الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 أغسطس 2013

( الطعن 1985 لسنة 34 ق جلسة 29/ 3/ 1965 س 16 ق 66 ص 308)


برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح.
-----------
- 1  جريمة "الجريمة المستحيلة". نصب
متى يعتبر الجريمة مستحيلة. إذا لم يكن في الأماكن تحقيقها مطلقا. كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل مثال.
لا تعتبر الجريمة مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً، كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل، أما إذا كانت تلك الوسيلة بطبيعتها تصلح لما أعدت له ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظرف آخر خارج عن إرادة الجاني فلا يصح القول باستحالة الجريمة. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه قدم الأوراق المزورة إلى موظفي مؤسسة مديرية التحرير تأييداً لزعمه الكاذب بتوريد أجهزة استقبال إذاعة لاسلكية للاستيلاء على قيمتها، إلا أن الجريمة لم تتحقق لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة هؤلاء الموظفين مما يعتبر شروعاً في جريمة نصب وليس جريمة مستحيلة.
- 2  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
إدانة الطاعن بالاشتراك مع متهم آخر في التزوير والتقليد ر يتعارض مع اعتباره مجنيا عليه في جريمة النصب التي دين بها المتهم الآخر. طالما أن وقوع هذه الجريمة على ما استظهاره الحكم كان لاحقا للاتفاق على التزوير والتقليد.
إن إدانة الطاعن بالاشتراك مع متهم آخر في التزوير والتقليد لا تتعارض مع اعتباره مجنياً عليه في جريمة النصب التي دين بها المتهم الآخر طالما أن وقوع هذه الجريمة على ما استظهره الحكم كان لاحقاً للاتفاق على التزوير والتقليد.
- 3  حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
التناقض الذي يعيب الحكم . هو ما يقع على أسبابه بحيث ينفى بعضها . ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة .
التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة.
- 4  إثبات " اعتراف". حكم " تسبيب الحكم . التسبيب غير المعيب".
أساس الأحكام الجنائية هو حرية المحكمة في تقدير أدلة الدعوى المطروحة عليها للمحكمة الأخذ باعتراف متهم على متهم آخر في التحقيقات. ما دامت قد اطمأنت إليه ولو عدل عنه بالجلسة.
من المقرر أن أساس الأحكام الجنائية هو حرية المحكمة في تقدير أدلة الدعوى المطروحة عليها، وللمحكمة أن تأخذ باعتراف متهم على متهم في التحقيقات ما دامت قد اطمأنت إليه ولو عدل عنه بالجلسة.
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 19/4/1959 بدائرة قسم ثان الجيزة محافظة الجيزة: أولا - المتهم الأول:(1) ارتكب تزويرا في محررات رسمية هي (قسيمة وارد رقم 807325 ومحضر صرف وإذن صرف رقم 1218) نسب صدورها إلى مؤسسة مديرية التحرير وذلك بأن اصطنع هذه المحررات وملأ بياناتها منتحلا صفة أمين مخازن المؤسسة المذكورة ووضع عليها إمضاءات نسبها كذبا إلى موظفي المؤسسة المختصين وختمها بخاتم مزور لهذه المؤسسة 2ـ قلد ختما لإحدى المصالح الحكومية وهو ختم مؤسسة مديرية التحرير واستعمله بالتوقيع به على المحررات سالفة الذكر(3) تداخل في وظيفة من الوظائف العمومية من غير أن تكون له صفة رسمية من الحكومة أو بإذن منها ذلك بأن انتحل بغير حق صفة أمين مخازن مؤسسة مديرية التحرير (4) توصل بالاحتيال إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالمحضر والمملوك للمتهم الثاني وكان ذلك باتخاذ صفة غير صحيحة واستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام الناس بوجود واقعة مزورة بأن ادعى أمام المتهم المذكور أنه أمين مخازن مؤسسة مديرية التحرير وأنه موفد من قبل المختصين بالمؤسسة المذكورة للتعاقد معه على صفقة وهمية خاصة بها واقتسام قيمة الصفقة فيما بينهم وتمكن بذلك من الاستيلاء على المبلغ سالف الذكر, (ثانيا) المتهم الثاني:(1) اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول على ارتكاب الجريمتين الأولى والثانية بأن اتفق معه على ارتكاب التزوير سالف الذكر وتقليد ختم مؤسسة مديرية التحرير والتوقيع به على المحررات المزورة فوقعت الجريمتان بناء على هذا الاتفاق(2) استعمل المحررات السالفة بأن قدمها للمختصين بمؤسسة مديرية التحرير لصرف مبلغ 5681 جنيها قيمة أجهزة لاسلكية ادعى أنه وردها للمؤسسة مع علمه بتزويرها (3) شرع في الاستيلاء على المبلغ النقدي سالف الذكر من مؤسسة مديرية التحرير وكان ذلك باستعمال طرق احتيالية من شأنها إيهام المختصين بالمؤسسة بوجود واقعة مزورة بأن ادعى أمامهم أنه قام بتوريد أجهزة لاسلكية للمؤسسة بناء على تعاقد سابق وقدم المحررات المزورة سالفة البيان وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو اكتشاف الموظفين تزوير هذه المحررات. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبة المتهم الأول بالمواد 155، 206/4، 211، 212، 336 من قانون العقوبات ومعاقبة المتهم الثاني بالمواد 206/4، 211، 212، 40/2، 41، 214، 336، 45، 46 من قانون العقوبات. فقـررت بذلك. ومحكمة جنايات الجيزة قضت حضوريا بتاريخ 12 نوفمبر سنة 1963 عملا بمواد الاتهام والمادة 32/2 من قانون العقوبات مع تطبيق المـادة 17 من نفس القانون بالنسبة للمتهم الثاني فقط. أولا:- بمعاقبة المتهم الأول بالأشـغال الشاقة لمدة خمس سنين ثانيا:ـ بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وذلك عن تهمة الاشتراك في جريمتي التزوير والتقليد. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
--------------
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الفساد في الاستدلال والتناقض والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بالاشتراك مع المتهم الأول في ارتكاب جرائم تزوير وتقليد محررات رسمية واستعمالها مع علمه بتزويرها وفي الوقت نفسه اعتبره مجنياً عليه في جريمة النصب التي دان بها المتهم الأول مع أن تزوير المحررات وتقليد الختم إنما كانا من بين الطرق الاحتيالية التي استعملها المتهم الأول في خديعته وحمله على تسليم ماله مما لا يستقيم معه القول بتوافر ركن العلم في حقه, وقد اقتصر الحكم على ذكر رواية واحدة للمتهم الأول اعترف فيها على الطاعن بالاشتراك معه في التزوير مع أن لهذا المتهم رواية أخرى أصر عليها بجلسة المحاكمة نفى فيها عن الطاعن العلم بالتزوير وقد أغفلها الحكم مع أنها هي الأجدر بالتصديق. كما استظهر الحكم علم الطاعن بالتزوير من اعتراف المتهم الأول عليه على الرغم من عدوله عنه بجلسة المحاكمة واتخذ من قول الطاعن بأنه ذهب إلى مؤسسة التحرير للاستيثاق من صحة الأوراق المزورة دليلاً على علمه بالتزوير مع أن هذا القول ينفي العلم به. هذا إلى أن الحكم دان الطاعن بالشروع في النصب على الرغم من أن إتمام الجريمة كان مستحيلاً إذ أن الأوراق التي قدمها الطاعن إلى مؤسسة التحرير كانت مزورة وليس لها أصل بالمؤسسة وقد قطع مدير المشتريات بها بتزويرها بمجرد النظر إليها
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بقوله: "إنها تتحصل في أن المتهم الأول ........ توجه في يوم 19/4/1959 إلى محل تجارة المتهم الثاني ...... (الطاعن) المعد لبيع أجهزة الراديو بدائرة قسم ثان الجيزة وأوهمه بأنه يعمل أميناً لمخازن مؤسسة مديرية التحرير وبأنه موفد من قبل المختصين بالمؤسسة المذكورة للتعاقد معه على صفقة وهمية وهي توريد 230 جهاز راديو واقتسام هذه الصفقة فيما بينهم فوافق المتهم الثاني على ذلك واتفق مع الأول على أن يصطنع الأخير أوراقاً مزورة ينسب صدورها إلى المؤسسة المذكورة فاصطنع إيصالاً رقم 807725 بسداد مبلغ 56ج و810م ومحضر فحص رقم 218 عن فحص أجهزة الراديو وكذلك إذن صرف رقم 218 ووقع عليها بإمضاءات نسبها كذباً إلى موظفي المؤسسة المختصين وختمها بخاتم مزور لهذه المؤسسة قام بتقليده بواسطة الجمع وتسلم المتهم الثاني هذه الأوراق المزورة وقدمها إلى مؤسسة مديرية التحرير في يوم 3/5/1959 مع علمه بتزويرها وذلك لصرف مبلغ 5681ج قيمة تلك الأجهزة مدعياً أنه قام بتوريدها بناء على تعاقد سابق إلا أنه تبين للمختصين في المؤسسة تزوير هذه الأوراق وعدم صحة الصفقة التي ادعى المتهم الثاني أنه قام بها وقد تمكن المتهم الأول إبان ذلك من الاستيلاء على مبالغ من النقود من المتهم الثاني بطريق النصب إذ أدخل في روعه أن إذونات الصرف الخاصة بثمن الصفقة الوهمية المذكورة يستحق عليها مبلغ 56ج و810م قيمة الدفع وكذلك طلب منه دفع مبلغ 24ج 700م ثمن جهاز راديو زاعماً له أنه إجراء ضروري لدفع قيمة تلك الصفقة وكذلك مبلغ يصل إلى الخمسين جنيهاً قيمة المصاريف التي ادعى أنه أنفقها ولما أبلغت النيابة بعد ذلك بالحادث باشرت تحقيقه وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة في حق المتهمين أدلة مستمدة من أقوال وكيل الإدارة المالية بمؤسسة التحرير ومدير إدارة المشتريات بها, ومما دل عليه الاطلاع على الأوراق المزورة وتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير ومن اعتراف المتهمين وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها. وبعد أن بين الحكم مؤدى هذه الأدلة خلص إلى ثبوت التهمة في حق الطاعن بقوله: "إنها ثابتة من اعتراف المتهم الأول باتفاقه معه على إتمام الصفقة واعترافه هو نفسه باتفاقه على إتمام الصفقة الوهمية وتقديمه الأوراق المزورة إلى الشاهد ..... راغباً في صرف القيمة المدونة بتلك الأوراق, ولا يقدح في هذا أن المتهم الأول حصل منه بطريق الاحتيال على مبالغ وصفها بأنها مصروفات ودمغات على الأوراق ذلك بأن هذا الاستيلاء كان لاحقاً للاتفاق على إتمام الصفقة وإعداد الأوراق المزورة ولا تنافر بين واقعتي التزوير المتفق بين المتهمين على ارتكابها وبين استيلاء المتهم الأول على المبلغ من المتهم الثاني بطريق الاحتيال". لما كان ذلك, وكانت إدانة الطاعن بالاشتراك مع المتهم الأول في التزوير والتقليد لا تتعارض مع اعتباره مجنياً عليه في جريمة النصب التي دين بها المتهم الأول طالما أن وقوع هذه الجريمة على ما استظهره الحكم كان لاحقاً للاتفاق على التزوير والتقليد, وكان التناقض الذي يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة, وهو ما خلا منه الحكم. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن أساس الأحكام الجنائية هو حرية المحكمة في تقدير أدلة الدعوى المطروحة عليها, وللمحكمة أن تأخذ باعتراف متهم على متهم في التحقيقات ما دامت قد اطمأنت إليه ولو عدل عنه بالجلسة. وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن اشترك مع المتهم الأول بطريق الاتفاق في ارتكاب جريمة التزوير وهو ما يكفي في بيان علمه بهذا التزوير. لما كان ذلك, وكانت الجريمة لا تعتبر مستحيلة إلا إذا لم يكن في الإمكان تحققها مطلقاً كأن تكون الوسيلة التي استخدمت في ارتكابها غير صالحة بالمرة لتحقيق الغرض الذي يقصده الفاعل, أما إذا كانت تلك الوسيلة بطبيعتها تصلح لما أعدت له ولكن الجريمة لم تتحقق بسبب ظرف آخر خارج عن إرادة الجاني فلا يصح القول باستحالة الجريمة. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه قدم الأوراق المزورة إلى موظفي مؤسسة مديرية التحرير تأييداً لزعمه الكاذب بتوريد أجهزة استقبال إذاعة لاسلكية للاستيلاء على قيمتها إلا أن الجريمة لم تتحقق لسبب لا دخل لإرادته فيه هو فطنة هؤلاء الموظفين مما يعتبر شروعاً في جريمة نصب وليس جريمة مستحيلة, وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن في شأن الشروع في جريمة النصب ما دام الثابت من الحكم أنه لم يدنه بهذا الوصف. لما كان ما تقدم, فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم يكون على غير أساس ويتعين لذلك رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق