الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 15 يناير 2024

الطعن 1379 لسنة 8 ق جلسة 11 / 5 / 1963 إدارية عليا مكتب فني 8 ج 3 ق 111 ص 1179

جلسة 11 من مايو 1963

برئاسة السيد/ مصطفى كامل إسماعيل وكيل المجلس وعضوية السادة/ حسن السيد أيوب والدكتور ضياء الدين صالح ومحمد مختار العزبي وعزت عبد المحسن المستشارين.

--------------

(111)

القضية رقم 1379 لسنة 8 القضائية

(أ) دعوى - مصلحة في الدعوى 

- دعوى إلغاء قرار بالإحالة إلى المعاش - الدفع بعدم قبولها لانعدام المصلحة فيها ببلوغ المدعي سن التقاعد بعد رفعها وبالتالي فلا جدوى من طلب إلغاء القرار - مردود بأن المصلحة متوافرة في الفرق بين مرتبه ومعاشه طوال المدة السابقة لبلوغه سن التقاعد.
(ب) النيابة الإدارية - أعضاء النيابة الإدارية 

- القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - نص المادة 48 منه على إعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية بقرار جمهوري يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بالقانون والاحتفاظ لمن لم يشملهم القرار المذكور بدرجاتهم ومرتباتهم بصفة شخصية لمدة ستة شهور يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية - لا إلزام على الجهة الإدارية إزاء من لم يشملهم قرار إعادة التعيين في النيابة الإدارية بتعيينهم في الوظائف العامة - انقطاع صلتهم بوظائفهم الأصلية في النيابة الإدارية بصدور القرار الجمهوري رقم 1128 لسنة 1958 بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية وشغل وظائفهم بغيرهم - مهلة الستة الأشهر هي أجل للجهة الإدارية لها فيها سلطة تقديرية في تعيينهم دون إلزام عليها فإذا انتهت المهلة تأكد انقطاع صلتهم بالحكومة.

----------------
1 - أن الدفع بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فيها لبلوغ المطعون عليه سن التقاعد بعد رفعها وبالتالي فلا جدوى من طلب إلغاء القرار الصادر بإحالته إلى المعاش - هذا الوجه مردود عليه بأن مصلحة المطعون عليه تتمثل في الفرق بين مرتبه ومعاشه من 3/ 3/ 1959 إلى 16/ 7/ 1959 وهو ما لا يتأتى التوصل إليه إلا بإلغاء القرار الصادر بإحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية، ومن ثم يكون هذا الوجه غير مستند إلى أساس صحيح من القانون.
2 - تنص المادة 48 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على أن "يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير عام النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد. "ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء دون تقيد بأحكام المادة 33 من هذا القانون" أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء أكانت إدارية أم فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن المطعون عليه لم يكن من بين من أعيد تعيينهم أعضاء النيابة الإدارية ولا من بين من عينوا في الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة وذلك بالتطبيق للمادة 48 المشار إليها.
ولما كانت صلة المطعون عليه بوظيفته الأصلية كعضو نيابة إدارية قد انقطعت بصدور القرار الجمهوري رقم 1128 لسنة 1958 بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية وشغل وظيفته بغيره. والقانون إذ نص على أن تحتفظ من لم يشملهم التعيين بدرجاتهم ومرتباتهم بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم... بعد الاتفاق مع الجهات المختصة فإن مفاد ذلك أن القانون قد ضرب أجلاً للجهة الإدارية لتستعيد فيه سلطتها التقديرية في تعيين من لم يشملهم إعادة التعيين في النيابة الإدارية في وظائف مماثلة أي أن الأمر في هذا التعيين لا يزال المرد فيه إلى تقدير السلطة الإدارية، فإذا انقضى هذا الأجل ولم يصدر قرار بالتعيين قامت القرينة القانونية القاطعة على أن جهة الإدارة لم ترد تعيينه أو نقله إلى جهة حكومية أخرى وهذا يعد بمثابة قرار ضمني بعدم التعيين مفروض فيه قيامه على سببه الصحيح قانوناً إلى أن يثبت العكس والقانون إذا احتفظ للموظف الذي لم يشمله إعادة التعيين في النيابة الإدارية بدرجته ومرتبه بصفة شخصية إبان الفترة التي حددها لكي تعمل الجهة الإدارية سلطتها في التقدير من حيث التعيين أو عدمه... فذلك لأن الموظف في هذه الفترة يكون تحت تصرف السلطة العامة وكان من الجائز أن تصدر قراراً خلالها بتعيينه في وظيفة أخرى مماثلة وبالتالي فقد احتفظ له بدرجته ومرتبه إبانها فإذا انتهى الأجل المضروب فقد زالت كل صفة لهذا الموظف وانفصمت الرابطة القانونية التي كانت بينه وبين الحكومة بمقتضى القانون وليس بالقرار الإداري الصادر بإحالته إلى المعاش الذي لا يعدو أن يكون قراراً منفذاً لحكم القانون المشار إليه، فلا نصوص القانون ولا مذكرته التفسيرية يمكن أن تساير ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تعيين من لم يشملهم قرار إعادة التعيين من أعضاء النيابة الإدارية في وظائف أخرى مماثلة إنما هو أمر وجوبي على جهة الإدارة إجراؤه إبان المدة المحدودة أو بعدها - ذلك أن النص قد خلا من الوجوب وكلمة "يصدر" لا تفيد هذا الوجوب ومما يوضح الأمر أن التعيين لا يكون إلا بعد الاتفاق مع الجهات الإدارية التي كان سيلحق بها الموظف ومن الجائز أن هذا الاتفاق قد يتم أولاً يتم وبذلك تنتفي صفة الوجوب عن الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة 48 المذكورة.


إجراءات الطعن

في 18/ 7/ 1962 أودع السيد رئيس إدارة قضايا الحكومة بصفته المذكورة سكرتيرية هذه المحكمة عريضة طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30/ 5/ 1962 في الدعوى رقم 969 لسنة 14 القضائية المرفوعة من السيد/ أحمد مختار جاد ضد السيدين وزير الدولة لشئون النيابة الإدارية ومدير عام النيابة الإدارية والقاضي بإلغاء قرار الفصل المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة "وطلب السيد رئيس إدارة القضايا للأسباب التي أوردها في عريضة طعنه قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة واحتياطياً الحكم برفضها مع إلزام رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وقد أعلن الطعن لذوي الشأن ونظر أمام دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا التي بعد أن سمعت ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات أرجأت النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 969 لسنة 14 القضائية في 19/ 4/ 1960 يطلب فيها الحكم "بإلغاء القرار المطعون فيه رقم 4 الصادر في 6/ 12/ 1959 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1960 على الرغم من بلوغه سن الإحالة في 17/ 7/ 1960 ونتيجة لذلك صرف مرتبه حتى تاريخ الإحالة الواجب قانوناً مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات والأتعاب". وقال في بيان ذلك أنه كان من بين أعضاء النيابة الإدارية إلى أن صدر القانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية في الإقليم المصري وقد أورد القانون المذكور في المادة (48) منه "يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير عام النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد - ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء الأعضاء دون تقيد بأحكام المادة (33) من هذا القانون - أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء أكانت إدارية أم فنية لا تقل من حيث الدرجة عن وظائفهم الحالية وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة". ومعنى ذلك أنه إما أن يقع الاختيار على عضو النيابة الإدارية وفقاً للتنظيم الجديد وإما أن لا يقع الاختيار ويكون مصير هذا العضو التعيين في وظيفة أخرى إدارية أو فنية مماثلة من حيث الدرجة، على أن يتم ذلك خلال مدة أقصاها ستة شهور تصرف خلالها المرتبات بصفة شخصية - ونظراً لقرب بلوغ المدعي سن الإحالة على المعاش إذ يبلغ سن الستين في 16/ 7/ 1959 لذلك رأت الجهة الإدارية أن لا داعي لإجهاد نفسها بشأنه وهو وشيك الإحالة إلى المعاش ولتحقق هدفها هذا أعرضت عن اختياره ضمن أعضاء النيابة الإدارية ثم عمدت إلى عدم تطبيق الفقرة الأخيرة من المادة (48) من القانون المذكور فلم يصدر قرار بتعيينه في وظيفة إدارية أو فنية مماثلة، وتذرعت الجهة الإدارية للوصول إلى ذلك بموقف سلبي يتمثل في الانتظار حتى فوات مدة الستة شهور المحددة كأقصى أجل لتوجيه عضو النيابة الذي لم يقع عليه الاختيار إلى وظيفة أخرى مماثلة ليكون ذلك في نظرها فصلاً، وتنفيذاً لذلك صدر القرار المطعون فيه بإحالة المدعي إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 مع ضم المدة من هذا التاريخ حتى بلوغه سن المعاش الفعلي ضمن مدة خدمته وتسوية المعاش على أساس ذلك. وما أجرته الإدارة ينافي حكم القانون خصوصاً وأن الفصل له حدود ومبررات نص عليها فيه كما أن الإحالة على المعاش لها مدى زمني معروف وإذا كان من حق جهة الإدارة أن تتصرف في حدود ولايتها، فإن ذلك بشرط عدم المساس بالحقوق المكتسبة، فسلطتها مقيدة وليست مطلقة، والقرار المطعون فيه صدر غير مستند إلى قانون، ولو قيل بأن مجرد فوات الأجل المحدد بستة أشهر معناه من باب مفهوم المخالفة الفصل لكان ذلك وصفاً للجهة الإدارية بأنها خصم وحكم في ذات الوقت، كما أن الجهة الإدارية قد أساءت استعمال سلطتها بإصدار قرار الإحالة بشكل ملحوظ ففضلاً عن الإحالة إلى المعاش قبل بلوغ السن المقررة لها، كان يتعين على الجهة الإدارية أن لا تهدر الحق المكتسب للمدعي في صرف مرتبه حتى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش، وهذا هو المتبع في مثل هذه الحالات وقد درجت الجهة الإدارية على أن تعوض الموظف إذا ما رأت فصله أو إحالته إلى المعاش قبيل سن الستين ودون مبرر قانوني اللهم إلا رغبة الجهة الإدارية بدافع شخصي ولاعتبار لا دخل لإرادة الموظف فيه أن تستمر في منحه حقوقه القانونية، والظاهر أن الجهة الإدارية لم تر مبرراً لتحويل المدعي إلى وظيفة أخرى فنية أو إدارية، ثم بعد شهور معدودة يكون قد بلغ سن الإحالة إلى المعاش، وما فعلته يمس مراكز قانونية وحقوق مكتسبة للمدعي لا تملك الجهة الإدارية أن تعرض لها بالإهدار، ولا بد أن يكون تصرفها في حدود القوانين واللوائح - فليس معنى انقضاء الأجل المحدد في المادة (48) المشار إليها دون أن يصدر قرار تعيين من لم يقع عليه الاختيار في وظيفة مماثلة لا يعني ذلك فصل الموظف تلقائياً، بل لا بد أن يستند الفصل إلى أساس سليم من القانون، وإلا كان الأمر تحكماً من جهة الإدارة فيكفي أن تقف موقفاً سلبياً بأن تمتنع في إصدار قرار التعيين لفصل من تشاء ولو كان ذلك عن هوى دون سند من القانون وهذا غير متفق مع قانون أو منطق..."
وقد أجابت الجهة الإدارية المدعى عليها على الدعوى "بأن السيد المدعي كان يشغل وظيفة عضو نيابة إدارية من الدرجة الثالثة الفنية إلى أن صدر القانون رقم 117 لسنة 1958 ولم يشمله قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 1128 لسنة 1958 الخاص بتعيين أعضاء النيابة الإدارية الذي صدر تنفيذاً للفقرة الأولى من المادة (48) من القانون سالف الذكر كما أنه لم يكن من بين الذين أعيد تعيينهم بالوزارات والمصالح الحكومية الأخرى بوظائف فنية أو إدارية مماثلة لدرجاتهم التي كانوا يشغلونها بالنيابة الإدارية تنفيذاً لما جاء بالفقرة الثانية من القانون المذكور - وقد رأت وزارة الخزانة إحالته إلى المعاش مع ضم مدة خدمته الباقية من 15/ 3/ 1959 تاريخ مضي ستة شهور من تاريخ نفاذ هذا القانون حتى 16/ 7/ 1959 تاريخ بلوغه سن الستين) إلى المعاش وقد صدر قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 4 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959..."
وبتاريخ 30/ 5/ 1961 قضت محكمة القضاء الإداري (هيئة الفصل بغير الطريق التأديبي) "بإلغاء قرار الفصل المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وأقامت قضاءها على "أن الثابت من مفردات الدعوى أن المدعي من مواليد 17 من يوليه سنة 1899، ومن ثم فإنه يبلغ سن الإحالة إلى المعاش في 16 من يوليه سنة 1959 وليس في سنة 1960 كما جاء في صحيفة الدعوى... ويبين من مساق الوقائع أن الفصل في النزاع يتوقف على تحديد أثر المادة (48) من القانون رقم 117 لسنة 1958 والسابق الإشارة إليها، وقد فسرت المذكرة الإيضاحية للقانون المذكور ما قصده الشارع من حكم المادة (48) منه حيث قالت في الفقرة 3 عن أهم الأحكام العامة والأحكام الوقتية المترتبة على تنفيذ القانون ما نصه "بعد أن وفرت لأعضاء النيابة الإدارية الضمانات والإمكانيات التي تيسر لها السير في عملها رؤى أنه من المناسب إعادة تشكيلها على أن ينقل من لا يتناوله التشكيل الجديد إلى وظائف عامة أخرى وقصرت مدة إعادة التعيين حتى تستقر الأوضاع في هذه الهيئة في وقت قريب (48) وعلى مقتضى حكم هذه المادة كان يتعين نقل المدعي إلى وظيفة عامة أخرى طالما أنه لم يتم إعادة تعيينه في النيابة الإدارية عند إعادة تشكيلها طبقاً للقانون، وإصدار مثل هذا القرار بنقله يوجبه القانون الذي لم يتضمن نصاً يجيز للجهة الإدارية فصل المدعي لانتهاء الفترة المحددة في القانون لنقله إلى وظيفة عامة أخرى... والثابت من مذكرة مدير المستخدمين بتاريخ 11/ 5/ 1960 أن وزارة الخزانة رأت إحالة المدعي إلى المعاش مع ضم مدة خدمته السابقة من 15 مارس سنة 1959 (تاريخ مضي ستة أشهر من تاريخ نفاذ القانون رقم 117 لسنة 1958 لغاية 16/ 7/ 1959 تاريخ بلوغه سن الستين) إلى المعاش. وقد صدر قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 4 بإحالته إلى المعاش اعتباراً من 3 من مارس سنة 1959، وظاهر من هذه المذكرة أن إحالة المدعي إلى المعاش لأنه لم يكن من بين من أعيد تعيينهم في النيابة الإدارية ولأنه لم ينقل إلى وظيفة أخرى خلال الأجل المحدد في المادة (48) من القانون.. وفصل المدعي من الخدمة اعتباراً من 3 من مارس سنة 1959 قد صدر بالمخالفة لقانون المعاشات المعامل به وقد ترتب على الفصل حرمان المدعي من مرتبه في المدة التالية على تاريخ فصله حتى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش، ومن ثم يكون من حقه اقتضاء الفرق بين مرتبه ومعاشه الذي وتقرر له عن مدة الفصل كأثر من آثار حكم هذه المحكمة بإلغاء قرار فصله المطعون فيه لمخالفته حكم القانون مع إلزام الحكومة المصروفات".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المدعي بلغ الستين من عمره في 16/ 7/ 1959 أي أثناء السير في الدعوى وقبل صدور حكم فيها إذ صدر الحكم في 30/ 5/ 1962 ولما كان بلوغ المدعي سن الإحالة إلى المعاش بجعل مصلحته منعدمة في طلب إلغاء قرار إحالته إلى المعاش الصادر في 3/ 3/ 1959 فإنه كان يتعين الحكم بعدم قبول الدعوى لزوال المصلحة - ثانياً - لم يكن المدعي بين من أعيد تعيينهم في النيابة الإدارية بعد صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 ولم يصدر قرار بتعيينه في وظيفة عامة إدارية أو فنية خلال ستة أشهر من تاريخ صدور ذلك القانون، ومن ثم فقد انقطعت صلة المدعي بالوظيفة وأصبح مفصولاً بنص القانون، إذ أنه ولم يعين في النيابة الإدارية، ومضت الستة أشهر التي كان يجوز خلالها تعيينه في وظيفة أخرى دون أن يتم تعيينه أصبح من الممتنع قانوناً تعيينه في أية وظيفة. ولما كانت المادة (48) تنص على أن من لم يتم تعيينهم في النيابة الإدارية "يحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم لمدة أقصاها ستة أشهر" فإن معنى هذا صراحة أنه بعد انقضاء هذه المدة إذا لم يتم التعيين في وظيفة أخرى، لا يعود للموظف الحق في الاحتفاظ بدرجته أو مرتبه، أي يعتبر مفصولاً من الخدمة طالما لم تصدر أداة جديدة يعين بمقتضاها في وظيفة عامة فنية أو إدارية، فقرار رئيس الجمهورية بإحالة المدعي إلى المعاش، لم يكن في واقع الأمر إلا تقريراً لأمر واقع فعلاً، دون أن ينشئ في حق المدعي أي مركز جديداً، إذ أن المدعي بمضي الستة أشهر المحددة في القانون أصبح معفى بنص القانون الذي لم يخوله الاحتفاظ بدرجته ومرتبه إلا هذه المدة فقط، وبالتالي يكون إلغاء قرار رئيس الجمهورية الصادر بإحالة المدعي إلى المعاش هو في حقيقته تعرض لنصوص القانون رقم 117 لسنة 1958 والتي أصبح المدعي مفصولاً من الخدمة بمضي الستة أشهر التالية لصدوره. وهذا التعيين أمر يخرج من اختصاص القضاء الإداري، هذا من ناحية - ومن ناحية أخرى، فإن المدعي، أصبح لا يشغل أية وظيفة في الدولة بعد مضي الستة أشهر المذكورة، لم يعد متصوراً أن يلغي قرار فصله، إذ أن هذا الإلغاء معناه عودته ليشغل وظيفة ما في الدولة في حين أنه بنص القانون المشار إليه لم يعد يشغل أية وظيفة بعد مضي تلك المهلة، وإلا كان معنى حكم الإلغاء هو صدور أمر بتعيين المدعي في إحدى الوظائف العامة وهو أمر يخرج عن اختصاص القضاء الإداري.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت مذكرة برأيها القانوني في الدعوى انتهت فيها إلى رفض الطعن لقيام المصلحة في الدعوى وهي تتمثل في الفرق بين مرتبه ومعاشه طوال المدة من 3/ 3/ 1959 إلى 16/ 7/ 1959 وهو ما لا يتأتى التوصل إليه إلا بإلغاء قرار إحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية ومن ناحية الموضوع فإن المادة (48) من القانون رقم 117 لسنة 1958 لم تخول جهة الإدارة فصل الموظف أو إنهاء خدمته لا أثناء الستة أشهر التي يحتفظ فيها بدرجته ومرتبه بصفة شخصية، ولا بعد هذه المدة وإنما فرضت على جهة الإدارة، التزاماً بأن تعيينه في وظيفة عامة مماثلة لوظيفته من حيث الدرجة والمرتب وإذا انقضت مدة الستة أشهر فإن هذا الالتزام لا يسقط عن كاهل جهة الإدارة بل تظل ملزمة بأن تعينه في وظيفة مماثلة لوظيفته... وإذا كان النص قد قضى بأن يحتفظ لأمثال المطعون ضده بدرجاتهم ومرتباتهم بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف مماثلة فإن نطاق أعمال هذا الحكم إنما يتحدد بالحكمة التي تغياها الشارع من تحديد هذه المدة وهي الإسراع في استقرار أوضاع الموظفين الذين لم يشملهم قرار إعادة التعيين... ولما كان الثابت أن إنهاء خدمة المطعون ضده لم يكن بسبب عدم صلاحيته للبقاء في الوظيفة العامة لعدم الرضاء عن عمله أو عدم إنتاجه أو رداءة صحيفة خدمته... وإنما كان بسبب فوات الستة الشهور دون صدور قرار بإلحاقه في أية وظيفة أخرى، فإنه على هدي ما سلف بيانه يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة المطعون ضده قبل بلوغه سن الستين قد جاء مخالفاً للقانون.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن المطعون ضده حاصل على الليسانس في القوانين سنة 1923 وكان يعمل في وزارة العدل قبل نقله إلى النيابة الإدارية بقرار من رئيس مجلس الوزراء في 1/ 12/ 1954 اعتباراً من 15/ 12/ 1954 بوظيفة عضو نيابة إدارية ورقى إلى الدرجة الثالثة اعتباراً من 27/ 1/ 1958 - وبتاريخ 9/ 12/ 1959 صدر قرار من وزير الدولة بإحالة المطعون ضده والذي لم يشمله تشكيل النيابة الإدارية الجديد، إلى المعاش اعتباراً من 3/ 3/ 1959 وضم المدة القانونية بين هذا التاريخ إلى تاريخ بلوغه سن الإحالة إلى المعاش في 16/ 7/ 1959 ضمن مدة خدمته في المعاش وتسوية معاشه على هذا الأساس وذلك بالاستناد إلى القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية بالإقليم المصري وإلى القوانين رقمي 37 لسنة 1929 و394 لسنة 1956 الخاصين بالمعاشات والقوانين المعدلة لهما وإلى قرار السيد رئيس الجمهورية رقم 2021 لسنة 1959 باعتماد القرارات التي اتخذتها لجنة المعاشات والمكافآت الاستثنائية بجلستها المنعقدة في 21/ 10/ 1959 والمتضمنة الموافقة على ضم المدة من 3/ 3/ 1959 إلى تاريخ بلوغ السيد أحمد مختار جاد (المطعون ضده) السن القانونية للإحالة إلى المعاش، وبالرجوع إلى المذكرة التي عرضت على لجنة المعاشات والمكافآت الاستثنائية في هذا الشأن يبين أن مبناها كان بصدور قرر السيد رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 الخاص بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية ونصت المادة (48) منه على أن يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير عام النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء الأعضاء دون تقيد بأحكام المادة (33) من هذا القانون، أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من السيد رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف مماثلة وبما أن قرار رئيس الجمهورية الصادر تنفيذاً للفقرة الأولى من المادة المذكورة بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية والقرارات الجمهورية الصادرة تنفيذاً للفقرة الثالثة من المادة المذكورة لم تشمل السيد/ أحمد مختار جاد وقد انقضت الستة أشهر المشار إليها وبذلك اعتبر مفصولاً من الخدمة اعتباراً من 3/ 3/ 1959، وقد طلب السيد/ وزير الدولة إضافة المدة من 3/ 3/ 1959 إلى تاريخ بلوغه السن القانونية ضمن مدة خدمته في المعاش.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم فإن الوجه الأول من الطعن الخاص بعدم قبول الدعوى لانعدام المصلحة فيها ببلوغ المطعون عليه سن التقاعد بعد رفعها وبالتالي فلا جدوى من طلب إلغاء القرار الصادر بإحالته إلى المعاش - هذا الوجه مردود عليه بأن مصلحة المطعون عليه تتمثل في الفرق بين مرتبه ومعاشه من 3/ 3/ 1959 إلى 16/ 7/ 1959 وهذا ما لا يتأتى التوصل إليه إلا بإلغاء القرار الصادر بإحالته إلى المعاش قبل بلوغه السن القانونية، ومن ثم يكون هذا الوجه غير مستند إلى أساس صحيح من القانون.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني فمعناه أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون ذلك أنه انتهى إلى أنه كان لزاماً على جهة الإدارة أن تنقل المطعون عليه إلى وظيفة أخرى مماثلة طبقاً للمادة (48) من القانون رقم 117 لسنة 1958 والذي لم يتضمن نصاً يجيز فصل المطعون عليه لانتهاء الفترة المحددة في هذا القانون لنقله إلى وظيفة عامة أخرى كما وأن فصل المطعون عليه من الخدمة اعتباراً من 3 مارس سنة 1959 قد صدر بالمخالفة لقانون المعاشات المعامل به.
ومن حيث إن المادة (48) من القانون رقم 117 لسنة 1958 تنص على أنه "يصدر خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ العمل بهذا القانون قرار من رئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مدير عام النيابة الإدارية بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية طبقاً للنظام الجديد". ويجوز أن يتم تعيين هؤلاء دون تقيد بأحكام المادة (33) من هذا القانون "أما الذين لا يشملهم القرار المشار إليه في الفقرة السابقة فيحتفظون بدرجاتهم ومرتباتهم الحالية بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم سواء أكانت إدارية أم فنية لا تقل من حيث الدرجة عن درجات وظائفهم الحالية وذلك بعد الاتفاق مع الجهات المختصة".
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن المطعون عليه لم يكن من بين من أعيد تعيينهم أعضاء في النيابة الإدارية ولا من بين من عينوا في الوزارات والمصالح الحكومية المختلفة وذلك بالتطبيق للمادة (48) المشار إليها.
ومن حيث إن صلة المطعون عليه بوظيفته الأصلية كعضو نيابة إدارية قد انقطعت بصدور القرار الجمهوري رقم 1128 لسنة 1958 بإعادة تعيين أعضاء النيابة الإدارية وشغل وظيفته بغيره. والقانون إذ نص على أن "يحتفظ من لم يشملهم التعيين بدرجاتهم ومرتباتهم بصفة شخصية لمدة أقصاها ستة أشهر يصدر خلالها قرار من رئيس الجمهورية بتعيينهم في وظائف عامة مماثلة لوظائفهم... بعد الاتفاق مع الجهات المختصة" فإن مفاد ذلك أن القانون قد ضرب أجلاً للجهة الإدارية لتستعيد فيه سلطتها التقديرية في تعيين من لم يشملهم إعادة التعيين في النيابة الإدارية في وظائف مماثلة أي أن الأمر في هذا التعيين لا يزال المرد فيه إلى تقدير السلطة الإدارية، فإذا انقضي هذا الأجل ولم يصدر قرار بالتعيين قامت القرينة القانونية القاطعة على أن جهة الإدارة لم ترد تعيينه أو نقله إلى جهة حكومية أخرى وهذا يعد بمثابة قرار ضمني بعدم التعيين مفروض فيه قيامه على سببه الصحيح قانوناً إلى أن يثبت العكس والقانون إذ احتفظ للموظف الذي لم يشمله إعادة التعيين في النيابة الإدارية بدرجته ومرتبه بصفة شخصية إبان الفترة التي حددها لكي تعمل الجهة الإدارية سلطتها في التقدير من حيث التعيين أو عدمه.. فذلك لأن الموظف في هذه الفترة يكون تحت تصرف السلطة العامة وكان من الجائز أن تصدر قراراً خلالها بتعيينه في وظيفة أخرى مماثلة وبالتالي فقد احتفظ له بدرجته ومرتبه إبانها فإذا انتهى الأجل المضروب فقد زالت كل صفة لهذا الموظف وانفصمت الرابطة القانونية التي كانت بينه وبين الحكومة بمقتضى القانون وليس بالقرار الإداري الصادر بإحالته إلى المعاش الذي لا يعدو أن يكون قراراً منفذاً لحكم القانون المشار إليه، فلا نصوص القانون ولا مذكرته التفسيرية يمكن أن تساير ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن تعيين من لم يشملهم قرار إعادة التعيين من أعضاء النيابة الإدارية في وظائف أخرى مماثلة إنما هو أمر وجوبي على جهة الإدارة إجراؤه إبان المدة المحددة أو بعدها - ذلك أن النص قد خلا من الوجوب وكلمة "يصدر" لا تفيد هذا الوجوب ومما يوضح الأمر أن التعيين لا يكون إلا بعد الاتفاق مع الجهات الإدارية التي كان سيلحق بها الموظف ومن الجائز أن هذا الاتفاق قد يتم أو لا يتم وبذلك تنتفي صفة الوجوب عن الحكم الوارد في الفقرة الثانية من المادة (48) المذكورة.
ومن حيث إنه على ضوء ما قد سلف بيانه فالمطعون ضده كان من موظفي النيابة الإدارية وعضواً فيها قبل صدور القانون رقم 117 لسنة 1958 ولم يشمله قرار إعادة التعيين كعضو في النيابة الإدارية كما وأنه لم يصدر قرار بإلحاقه في وظيفة أخرى مماثلة في الأجل الذي حدده هذا القانون في الفقرة الثانية من المادة (48) منه وبذلك فقد أنهت الجهة الإدارية خدمته في الحكومة اعتباراً من 3/ 3/ 1959 تاريخ انقضاء الستة شهور التي كان جائزاً تعيينه خلالها في وظيفة عامة أخرى إذ اعتبرت علاقته بها قد انتهت في هذا التاريخ بحكم القانون وقد رأت أن تضم له المدة من 3/ 3/ 1959 حتى بلوغه سن التقاعد في تسوية معاشه بصفة استثنائية لأنه في هذه الفترة لم يكن موظفاً في الحكومة، ومن ثم لا يكون فيما اتخذته جهة الإدارة حيال المطعون ضده أية مخالفة للقانون وبالتالي يكون القرار المطعون فيه بمنأى عن الطعن.
ومن حيث إنه لذلك، ولما كان كل ما تقدم، فإن الطعن يكون قائماً على أساس سليم من القانون، ويكون الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تأويل القانون وتطبيقه، فيتعين إلغاؤه والقضاء برفض دعوى المطعون ضده وإلزامه المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى، وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق