الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 6 أغسطس 2021

الطعن 31739 لسنة 59 ق جلسة 17 / 1 / 2016 إدارية عليا مكتب فني 61 ج 1 ق 36 ص 487

جلسة 17 من يناير سنة 2016
الطعن رقم 31739 لسنة 59 القضائية (عليا)
(الدائرة السابعة)
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حسن كمال محمد أبو زيد شلال نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ صلاح شندي عزيز تركي، ود.مجدي صالح يوسف الجارحي، وأحمد محمد أحمد الإبياري، وهاشم فوزي أحمد شعبان. نواب رئيس مجلس الدولة
---------------
(أ‌) دعوى:
لجان التوفيق في بعض المنازعات- حجية التوصيات الصادرة عنها- توصية لجنة التوفيق لها قوة السند التنفيذي- لئن كان السند التنفيذي يعطي للحاصل عليه حق التنفيذ الجبري، إلا أن ذلك لا يعني اكتسابه حصانة أمام القضاء إذا ما طرح عليه النزاع، فيحق للمحكمة ألا تعتد بهذا السند إذا ارتأت أنه جاء بالمخالفة للقانون؛ بحسبان أن الأحكام (وهي أقوى السندات التنفيذية إلزاما) يجوز الطعن عليها بالإلغاء أمام المحكمة المختصة، فالأمر ينطبق من باب الأولى على توصيات لجان التوفيق في المنازعات التي لها قوة السند التنفيذي في مواجهة الإدارة التي وافقت عليها، حيث لا تكون لها حجية أمام المحكمة إذا ارتأت أنها أوصت بشيء مخالف للقانون.

- المادة التاسعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات التي تكون الوزارات والأشخاص الاعتبارية العامة طرفا فيها.

(ب‌) موظف:
الحقوق المالية الوظيفية، والحقوق المالية الدورية- تقادم الحق في المطالبة بها- تصبح المرتبات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة حقا مكتسبا إذا لم تتم المطالبة بها قضائيا أو إداريا خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها- مناط تطبيق هذا الحكم تحقق أمرين: (الأول) نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار إداري فردي، و(الثاني) تخلف المطالبة بهذا الحق قضائيا أو إداريا لمدة خمس سنوات من نشوء الحق، رغم علم صاحب الشأن بقيامه، علما حقيقيا لا افتراضيا، إلا إذا قام مانع قانوني يستحيل مع وجوده المطالبة قانونا بهذا الحق، فلا يبدأ ميعاد التقادم إلا من التاريخ الذي يزول فيه هذا المانع- بمضي المدة دون مطالبة، تصبح المستحقات المذكورة من أموال الدولة- عبارة نص المادة رقم (29) من قانون المحاسبة الحكومية واضحة الدلالة ولا تثير لبسا ولا غموضا، بل جاءت عامة ومطلقة، لتشمل المرتبات والعلاوات والمكافآت والبدلات، أيا كان نوعها، سواء باعتبارها حقوقا مالية وظيفية، أم حقوقا دورية متجددة.

- المادة (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية.

(ج‌) موظف:
المرتبات وما في حكمها- تقادم الحق في المطالبة بها- متى أصبحت هذه المستحقات من أموال الدولة لسقوط الحق في المطالبة بها بالتقادم، لم يجز لجهة الإدارة التنازل عنها أو الإقرار بها، إلا طبقا لأحكام التنازل عن أموال الدولة أو التصرف فيها- يختلف هذا عن أحكام التقادم في القانون المدني التي تسري على الحقوق الخاصة، التي يجوز لصاحبها التنازل عنها أو التصرف فيها، فيجوز له عدم التمسك بالتقادم، أو سداد الدين طواعية، أما جهة الإدارة فإنها لا تملك قانونا الإقرار بالحقوق الدورية أو صرفها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ استحقاقها، بل تئول هذه الحقوق إلى الخزانة العامة بقوة القانون، وإلا كان تصرفا في مال من أموال الدولة في غير الأحوال وبغير القواعد التي نص عليها القانون.

(د) قانون:
قواعد التفسير- إذا كانت عبارة النص واضحة الدلالة، فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها؛ لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد الشارع عن طريق التأويل، ومتى كان النص عاما أو مطلقا فلا محل لتخصيصه أو تقييده، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به المشرع عن طريق التأويل.
----------------
الوقائع
بتاريخ 24/7/2013 أودع وكيل الطاعن قلم كتاب هذه المحكمة تقريرا بالطعن في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية عشرة) في الدعوى رقم 19994 لسنة 65ق بجلسة 27/5/2013، القاضي منطوقه: (أولا) بسقوط حق المدعي في المطالبة بمضي المدة عن الفترة من 23/7/1987 إلى 23/12/1987، و(ثانيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف فروق العلاوات الخاصة عن عمله بالخارج عن الفترة من 1/7/1996 إلى 30/6/1999، وبفئة الخارج وعلى أساس سعر الصرف وقت الوفاء على النحو المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات. وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته.

وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن -وللأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه في الشق الأول فيما قضى به من سقوط حقه في المطالبة بمضي المدة، والقضاء مجددا بأحقيته في تنفيذ التوصية الصادرة عن لجنة التوفيق والمشمولة بالصيغة التنفيذية، على أن يكون صرف الفروق المالية للعلاوات الخاصة بسعر الصرف وقت الوفاء، وإحالة الطعن إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، أو إحالة الطعن إلى دائرة توحيد المبادئ للقضاء بتقادم دعاوى الاستحقاق الحاصلة على صيغة تنفيذية بمضي خمس عشرة سنة.

وقد جرى إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق.

وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن.

وقد جرى نظر الطعن بالجلسات أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة على النحو المبين بمحاضرها وخلالها قدم نائب الدولة مذكرة دفاع، ثم قررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث تدوول أمامها على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، وبجلسة 1/11/2015 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 20/12/2015 ومذكرات في أسبوعين، ولم تودع أية مذكرات خلال الأجل المضروب، ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة قانونا.

وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانونا، فمن ثم تعين الحكم بقبوله شكلا.

وحيث إن واقعات هذا النزاع تخلص -حسبما يبين من الأوراق- في أن الطاعن سبق أن أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإداري (الدائرة الثانية عشرة)، طالبا الحكم بقبولها شكلا، وفي الموضوع بأحقيته في صرف الفروق المالية عن فترة عمله ببعثات مصر بالعملة الأجنبية بسعر الصرف السائد وقت السداد، وإلزام الإدارة المصروفات.

وذكر المدعي (الطاعن) شرحا لدعواه أنه من العاملين بوزارة الخارجية، وقد تقدم بطلب إلى لجنة التوفيق في بعض المنازعات بشأن أحقيته في صرف العلاوات الخاصة عن فترة عمله بالبعثات المصرية بالخارج، وأصدرت اللجنة توصيتها بأحقيته في صرف هذه العلاوات، واستصدر عنها الصيغتين التنفيذيتين رقمي 1708 لسنة 2004 و520 لسنة 2001، وتم الصرف على أساس سعر الصرف وقت الاستحقاق، وهو أقل من السعر وقت الصرف، وهو ما دعاه إلى اللجوء إلى لجنة التوفيق التي أوصت بأحقيته في صرف فروق الأسعار عن العملة التي تم الصرف بها وقت الصرف، إلا أن جهة الإدارة لم تقم بتنفيذ تلك التوصية، فأقام هذه الدعوى بغية الحكم بطلباته المبينة سالفا.

وتدوول نظر الدعوى أمام المحكمة المذكورة، وبجلسة 27/5/2013 قضت: (أولا) بسقوط حق المدعي في المطالبة بمضي المدة عن الفترة من 23/7/1987 إلى 23/12/1987. و(ثانيا) بقبول الدعوى شكلا، وفي الموضوع بأحقية المدعي في صرف فروق العلاوات الخاصة عن عمله بالخارج في الفترة من 1/7/1996 إلى 30/6/1999، وبفئة الخارج وعلى أساس سعر الصرف وقت الوفاء على النحو المبين بالأسباب، وألزمت جهة الإدارة المصروفات. وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته.

وشيدت المحكمة قضاءها على سند من أنه بالنسبة لمستحقات المدعي بالخارج خلال الفترة من 23/7/1987 إلى 23/12/1987 فإن حقه في المطالبة بها قد سقط بمضي المدة؛ لكونه لم يلجأ إلى لجنة التوفيق في المنازعات إلا في عام 2002، أي بعد مضي أكثر من خمس سنوات على نشوء الحق وزوال المانع القانوني بصدور قرار وزير المالية رقم 231 لسنة 1992، وأن قيام جهة الإدارة بصرف بعض مستحقاته بعد سقوط الحق في المطالبة بها لا يعني إلزامها صرف بقية هذه المستحقات بالمخالفة للقانون.

أما بالنسبة للفترة من 1/7/1996 إلى 30/6/1999 فإن المدعي يتحقق بشأنه مناط صرف فروق العلاوات الخاصة بفئة الخارج وعلى أساس سعر الصرف يوم تنفيذ التوصية؛ بحسبان أن الجهة الإدارية مدينة له بهذه المبالغ بالعملة الصعبة، ولا يجوز لها أن تثري على حساب الغير، وذلك بمراعاة أحكام التقادم الخمسي. ومن ثم خلصت المحكمة إلى إصدار حكمها المطعون عليه.

وإذ لم يلق هذا الحكم قبولا لدى الطاعن فقد أقام طعنه الماثل، ناعيا على الحكم المطعون فيه صدوره في الشق الأول منه مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون؛ لأن المنازعة تنحصر في طريقة حساب الفروق المالية وحسابها على أساس سعر الصرف وقت الوفاء، ومن ثم فإن هذه المنازعة لا تخضع لأحكام التقادم الخمسي المنصوص عليها في المادة رقم (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، وأن المانع الذي حال بين الطاعن والمطالبة بصرف العلاوات الخاصة قد زال بصدور التوصية عن لجنة التوفيق في بعض المنازعات، وكان واجبا على جهة الإدارة حينئذ أن تقوم بتنفيذ تلك التوصية بسعر الصرف وقت الوفاء، خاصة أن توصيتها جاءت بعد موافقة الطرفين، وتم تذييلها بالصيغة التنفيذية طبقا لنص المادة التاسعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق. وخلص الطاعن بتقرير الطعن إلى طلب الحكم بطلباته المبينة سالفا.

وحيث إن المادة رقم (29) من القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية تنص على أن: "تئول إلى الخزانة العامة مرتبات ومكافآت وبدلات العاملين بالدولة التي لم يطالب بها خلال خمس سنوات من تاريخ استحقاقها".

وحيث إن المستقر عليه في قضاء هذه المحكمة أن المرتبات وما في حكمها من المبالغ التي تكون مستحقة قبل الحكومة، تصبح حقا مكتسبا إذا لم تتم المطالبة بها قضائيا أو إداريا خلال خمس سنوات من تاريخ نشوء الحق في اقتضائها، ومناط تطبيق هذا الحكم رهين بأمرين: (الأول) نشوء حق مالي في ذمة الدولة نتيجة قرار تنظيمي عام أو قرار إداري فردي، و(الثاني) تخلف المطالبة بهذا الحق قضائيا أو إداريا لمدة خمس سنوات من نشوء الحق، رغم علم صاحب الشأن بقيامه، علما حقيقيا لا افتراضيا، إلا إذا قام مانع قانوني يستحيل مع وجوده المطالبة قانونا بهذا الحق، ففي هذه الحالة لا يبدأ ميعاد التقادم إلا من التاريخ الذي يزول فيه هذا المانع.

كما أن مقتضى ذلك أنه بمضي المدة دون مطالبة، تصبح المستحقات المذكورة من أموال الدولة، ولهذا لا يجوز لجهة الإدارة التنازل عنها أو الإقرار بها، إلا طبقا لأحكام التنازل عن أموال الدولة أو التصرف فيها، وهذا يختلف عن أحكام التقادم في القانون المدني التي تسري على الحقوق الخاصة التي يجوز لصاحبها التنازل عنها أو التصرف فيها، فيجوز له عدم التمسك بالتقادم وسداد الدين طواعية، أما جهة الإدارة فإنها لا تملك قانونا الإقرار بالحقوق الدورية أو صرفها بعد مضي خمس سنوات من تاريخ استحقاقها، بل تئول هذه الحقوق إلى الخزانة العامة بقوة القانون، وإلا كان تصرفا في مال من أموال الدولة في غير الأحوال وبغير القواعد التي نص عليها القانون.

وحيث إنه من المسلم به أنه إذا كانت عبارة النص واضحة الدلالة فلا يجوز الأخذ بما يخالفها أو تقييدها؛ لما في ذلك من استحداث لحكم مغاير لمراد الشارع عن طريق التأويل، كما أنه متى كان النص العام مطلقا فلا محل لتخصيصه أو تقييده، إذ في ذلك استحداث لحكم مغاير لم يأت به الشارع عن طريق التأويل.

ولما كانت عبارة نص المادة رقم (29) من القانون رقم 127لسنة1981 بشأن المحاسبة الحكومية واضحة الدلالة ولا تثير لبسا ولا غموضا،بل جاءت عامة ومطلقة، لتشمل المرتبات والعلاوات والمكافآت والبدلات، أيا كان نوعها، سواء باعتبارها حقوقا مالية وظيفية أم حقوقا دورية متجددة، فإن عدم المطالبة بهذه الحقوق لمدة خمس سنوات يسقط الحق في المطالبة بها.

وبتطبيق ما تقدم على واقعات الطعن الماثل، وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن من العاملين بالجهة الإدارية المطعون ضدها، وتم إلحاقه للعمل بسفارة جمهورية مصر العربية بنواكشوط خلال الفترة من 23/7/1987 حتى 23/12/1987، حيث قام باللجوء إلى لجنة التوفيق في المنازعات بموجب الطلب رقم 1708لسنة2002، أي في غضون عام 2002، وذلك للمطالبة بالعلاوات الخاصة المستحقة له عن فترة عمله بالخارج، أي بعد مضي أكثر من خمس سنوات على نشوء الحق، وهو ما يكون معه الحق في المطالبة بهذه العلاوات قد سقط بمضي المدة؛ لمرور أكثر من خمس سنوات على نشوء الحق في المطالبة بها، وهو ما تقضي به هذه المحكمة، خاصة أن الأوراق قد خلت من أي دليل على اتخاذ أي إجراء من شأنه قطع مدة التقادم المشار إليها. وإذ ذهب الحكم المطعون عليه هذا المذهب في قضائه، فإنه يكون قد جاء مطابقا لصحيح حكم القانون جديرا بالتأييد.

ولا يحاج ذلك بالقول إن توصية لجنة التوفيق لها قوة السند التنفيذي إعمالا لنص المادة التاسعة من القانون رقم 7 لسنة 2000 بإنشاء لجان التوفيق في بعض المنازعات؛ باعتبار أن السند التنفيذي يعطي للحاصل عليه حق التنفيذ الجبري، إلا أن ذلك لا يعني اكتسابه حصانة أمام القضاء إذا ما طرح عليه النزاع، فيحق للمحكمة ألا تعتد بهذا السند إذا ارتأت أنه جاء بالمخالفة للقانون، بحسبان أن الأحكام (والتي هي أقوى السندات التنفيذية إلزاما) يجوز الطعن عليها بالإلغاء أمام المحكمة المختصة، ومن ثم فإن الأمر ينطبق من باب أولى على توصيات لجان التوفيق في المنازعات التي لها قوة السند التنفيذي في مواجهة الإدارة التي وافقت عليها، حيث لا تكون لها حجية أمام المحكمة إذا ارتأت أنها أوصت بشيء مخالف للقانون، فضلا عن أن قيام جهة الإدارة بصرف بعض مستحقات الطاعن بعد سقوط الحق في المطالبة بها لا يعني إلزامها صرف بقية هذه المستحقات على نحو يخالف صحيح حكم القانون، ويغدو بذلك الطعن الماثل قائما على غير أساس سليم، واجب الرفض.

وحيث إن من خسر الطعن يلزم مصروفاته عملا بالمادة (184) مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق