الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 20 ديسمبر 2022

الطعن 6918 لسنة 76 ق جلسة 7 / 12 / 2022 مكتب فني 71 هيئة عامة ق 1 ص 11

باسم الشعب
محكمة النقض
الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها
برئاسة السيد القاضي/ محمد عيد محجوب رئيس محكمة النقض
وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، عبد العزيز الطنطاوي
محيي الدين السيد، عاطف الأعصر
نبيل عمران، نبيل أحمد صادق
محمد أبو الليل، سمير حسن
صلاح مجاهد والحسين صلاح نواب رئيس المحكمة
بحضور السيد المحامي العام/ هشام حجازي.
وأمين السر السيد/ بيومي ذكي نصر.
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمحافظة القاهرة.
في يوم الأربعاء 13 من جمادى الأولى سنة 1444 هـ الموافق 7 من ديسمبر سنة 2022 م.
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 6918 لسنة 76 ق "هيئة عامة".

------------

الوقائع

حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك المطعون ضده تقدم للسيد الرئيس بمحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بصفته قاضيًا للأداء بطلب استصدار أمر بإلزام الشركة الطاعنة بأداء مبلغ 30000 جنيه والفوائد القانونية بواقع 5 % من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد، على سند من أنه يداينها بهذا المبلغ بموجب سندين لأمر، تم تظهيرهما له من قبل المستفيد فيهما، وإذ امتنعت الشركة الطاعنة محررة السندين عن السداد، رغم إنذارها بورقة الاحتجاج بعدم الدفع فتقدم بطلبه، وبتاريخ 22/ 10/ 2002 تم رفض إصدار الأمر، وحددت جلسة لنظر الموضوع بالدعوى رقم 338 لسنة 2005 تجاري شمال القاهرة الابتدائية، وبتاريخ 27/ 9/ 2005 حكمت المحكمة بسقوط حق المطعون ضده في إقامة الدعوى. استأنف البنك المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4574 لسنة 122 ق، وبتاريخ 29/ 3/ 2006 قضت بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدفع بالتقادم الحولي المبدى من الشركة الطاعنة، وفي موضوع الدعوى بإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للبنك المطعون ضده مبلغ 30000 جنيه والفوائد القانونية بواقع 5 % سنويًّا من تاريخ تحرير احتجاج عدم الدفع. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على الدائرة التجارية والاقتصادية بالمحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
في يوم 3/ 5/ 2006 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر بتاريخ 29/ 3/ 2006 في الاستئناف رقم 4574 لسنة 122 ق. وذلك بصحيفة طلبت فيها الشركة الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودعت الشركة الطاعنة مذكرة شارحة وحافظة بمستنداتها.
وفي 15/ 5/ 2006 أعلن البنك المطعون ضده بصحيفة الطعن.
ثم أودعت النيابة مذكرتها وطلبت فيها قبول الطعن شكلًا، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه. وبجلسة 16/ 6/ 2021 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر، فحددت لنظره جلسة للمرافعة.
وبجلسة 16/ 2/ 2022 قررت الدائرة التي تنظر الطعن إحالته إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها للعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني من تطبيق نص الفقرة الثانية من المادة 465 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بشأن مدة تقادم دعوى حامل السند لأمر قبل محرره؛ والتي جعلت الدعاوى المرفوعة على محرر السند لأمر - باعتباره في مركز ساحب الكمبيالة - تتقادم بمضي سنة من تاريخ الاستحقاق، أو من تاريخ الاحتجاج.
ثم أودعت النيابة العامة مذكرة تكميلية، وانتهت فيها إلى الأخذ بأحكام الاتجاه الأول بتطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 465 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بأن يتقادم التزام المحرر في السند لأمر بثلاث سنوات تبدأ من تاريخ الاستحقاق، وتطبيق الفقرة الثانية من ذات المادة بالنسبة لدعاوى الحامل قبل المظهرين؛ بأن تتقادم بمضي سنة تبدأ من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد القانوني أو من تاريخ الاستحقاق؛ إذا اشتمل السند لأمر على شرط الرجوع بلا مصاريف.
وبجلسة 12/ 11/ 2022 عُرض الطعن على الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها، ثم قررت تأجيله إداريًا لجلسة 15/ 11/ 2022؛ وبها قررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

------------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ الحسين صلاح "نائب رئيس المحكمة"، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة تبينت وجود اتجاه ذهبت به بعض الدوائر في أحكامها إلى أن المنازعة المتعلقة بتقادم دعوى حامل السند لأمر قبل محرره ينطبق عليها نص الفقرة الثانية من المادة 465 من قانون التجارة الحالي رقم 17 لسنة 1999، وجعلت الدعاوى المرفوعة على محرر السند لأمر - باعتباره في مركز ساحب الكمبيالة - تتقادم بمضي سنة من تاريخ الاستحقاق، أو من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد القانوني، وهو ما يخالف الاتجاه الذي استقر عليه قضاء هذه المحكمة من أن هذه المنازعة ينطبق عليها نص الفقرة الأولى من المادة 465 سالفة الذكر، وبالتالي تتقادم الدعاوى المرفوعة على محرر السند لأمر - باعتباره في مركز المسحوب عليه القابل في الكمبيالة - بمضي ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المنعقدة بتاريخ 16/ 2/ 2022 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها؛ عملا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل في هذا الاختلاف، وإقرار المبدأ الذي استقرت عليه دوائر المحكمة بانطباق نص الفقرة الأولى من المادة 465 من قانون التجارة بأن تتقادم دعاوى حامل السند لأمر قبل محرره بثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق، والعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الآخر الصادرة من بعض الدوائر من انطباق نص الفقرة الثانية من هذه المادة عليها.
وإذ حددت الهيئة جلسة لنظر الطعن؛ أودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة أبدت فيها الرأي بالأخذ بالاتجاه الأول، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها الأخير.
وحيث إنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن البين من استقراء مواد قانون التجارة الحالي رقم 17 لسنة 1999 أن المشرع انتهج سياسة تشريعية مغايرة بشأن تقادم الديون التجارية على اختلاف الأسباب التي تكون مصدرا للالتزام فيها؛ بأن حدد مددا قصيرة للتقادم مراعيا في ذلك طبيعة المعاملات التجارية وما تقتضيه من استقرار الحقوق المترتبة عليها وعدم جعلها عرضة للمنازعة فيها بعد انقضاء فترة طويلة على نشأتها. وكان من المقرر أن الأصل أن يلتزم القاضي في تفسير النصوص التشريعية الاستثنائية عبارة النص ولا يجاوزها؛ فلا يجوز له القياس لمد حكم النص إلى أمور سكت عنها أو يضيف إلى عبارته أمرا لم يرد فيه من شأنه أن يؤدي إلى التوسع في تطبيق النص. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة نصوص المواد من 468 إلى 471 من قانون التجارة المنظمة لأحكام السند لأمر - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - إذ إنها أطلقت عبارة "محرر السند" للإشارة إلى من أنشأ السند لأمر، دون استخدام ألفاظ أو مسميات أخرى له، خلافا لما انتهجه المشرع في هذا القانون بشأن الكمبيالة؛ إذ أطلقت الفقرة ح من المادة 379 منه مسمى "الساحب" للإشارة إلى مصدر الكمبيالة، وتبعتها في ذلك نصوص المواد اللاحقة، ومؤدى هذا التباين إنما يكشف عن قصد الشارع في المغايرة بين المركز القانوني للساحب في الكمبيالة عن محرر السند لأمر. وإذ أخضعت المادة 470 من القانون المشار إليه السند لأمر لذات أحكام الكمبيالة بالقدر الذي لا تتعارض فيه مع ماهيته، ونصت المادة 471 منه على إخضاع التزام محرر السند لأمر لذات حكم التزام القابل في الكمبيالة، والتي منها الأحكام المقررة بشأن التقادم، وهو ما يتعين معه الالتزام بدلالة عبارة "محرر السند لأمر" الواردة بالقانون على نحو مراد الشارع وإخضاعها للحكم المقرر بشأنه، دون أن يمتد لها حكم غيرها من الألفاظ قياسا، التزاما بعبارة النص الصريح غير القابل للتأويل أو التفسير، ولما كانت المادة 465 من القانون المنظمة لتقادم دعوى الرجوع بالكمبيالة قد اعتدت بصفات أطراف الكمبيالة من ملتزمين وحاملين وجعلت منها المناط في تحديد مدة تقادمها، نظرا لاختلاف سبب التزام كل منهم، وعملا بقاعدة استقلال الالتزام في الأوراق التجارية، بحيث جعلت مدة التقادم متغيرة بحسب أطراف دعوى الرجوع، وكانت الفقرة الأولى من المادة 465 المشار إليها قد نصت على تقادم الدعاوى الناشئة عن الكمبيالة تجاه قابلها بمضي ثلاث سنوات، بينما نصت الفقرة الثانية منها على تقادم دعوى الحامل قبل المظهرين وقبل الساحب بمضي سنة من تاريخ الاحتجاج أو من تاريخ الاستحقاق؛ إذا اشتملت الكمبيالة على شرط الرجوع بلا مصاريف، في حين نصت الفقرة الثالثة منها على تقادم دعاوى المظهرين قبل بعضهم البعض وقبل الساحب بمضي ستة أشهر من اليوم الذي أوفى فيه المظهر الكمبيالة أو من يوم إقامة الدعوى عليه. وإذ كانت صياغة هذا النص لم تثر أي مشكلات عند تطبيقها على الكمبيالة؛ ذلك أنها شرعت في الأصل لمعالجتها، إلا أن الأمر قد دق عند تطبيقها على السند لأمر لاختلاف طبيعة كل منهما، إذ اعتبرت بعض الأحكام محرر السند الأمر ساحبا له وأنزلته منزلة الساحب في الكمبيالة، وطبقت عليه حكم الفقرة الثانية من المادة 465 المشار إليها بجعل مدة تقادم دعوى رجوع الحامل عليه بمضي سنة من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد أو من تاريخ الاستحقاق إذا اشتمل السند على شرط الرجوع بلا مصاريف، وهي بذلك تكون قد مدت حكم تقادم الكمبيالة قبل ساحبها على محرر السند لأمر قياسا رغم خلو القانون مما يؤيد ذلك، لا سيما وأن المادة 471 من قانون التجارة قد أخضعته بنص صريح لذات حكم قابل الكمبيالة في هذا الشأن، وهو ما يتعين معه الالتزام بهذا الحكم وتطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 465 من القانون فيما يتعلق بتقادم دعوى رجوع الحامل قبل محرر السند لأمر، دون نص الفقرة الثانية من تلك المادة.
لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام هذه المحكمة قد ذهبت في قضائها إلى تطبيق الفقرة الثانية من المادة 465 من قانون التجارة رقم 17 لسنة 1999 بتقادم دعوى الرجوع على محرر السند لأمر بمضي سنة من تاريخ الاحتجاج المحرر في الميعاد أو من تاريخ الاستحقاق؛ إذا اشتمل السند على شرط الرجوع بلا مصاريف، فقد رأت الهيئة، بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفا، العدول عن هذا الرأي والأحكام التي اعتدت به، وإقرار الأحكام التي استقر عليها قضاء هذه المحكمة والتي انتهت إلى أن المنازعة بشأن تقادم دعاوى الحامل قبل محرر السند لأمر ينطبق عليها نص الفقرة الأولى من المادة 465 سالفة الذكر، وتكون مدة تقادمها ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق.
ومن ثم فإن الهيئة - وبعد الفصل في المسألة المعروضة - تعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه، وفقا لما سبق، وطبقا لأحكام القانون.

فلهذه الأسباب

حكمت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها بالأغلبية المنصوص عليها بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 المعدل:
أولا: بإقرار المبدأ الذي تبنته الأحكام التي انتهت إلى أن المنازعة بشأن تقادم دعاوى الحامل قبل محرر السند لأمر ينطبق عليها نص الفقرة الأولى من المادة 465 من قانون التجارة، وتكون مدة تقادمها ثلاث سنوات من تاريخ الاستحقاق، والعدول عما عداه من أحكام أخرى مخالفة في هذا الشأن.
ثانيا: بإعادة الطعن إلى الدائرة المحيلة للفصل فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق