين معا. التنفيذ عليهما بأكثر من المقدار المحدد في الحكم، غير جائز.
التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية. شرطة: صدور حكم واحد بها على المتهمين.
الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى. غير جائز.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققًا لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات.
2 - لما كان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه.
3 - لما كان من المقرر أنه لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما لها أيضًا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق.
4 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعة إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد إنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
5 - لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليهم بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح.
6 - من المقرر أن خطأ المحكمة بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه لا ينال من صحته طالما لم توقع عليه سوى عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها.
7 - لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
8 - لما كان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر.
9 - لما كان الدفع بعدم ارتكاب الطاعن للجريمة مردودًا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
10 - لما كان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها. كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة.
11 - لما كان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام التي دين بها.
12 - لما كانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافًا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر والتي يجب الحكم بها على المتهمين معا ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه. بيد أنه لما كان التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية طبقًا لصريح نص المادة 44 آنفة البيان - مشروطًا - بأن يكون قد صدر بها على المتهمين حكم واحد وكان الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين قد صدر ضد كل منهم حكم مستقل فإن شرط تضامنهم في الغرامة يكون قد تخلف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأصل أن الرد هو بمثابة تعويض وليس عقوبة وعند تعدد المحكوم عليهم يتعين الحكم عليهم بالرد متضامنين إعمالاً لنص المادة 169 من القانون المدني وهو الأمر الذي تخلف في الدعوى المطروحة - لأن القول بإلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامنين يخالف ما هو مقرر لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنهم: - بصفتهم موظفين عموميين "الأول" رئيس قسم العقود..... والآخرون مديرو ورؤساء..... سهلوا للمتهمين السابع والثامن الاستيلاء على مواد البضاعة المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها..... والمملوك للشركة التي يعملون بها سالفة الذكر بأن تعاقدوا مع المتهمين سالفي الذكر على تسويق مواد البضاعة محل العقد المبرم بينهما وأعفوهما بغير حق من تقديم الضمانات المقررة لتحصيل مستحقات الشركة عن هذه البضاعة عند استحقاقها وذلك على النحو المبين تفصيلا بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة جنايات... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف والواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 113/ 1، 118، 119/ ب، 119 مكررًا/ 1/ هـ من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه مبلغ خمسة وثمانية ألفًا وتسعمائة وثلاثة جنيهات ومائة مليم وإلزامه برد مثله للشركة المجنى عليها وبعزله من وظيفته.
فطعن الأستاذ/...... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ.


المحكمة

وحيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه خلال من بيان واقعة الدعوى بما تتحقق به أركان الجريمة والأفعال التي قارفها الطاعن ومؤدى أدلة الثبوت كما لم يدلل على توافر القصد الجنائي في حق الطاعن تدليلاً سائغًا واعتنق صورة للواقعة تخالف الحقيقة والواقع واستدل على ثبوت الجريمة بأدلة غير مقبولة بدلالة أن المحكمة أضافت تهمة جديدة للطاعن بوصف التسبب بإهماله في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها إلا أنها أغفلت التصدي لها، وعول في قضائه على أقوال شهود الإثبات مع أنها لا تصلح للإدانة، هذا إلى أن الحكم أسند إلى.... أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع .... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن وآخرين في عملية إبرام عقد التوزيع وعقود البيع معه في حين أن هذا الشاهد لم يقل بأن هناك تواطؤ بين الموزع والطاعن وتمسك المدافع عن الطاعن بأسباب الحكم الصادر من محكمة النقض في الطعن رقم... لسنة..... والمقدم صورته - والذي قضى بنقض الحكم السابق صدوره بإدانة باقي المتهمين وذلك تدليلاً على انتفاء التهمة المسندة إليه إلا أن الحكم أغفل هذا الدفاع إيرادًا ورداً وأطرح بما لا يصلح ردًا دفاع الطاعن القائم على بطلان أمر الإحالة لتجهيله وتعميمه للوصف إذ أسند للطاعن تعاقده مع باقي المتهمين مع الموزع على تسويق البضاعة بغير تقديمه للضمانات في حين أن الطاعن لم يتعاقد وليس من وظيفته هذا التعاقد فضلاً عن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك المتهمين...... و.... مع الطاعن بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء على مال الشركة وانصراف نيته إلى هذا التسهيل وأخيرًا فإن الحكم أنزل عقوبة الغرامة البالغ قدرها 100 مليم 85903 جنيه على الطاعن وإلزامه برد مثل هذا المبلغ في حين كان يتعين إلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامين بها إلا أن الحكم لم يلتزم بهذا النظر. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما قرره المحكوم عليهما..... و ...... بالتحقيق الإداري للشركة وبتحقيقات النيابة العامة ومما ثبت من تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتقرير إدارة خبراء وزارة العدل ومن وصف وتجديد اشتراطات شغل وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون لارتكاب الطاعن لجناية تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال مما نص عليه في المادة 113 من قانون العقوبات مما يضحى معه منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال عام بل يكفى أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ما يثيره الطاعن من قصور الحكم في استظهار القصد الجنائي يكون في غير محله، ومع ذلك فإن الحكم عرض لتوافر العقد الجنائي لدى الطاعن فأثبته في حقه بقوله: "أما عن توافر القصد الجنائي في حق المتهم بعنصرية: العلم والإرادة مما يدل عليه ما يلي. 1 - معرفة المتهم السابقة بالموزع وانتماؤهما إلى بلدة واحدة ينبئ في ظل ظروف الدعوى وملابساتها عن إحاطته بسوء سمعته وحقيقة مركزه المالي. 2 - إغفاله الإشارة إلى سوء سمعة الموزع وحقيقة مركزه المالي والحكم عليه في قضايا جنائية وهروبه من العدالة لا يصح عدة وليد إهمال في التحري، يدل على ذلك أن اللجنة التي كفلها رئيس مجلس إدارة الشركة بمحاولة تحصيل مستحقات الشركة من الموزع بالطرق الودية توجهت إليه بتاريخ...... وكان من بينها المتهم ولم تجد صعوبة في الوقوف على حقيقة أمره، وإذا كان المتهم قد استشعر أن الزعم بأن عدم مطابقة تحرياته لحقيقة مركز المتهم الأخلاقي والجنائي والمالي كان وليد خطأ غير عمدي هو مما يستعصى على القبول فاعتصم بتحقيقات النيابة بأن معاينته كانت بقصد الوقوف على مدى ملائمة المحل لعرض منتجات الشركة، وأنه ليس مختصًا بالتحري عن الموزع، وإن هذه التحريات لا يستلزمها تحرير عقد التوزيع، فإن هذا القول مردود بما قرره رئيس مجلس الإدارة وكذلك ما قرره كل من.... مدير المبيعات بالشركة و..... رئيس قسم العقود بها "سبق الحكم عليهما" وما ثبت من وصف وظيفة رئيس قسم الوكلاء والموزعين مصدقًا لأقوالهم على النحو المبسوط آنفًا. 3 - قيام المتهم بإعداد بيانات عقد التوزيع والتوقيع عليه ثم عرضه بمعرفته على مدير المبيعات لاعتماده بالرغم من أن هذه المرحلة من العقد مما يختص بها قسم العقود. 4 - سعى المتهم لدى قسم العقود لإعفاء الموزع من الضمانات وتقديمه طلبًا بذلك ذيل بموافقة منسوبة إلى مدير المبيعات. 5 - ما قرره رئيس مجلس إدارة الشركة من وجود تواطؤ بين المتهم وآخرين من موظفي الشركة - سبق الحكم عليهم - وبين الموزع وضح مظهره على نحو ما سلف. 6 - ما دلت عليه تحريات الشرطة من حصول مثل هذا التواطؤ. وهذا الذي أورده الحكم من أدلة وشواهد سائغ وكاف للتدليل على ثبوت قصد تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال الشركة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، كما لها أيضًا أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغًا مستندًا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليمًا متفقًا مع حكم العقل والمنطق وهو الحال في الدعوى المطروحة في شأن استقرار إتيان الطاعن الأفعال المكونة لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام التي دين بها، كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه وآخرين سبق الحكم عليها بصفتهم موظفين عموميين سهلوا الاستيلاء بغير حق على مواد البضاعة المملوكة للشركة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة بجلسة المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف واقعة لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح. هذا فضلاً عن أن خطأ المحكمة بإضافة جريمة أخرى للطاعن لم تقع منه لا ينال من صحته طالما لم توقع عليه سوى عقوبة واحدة هي المقررة للجريمة التي وردت بقرار الاتهام ودارت عليها المرافعة واقتصرت أسباب الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة. وكان البين من الحكم المطعون فيه أن ما ينعاه عليه الطاعن من خطئه في الإسناد فيما حصله من أقوال العقيد..... من أن تحرياته السرية دلت على أن الموزع...... يوجد ثمة تواطؤ بينه وبين الطاعن - على فرض قيامه - لم يكن له أثر في منطق الحكم أو النتيجة التي انتهى إليها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصد لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك وكان من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهما يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديدًا، لما كان ذلك، وكان الدفع بعدم ارتكاب الطاعن للجريمة مردودا بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا طالما كان الرد عليها مستفادًا من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن أمر الإحالة هو عمل من أعمال التحقيق فلا محل لإخضاعه لما يجرى على الأحكام من قواعد البطلان ومن ثم فإن القصور في أمر الإحالة لا يبطل المحاكمة ولا يؤثر على صحة إجراءاتها. كما أن إبطال أمر إحالة الدعوى إلى محكمة الموضوع بعد اتصالها بها يقتضى إعادتها إلى مرحلة الإحالة وهو أمر غير جائز باعتبار تلك المرحلة لا تخرج عن كونها جهة تحقيق فلا يجوز إعادة الدعوى إليها بعد دخولها في حوزة المحكمة. مما يكون معه نعى الطاعن في هذا الصدد غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن في شأن انتفاء مسئوليته لخلو الأوراق من دليل على اشتراك آخرين مع الطاعن في ارتكاب جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام وأطرحه بقوله: "وغني عن البيان أن الجريمة تكتسب تكييفها بالنظر إلى نشاط الفاعل, وقد عد الشارع الموظف العام في جريمة تسهيل الاستيلاء لمصلحته، ومن ثم لا وجه لاحتجاج الدفاع بعدم توافر عناصر اشتراك الموزع وزوجته مع المتهم في ارتكاب الجريمة إذ استظهار هذه العناصر مما يلزم لتقرير مسئولية الشريك - لا مسئولية الفاعل التي تقوم بمجرد اتجاه إرادته إلى تضييع المال على ربه مع علمه بسائر أركان الجريمة وعناصره التكوينية. لما كان من المقرر أن مسئولية المتهم تتحدد بما ينسب إليه من وقائع ولا يحاج بما يقضى به على متهم آخر ومن ثم فلا جدوى للطاعن من نعيه على الحكم بالقصور في التدليل على توافر جريمة الاشتراك في تسهيل الاستيلاء ما دام الثابت من الوقائع التي أثبتها ارتكاب الطاعن لجريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق للغير على المال العام التي دين بها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك وكانت المادة 44 من قانون العقوبات تنص على أنه "إذا حكم على جملة متهمين بحكم واحد لجريمة واحدة فاعلين كانوا أو شركاء فالغرامات يحكم بها على كل منهم على انفراد خلافا للغرامات النسبية فإنهم يكونون متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص في الحكم على خلاف ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حدا أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 سالفة الذكر والتي يجب الحكم بها على المتهمين معا ولا يستطاع التنفيذ عليهم بأكثر من مقدارها المحدد في الحكم سواء في ذلك أن يلزمهم الحكم بهذا المقدار متضامنين أو يخص كلاً منهم بنصيب منه. بيد أنه لما كان التضامن بين المتهمين في الغرامات النسبية طبقًا لصريح نص المادة 44 آنفة البيان - مشروطًا - بأن يكون قد صدر بها على المتهمين حكم واحد وكان الطاعن والمحكوم عليهم الآخرين قد صدر ضد كل منهم حكم مستقل فإن شرط تضامنهم في الغرامة يكون قد تخلف هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الأصل أن الرد هو بمثابة تعويض وليس عقوبة وعند تعدد الحكم عليهم يتعين الحكم عليهم بالرد متضامنين إعمالاً لنص المادة 169 من القانون المدني وهو الأمر الذي تخلف في الدعوى المطروحة - لأن القول بإلزام الطاعن وآخرين سبق الحكم عليهم متضامنين يخالف ما هو مقرر لنص المادة 307 من قانون الإجراءات الجنائية من أنه لا يجوز الحكم على غير المتهم المقامة عليه الدعوى، ومن ثم فإن هذا الوجه من النعي يكون غير سديد، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا

الطعن 11192 لسنة 64 ق جلسة 3 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 60 ص 329

جلسة 3 مارس سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ عادل الشوربجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنس عمارة، فرغلي زناتي، حسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة وعادل الحناوي.
---------------
(60)
الطعن 11192 لسنة 64 ق
(1) دعوى جنائية " انقضاؤها". دعوى مدنية " نظرها والحكم فيها". دعوى مباشرة " إعلانها ".
القضاء بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية استنادا لإعلان صحيفة الدعوى المباشرة بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات. حقيقته قضاء بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
(2) شهادة زور . جريمة " أركانها ". إثبات " شهود". إجراءات " إجراءات المحاكمة".
جريمة الشهادة الزور. مناط تحققها؟
عدول الشاهد عن شهادته قبل قفل باب المرافعة اعتبار أقواله الأولى كأن لم تكن. علة ذلك؟
(3) دعوى جنائية " وقفها" "قيود تحريكها". إجراءات " إجراءات المحاكمة".
قرار المحكمة بوقف الدعوى لا تنقضي قبل مضي المدة القانونية لانقضاء الخصومة في الدعوى المشهود بها. أثره؟
---------------
1 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية تأسيسا على أن إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الدعوى المباشرة تم بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل - وهو الإدلاء بالشهادة - بما مفاده - ووفقا لمنطق الحكم - أن الدعوى الجنائية حركت بطريق الادعاء المباشر وقت إن كانت غير مقبولة وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكما بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها.
2 - لما كانت جريمة شهادة الزور لا تتحقق إلا إذا أصر الشاهد على أقواله الكاذبة حتى انتهاء المرافعة في الدعوى الأصلية - التي أدليت فيها الشهادة - ولم تكن العلة في ذلك أن الجريمة لم توجد قبل انتهاء المرافعة، إذ هي وجدت بمجرد الشهادة الزور، ولكن الشارع رأى في سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفتح الباب أمام الشاهد ليقرر الحق حتى آخر لحظة، فشهادته يجب أن تعتبر في جميع أدوار المحاكم كل لا يقبل التجزئة، وهي لا تتم إلا بإقفال باب المرافعة، فإذا عدل عنها اعتبرت أقواله كأن لم تكن.
3 - لما كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الدعوى التي أديت فيها الشهادة لم يقفل فيها باب المرافعة إذ قررت المحكمة بجلسة 23- 1 - 1990 بوقفها جزاء لمدة ستة أشهر ولم تعجل من الوقف حتى تاريخ تحريك الدعوى المباشرة بإعلان المطعون ضدهم بصحيفتها - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - بتاريخ 12، 17، 24 - 1- 1993، بما مؤداه أن تلك الدعوى لازالت قائمة وقابلة للتعجيل من الوقف بعد انتهاء مدته في أي وقت طالما أنها لم تنقض فيها الخصومة وفقا لنص المادة 140 من قانون المرافعات قبل تعديلها بالقانون 18 لسنة 1999- والتي جرى نصها على أنه "في جميع الأحوال تنقضي الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها " وكان آخر إجراء صحيح في تلك الدعوى هو قرار الوقف وانتهاء مدته في 23 - 7 - 1990 والذي يبدأ منه احتساب مدة الانقضاء، وكان الطاعن قد أقام دعواه قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الخصومة في الدعوى المشهود بها - حتى يمكن اعتبار ذلك بديلا لإقفال باب المرافعة - وإصرار الشهود على أقوالهم التي أدلوا بها أمام المحكمة حتى ذلك التاريخ، فإن الدعوى الجنائية التابعة لها تكون بدورها غير مقبولة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به في خصوص الدعوى المدنية وذلك بغض النظر عن الأساس الذي أقام عليه ذلك القضاء.
----------------------
الوقائع
أقام الطاعن دعواه بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضدهم أمام محكمة جنح...... بوصف أنهم أدلوا بشهادة زور على النحو المبين بالأوراق. وطلب عقابهم بالمواد 40/2، 41/1، 297 من قانون العقوبات وإلزامهم بأن يؤدوا له مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس كلا متهم شهرا مع الشغل وكفالة خمسين جنيها - لوقف التنفيذ وإلزامهم بأن يؤدوا للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
ومحكمة ..... الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ورفض الدعوى المدنية.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
------------------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة ورفض دعواه المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه احتسب بدء مدة تقادم الدعوى من تاريخ إدلاء المطعون ضدهما الأول والثاني بأقوالهم الكاذبة أمام المحكمة المدنية رغم أن تقادم الدعوى الجنائية في جريمة شهادة الزور لا يبدأ إلا من تاريخ إقفال باب المرافعة في الدعوى المشهود بها وكانت المحكمة التي نظرت تلك الدعوى قررت وقفها جزاء لمدة ستة أشهر فلا يبدأ احتساب التقادم إلا من تاريخ انتهاء مدة ذلك الوقف، هذا إلى أن انقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة لا يمنع المحكمة من القضاء بالتعويض المدني إذا توافرت أسبابه طالما أن الدعوى المدنية لم تتقادم وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيبا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية ورفض الدعوى المدنية تأسيسا على أن إعلان المطعون ضدهم بصحيفة الدعوى المباشرة تم بعد أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ وقوع الفعل - وهو الإدلاء بالشهادة - بما مفاده - ووفقا لمنطق الحكم - أن الدعوى الجنائية حركت بطريق الادعاء المباشر وقت أن كانت غير مقبولة وبالتالي فإن الحكم المطعون فيه يكون في حقيقته حكما بعدم قبول الدعوى المدنية التابعة لها. لما كانت جريمة شهادة الزور لا تتحقق إلا إذا أصر الشاهد على أقواله الكاذبة حتى انتهاء المرافعة في الدعوى الأصلية - التي أدليت فيها الشهادة- ولم تكن العلة في ذلك أن الجريمة لم توجد قبل انتهاء المرافعة، إذ هي وجدت بمجرد الشهادة الزور، ولكن الشارع رأى في سبيل تحقيق العدالة على الوجه الأكمل أن يفتح أمام الشاهد الباب ليقرر الحق حتى آخر لحظة، فشهادته يجب أن تعتبر في جميع أدوار المحاكم كل لا يقبل التجزئة، وهي لا تتم إلا بإقفال باب المرافعة، فإذا عدل عنها اعتبرت أقواله كأن لم تكن، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المأخوذ بأسبابه والمعدل بالحكم المطعون فيه أن الدعوى التي أديت فيها الشهادة لم يقفل فيها باب المرافعة إذ قررت المحكمة بجلسة 23-1-1990 بوقفها جزاء لمدة ستة أشهر ولم تعجل من الوقف حتى تاريخ تحريك الدعوى المباشرة بإعلان المطعون ضدهم بصحيفتها - على ما يبين من الحكم المطعون فيه - بتاريخ 12، 17، 24-1-1993، بما مؤداه أن تلك الدعوى لازالت قائمة وقابلة للتعجيل من الوقف بعد انتهاء مدته في أي وقت طالما أنها لم تنقض فيها الخصومة وفقا لنص المادة 140 من قانون المرافعات قبل تعديليها بالقانون 18 لسنة 1999 - والتي جرى نصها على أنه "في جميع الأحوال تنقض الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها" وكان آخر إجراء صحيح في تلك الدعوى هو قرار الوقف وانتهاء مدته في 23-7-1990 والذي يبدأ منه احتساب مدة الانقضاء. وكان الطاعن قد أقام دعواه قبل انقضاء مدة ثلاث سنوات المقررة لانقضاء الخصومة في الدعوى المشهود بها - حتى يمكن اعتبار ذلك بديلا لإقفال باب المرافعة - وإصرار الشهود على أقوالهم التي أدلوا بها أمام المحكمة حتى ذلك التاريخ، فإن الدعوى الجنائية التابعة لها تكون بدورها غير مقبولة. ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به في خصوص الدعوى المدنية وذلك بغض النظر عن الأساس الذي أقام عليه ذلك القضاء.

الطعن 26585 لسنة 68 ق جلسة 5 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 65 ص 366

جلسة 5 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين جابر عبد التواب، أمين عبد العليم، عمر بريك، عبد التواب أبو طالب نواب رئيس المحكمة.

----------------

(65)
الطعن رقم 26585 لسنة 68 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ الأمر بالتفتيش. موضوعي. حد ذلك؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش. لعدم جدية التحريات. جوهري. وجوب أن تعرض له المحكمة برد سائغ.
اكتفاء الحكم في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات على عبارات قاصرة دون إبداء المحكمة رأيها في عناصر التحريات السابقة على الإذن وكفايتها وصلة المأذون بتفتيشه بالمخدر المراد ضبطه. قصور وفساد في الاستدلال.
(2) قبض. تلبس. مأمورو الضبط القضائي. دفوع "الدفع ببطلان القبض". إثبات "بوجه عام".
إفلات مجرم من العقاب لا يضير العدالة بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون حق. التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها.
مجرد الارتباك والحيرة مهما بلغا ليسا دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض والتفتيش.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير قيام حالة التلبس". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير قيام حالة التلبس. موضوعي. حد ذلك؟
إطراح الحكم دفع الطاعن ببطلان القبض عليه استنادًا إلى أنه كان في حالة تلبس لمجرد مشاهدة مأمور الضبط له ممسكًا بلفافة بها نبات أخضر قبل ضبط المتهم الأول حائزا أو محرزا لمخدر. خطأ في تطبيق القانون.
(4) تلبس. قبض. مأمورو الضبط القضائي. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه".
بطلان القبض مقتضاه عدم التعويل على أي دليل مستمد منه ولا على شهادة من أجراه. أثر ذلك؟

----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولا إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في الرد على دفع الطاعن بالعبارات المار بيانها وهي عبارات قاصرة تمامًا لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الخصوص إذ لم تبد المحكمة رأيها في عناصر التحريات السابقة على إصدار الإذن بالتفتيش وأخصها صلة المأذون بتفتيشه بالمخدر المراد ضبطه ومدى كفاية تلك العناصر لصدور الإذن فإن الحكم يكن فوق قصوره معيبا بالفساد في الاستدلال. بما يتعين معه نقض والإعادة بالنسبة للطاعن.
2 - من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق وأن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وإنه في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه.
3 - لما كان تقدير الظروف التي تلازم الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمرا موكولا إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروط بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها لما كان ذلك وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم على السياق المتقدم ليس فيها ما يدل على أن الطاعن الثاني شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وإن ضابط الواقعة قد أدرك تلك الحالة بطريق يقينية لا تحمل شكًا ولا يصح القول بأن الطاعن الثاني كان وقت القبض عليه في حالة تلبس بالجريمة حتى ولو كان في منزل الطاعن الأول المأذون بتفتيشه والذي لم يكن قد تم ضبطه بعد حائزًا أو محرزًا للمخدر ذلك أن مجرد مشاهدة الضابط لنبات أخضر اللون من داخل لفافة لا يعنى أنه أدرك على سبيل القطع أن اللفافة تحوى مخدرًا لأن كل نبات أخضر ليس بمخدر ومن ثم لا يكون الضابط أمام جريمة متلبسًا بها ويكون قبضه على الطاعن الثاني ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فيما أورده تبريرًا لإطراحه دفع الطاعن الثاي ببطلان إجراءات القبض عليه فإن الحكم يكون أخطأ في تطبيق القانون في رده على الدفع.
4 - لما كان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه عدم التعويل على ما أسفر عنه من دليل وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى القبض الباطل وشهادة من أجراه فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن الثاني..... عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من مصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين..... بأنهما - المتهم الأول: - حاز بقصد الاتجار "نبات الحشيش المخدر" في غير الأحوال المصرح بها قانونًا المتهم الثاني - أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانونًا وإحالتهما إلى محكمة جنايات ...... لمحاكمتهما طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملاً بالمواد 29، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 الملحق بالقانون الأول بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة سبع سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه وبمعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة ثلاث سنوات وبتغريمه خمسين ألف جنيه عما اسند إليهما وأمرت بمصادرة نبات المخدر المضبوط باعتبار أن الحيازة والإحراز مجردين من القصود.
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض في..... إلخ.


المحكمة

من حيث أن مما ينعاه الطاعن الأول...... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة نبات الحشيش بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه اطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بما لا يسوغ به إطراحه مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه عرض للدفع المبدى من الطاعن ببطلان إذن الضبط والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية واطرحه في قوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من المتهم الأول ببطلان الإذن لعدم جدية التحريات فغير سديد ذلك أن تقدير جدية التحريات وكفايتها وتسويغها لإصدار الإذن هي من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع لما كان ذلك وكانت المحكمة تجد في حدود سلطتها الموضوعية التقديرية أن التحريات التي أجريت كافية ومسوغة لإصدار الإذن ومن ثم تطمئن إليها وتقر النيابة العامة على تصرفها ولا ينال من ذلك إغفالها تحديد طبيعة عمل المتهم وصناعته إذ لا ينال من جدية التحريات عدم إيراد اسم المأذون بتفتيشه كاملاً ومحل إقامته محددًا في محضر الاستدلال كما أنه لا ينال من صحة إذن التفتيش خلوه من بيان صفة المأذون بتفتيشه أو صناعته ومن ثم تطمئن المحكمة غاية الاطمئنان إلى تلك التحريات التي أجريت عن المتهم الأول إذ أنه هو المقصود بالتحريات والإذن ومن ثم يضحى الدفع المبدى جديرًا بالرفض.... "لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الإذن بالتفتيش وإن كان موكولاً إلى سلطة التحقيق التي أصدرته تحت رقابة محكمة الموضوع إلا أنه إذا كان المتهم قد دفع ببطلان هذا الإجراء فإنه يتعين على المحكمة أن تعرض لهذا الدفاع الجوهري وتقول كلمتها فيه بأسباب سائغة وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في الرد على دفع الطاعن..... بالعبارات المار بيانها وهي عبارات قاصرة تماما لا يستطاع معها الوقوف على مسوغات ما قضى به الحكم في هذا الخصوص إذ لم تبد المحكمة رأيها في عناصر التحريات السابقة على إصدار الإذن بالتفتيش وأخصها صلة المأذون بتفتيشه بالمخدر المراد ضبطه ومدى كفاية تلك العناصر لصدور الإذن فإن الحكم يكن فوق قصوره معيبًا بالفساد في الاستدلال. بما يتعين معه نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن الأول........
من حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بغير قصد من القصود الخاصة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك بأن المدافع عنه دفع ببطلان إجراءات القبض عليه لحصولها بغير إذن من النيابة العامة وفى غير حالات التلبس التي تجيزها قانونًا ولكن الحكم رد على ذلك بما لا يتفق وصحيح القانون مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بالنسبة للطاعن الثاني بما مؤداه أنه بعد أن دلت التحريات على أن الطاعن الأول.... يحوز المواد المخدرة صدر إذن بضبطه وتفتيش شخصه ومسكنه وتوجه الضابطين إلى مسكنه لتنفيذ الإذن شاهدا الطاعن الثاني...... يجلس بأرضية بلكونة مسكن المأذون بتفتيشه وبيده لفافة ورقية صفراء يظهر فيها بنات أخضر اللون وبدت عليه علامات الارتباك بمجرد أن أبصر الضابطين وحاول الفرار ملقيًا اللفافة من يده فتمكن من ضبطه وعول الحكم في إدانة الطاعن الثاني على ما أسفر الضبط باعتبار الجريمة متلبس بها وذلك بعد أن عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض واطرحه في قوله. "وحيث أنه عن الدفع المبدى من المتهم الثاني - الطاعن الثاني - بانتفاء حالة التلبس فغير سديد ذلك أن التلبس صفة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وإذ كان كذلك وكان الثابت حسبما جاء بشهادة ضابطي الواقعة والتي تطمئن إليها المحكمة أنهما شاهدا لفافة المخدر بيد المتهم الثاني وتخلى عنها طواعية واختيارًا بمجرد أن أبصرهما ومن ثم تكون قد توافرت حالة التلبس المنصوص عليها بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية ويضحى الدفع المبدى منه في غير محله". لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يضير العدالة إفلات مجرم من العقاب بقدر ما يضيرها الافتئات على حريات الناس والقبض عليهم بدون وجه حق وأن التلبس حالة تلازم الجريمة ذاتها لا شخص مرتكبها وإنه في مجرد ما يبدو على الفرد من حيرة وارتباك مهما بلغا ما يمكن اعتباره دلائل كافية على وجود اتهام يبرر القبض عليه وتفتيشه وإنه ولئن كان تقدير الظروف التي تلازم الجريمة وتحيط بها وقت ارتكابها أو بعد ارتكابها وتقدير كفايتها لقيام حالة التلبس أمرًا موكولاً إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب إلا أن ذلك مشروطًا بأن تكون الأسباب والاعتبارات التي بنت عليها المحكمة هذا التقدير صالحة لأن تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها. لما كان ذلك وكان مؤدى الواقعة التي أوردها الحكم على السياق المتقدم ليس فيها ما يدل على أن الطاعن الثاني شوهد في حالة من حالات التلبس المبينة بطريق الحصر بالمادة 30 من قانون الإجراءات الجنائية وإن ضابط الواقعة قد أدرك تلك الحالة بطريق يقينية لا تحتمل شكًا ولا يصح القول بأن الطاعن الثاني كان وقت القبض عليه في حالة تلبس بالجريمة حتى ولو كان في منزل الطاعن الأول المأذون بتفتيشه والذي لم يكن قد تم ضبطه بعد حائزًا أو محرزًا للمخدر ذلك أن مجرد مشاهدة الضابط لنبات أخضر اللون من داخل لفافة لا يعنى أنه أدرك على سبيل القطع أن اللفافة تحوى مخدرًا لأن كل نبات أخضر ليس بمخدر ومن ثم لا يكون الضابط أمام جريمة متلبسًا بها ويكون قبضه على الطاعن الثاني ليس له ما يبرره ولا سند له في القانون ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فيما أورده تبريرًا لاطراحه دفع الطاعن الثاني ببطلان إجراءات القبض عليه فإن الحكم يكون أخطأ في تطبيق القانون في رده على الدفع. لما كان ذلك وكان بطلان القبض والتفتيش مقتضاه عدم التعويل على ما أسفرا عنه من دليل وبالتالي فلا يعتد بشهادة من قام بهذا الإجراء الباطل ولما كانت الدعوى حسبما حصلها الحكم المطعون فيه لا يوجد فيها دليل سوى القبض الباطل وشهادة من أجراه فإنه يتعين الحكم ببراءة الطاعن الثاني..... عملاً بالفقرة الأولى من المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض من مصادرة المخدر المضبوط عملاً بنص المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل.

الطعن 17310 لسنة 71 ق جلسة 7 / 3 / 2002 مكتب فني 53 ق 72 ص 436

جلسة 7 من مارس سنة 2002

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ وفيق الدهشان، نير عثمان، محمود مسعود شرف، ود. صلاح البرعي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(72)
الطعن رقم 17310 لسنة 71 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن. وإيداع الأسباب عدم تقديمها".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسباب. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة. بياناته. المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "بوجه عام" حكم. "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة.
(4) قتل عمد "بالسم". قصد جنائي. جريمة "أركانها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ظروف مشددة.
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه.
مثال لتسبيب سائغ على توافر القتل بالسم.
(5) قتل عمد. سبق إصرار. ظروف مشددة.
جريمة القتل العمد بالسم. لا تشترط وجود سبق الإصرار. علة ذلك؟.
(6) قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اشتراك. فاعل أصلى حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل. مفاده: توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل. متى أثبت علمه بذلك.
(7) إثبات "شهود".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد. مفاده؟
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق أو غيرها. عدم التزامها بيان سبب أخذها بأي من رواياته إن تعددت. علة ذلك؟
النعي على المحكمة أخذها بروايات الشهود في مرحلة سابقة دون تلك التي أدلوا بها في الجلسة دون بيان سبب ذلك. غير مقبول.
(9) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشاهد أو اعتراف المتهم مع مضمون الدليل النفي. ليس بلازم.
كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق.
(10) إثبات "شهود" "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم جواز إثارة دعوى التناقض بين الدليلين القولي والفني لأول مرة أمام محكمة النقض. علة ذلك؟
(11) قتل عمد. إثبات "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بينها. موضوعي.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعى الطاعن على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها غير جائز.
(13) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى ما قبل قفل باب المرافعة.
(14) إثبات "بوجه عام". استدلالات.
لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة.
(15) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع". سلطتها في تقدير الدليل. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي.
(16) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.
(17) سبق إصرار. اشتراك. عقوبة "توقيعها" ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطته في تقدير العقوبة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل وفق نص المادة 235 عقوبات هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة.
إجازة المادة 17 عقوبات النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
إفصاح المحكمة عن أخذها المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 عقوبات. يوجب عليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد فيها. علة ذلك.
معاقبة المحكمة الطاعن. بإحدى العقوبتين التخييريتين المقررتين للجريمة التي دين بها رغم إفصاحها عن معاملته بالمادة 17 عقوبات. خطأ في القانون. علة ذلك؟
(18) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". محكمة النقض "سلطتها".
لمحكمة النقض نقض الحكم من تلقاء نفسها لمصلحة المتهم. متى كان مبنياً على خطأ في القانون. أساس ذلك؟.
(19) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد أساس ذلك؟.
(20) "إعدام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------
1 - لما كانت المحكوم عليها الأولى... المقضي بإعدامها - وإن قررت بالطعن في الميعاد إلا أنها لم تقدم أسباب لطعنها، فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدد القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسباب يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغنى عنه.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليهما بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما.
3 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاص يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون.
4 - من المقرر أن قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفي لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما والتدليل على استعمالهما السم في قتل المجني عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل بالمس حسبما عرفتها المادة 233 من قانون العقوبات.
5 - من المقرر أن التسمم وإن كان صورة من صور القتل العمد، إلا أن المشرع المصري ميز القتل بالسم عن الصور العادية الأخرى للقتل بجعل الوسيلة التي تستخدم فيها لأحداث الموت ظرفاً مشدداً للجريمة لما ينم عن غدر وخيانة لا مثيل لهما في صور القتل الأخرى ولذلك أفرد التسمم بالذكر في المادة 233 من قانون العقوبات وعاقبت عليها بالإعدام ولو لم يقترن فيه العمد بسبق الإصرار إذ لا يشترط في جريمة القتل بالسم وجود سبق إصرار لأن تحضير السم في جريمة القتل في ذاته دال على الإصرار.
6 - من المقرر أنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك.
7 - وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى اقتنعت بصدقهم وأخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها لدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
8 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو من غيرها وهي لا تسأل في ذلك عن سبب أخذها بأي من رواياته إن تعددت لأن الأمر مرجعه إلى سلطتها في تقدير الدليل فما تطمئن إليه تأخذ به وما لا تطمئن إليه تطرحه، فإن النعي عليها أخذها بروايات الشهود في مرحلة سابقة دون تلك التي أدلوا بها في الجلسة دون بيان سبب ذلك يكون غير مقبول.
9 - من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد أو اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.
10 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني في عبارة صريحة تشتمل على المراد من هذا الدفاع ومن ثم لا تلتزم المحكمة بالرد عليه كما أنه لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأن دفاع موضوعي.
11 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها. والالتفات عما عداه.
12 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه الثاني لم يطلب إجراء تحقيق بشأن المادة السامة المستخدمة في القتل، ومن ثم فإنه لا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يحق له أن ينعى على المحكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلبه منها.
13 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى، ما قبل قفل باب المرافعة في الدعوى.
14 - للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث.
15 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ويكون النعي على الحكم في هذا المقام غير قويم.
16 - لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عما ورد بالتقرير الفني من خلو أظافره من آثار دماء المجنى عليه أو أي مادة كيميائية ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق - في هذا الصدد - طالما أنه لم يطلبه منها ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها.
17 - من المقرر أن العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم في حق المحكوم عليه الثاني تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المحكوم عليه الثاني طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهي إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة الاشتراك في القتل العمد بالسم التي دين المحكوم عليه الثاني بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذا كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة
الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن.
18 - كانت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبنى على خطأ في تطبيق القانون.
19 - لما كانت النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأول....... دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون التقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
20 - لما كان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التي دينت بها المحكوم عليها الأولى، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأي المفتي ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: بأنهما: - المتهمة الأولى: قتلت عمداً مع سبق الإصرار المجنى عليه بأن بيتت النية وعقدت العزم المصمم على قتله وأعدت لذلك مادة سامة "مبيد حشري" تسلمتها من المتهم الثاني ودستها في شراب احتساه المجني عليه فحدثت وفاته على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية. المتهم الثاني: اشتراك مع المتهمة الأولى بطرق الاتفاق والتحريض والمساعدة في قتل المجني عليه عمداً مع سبق الإصرار بأن اتفق معها وحرضها على قتله وساعدها في ذلك بأن قدم لها المادة السامة التي دستها في الشراب الذي احتساه المجني عليها فوقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة، وأحالتهما إلى محكمة جنايات لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة...... والمحكمة المذكورة قررت بجلسة..... وبإجماع الآراء بإرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي بالنسبة للمتهمة الأولى وبالجلسة المحددة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41/ 1، 231، 233 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهم الثاني. أولاً: وبإجماع الآراء بمعاقبة الأولى بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة للقضية بمذكرة مشفوعة برأيها ومحكمة النقض قضت أولاً: بقبول عرضت النيابة العامة للقضية شكلاً. ثانياً: بقبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات..... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى.
ومحكمة الإعادة بهيئة مغايرة قررت وبإجماع الآراء بإجالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى الجمهورية لإبداء الرأي الشرعي بالنسبة للمتهمة الأولى وحددت جلسة..... للنطق بالحكم. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41/ 1، 231، 233 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بالنسبة للمتهم الثاني أولاً: بإجماع الآراء بمعاقبة المتهمة الأولى.... بالإعدام شنقاً. ثانياً: بمعاقبة المتهم الثاني بالأشغال الشاقة المؤبدة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة برأيها..... إلخ.


المحكمة

من حيث إن المحكوم عليها الأولى...... المقضي بإعدامها - وإن قررت بالطعن في الميعاد إلا أنها لم تقدم أسباب لطعنها، فيكون الطعن المقدم منها غير مقبول شكلاً، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدد القانون هو شرط لقبوله، وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحده إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن المحكوم عليه الثاني ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بالاشتراك في جريمة القتل العمد بالسم قد ران عليه البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وبأدلتها، ولم يدلل تدليلاً سائغاً كافياً على توافر نية القتل، وعلى اشتراكه في الجريمة وأخذت المحكمة بروايات الشهود في مرحلة سابقة دون تلك التي أدلوا بها في الجلسة دون بيان سبب ذلك، ولم تفطن إلى وجود خلاف بين الدليلين القوى والفني، وعول الحكم على ما جاء بتقرير الصفة التشريحية وتقرير المعمل الكيماوي وما قرره الطبيب الشرعي من أن وفاة المجني عليه سمية دون أن تحقق المحكمة في خاصية المادة السامة المستخدمة في القتل وأطرحت بعض أقوال من قام بتحليل تلك المادة في هذا الخصوص، ولم تجبه المحكمة على طلبه فض حرز المادة السامة والاطلاع عليه، وتساند الحكم إلى التحريات وإلى شهادة الطبيب الشرعي بأن المادة سامة وسريعة المفعول رغم أنها جاءت عامة معماة، كما لم يعرض إيراداً لما أثاره الدفاع من أن التقرير الفني تضمن خلو أظفاره من آثار دماء المجنى عليه أو أي مادة كيميائية - وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهمة الأولى هي زوجة المجنى عليه وأنجبت منه طفلين وانغمست مع جارها المتهم الثاني في علاقة آثمة وطلبت من زوجها المشار إليها الطلاق بيد أنه قابل طلبها بالرفض فتدبرت مع المتهم الثاني أمر الخلاص منه وقدم لها الأخير مادة سامة دستها لزوجها المجني عليه في شراب الحلبة الذي احتساه فحدثت وفاته وأحاطت المتهم الثاني الأمر طالبة منه الخلاص من الجثة المسجاة في مسكن الزوجية فبادر بإحضار جوال وتعاونا معاً على وضع الجثة بداخله وحمله المتهم الثاني حتى منطقة بحر البلطي فأخرج الجثة وألقى بها في المياه. وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى المحكوم عليهما أدلة استقاها من أقوال وتحريات شاهدي الإثبات - ضابطي المباحث - ومن اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة ومما أثبته تقرير الصفة التشريحية وقرره الطبيب الشرعي وما أفاد به تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي. لما كان ذلك وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان المحكوم عليهما بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها منهما وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان المحكوم عليهما بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة للأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاص يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان هذا محققا لحكم القانون، ومن ثم فإن النعي بأن الحكم شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت مما حصله من تقرير الصفة التشريحية وتقرير المعامل الكيماوية وشهادة الطبيب الشرعي أن وفاة المجنى عليها سمية ناتجة عن وجود مادة من المبيدات الحشرية بأحشائه، كما استظهر نية القتل ودلل على توافرها في حق المحكوم عليهما في قوله "تستظهرها المحكمة من أن علاقتهما الآثمة دامت أكثر من عامين وتدبرا أمر جريمتهما وتحايل المتهم الثاني على شقيقته حتى يحصل منها على المادة السامة وقام بتجريبها على أحد الكلاب الضالة حتى يتأكد ويتيقن من نفاذ مفعولها في إحداث القتل وحرض المتهمة الأولى على الخلاصة من المجنى عليه حتى يخولها طريقها إلى الحرام، ورسما سوياً خطة الخلاص من الزوج المجنى عليه، وسلمها المادة السامة القاتلة، وأوعز إليها أن تدسها في أحد المشروبات التي تقدمها إلى المجنى عليه، وقامت المتهمة الأولى بتنفيذ ما اتفقت عليه مع المتهم الثاني بأن أفرغت المادة السامة كاملة في شراب الحلبة التي طلب المجنى عليه احتسائه من يديها وإذابتها فيه حتى لا يتبين المجنى عليه رائحتها وانتظرت حوالى الساعة بعد أن احتساها وتيقنت من وفاته أسرعت بخطأ هادئة إلى المتهم الثاني حيث عاد بصحبتها وحمل جثة المجنى عليه في أحد الأجولة التي أعدها لهذا الغرض للتخلص منه". وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان فيما أورده الحكم - على نحو ما سلف - ما يكفى لاستظهار توافر نية القتل لدى المحكوم عليهما والتدليل على استعمالهما السم في قتل المجني عليه مما يتحقق به الظرف المشدد لجريمة القتل بالمس حسبما عرفتها المادة 233 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان التسمم وإن كان صورة من صور القتل العمد، إلا أن المشرع المصري ميز القتل بالسم عن الصور العادية الأخرى للقتل بجعل الوسيلة التي تستخدم فيها لأحداث الموت ظرفاً مشدداً للجريمة لما ينم عن غدر وخيانة لا مثيل لهما في صور القتل الأخرى ولذلك أفرد التسمم بالذكر في المادة 233 من قانون العقوبات وعاقبت عليها بالإعدام ولو لم يقترن فيه العمد بسبق الإصرار إذ لا يشترط في جريمة القتل بالسم وجود سبق إصرار لأن تحضير السم في جريمة القتل في ذاته دال على الإصرار، ومن ثم يكون الحكم - على السياق المتقدم - قد استظهر توافر تلك الجريمة بكافة أركانها قبل المحكوم عليهما بوصف أولاهما فاعلة أصلية في جريمة القتل العمد بالسم مع سبق الإصرار وبوصف الثاني شريكاً له بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة وقد استظهر عناصر هذا الاشتراك وطريقته وبين الأدلة الدالة على ذلك بيانِاً يوضحها ويكشف عن قيامها من واقع الدعوى وظروفها، فضلاً عن أنه متى أثبت الحكم توافر نية القتل في حق الفاعل فإن ذلك يفيد توافرها في حق من أدانه معه بالاشتراك في القتل ما دام قد أثبت علمه بذلك، كما هو الحال في الدعوى المطروحة ومن ثم فإن نعى الطاعن على الحكم بالقصور في بيان اشتراكه مع المحكوم عليها الأولى في الجريمة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهى متى اقتنعت بصدقهم وأخذت بأقوالهم فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها لدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، كما أن لها الحق في أن تأخذ بأقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق أو من غيرها وهي لا تسأل في ذلك عن سبب أخذها بأي من رواياته إن تعددت لأن الأمر مرجعة إلى سلطتها في تقدير الدليل فما تطمئن إليه تأخذ به وما لا تطمئن إليه تطرحه، فإن النعي عليها أخذها بروايات الشهود في مرحلة سابقة دون تلك التي أدلوا بها في الجلسة دون بيان سبب ذلك يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تتطابق أقوال الشاهد أو اعترافات المتهم ومضمون الدليل الفني على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع جوهر الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكانت اعترافات المحكوم عليهما كما أوردها الحكم والتي يبين من المفردات المضمونة أن لها سندها من الأوراق لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله عن التقرير الفني، فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع لم يثير شيئاً بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني في عبارة صريحة تشتمل على المراد من هذا الدفاع ومن ثم لا تلتزم المحكمة بالرد عليه كما أنه لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض لأن دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة بإغفالها الرد عليه ما دام أنه لم يتمسك به أمامها لما كان ذلك، وكان تقدير آراء الخبراء والمفاضلة بين تقاريرهم والفصل فيما يوجه إليها من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية فى تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليها منها. والالتفات عما عداه، وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت على ما ورد بتقرير الصفة التشريحية وما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية وما قرره الطبيب الشرعي من أن وفاة المجنى عليه سمية نتيجة أحدى المركبات الكرباماتية من المبيدات الحشرية والتي عثر بأحشاء المجني عليه على آثار لها، وأن المادة المضبوطة هي إحدى المركبات الكربامتية من المبيدات الحشرية لانت، وأن المادة السامة شديدة المفعول لما تحدثه من تأثير على المخ وفق الوعى وتوقف التنفس وتؤدى إلى الوفاة في الحال وخلال ربع ساعة أو الساعة كحد أقصى، وأن المبيد الحشري هو المحدث للوفاة ويظل في جسم الإنسان بعد حدوثها، وأطرحت في حدود سلطتها التقديرية بعض أقوال من قام بتحليل المادة السامة في هذا الخصوص، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المحكوم عليه الثاني لم يطلب إجراء تحقيق بشأن المادة السامة المستخدمة في القتل، ومن ثم فإن لا يقبل منه إثارة شيء من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يحق له أن ينعى على المحاكمة قعودها عن القيام بإجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن المحكوم عليه الثاني وإن كان قد طلب بجلسات المحكمة ضم حرز المادة السامة وفضه، إلا أنه لم يعد إلى التحدث عن طلبه هذا ولم يصر عليه في مرافعته الختامية بجلسة.... اقتصر في هذه الجلسة على طلب البراءة بصفة أصيلة وطلب احتياطياً إلغاء ظرف سبق الإصرار فلا تثريب على المحكمة إن التفت عنه لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته هو الطلب الصريح الجازم الذي يصر عليه مقدمه إلى، ما قبل قفل باب المرافعة في الدعوى فيكون النعي على الحكم في هذا المقام لا محل له، لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززه لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث وكان ما أثاره المحكوم عليه الثاني لدى المحكمة الموضوع من تشكيك في أقوال الطبيب الشرعي المؤيدة بالتحريات وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل إن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها ويكون النعي على الحكم في هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن عما ورد بالتقرير الفني من خلو أظافره من آثار دماء المجنى عليه أو أي مادة كيميائية ومن ثم فلا يجوز له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق - في هذا الصدد - طالما أنه لم يطلبه منها ولم تر هي موجباً لإجرائه اطمئناناً منها لأدلة الثبوت التي عولت عليها في حكمها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المعروض أنه بعد أن انتهى إلى إدانة المحكوم عليه الثاني بجريمة الاشتراك في قتل المجني عليه عمداً بالسم المنصوص عليها في المادة 235 من قانون العقوبات مفصحاً عن استعمال المادة 17 منه أنزل به عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في القتل الذي يستوجب الحكم على فاعله بالإعدام هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات، وكانت المادة 17 من القانون آنف الذكر التي أعملها الحكم في حق المحكوم عليه الثاني تبيح النزول بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة التي عقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة أو السجن، وأنه وإن كان هذا النص يجعل النزول بالعقوبة المقررة للجريمة إلى العقوبة التي أباح النزول إليها جوازياً، إلا أنه يتعين على المحكمة إذا ما رأت أخذ المتهم بالرأفة ومعاملته طبقاً للمادة 17 المشار إليها ألا توقع العقوبة إلا على الأساس الوارد في هذه المادة باعتبار أنها حلت بنص القانون محل العقوبة المنصوص عليها فيه للجريمة محل الاتهام. وإذ كان ذلك، وكان الحكم قد أفصح عن معاملة المحكوم عليه الثاني طبقاً للمادة 17 من قانون العقوبات وأوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة، وهي إحدى العقوبتين التخيريتين المقررتين لجريمة الاشتراك في القتل العمد بالسم التي دين المحكوم عليه الثاني بها طبقاً للمادة 235 من قانون العقوبات فإنه يكون قد خالف القانون إذا كان عليه أن ينزل بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة إلى عقوبة الشاقة المؤقتة أو السجن. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لمحكمة النقض أن تنقض الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا تبين لها مما هو ثابت به أنه مبني على خطأ في تطبيق القانون. فإنه يتعين إعمال لنص المادة 39 من القانون سالف الذكر تصحيح الحكم باستبدال عقوبة الأشغال الشاقة خمسة عشر عاماً بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة المقضي بها على المحكوم عليه الثاني.
ومن حيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من القانون 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما تضمنه من إعدام المحكوم عليها الأولى....... دون إثبات تاريخ تقدميها بحيث يستدل منه على أنه روعي عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون التقيد بالرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوى في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية.
ومن حيث إن الثابت بمحضر جلسات المحاكمة أن محامياً مقبولاً للمرافعة أمام محكمة الجنايات - حسب كتابة نقابة المحامين المرفق - حضر مع المحكوم عليها وترافع عنها وأبدى ما عن له من أوجه دفاع فإن المحكمة تكون قد وفرت له حقها في الدفاع، وكان الحكم المعروض قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة القتل العمد بطريق السم التي دينت بها المحكوم عليها الأولى، وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها، وخلا من قالة مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر بإجماع الآراء من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى بعد استطلاع رأى المفتي ولم يصدر بعد قانون يسرى على واقعة الدعوى بما يغير ما انتهت إليه محكمة الموضوع فإنه يتعين إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليها الأولى.