الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 26 فبراير 2021

الطعن 33124 لسنة 84 ق جلسة 13 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 111 ص 901

 جلسة 13 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / عادل الكناني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / يحيي عبد العزيز ماضي ، علاء الدين كمال ، ناصر إبراهيم عوض وهشام رسمي نواب رئيس المحكمة .
---------------

(111)

الطعن رقم 33124 لسنة 84 القضائية

(1) حكم " بيانات التسبيب " .

 عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .

(2) إثبات " بوجه عام" " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

 استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .

 اطمئنان المحكمة إلى أقوال الشهود . مفاده ؟

 وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .

 الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .

(3) إثبات " شهود " . نقض " المصلحة في الطعن " .

النعي على الحكم بشأن أقوال الضابط وتحرياته . غير مقبول . ما دام لم يتساند إليها في الإدانة .

(4) إثبات "شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .

إحالة الحكم في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه .
ما
دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها . لا يغير من ذلك اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم . علة ذلك ؟

وجه الطعن . وجوب أن يكون واضحا ًمحدداً .

مثال .

(5) عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " المصلحة في الطعن " .

لا مصلحة للطاعن في النعي على الحكم بشأن جريمتي إحراز سلاح ناري وذخيرته . ما دام عاقبه بعقوبة واحدة عن جريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر.

(6) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

الدفع ببطلان القبض والتفتيش . قانوني مختلط بالواقع . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائزة . علة وحد ذلك ؟

(7) إثبات " إقرار ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

 الإقرار في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال . تقدير صحته وقيمته في الإثبات . موضوعي .

مثال .

(8) إجراءات " إجراءات التحقيق " . بطلان .

عدم سؤال المتهم في التحقيق . لا يبطل الإجراءات . علة ذلك ؟

(9) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .

        متابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها . غير لازم . استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت السائغة التي يوردها الحكم . عدم إيراده لهذا الدفاع . مفاده : اطراحه .

(10) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . قضاة " صلاحيتهم " .

 الرغبة في الإدانة . مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي . ترك المشرع أمر تقديرها للقاضي وما تطمئن إليه نفسه . لا يحول ذلك بينه وبين نظر الدعوى . ما دام أن تلك الرغبة لم تقم في نفسه .

(11) حكم " وضعه والتوقيع عليه وإصداره ". دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

 حضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة وحجز الدعوى للحكم . يتحقق به مقصود الشارع من سماع المرافعة سواء أبد الخصوم دفاعهم فيها أو سكتوا عنه أو أحالوا لدفاع سابق . نظرهم الدعوى في جلسة سابقة . غير لازم . أساس ذلك ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له .

2- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويلها على أقوال شهود الإثبات ، ويضحي ما يثيره الطاعن في ذلك مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .

3 - لما كان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط وتحرياته ولم يورد لهما ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل .

4 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وعدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين الشهادتين ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .

5 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن من النعي على الحكم بإدانته بجريمتي إحراز سلاح ناري آلي وذخيرته ، طالما أنه دانه عن تهمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وأوقع عليه عقوبة واحدة عن جميع التهم مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة السرقة بظروفها المشددة ، ومن ثم يكون ما أثارة الطاعن في هذا الشأن على غير أساس .

6- من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ، نظراً إلى أنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .

7- من المقرر أن الإقرار في المسائل الجنائية إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، وكانت المحكمة قد تحققت من أن إقرار الطاعن للضابط سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .

8- من المقرر أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد .

9- من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة السائغة التي عولت عليها في الإدانة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له .

10- من المقرر أن حالة الرغبة في الإدانة مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه ، وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن تلك الرغبة لم تقوم في نفسه ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص لا محل له .

11- لما كان مفاد نص المادة 167 من قانون المرافعات أن الشارع لم يستلزم لصحة الأحكام أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا الدعوى للحكم قد سبق لهم نظرها في جلسة سابقة إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة مقصود الشارع بسماع المرافعة يستوى في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً فيها أو سكتوا عن ذلك أو أحالوا إلى دفاع سابق ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخرين بأنه :

1- سرق وآخرون المنقولات المبينة وصفاً وقيمة بالأوراق والمملوكة للمجني عليهم .... و.... و.... وكان ذلك بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع على الأخير بأن أشهروا في وجهه أسلحة نارية مهددين إياه باستعمالها وأطلقوا منها أعيرة نارية في الهواء وتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من بث الرعب في نفسه وشل مقاومته والاستيلاء على المسروقات .

2- أحرز سلاحاً نارياً مششخناً " بندقية آلية " مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها .

3 - أحرز ذخائر " عدة طلقات " مما تستعمل على السلاح الناري سالف الذكر حال كونه مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو بإحرازه .

وأحالته إلى محكمة جنايات.... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضورياً عملاً بالمادة 315 من قانون العقوبات ، والمواد 1/2 ، 26/3 ، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين 26 لسنة 1978 ، 101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، 95 /2003 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم (3) الملحق بالقانون الأول والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، مع إعمال نص المادتين 28 ، 32 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المؤبد عما أسند إليه ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة خمس سنوات .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .....إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بالإكراه بالطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وإحراز سلاح ناري ( بندقية آلية ) مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه وذخيرته قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان ، ذلك أنه لم يبين واقعة الدعوى بياناً كافياً تتحقق به أركان جريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها ولم يورد مؤدى الأدلة التي تساند إليها في قضائه ، وعوَّل على أقوال الشاهد الأول رغم عدم اتهامه له وأقوال الشاهد الثالث رغم عدم صلاحيتها كدليل وعلى أقوال الضابط وتحرياته رغم عدم توصلها إلى ارتكابه للواقعة ، وأحال في بيان أقوال الشاهد الثاني للأول رغم اختلاف رواياتهما ودانه عن جريمتي إحراز السلاح الناري والذخيرة رغم سبق إدانته في قضايا أخرى عن ذات السلاح ، والتفت عن الرد على دفعه ببطلان القبض والتفتيش لعدم صدور إذن من النيابة العامة ولانتفاء حالة التلبس ورد بما لا يسوغ على دفعه ببطلان الإقرار المعزو إليه لكونه وليد إكراه مادي ومعنوي ودفعه بعدم سؤاله بالتحقيقات وبعدم معقولية تصوير الواقعة واستحالة حدوثها وعدم عرض الطاعن على المجني عليهم وتناقض أقوال الشهود إلَّا أن المحكمة أغفلت الرد على دفاعه وقضت المحكمة بعقيدة مسبقة ، وأخيراً فإن أحد أعضاء الدائرة التي أصدرت الحكم المطعون فيه لم يستمع إلى المرافعة إذ أحال المدافع في مرافعته إلى المرافعة السابقة التي لم يسمعها ذلك العضو ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به الأركان القانونية لجريمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدله مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان اطمئنان المحكمة إلى أقوال شهود الإثبات يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع ، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية لها ، ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويلها على أقوال شهود الإثبات ويضحي ما يثيره الطاعن في ذلك مجرد جدل موضوعي في تقدير الأدلة مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه ولا مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان البيّن من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في إدانة الطاعن إلى أقوال الضابط وتحرياته ولم يورد لهما ذكراً فيما سطره ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، وذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشاهد وأن تطرح ما عداها وعدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد ، هذا فضلاً عن أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً وكان الطاعن قد أطلق القول بعدم اتفاق أقوال الشاهد الثاني مع أقوال الشاهد الأول دون أن يكشف في طعنه عن وجه الخلاف بين الشهادتين ، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن من النعي على الحكم بإدانته بجريمتي إحراز سلاح ناري آلي وذخيرته طالما أنه دانه عن تهمة السرقة بالإكراه في الطريق العام مع التعدد وحمل سلاح ظاهر وأوقع عليه عقوبة واحدة عن جميع التهم مما تدخل في حدود العقوبة المقررة لتهمة السرقة بظروفها المشددة ، ومن ثم يكون ما أثارة الطاعن في هذا الشأن على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع وهي لا تجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع بها أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام ذلك البطلان ؛ نظراً إلى أنها تقتضي تحقيقاً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة ، ولما كان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان ، فإنه لا يقبل منه إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الإقرار في المسائل الجنائية إنما هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها - دون غيرها - البحث في صحة ما يدعيه المتهم من أن الإقرار المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه ، وكانت المحكمة قد تحققت من أن إقرار الطاعن للضابط سليم مما يشوبه واطمأنت إلى مطابقته للحقيقة والواقع فلا تثريب عليها إذ هي عولت عليه بالإضافة إلى سائر الأدلة والقرائن التي ساقتها في حكمها ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن عدم سؤال المتهم في التحقيق لا يترتب عليه بطلان الإجراءات إذ لا مانع في القانون من رفع الدعوى العمومية بدون استجواب المتهم ، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً ، إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها اطرحته اطمئناناً منها للأدلة السائغة التي عولت عليها في الإدانة ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن لا محل له . لما كان ذلك ، وكانت حالة الرغبة في الإدانة مسألة داخلية تقوم في نفس القاضي وتتعلق بشخصه وضميره وقد ترك المشرع أمر تقديرها لتقدير القاضي وما تطمئن إليه نفسه ويرتاح إليه وجدانه وذلك كله لا يحول بينه وبين نظر الدعوى ما دام أنه قد رأى أن تلك الرغبة لم تقوم في نفسه ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص لا محل له . لما كان ذلك ، وكان مفاد نص المادة 167 من قانون المرافعات أن الشارع لم يستلزم - لصحة الأحكام - أن يكون القضاة الذين سمعوا المرافعة وحجزوا الدعوى للحكم قد سبق لهم نظرها في جلسة سابقة إذ يتحقق بحضور القضاة جلسة المرافعة الأخيرة مقصود الشارع بسماع المرافعة يستوى في ذلك أن يكون الخصوم قد أبدوا دفاعاً فيها أو سكتوا عن ذلك أو أحالوا إلى دفاع سابق ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن لا محل له . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 27144 لسنة 84 ق جلسة 12 / 12 / 2016 مكتب فني 67 ق 110 ص 895

جلسة 12 من ديسمبر سنة 2016

برئاسة السيد القاضي / أنس عمارة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي ياسين ، حازم بدوي ، عبد المنعم مسعد ووليد حمزة نواب رئيس المحكمة .
--------------

(110)

الطعن رقم 27144 لسنة 84 القضائية

(1) ضرب " ضرب أحدث عاهة " . قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جريمة إحداث الجروح عمدًا لا تتطلب غير القصد الجنائي العام . توافره بارتكاب الجاني الفعل عن إرادة وعلم بأن فعله يترتب عليه المساس بسلامة المجني عليه . استفادته من وقائع الدعوى .

مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر القصد الجنائي بجريمة ضرب أحدث عاهة .

(2) رابطة السببية . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير توافر رابطة السببية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية . موضوعي . حد ذلك ؟

مثال لتسبيب سائغ لاستظهار رابطة السببية بين فعل الضرب وإحداث عاهة .

(3) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " . دفوع" الدفع بشيوع التهمة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

المنازعة حول تصوير المحكمة للواقعة وأقوال شهود الإثبات والدفع بشيوع التهمة . جدل في تقدير الدليل . لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

(4) أسباب الإباحة وموانع العقاب " الدفاع الشرعي ". نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".

إغفال الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي أمام محكمة الموضوع والتمسك به أمام محكمة النقض . غير مقبول . حد ذلك ؟

ثبوت قيام الطاعن بالاعتداء على المجني عليه . أثره : انتفاء موجب الدفاع الشرعي .

(5) إثبات " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجَّه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض . غير جائزة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- لما كان الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى ، بما مفاده أنه على إثر مشادة كلامية بين المجني عليه والمتهمين .... – السابق الحكم عليه – والطاعن وهما حارسان بأحد المطاعم السياحية ، وذلك لمحاولة المجني عليه دخوله عنوة ومنعهما للأخير بسبب تعليمات مدير المطعم ، فقام المتهم السابق الحكم عليه بلكمه في وجهه ، فأسقطه وارتطمت رأسه بالأرض ثم جذبه الطاعن من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي عدم اتزان شديد أدى إلى عدم القدرة على المشي مع ضعف وصعوبة بالكلام وبالقوى العقلية وشلل العصب المخي السادس وعدم القدرة على التحكم في التبول والتبرز ، وهو ما يمثل في مجمله عاهة مستديمة ، قدّرت بنحو مائة في المائة . وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن ، أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت من تقرير الطب الشرعي ، ثم أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة ، في بيان واف ، وهي أدلة سائغة ، من شأنها أن تودي على ما رتّب عليها ، وجاء استعراضه لتلك الأدلة ، على نحو يدل على أنه محصها التمحيص الكافي ، وألم بها إلمامًا شاملًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة إحداث الجروح عمدًا لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر كلما ارتكب الجاني الفعل ، عن إرادة وعن علم بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالًا عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم فإن ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - يكون واضحًا وكافيًا في بيان واقعة الدعوى – بيانًا تتحقق به أركان الجريمة – ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ويتحقق به مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية في هذا الخصوص .

2- لما كان الحكم المطعون فيه اعتمادًا على الأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق – قد خلص إلى أن الطاعن قام بجذب المجني عليه من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي ، والتي تخلفت عنها عاهة مستديمة ، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم ، يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلًا عمديًا ، ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه ، ارتباط السبب بالمسبب ، لأنه لولا دفعه له وسقوطه لما حدثت تلك الإصابة ، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ، ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع ، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد .

3- لما كان ما يثيره الطاعن من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ، والقول بأن المحكوم عليه الآخر هو الذي تعدى على المجني عليه بالضرب ، وشيوع الاتهام ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع ، بغير معقب ، لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

4- لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه لا الطاعن ولا المدافع عنه قد دفع أيهما أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وقد خلت مدونات الحكم ، مما يرشح لقيام هذه الحالة ، بل أنها على العكس أثبتت أن الطاعن هو الذي قام بالاعتداء على المجني عليه بجذبه من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق ، ومن ثم ينتفي موجب الدفاع الشرعي ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم .

5- من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن ، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير ، وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة – قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية – إلي ما ورد بتقرير الطب الشرعي الصادر من .... ، واستندت إلى رأيه الفني في أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائـع

 اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر سبق الحكم عليه - بأنهما :

ضربا .... بأن لكمه المتهم السابق الحكم عليه في وجهه فارتطمت رأسه أرضًا وجذبه المتهم الماثل من ملابسه وقذفه خارج محل عملهما فاصطدمت رأسه بالطريق فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي عدم اتزان شديد مما يؤدي إلى عدم القدرة على المشي مع ضعف وصعوبة وتلعثم شديد بالكلام وضعف بالقوى العقلية وشلل بالعصب المخي السادس وعدم التحكم في التبول والتبرز وتقدر نسبته بنحو 100% " مائة بالمائة " .

وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .

والمحكمة قضت حضوريًا عملاً بالمادة 240/1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه .

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المحكمــة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه ، أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، ذلك بأن أسبابه جاءت قاصرة لا يتبين منها أركان الجريمة التي دانه بها ، والأدلة التي أقام عليها قضاءه ، ولم يستظهر الحكم توافر القصد الجنائي في حقه ، ولم يدلل على توافر رابطة السببية ، بين فعل الضرب والعاهة ، ودانه رغم ما قرره شهود الواقعة من أن المحكوم عليه الآخر هو الذي تعدى على المجني عليه بالضرب ، فحدثت إصابته ، بما يؤكد شيوع الاتهام ، وضرب صفحًا عن دفاع الطاعن القائم على أنه كان في حالة دفاع شرعي ، وعوّل الحكم على تقرير الطب الشرعي الصادر من ....، رغم صدوره بعد عام كامل من الواقعة ، مطرحًا التقرير الطبي المقدم أمام النيابة العامة بتاريخ .... الذي تناهى إلى استقرار حالة المجني عليه الصحية ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

 ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى ، بما مفاده أنه على إثر مشادة كلامية بين المجني عليه والمتهمين .... – السابق الحكم عليه – والطاعن وهما حارسان بأحد المطاعم السياحية ، وذلك لمحاولة المجني عليه دخوله عنوة ومنعهما للأخير بسبب تعليمات مدير المطعم ، فقام المتهم السابق الحكم عليه بلكمه في وجهه ، فأسقطه وارتطمت رأسه بالأرض ثم جذبه الطاعن من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة هي عدم اتزان شديد أدى إلى عدم القدرة على المشي مع ضعف وصعوبة بالكلام وبالقوى العقلية وشلل العصب المخي السادس وعدم القدرة على التحكم في التبول والتبرز ، وهو ما يمثل في مجمله عاهة مستديمة ، قدّرت بنحو مائة فــي المائة . وساق الحكم على ثبوت الواقعة في حق الطاعن ، أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات ، وما ثبت من تقرير الطب الشرعي ، ثم أورد مؤدى كل دليل من هذه الأدلة ، في بيان واف ، وهي أدلة سائغة ، من شأنها أن تودي على ما رتّب عليها ، وجاء استعراضه لتلك الأدلة ، على نحو يدل على أنه محصها التمحيص الكافي ، وألم بها إلمامًا شاملًا . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن جريمة إحداث الجروح عمدًا ، لا تتطلب غير القصد الجنائي العام ، وهو يتوافر ، كلما ارتكب الجاني الفعل ، عن إرادة وعن علم ، بأن هذا الفعل يترتب عليه المساس بسلامة جسم المجني عليه ، وكانت المحكمة لا تلتزم بأن تتحدث استقلالًا عن القصد الجنائي في هذه الجرائم ، بل يكفي أن يكون هذا القصد مستفادًا من وقائع الدعوى ، كما أثبتها الحكم ، فإن ما أورده الحكم المطعون فيه - على السياق المتقدم - يكون واضحًا وكافيًا في بيان واقعة الدعوى – بيانًا تتحقق به أركان الجريمة ومؤدى الأدلة التي استند إليها في الإدانة ، ويتحقق به مراد المشرع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية ، في هذا الخصوص . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه اعتمادًا على الأدلة السائغة التي أوردها - والتي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق – قد خلص إلى أن الطاعن قام بجذب المجني عليه من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق ، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطبيب الشرعي ، والتي تخلفت عنها عاهة مستديمة ، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم ، يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلًا عمديًا ، ارتبط بتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه ، ارتباط السبب بالمسبب ، لأنه لولا دفعه له وسقوطه لما حدثت تلك الإصابة ، وكان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية مسألة موضوعية ، ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع ، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض ، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه ، ومن ثم يضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن من منازعة حول التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة ، أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ، والقول بأن المحكوم عليه الآخر هو الذي تعدى على المجني عليه بالضرب ، وشيوع الاتهام ، محض جدل في تقدير الدليل ، الذي تستقل به محكمة الموضوع ، بغير معقب ، لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أنه لا الطاعن ولا المدافع عنه قد دفع أيهما أمام محكمة الموضوع بقيام حالة الدفاع الشرعي ، وقد خلت مدونات الحكم ، مما يرشح لقيام هذه الحالة ، بل أنها على العكس أثبتت أن الطاعن هو الذي قام بالاعتداء على المجني عليه بجذبه من ملابسه وقذفه خارج المطعم فاصطدمت رأسه بالطريق ، ومن ثم ينتفي موجب الدفاع الشرعي ، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن ، مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في هذا شأن سائر الأدلة ، فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه ولا تقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير . وإذ كان ذلك ، وكانت المحكمة – قد اطمأنت في حدود سلطتها التقديرية – إلي ما ورد بتقرير الطب الشرعي الصادر من .... ، واستندت إلي رأيه الفني في أنه تخلف لدى المجني عليه من جراء إصابته عاهة مستديمة ، فإنه لا يجوز مجادلة المحكمة في هذا الشأن ولا مصادرة عقيدتها فيه أمام محكمة النقض . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته - يكون على غير أساس ، متعينًا رفضه موضوعًا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطعن 658 لسنة 43 ق جلسة 20 / 11 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 213 ص 1023

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ سعد الدين عطية، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وإبراهيم أحمد الديواني، وحسن على المغربي.

-----------------

(213)
الطعن رقم 658 لسنة 43 القضائية

(1 و2) مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصاتهم". مراقبة. استدلال. قبض. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". اشتباه. تلبس.
 (1)عدم تجرد مأمور الضبط القضائي من صفته في غير أوقات العمل الرسمية. بقاء أهليته لمباشرة الأعمال التي ناطه بها القانون قائمة. ولو كان في إجازة أو عطلة رسمية. ما لم يوقف عن عمله أو يمنح إجازة إجبارية.
 (2)حق مأمور الضبط القضائي في القبض في حالات التلبس بالجنح. عليه تحرير محضر بالإجراءات.
قبض المأمور على المتهم متلبساً بجنحة مخالفة شروط المراقبة وتحرير محضراً بذلك. صحيح. قيامه بهذه الإجراءات خلال فترة راحته لا يقدح في صحتها.
 (3)تفتيش. مأمورو الضبط القضائي. "اختصاصاتهم". سجون.
حق مأمور الضبط القضائي في تفتيش المتهم كلما جاز له القبض عليه. بغض النظر عن سبب القبض أو الغرض منه. قيام المأمور بتفتيش المتهم قبل إيداعه سجن مركز الشرطة. أثر قبضه عليه قبضاً صحيحاً. تفتيش صحيح.
 (4)مراقبة. تلبس. عقوبة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
على المراقب التواجد في مسكنه عند غروب الشمس وألا يبرحه قبل شروقها.
إدانة الحكم الطاعن بمخالفة شروط المراقبة استناداً إلى مشاهدة الضابط إياه يسير في الطريق بعد غروب الشمس أثناء مدة وضعه تحت المراقبة. صحيح.
 (5)ارتباط. محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". مراقبة. مواد مخدرة. عقوبة. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة. عقوبة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات. تقدير توافره. موضوعي.
توقيع الحكم عقوبة مستقلة عن كل من جريمتي مخالفة شروط المراقبة وإحراز المواد المخدرة لتخلف شروط المادة 32/ 2 بينهما. سائغ.
 (6)محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات. "بوجه عام". "شهود". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استخلاص الصورة الصحيحة للواقعة ووزن أقوال الشهود. من إطلاقات محكمة الموضوع. عدم جواز مجادلتها في عقيدتها أمام النقض.

------------------
1 - من المقرر أن مأمور الضبط القضائي لا يتجرد من صفته في غير أوقات العمل الرسمي بل تظل أهليته لمباشرة الإعمال التي ناطه بها القانون قائمة - حتى إن كان في إجازة أو عطلة رسمية – ما لم يوقف عن عمله أو يمنح إجازة إجبارية.
2 - إن المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون المذكور توجب عليه - أى على مأمور الضبط القضائي - أن يثبت جميع الإجراءات التى يقوم بها في محضر، وكان الثابت مما أورده الحكم أن أحد الضابطين اللذين شاهدا الطاعن مخالفاً شروط المراقبة - وهو معاون مباحث المركز - قام بضبطه متلبساً بهذه الجريمة وهى جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة وفقاً لنص المادتين 7/ 2 و13 من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع صحيحاً، كما أن قيام الضابط المذكور بتحرير محضر ضبط الواقعة يكون قد تم وفقاً للقانون. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الضابط قد مارس عمله في الوقت المخصص لراحته طالما أن اختصاصه لم يكن معطلاً بحكم القانون.
3 - نص قانون الإجراءات الجنائية في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذى يرى من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أيا كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص. ولما كان البادي مما أثبته الحكم أن القبض على الطاعن قد وقع صحيحاً - على ما سلف بيانه - فإن تفتيشه بمعرفة الضابط قبل إيداعه سجن مركز الشرطة تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق يكون صحيحاً أيضا.
4 - متى كانت المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 في شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة قد نصت على أن "يوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين كل شخص توافرت فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها في المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وصدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام" - ثم أضافت "ويطبق في شأنه حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون المشار إليه". وقد نصت هذه المادة الأخيرة - المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1959 - على أن "يعين وزير الداخلية الجهة والمكان اللذين يقضى فيهما المحكوم عليه من المتشردين أو المشتبه فيهم مدة المراقبة المحكوم بها". كما جرى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس بأن "تطبق أحكام هذا المرسوم بقانون على كل شخص تحت مراقبة البوليس طبقاً لأحكام قانون العقوبات أو قانون المتشردين والمشتبه فيهم أو أى قانون آخر". ونصت المادة السابعة منه على أنه "يجب على المراقب أن يقدم نفسه إلى مكتب البوليس الذى يكون مقيداً به في الزمان المعين في مذكرته على ألا يتجاوز ذلك مرة في الأسبوع، ويجب عليه أيضاً أن يكون في مسكنه أو في المكان المعين لمأواه عند غروب الشمس وألا يبرحه قبل شروقها". ونصت المادة 13 من المرسوم بقانون المشار إليه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل مراقب خالف حكما من الأحكام المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون". ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط شاهد الطاعن يسير في الطريق في الساعة 9.40 من مساء يوم 14 ديسمبر سنة 1971 مخالفاً شروط المراقبة وأنه قد تبين من مذكرة المباحث الجنائية أن الطاعن وضع تحت المراقبة لمدة سنتين ابتداء من أول سبتمبر سنة 1970 حتى أول سبتمبر سنة 1972 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 74 لسنة 1970 فإن الحكم إذ قضى بإدانة الطاعن لمخالفته شروط المراقبة وأوقع عليه العقوبة المقررة قانوناً وفقا للمادة 13 من المرسوم بقانون رقم 99 سنة 1945 يكون قد أصاب صحيح القانون.
5 - إن مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها، كما أن الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع. ولما كانت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من مخالفته شروط المراقبة وإحرازه الجوهر المخدر المضبوط لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد مما لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمتين اللتين دين بهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع عليه عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شئ.
6 - لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعه الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14 ديسمبر سنة 1971 بدائرة مركز دمياط محافظتها: (أولاً) أحرز بغير قصد الإتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي جوهرين مخدرين "حشيشاً وأفيوناً" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً (ثانياً) خالف شروط المراقبة الموضوع تحت أحكامها بموجب القانون رقم 74 لسنة 1970 بأن بارح مسكنه قبل شروق الشمس. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1/ 1 و37/ 1 و38 و46 من القانون 182 لسنة 1960 والبندين 1 و12 من الجدول رقم 1 المرافق والمواد 1/ 1 و5 و7/ 2 و13 و15 من القانون رقم 99 لسنة 1945، فقرر ذلك في 8 يونيه سنة 1972. ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضورياً بتاريخ 17 مارس سنة 1973 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم (أولاً) بالحبس مع الشغل لمدة ستة شهور وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة المخدرات المضبوطة عن التهمة الأولى. (ثانياً) بالحبس مع الشغل لمدة شهر واحد عن التهمة الثانية. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إحراز جواهر مخدرة ومخالفة شروط المراقبة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال. ذلك بأن الضابط الذى قبض عليه كان في فترة الراحة مما يرفع عنه صفة الضبط القضائي، ومن ثم فلم يكن له إلا أن يسلمه إلى أقرب ديوان شرطة دون أن يحرر له محضراً بما تم من إجراءات أو يقوم بتفتيشه وعلى الرغم من أن الطاعن دفع بانعدام الولاية وبطلان هذا التفتيش إلا أن المحكمة أطرحت هذا الدفع وردت عليه بما لا يصلح رداً، وفضلاً عن ذلك فإن القانون رقم 74 سنة 1970 لم يضع شروطا للمراقبة المفروضة بمقتضى أحكامه حتى يعاقب الطاعن على مخالفتها وبفرض وقوع مخالفة مؤثمة فإن المحكمة أنزلت عقوبة مستقلة عن كل جريمة دانت بها الطاعن مع أن الجريمتين مرتبطتان ارتباطاً زمنياً يقتضى تطبيق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات، هذا إلى أن الطاعن دفع بتلفيق التهمة ضده وبأن ما شهد به الضابطان شاهدا الإثبات لا يتفق مع ظروف الواقعة عقلاً ومنطقاً ومع ذلك فقد أخذ الحكم بتصويرهما للحادث.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى في قوله: "إنه أثناء أن كان النقيب....... معاون شرطة مركز دمياط يتجول بسيارته الخاصة بدائرة المركز ومعه الملازم........ شاهداً في الساعة التاسعة وأربعين دقيقة مساء المتهم........ يسير في الطريق قادماً من ناحية غيط النصارى متجها إلى ناحية كوبرى باب الحرس فأوقف السيارة بجواره وسأله عن سبب مغادرته لمقر مراقبته في هذا الوقت ثم اقتاده إلى مركز الشرطة بأن أركبه السيارة في المقعد الخلفي بجوار الملازم...... وهناك حرر له محضراً لمخالفته شروط المراقبة وقبل إيداعه الحجز توطئة لعرضه على النيابة العامة في الصباح قام بتفتيشه فعثر بالجيب الأيسر للبالطو الذى كان يرتديه على لفافة من ورق السلوفان بها ثلاث قطع من مادة الحشيش ولفافة من النايلون بها قطعة من مادة الأفيون كما عثر معه أيضاً على مبلغ من النقود واتضح أن وزن الحشيش 1.25 جم ووزن الأفيون 0.45 جم". وأورد الحكم على صحة الواقعة وثبوت إسنادها إلى الطاعن أدلة منتجة مستمدة من أقوال النقيب..... والملازم..... ومما جاء في تقرير المعامل الكيماوية للطب الشرعي وما تضمنته مذكرة المباحث الجنائية بمركز دمياط عن وضع الطاعن تحت المراقبة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما أثاره الدفاع بشأن بطلان التفتيش في قوله: "وحيث إن النقيب...... كان يقوم وقت ضبطه الواقعة بعمل ضابط المباحث بالمركز فمن حقه حتى ولو كان في الراحة أن يحرر محضراً بضبط الواقعة ومن حقه أيضاً تفتيش المتهم قبل إيداعه الحجز، ومن ثم فإن الدفع ببطلان الإجراءات لا يقوم على سند صحيح ويتعين الالتفات عنه"، وما انتهى إليه الحكم من رفض الدفع سديد، ذلك بأن مأمور الضبط القضائي لا يتجرد من صفته في غير أوقات العمل الرسمي بل تظل أهليته لمباشرة الإعمال التي ناطه بها القانون قائمة - حتى إن كان في إجازة أو عطلة رسمية – ما لم يوقف عن عمله أو يمنح أجازة إجبارية. ولما كانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية تجيز لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنح عامة إذا كان القانون يعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر. ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 34 من القانون المذكور توجب عليه - أي على مأمور الضبط القضائي - أن يثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها في محضر، وكان الثابت مما أورده الحكم أن أحد الضابطين اللذين شاهدا الطاعن مخالفاً لشروط المراقبة - وهو معاون مباحث المركز - قام بضبطه متلبساً بهذه الجريمة وهى جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنة وفقاً لنص المادتين 7/ 2 ،13 من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945، فإن القبض على الطاعن يكون قد وقع صحيحاً، كما أن قيام الضابط المذكور بتحرير محضر ضبط الواقعة يكون قد تم وفقاً للقانون. ولا يؤثر في ذلك أن يكون الضابط قد مارس عمله في الوقت المخصص لراحته طالما أن اختصاصه لم يكن معطلاً بحكم القانون. ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص في المادة 46 منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتبارا بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذى يرى من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أيا كان سبب القبض أو الغرض منه وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص، وكان البادي مما أثبته الحكم أن القبض على الطاعن قد وقع صحيحاً - على ما سلف بيانه - فإن تفتيشه بمعرفة الضابط قبل إيداعه سجن مركز الشرطة تمهيداً لتقديمه إلى سلطة التحقيق يكون صحيحا أيضا. لما كان ذلك، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 74 لسنة 1970 في شأن وضع بعض المشتبه فيهم تحت مراقبة الشرطة قد نصت على أن "يوضع تحت مراقبة الشرطة لمدة سنتين كل شخص توافرت فيه حالة الاشتباه المنصوص عليها في المادة الخامسة من المرسوم بقانون رقم 98 لسنة 1945 الخاص بالمتشردين والمشتبه فيهم وصدر أمر باعتقاله لأسباب تتعلق بالأمن العام" - ثم أضافت "ويطبق في شأنه حكم المادة التاسعة من المرسوم بقانون المشار إليه". وقد نصت هذه المادة الأخيرة - المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1959 - على أن "يعين وزير الداخلية الجهة والمكان اللذين يقضى فيهما المحكوم عليه من المتشردين أو المشتبه فيهم مدة المراقبة المحكوم بها". كما جرى نص المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 99 لسنة 1945 بتنظيم الوضع تحت مراقبة البوليس بأن "تطبق أحكام هذا المرسوم بقانون على كل شخص تحت مراقبة البوليس طبقا لأحكام قانون العقوبات أو قانون المتشردين والمشتبه فيهم أو أي قانون آخر". ونصت المادة السابعة منه على أنه "يجب على المراقب أن يقدم نفسه إلى مكتب البوليس الذى يكون مقيداً به في الزمان المعين في مذكرته على ألا يتجاوز ذلك مرة في الأسبوع، ويجب عليه أيضاً أن يكون في مسكنه أو في المكان المعين لمأواه عند غروب الشمس وألا يبرحه قبل شروقها". ونصت المادة 13 من المرسوم بقانون المشار إليه على أن "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل مراقب خالف حكماً من الأحكام المنصوص عليها في هذا المرسوم بقانون". ولما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن الضابط شاهد الطاعن يسير في الطريق في الساعة 9.40 دقيقة من مساء يوم 14 ديسمبر سنة 1971 مخالفاً شروط المراقبة وأنه قد تبين من مذكرة المباحث الجنائية أن الطاعن وضع تحت المراقبة لمدة سنتين ابتداء من أول سبتمبر سنة 1970 حتى أول سبتمبر سنة 1972 تطبيقاً لأحكام القانون رقم 74 سنة 1970 فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإدانة الطاعن لمخالفته شروط المراقبة وأوقع عليه العقوبة المقررة قانوناً وفقاً للمادة 13 من المرسوم بقانون رقم 99 سنة 1945 يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكان مناط تطبيق الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون الجرائم قد انتظمتها خطة جنائية واحدة بعدة أفعال مكملة لبعضها البعض بحيث تتكون منها مجتمعة الوحدة الإجرامية التي عناها المشرع بالحكم الوارد بالفقرة المشار إليها، وكان الأصل أن تقدير قيام الارتباط بين الجرائم هو مما يدخل في حدود السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، وكانت الوقائع كما أثبتها الحكم تفيد أن ما وقع من الطاعن من مخالفته شروط المراقبة وإحرازه الجوهر المخدر المضبوط لم يكن وليد نشاط إجرامي واحد، مما لا يتحقق به الارتباط الذى لا يقبل التجزئة بين الجريمتين اللتين دين بهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ أوقع عليه عقوبة مستقلة عن كل من هاتين الجريمتين لا يكون قد خالف القانون في شيء، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ومتى أخذت بأقوال شاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطمئنانها إلى أقواله، لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابطين شاهدي الإثبات وأخذت بتصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.


الطعن 789 لسنة 43 ق جلسة 25 / 11 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 217 ص 1043

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، وطه الصديق دنانة، ومصطفى محمود الأسيوطي.

-------------------

(217)
الطعن رقم 789 لسنة 43 القضائية

إجراءات المحاكمة. تحقيق. إثبات. "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة استئنافية. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض. "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
على المحكمة العمل على تحقيق الدليل الذى رأت لزومه للفصل في الدعوى. أو تضمين حكمها أسباب عدولها عن هذا التحقيق.
قعودها عن دفاع قدرت جديته ثم سكتت عنه إيراداً ورداً. عيب يوجب النقض والإحالة. مثال لتسبيب معيب لحكم استئنافي قدرت فيه المحكمة الاستئنافية ندب مكتب الخبراء تحقيقاً لدفاع الطاعن وبعد تقديم ذلك التقرير قدم الطاعن تقريراً استشاريا وطلب إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتنفيذ المأمورية على ضوء ملاحظاته. قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف، دون إشارة كلية لتقارير الخبراء لتقدمه ينبئ عن عدم مواجهة المحكمة لعناصر الدعوى.

--------------------
لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن المحكمة الاستئنافية - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها والدفاتر موضوع الاتهام لبيان حالة الدفاتر والمستندات وما يكون قد أجرى فيها من تزوير أو حصول اختلاس والمسئول عن ذلك. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره تقدم الطاعن بتقرير استشاري ثم طلب في مذكرته المصرح له بتقديمها إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتنفيذ المأمورية على ضوء الملاحظات الواردة بالتقرير الاستشاري. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يشير كلية إلى تقارير الخبراء المقدمة في الدعوى فلم يورد فحواها ولم يعرض لما انتهت إليه من نتائج، فإن ذلك لمما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت لها ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي قام عليها الحكم الابتدائي، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق أما وهى لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد - في خصوص هذه الدعوى - جوهرياً ومؤثراً في مصيرها بل سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه فإن ذلك مما يعيب حكمها ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في المدة من سنة 1961 إلى 31 يناير سنة 1964 بدائرة قسم الدرب الأحمر محافظة القاهرة: (أولاً) ارتكب تزويراً في محرر عرفي (إيصالات ودفاتر.....) بأن غير الأرقام والكلمات الثابتة فيها على السند المبين بالتحقيقات إضراراً بالمجنى عليه (ثانياً) اختلس المبالغ المبينة بالمحضر وصفاً وقيمة المملوكة لـ.... والتي لم تسلم إليه إلا بصفته وكيلاً بالأجر لدى المجنى عليه فاختلسها لنفسه إضرارا بمالكها. وطلبت عقابه بالمواد 211 و215 و341 من قانون العقوبات. وادعى المجنى عليه مدنياً وطلب القضاء له قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 6 مايو سنة 1966 عملاً بمواد الاتهام والمادة 32 من قانون العقوبات بحبس المتهم شهرين مع الشغل وكفالة 50 جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه أن يدفع للمدعى المدني مبلغ 100 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف المدنية و200 قرش أتعاب محاماة. فاستأنف، ومحكمة القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بتاريخ 3 فبراير سنة 1967 بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها وما يقدمه له الطرفان من المستندات والأوراق والدفاتر المتعلقة بموضوع الاتهام وخاصة دفتر اليومية والصندوق منذ سنة 1960 إلى تاريخ البلاغ ضد المتهم لبيان حالة الدفاتر والمستندات وبيان ما يكون قد أجرى بها من تزوير واختلاس والمسئول عنها ثم قضت حضوريا اعتباريا بتاريخ 7 من أكتوبر سنة 1971 وفى موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المتهم مصاريف الدعوى المدنية الاستئنافية. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 31 مايو سنة 1972 بقبولها شكلاً وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانه بجريمتي تزوير في محرر عرفي واختلاس قد شابه قصور في التسبيب وانطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية - في سبيل تحقيق دفاع الطاعن - كانت قد ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها، وقدم الطاعن تقريراً استشارياً قطع بأن الخبير المنتدب لم يقم بمراجعة دفاتر الحسابات النظامية والميزانيات، وخالف القواعد المقررة في الحسابات المزدوجة التي تمسكها المؤسسة ومع تمسك الطاعن في مذكرته المصرح له بتقديمها بضرورة إعادة المأمورية للخبير لتنفيذها على وجه سليم، فإن المحكمة لم تستجب إلى هذا الطلب أو ترد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن المحكمة الاستئنافية - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراق الدعوى ومستنداتها والدفاتر موضوع الاتهام وخاصة دفتري اليومية والصندوق من عام 1960 حتى تاريخ البلاغ لبيان حالة الدفاتر والمستندات وما يكون قد أجرى فيها من تزوير أو حصول اختلاس والمسئول عن ذلك. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره تقدم الطاعن بتقرير استشاري ثم طلب في مذكرته المصرح له بتقديمها إعادة المأمورية إلى مكتب الخبراء لتنفيذ المأمورية على ضوء الملاحظات الواردة بالتقرير الاستشاري. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بتأييد الحكم المستأنف لأسبابه دون أن يشير كلية إلى تقارير الخبراء المقدمة في الدعوى فلم يورد فحواها ولم يعرض لما انتهت إليه من نتائج، فإن ذلك لمما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت لها ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي قام عليها الحكم الابتدائي، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما هي ولم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهرياً ومؤثراً في مصيرها بل سكتت عنه إيرادا له وردا عليه، فإن ذلك مما يعيب حكمها ويوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 642 لسنة 43 ق جلسة 2 / 12 / 1973 مكتب فني 24 ج 3 ق 225 ص 1098

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ نصر الدين حسن عزام، ومحمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطي، ومحمد عادل مرزوق.

------------------

(225)
الطعن رقم 642 لسنة 43 القضائية

( 1،  2 ) دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات المحاكمة. نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
 (1)النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها. غير مقبول.
 (2)عدم التزام المحكمة بتعقب الدفاع الموضوعي والرد عليه. اطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
 (3)اشتراك. إثبات. "بوجه عام".
حصول الاشتراك. لا يلزم التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. يكفى استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(4) وصف التهمة. دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع. "سلطتها في تعديل وصف التهمة". اختلاس أموال أميرية.
التعديل في مواد القانون دون تعديل في وصف التهمة أو الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية يدخل في سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع. مثال في اختلاس أموال أميرية.

--------------
1 - لا يقبل من الطاعن النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها.
2 - لا تلتزم المحكمة بتعقب الدفاع الموضوعي والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
3 - ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة، بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده.
4 - إذا كان الثابت أن المحكمة لم تجر أى تعديل في صدد وصف التهمة أو في الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية بل كان التعديل الذى أجرى في صدد مواد القانون فقط بتطبيق نص الفقرة الأولى من المادة 112 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 113 مكرر من القانون المذكور وهو النص القانوني الصحيح المنطبق على واقعة الدعوى - مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع - فإن تعييب الحكم بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين حكم ببراءتهم بأنهم في خلال المدة من 23 ديسمبر سنة 1966 إلى 4 يناير سنة 1967 بدائرة مركز منفلوط محافظة أسيوط. (أولاً) المتهم الأول (الطاعن الأول) بصفته مستخدماً في شركة النيل العامة للنقل المائي والتي تساهم الدولة في مالها بنصيب - اختلس كمية البذرة المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والتي تخص شركة أقطان كفر الزيات والتي سلمت إليه بسبب وظيفته بأن مكن المتهمين الثالث والرابع والخامس من الحصول عليها بغير وجه حق. (ثانياً) المتهمون الثاني (المحكوم ببراءته) والثالث والرابع (الطاعنين الثاني والثالث) اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المستخدم العمومي سالف الذكر وهو المتهم الأول في اختلاس كمية البذرة المبينة بالمحضر والتي تخص شركة أقطان كفر الزيات والمسلمة إليه بسبب وظيفته لنقلها إليها بأن حرضوه واتفقوا معه وساعدوه على أن يحصلوا عليها بغير وجه حق فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. (ثالثاً) المتهمون الخامس والسادس والسابع والثامن (المحكوم ببراءتهم) أخفوا كمية البذرة المبينة بالمحضر وصفا وقيمة والمملوكة لشركة أقطان كفر الزيات والمتحصلة من جناية الاختلاس سالفة الذكر مع علمهم بذلك. وطلبت من مستشار الإحالة إحالة المتهمين إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 40 و41 و44/ 1 - 2 و113 مكرر و118 من قانون العقوبات. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت حضورياً بتاريخ 13 مارس سنة 1973 عملاً بالمواد 40 و41 و111/ 6 و112/ 1 و118 و119 و17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين - الطاعنين - بمعاقبة كل منهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعزل المتهم الأول (الطاعن الأول) من وظيفته وتغريمهم متضامنين مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة مبلغ 42 جنيهاً المضبوطة مع المتهم. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الحكم في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه، فيكون طعنه غير مقبول شكلا.
وحيث إن الطعنين المقدمين من الطاعنين الأول والثالث قد استوفيا الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الأول هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة اختلاس أموال لإحدى شركات القطاع العام، قد شابه قصور في التسبيب، وخالف الثابت بالأوراق، ذلك بأن الطاعن دفع بأن تسليمه للأجولة المضبوطة كان تحت تأثير الإكراه والتهديد بالقتل الواقع عليه من الطاعنين الثاني والثالث ومن رئيسه في العمل المتهم الثاني في الدعوى، وأنه سبق له أن أبلغ الشركة بوجود عصابة تعترض طريقه أثناء إبحاره بالصندل قاصدة الاستيلاء على حمولة من البضائع، وقد أجرى تحقيق إداري في هذا الشأن، ومع جدية هذا الدفاع الذى لو صح لاستوجب إعفاءه من العقوبة طبقاً للمادة 61 من قانون العقوبات، فقد التفت الحكم عن تمحيصه والرد عليه. كما استند الحكم في قضائه إلى أن تحريات الشرطة قد دلت على أنه اتفق مع الطاعنين الثاني والثالث على اقتراف جريمة الاختلاس وأنه اعترف بذلك شفوياً لرجال الشرطة مع أن هذا الذى أورده الحكم لا سند له ولا أصل في الأوراق. هذا إلى أنه لم يعلل التناقض الظاهر بين ما انتهت إليه لجنة جرد حمولة الصنادل من أن مقدار العجز فيها بلغ 47 إردباً من البذرة وبين ما ثبت من أن عدد الأجولة المضبوطة منها هو 62 جوالاً تزن 62 إردباً.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاختلاس التي دان الطاعن بها، وأقام عليها في حقه أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن دفع بأن تسليمه للأجولة المضبوطة كان تحت تأثير التهديد بالقتل، فإنه لا يقبل منه النعي على المحكمة بأنها أغفلت الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها. وإذ كان الدفاع عن الطاعن قد أورد في مرافعته أن الطاعن اضطر إلى أن يرسو بصندله في بلدة بنى شقير لأن الوقت كان ظلاماً وأن أفراد "العصابة" قد "كبسوا عليه وأخذوا منه الأجولة"، فإن هذا الذى جرى به لسان الدفاع لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بتعقبه والرد عليه، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أثبته الحكم من وجود اتفاق بين هذا الطاعن والطاعنين الثاني والثالث على اقتراف الجريمة، ومن أنه اعترف بذلك لرجال الضبط له سنده من الأوراق، فإن دعوى مخالفه الثابت بالأوراق لا تكون مقبولة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص - للأسباب السائغة التي أوردها - من وقائع الدعوى أن الطاعن قد تمكن باتفاقه مع الطاعنين الثاني والثالث من اختلاس 62 جوالاً من البذرة كانت قد سلمت إليه لنقلها إلى الإسكندرية، وأنه تقاضى لقاء ذلك مبلغ 42 جنيهاً من الطاعن الثاني، فإن باقي ما يثيره الطاعن في أوجه الطعن يكون من قبيل الجدل الموضوعي في مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بلا معقب عليها من محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من الطاعن الثالث، هو أن الحكم المطعون فيه إذ دانه بجريمة الاشتراك مع الطاعن الأول في جريمة الاختلاس، قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع وبطلان في الإجراءات فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق، ذلك بأنه لم يدلل على توافر عناصر الاشتراك بأسباب سائغة، واستند في قضائه إلى صدور اعتراف شفوي من الطاعن لرجال الشرطة، وهو ما لا أصل له في الأوراق. وعدلت المحكمة الوصف القانوني للواقعة بتطبيقها المادة 112 فقرة أولى من قانون العقوبات بدلاً من مادة الاتهام دون لفت نظر الدفاع. هذا إلى أن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن القائم على أنه مريض ولا يقوى على الجري، الأمر الذى يتعارض وما قرره رجال الشرطة من أنه تمكن من الهرب بما ينبئ عن عدم صحة أقوالهم.
وحيث إنه من المقرر أنه ليس على المحكمة أن تدلل على حصول الاشتراك في ارتكاب الجريمة بأدلة مادية محسوسة بل يكفيها للقول بحصوله أن تستخلص ذلك من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون في وقائع الدعوى نفسها ما يسوغ الاعتقاد بوجوده. لما كان ذلك، وكان الحكم في سرده لوقائع الدعوى وبيانه لمؤدى أدلة الثبوت فيها قد أورد أن الطاعن الأول - ويعمل بحارا بشركة النيل العامة للنقل - قد رسا صندله عند بلدة بنى شقير، وهناك استجاب لطلب الطاعن الثاني بتسليمه 62 جوالاً من بذرة القطن التي يحملها الصندل لقاء مبلغ 42 جنيها، وأن الطاعن الثالث قد قام بتحميلها على السيارة رقم 544 نقل السويس وأنه تم ضبط السيارة وهى في طريقها إلى بلدة باقور وعليها الطاعن الثالث، وأن الرائد.... قد شهد بأن تحرياته السرية دلت على أن اتفاقاً تم بين الطاعن الأول والطاعنين الثاني والثالث على اختلاس تلك الكمية، وقد اتفق الطاعن الثالث مع سائق السيارة وحماليها على نقل الكمية المختلسة من بنى شقير وأنه اصطحبهم إلى هناك حيث تم تحميل الأجولة المضبوطة وأن الشاهد تمكن من ضبطها وهى في طريقها إلى باقور وعليها الطاعن الثالث الذى اعترف له فور ضبطه باتفاقه والطاعن الثاني مع الطاعن الأول على اقتراف جريمة الاختلاس كما بين الحكم مضمون أقوال قائد السيارة وحماليها بما مؤداه أن الطاعن الثالث هو الذى اتفق معهم على نقل الأجولة المختلسة وأنه اصطحبهم إلى مكانها حيث تم تحميلها ثم رافقهم في السيارة إلى حيث تم ضبطها بالقرب من بلدة باقور، فإن الحكم المطعون فيه إذ استخلص من تلك الوقائع أن الطاعن الثالث قد اتفق مع الطاعن الأول على ارتكاب الجريمة، فإنه يكون استخلاصا سائغا ومؤديا إلى ما قصده الحكم منها ومنتجاً في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه بما يضحى معه النعي على الحكم بدعوى القصور غير سديد. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما أسنده الحكم إلى الطاعن من صدور اعتراف شفوي منه بالجريمة لرجال الضبط له أصله الثابت بالأوراق، فإن النعي عليه بمخالفة الثابت بالأوراق يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت أن المحكمة لم تجرِ أي تعديل في صدد وصف التهمة أو في الواقعة المرفوعة بها الدعوى الجنائية، بل كان التعديل الذى أجرى في صدد مواد القانون فقط بتطبيق النص القانوني الصحيح المنطبق على واقعة الدعوى - وهو مما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت نظر الدفاع - فإن تعييب الحكم بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان باقي ما يثيره الطاعن لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل من المحكمة ردا صريحا، ويكفى للرد عليها أنها بينت أدلة الثبوت التي عولت عليها في قضائها بالإدانة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.