جلسة 30 من يناير سنة 1950
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك وإبراهيم خليل بك المستشارين.
---------------
(92)
القضية رقم 4 سنة 20 القضائية
حكم. تسبيبه.
إدانة متهم في جريمة انتهاك حرمة الآداب علناً بعرضه للبيع كتباً تتضمن قصصاً وعبارات فاحشة. إقامتها على أسباب مؤدية إلى ذلك. المناقشة في هذا لا تقبل.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة هذا الطاعن بأنه انتهك علناً حرمة الآداب وحسن الأخلاق بأن عرض للبيع كتباً تتضمن قصصاً وعبارات فاحشة.
وطلبت عقابه بالمادتين 171و178 من قانون العقوبات.
ومحكمة عابدين الجزئية بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها عملا بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل وغرامة عشرين جنيهاً مصرياً وكفالة 300 قرش لوقف التنفيذ بلا مصاريف.
فاستأنف المتهم هذا الحكم.
ومحكمة مصر الابتدائية "بهيئة استئنافية" بعد أن أتمت سماع هذه الدعوى قضت فيها غيابياً بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بتأييد الحكم المستأنف ومصادرة الكتب المضبوطة عملا بالمادتين 30/2 و198/2 من قانون العقوبات. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم الغيابي وقضى في معارضته بتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الطاعن في هذا الحكم الأخير بطريق النقض الخ الخ.
المحكمة
وحيث إن وجه الطعن يتحصل في أن الحكم المطعون فيه استخلص قيام الركن الأدبي للجريمة مما لا ينتجه عقلا لأن الطاعن لا يعرف القراءة والكتابة ويشتري الكتب بالجملة من بائعيها دون أن يعرف محتوياتها ولا يرد على هذه الحقيقة تلك الفروض التي افترضها الحكم وهي لا تؤدي إلى ثبوت العلم الحقيقي بمحتويات الكتب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد تعرض لدفاع الطاعن من أنه ما كان يعرف محتويات الكتب ورد عليه بقوله "إن هذا الدفاع مردود بما يأتي": (أولا) المتهم كتبي يتجر في كتب بمختلف اللغات الأجنبية والمفروض أنه قبل أن يقتني شيئاً منها يطلع عليه إما بنفسه أو بواسطة آخر يجيد لغة الكتب المعروضة على المحل ليرى إن كانت مما تروج سوقه فيقبل على اقتنائها أم لا فضلا عن عدم إمكان تقدير ثمنها شراءً وبيعاً إلا بالإلمام بقيمتها العلمية أو الأدبية مما يستلزم الاطلاع عليها اطلاعاً فعلياً. (ثانياً) المفروض أن المتهم يعلم بمحتويات الكتب التي بمحله ليتيسر عليه إرشاد عملائه إلى موضع النوع الذي يريدون اقتناءه. (ثالثاً) المتهم لا شك يعرف حكم القانون بشأن عرض كتب مخلة بالآداب للبيع فهو من ثم للتحرز في وقوفه موقف الاتهام وخشية وقوعه تحت طائلة العقاب لا بد وأن يلم بموضوعات الكتب المعروضة عليه ليشتريها أو يمتنع عن شرائها. (رابعاً) لو أن المتهم يهمل الاطلاع على موضوعات الكتب فلا بد وأن المكتوب منها بخط اليد وعلى الآلة الكاتبة استوقف نظره - لو أنه لم يستكتبها لآخر، وذلك لأنه ليس من العادي في هذه الأيام عرض مخطوطات حديثة للبيع بل أن عرضها يدعو للشك والريبة ويستدعى فحصها للاطمئنان إليها وبالتالي فهو على الأقل ملم بموضوع هذا النوع من الكتب المضبوطة. (خامساً) جميع الكتب المطبوعة المضبوطة تحتوي على صور خليعة تنم عن موضوعاتها لكل ذي عينين مهما كان جهله باللغات الأجنبية فادحاً ثابتاً، وهي صور جنسية وعارية وما من شك في أن المتهم على الأقل يقلب صفحات ما يشتري من كتب إن لم يكن للقراءة فللتأكد من سلامتها وعدم تمزقها أو فقد بعض أوراق منها مما يفقد الكتاب قيمته وهو بالتالي مطلع على هذه الصور ملم بموضوع الكتب، ولما كانت هذه الأدلة من شأنه أن تؤدي إلى ما انتهى إليه الحكم من علم الطاعن بمحتويات الكتب التي عرضها للبيع قيام الركن الأدبي للجريمة التي دانه بها فلا محل لما يثيره في طعنه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق