جلسة أول مايو سنة 1956
برياسة السيد أحمد العروسي المستشار، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، واسحق عبد السيد ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد على، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وأحمد قوشه المستشارين.
---------------
(9)
الطلب رقم 36 سنة 23 القضائية "رجال القضاء"
(أ) اختصاص. مرتبات. محكمة النقض.
طلب مقدم من الطالب قبل تعديل صياغة المادة 23 من قانون نظام القضاء بالقانون رقم 240 لسنة 1955 بإلغاء القرار الوزاري الخاص بربط مرتبه. اختصاص محكمة النقض بالفصل فيه. المقصود بالمادة المذكورة.
(ب) اختصاص. مرتبات.
اللجان القضائية. اختصاصها بنظر المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين طبقا للقانون رقم 160 سنة 1952. اقتصار هذا الاختصاص على من عدا رجال القضاء. والنيابة.
(ج) علاوات. علاوة الترقية.
ترقية الطالب إلى رئيس نيابة الاستئناف المعادلة لدرجة رئيس محكمة فئة "أ". خلو وظائف مستشارين بعضها من الدرجات التطهيرية والبعض الآخر من درجات عادية وخلو وظائف رؤساء محاكم فئة "أ" بالتبعية. صدور قرار وزارة العدل بربط مرتب الطالب بمبلغ 960 جنيها سنويا مع أن ترتيبه الثاني في أقدمية المرقين. خطأ.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من صحيفة الطلب وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطالب رقى إلى درجة رئيس نيابة الاستئناف بالمرسوم الصادر في أول يناير سنة 1953 ثم صدر قرار من وزير العدل بتاريخ 22 من مارس سنة 1953 باعتباره في الدرجة 1080 - 1140 جنيها بماهيته الحالية ومقدارها 960 جنيها سنويا لمدة أقصاها 25/ 6/ 1945 اعتبارا من أول يناير سنة 1953 وأبلغ بهذا القرار في 30 من مارس سنة 1953، فقرر الطعن فيه بتاريخ 20 من أبريل سنة 1953 طالبا إلغاءه وتسوية مرتبه على أساس 1080 جنيها في السنة اعتبارا من أول يناير سنة 1953 وصرف الفرق الناتج عن ذلك وإلزام وزارتي العدل والمالية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وحيث إن وزارة العدل دفعت بعدم اختصاص محكمة النقض بهذا الطلب بمقولة إن المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 إذ تنص على أن هذه المحكمة منعقدة بهيئة جمعية عمومية تختص "بالفصل فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالديوان العام بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عن الندب والنقل..." قد قصدت إلى استبعاد ما لا يتصل من المراسيم والقرارات بإدارة القضاء كالمرتبات، ولما كان القرار المطعون فيه متعلقا بتسوية مرتب الطالب وفقا لأحكام المرسوم بقانون رقم 314 سنة 1952 فإنه يخرج عن اختصاص محكمة النقض وتختص به اللجان القضائية بالوزارات التي نص القانون رقم 160 لسنة 1952 على اختصاصها بالنظر في المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين ولم يستثن منها المنازعات الخاصة بمرتبات رجال القضاء.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأن المادة 23 من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 فيما نصت عليه من أنه "تختص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية دون غيرها بالفصل فى الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض والنيابة العامة بإلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء عدا الندب والنقل..." قد قصدت إلى أن تشرع لرجال القضاء والنيابة طريقا للطعن في المراسيم والقرارات التي تتعلق بجميع شئون رجال الهيئة القضائية بما في ذلك دعاوى التعويض المترتبة على هذه المراسيم والقرارات يؤيد هذا ما أشارت إليه المذكرة الإيضاحية لذلك القانون من أن تقرير المشرع هذه الضمانة لرجال القضاء كان "إمعانا منه فى بث روح الثقة والطمأنينة فى نفوسهم حتى لا يشغلهم شاغل على مصائرهم عن أداء رسالتهم المقدسة على أكمل وجه"، وأنه أصبح "لمحكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية ولاية القضاء كاملة فى شئون رجال الهيئة القضائية". وقد صدر بعد ذلك بتاريخ 30 من أبريل سنة 1955 القانون رقم 240 لسنة 1955 معدلا صيغة المادة 23 سالفة الذكر بما يؤكد هذا القصد ويزيده إيضاحا إذ تضمنت الصيغة الجديدة أن "تختص محكمة النقض... بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب... كما تختص دون غيرها بالفصل في المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة لهم أو لورثتهم..." وجاءت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون صريحة في بيان أن هذه الصيغة الجديدة للمادة 23 إن هي إلا إيضاح وتفسير لما قصده المشرع بالصيغة السابقة إذ قالت: "ولما كان النص على اختصاص هذه الهيئة بالفصل في طلبات إلغاء المراسيم والقرارات المتعلقة بإدارة القضاء قد يبدو قاصرا عن تناول الشئون المالية كالمرتبات والمكافآت والمعاشات المستحقة لرجال القضاء أو لورثتهم وما إليها فقد رؤى إيضاحا لذلك تعديل النص على نحو يكفل لرجال القضاء والنيابة ومن في حكمهم عرض طلباتهم التي تمس أي شأن من شئون القضاء على هذه الهيئة دون غيرها".
وحيث إنه يبين من ذلك أن الطلب المقدم من الطالب بشأن إلغاء القرار الوزاري الخاص يربط مرتبه هو مما تختص به هذه المحكمة، أما ما أشارت إليه وزارة العدل عن اختصاص اللجان القضائية التي رتبها القانون رقم 160 لسنة 1952 لنظر المنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت المستحقة للموظفين العموميين فهو مقصور على من عدا رجال القضاء والنيابة ممن جعل قانون نظام القضاء شؤونهم من اختصاص محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية "دون غيرها" وليس فى القانون رقم 160 لسنة 1952 ما يمس قانون نظام القضاء أى مساس فيما رتبه من ضمانات خاصة لرجال القضاء، أما ما تستند إليه وزارة العدل من أن الطالب سبق أن رفع دعواه أمام محكمة القضاء الإداري وحكم لصالحه فإنه يبين من الاطلاع على ملف القضية رقم 496 سنة 9 ق مجلس الدولة - الذى أمرت المحكمة بضمه - أن الطالب قدم تظلما من قرار وزير العدل الخاص بتسوية مرتبه إلى اللجنة القضائية المشكلة طبقا للقانون رقم 160 لسنة 1952 وقيد تظلمه برقم 1275 سنة 1 ق ودفعت الوزارة بعدم اختصاص هذه اللجنة بمقولة إن محكمة النقض هي المختصة بتظلمه على عكس ما تقول به فى دفعها الحالي وانتهت اللجنة المشار إليها إلى أن قررت بتاريخ 15/ 11/ 1953 برفض الدفع وبأحقية الطالب فى أن يسوى مرتبه على أساس 1080 جنيها سنويا من أول يناير سنة 1953 بالتطبيق لأحكام المرسوم بقانون رقم 314 لسنة 1952، فطعنت وزارة العدل في هذا القرار أمام محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة وقيد طعنها برقم 496 سنة 9 ق وتمسكت فيه بالدفع بعدم الاختصاص وطلبت في الموضوع رفض تظلم الطالب، وبتاريخ 22 من مارس سنة 1956 قضى فى ذلك الطعن "بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية".
وحيث إنه لما تقدم يكون الدفع المقدم من وزارة العدل على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن الطالب ينعى على القرار المطعون فيه أنه جاء مخالفا للقانون، ذلك أن المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء تنص على أن مرتبات القضاء بجميع درجاتهم حددت وفقا للجدول الملحق بهذا القانون وأنه لا يصح أن يقرر لأحد منهم مرتب بصفة شخصية ولا مرتب إضافي من أي نوع كان أو أن يعامل معاملة استثنائية بأية صورة وأن مرتب الوظيفة التي رقى إليها الطالب وفقا للجدول المشار إليه هو 1080 - 1140 جنيها - وأن القاعدة الأولى الملحقة بالمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 تقضى بأن كل من عين فى وظيفة من الوظائف ذات المربوط الثابت يمنح هذا المربوط من غير قيد أو شرط، وأن المادة الأولى من القانون رقم 314 لسنة 1952 تنص على أنه في حالة الترقية إلى درجة خلت بفصل شاغلها أو استقالته مع ضم مدة له وصرف الفرق بين المرتب والمعاش عنها أو تسوية معاشه على أساس الدرجة التالية لا تصرف الزيادة المترتبة على الترقية إلا بعد انتهاء المدة المضمومة فى حالة الإحالة على المعاش مع ضم مدة أو المدة التي كان يقضيها في درجته الأصلية فى حالة تسوية المعاش على أساس الدرجة التالية وفى كلا الحالين لا تجاوز المدة سنتين غير أنه إذا خلت لغير ما سبق درجة معادلة الدرجة المرقى إليها تصرف للموظف المرقى علاوة الترقية من تاريخ خلو هذه الدرجة ولا تمنع علاوة الترقية لمن يرقى بهذه إلا بعد انقضاء المدة الباقية من السنتين ويقول الطالب إنه بالمرسوم الصادر فى أول يناير سنة 1953 قد رقى أحد عشر من رؤساء المحاكم فئة "أ" إلى وظائف مستشارين بدرجات غير تطهيرية كما رقى خمسة عشر من رؤساء المحاكم فئة "ب" إلى وظائف تطهيرية وأنه بترقية الأحد عشر رئيس محكمة فئة "أ" الذين منحوا مرتب المستشار كاملا خلت سبع وظائف رؤساء محاكم من الفئة "أ" غير تطهيرية وكان يتعين أن يحل فى هذه الدرجات الأقدمون ممن رقوا إلى هذه الوظائف والطالب هو الثانى فى ترتيبهم، مما يقتضى منحه مرتب رئيس محكمة فئة "أ" كاملا ولكن وزارة العدل أصدرت قرارها بمنح مرتب هذه الدرجات إلى المستشارين مستندة إلى تفسير خاطئ لديوان الموظفين بكتابه المؤرخ 25/ 2/ 1953 مؤداه اعتبار رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بديوان الوزارة وحدة واحدة وتفضيل الأقدم بينهم فى منح مرتب الدرجات غير التطهيرية دون اعتبار لتحديد درجاتهم وعلى خلاف مفهوم القاعدة الرابعة من القواعد الملحقة بالقانون رقم 188 لسنة 1952.
وحيث إن دفاع وزارة العدل فى موضوع الطلب يتحصل فى أن القرار المطعون فيه لم يخطئ فى تفسير القانون وتطبيقه إذ بنى على اعتبار رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وحدة واحدة أخذا بما أشار به ديوان الموظفين بكتابه المؤرخ 25/ 2/ 1953: ذلك أن المرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 فى شأن استقلال القضاء لم يفرق بين هذه الفئات من حيث الأقدمية فى كثير من المواضع كما هو وارد فى المادتين 21، 22 من هذا المرسوم بقانون أما القاعدة الرابعة من القواعد الملحقة به والتى يستند إليها الطاعن فلا تنفى صحة ما ذهبت إليه الوزارة فى قرارها المطعون فيه من منح مرتبات الوظائف غير التطهيرية وإن دنت إلى الأقدم فالأقدم باعتبار الجميع وحدة واحدة وإن اختلفت وظائفهم ودرجاتهم بحيث لا ينال الأحدث مرتبا أعلى من مرتب المتقدم عليه ولو كان للأحدث المرقى درجة غير تطهيرية دون المتقدم عليه.
وحيث إن المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 314 لسنة 1952 فى شأن الترقيات إلى وظائف خلت بفصل شاغليها واستقالتهم أو تسوية معاشهم مع ضم مدد لهم وصرف فروق عنها تنص على أنه: "فى حالة الترقية إلى درجة مدنية أو رتبة عسكرية خلت بفصل شاغلها أو استقالته مع ضم مدة له وصرف الفرق بين المرتب والمعاش عنها أو بتسوية معاشه على أساس الرتبة أو الدرجة التالية لا تصرف الزيادة المترتبة على الترقية إلا بعد انتهاء المدة المضمومة فى حالة الإحالة إلى المعاش مع ضم مدة أو المدة التى كان يقضيها فى رتبته الأصلية فى حالة تسوية المعاش على أساس الرتبة أو الدرجة التالية، وفى كلا الحالين لا تجاوز المدة السنتين. غير أنه إذا خلت فى الوزارة أو المصلحة التى يتبعها الموظف أو الضابط - لسبب غير ما سبق - درجة أو رتبة معادلة للدرجة أو الرتبة المرقى إليها تصرف إليه علاوة الترقية من تاريخ خلو هذه الدرجة أو الرتبة ولا تمنح علاوة الترقية لمن يرقى بهذه إلا بعد انقضاء المدة الباقية من السنتين" - ومقتضى هذا النص أن من يرقى إلى وظيفة من الوظائف المذكورة المعبر عنها بالوظائف التطهيرية لا ينال مرتبها أو علاوة الترقية الخاصة بها إلا بعد انقضاء المدة التى يتناول مرتبها الموظف الخارج منها إلا أنه إذا خلت بصفة عادية (غير تطهيرية) درجة أو رتبة "معادلة للدرجة أو الرتبة المرقى إليها" فإن الموظف المرقى ينال علاوة الترقية من تاريخ خلو هذه الدرجة أو الرتبة المعادلة. ومفاد ذلك أن الموظف المرقى إلى وظيفة تطهيرية لا ينال علاوة الترقية طيلة المدة الموقوفة إلا إذا خلت درجة أو رتبة بصفة عادية وتكون "معادلة للدرجة أو الرتبة المرقى إليها" فلا يجوز أن ينال هذه العلاوة من درجات أخرى أعلى أو أدنى من درجته.
وحيث إن وزارة العدل لا تنازع فى أنه عند إجراء حركة أول يناير سنة 1953 التى رقى فيها الطالب إلى وظيفة رئيس نيابة الاستئناف المعادلة لدرجة رئيس محكمة فئة "أ" كانت قد خلت وظائف مستشارين بعضها من الدرجات التطهيرية والبعض الآخر من درجات عادية (غير تطهيرية) وكانت قد خلت تبعا لذلك - سبع وظائف رؤساء محاكم من فئة "أ" من درجات (غير تطهيرية) وأن ترتيب الطالب فى الأقدمية كان الثانى بين المرقين إلى هذه الدرجة ويرى الدفاع عن الوزارة مع عدم المنازعة فى ذلك أنها كانت على صواب فى قرارها بإبقاء مرتب الطالب 960 جنيها فى السنة لمدة أقصاها 25/ 6/ 1954.
وحيث إن ما ذهبت إليه وزارة العدل بقرارها المطعون فيه غير صحيح فى القانون، ذلك أنه كان للطالب طبقا للمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 314 لسنة 1952 - على ما سلف بيانه - أن يربط مرتبه على أساس درجة من درجات رؤساء المحاكم فئة "أ" العادية (غير التطهيرية) الخالية باعتبارها معادلة للدرجة المرقى إليها وبوصفه مستحقا لهذه الدرجة بحكم أقدميته بين المرقين وأن يمنح أول مربوط هذه الدرجة كاملا وقدره 1080 جنيها فى السنة طبقا للقاعدة الثانية من القواعد الملحقة بالمرسوم بقانون رقم 188 لسنة 1952 وذلك اعتبارا من تاريخ خلو هذه الدرجة فى أول يناير سنة 1953عملا بالفقرة الثانية من المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 314 لسنة 1952 سالفة الذكر. ولا جدوى مما تثيره الوزارة من أن جميع رجال القضاء والنيابة وحدة واحدة وأنه ينبغى مراعاة الأقدمية فيما بينهم فى منحهم المرتبات الخاصة بالدرجات غير التطهيرية التى تخلو ما دام نص هذه المادة صريحا فى منح الموظف المرقى علاوة الترقية الخاصة بالدرجة العادية التى تخلو وتكون "معادلة للدرجة المرقى إليها".
وحيث إنه مما تقدم يكون الطلب على أساس صحيح من القانون مما يستوجب قبوله.