الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 4 أغسطس 2021

النعي بالإغفال التشريعي استحداثً لحكم تشريعي يجاوز تقريره نطاق الولاية المقررة للمحكمة الدستورية

الدعوى رقم 11 لسنة 42 ق "دستورية" جلسة 3 / 7 / 2021
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث من يوليه سنة 2021م، الموافق الثانى والعشرين من ذى القعدة سنة 1442 ه.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 11 لسنة 42 قضائية "دستورية" بعد أن أحالت محكمة القضاء الإداري – دائرة دمياط – بحكمها الصادر بجلسة 28/4/2019، ملف الدعوى رقم 3060 لسنة 5 قضائية.

المقامة من
محمد السعيد محمد عطية الزميتى
ضد
1 – محافظ دمياط
2 – وكيل وزارة التربية والتعليم بدمياط
الإجراءات
بتاريخ الأول من فبراير سنة 2020، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا ملف الدعوى رقم 3060 لسنة 5 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإداري – دائرة دمياط – بجلسة 28/4/2019، بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص المادة (70) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981 المضافة بالقانون رقم 155 لسنة 2007.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق – في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 3060 لسنة 5 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري – دائرة دمياط – طالبًا الحكم بأحقيته في صرف بدل المعلم بنسبة 50% من الأجر الأساسي اعتبارًا من 1/7/2007، وبدل الاعتماد بنسبة 125% من الأجر الأساسي اعتبارًا من 1/12/2008، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وذلك على سند من أنه يشغل وظيفة كبير أخصائيين بدرجة مدير عام بمديرية التربية والتعليم بدمياط، وأنه يستحق صرف كل من البدلين المشار إليهما طبقًا لأحكام القانون رقم 155 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، إلا أن جهة الإدارة رفضت منحه هذين البدلين، مما اضطره إلى الالتجاء إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات، ثم إقامة دعواه الموضوعية، توصلاً للقضاء له بطلباته، وبجلسة 28/4/2019 قضت المحكمة بوقف الدعوى، وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية نص المادة (70) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، المضافة بالقانون رقم 155 لسنة 2007، على سند من أن المادة المحالة فيما تضمنته من إغفال النص على سريان أحكام الباب السابع من قانون التعليم المشار إليه، على شاغلي الوظائف التخصصية والوظائف الفنية للتعليم، تخالف نصى المادتين (22، 53) من الدستور.

وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الرقابة القضائية التى تباشرها المحكمة تثبيتًا للشرعية الدستورية، مناطها تلك النصوص القانونية التى أقرتها السلطة التشريعية، أو التي أصدرتها السلطة التنفيذية في حدود صلاحياتها التى بينها الدستور، وبالتالي يخرج عن نطاقها إلزام هاتين السلطتين بإقرار قانون أو إصدار قرار بقانون في موضوع معين، إذ إن ذلك مما تستقل بتقديره تلك السلطتان وفقًا لأحكام الدستور، ولا يجوز بالتالى حملها على التدخل لإصدار تشريع في زمن معين أو على نحو ما.

وحيث إن من المقرر أن الدستور كفل لكل حق أو حرية نص عليها، الحماية من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية، وتتمثل هذه الحماية في الضمانة التى يكفلها الدستور لحقوق المواطنين وحرياتهم، والتى يعتبر إنفاذها شرطًا للانتفاع بها في الدائرة التى تصورها الدستور نطاقًا فاعلاً لها، وهذه الضمانة ذاتها هى التى يفترض أن يستهدفها المشرع، وأن يعمل على تحقيقها من خلال النصوص القانونية التى ينظم بها هذه الحقوق وتلك الحريات، باعتبارها وسائله لكفالتها، وشرط ذلك بطبيعة الحال أن يكون تنظيمها كافلاً تنفسها في مجالاتها الحيوية، وأن يحيط بكل أجزائها التى لها شأن في ضمان قيمتها العملية، فإذا نظمها المشرع تنظيمًا قاصرًا، بأن أغفل أو أهمل جانبًا من النصوص القانونية التي لا يكتمل هذا التنظيم إلا بها، كان ذلك إخلالاً بضمانتها التى هيأها الدستور لها، وفى ذلك مخالفة للدستور.

وحيث إن الفقرة الأولى من المادة (70) من قانون التعليم الصادر بالقانون رقم 139 لسنة 1981، المضافة بالقانون رقم 155 لسنة 2007، المستبدل بالقانون رقم 198 لسنة 2008 تنص على أن " تسرى أحكام هذا الباب على جميع المعلمين الذين يقومون بالتدريس أو بالتوجيه أو بالتفتيش الفني، وعلى الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وأخصائي التكنولوجيا وأخصائي الصحافة والإعلام وأمناء المكتبات، وعلى كل من يشغل إحدى هذه الوظائف وتم إلحاقه للعمل في وظائف الإدارة بالمدارس والإدارات والمديريات التعليمية وديوان عام وزارة التربية والتعليم والجهات التابعة لها.

وتسرى أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما لم يرد بشأنه نص خاص في هذا الباب". وقد استبدلت الفقرة الأخيرة المشار إليها بمقتضى القانون رقم 16 لسنة 2019، ونصت على أن " وتسرى أحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 فيما لم يرد في شأنه نص في هذا الباب".

وحيث إن الواضح من النص المحال أنه قد تضمن تحديدًا لنطاق تطبيق أحكام الباب السابع من قانون التعليم المشار إليه، حاصرًا ذلك في المعلمين الذين يقومون بالتدريس أو بالتوجيه أو بالتفتيش الفنى، والأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وأخصائيى التكنولوجيا والصحافة والإعلام وأمناء المكتبات، ويشمل ذلك كل من تم إلحاقهم من هذه الفئات بوظائف الإدارة بالمدارس والإدارات والمديريات التعليمية وديوان عام وزارة التربية والتعليم والجهات التابعة لها. وقد أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 155 لسنة 2007 المشار إليه الغاية من هذا التنظيم، والغرض الذى سعى المشرع إلى تحقيقه من وراء ذلك، في قولها " يستند المنظور الحقيقى للمجتمعات الحديثة، وتقدم الدولة بصفة أساسية، على مدى التقدم والتطور الذى يلحق بالتعليم في تلك المجتمعات، وهو الأمر الذى بات معه من الأمور الحتمية النظر إلى منظومة التعليم في مصر نظرة مختلفة تسعى إلى النهوض بالعملية التعليمية، بحسبان ذلك السبيل للتقدم، ومسايرة ركب التطور التكنولوجى والعملى والمعرفى للدولة المتقدمة.

ولا شك أن هذا الإصلاح المرجو للعملية التعليمية إنما يبدأ بالمعلم، وهو ما دعا إلى إعداد المشروع المرفق متضمنًا وضع كادر خاص بالمعلمين، يعيد تنظيم مهنة التعليم بما يضمن الارتقاء بمستوى المعلم مهنيًّا وماليًّا بحسبان هذا الكادر لا يعنى مجرد زيادة أجور المعلمين، وإنما يظل ما يمنح من مميزات مالية بموجب أحكام هذا الكادر للمعلم مرتبطًا بما يحققه من مستويات معرفية ومهارية خاصة تضمن النهوض بالعملية التعليمية بما يحقق نهضة الدولة بأسرها.

ويقوم مشروع القانون المرفق والذى أعدته كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التنمية الإدارية ووزارة المالية على أساس من الأحكام الآتية:...............

(5) تطبيق ذات الأحكام الوظيفية والمالية الخاصة بالمعلمين الواردة في هذا المشروع بالنسبة للأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين وأخصائيى التكنولوجيا العاملين بالمدارس، وذلك لارتباط أعمال وظائفهم بصميم العملية التعليمية والمساهمة في تطويرها والارتقاء بها". متى كان ذلك، وكانت الوظائف الخاضعة لأحكام قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 تقسم طبقًا لنص المادة (10) من هذا القانون، إلى مجموعات وظيفية رئيسة هى: مجموعة الوظائف التخصصية، ومجموعة الوظائف الفنية، ومجموعة الوظائف الكتابية، ومجموعة الوظائف الحرفية والخدمة المعاونة. وكان نطاق الإحالة كما حددته محكمة الموضوع بمنطوق حكمها، والأسباب المرتبطة به ارتباطًا لا يقبل الفصل أو التجزئة، التى وردت بمدونات هذا الحكم، إنما يقتصر على ما تضمنته المادة (70) من قانون التعليم المشار إليه من إغفال النص على سريان أحكام الباب السابع من قانون التعليم المشار إليه على شاغلي الوظائف التخصصية والوظائف الفنية للتعليم، عدا ما ورد النص عليه في المادة (70) المشار إليها، قاصدة بإطلاق الإحالة على هذا النحو إلى إدارج جميع هذه الوظائف وشاغليها في التنظيم القانوني الذي تضمنه النص المحال، ومد نطاق تطبيق أحكام الباب السابع من قانون التعليم المشار إليه ليسرى على تلك الفئات، بغض النظر عن مدى ارتباط أعمال وظائفهم ارتباطًا مباشرًا وجوهريًا بصميم العملية التعليمية، وتحقق مشاركتهم الفاعلة فيها، وتوافر الرابطة المنطقية والعقلية بينها، وبين الأغراض التي هدف المشرع إلى تحقيقها من وراء التنظيم الذي ضمنه الباب السابع من قانون التعليم، وتحديد نطاق تطبيق أحكامه بالنص المحال، وهي الإسهام الفاعل والحقيقي في تطوير العملية التعليمية والارتقاء بها، وهي العلة من تقرير هذا التنظيم، ومن ثم فإن ما تطرحه الإحالة الواردة من محكمة الموضوع، في حدود نطاقها المتقدم، لا يعدو أن يكون استحداثًا لحكم تشريعي يجاوز تقريره نطاق الولاية المقررة لهذه المحكمة، ويُعد تدخلاً في عمل السلطة التشريعية، بالمخالفة لنص المادة (101) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق