جلسة 8 من يونيه سنة 1988
برئاسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد رفيق البسطويسي وناجي اسحق نواب رئيس المحكمة وعلي الصادق عثمان.
----------------
(114)
الطعن رقم 2209 لسنة 58 القضائية
تهريب جمركي. جمارك. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
جريمة تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار. من الجرائم ذات القصود الخاصة. وجوب استظهار القصد الخاص فيها. إطلاق القول بتوافر التهريب الجمركي دون استظهار ذلك القصد. قصور.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما شرعا في تهريب الأشياء المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق وذلك بأن حاولا إخراجها خارج الدائرة الجمركية إلا أنه خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما متلبسين بها. وطلبت عقابهما بالمادتين 45، 47 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 24، 121، 122، 124/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963.
وادعى وزير المالية بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الجمارك قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا له مبلغ 10084 جنيهاً على سبيل التعويض. ومحكمة جنح السويس قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهما سنتين مع الشغل وكفالة مائتي جنيه لإيقاف التنفيذ وغرامة عشرة آلاف جنيه والمصادرة وإلزامهما متضامنين بأن يؤديا مبلغ 10084 جنيهاً لمصلحة الجمارك. استأنفا المحكوم عليهما ومحكمة السويس الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الشروع في التهريب الجمركي قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه لم يستظهر أركان الجريمة التي أخذهما بها والمنصوص عليها في المادة 124 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1963، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أثبت في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعنين شرعا في تهريب بعض البضائع الأجنبية دون سداد الضرائب المستحقة بأن حاولا إخراجها عبر سور الجمرك غير أنه تم ضبط الواقعة قبل تمام الجريمة، وبعد أن أورد الحكم أدلة الثبوت خلص إلى إدانتهما بمقتضى نص المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 والمضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980. لما كان ذلك، وكان النص في المادة 122 من قانون الجمارك آنف الذكر على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على التهريب أو على الشروع فيه بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرين جنيهاً ولا تجاوز ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين" وفي المادة 124 مكرراً من القانون ذاته المضافة بالقانون رقم 75 لسنة 1980 على أنه "مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد يقضي بها قانون آخر يعاقب على تهريب البضائع الأجنبية بقصد الاتجار أو الشروع فيه أو على حيازتها بقصد الاتجار مع العلم بأنها مهربة بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه وتطبق سائر العقوبات والأحكام الأخرى المنصوص عليها في المادة (122)....." يدل على أن مناط تطبيق المادة 124 مكرراً آنفة البيان أن يتوفر لدى الجاني فوق توفر أركان جريمة التهريب المنصوص عليها في المادة 122 - قصد خاص هو قصد الاتجار، إذ أن الشارع في تلك المادة قد جعل الجريمة المنصوص عليها فيها من الجرائم ذات القصود الخاصة، حيث اختط في تقديره للعقوبات خطة تهدف إلى التدرج فيها ووازن بين ماهية القصود التي يتطلبها القانون في الصور المختلفة لجريمة تهريب البضائع الأجنبية دون أداء الضرائب الجمركية المقررة عليها، وقدر لكل منها العقوبة التي تناسبها، بما يوجب استظهار القصد الجنائي الخاص في هذه الجريمة لدى المتهم، حيث لا يكفي إطلاق القول بتوافر التهريب الجمركي أو الشروع فيه. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد دانت الطاعنين بجريمة الشروع في تهريب بضائع أجنبية بقصد الاتجار ودون أداء الضرائب الجمركية المستحقة عليها وأعملت في حقهما المادة 124 مكرراً من قانون الجمارك الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980، دون أن تستظهر توافر القصد الجنائي الخاص قبلهما، وهو قصد الاتجار، فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن مع إلزام المطعون ضده بصفته "المدعي بالحقوق المدنية" المصاريف المدنية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق