الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الطعن 10871 لسنة 65 ق جلسة 31 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ق 125 ص 814

جلسة 31 من يوليه سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ومحمد عيد محجوب.

---------------

(125)
الطعن رقم 10871 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن، إيداعها".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
حق محكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
لجوء الضابط إلى وكيل النيابة في منزله لاستصدار الإذن بالتفتيش. لا مخالفة فيه للقانون.
(4) مواد مخدرة. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير إحراز المخدر بقصد الاتجار. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن.
(5) عقوبة "تطبيقها". مصادرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة. ماهيتها؟
قضاء الحكم المطعون فيه بمصادرة ما ضبط بحوزة الطاعن من نقود بوصف تحصيله في جريمة الاتجار في المخدر المضبوط. النعي عليه. غير مقبول.
(6) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في أقوال شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
مثال:
(7) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة لاعتباره حائزاً لها ولو لم تكن في حيازته المادية.
الجدل الموضوعي لا يقبل أمام النقض.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على نسبة المخدر والمضبوط للطاعن.

-----------------
1 - لما كان المحكوم عليه الأول..... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله، وكان التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية واحدة لا يقوم فيها إحداهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإن طعن المحكوم عليه الأول يكون غير مقبول.
2 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
3 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال الشهود فأطرحتها هذا فضلاً عن أن لجوء الضابط يوم تحريره محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده بمنزله لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق حريته ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته.
4 - لما كان الحكم قد عرض إلى قصد الطاعن والمحكوم عليه الآخر من إحراز المخدر المضبوط بقوله "وحيث إنه عن القصد من حيازة وإحراز المتهمين للمخدر المضبوط فلما كان الثابت من تحريات شهود الإثبات وأقوالهم في التحقيقات أن المتهمين يتجرون في المواد المخدرة، وكان هذا الذي انتهوا إليه قد تأيد بما نسبه هؤلاء للمتهمين الأول والثاني من أنهما أقرا لهم أثر ضبطهما بحيازتهما للمضبوطات واتجارهما في المواد المخدرة فضلاً عن ضبط المخدر المضبوط في حالة إعداد وتهيئة لبيعه إذ ضبط على زجاج برواز وضبطت الشفرة التي استخدمت في تعبئته كما ضبطت اللفافات الذهبية والفضية التي تستخدم في تعبئته. والمتهم الثاني فضلاً عما تناثر على الأرض حال التعبئة في مخدر الهيروين الأمر الذي يؤكد قصد الاتجار لدى المتهمين وأن المبالغ المضبوطة متحصلة من هذه التجارة". وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم قد دلل على توافر هذا القصد تدليلاً سائغاً.
5 - من المقرر أن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها بغير مقابل، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بمصادرة ما ضبط من نقد مصري في حوزة الطاعن الثاني إنما كان بوصفه متحصل من جريمة الاتجار في المخدر المضبوط التي توافرت في حقه فإن منعاه في هذا الشأن غير سديد.
6 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة في الواقعة التي أحال إليها الحكم بشأنها واستند إليها وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الملازم أول..... "أن تحرياته السرية والشاهد الثاني أسفرت عن اتجار المتهمين في المواد المخدرة وبعد استئذان النيابة العامة داهم والشاهد الثاني والثالث مسكن المتهم الأول..... وهو بالطابق الأرضي وتمكن من ضبطه إذ كان في مواجهته وتمكن الشاهد الثاني من ضبط المتهم الثاني.... بمعرفته على يسار الداخل ولم يفلح تعقب الشاهد الثالث للمتهم..... الذي تمكن من الفرار من خلال منور العقار...." مما مفاده أن ما أحال فيه الحكم إنما ينصب على ما قام به الضابطين الآخرين من إجراءات وإبراز دوره ودور كل منهما فلا عليه إن هو أحال في بيان شهادة الثاني والثالث إلى أقوال الأول الذي لم ينسب للثاني اشتراك في المراقبة أثناء التحريات ولم ينسب للأخير الاشتراك في التحريات أو ضبط وتفتيش المتهمين الأول والثاني. وهو ما لا يجادل الطاعن في صحته واشتمال الأوراق عليه وتكون معه مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت الأساس الصحيح الذي قامت عليه شهادة كل شاهد، ويتضح منها وجه استدلالها وسلامة مأخذها.
7 - لما كان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات حيازة الطاعن الثاني لمخدر الهيروين المضبوط بمسكن الطاعن الأول إلى تحريات ضابطي مكتب مكافحة المخدرات بالإسكندرية وأقوالهما التي اطمأن إليها والتي حصل مؤداها بأن الطاعن وآخرين يتجرون في المواد المخدرة ويحتفظ بها الطاعن الأول في مسكنه وبناء على إذن التفتيش الصادر للشاهد الأول قام ومرافقه الشاهد الثاني بضبط مخدر الهيروين على برواز وجد على منضدة بصالة مسكن الطاعن الأول عليه آثار لمخدر الهيروين ونصف شفرة حلاقة بها آثار لذات المخدر وقصاصات من الورق الذهبي والفضي بها آثار لمخدر الهيروين وحول المنضدة وأرضية الصالة وجدت حبيبات كثيرة من مادة الهيروين وعثر بجيب الصديري الذي يرتديه الطاعن الثاني على لفافة تحوي قطع من النايلون بها آثار لمخدر الهيروين ولفافة أخرى تحوي كمية من مخدر الهيروين. ولما كان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أقوال الشاهد الأول وتحرياته التي اطمأن إليها وعول عليها في الإدانة له أصله الثابت في الأوراق. وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً في التدليل على نسبة المخدر المضبوط للطاعن الثاني، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخر بأنهم حازوا وأحرزوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7، 340/ 1 بند أ، 2/ 6، 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريم كل منهما مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر والأدوات والمبالغ المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليه الأول..... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التقرير بالطعن بالنقض في الحكم هو مناط اتصال المحكمة به، وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله. وكان التقرير بالطعن وتقديم الأسباب التي بني عليها يكونان معاً وحدة إجرائية واحدة لا يقوم فيها إحداهما مقام الآخر ولا يغني عنه. فإن طعن المحكوم عليه الأول يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن طعن المحكوم عليه الثاني استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى أوجه الطعن التي تضمنتها تقريري الأسباب المقدمين من المحكوم عليه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر الهيروين بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد وإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لوقوعهما قبل صدور الإذن بهما واستدل على ذلك بأقواله في التحقيقات وأقوال شهود النفي وخلو دفتر أحوال قسم مكافحة المخدرات بالإسكندرية من مواقيت قيام القوة التي تولت الضبط والتفتيش وعودتها واستصدار الإذن من وكيل النيابة في منزله إلا أن الحكم رد على هذا الدفع بما لا يسوغ إطراحه - ولم يدلل على حيازته وإحرازه للمخدر المضبوط إذ ضبط بمسكن المحكوم عليه الأول. ولم يعثر بملابسه سوى على مجرد آثار للمخدر دون الوزن - كما انتهى إلى اعتبار إحراز الطاعن للمخدر بقصد الاتجار دون أن يورد تدليلاً سائغاً أو كافياً على توافر هذا القصد وقضى بمصادرة المبلغ المضبوط بالرغم من أنه ضبط في مسكنه الذي لا علاقة له بواقعة ضبط المخدر - كما أحال في بيان شهادة الشاهد الثاني والثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول على الرغم من أن الشاهد الثاني ذكر أنه لم يشترك في إجراء المراقبة أثناء التحريات وأن دوره اقتصر على القبض على الطاعن دون المحكوم عليه الأول كما أن الشاهد الثالث قرر أنه لم يشترك في إجراء التحريات وأن دوره وقف عند حد تتبع المتهم الهارب الذي لم يفلح في القبض عليه. كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، وما أورده تقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من دفاع المتهمين الأول والثاني ببطن القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة استناداً إلى ما قرره المتهمان المذكوران بشأن ميعاد ضبطهما فضلاً عن التلاحق الزمني في الإجراءات فإن المحكمة وقد اطمأنت إلى أقوال شهود الإثبات ووثقت في تصويرهم لواقعة الضبط فإنها تطرح دفاع المتهمين في هذا الشأن. ومن ثم فإن الدفع ذاك يضحى في غير محله". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها فإن ما رد به الحكم على السياق المتقدم يكون سائغاً وكافياً في إطراح الدفع ولا يقدح في ذلك قالة شهود النفي لما هو مقرر من أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لم تثق فيما شهدوا به وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها هذا فضلاً عن أن لجوء الضابط يوم تحريره محضر تحرياته إلى وكيل النيابة في مكان تواجده بمنزله لاستصدار الإذن بالتفتيش هو أمر متروك لمطلق حريته ولا مخالفة فيه للقانون وبالتالي ليس فيه ما يحمل على الشك في سلامة إجراءاته فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض إلى قصد الطاعن والمحكوم عليه الآخر من إحراز المخدر المضبوط بقوله "وحيث إنه عن القصد من حيازة وإحراز المتهمين للمخدر المضبوط فلما كان الثابت من تحريات شهود الإثبات وأقوالهم في التحقيقات أن المتهمين يتجرون في المواد المخدرة، وكان هذا الذي انتهى إليه قد تأيد بما نسبه هؤلاء للمتهمين الأول والثاني من أنهما أقرا لهم أثر ضبطهما بحيازتهما للمضبوطات واتجارهما في المواد المخدرة فضلاً عن ضبط المخدر المضبوط في حالة إعداد وتهيئة لبيعه إذ ضبط على زجاج برواز وضبطت الشفرة التي استخدمت في تعبئته كما ضبطت اللفافات الذهبية والفضية التي تستخدم في تعبئته، والمتهم الثاني فضلاً عما تناثر على الأرض حال التعبئة من مخدر الهيروين الأمر الذي يؤكد قصد الاتجار لدى المتهمين وأن المبالغ المضبوطة متحصلة من هذه التجارة"، وكان إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم قد دلل على توافر هذا القصد تدليلاً سائغاً - مما يضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المصادرة إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها بغير مقابل. وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بمصادرة ما ضبط من نقد مصري في حوزة الطاعن الثاني إنما كان بوصفه متحصل من جريمة الاتجار في المخدر المضبوط التي توافرت في حقه، فإن منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة في الواقعة التي أحال إليها الحكم بشأنها واستند إليها، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال الملازم أول.... "أن تحرياته السرية والشاهد الثاني أسفرت عن اتجار المتهمين في المواد المخدرة وبعد استئذان النيابة العامة داهم والشاهد الثاني والثالث مسكن المتهم الأول.... وهو بالطابق الأرضي وتمكن من ضبطه إذ كان في مواجهته وتمكن الشاهد الثاني من ضبط المتهم الثاني..... بمعرفته على يسار الداخل ولم يفلح تعقب الشاهد الثالث للمتهم..... الذي تمكن من الفرار من خلال منور العقار...." مما مفاده أن ما أحال فيه الحكم إنما ينصب على ما قام به الضابطين الآخرين من إجراءات وإبراز دوره ودور كل منهما فلا عليه إن هو أحال في بيان شهادة الثاني والثالث إلى أقوال الأول الذي لم ينسب للثاني اشتراك في المراقبة أثناء التحريات ولم ينسب للأخير الاشتراك في التحريات أو ضبط وتفتيش المتهمين الأول والثاني. وهو ما لا يجادل الطاعن في صحته واشتمال الأوراق عليه وتكون معه مدونات الحكم كافية بذاتها لإيضاح أن المحكمة حين قضت في الدعوى قد ألمت إلماماً صحيحاً بمبنى الأدلة القائمة فيها وأنها تبينت الأساس الصحيح الذي قامت عليه شهادة كل شاهد، ويتضح منها وجه استدلالها وسلامة مأخذها. ويضحى نعي الطاعن في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً لمادة مخدرة أن يكون محرزاً مادياً للمادة المخدرة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استند في إثبات حيازة الطاعن الثاني لمخدر الهيروين المضبوط بمسكن الطاعن الأول إلى تحريات ضابطي مكتب مكافحة المخدرات بالإسكندرية وأقوالهما التي اطمأن إليها والتي حصل مؤداها بأن الطاعن وآخرين يتجرون في المواد المخدرة ويحتفظ بها الطاعن الأول في مسكنه وبناء على إذن التفتيش الصادر للشاهد الأول قام ومرافقة الشاهد الثاني بضبط مخدر الهيروين على برواز وجد على منضدة بصالة مسكن الطاعن الأول عليها آثار لمخدر الهيروين ونصف شفرة حلاقة بها آثار لذات المخدر وقصاصات من الورق الذهبي والفضي بها آثار لمخدر الهيروين وحول المنضدة وأرضية الصالة وجدت حبيبات كثيرة من مادة الهيروين وعثر بجيب الصديري الذي يرتديه الطاعن الثاني على لفافة تحوي قطع من النايلون بها آثار لمخدر الهيروين ولفافة أخرى تحوي كمية من مخدر الهيروين. ولما كان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أقوال الشاهد الأول وتحرياته التي اطمأن إليها وعول عليها في الإدانة له أصله الثابت في الأوراق، وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً وسائغاً في التدليل على نسبة المخدر المضبوط للطاعن الثاني، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الشأن ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 11075 لسنة 65 ق جلسة 2 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 128 ص 842

جلسة 2 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلش نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

----------------

(128)
الطعن رقم 11075 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) حكم "بيانات التسبيب".
بيان الحكم وصف التهمة ومكان الواقعة والمكان المأذون بتفتيشه. كفايته. لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات.
(3) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خلو الحكم من إثبات مواقيت تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو الاختصاص الوظيفي لمصدره. لا يعيبه.
(4) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بياناته. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
إذن التفتيش لم يشترط له القانون شكلاً معيناً. وجود خطأ في مهنة المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو محل إقامته. لا يعيبه. طالما كان هو الشخص المقصود بالإذن.
(5) دفوع "الدفع بصدور إذن التفتيش بعد القبض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن رداً عليه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة الإعراض عن قالة شهود النفي. دون بيان العلة. قضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت. مفاده: إطراحها.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(8) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز المخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. لا يجوز إثارته أمام النقض.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(10) إثبات "شهود" محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(11) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". قصد جنائي.
حق محكمة الموضوع بيان حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة المطروحة عليها.
أخذ المحكمة بالتحريات مسوغاً للإذن بالتفتيش. لا يمنعها من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
(13) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال:
(14) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
مجرد إحراز المخدر مع العلم بماهيته. يتحقق به جريمة المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960.
(15) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض من أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ المادي في الحكم الذي لا أثر له على النتيجة التي انتهى إليها. لا يعيبه.
مثال.
(16) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". قبض. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم في بيان وقت القبض على الطاعن. لا يعيبه. ما دام أن القبض عليه تم بعد صدور الإذن.
(17) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم خطأه في الإسناد. غير جائز. متى أقيم على ما له أصل في الأوراق.
(18) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها. غير مقبول.
(19) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. عدم حيلولة ذلك دون استعانتها بأقوالهم في التحقيقات. ما دامت مطروحة على بساط البحث.
(20) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات اللذين تنازل الدفاع عن الطاعن عن سماعهما. غير جائز. ما دام أن الدفاع والنيابة العامة اكتفيا بتلاوة أقوالهما وترافع الدفاع في موضوع الدعوى.
(21) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم سماع شهود النفي. غير مقبول. ما دام الطاعن لم يطلب سماعهم وفق المادة 214/ 2 إجراءات.
(22) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم تلاوة أقوال شاهدي النفي. غير مقبول. ما دام أن الطاعن لم يطلب ذلك.
تلاوة الشهادة. من الإجازات التي رخص الشارع بها للمحكمة عند تعذر سماع الشاهد. وليست إجراء واجب الاتباع.

-----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقوله الطاعن - وصف التهمة المسندة إلى الطاعن ومكان الواقعة والمكان المأذون بتفتيشه مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو الاختصاص الوظيفي لمصدره، وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه عدم اختصاص مصدر إذن التفتيش أو من قام بإجراء تنفيذه وظيفياً أو محلياً، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
4 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في مهنة المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن.
5 - لما كان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
6 - لما كان للمحكمة أن تعول على شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها.
7 - لما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب ضم دفتر أحوال القسم أو مكتب مكافحة المخدرات، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الإخلال بحقه في الدفاع لعدم ضم دفتري الأحوال لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا يقبل النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها.
8 - لما كان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أن أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهدي الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.
9 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
10 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
11 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يقبل لدى محكمة النقض.
12 - لما كان من المقرر أن استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة من حق محكمة الموضوع التي لها أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المخدر في حق الطاعن وانتهى في منطق سليم إلى استبعاد قصد الاتجار أو التعاطي والاستعمال الشخصي في حقه فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب ذلك أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة وهو ما لم يتردى الحكم فيه.
14 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه واعتبره مجرد محرز للمخدر وعاقبه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقيق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، ويتضمن الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي.
15 - لما كانت الواقعة كما صار إثباتها في الحكم واضحة الدلالة - دون ما تناقض - على استقرار عقيدة المحكمة على أن الطاعن أجرى تفتيشه بورشته الخاصة للمصنوعات الجلدية - هو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن إذن النيابة العامة قد صدر لضبط وتفتيش شخص وورشة الطاعن، فإن الحكم إذا ما تناهى بعد ذلك إلى القول بأن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم - لا يعدو في صورة الدعوى أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها وليس تناقضاً معيباً مبطلاً له فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى التناقض لا يكون له محل.
16 - لما كان خطأ المطعون فيه في بيان وقت القبض على الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، طالما أن القبض على الطاعن قد تم بعد صدور إذن النيابة العامة بذلك.
17 - لما كان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات بشأن نشاط الورشة التي يمتلكها الطاعن له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل.
18 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن إجراء معاينة لمكان الضبط، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهدان.
19 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن يعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
20 - لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهدي الإثبات الواردة بالتحقيقات، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات اللذين تنازل صراحة عن سماعهما - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
21 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ولم يسلك من جانبه الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم.
22 - لما كان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن طلب تلاوة أقوال شاهدي النفي في التحقيق الابتدائي فليس له أن ينعى على المحكمة عدم تلاوة أقوالهما. وكان من المقرر أن تلاوة الشهادة هي من الإجازات التي رخص بها الشارع للمحكمة عند تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب وليست من الإجراءات التي أوجب عليها اتباعها، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 المرفق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى - بمذكرات أسباب طعنه الست - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر (هيروين) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والبطلان والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الإدانة، ولم يبين التهمة المسندة إلى الطاعن وتاريخ صدور إذن التفتيش ووظيفة مصدره والمكان المأذون بتفتيشه ومحل الواقعة ليتسنى التحقق من الاختصاص المكاني الذي أجرى التحريات ووكيل النيابة مصدر الإذن وتنفيذ الإذن في خلال الأجل المحدد به، هذا إلى أن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لقيامه على تحريات غير جدية لعدم إيرادها بيانات كافية عن المتهم والخطأ في بيان مهنته - وقد المستندات الدالة على مهنته الصحيحة - وقد رد الحكم على هذا الدفع بما لا يصلح رداً، كما أطرحت المحكمة الدفع بصدور إذن التفتيش بعد إجرائه بما لا يسوغ إطراحه رغم الاستدلال عليه بتلاحق الإجراءات وأقوال شاهدي النفي ولم تعن المحكمة بضم دفتري أحوال القسم ومكتب مكافحة المخدرات تحقيقاً لدفاع الطاعن ولم تعرض لقالة شاهدي النفي في هذا الشأن، كذلك فقد تمسك الدفاع بانقطاع الصلة بين المادة المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل لاختلاف الوزن بين تقرير المعمل الكيماوي وبين شهادة الوزن الذي أجرته النيابة العامة ولم يتناول الحكم هذا الدفع بالرد، واعتنق التصوير الذي أدلى به شاهدا الإثبات لواقعة الضبط على الرغم من أنه يستعصى على التصديق، وأغفل الرد على دفاع الطاعن بتلفيق الاتهام، ويضيف الطاعن أنه على الرغم من أن التحريات التي اطمأنت المحكمة إلى جديتها أسفرت عن توافر قصد الاتجار بالمخدر لديه، فقد خلص الحكم إلى استبعاد قيام هذا القصد في حقه مما يصم تدليله بالتناقض هذا إلى أن الحكم في تحصيله للواقعة ولأقوال النقيب.... أثبت أن تحرياته دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل يقيني على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن، كما أن الحكم إذ دان الطاعن بجريمة إحراز المخدر لم يحدد القصد من هذا الإحراز، ولم يفطن الحكم إلى أن قصد الطاعن - إن صحت الواقعة - هو التعاطي بدلالة سابقة الحكم عليه في جناية تعاطي مخدر الحشيش، هذا إلى أن الحكم بعد أن أورد في مدوناته أنه تم ضبط الطاعن بورشته عاد وأورد أن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم بما يصمه بالتناقض بشأن تحديد مكان الضبط، كما أخطأ الحكم في بيان وقت القبض على الطاعن، كما أن ما نسبه الحكم من أقوال إلى شاهدي الإثبات بشأن وقت القبض على الطاعن ونشاط الورشة التي يمتلكها يخالف الثابت بأقوالهما في التحقيقات، وأعرضت المحكمة عن طلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الضبط لاستجلاء مدى صحة الواقعة، كما أن المحكمة لم تسمع شاهدي الإثبات، وشاهدي النفي ولم تقم بتلاوة أقوال الأخيرين، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "أنها تتحصل في أنه في الساعة السادسة مساء يوم 20/ 12/ 1994 تم ضبط المتهم..... (الطاعن) محرزاً لعشرة لفافات ورقية بيضاء تحوي عقار الهيروين المخدر بالجيب الأيمن للبنطال الذي يرتديه وتزن 5.61 جرام وذلك أثناء تواجده بورشة المصنوعات الجلدية خاصته بمعرفة كل من النقيب..... والنقيب..... الضابطين بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات نفاذاً لإذن النيابة العامة لضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم". وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شاهدي الإثبات ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين مضمون الأدلة خلافاً لقول الطاعن وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به جميع الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، كان ذلك محققاً لحكم القانون، ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم من القصور في غير محله. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين - خلافاً لما يقوله الطاعن - وصف التهمة المسندة إلى الطاعن ومكان الواقعة والمكان المأذون بتفتيشه مما يكفي لتحقق الغاية التي توخاها القانون من إيجاب اشتمال الحكم على هذه البيانات، ولما كان لا يعيب الحكم خلوه من مواقيت تحرير محضر التحريات أو صدور الإذن أو الاختصاص الوظيفي لمصدره - وكان الطاعن لا يدعي في أسباب طعنه عدم اختصاص مصدر إذن التفتيش أو من قام بإجراء تنفيذه وظيفياً أو محلياً، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وأن القانون لا يشترط شكلاً معيناً لإذن التفتيش فلا ينال من صحته وجود خطأ في مهنة المأذون بتفتيشه أو خلوه من بيان صفته أو محل إقامته طالما أنه الشخص المقصود بالإذن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد تناول الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش على نحو يتفق وصحيح القانون، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان للمحكمة أن تعول على شهود الإثبات وتعرض عن قالة شهود النفي دون أن تكون ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم أو الرد عليها رداً صريحاً فقضاؤها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي بينتها يفيد دلالة أنها أطرحت شهادتهم ولم تر الأخذ بها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يطلب ضم دفتر أحوال القسم أو مكتب مكافحة المخدرات، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الإخلال بحقه في الدفاع لعدم ضم دفتري الأحوال لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا يقبل النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. لما كان ذلك، وكان جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شاهدي الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمأن إليه بغير معقب وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الدفع بتلفيق التهمة دفعاً موضوعياً لا يستوجب رداً على استقلال ما دام الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، فإن ما يثيره الطاعن بهذا الصدد لا يعدو بدوره جدلاً موضوعياً لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن عن دعوى التناقض مردوداً بأن استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة من حق محكمة الموضوع التي لها أن تتبين الواقعة على حقيقتها وأن ترد الحادث إلى صورته الصحيحة من مجموع الأدلة المطروحة عليها دون أن تتقيد في هذا التصوير بدليل بعينه، وكان ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات وأقوال الضابط ما يسوغ الإذن بالتفتيش ويكفي لإسناد واقعة إحراز المخدر إلى الطاعن، ولا ترى فيها ما يقنعها بأن هذا الإحراز كان بقصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز المخدر في حق الطاعن وانتهى في منطق سائغ إلى استبعاد قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حقه، فإن دعوى التناقض لا يكون لها محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة وإن أورد على لسان الضابطين شاهدي الإثبات أن الطاعن يتجر بالمادة المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق وإذ أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الإحراز ينأى عن قالة التناقض في التسبيب ذلك. أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما يثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة. وهو ما لم يترد الحكم فيه، ومن ثم كان هذا النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر قصد الاتجار في حقه واعتبره مجرد محرز للمخدر وعاقبه بموجب المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 التي لا تستلزم قصداً خاصاً من الإحراز بل تتوافر أركانها بتحقق الفعل المادي والقصد الجنائي العام وهو علم المحرز بماهية الجوهر علماً مجرداً من أي قصد من القصود الخاصة المنصوص عليها في القانون فإن في ذلك ما يكفي لحمل قضائه بالإدانة على الوجه الذي انتهى إليه، ويتضمن الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي. لما كان ذلك، وكانت الواقعة كما صار إثباتها في الحكم واضحة الدلالة - دون ما تناقض - على استقرار عقيدة المحكمة على أن الطاعن أجرى تفتيشه بورشته الخاصة للمصنوعات الجلدية - هو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن إذن النيابة العامة قد صدر لضبط وتفتيش شخص وورشة الطاعن، فإن الحكم إذا ما تناهى بعد ذلك إلى القول بأن الضبط تم نفاذاً لإذن النيابة العامة بضبط وتفتيش شخص ومسكن المتهم - لا يعدو في صورة الدعوى أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها وليس تناقضاً معيباً مبطلاً له فإن النعي على الحكم المطعون فيه بدعوى التناقض لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان خطأ المطعون فيه في بيان وقت القبض على الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً غير مؤثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، طالما أن القبض على الطاعن قد تم بعد صدور إذن النيابة العامة بذلك. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من أقوال شاهدي الإثبات بشأن نشاط الورشة التي يمتلكها الطاعن له صداه وأصله الثابت في الأوراق فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن عاب على النيابة العامة قعودها عن إجراء معاينة لمكان الضبط، دون أن يطلب من المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإنه ليس للطاعن أن ينعى عليها قعودها عن إجراء معاينة لم تطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائها بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشاهدان. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بتلاوة أقوال شاهدي الإثبات الواردة بالتحقيقات، وترافع الدفاع عن الطاعن في موضوع الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات اللذين تنازل صراحة عن سماعهما، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب سماع شهود نفي ولم يسلك من جانبه الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً أ/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، فلا تثريب على المحكمة إن هي فصلت في الدعوى دون سماعهم. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن طلب تلاوة أقوال شاهدي النفي في التحقيق الابتدائي فليس له أن ينعى على المحكمة عدم تلاوة أقوالهما. وكان من المقرر أن تلاوة الشهادة هي من الإجازات التي رخص بها الشارع للمحكمة عند تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب وليست من الإجراءات التي أوجب عليها اتباعها، فإن ما يثيره الطاعن لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه.

الطعن 11298 لسنة 62 ق جلسة 2 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 127 ص 839

جلسة 2 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلش نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

--------------

(127)
الطعن رقم 11298 لسنة 62 القضائية

إتلاف. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". قصد جنائي.
جريمة إتلاف المزروعات المؤثمة بنص المادة 367 عقوبات. عمدية. القصد الجنائي فيها. تحققه بتعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه أنه يحدثه بغير حق. ضرورة تحدث الحكم استقلالاً عنه أو أن يكون فيما أورده من وقائع ما يكفي للدلالة على قيامه.
إدانة الطاعن بجريمة إتلاف المزروعات لمجرد تسببه في غرق الأرض المنزرعة دون استظهار القصد الجنائي. قصور.

----------------
لما كانت جريمة إتلاف الزرع المؤثمة قانوناً بنص المادة 367 من قانون العقوبات إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف، وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن تعمد إتلاف المزروعات موضوع الاتهام، إذ أن تسببه في غرق الأرض المنزرعة لا يعد بمجرده دليلاً على اتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: أحدث عمداً بالمجني عليه..... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك بأداة "عصاه". ثانياً: أتلف عمداً المزروعات المملوكة للمجني عليه. وطلبت عقابه بالمادتين 242/ 1 - 3، 367 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الزقازيق قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام ببراءة المتهم من التهمة الأولى وبحبسه أسبوعين مع الشغل عن التهمة الثانية وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه والنيابة العامة. ومحكمة الزقازيق الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إتلاف مزروعات قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة الإدانة، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والتدليل على ثبوتها في حق الطاعن على قوله: "وحيث إنه عن التهمة الثانية المسند إلى المتهم الأول (الطاعن) وهي تهمة الإتلاف فإنها ثابتة في حق المتهم وذلك أخذاً بما هو ثابت بمحضر المعاينة المؤرخ..... والثابت به أن المتهم تسبب في غرق مساحة 12 ط بالمياه وأنه ترتب على ذلك إتلاف محصول الذرة، ومن ثم يتعين معاقبة المتهم عملاً بالمادة 367/ 1 عقوبات". لما كان ذلك، وكانت جريمة إتلاف الزرع المؤثمة قانوناً بنص المادة 367 من قانون العقوبات إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، وهو ما يقتضي أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يستظهر توافر القصد الجنائي في جريمة الإتلاف. وكانت مدوناته لا تفيد في ذاتها أن الطاعن تعمد إتلاف المزروعات موضوع الاتهام، إذ أن تسببه في غرق الأرض المنزرعة لا يعد بمجرده دليلاً على اتجاه إرادته إلى إحداث الإتلاف وعلمه بأنه يحدثه بغير حق، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب قصوراً يعيبه بما يوجب نقضه والإعادة، دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 9349 لسنة 62 ق جلسة 9 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 129 ص 857

جلسة 9 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ الصاوي يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك ورشاد قذافي نواب رئيس المحكمة.

----------------

(129)
الطعن رقم 9349 لسنة 62 القضائية

بناء على أرض زراعية. قانون "تفسيره". مسئولية جنائية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية مسكناً خاصاً به أو بناء يخدم أرضه طبقاً لشروط قرار وزير الزراعة رقم 124 لسنة 1984. غير مؤثم. المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983. مؤدى ذلك؟
دفاع الطاعن أن ما قام به من بناء عبارة عن حظيرة ماشية لخدمة الأرض الزراعية. جوهري. وجوب تمحيصه والرد عليه. إغفال ذلك. قصور.

---------------
لما كانت المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983 قد نصت على أن "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها وتعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر. (أ)...... (ب)..... (جـ)..... (د)..... (هـ) ..... الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدرها قرار وزير الزراعة..." وقد أصدر وزير الزراعة قراره الرقيم 124 لسنة 1984 في شأن شروط وإجراءات منح تراخيص البناء في الأراضي الزراعية والمنشور في الوقائع المصرية العدد 208 بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1984 ونص في المادة الخامسة منه على الشروط اللازمة لإقامة مسكن خاص للمالك بزمام القرية أو ما يخدم أرضه ومجملها عدم وجود مسكن للمالك بالقرية أو لأحد أفراد أسرته وألا تزيد المساحة التي يقام عليها السكن على 2% من مجموع حيازات المالك بالملك دون الإيجار وبحد أقصى قيراطين مع استقرار الوضع الحيازي بالنسبة لمالك الأرض لمدة لا تقل عن سنتين زراعيتين... الخ. ولما كان مؤدى ذلك أن إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية سكناً خاصاً له أو ما يخدم أرضه في حدود الشروط سالفة الذكر لم يعد يستوجب استصدار ترخيص بذلك من وزارة الزراعة بل أصبح فعلاً غير مؤثم إذا توافرت الشروط المقررة قانوناً، وإذ كان مناط التأثيم في حق الطاعن يقتضي استظهار مدى مخالفة ما أجراه المالك للشروط المتقدمة من واقع الأدلة المطروحة في الدعوى، ومن ثم فقد كان على الحكم - وقد أثير هذا الدفاع أمام محكمة أول درجة - أن يمحصه وأن يرد عليه بما يفنده لما ينبني عليه - لو صح - من تغيير وجه الرأي في الدعوى، أما هو لم يفعل بل دان الطاعن دون أن يرد على ذلك الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بغير ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 152، 156 من القانون رقم 116 لسنة 1983. ومحكمة جنح بسيون قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الإيقاف والإزالة وغرامة عشرة آلاف جنيه. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إقامة بناء على أرض زراعية بدون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب ذلك أنه أغفل دفاعه القائم على أن ما قام به من بناء هو حظيرة لخدمة أرضه الزراعية يشمله الاستثناء من الحظر الوارد بالقانون رقم 116 لسنة 1983 الأمر الذي يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة 22/ 9/ 1991 أن المدافع عن الطاعن دفع أمام محكمة أول درجة بانتفاء الجريمة المسندة إليه تأسيساً على أن ما قام به من بناء عبارة عن حظيرة ماشية لخدمة أرضه الزراعية، ويبين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه - والذي لم يضف إليه إلا ما رد به على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها - أنه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى وأدلة ثبوتها على قوله: "وحيث إن وجيز الواقعة يخلص فيما أثبته مدير جمعية...... الزراعية بمحضره المؤرخ 12/ 5/ 1990 من أن المتهم..... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص وبسؤال المتهم أنكر ما نسب إليه، وحيث إن القضية تداولت بالجلسة على النحو الثابت بمحاضرها ومثل وكيل المتهم وطلب ندب خبير في الدعوى وأصدرت المحكمة حكمها التمهيدي وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بطنطا ليعهد إلى خبير مختص تكون مهمته... الخ وحيث إن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى وتقرير الخبير أن التهمة المسندة إلى المتهم ثابتة في حقه ثبوتاً كافياً مما تقدم وعدم دفع المتهم لما أسند إليه بأية دفاع أو دفع قانوني سليم الأمر الذي يتعين معه على المحكمة القضاء بمعاقبته طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج". لما كان ذلك، وكانت المادة 152 من القانون رقم 116 لسنة 1983 قد نصت على أن: "يحظر إقامة أية مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها وتعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب).... (جـ).... (د).... (هـ).... الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه وذلك في الحدود التي يصدرها قرار وزير الزراعة...." وقد أصدر وزير الزراعة قراره الرقيم 124 لسنة 1984 في شأن شروط وإجراءات منح تراخيص البناء في الأراضي الزراعية والمنشور في الوقائع المصرية العدد 208 بتاريخ 13 من سبتمبر سنة 1984 ونص في المادة الخامسة منه على الشروط اللازمة لإقامة مسكن خاص للمالك بزمام القرية أو ما يخدم أرضه ومجملها عدم وجود مسكن للمالك بالقرية أو لأحد أفراد أسرته وألا تزيد المساحة التي يقام عليها السكن على 2% من مجموع حيازات المالك بالملك دون الإيجار وبحد أقصى قيراطين مع استقرار الوضع الحيازي بالنسبة لمالك الأرض لمدة لا تقل عن سنتين زراعيتين... إلخ. ولما كان مؤدى ذلك أن إقامة مالك الأرض الزراعية بالقرية سكناً خاصاً له أو ما يخدم أرضه في حدود الشروط سالفة الذكر لم يعد يستوجب استصدار ترخيص بذلك من وزارة الزراعة بأن أصبح فعلاً غير مؤثم إذا توافرت الشروط المقررة قانوناً، وإذ كان مناط التأثيم في حق الطاعن يقتضي استظهار مدى مخالفة ما أجراه المالك للشروط المتقدمة من واقع الأدلة المطروحة في الدعوى، ومن ثم فقد كان على الحكم - وقد أثير هذا الدفاع أمام محكمة أول درجة - أن يمحصه وأن يرد عليه بما يفنده لما ينبني عليه - لو صح - من تغيير وجه الرأي في الدعوى، أما هو لم يفعل بل دان الطاعن دون أن يرد على ذلك الدفاع فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب مما يعيبه ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 9543 لسنة 62 ق جلسة 9 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 130 ص 861

جلسة 9 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشي نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

----------------

(130)
الطعن رقم 9543 لسنة 62 القضائية

(1) تقسيم. قانون "تفسيره".
إسباغ وصف التقسيم على الأرض. شروط توافره وأساسه؟
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سلامة حكم الإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون. رهن باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 وإثبات توافرها.
سلامة الحكم بالإدانة. شرطه؟
خلو الحكم المطعون فيه من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه وأدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى. قصور.

----------------
1 - من المقرر أن المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين. كما يعتبر تقسيماً إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة". ومؤدى نص هذه المادة أنه يجب لإسباغ وصف التقسيم على الأرض أن تتوافر عدة شروط هي أن تكون تجزئة الأرض داخل نطاق المدن، وأن تكون التجزئة لأكثر من قطعتين، أو إنشاء أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة.
2 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أنه يلزم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون يعني الحكم باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني وأن يثبت توافرها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم الابتدائي أو ما أضافه الحكم الاستئنافي إلى أسبابه على النحو المار بيانه قد خلا من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه في قضائه بإدانة الطاعن، ولم يستظهر ما إذا كان هناك تقسيم بالمعنى الذي عناه القانون، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كل من 1 -.... (طاعن) 2 -...... (محكوم عليه) - بأنهما أولاً: المتهم الأول: قام بتقسيم الأرض المبينة بالأوراق على خلاف الاشتراطات المحددة من الوحدة المحلية. ثانياً: المتهم الثاني: قام بالبناء على قطعة أرض التقسيم دون استيفاء الشروط المحددة وطلبت عقابهما بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح منوف قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهم شهراً مع الشغل وكفالة عشرة آلاف جنيه وكذا واحد جنيه عن كل يوم تأخير عن تنفيذ حكم الإزالة. عارضا وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف المحكوم عليه الأول. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ/..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة تقسيم قطعة أرض على خلاف الاشتراطات المحددة من الوحدة المحلية قد شابه القصور في التسبيب ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى ولم يستظهر أركان الجريمة وحررت أسبابه بعبارات عامة مجملة. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها بعد أن أشار إلى وصف الاتهام - في قوله "وحيث إن واقعة الدعوى تخلص فيما جاء بالمحضر المحرر في هذا الشأن.. وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم أخذاً بما جاء بمحضر ضبط الواقعة فضلاً عن عدم دفع المتهم لهذا الاتهام بدفاع مقبول بما يتعين معه عقابه بنص المادة 304/ 2 أ. ج". وأضاف الحكم الاستئنافي إلى هذه الأسباب قوله "وحيث إن الاتهام المسند للمتهم ثابت في حقه ثبوتاً كافياً على نحو ما جاء بتقرير الخبير ومن ثم تعين تأييد الحكم المستأنف". لما كان ذلك، وكانت المادة الحادية عشر من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني قد نصت على أنه "في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالتقسيم كل تجزئة لقطعة أرض داخل نطاق المدن إلى أكثر من قطعتين. كما يعتبر تقسيماً إقامة أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة". ومؤدى نص هذه المادة أنه يجب لإسباغ وصف التقسيم على الأرض أن تتوافر عدة شروط هي أن تكون تجزئة الأرض داخل نطاق المدن، وأن تكون التجزئة لأكثر من قطعتين، أو إنشاء أكثر من مبنى واحد وملحقاته على قطعة الأرض سواء كانت هذه المباني متصلة أو منفصلة. لما كان ذلك، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد جرى على أنه يلزم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة إنشاء تقسيم بالمخالفة لأحكام القانون أن يعني الحكم باستظهار العناصر التي أوردتها المادة الحادية عشر السالفة الذكر وأن يثبت توافرها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم الابتدائي أو ما أضافه الحكم الاستئنافي إلى أسبابه على النحو المار بيانه قد خلا من بيان واقعة الدعوى ومضمون محضر الضبط ومشتمل تقرير الخبير الذي عول عليه في قضائه بإدانة الطاعن، ولم يستظهر ما إذا كان هناك تقسيم بالمعنى الذي عناه القانون، وكان الأصل أنه يجب لسلامة الحكم أن يبين واقعة الدعوى والأدلة التي استند إليها وبيان مؤداها بياناً كافياً يتضح منه مدى تأييده للواقعة كما اقتنعت بها المحكمة، فإن الحكم إذ لم يورد الواقعة وأدلة الثبوت التي يقوم عليها قضاؤه ومؤدى كل منها في بيان يكشف عن مدى تأييده واقعة الدعوى فإنه يكون مشوباً بالقصور بما يوجب نقضه والإعادة بالنسبة للطاعن دون المحكوم عليه الآخر بغير حاجة إلى بحث أوجه الطعن الأخرى.

الطعن 13081 لسنة 65 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 133 ص 880

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي ووفيق الدهشان ومحمود شريف فهمي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(133)
الطعن رقم 13081 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) قبض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القبض على الشخص. ماهيته؟ المادتان 280، 282/ 2 عقوبات.
مثال.
(3) تعذيب "تعذيبات بدنية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
التعذيبات البدنية. عدم اشتراط درجة معينة من الجسامة فيها. تقدير توافرها. موضوعي.
(4) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة وإيراد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف. لا قصور.
(5) حكم "بيانات الديباجة".
مواد الاتهام ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم.
إيراد الحكم مواد القانون التي آخذ المتهم بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها. أساس ذلك؟
(6) دفوع "الدفع ببطلان القبض". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم قصوره في الرد على الدفع ببطلان القبض. غير مجد. ما دام لم يتساند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(7) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. استفادة الرد عليه ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود".
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق. ولو عدل عنها بعد ذلك.
(11) إثبات "بوجه عام".
عدم التزام المحكمة بالتحدث إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
(12) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل ووزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز أمام النقض.
(13) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم ما أثاره الدفاع من تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. متى أورد في مدوناته الرد على هذا الدفاع.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه المختلفة. والرد عليها استقلالاً. استفادة الرد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(14) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم وجود الطاعن بمحل الحادث. موضوعي. الرد عليه استقلالاً. غير لازم. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة.
(15) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تعقب المتهم في كل جزئية من دفاعه الموضوعي. غير لازم. التفات الحكم عنها. مفاده: إطراحها. إثارته أمام النقض غير جائز.

----------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وإن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى.
4 - لما كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
5 - من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
6 - لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد.
7 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
9 - لما كانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم، وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال.
10 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل.
11 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
12 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
13 - لما كان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
14 - لما كان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم.
15 - لما كان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 -..... طاعن 2 -..... طاعن 3 -..... طاعن 4 -..... طاعنة 5 -..... 6 -..... بأنهم 1 - المتهمون من الأول إلى الرابع: قبضوا على...... بدون أمر أحد الحكام المختصين بذلك وفي غير الأحوال المصرح بها في قوانين واللوائح بالقبض على ذوي الشبهة 2 - المتهمان الثالث والسادس: حبسا المجني عليه سالف الذكر بمسكن المتهم الخامس بدون أمر أحد الحكام وقاما بتعذيبه تعذيبات بدنية بأن شدا وثاقه وقاما بكيه بالنار وضرباه بأدوات وهدداه بالقتل فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي المرفق بالتحقيقات 3 - المتهم الخامس: أعد محلاً لحبس غير الجائزين مع علمه بذلك. وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً للأربعة الأوائل وغيابياً للمتهمين الخامس والسادس عملاً بالمواد 280، 281، 282/ 2 من قانون العقوبات مع أعمال المادتين 32، 17 من ذات القانون أولاً: بمعاقبة المتهمين الثالث والخامس والسادس بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات - ثانياً: - بمعاقبة المتهمين الأول والثاني بالحبس مع الشغل سنتين - ثالثاً: بمعاقبة المتهمة الرابعة بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة.
فطعن المحكوم عليهم الأربع الأوائل في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الطاعنين بجريمة القبض دون وجه حق المقترنة - بالنسبة لثالثهم - بتعذيبات بدنية والحبس دون وجه حق، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في التدليل والخطأ في القانون والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه خلا من بيان الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها ولم يورد على نحو كاف مضمون أدلة الثبوت التي أقام عليها قضاءه، وخلت ديباجته من مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، ولم يعرض إيراداً ورداً على الدفع ببطلان القبض على الطاعنين رغم جوهريته، واستند الحكم إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة ملتفتاً عما أثاره الدفاع من شواهد على كذبها بدلالة عدول المجني عليه عنها أمام المحكمة وتحريره إقراراً رسمياً بعدم ارتكاب الطاعنين للحادث ولم يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني بدلالة خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به، فضلاً عن أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه - كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستقاة من أقوال شهود الإثبات وما أورده التقرير الطبي الشرعي وهي أدلة سائغة وكافية في حمل قضائه ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة، كان ذلك محققاً لحكم القانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مؤداه أن ابنة الطاعنين الثالث والرابعة اختفت وأنه استقر في نفسيهما أن شقيق المجني عليه له صلة باختفائها فاستقر رأيهما مع باقي المحكوم عليهم في سبيل البحث عنها إلى اختطاف المجني عليه وحبسه وإجباره على الإدلاء بمكان اختفائها، فتوجها بصحبة الطاعنين الأول والثاني للبحث عن المجني عليه حتى قابلوه في الطريق وبحجة توجههم به إلى قسم الشرطة اقتادوه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وعذبه الطاعن الثالث والمحكوم عليه السادس بتعذيبات بدنية إلى أن اكتشفت الشرطة الواقعة. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة لديه على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة استمدها من تقرير الطب الشرعي ومما شهد به شهود الإثبات، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف - قد أثبت أن الطاعنين قد اقتادوا المجني عليه إلى مسكن المحكوم عليه الخامس حيث احتجزوه فيه وجرى تعذيبه بتعذيبات بدنية أحدثت به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وأن قصدهم لم ينصرف إلى اقتياده إلى مقر الشرطة وهو ما تتوافر به أركان جريمة القبض دون وجه حق، في حقهم جميعاً، وأركان نفس الجريمة مقترنة بتعذيبات بدنية في حق ثالثهم المنصوص عليها في المادتين 280 و282 فقرة ثانية من قانون العقوبات ذلك بأن القبض على الشخص هو إمساكه من جسمه وتقييد حركته وحرمانه من حرية التجول كما يريد ودون أن يتعلق الأمر بقضاء فترة زمنية معينة كما أنه لا يشترط في التعذيبات البدنية درجة معينة من الجسامة والأمر في ذلك متروك لتقدير محكمة الموضوع تستخلصه من ظروف الدعوى، فإن الحكم يكون قد بين الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بارتكابها، فضلاً عن أنه يبين من مدوناته أنه أورد مؤدى أقوال شهود الإثبات وتقرير الطب الشرعي في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها ومن ثم ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثار في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وباقي المحكوم عليهم وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد 280 و281 و282/ 2 من قانون العقوبات التي أخذ المحكوم عليهم بها بقوله "ويتعين لذلك عقابهم بمقتضى هذه المواد عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان لا جدوى للنعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان القبض ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من القبض المدعى ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الشرعي وهو دليل مستقل عن القبض فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وكان لمحكمة الموضوع وزن أقوال الشهود والتعويل عليها مهما وجه إليها من مطاعن ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكانت المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل شبهة يثيرها والرد على ذلك ما دام الرد يستفاد ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت السائغة التي أوردها الحكم وما دامت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت - في حدود سلطتها التقديرية - إلى أقوال المجني عليه وصحة تصويره للواقعة - على النحو المار ذكره - فلا تثريب عليها إذ هي لم تعرض في حكمها إلى دفاع الطاعنين الموضوعي الذي ما قصد به سوى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال، وإذ كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أيضاً التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك، فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة وتحقيقات النيابة رغم عدوله عنها أمام المحكمة لا يكون له محل، وإذ كانت المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها كما أن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية وللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ومن ثم فإن ما يثار من أن الحكم التفت عن الإقرار الرسمي المنسوب للمجني عليه متضمناً عدم ارتكاب الطاعنين للحادث لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين - بدعوى خلو التقرير الطبي من الإشارة إلى وجود أثار للحبل الذي قرر المجني عليه أنه كان مقيداً به - ما دام أن ما أورده الحكم في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع، إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما يثار في هذا الخصوص على غير سند. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن الثاني بعدم وجوده بمحل الحادث وقت وقوعه لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لم تكن المحكمة ملزمة بالرد عليه استقلالاً، طالما أن الرد عليه مستفاد من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها، ومن ثم يكون النعي في هذا المقام غير قويم. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثار في أسباب الطعن لا يعدو أن يكون أيضاً دفاعاً موضوعياً، لا على المحكمة إن هي لم تتعقبه في كل جزئية منه إذ أن اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، دون أن تكون ملزمة ببيان علة إطراحها، فإنه لا يكون مقبولاً إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13497 لسنة 65 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 134 ص 892

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبي رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي ورضا القاضي.

---------------

(134)
الطعن رقم 13497 لسنة 65 القضائية

ترويج عملة مقلدة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقد. تقليد. نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة. مناط تحققه؟
جريمة حيازة عملة مقلدة بقصد الترويج. تستلزم قصداً خاصاً. هو نية دفعها للتداول. وجوب استظهار الحكم لها صراحة وإيراد الدليل على توافره متى نازع فيه الجاني.
منازعة الطاعن في توافر القصد الجنائي بشقيه وتدليل الحكم بما لا يكفي لتوافره. يعيبه.

---------------
من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة حيازة وترويج عملة ورقية مقلدة التي دين الطاعن بها يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً. كما أنه من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول، مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها، ونازع في توافر القصد الجنائي بشقيه - في حقه، وكان القدر الذي أورده الحكم في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفي لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الترويج عملة ورقية مقلدة متداولة قانوناً داخل البلاد هي خمسة عشر ورقة مالية من فئة العشرين جنيهاً المصرية والمصطنعة على غرار الأوراق المالية الصحيحة من تلك الفئة على النحو المبين بتقرير إدارة أبحاث التزييف والتزوير مع علمه بأمر تقليدها. وأحالته إلى محكمة جنايات أسيوط لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بالمادتين 202/ 1، 203/ 2 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن ثلاث سنوات ومصادرة الأوراق النقدية المقلدة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة عملة ورقية مقلدة بقصد ترويجها مع علمه بذلك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأنه لم يدلل تدليلاً كافياً وسائغاً على توافر القصد الجنائي في حقه، وأن حيازته للعملة الورقية المقلدة كان بقصد ترويجها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بسط واقعة الدعوى عرض لدفاع الطاعن القائم على إنكار ما أسند إليه، وعدم توافر القصد الخاص في حقه ورد عليه في قوله: "ومن حيث إن المحكمة تطمئن إلى صحة ضبط الأوراق المالية بحوزة المتهم أخذاً بما شهد به الضابط مجرى التحريات.... الذي استوثق من نشاطه في ترويج العملات المزيفة - ولا ينال من ذلك أن ماكينة التصوير لم تستخدم، إذ هو لم يتهم بتقليد وتزييف العملة المضبوطة - وسواء أكان من عزمه مستقبلاً أن يفعل ذلك أو لم تكن نيته تتجه إلى التقليد والتزييف فإن الثابت في حقه أنه حاز العملات الورقية المزيفة المضبوطة بقصد ترويجها - وهذا القصد الخاص ثابت من أنه لم يدع أن الحيازة كانت لأغراض أخرى كالأغراض العملية أو الثقافية وما نحوها أو أنه يجهل أمر تزييف العملة المضبوطة، فهو باعتباره صاحب ماكينة تصوير بالألوان له خبرة في المطبوعات وتمييز الصحيح منها من المزيف ومن ثم تنتهي المحكمة إلى أن المتهم حاز الأوراق المزيفة عن علم بتزييفها وتقليدها بقصد ترويجها بين الناس...." لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في الجريمة التي دين الطاعن بها يقتضي علم الجاني وقت ارتكاب الجريمة علماً يقينياً بتوافر أركانها، فإذا ما نازع المتهم في توافر هذا القصد، كان لزاماً على المحكمة استظهاره استظهاراً كافياً. كما أنه من المقرر أن جريمة الحيازة بقصد الترويج تستلزم فضلاً عن القصد الجنائي العام قصداً خاصاً هو نية دفع العملة المقلدة إلى التداول، مما يتعين معه على الحكم استظهاره صراحة وإيراد الدليل على توافره متى كان محل منازعة من الجاني. لما كان ذلك، وكان الطاعن قد أنكر التهمة المسندة إليه برمتها، ونازع في توافر القصد الجنائي - بشقيه - في حقه، وكان القدر الذي أورده الحكم فيما سلف بيانه - في سبيل التدليل على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن لا يكفي لتوافره ولا يسوغ به الاستدلال عليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً فضلاً عن القصور في التسبيب بالفساد في الاستدلال مما يتعين معه نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 29749 لسنــة 59 ق جلسة 18 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 131 ص 865

جلسة 18 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن وأحمد عبد القوي نائبي رئيس المحكمة ورضا القاضي والسعيد برغوت.

---------------

(131)
الطعن رقم 29749 لسنة 59 القضائية

(1) استيلاء على المال العام. جريمة "أركانها". قصد جنائي. اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
فعل الاستيلاء في جرائم الاعتداء على المال العام. تحققه: بإخراج المال من حوزة الدولة ونقله من المكان المعد لحفظه إلى خارجه. سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن.
جريمتي اختلاس المال العام والاستيلاء عليه المنصوص عليهما في المادتين 112، 113 عقوبات. مناط تحققهما؟
مثال.
(2) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة النقض "سلطتها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تصبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. وجوب أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق القانون تطبيقاً صحيحاً. شرط ذلك؟
لمحكمة النقض تصحيح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن. ما دام الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون.
الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة. لا يترتب عليه بطلان الحكم. شرط ذلك؟
مثال.
(3) دفوع "الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية لسبق صدور أمر بألا وجه". نظام عام. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه من النيابة العامة. من النظام العام. إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. جائز. شرط ذلك وعلته؟
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي. لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.

----------------
1 - لما كان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأول من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك.
2 - لما كان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً. وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض - أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
3 - من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين - قضى ببراءتهم بأنهم بصفتهم موظفين عموميين ومن الأمناء على الودائع "أمناء مخزن عدد.... بشركة....." إحدى وحدات القطاع العام اختلسوا العدد المبينة الوصف بالتحقيقات والبالغ قيمتها 13154.732 جنيه ثلاثة عشر ألفاً ومائة وأربعة وخمسون جنيهاً وسبعمائة واثنتان وثلاثون مليماً والمملوكة للشركة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازتهم بسبب وظيفتهم وصفتهم وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتي تزوير واستعمال محررات مزورة ارتباطاً لا يقبل التجزئة هي أنه في ذات المكان والزمان سالفي الذكر قام المتهمان الأول - الطاعن - والثالث بصفتهما سالفة البيان بارتكاب تزوير في محررات الشركة التي يعمل بها وهي إشارات تكهين العدد حالة كونهما المختصين بتحريرها بأن جعلا واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بذلك بأن أثبتا العدد المكهنة بالزيادة عن الكمية الحقيقية بقصد اختلاس فارق القيمة واستعملا تلك المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها بأن قدماها إلى إدارات الشركة المختلفة على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 55، 56، 211/ 1 - 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم - الطاعن بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة إيقافاً شاملاً وذلك لما نسب إليه عن واقعة الاختلاس.
فطعن كلاً من المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أن المحكمة عدلت وصف التهمة من جناية اختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات إلى اختلاس بغير نية التملك وعاقبت المحكوم عليه بمقتضى المادة 211/ 1، 2 من قانون العقوبات حال أن جريمة الاختلاس لا تتوافر عناصرها إلا إذا انصرفت نية الجاني إلى تملك المال المختلس، كما أن المادة 211 من قانون العقوبات ليست سوى فقرة وحيدة ولا شأن لها بجرائم الاعتداء على المال العام، ولا يقبل الحكم من خطئه القول بأن مرماه إدانة المحكوم عليه بجريمة الاستيلاء على المال العام غير المصحوب بنية التملك المنصوص عليها في المادة 113/ 3 من قانون العقوبات إذ أن الأشياء التي ضبطت مع المحكوم عليه كانت في حيازته بسبب وظيفته ومن ثم لا تقوم هذه الجريمة، ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المحكوم عليه ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس غير المصحوب بنية التملك قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على خطأ في تطبيق القانون ذلك أن الفعل المسند إليه لا يعاقب عليه القانون، فليس ثمة جريمة اختلاس بغير نية التملك، ولا شأن للمادة التي دين بمقتضاها بجرائم الاعتداء على المال العام - هذا إلى أن النيابة العامة سبق أن أصدرت أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن ذات الواقعة لعدم الأهمية اكتفاءً بالجزاء الإداري ومن ثم كان يتعين على المحكمة أن تلتزم حجيته وتقضي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. كما عول الحكم في قضائه بالإدانة على شهادة..... بالرغم من مخالفتها للحقيقة، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله (أنه بتاريخ..... وأثناء خروج العاملين بشركة.....، وبتفتيش المتهم الأول...... - الطاعن - أخصائي ميكانيكي بشركة..... عثر بين طيات ملابسه على تسعة عشر قطعة حديد عبارة عن 16 بنطه مسلوب، 3 ذوار مسلوبة والتي لا تزيد قيمتها عن خمسمائة جنيه وبمواجهته بما أسفر عنه الضبط قرر بأنه يجري أبحاثاً على محرك موتور السيارة ليثبت درجة حرارته وعمل دورة هوائية بالسيارة لتصليح الكاوتش في أي وقت) وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة أدلة مستمدة من اعتراف المتهم بتحقيق النيابة وبما قرره....، وحصل اعتراف المتهم في قوله (اعتراف المتهم.... بمحضر تحقيق النيابة بأنه كان يستحصل على المضبوطات بقصد إجراء بحوث على موتور السيارة ولم يقصد اختلاسها لأنها ضمن عهدته ويسأل عنها) ثم حصل أقوال الشاهد في قوله (بأنه أثناء تفتيش العاملين بالشركة عند انصرافهم ضبط المتهم..... مخبأ بين طيات ملابسه عدد 19 قطعة حديد من ممتلكات الشركة وبمواجهته بما أسفر عنه ضبطه قرر بأنه يجري اختراعاً ويستخدم هذه الأشياء في استكمال اختراعه). وخلص إلى إدانة المحكوم عليه في قوله (إن الثابت من ظروف الدعوى وأقوال المتهم والشاهد.... أن المتهم لم يقصد اختلاس الأشياء المضبوطة وإنما انطوى قصده على استخدام هذه الأشياء في تحقيق مآربه استكمالاً لاختراعه غير مصحوب بنية التملك وإعادتها إلى المخزن) ثم عدل وصف التهمة إلى اختلاس بغير نية التملك وذلك أنه "الأمر المعاقب عليه بالمادة 211/ 1، 2 عقوبات". لما كان ذلك، وكان فعل الاستيلاء، في جرائم الاعتداء على المال العام، يتحقق بإخراج المال من حوزة الدولة، ونقله من المكان المعد لحفظه، أو من موقع العمل، إلى خارجه دون حق، مما يوفر معنى انتزاعه من الدولة وإنشاء حيازة جديدة غير مشروعة للموظف على المال العام. ويقع هذا الفعل سواء أكان المال في حيازة الموظف بموقع العمل بسبب وظيفته أو لم يكن، فإن كان في حيازته وانتوى بذلك الفعل تملكه تحققت جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات، وإن وقع ذات الفعل غير مصحوب بنية التملك انحسر عنه وصف جريمة الاختلاس، وقامت به الجريمة المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة 113 من قانون العقوبات، ولا يسوغ القول بأن هذه الجريمة ملحقة بالجريمة المنصوص عليها في الفقرة الأولى من ذات المادة، ومن ثم لا تتحقق - مثلها - إلا إذا لم يكن المال في حيازة الجاني بسبب وظيفته إذ يترتب على ذلك أن يفلت من يرتكب هذا الفعل من العقاب لمجرد أن المال يكون في حيازته في مقر عمله، وهو ما يتجاوز قصد الشارع، فلا يتصور أن ينصرف قصده إلى أن يجعل من ائتمان الموظف على المال سبباً يبيح له الاستيلاء عليه بقصد استعماله. ذلك، فضلاً عن أن المادة 113 من قانون العقوبات لها دور تكميلي في أحكام الحماية للمال العام، فهي تتناول بالعقاب الحالات التي لا تنطبق عليها المادة 112 من قانون العقوبات، ومنها الاستيلاء على المال العام بغير نية التملك. لما كان ذلك، وكان الحكم قد خلص من تحصيله للواقعة وبيان مضمون أدلة الثبوت إلى أن الطاعن اختلس المال العام بغير نية تملكه، وهو في صحيح القانون استيلاء على المال العام بغير نية تملكه، المؤثم بمقتضى المادة 113/ 3 من قانون العقوبات، وعدل وصف التهمة وأنزل بالطاعن عقوبة تدخل في نطاق ما تقضي به الفقرة المشار إليها. وكان من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان المتهم به دون أن تضيف إليها شيئاً - كما هو واقع الحال في الدعوى المطروحة - وكان لهذه المحكمة - محكمة النقض. أن تصحح ما ورد خطأ في وصف التهمة المسندة إلى الطاعن والذي خلص إليه الحكم المطعون فيه بجعله استولى على المال العام بغير نية تملكه ما دام أن الأمر لا يعدو أن يكون خطأ في التعبير لا ينطوي على خطأ في تطبيق القانون، وكان من المقرر أنه لا يترتب على الخطأ في رقم مادة العقاب المطبقة بطلان الحكم ما دام قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقاب بياناً كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجب تطبيقها - وإذ استظهر الحكم المطعون فيه عناصر جريمة الاستيلاء على المال العام بغير نية تملكه وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة وأنزل عقوبة تدخل في حدود ما تنص عليه المادة 113/ 3 من قانون العقوبات فإن النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى الجنائية - أو بعدم جواز نظرها لسبق صدور أمر بألا وجه فيها من النيابة العامة هو من قبيل الدفع بقوة الشيء المحكوم فيه، ولئن كان هذا الدفع متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع بسبق صدور أمر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه فإن إثارة الطاعن هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن الثاني - المحكوم عليه - استناداً إلى أقوال الشاهد.... هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن الثاني من تشكيك في أقوال هذا الشاهد، إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن كل من الطعنين يكونا على غير أساس متعيناً رفضهما موضوعاً.

الطعن 12096 لسنة 62 ق جلسة 20 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 135 ص 896

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي أحمد.

----------------

(135)
الطعن رقم 12096 لسنة 62 القضائية

نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. توقيعها".
إغفال التوقيع على مذكرة أسباب الطعن المقدمة من هيئة قضايا الدولة حتى فوات ميعاد الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. لا يغير من ذلك تذييلها ببصمة خاتم تقرأ باسم مستشار بها.

----------------
لما كانت مذكرة أسباب الطعن وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة والسيد/..... المستشار بها إلا أنها بقيت غفلاً من توقيعه عليها حتى فوات ميعاد الطعن ولا ينال من ذلك تذييلها ببصمة خاتم "أكليشيه" تقرأ باسم المستشار المذكور، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ولغواً لا يعتد به.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه حاز البضائع المبينة بالأوراق بقصد الاتجار دون أن يقدم المستندات الدالة على سداد الرسوم الجمركية المقررة. وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 133 لسنة 1981.
ومحكمة جنح..... قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم خمسمائة جنيه وإلزامه بأداء الضريبة المستحقة ومثلها تعويضاً. استأنف ومحكمة المنصورة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم مما أسند إليه.
فطعنت هيئة قضايا الدولة نيابة عن وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الضرائب في هذا بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن مذكرة أسباب الطعن وإن حملت ما يشير إلى صدورها من هيئة قضايا الدولة والسيد/..... المستشار بها إلا أنها بقيت غفلاً من توقيعه عليها حتى فوات ميعاد الطعن ولا ينال من ذلك تذييلها ببصمة خاتم "أكليشيه" تقرأ باسم المستشار المذكور، ومن ثم تكون معدومة الأثر في الخصومة ولغواً لا يعتد به، مما يفصح عن عدم قبول الطعن شكلاً.

الطعن 15935 لسنة 62 ق جلسة 20 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 136 ص 898

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ورجب فراج نواب رئيس المحكمة وأحمد عبد القوي أحمد.

----------------

(136)
الطعن رقم 15935 لسنة 62 القضائية

نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". دعوى جنائية "وقف السير فيها". دعوى مدنية.
عدم جواز الطعن بالنقض في القرار الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية لحين الفصل في دعوى مدنية. أساس ذلك؟

---------------
لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح فقد قصرت حق الطعن بالنقض، على الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى، فإن الطعن في قرار محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية حتى يفصل في الدعوى المدنية التي بينها القرار غير جائز.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بدد الماشية المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق المملوكة له والمحجوز عليه إدارياً لصالح بنك التنمية والائتمان الزراعي والمسلمة إليه لحراستها وتقديمها عند جلسة البيع فاختلسها لنفسه إضراراً بالجهة الحاجزة. وطلبت عقابه بالمادتين 341، 342 من قانون العقوبات والمواد 1/ ط، 2، 3، 4، 7 من قانون الحجز الإداري رقم 308 لسنة 1955. ومحكمة جنح.... قضت حضورياً ببراءة المتهم من التهمة المسندة إليه. استأنفت النيابة العامة، ومحكمة شبين الكوم الابتدائية - بهيئة استئنافية - قررت وقف السير في الدعوى لحين الانتهاء من نظر الدعوى رقم... لسنة.... مدني كلي شبين الكوم.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المتهم في هذا القرار بطريق النقض .... الخ.


المحكمة

لما كانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، إذ نصت على أن لكل من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن أمام محكمة النقض في الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح فقد قصرت حق الطعن بالنقض، على الأحكام النهائية الصادرة من أخر درجة في مواد الجنايات والجنح، مما مفاده أن الأصل عدم جواز الطعن بطريق النقض - وهو طريق استثنائي - إلا في الأحكام الصادرة في الموضوع والتي تنتهي بها الدعوى. فإن الطعن في قرار محكمة الجنح المستأنفة بوقف السير في الدعوى الجنائية حتى يفصل في الدعوى المدنية التي بينها القرار غير جائز، مما يفصح عن عدم قبول الطعن، مع مصادرة الكفالة.