بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الأولى
-----------------------
بالجلسة المنعقدة علناً في يوم السبت
الموافق 15/3/2003م
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور
/ عبد الرحمن عثمان أحمد عزوز
رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / على فكرى حسن صالح ويحيى خضرى نوبى محمد وأحمد عبد الحميد حسن عبود ومحمد أحمد محمود محمد. نواب رئيس مجلس الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار / حتة محمود حتة
مفـوض الدولـةوحضور السيد / كمال نجيب مرسيس سكرتير المحكمة
أصدرت الحكم الآتي
فى الطعن رقم 11076 لسنة 47 ق. عليا
المقـــام من
ماهر عبد الحليم محمد على
ضــــــــــــــد
1- وزير الداخلية .
2- نائب وزير
الداخلية ومدير مصلحة الأمن العام .
3- نائب وزير
الداخلية ومدير أمن القاهرة .
في الحكم
الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة
فى
الدعوى رقم 8802 لسنة 52 ق بجلسة 3/7/2001
----------------------------------------
إجـــــــــــــراءات الطعن
----------------------
فى يوم السبت الموافق 25/8/2001 أودع الأستاذ الدكتور
/ محمود عاطف البنا المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن ، قلم كتاب المحكمة الإدارية
العليا تقرير طعن – قيد برقم 11076 لسنة 47 القضائية العليا – فى الحكم الصادر مـن
محـكمة القـضاء الإداري " الدائرة الرابعة بالقاهرة " فى الدعوى رقم
8802 لسنة 52 ق بجلسة 3/7/2001 ، والقاضى فى منطوقه " بقبول الدعوى شكلاً
ورفضها موضوعاً وإلزام المدعى المصروفات "
و
جرى إعلان الطعن إلى المطعون ضدهم على النحو المبين بالأوراق,
وأودعت
هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم
بقبوله شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بإلغاء القرار
المطعون فيه فيما تضمنه من رفض منح الطاعن ترخيص حمل سلاح و إلزام الجهة الإدارية
المصروفات .
وحدد
لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/6/2002 وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة
28/8/2002 ،وبتلك الجلسة قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا
"الدائرة الأولى / موضوع " لنظره بجلسة 2/11/2002 .
ونظرت
المحكمة الطعن بجلسات المرافعة على الوجه الثابت بمحاضر الجلسات ، وبجلسة
11/1/2003 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 15/3/2003 وصرحت بتقديم مذكرات فى شهر ،
ومضى هذا الأجل دون أن يقدم أى من الطرفين شيئا .
وبجلسة
اليوم صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
المحكمـــــــــــــــــــة
---------------------
بعد
الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه
بتاريخ 10/8/1998 أقام الطاعن الدعوى رقم 8802 لسنة 52 ق أمام محكمة القضاء
الإداري / الدائرة الرابعة بالقاهرة ، طالباً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى
الموضوع بإلغاء قرار مدير أمن القاهرة الصادر بتاريخ 18/4/1998 برفض منحه ترخيصاً
بحمل سلاح مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليهم بالمصروفات .
وقال شرحاً لدعواه : إنه تقدم إلى قسم شرطة حلوان التابع لمديرية أمن
القاهرة بطلب للترخيص لـه بحمل سلاح للدفاع عن النفس وأرفق بطلبه جميع الأوراق
المطلوبة وبناء عليه قامت جهة الإدارة بمخاطبة الجهات المعنية للتأكد من صلاحيته
لحمل السلاح فأفادت جميعها بصلاحيته ، إلا أنه فـوجئ بـقرار مدير أمن الـقاهـرة
رقـم 391 بـتاريخ 18/4/1998 – والمعلن إليه في 9/5/1998 – بعدم الموافقة على طلبه
لعدم وجود مبرر لحمل السلاح ، الأمر الذي حدا به إلى التظلم من هذا القرار بتاريخ
31/5 و 1/6/1998 ولكنه لم يتلق رداً على تظلمه مما اضطره إلى إقامة دعواه الماثلة
. ونعى المدعى على القرار المذكور مخالفته للقانون حيث إنه يعمل محامياً حراً
وتقتضى طبيعة عمله التنقل بين المحافظات وبحوزته مستندات مثل عقود البيع المطلوب
تسجيلها وإقامة القضايا لموكليه ، وقد يكون عرضة للكيد لـه أو التحرش به مما يعرضه
للسرقة أو القتل ، ولم تتوافر بحقه إحدى حالات الحظر المنصوص عليها فى المادة
السابعة من القانون رقم 349 لسنة 1954 ، ومن ثم يحق له الحصول على ترخيص بحمل
السلاح ، وخلص المدعى فى ختام صحيفة دعواه إلى طلباته سالفة البيان .
وبجلسة 3/7/2001 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فيه برفض
الدعوى ، وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أن المدعى تقدم بطلب
للترخيص لـه بحمل السلاح لأنه يشغل وظيفة محام حر تتطلب التنقل بين المحافظات
للترافع أمام المحاكم حاملاً معه مستندات القضايا التى يترافع فيها وشيكات يتم
تحصيلها لموكليه ، إلا أن الجهة الإدارية ممثلة فى وزارة الداخلية رفضت طلبه لعدم
كفاية المبررات التى تجيز لـه حمل السلاح وهو ما يدخل فى نطاق السلطة التقديرية
لها ، وهى سلطة جوهرها الإطلاق وحدها عيب الانحراف وإساءة استعمال السلطة والتى لم
ينسب لها المدعى أى انحراف فى استعمالها ، ومن ثم تكون دعوى المدعى فاقدة لسندها
القانونى جديرة بالرفض .
إلا أن المدعى (الطاعن) لم يرتض الحكم المذكور فأقام طعنه الماثل ينعى
فيه على الحكم أنه أخطأ تطبيق القانون وشابه فساد فى الاستدلال ، وذلك على سند من
القول بأن السبب الذى استندت إليه جهة الإدارة فى رفض منحه الترخيص – وهو القول
بعدم كفاية المبررات – لا يعدو أن يكون قولاً مرسلاً لا يصلح تسبيباً كافياً للرفض
، ويؤكد عكس ما هو ثابت بملف الترخيص ، فضلاً عن أنه حسن السمعة ولم يسبق أن وجه
إليه أى اتهام ، كما أن جهة الإدارة قد أخلت بمبدأ المساواة بينه وبين زملائه
الذين يعملون مثله بمهنة المحاماة ، إذ منحت كلا من الأستاذ / محى الدين غريب
حسانين والأستاذ / محمد محمود أحمد والأستاذ / شريف عبد المحسن محروس المحامين
ترخيصاً بحمل السلاح بينما حجبت عنه هذا الترخيص ، مما يعد تفرقة بين الحالات
المتماثلة بغير مبرر ظاهر وهو ما ينهض دليلاً على الانحراف بالسلطة وإساءة
استعمالها .
ومن حيث إن المادة (1) من القانون رقم 394 لسنة 1954 فى شأن الأسلحة
والذخائر تنص على أنه " يحظر بغير ترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه حيازة
أو إحراز الأسلحة النارية ... " كما تنص المادة (4) القانون المذكور على أنه
" لوزير الداخلية أومن ينيبه عنه رفض الترخيص أو تقصير مدته أو قصره على
أنواع معينة من الأسلحة أو تقييده بأى شرط يراه . ولـه سحب الترخيص مؤقتاً أو
إلغاؤه ، ويكون قرار الوزير برفض منح الترخيص أو سحبه أو إلغائه مسبباً ...
"
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى – وهو بصدد تطبيق هذه النصوص – على
أن المشرع فى قانون الأسلحة والذخائر سالف الذكر حظر حيازة أو إحراز أسلحة نارية
بدون ترخيص من وزير الداخلية أو من ينيبه ، وخول الجهة الإدارية سلطة تقديرية
واسعة فى هذا المجال فأجاز لها أن ترفض الترخيص أو التجديد وأن تقصر
مدته أو تقصره على أنواع معينة من الأسلحة دون سواها وأن تقيد الترخيص بأى شرط
تراه وأن تسحب الترخيص مؤقتاً أو تلغيه نهائياً ، كل ذلك حسبما يتراءى لها من ظروف
الحال و ملابساته بما يكفل وقاية المجتمع وحماية الأمن ، بيد أن هذه السلطة ليست
طليقة من كل قيد وإنما مقيدة بقيدين أساسيين : أحدهما عام وهو عدم التعسف أو
الانحراف فى استعمال السلطة ، و الآخر خاص وهو أن يكون القرار الصادر برفض منح
الترخيص ابتداء أو سحبه أو إلغائه بعد صدوره مسبباً ، ومن المقرر أنه كلما ألزم
المشرع صراحة فى القوانين واللوائح جهة الإدارة بتسبيب قرارتها وجب عليها ذكر
الأسباب التى بنت عليها قرارها واضحة جلية ، حتى إذا ما وجد فيها صاحب الشأن
مقنعاً تقبلها وإلا كان لـه أن يمارس حق
التقاضى للدفاع عن حقوقه ، ولهذا فإن للقضاء الإداري أن يمد رقابته على القرارات
الصادرة من جهة الإدارة بشأن تراخيص الأسلحة والذخائر حال النعى عليها بعدم
التسبيب أو التعسف فى استعمال السلطة أو بعدم صحة السبب الذى تذرعت به جهة الإدارة
.
ومن حيث إنه إعمالاً لهذه المبادئ ، ولما كان الثابت من الأوراق أن
الطاعن يعمل محامياً حراً وتقدم بطلب إلى جهة الإدارة للترخيص لـه بحمل سلاح نارى
للدفاع عن النفس ، وذلك لأن طبيعة عمله كمحام تقتضى التنقل بين المحافظات لمباشرة
القضايا الخاصة بموكليه وبحوزته مستندات مهمة مثل عقود البيع التى يراد تسجيلها
والشيكات المتنازع عليها وغيرها من المستندات ، ويخشى الاعتداء عليه أو التحرش به
من خصوم موكليه مما قد يعرضه للسرقة أو القتل ، إلا أن جهة الإدارة ( وزارة
الداخلية ) رفضت منحه الترخيص المطلوب بمقولة عدم كفاية المبررات اللازمة للحصول
عليه ، وهذا السبب الذى أفصحت عنه جهة الإدارة لا ينهض فى حد ذاته مبرراً كافياً
لحمل قرار الرفض على سببه المشروع ، فضلاً عن عدم كفايته لإجراء التسبيب الذى
استلزمه المشرع لمثل هذا القرار ، وذلك لكونه سبباً عاماً ومبهماً لا يحمل على
القناعة بجديته كما لا يمكن المحكمة من وزن مشروعية القرار ، ومن ثم وإذ خلت
الأوراق مما يفيد أن الطاعن قد قام به سبب من الأسباب التى نصت عليها المادة 7 من
قانون الأسلحة والذخائر سالف الذكر لعدم جواز الترخيص بحمل السلاح – ومنها صدور
حكم جنائى بالإدانة فى بعض الجرائم وعدم توافر اللياقة الصحية اللازمة لحمل السلاح
وعدم الإلمام باحتياطات الأمن الواجبة عند التعامل مع السلاح .... إلخ – فى ذات
الوقت الذى قدم فيه الطاعن تأييداً لدعواه حافظة مستندات طويت على صورة رخصتى
تسيير وقيادة سيارة باسمه وبطاقة عضوية بنقابة المحامين وصور توكيلات صادرة له من
عدة موكلين من محافظات مختلفة وأصل صحيفة حالة جنائية خالية من أية شوائب ، كما
قدم أيضاً حافظة أخرى طويت على صور تراخيص صادرة لبعض زملائه من المحامين بحمل
السلاح ، مما يفيد التفرقة والإخلال بمبدأ المساواة بين ذوى المراكز القانونية
المتماثلة حسبما ذهب إليه الطاعن ولم تقدم جهة الإدارة ما يدحضه ، فإن القرار الصادر
برفض الترخيص للطاعن بحمل السلاح يضحى والحالة هذه مخالفاً لأحكام القانون ومشوباً
بعيب إساءة استعمال السلطة ، مما يجعله مستوجب الإلغاء .
ومن حيث إنه لا ينال ذلك ما ذهبت إليه الجهة الإدارية فى دفاعها من أن
كون الطاعن يعمل بالمحاماة ليس مبرراً كافياً وحده لحمل السلاح ما دام لا يوجد نص
صريح على ذلك كما هو الشأن بالنسبة لبعض فئات معينة ، وذلك لما فى هذا القول من
خلط للأمور إذ ليس معنى توافر صفة المحامى لدى الطاعن أن تحول بينه وبين الحصول
على الترخيص إذا قامت لديه الدواعى والأسباب لحمل السلاح من واقع مهنته ، و إلا
انقلبت عليه هذه الصفة وبالاً وهو ما لا يسوغ قانوناً ، كما لا يقدح فى ذلك أيضاً
ما ساقته جهة الإدارة من أن منح بعض المحامين ترخيصاً بحمل السلاح لا يعنى أن
الأمر وجوبى عليها بمنح باقى المحامين هذا الترخيص لعدم وجود نص بذلك ولأنه يتم
بحث كل حالة على حدة ، إذ إنه فضلاً عن أن هذا الدفاع مردود بما سبق بيانه فإن جهة
الإدارة لم تقدم ما يفيد أن ثمة مغايرة بين حالة الطاعن وحالة زملائه المستشهد بهم
تبرر التفرقة بينهم فى المعاملة ، الأمر الذى يغدو معه هذا الدفاع غير منتج
قانوناً ولا يعول عليه بحال .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد ذهب غير هذا المذهب فإنه يكون قد خالف
القانون وأخطأ فى تطبيقه مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى
شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار .
ومن حيث إن من خسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة 184 مرافعات
" فلهــــــــــــذه
الأسبـــــــــاب"
---------------------------
حكمت المحكمة :
----------------
بقبول الطعن شكلاً,
وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء
القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المطعون
ضدها المصروفات عن درجتى التقاضى .
سكرتير المحكمـــــة رئيس المحكمـــــــة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق