جلسة 24 من ديسمبر سنة 1955
برياسة السيد الأستاذ حسن داود المستشار، وبحضور السادة الأساتذة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين المستشارين.
------------
(443)
القضية رقم 574 سنة 25 القضائية
(أ) رأفة. عقوبة. تقديرها.
إعمال حكم المادة 17 ع دون الإشارة إليها في الحكم. لا يعيبه ما دامت العقوبة الموقعة تدخل في الحدود المرسومة قانونا. تقدير العقوبة من إطلاقات قاضى الموضوع.
(ب) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته.
مثال في قتل عمد وشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد.
(ج) نقض. طعن لا مصلحة منه. لا جدوى من إثارته.
مثال في تسبيب حكم صادر في قضية قتل عمد وشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد.
(د) إثبات. الإثبات بوجه عام.
حرية المحكمة في تكوين عقيدتها من سائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث.
(هـ) ترصد. سبق إصرار.
ثبوت الطرف الثاني يغني عن البحث في شأن الأول.
(و) قتل عمد. فاعل.
اتفاق عدة متهمين على قتل شخص ومن يكون معه. إطلاق أعيرة نارية من أثنين من الجناة قتلت شخصا وأصابت آخر. مساءلتهما عن جنايتي القتل العمد والشروع فيه. كون مطلق الأعيرة النارية التي أصابت المجنى عليهما معلوما معينا بالذات أو غير معلوم. لا يهم.
-----------------
1 - إنزال المحكمة حكم المادة 17 من قانون العقوبات دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون وما دام تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته.
2 - لا جدوى مما يثيره المتهم في شأن عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد بالنسبة لواقعة الشروع في القتل ما دام الحكم قد رفع عليه العقوبة المقررة لجناية القتل العمد المقترنة بهذين الظرفين بعد تطبيق حكم المادة 17 من قانون العقوبتين باعتبارها أشد الجريمتين المسندتين إليه.
3 - لا جدوى للمتهم من النعي على الحكم بدعوى القصور في بيان نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد بالنسبة لجريمة الشروع في القتل ما دام المتهم يسلم في طعنه بتوافر تلك النية وثبوتها وبتحقق ظرفي سبق الإصرار والترصد أيضا بالنسبة لجناية القتل التي أوقعت عليه المحكمة عقوبتها بوصفها أشد الجريمتين المسندتين إليه.
4 - من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
5 - في ثبوت ظرف سبق الإصرار ما يغنى عن البحث في توافر ظرف الترصد.
6 - متى ثبت أن إطلاق الأعيرة النارية من المتهمين على المجنى عليهما كان تنفيذا لاتفاق تم بينهما وبين باقي الجناة على قتل المجنى عليه الأول ومن يتصادف وجوده معه من أهله فإن ذلك يكفى لمساءلتهما عن جنايتي القتل العمد والشروع فيه يستوى في ذلك أن يكون مطلق الأعيرة النارية التي أصابت المجنى عليهما معلوما معينا بالذات أو غير معلوم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين بأنهما: أولا - قتلا عبد السميع أبو زيد عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية ثم ترصداه في طريقه إلى منزله حتى إذا ما ظفرا به أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فأصيب بالإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - وثانيا - شرعا في قتل محمد عبد الرحمن فرج عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بأن انتويا قتله وأعدا لذلك أسلحة نارية ثم ترصداه في طريقه إلى منزله حتى إذا ما ظفرا به أطلقا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين قتله فأصيب بالإصابة الموضحة بالكشف الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو إسعافه بالعلاج. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 45، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات. فقررت بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة محمد أحمد حسن وخليفه أحمد حسنين بالأشغال الشاقة المؤبدة. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
عن التقرير الأول المقدم بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1954
من حيث إن مبنى الوجه الأول هو أن المحكمة إذ دانت الطاعنين بجريمتي القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد وطبقت المواد 32، 45، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات وعاقبتهما بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة دون أن تشير إلى شيء من موجبات الرأفة أو إلى تطبيق المادة 17 من ذلك القانون، فإنها تكون أخطأت لأن مقتضى تطبيق المواد التي ذكرتها أن تكون العقوبة هي الإعدام، فضلا عن أن ذلك منها يعد قصورا في البيان مستوجبا لنقض الحكم.
وحيث إنه لا مصلحة للطاعنين فيما يثيرانه في هذا الوجه، لأن العقوبة التي أنزلتها المحكمة بهما أخف من العقوبة التي يقولان إن المواد المطبقة كانت تقتضى توقيعها، هذا إلى أن المحكمة إذ طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبت كلا الطاعنين بالأشغال الشاقة المؤبدة على جناية القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد وهى الجريمة التي عقوبتها أشد فإن مفاد ذلك أنها أخذتهما بالرأفة وعاملتهما بالمادة 17 من قانون العقوبات، لما كان ذلك وكان إنزال المحكمة حكم تلك المادة دون الإشارة إليها لا يعيب حكمها ما دامت العقوبة التي أوقعتها تدخل في الحدود التي رسمها القانون، وما دام تقدير العقوبة هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون أن تكون ملزمة ببيان الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذى رأته، فإن ما ينعاه الطاعنان في هذا الوجه لا يكون سديدا.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أورد ما يفيد أن الطاعنين قد انعقد عزمهما على اغتيال المجنى عليه الأول عبد السميع أبو زيد وحده أخذا بالثأر، وأن المجنى عليه الثاني محمد عبد الرحمن فرج أصيب بعيار ناري أثناء الاعتداء المبيت على قتل عبد السميع مما يؤخذ منه أن ظرفي سبق الإصرار والترصد لم يكن أيهما منصبا على محمد عبد الرحمن فلا يصح في القانون اعتبار جريمة الشروع في قتله مقترنة بأحد هذين الظرفين، إذ لم يفكر الطاعنان في إصابته أو الاعتداء عليه إلا وقت أن اعتدى عليه بالفعل، هذا إلى أن قول الحكم إن الفاعلين أشخاص لم يكشف عنهم التحقيق بعد أن ذكر صراحة أنهما هما المرتكبان لجريمتي القتل والشروع فيه إنما ينطوي على التخاذل والتناقض.
وحيث إنه لا جدوى مما يثيره الطاعنان من عدم توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد بالنسبة لواقعة الشروع في القتل ما دام الحكم قد وقع عليهما العقوبة المقررة لجناية القتل العمد المقترنة بهذين الظرفين بعد تطبيق حكم المادة 17 من قانون العقوبات باعتبارها الجريمة الأشد من جناية الشروع في القتل، وما دام الطاعنان لا ينازعان في توافر هذين الظرفين بالنسبة لجريمة القتل، أما ما يدعيانه من وجود تناقض في أسباب الحكم فلا وجه له إذ يبين بجلاء من سياق العبارة التي وردت في ختامه ونصها "أن المتهمين محمد أحمد حسن وخليفة أحمد حسنين (الطاعنين) وهما أشخاص لم يكشف عنهم التحقيق للعداء القائم بينهما وبين عبد السميع أبو زيد القتيل وعائلته فقد عزموا على اغتياله أخذا بثأر عمران أبو جامع الذى قيل بأن القتيل قد قتله...." يبين من ذلك بجلاء وجود خطأ مادى في ذكر لفظ "وهما" وصحته "ومعهما" إذ لا يستقيم المعنى بغير ذلك الذى يدل عليه سياق العبارة، ولما كان هذا الخطأ ماديا فإنه لا يعيب الحكم ولا يؤثر في سلامته.
وحيث إن مؤدى الوجهين الثالث والرابع هو أن ما قاله الحكم في صدد توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار والترصد لا يصلح دليلا على ثبوت هذه النية وقيام هذين الظرفين إلا بالنسبة لجناية القتل دون جناية الشروع فيه لأن استدلال الحكم على ثبوت نية القتل بتعدد الإصابات وجسامة خطورتها وكونها في مواضع قاتلة لا يرد إلا على واقعة قتل عبد السميع أبو زيد فقط، أما المصاب محمد عبد الرحمن فلم تلحقه إلا إصابة واحدة في ركبته وهى ليست مقتلا، ولا يصح الاستدلال بهذه الإصابة على أن محدثها كان ينتوي إزهاق الروح، وإذا كان الجناة قد أطلقوا على هذا المصاب عدة مقذوفات نارية أخرى فإنها لم تصبه مما ينبغي تأويله بأنها أطلقت لمجرد الإرهاب والتخويف، ثم أن مدونات الحكم تفيد بذاتها أن المقصود بالقتل هو عبد السميع وحده، وليس فيما أثبته ما يفيد أن المصاب محمد عبد الرحمن كان مقصودا بالقتل هو الآخر، هذا إلى أنه ليس يصح في القانون وصف القتل الذى يقع على شخص غير من انعقد الإصرار السابق على قتله بأنه وقع عن سبق إصرار بل يعد القتل في هذه الصورة غير مقترن بسبق إصرار أو ترصد.
وحيث إن هذين الوجهين مردودان بأنه لا جدوى للطاعنين من النعي على الحكم بدعوى القصور في بيان نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد بالنسبة لجريمة الشروع في القتل ما دام الطاعنان يسلمان في طعنهما بتوفر هذه النية و ثبوتها وبتحقق ظرفي سبق الإصرار والترصد أيضا بالنسبة لجناية القتل التي أوقعت عليهما المحكمة عقوبتها بوصفها الجريمة الأشد، على أن المحكمة قد استظهرت توافر نية القتل عند الطاعنين وثبوت سبق الإصرار والترصد بالنسبة لكلا المجنى عليهما فقالت "إن نية القتل ثابتة بجلاء لا شبهة فيه من الآلات المستعملة في الجريمة (مسدسات) ومن الإصابات المتعددة البالغة في خطورتها وكثرتها وبلغت سبعا والتي ألحقها كل من المتهمين الثاني والثالث (الطاعنين) بمواضع خطرة من جسم القتيل والمجنى عليه محمد عبد الرحمن فرج (الذى شرع في قتله) والتي أودت بحياة عبد السميع أبو زيد في الحال على ما هو واضح من التقرير الطبي الشرعي وتقرير الصفة التشريحية. وحيث إن سبق الإصرار والترصد ثابتان أيضا من حمل المتهمين للسلاح وإعداد هذا السلاح معمرا بالطلقات وتعقبهما لفريستهما في أثناء مرورهما في الشارع ومباغتة القتيل بإطلاق الأعيرة النارية عليه على التعاقب من غير أن يصدر منه استفزاز لهما يدعو للاعتداء ثم قيام الباعث على الجريمة وهو رغبة المتهمين في الانتقام من القتيل وخاله (محمد عبد الرحمن فرج) لوجود العداء بين العائلتين وهو الأخذ بالثأر وكل هذا يجزم بأن المتهمين ارتكبا جريمة القتل والشروع فيه بإصرار سابق ونية عقداها من قبل وتربصا الفرص لتنفيذها... وللعداء القائم بينهما وبين عبد السميع أبو زيد القتيل وعائلته فقد عزموا على اغتياله أخذا بثأر عمران أبو جامع الذى قيل بأن القتيل قد قتله فاعدوا العدة لذلك وترصدوا له في المكان الذى اعتاد أن يمر فيه حتى إذا ظفروا به انهالت عليه الأعيرة النارية منهما فمات لساعته كما أصيب محمد عبد الرحمن فرج خال القتيل بالإصابة الموضحة في الكشف الطبي على الوجه السالف بيانه" وما قاله الحكم من ذلك هو استخلاص سائغ وبيان كاف في إثبات توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد وتتحقق به تلك النية كما يتحقق به هذان الظرفان على ما هو معرف به في القانون بالنسبة إلى جناية القتل وجناية الشروع فيه على السواء، إذ الواضح من تقريرات الحكم أن الطاعنين تربصا في الطريق ليتوصلا إلى تنفيذ قصدهما المصمم عليه من قبل وهو قتل المجنى عليه الأول ومن يتصادف وجوده معه من عائلته.
وحيث إن حاصل الوجهين الخامس والسادس هو أن المتهم مختار حسن أحمد قدم إلى محكمة الجنايات لمحاكمته مع الطاعنين عن جريمتي القتل العمد والشروع فيه اللتين دين بهما هذان الأخيران وقضت المحكمة ببراءته ودانتهما مع وحدة الدليل وتعادل مركزه معهما بالنسبة لما شهد به المجنى عليه الثاني محمد عبد الرحمن فرج ومحمود صالح، وما قاله الحكم من أن رواية المجنى عليه المذكور التي أدلى بها في الجلسة مرجعها إلى الرغبة في مجاملة عائلة المتهمين فإن كلا من مختار والطاعنين من عائلة واحدة مما كان يقتضى التسوية بينهم في المعاملة أما وقد فرقت المحكمة بينهم فذلك منها يعد تناقضا يعيب حكمها بما يوجب نقضه.
وحيث إن ما يثيره الطاعنان في هذين الوجهين مردود بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشاهد في حق أحد المتهمين وأن تدع ما لا تطمئن إليه منها في حق متهم آخر إذ أن تقدير الشهادة ووزن قيمتها التدليلية أمر موكول إليها وحدها وهى غير ملزمة ببيان علة اقتناعها أو عدم اقتناعها بشهادة الشاهد، فإذا كانت المحكمة قد أوضحت في حكمها العلة في إطراح شهادة المجنى عليه الثاني في حق أحد المتهمين مع أخذها بشهادته في حق الطاعنين على النحو المبين في النعي فإن ذلك لا يعيب حكمها لأنه لا أثر له على ما وقر في نفسها وصح في وجدانها.
وحيث إن مبنى الوجهين السابع والثامن هو أن الدفاع عن الطاعن الأول أبدى في جلسة المحاكمة عدم معقولية رواية المجنى عليه محمد عبد الرحمن فرج من أنه ذهب ليزيل ضرورة في المسجد الواقع في الطرف الآخر من الشارع مع وجود مسجد آخر قريب منه، كذلك تمسك الدفاع عن الطاعنين بأن معركة قامت في محل الحادث تبودلت فيها الأعيرة النارية من الجانبين ولم يعرف الفاعل فلم تأخذ المحكمة بهذا التصوير مع ثبوت صحته بالدليل المادة والدليل القولي إذ أصيب اثنان من أحد الفريقين، وأصيب اثنان آخران في مكان الحادث من الفريق الآخر، وأثبت الحكم أنه وجد تحت جثة القتيل دبشك بندقية مكسور وأنه كان مستعدا للقتال بها، فكان على الحكم أن يتحدث عن العيارات التي أطلقت ويبين ظروف إطلاقها خصوصا بالنسبة للقتيل الذى قيل أنه كان يحمل البندقية التي وجد دبشكها تحت جسمه، وذلك حتى يفهم المطلع على الحكم من البادئ بالعدوان ومن المدافع عن نفسه، وإذا كانت المحكمة قد عجزت عن معرفة ذلك فإنه كان عليها أن تقرر هذه الحقيقة إنصافا للحق وأن تعير الطاعنين قسطا مناسبا من رأفتها إن لم تر إعفاءهما من العقاب على أساس أن الشك يجب أن يؤول في صالح المتهم دائما، هذا فضلا عن أن تبادل الأعيرة النارية من الجانبين ينبني عليه القول بانتفاء ظرفي سبق الإصرار والترصد.
وحيث نه لا وجه لما يثيره الطاعنان فيما تقدم فقد بين الحكم واقعة الدعوى بيانا كافيا مشتملا على العناصر القانونية المكونة لجريمتي القتل العمد والشروع فيه مع سبق الإصرار والترصد اللتين دان الطاعنين بهما، وأورد على ثبوت هاتين الجريمتين في حقهما أدلة سائغة مقبولة من شأنها أن تؤدى إلى النتيجة التي خلص إليها، وعرض الحكم لدفاع الطاعنين ورد عليه بقوله "إن الدفاع عن المتهم الثاني (الطاعن الأول) قال بعدم معقولية رواية عبد الرحمن فرج من أنه ذهب ليزيل ضرورة في الجامع الواقع في الطرف الآخر من الشارع مع وجود جامع آخر بالقرب من منزل القتيل عبد السميع وهذا القول مردود بأن ذهاب المجنى عليهما إلى الجامع البعيد لا يستفاد منه كذب الشاهد فيما قرر، كما أن قول الدفاع بوجود معركة تبودل فيها إطلاق العيارات النارية من الجانبين ولم يعرف الفاعل قول لم يقم عليه دليل من التحقيقات". ولما كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفه من صور أخرى، ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكانت المحكمة قد أطرحت في حدود سلطتها التقديرية التصوير الذى قال به الدفاع عن الطاعنين للأسباب التي ساقتها، وكان يبين من الحكم أنه أورد واقعة العثور على دبشك البندقية في مقام سرد أدلة الثبوت قبل الطاعنين بقوله "ثانيا - قيام الباعث على الجريمة وهو العداء بين عائلة القتيل وعائلة المتهمين لاتهام القتيل في قتل عمران أبو جامع ومطارة عائلته له للأخذ بثأره منه وأخذه الحيطة لنفسه ووجود دبشك البندقية تحت جثته بعد قتله مما يدل على أنه كان دائم الحذر وإنما أخذ على غرة" وهذا الذى أورده الحكم يستقيم مع التصوير الذى استخلصه، لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعنان من ذلك لا يكون في واقعة سوى جدل وارد على موضوع الدعوى ومناقشة في أدلتها مما لا شأن لمحكمة النقض به.
وحيث إن مبنى الوجه التاسع هو أن المحكمة بعد أن بينت واقعة الدعوى وأوردت أدلتها قالت إن المصاب محمد عبد الرحمن فرج لم يذكر بالجلسة أنه رأى الطاعن الأول والمتهم مختار حسن أحمد الذى قضى ببراءته من بين المتهمين فناقشته المحكمة فيما قاله عن مختار في التحقيقات ولم تذكر أنها ناقشته فيما قاله الطاعن المذكور، مع أنه ذكر الاثنين في التحقيقات ولم يذكرهما بالجلسة ومع أن مركزهما واحد، هذا إلى أن المصاب المذكور قرر بجلسة المحاكمة أنه أصيب من الخلف وأنه لم يتحقق من الضاربين له فكأنها صدقت أقواله في التحقيقات بالنسبة إلى اثنين من المتهمين وهما الطاعنان ولم تصدقه بالنسبة لباقي المتهمين، وكان الأولى بها أن تعتد بأقواله في الجلسة لا سيما إذا لوحظ أن العيارات أطلقت من الجانبين، وأن الحكم قال عن مختار إن شهود النفي شهدوا له، وأن هؤلاء الشهود ليست لهم مصلحة في أداء شهادة باطلة، وذلك على الرغم من أن الشاهد محمود صالح جرح في الجلسة هؤلاء الشهود وذكر علاقتهم بالمتهم مختار، وهذا الاضطراب في أسباب الحكم يفيد أن المحكمة لم تتفهم واقعة الدعوى على الوجه الصحيح.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول للشاهد قرره في التحقيق الابتدائي وإن خالف قولا آخر له شهد به في الجلسة، كما أن لها أن تأخذ بقوله في حق متهم وتطرحه بالنسبة لمتهم آخر إذ الأمر في ذلك مرجعه إلى تقديرها هي للدليل واقتناعها به واطمئنانها إلى صحته، وإذا صح ما يقوله الطاعنان من أن المحكمة أغفلت مناقشة المجنى عليه الثاني محمد عبد الرحمن فيما قاله في التحقيق الابتدائي عن الطاعن الأول فإن ذلك لا يعيب حكمها خصوصا وأن القانون يجيز للدفاع مناقشة الشاهد في أقواله وتوجيه ما يرى توجيهه إليه من أسئلة، لما كان ذلك وكان لا شأن للطاعنين في التحدث عن قيمة شهادة شهود النفي الذين شهدوا لصالح مختار حسن أحمد ا لمحكوم ببراءته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل.
(عن التقرير الثاني المقدم بتاريخ 23 من نوفمبر سنة 1954)
وحيث إن مبنى الوجه الأول هو فساد الاستدلال، ذلك بأن المحكمة اعتبرت أن حمل السلاح بالنسبة لكلا الطاعنين دليل على الترصد للقتل، بينما اعتبرت ذلك بالنسبة للقتيل دليلا على مجرد الحرص والحذر فحسب، مع أن القتيل وأفراد عائلته من ذوى السوابق في القتل، ومع أن حمل السلاح لا يدل بذاته على الترصد إذ قد يكون الغرض منه هو الحرص والخشية من العدوان، لا سيما وقد وقع الحادث صباحا وكان المكان الذى يجلس فيه المتهمون طريقا عاما يكتظ بالمارة، ولم يكن لدى المتهمين علم بوقت خروج القتيل من منزله ومروره في مكان الحادث، وبذا تكون الأسباب التي استدل بها الحكم على توافر ظرف الترصد ير مؤدية حتما للنتيجة التي انتهى إليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض لظروف الترصد وأثبت قيامه في حق الطاعنين بأدلة سائغة كما مر القول عند الرد على الوجه الرابع من التقرير الأول، هذا إلى أن في ثبوت ظرف سبق الإصرار - الذى لم ينازع الطاعنان في هذا التقرير في ثبوته - ما يغنى عن البحث فيما يثيرانه عن ظرف الترصد.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن المحكمة لم تأخذ بأقوال المصاب محمد عبد الرحمن فرج في الجلسة وأخذت ببعض أقواله في التحقيقات وهو ما كان منها في حق الطاعنين أما البعض الآخر وهو ما تعلق بالمتهم مختار فقط أطرحته هذا على الرغم من أن الشطر الذى أخذت به يتعارض مع تقرير الطبيب الشرعي الذى جاء به أن الشاهد المذكور الشطر أصيب من الخلف مما يؤخذ منه أنه لم يتبين من من المتهمين صوب السلاح ومن منهم أطلق النار وأصاب القتيل، وهذا الذى أورده التقرير الطبى يؤيد ما قاله الشاهد في الجلسة ويبرر عدوله عما قرره في التحقيقات وينفى ما ذهب إليه الحكم من أن الدافع إلى هذا العدول هو رغبة الشاهد في مجاملة الطاعنين، يضاف إلى ذلك أن المحكمة بعد أن ذكرت في ختام حكمها سبب العداء بين عائلة الطاعنين وعائلة القتيل عادت وأوردت عبارة تفيد أن التحقيق لم يكشف عن وجود عداء بين العائلتين، وفى ذلك كله اضطراب في أسباب الحكم يعيبه بما يوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة بينت الباعث على ارتكاب الجريمة في وضوح وجلاء لا اضطراب فيه، على أن الباعث ليس ركنا من أركان الجريمة فلا يؤثر على سلامة الحكم الخطأ فيه أو التضارب في بيانه، أما ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه غير ذلك فقد سبق الرد عليه عند مناقشة الوجهين الخامس والسادس من التقرير الأول.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن المحكمة اتخذت من هرب الطاعن الثاني ووجوده مختبئا في الزراعة بغير علة مقبولة رغم إصابته في عينه دليلا على ارتكاب جريمة القتل مقترنة بظرف الترصد، مع أن هذا الدليل لا يؤدى إلى الإدانة وإنما يؤدى إلى ما تمسك به الدفاع من أن الواقعة هي معركة نشبت بين الطرفين بدليل وجود إصابات بكل من الطاعن الثاني والمتهم الخامس عبد الصبور نصار أحمد وقد سكتت المحكمة عن الرد على هذا الدفاع كما سكتت عما أثاره من أن وجود منازل على جانبي مكان الحادث يقيم فيها أعداء للمجنى عليهما وحدوث الإصابات بجسم القتيل على الوصف المبين بالتقرير الطبي يدلان على وقوع الجريمة من غير المتهمين، ذلك بأن التقرير الطبي أثبت أن القتيل أصيب من جهات متعددة ومن مسافات مختلفة بعضها من سنتيمترات والبعض الآخر من مسافة بعيدة في حين أن المتهمين كانوا صفا واحدا أمام دكان هنيدى، هذا إلى أن المحكمة لم تتعرض أيضا لمناقشة واقعة إصابة المتهم الخامس عبد الصبور وهى في عنقه من الخلف مما يؤيد أنه أصيب في معركة تدخل فيها فريق ثالث أو رابع، وإغفال المحكمة الرد على هذا الدفاع يعيبه بعيب القصور.
وحيث إن ما ينعاه الطاعنان في هذا الوجه مردود بأن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل ما يثيره الخصوم من أوجه دفاع موضوعية وحسبها أن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها وهى أن الطاعنين هما اللذان أطلقا النار على المجنى عليهما بقصد قتلهما فأحدثا بهما الإصابات التي أودت بحياة أحدهما وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد، إذ أن ذلك منها يعتبر ردا على الدفاع الموضوعي، هذا إلى أن المحكمة نفت للأسباب التي أوردتها حصول معركة بين الفريقين مما معناه أنها اعتبرت أن الطاعن الثاني وعبد الصبور نصار أصيبا في ظروف أخرى لا تأثير لها على واقعة الدعوى كما أثبتتها في حكمها ولا على مسئولية الطاعنين، لما كان ذلك وكان باقي ما يثيره الطاعنان في هذا الوجه هو جدل موضوعي، القول الفصل فيه لمحكمة الموضوع دون معقب، فإن ما ينعيانه فيما تقدم لا يكون مقبولا.
عن التقرير الثالث المقدم من الطاعن الأول بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954
من حيث إن ما جاء بالوجهين الأول والثالث من هذا التقرير هو بمعنى ما ورد بالأوجه الثاني والخامس والسادس والتاسع من التقرير الأول وبالأوجه المبينة بالتقرير الثاني وقد سبق الرد عليها جميعا فيما تقدم.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني هو أن المحكمة استندت في إدانة الطاعن الأول بجريمتي القتل العمد والشروع فيه إلى أقوال محمد عبد الرحمن في التحقيقات مع أن أقواله فيها اقتصرت على اتهام الطاعن المذكور على واقعة الشروع في قتله هو، أما واقعة قتل عبد السميع أبو زيد... فقد نسبها الشاهد إلى متهم آخر، كذلك قرر الشاهد المذكور أنه أصيب من الخلف فلم ير الضارب وأن الجناة متعددون ورتب الدفاع على ذلك استحالة تعيين مطلق العيار الأول الذى أصابه، غير أن المحكمة لم تبين وجه اقتناعها بأنه رأى الضارب، وقرر الشاهد بأنه عقب أن أصيب ارتمى على الأرض وجعل يحبو على يديه مسافة خمسة أمتار، وأن إصابة القتيل حدثت بعد إصابته هو، وأنه رأى كثيرين يطلقون الأعيرة النارية وتمسك الدفاع بأن هذه الظروف تقطع بعدم إمكان رؤية الجاني الذى أطلق العيار الأول على القتيل وهو العيار الذى قد يكون هو الذى أودى بحياته، وأثبت الطبيب الشرعي في تقريره أنه وجد بالقتيل سبع إصابات منها أربع إصابات في ظهره، وأن بعض هذه الإصابات حدثت من مسافة سنتيمترات وهذا يفيد أن الأعيرة أطلقت عليه بعد سقوطه على الأرض، بل وبعد أن فارق الحياة لأنه وجد تحت جثته دبشك بندقية مما ينبئ بأن الضارب لم يكن يخشى أحد وهو يطلق الأعيرة على ظهر القتيل ولم يره وقتئذ أحد وإلا لكان قبض عليه، فلو أن المحكمة أحاطت بكل ذلك والتفتت إليه لما قضت بإدانة الطاعن الأول.
وحيث إن المحكمة في سبيل تحقيق ما جاء بهذا الوجه أمرت بضم مفردات القضية وتبين من الاطلاع عليها أن المجنى عليه الثاني محمد عبد الرحمن فرج قرر في تحقيق النيابة بأنه كان يسير مع القتيل ووجدا المتهمين الخمسة جالسين بجوار دكان هنيدى فلما مرا بهم وجاوزاهم نحو خمسة أمتار أطلقت عليهما الأعيرة وأصيب هو في فخده من الخلف وسقط على الأرض. فالتفت نحو المتهمين فوجد أن الطاعن الأول هو الذى أطلق عليه العيار الناري الذى أصابه كما رأى باقي المتهمين ومن بينهم الطاعن الثاني يطلقون الأعيرة النارية على القتيل، فإذا كانت المحكمة قد استخلصت من أقوال الشاهد المذكور ومن عناصر الدعوى وظروفها أن الطاعنين ومعهما أشخاص آخرون لم يسفر التحقيق عن معرفتهم أطلقوا النار على المجنى عليهما عن سبق إصرار وترصد ورتبت على ذلك إدانة الطاعنين بجريمتي القتل والشروع فيه مع هذين الظرفين فإن استدلالها يكون مستندا إلى أصل ثابت في التحقيقات، ولما كان الحكم قد أثبت في بيان واقعة الدعوى التي استخلصها أن إطلاق الأعيرة النارية من الطاعنين على المجنى عليهما كان تنفيذا لاتفاق تم بينهما وبين باقي الجناة على قتل المجنى عليه الأول ومن يتصادف وجوده معه من أهله فإن ذلك يكفى لمساءلتهما عن جنايتي القتل العمد والشروع فيه اللتين دينا بهما يستوى في ذلك أن يكون مطلق الأعيرة النارية التي أصابت المجنى عليهما معلوما معينا بالذات أو غير معلوم، ومتى كان الأمر كذلك فإنه لا جدوى مما يثيره الطاعن الأول في هذا الوجه من استحالة تعيين الجاني الذى أحدث الإصابة القاتلة.
التقرير الرابع المقدم من الطاعنين بتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1954
من حيث إن الوجه الأول من هذا التقرير يتحصل في أن المحكمة حين دانت الطاعن الأول استندت في ذلك إلى أقوال المجنى عليه الثاني محمد عبد الرحمن فرج في التحقيقات دون أقواله بالجلسة في حدود سلطتها التقديرية غير أنها رأت أن تسوق المبرر للثقة في أقواله بالنسبة للطاعن المذكور بعد أن حرمته من هذه الثقة بالنسبة إلى المتهم مختار حسن فأفصحت عن هذا المبرر في صورة مطابقة أقواله وأقوال الشاهد محمود صالح للتقارير الطبية، إذ قررا أن عددا كبيرا من الأعيرة النارية أطلق على القتيل وتبين من تقرير الصفة التشريحية وجود سبع إصابات نارية بجثته، ويبدو أنها قصدت من إيراد هذا الدليل أن يكون ردا على ما أثاره الدفاع من تناقض التقرير الطبي مع أقوال الشهود، إذ قرر الشاهد محمد عبد الرحمن أن المسافة بين المتهمين والقتيل وقت أنا فاجأوه بإطلاق الأعيرة النارية عليه من الخلف كانت خمسة أمتار، وأثبت المحقق في محضر المعاينة التى أجراها بإرشاد ذلك الشاهد أن المسافة بين مكان وجود المتهمين ومكان إصابة القتيل هى ثمانية أمتار، أما الشاهد محمود صالح فقد قرر في التحقيقات أن المسافة حوالى مترين أو ثلاثة أمتار، على حين أن تقرير الصفة التشريحية أثبت أن إصابات الظهر التى كانت موضوع شهادة الشهود حدثت من مسافة قريبة لا تجاوز بضعة سنتيمترات، وإذن فالتوافق الذى يقول به الحكم بين أقوال الشاهدين وبين التقرير الطبي ليس له وجود، وفى ذلك خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال يعيبان الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين أثار في دفاعه أن ثمة خلافا بين أقوال محمد عبد الرحمن ومحمود صالح وبين التقارير الطبية في شأن المسافات التي أطلقت منها المقذوفات النارية على القتيل، كما أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه حين عرض لبيان أدلة الإثبات القائمة قبل الطاعنين قال فيما قاله "ثالثا - توافق أقوال محمد عبد الرحمن ومحمود صالح على والكشوفات الطبية وكشف الصفة التشريحية الموقعة على القتيل وعلى المجنى عليه محمد عبد الرحمن فقد قررا أن عددا كثيرا من الأعيرة النارية قد أطلق على القتيل وتأيدت هذه الأقوال بما جاء بكشف الصفة التشريحية الذى توقع على القتيل بعد وفاته من وجود إصابات عديدة بجسمه بلغت في مجموعها سبع إصابات" ومفاد ذلك أن المطابقة التي عناها الحكم مقصورة على كيفية تصوير الحادث في جوهره وعلى تعدد الأعيرة النارية التي أطلقها الجناة على جسم المجنى عليه، وليست عن المسافات التي أطلقت منها تلك الأعيرة عليه، وذلك بدلالة ما أثبته الحكم نقلا عن شهادة محمد عبد الرحمن من أنه لا يستطيع أن يحدد كيفية إطلاق الأعيرة على القتيل، كما لم يشر الحكم عند بيان مؤدى شهادة محمود صالح إلى المسافات التي أطلقت منها الأعيرة على المجنى عليه المذكور، لما كان ذلك فإن ما ينعاه الطاعنان فيما تقدم لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثاني والثالث هو بمعنى ما جاء بالوجهين السابع والثامن من التقرير الأول ويضيف الطاعنان أن المسجد الذى زعم المجنى عليه أنه ذهب إليه يقع على مسافة بعيدة أظهرها الرسم الذى تقدما به للمحكمة وهو في الوقت نفسه يجاور مساكن عائلة عمران، ومن أفرادها محمد عمران الذى سبق أن قتل واتهم بقتله ابن العمدة الذى تربطه بالقتيل عبد السميع أبو زيد صلة القربى، فإذا جاز تصور أن يترك المجنى عليه مسجدين قريبين منه - وأحدهما مملوك لعائلته- إلى مسجد آخر على مسافة بعيدة عنه، فإنه لا يصح في العقل أن يكون ذهابه إلى مسجد محاط بمساكن عائلة بينها وبين العمدة ثأر، ورد الحكم على هذا الدفاع ردا لا يصلح لتفنيده.
وحيث إنه سبق الرد على هذين الوجهين فيما تقدم، أما ما يثيره الطاعنان في شأن مجاورة المسجد الذى قصد إليه المجنى عليهما لمساكن يقيم فيها خصوم المجنى عليهما، فذلك جدل موضوعي يدور على تقدير أدلة الدعوى، وقد قالت محكمة الموضوع كلمتها فيه، فلا تقبل إثارته من جديد أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.