الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أكتوبر 2020

الطعن 240 لسنة 36 ق جلسة 8 / 4 / 1971 مكتب فني 22 ج 2 ق 69 ص 443

جلسة 8 من إبريل سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، وعلي عبد الرحمن.

------------

(69)
الطعن رقم 240 لسنة 36 القضائية

(أ، ب) شفعة. "إنذار الشفعة". بيع. "تحديد العقار المبيع".
الإنذار الموجه من البائع أو المشتري إلى الشفيع. شموله بيان العقار المبيع. الغرض منه. التعريف بالعقار. ولا يعد إيجاباً بعقد بيع. 
العبرة في بيان القدر المبيع. هو عقد البيع ذاته. الاحتجاج قبل الشفيع بكشف التحديد الذي أجرته المساحة. غير جائز طالما أنه محل منازعة.
(ج) محكمة الموضوع. "تقدير الدليل". حكم. "تسبيب الحكم". 
محكمة الموضوع. غير ملزمة بإبداء أسباب ترجيح دليل على آخر.
)د) حيازة. "حسن النية". مسئولية. "مسئولية تقصيرية". ملكية.
حسن نية المعتدي على حيازة المالك. لا ينفيه إعلانه بصحيفة دعوى الملكية في مجال المسئولية التقصيرية. نص المادة 966/ 2 مدني. قاصر على حالة مطالبة المالك بثمار العين المعتدى عليها.
(هـ) بيع. "تسليم المبيع". ملكية.
تسليم العين المبيعة إلى المشتري بعقد غير مسجل. حق المشتري في الانتفاع بها بإقامة بناء عليها .
(و) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". حكم. "تسبيب الحكم".
نفي الحكم وقوع الضرر. لا يعيبه - ولو أخطأ - نفي ركن الخطأ.
(ز) مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
مسئولية المدعي في دعوى البلاغ الكاذب. لا تتحقق إن كانت لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه.
(ح) حكم. "تسبيب الحكم".
محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب الخصوم في مختلف أوجه دفاعهم. حسبما أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.

-----------------
1 - القصد من البيانات المتعلقة بالعقار التي أوجبت المادة 941 من القانون المدني اشتمال الإنذار الذي يوجهه البائع أو المشتري لمن يجوز له الأخذ بالشفعة، هو تعريف الشفيع بالعقار المبيع تعريفاً كافياً بحيث يستطيع أن يعمل رأيه في الصفقة، فيأخذ بالشفعة أو يترك، ولم يقصد المشرع أن يجعل من هذا الإنذار إيجاباً بالعقد يلتزم به المشتري بنقل ملكية العين إلى الشفيع إذا رد عليه بالقبول، لأن الأصل في الشفعة هو حلول الشفيع محل مشتري العقار في جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المثبت لها، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر - إذ اعتد في تحديد مساحة القدر المبيع وأبعاده بالبيانات الواردة بعقد البيع دون البيانات الواردة بالإنذار - فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
2 - إنه وإن كانت بيانات العقار المشفوع فيه - التي اشتمل عليها الإنذار الرسمي الموجه إلى المطعون عليها - الشفيع - فيما يتعلق بالعقار المبيع، قد استمدت من كشف التحديد الذي أجرته المساحة بناء على طلب المشتري، إلا أن المطعون عليها - الشفيع - قد نازعت في صحة هذه البيانات، كما أنها لم تسلم بنتيجة المعاينة التي أجرتها المساحة بناء على طلبها وبذلك تكون مساحة الأرض المبيعة - المشار إليها في عقد البيع بأنها تحت العجز والزيادة - لم تتحدد بعد بصفة نهائية، ولا يكون ثمة وجه للاحتجاج قبل الشفيع بهذه البيانات.
3 - لمحكمة الموضوع أن تأخذ في قضائها بما ترتاح إليه من أدلة الدعوى وتطرح ما لا تقتنع بصحته منها، دون أن تكون ملزمة بإبداء أسباب ترجيحها دليلاً على آخر طالما كانت الأسباب التي أقامت عليها قضائها كافية لحمله.
4 - متى كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي ركن الخطأ عن المطعون عليها - الشفيع - في إقامتها السور حول القدر المتنازع عليه - المشفوع فيه - استناداً إلى الأسباب السائغة التي استدل بها على أنها لم تكن تعتقد وقت البناء أنها تعتدي على حيازة الطاعن أو ملكيته بل كانت على العكس تعتقد أنها تقيم البناء في القدر الوارد بعقد البيع الذي حلت فيه محل المشفوع منه، وإذ كان إعلان المطعون عليها بصحية دعوى الملكية، ليس من شأنه أن ينفي استمرار هذا الاعتقاد وإنما الذي ينفيه أو يؤيده هو الحكم النهائي الصادر فيها فإنه يكون على غير أساس النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لتقريره بانعدام ركن الخطأ في حق المطعون عليها سواء قبل أو بعد رفع دعوى الملكية، ولا عبرة في هذا الخصوص باستناد الطاعن إلى المادة 966/ 2 من القانون المدني التي تنص على أن حسن النية يزول من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته في صحيفة الدعوى، لأن مجال تطبيق هذه المادة إنما يكون في صدد مطالبة المالك بثمار العين التي اعتدي الغير على حيازتها، وليس في شأن دعوى المسئولية التقصيرية.
5 - عقد البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيبع إلى المشتري إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع، ويترتب على الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع في حيازة المشتري، وله أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع ومنها البناء على سبيل البقاء والقرار.
6 - متى كان الحكم قد نفي وقوع الضرر في حدود سلطته، وكان هذا الأساس وحده كافياً لحمل قضائه برفض دعوى التعويض، فإنه لا يؤثر في سلامته ما ذكره من أن ركن الخطأ غير متوافر حتى ولو كان قد أخطأ في ذلك. ومن ثم فإن النعي على الحكم باضطراب أسبابه فيما يتعلق بوصف الفعل المسند إلى المطعون عليها، يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
7 - يكفي لعدم مساءلة المجني عليه - المدعي في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي أبلغ بها - أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه، ولما كان الحكم ببراءة الطاعن من التهمتين المسندتين إليه - البلاغ الكاذب والقذف - لم يبن على عدم صحة الوقائع التي أسندها إليه المطعون عليه الثاني في صحيفة دعوى الجنحة المباشرة، وإنما بني على انتفاء سوء القصد وهو أحد أركان التهمة الأولى، وعلى عدم كفاية الأدلة بالنسبة للتهمة الثانية، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى انتفاء سوء قصد المطعون عليه الثاني - المجني عليه - للأسباب التي ساقها ورأى أن في ظروف الدعوى وملابساتها ما يكفي لتوافر الدلائل المؤدية إلى صحة اعتقاده بصحة ما نسبه إلى الطاعن في دعواه، فإن هذا الذي قرره الحكم يعتبر استدلالاً سائغاً يكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها برفض دعوى التعويض.
8 - محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب الخصوم في مختلف مناحي دفاعهم، وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن السيد عبد الرازق فتحي أقام الدعوى رقم 266 سنة 1963 مدني كلي الإسكندرية ضد السيدة ناهد أحمد خليفة وزوجها السيد عبد المنعم طاهر طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 2404 ج و776 م على سبيل التعويض والمصروفات والأتعاب ونشر منطوق الحكم بإحدى الصحف الواسعة الانتشار على نفقتهما، وقال شرحاً لدعواه إنه بموجب عقد ابتدائي مؤرخ 20/ 5/ 1959 باع السيد لبيب جرجس حنا لمحمد نديم سماقية أرضاً معدة للبناء مساحتها 733.30 ذراعاً مربعاً تحت العجز والزيادة حسبما يسفر عنه تحديد المساحة بثمن قدره 270 قرشاً للذارع المربع، وتين من المعاينة أن حقيقة مسطح القطعة المبيعة هو 661.43 ذراعاً مربعاً بالحدود والأبعاد المبينة بالصحيفة، ولما كانت المدعى عليها الأولى تملك عقاراً مبنياً مجاوراً فقد وجه إليها المشتري إنذاراً لإبداء رغبتها إن شاءت في أخذ القدر المبيع بالشفعة وقد أبدت المدعى عليها هذه الرغبة في إعلان رسمي تضمن بيان الأبعاد والحدود نقلاً عن الإنذار الموجه إليها من المشتري، وانتهى الأمر بأن حلت محله في حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع بموجب اتفاق مؤرخ 16/ 7/ 1959 ولم يتم تسجيله بسبب اختلاف الحدود والأبعاد الواردة بطلب الشهر المقدم من المدعى عليها عن تلك الواردة بعقد ملكية البائع، وبمقتضى عقد مسجل في 2/ 5/ 1960 اشترى المدعي من نفس البائع أرضاً مجاورة مساحتها 518 ذراعاً مربعاً بثمن إجمالي قدره 1436 ج و400 م، وقد وضع يده على العين منذ تحرير العقد الابتدائي في 18/ 11/ 1959 كما بدأ في إعداد الرسومات وحساب التكاليف اللازمة للبناء والسعي لاستصدار الترخيص اللازم، ثم فوجئ بأن المدعى عليهما قد اعتديا على أرضه بأن أقاما عليها سوراً واغتصبا جزءاً منها وثبت ذلك من إقرارهما في تحقيقات الشكوى رقم 2927 سنة 1960 إداري الرمل، الأمر الذي اضطره لإقامة الدعوى رقم 656 سنة 1960 جزئي الرمل طالباً منع تعرضهما حيث دفعا بعدم قبولها، وصدر الحكم برفضها لاستناده فيها إلى الملكية دون الحيازة، إذ أقام الدعوى رقم 1200 سنة 1961 كلي الإسكندرية طالباً تثبيت ملكيته للجزء المغتصب، فقد دفعت المدعى عليها الأولى بعدم اختصاص المحكمة نوعياً نظر الدعوى وصادقها المدعي على هذا الدفع طالباً إحالة الدعوى إلى محكمة الرمل الجزئية، ولكن المدعى عليها عارضت في هذا الطلب، ولما قضى بعدم الاختصاص وبالإحالة عادت المدعى عليها ودفعت بعدم اختصاص محكمة المواد الجزئية بنظر الدعوى تأسيساً على أن قضاء المحكمة الابتدائية بعدم الاختصاص والإحالة غير ملزم لها وهو إمعان في الكيد والمغالطة، وفي 21/ 4/ 1964 حكمت المحكمة برفض الدفع وبندب خبير في الدعوى لأداء المأمورية الواردة بمنطوق الحكم، ثم عادت في 3/ 6/ 1962 فحكمت بطلبات المدعي أخذاً بتقرير الخبير، وبالرغم من صواب هذا الحكم فقد استأنفته المحكوم ضدها، وفي 11/ 8/ 1962 قضت محكمة ثاني درجة برفض التظلم من وصف النفاذ ثم عادت في 24/ 11/ 1962 فحكمت برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. وذكرت في الأسباب أن المستأنفة لم تقصد من دفوعها سوى المطل والتسويف وإطالة أمد التقاضي، ولما كان رفع الاستئناف المتضمن طلب إلغاء وصف النفاذ المعجل المشمول به الحكم الابتدائي لا يوقف تنفيذه، فقد عمدت المدعى عليها إلى رفع الإشكال رقم 3228 سنة 1962 مستعجل الإسكندرية طالبة وقف تنفيذ الحكم إلى أن يفصل في موضوع الاستئناف، وبنت الإشكال على بطلان الحكم لتناقض أسبابه مع منطوقه، فكان ذلك آية من آيات العنت والكيد لعلمها بأن القضاء المستعجل لا يملك وقف تنفيذ حكم مشمول بالنفاذ المعجل أياً كان خطأ هذا الحكم أو بطلانه، وقضى فعلاً في 17/ 10/ 1962 برفض الإشكال وبالاستمرار في التنفيذ، وفي غمرة هذا النزاع فوجئ المدعي بإعلانه بصحيفة الجنحة المباشرة رقم 5556 سنة 1960 الرمل بتهمه فيها المدعى عليه الثاني بالإبلاغ الكاذب ضده وبالقذف في حقه، وظل يطلب تأجيلها للصلح بقصد التأثير في المدعي ليدع حقه، وفي 27/ 3/ 1962 حكمت المحكمة ببراءته من التهمتين الأولى لأنها في غير محلها والثانية لأنها على غير أساس، وإزاء ما اقترفه المدعى عليهما من اعتداء على ملكه وإساءة استعمال حقهما في التقاضي وانحرافهما عن السلوك والحرص المفروضين في الشخص العادي، أقام الطاعن هذه الدعوى بطلباته السابقة مقداراً ما لحقه من خسارة بمبلغ 313 جنيهاً و575 مليماً وما ضاع عليه من كسب بمبلغ 1591 جنيهاً و201 مليماً والضرر الأدبي بمبلغ 500 جنيه، وفي 27/ 5/ 1963 حكمت المحكمة برفض الدعوى. فاستأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً إلغاءه والقضاء له بالتعويض المطلوب وقيد هذا الاستئناف برقم 509 سنة 19 ق. وفي 7/ 3/ 1966 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهما ولم يبديا دفاعاً وأصرت النيابة على الرأي الوارد بمذكرتها وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم ذهب إلى أن القدر المبيع الذي أبدت المطعون عليها الأولى رغبتها في أخذه بالشفعة إنما يتحدد في مساحته وأبعاده بالبيانات الواردة بعقد البيع الذي تم تحويله إليها دون البيانات الواردة بالإنذار الذي وجهه إليها المشتري استناداً إلى أن إجراءات الشفعة قد انتهت ودياً بعد إعلان المطعون عليها برغبتها في الأخذ بتحويل عقد الشراء إليها وحلولها محل المشتري فيه، ورتب الحكم على ذلك أنه متى كان الثابت في الدعوى أن مساحة القدر المبيع طبقاً لما ورد بالعقد تبلغ 733 ذراعاً مربعاً تحت العجز والزيادة، وأن مساحته على الطبيعة مضافاً إليها القدر المقام عليه السور تبلغ 726 ذارعاً مربعاً فقط، فإن قيام المطعون عليها بإقامة السور حول ذلك القدر وعلى ما رأته مكملاً له من أرض المالك الأصلي الملاصقة له قبل أن يصبح الطاعن مالكاً أو حائزاً للقدر المبيع له لا يعتبر خطأ يوجب مسئوليتها، وهو من الحكم خطأ ومخالفة للقانون من وجه (أولها) أن العبرة في بيان العقار المشفوع فيه ليست بالعقد وإنما بالإنذار الرسمي الذي يوجهه البائع أو المشتري لمن يحوز له الأخذ بالشفعة وذلك عملاً بنص المادة 941 من القانون المدني الذي يوجب بيان العقار بياناً كافياً في هذا الإنذار والذي يعتبر وحده الدليل على علم الشفيع بالعقار المبيع علماً كافياً نافياً للجهالة. (وثانيها) أن عقد شراء المشفوع منه لم يحدد المبيع تحديداً نهائياً وإنما جاء به أن مساحته تبلغ 733 ذارعاً مربعاً تحت العجز والزيادة حسبما تسفر عنه معاينة المساحة، والثابت أن البيانات الواردة بإنذار الشفعة مستمدة جميعاً من كشف التحديد الذي طلبه المشتري من الشهر العقاري، وإذ كانت هذه البيانات هي التي اتجهت إليها إرادة الطرفين، وكانت في الوقت نفسه الأساس لكل محرر يزمع شهره، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بالمساحة الواردة بعقد البيع دون البيانات الواردة بشأنها في إنذار الشفعة يكون قد مسخ نصوص العقد وأخطأ فهم إرادة المتعاقدين. (وثالثها) أن الطاعن تمسك لدى محكمة الاستئناف بخطأ الحكم الابتدائي في النقل عما أثبته الخبير في تقريره من أن السور الذي أقامته المطعون عليها الأولى قد تجاوز الحد البحري لأرضها بمسافة قدرها 1.80 م، وأن ذلك هو الجزء المعتدى عليه من أرضه، وردت المحكمة على ذلك بقولها إن هذا الخطأ في النقل لا يؤثر في أسباب الحكم من حيث كونها سائغة وكافية وهو ما لا يكفي لمواجهة ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ما دام الثابت أن تقرير الخبير كان من العناصر التي كونت منها محكمة أول درجة إقناعها دون أن يكون من الأسباب الناقلة التي تكفي الأسباب الأخرى لحمل قضائها بدونه.
وحيث إن هذا النعي مردود في الوجه الأول منه بأن القصد من البيانات المتعلقة بالعقار التي أوجبت المادة 941 من القانون المدني اشتمال الإنذار الذي يوجهه البائع أو المشتري لمن يجوز له الأخذ بالشفعة هو تعريف الشفيع بالعقار المبيع تعريفاً كافياً بحيث يستطيع أن يعمل رأيه في الصفقة فيأخذ بالشفعة أو يترك، ولم يقصد المشرع أن يجعل من هذا الإنذار إيجاباً لعقد يلتزم به المشتري بنقل ملكية العين إلى الشفيع إذا رد عليه بالقبول، لأن الأصل في الشفعة هو حلول الشفيع محل مشتري العقار في جميع حقوقه والتزاماته الناشئة عن عقد البيع المثبت لها. إذ كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه - والنعي مردود في الوجه الثاني بأنه وإن كانت البيانات التي اشتمل عليها الإنذار الرسمي الموجه إلى المطعون عليها فيما يتعلق بالعقار المبيع قد استمدت من كشف التحديد الذي أجرته المساحة بناء على طلب المشتري إلا أن المطعون عليها قد نازعت في صحة هذه البيانات كما أنها لم تسلم بنتيجة المعاينة التي أجرتها المساحة بناء على طلبها، وبذلك تكون مساحة الأرض المبيعة لم تتحدد بعد بصفة نهائية ولا يكون ثمة وجه للاحتجاج قبلها بهذه البيانات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن المطعون عليها قد وضعت يدها على مساحة تقل عن المساحة الثابتة بالعقد المحول إليها وأنها أقامت السور على ما رأته مكملاً لها من أرض المالك الأصلي الملاصقة، فإن النعي عليه بهذا الوجه يكون في غير محله. والنعي بالوجه الثالث مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد جاء به في هذا الخصوص قوله "وحيث إن الحكم المستأنف انتهى إلى صواب فيما قضى به، وبناء على أسباب سائغة كافية تقرها هذه المحكمة وترى فيها رداً وافياً على أسباب الاستئناف ولا يؤثر فيه ما تسرب إليها من خطأ النقل عن تقرير الخبير فيما يختص ببقاء مساحة أرض المستأنف على حالها برغم ما اعتور أطوار حدودها من نقص نتيجة إقامة السور، ذلك أن المستأنف عليها وقت إقامتها له لم تكن تعتدي على حيازة المستأنف الأمر الثابت من الحكم في دعوى الحيازة، ولو أنها جارت على الأرض المبيعة له فقد كانت وقتئذ حسنة النية لأن العقد الذي حلت فيه محل محمد نديم سماقية لم يكن محدداً على سبيل الحسم وإنما ترك المبيع محتمل العجز والزيادة ولا تثريب عليها إن هي اعتدت بهذا العقد لأن دعوى الشفعة لم يستمر السير فيها وإنما تنازل المشفوع منه عن الصفقة لها وبشروط عقده فيها" ويبين من ذلك أن الحكم قد استبعد القرينة التي استمدها الطاعن مما نقله خطأ عن تقرير الخبير، وأنه أقام قضاءه على أسباب خاصة بالإضافة إلى الأسباب الواردة بالحكم الابتدائي والتي لا تتعارض معها، إذ كان ذلك وكانت المحكمة غير مقيدة برأي الخبير بل لها أن تطرحه كله أو بعضه وتقضي في الدعوى بناء على الأدلة الأخرى المقدمة فيها، فإن النعي على حكمها بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه أثبت للمطعون عليها حيازة القدر موضع النزاع وأنها أقامت السور حوله في وقت لم يكن الطاعن حائزاً له أو مالكاً، ودلل الحكم على ذلك بمجريات وقائع الدعوى بما استخلصه من أقوال الشهود الثابتة في تحقيقات دعوى الحيازة والشكوى الإدارية ومن مصدرين آخرين لا يصح أن يقم عليهما قضاءه، ذلك أن الأوراق خالية مما يؤيد الواقع الذي استخلصه الحكم إلا إذا كانت المحكمة قد اتخذت من الفعل نفسه دليلاً على ما يسوغه ويبرره وهذا هو الفساد في التدليل، وأن الحكم أسند إلى الشاهد خليل إبراهيم قوله في تحقيقات الشكوى الإدارية أن المطعون عليه الثاني أقام السور منذ خمسة أشهر سابقة على سؤاله الحاصل في 19/ 5/ 1960 بينما الثابت في تلك التحقيقات هو أنه أقام السور منذ حوالي أسبوعين سابقين على تاريخ سؤاله، وهو وإن كان قد حاول العدول عن هذا القول في تحقيقات دعوى الحيازة بتأثير من المطعون عليهما إلا أنه عاد في النهاية وأصر عليه، وبذلك يكون الحكم قد مسخ أقوال الشاهد ونسب إليه قولاً لم يصدر منه، كما أخذ الحكم بأقوال المهندس شفيق محمد علي رغم عدم جدواها إذ لم يقم بالمعاينة إلا في 16/ 6/ 1960، بينما التفت عن أقوال المهندس محمود جلال وحسن طنطاوي التي تدل على أن السور لم يكن مقاماً عند انتقالهما للمعاينة في أواخر إبريل وأوائل مايو سنة 1960، وأخيراً فإن الحكم تعلق في هذا الخصوص بدليلين آخرين فأسند إلى الطاعن إقراره في الإنذار الذي وجهه إلى البائع في 9/ 5/ 1960 أن السور قد تم، واستخلص من ذلك أن إتمامه لم يكن في التاريخ الذي حدده لاحقاً لتسجيل عقده، كما أسند إليه قوله في تحقيقات الشكوى الإدارية أن المطعون عليه الثاني صمم على حدود الأرض على الوجه الذي يريده، فاضطر هو إلى تقديم شكوى للمساحة في أول مايو سنة 1960 أي قبل تسجيل عقده، في حين أن هذين الدليلين لا يسوغان النتيجة التي انتهى إليها الحكم ذلك أن ما ورد بالإنذار يتفق مع ما قرره في تحقيق الشكوى الإداري بتاريخ 19/ 5/ 1960 علاوة على أن الحكم لم يقطع بواقعة بناء السور في تاريخ سابق على تسجيل عقده وإنما كان في شك منها فلا يصح أن يبني عليها قضاءه، أما قوله في التحقيق بأن "المساحة قد رفضت تحديد أرض المطعون عليها طبقاً لما تريد لمخالفة ذلك للطلبين المقدمين منها، فإنه لا يؤدي إلى النتيجة التي استخلصها الحكم من أن البناء كان سابقاً على تاريخ تسجيل العقد، إذ لا يعقل أن يطلب الطاعن من المساحة القيام بتحديد أرضه بعد إتمام البناء عليها، وخلص الطاعن إلى أن الحكم إذ أقام قضاءه على تلك الأدلة مجتمعة، وثبت فساد بعضها على النحو الوارد بسبب الطعن دون أن يبين أثر كل دليل منها على حده في تكوين عقيدة المحكمة بحيث لا يعرف ماذا يكون قضاؤها بعد إسقاط ما ثبت فساده منها، فإن الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول منه بأنه وإن كان العقد الصادر للمشفوع منه قد اشترط تسليم المبيع عند توقيع العقد النهائي، إلا أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية أن المطعون عليها التي حلت محله فيه قد وضعت يدها على العين المبيعة قبل الميعاد المتفق عليه بلا معارضة من المالك الأصلي، وأنها أقامت السور حول ما رأته مكملاً لأرضها طبقاً للبيان الوارد بالعقد وانتهت من ذلك إلى أن هذا العمل لم يقصد به الإضرار بالطاعن لأنه لم يكن عند إقامة البناء حائزاً ولا مالكاً، وإذ كان ما أورده الحكم في هذا الصدد يحمل في ذاته الدليل المثبت للواقع الذي استخلصته، فإنه يكون على غير أساس النعي على الحكم بفساد الاستدلال لاتخاذه من الفعل الموجب لمسئولية المطعون عليها مسوغاً ومبرراً يمنع مساءلتها. والنعي في شقه الثاني مردود بأن لمحكمة الموضوع أن تأخذ في قضائها بما ترتاح إليه من أدلة الدعوى وتطرح ما لا تقتنع بصحته منها دون أن تكون ملزمة بإبداء أسباب ترجيحها دليلاً على آخر طالما كانت الأسباب التي أقامت عليها قضاءها كافية لحمله، ولما كان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد أشار إلى أن أدلة الطاعن في نفي إقامة السور بعد تسجيل عقد شرائه الحاصل في 2/ 5/ 1960 إنما تنحصر في أقوال شهوده بتحقيقات الشكوى رقم 2927 سنة 1960 إداري الرمل ثم خلص إلى أن هذه الأقوال متضاربة ويناقض بعضها بعضاً وأنها تتعارض مع ما يستفاد من أقوال الطاعن الثابتة في تلك التحقيقات ومن إقراره الصريح بإتمام بناء السور في الإنذار الموجه منه للبائع له بتاريخ 9/ 5/ 1960 فضلاً عن تعارضها مع أقوال الشهود الآخرين التي أخذت بها المحكمة، فإن النعي على الحكم بكل ما يتضمنه هذا الشق لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة للأدلة المطروحة عليها وسلطتها في الموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إليه منها مما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه على فرض أن إقامة السور قد حصلت قبل أن يسجل الطاعن عقده، فإن ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم ورفض طلب التعويض عن هذا الاعتداء، ذلك أن وجه الخطأ ليس في إقامة السور وحده وإنما كذلك في بقائه قائماً مع زوال العذر، والضرر الناشئ عن هذا الخطأ مرتبط ببقاء البناء ارتباط المسبب بالسبب المعمول بالعلة، وإذ كان عذر المعتدي في القانون هو الجهل بأنه يعتدي على حق الغير، وكان زوال هذا العذر بالنسبة للمطعون عليهما قد ثبت يقيناً من يوم تسجيل عقد شراء الطاعن، أو في القليل من يوم تحقيق شكواه حيث قدم الطاعن العقد مسجلاً وقام المحقق بإجراء المعاينة وأثبت وقوع الاعتداء وحيث أقر الزوج كتابة بعلمه بالمعاينة التي أجرتها المساحة وبتسجيل العقد، فإن الطاعن لم يكن يطمع في أكثر من إزالة السور وتسليم الأرض خالية منه ولكن الإعنات والإعتساف قد استبدا بالمطعون عليهما إذ رغم إعلانهما بصحيفة دعوى الملكية وثبوت علمهما بعيوب حيازتهما تبعاً لذلك وزوال حسن نيتهما طبقاً لنص المادة 966 من القانون المدني، فإنهما لم يكترثا بالخصومة وظلا يعرقلان سيرها مما كان يتعين معه مساءلتهما، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون مخطئاً في القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي ركن الخطأ عن المطعون عليها في إقامتها السور حول القدر المتنازع عليه، استناداً إلى الأسباب السائغة التي استدل بها على أنها لم تكن تعتقد وقت البناء أنها تعتدي على حيازة الطاعن أو ملكيته بل كانت على العكس تعتقد أنها تقيم البناء في القدر الوارد بعقد البيع الذي حلت فيه محل المشفوع منه، ولما كان إعلان المطعون عليها بصحية دعوى الملكية ليس من شأنه أن ينفي استمرار هذا الاعتقاد وإنما الذي ينفيه أو يؤيده هو الحكم النهائي الصادر فيها، فإنه يكون على غير أساس النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لتقريره بانعدام ركن الخطأ في حق المطعون عليها سواء قبل أو بعد رفع دعوى الملكية، ولا عبرة في هذا الخصوص باستناد الطاعن إلى المادة 966/ 2 من القانون المدني التي تنص على أن حسن النية يزول من وقت إعلان الحائز بعيوب حيازته في صحيفة الدعوى لأن مجال تطبيق هذه المادة إنما يكون في صدد مطالبة المالك بثمار العين التي اعتدي الغير على حيازتها وليس في شأن دعوى المسئولية التقصيرية.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور والتخاذل في الأسباب، وفي بيان ذلك يقول إن المراحل التي مر بها النزاع تدل جميعاً على أن اعتداء المطعون عليهما على ملك الطاعن كان فعلاً متعمداً بقصد الإضرار به، ومع ذلك فإن الحكم قد أرهق نفسه ليرفع عن هذا التعدي صفته غير المشروعة، وقضى برفض التعويض عنه، إذ الثابت من تحقيقات الشكوى رقم 2927 سنة 1960 إداري الرمل أن الطاعن قدم عقد شرائه المسجل للأرض المقام عليها السور، ونسب إلى المطعون عليه الثاني التعدي على ملكه وتهديد عماله بإطلاق النار عليهم وأشهد الطاعن على ذلك سائق سيارته والمقاول المشرف على العمل، ومع ذلك استخلص الحكم من هذه التحقيقات أن المطعون عليه هو الذي لجأ إلى الشرطة ليمنع عمال الطاعن من الاعتداء على ما يعتقد أنه ملك زوجته طبقاً لعقد البيع الابتدائي الذي تم تحويله لها، وفاته أن هذا الاعتقاد من جانب المطعون عليه يعتبر خطأ في ذاته موجباً لمسئوليته لعلمه بعدم تسجيل عقدها وبأن الملكية لا تنتقل إلا بالتسجيل، وإذ أقام الطاعن دعوى الملكية دفعت المطعون عليها بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها وصادقها الطاعن على هذا الدفع وطلبت الحكم بعدم الاختصاص بغير إحالة، وعادت في جلسة المرافعة وطلبت إمعاناً في الكيد ندب خبير لتقدير ثمن المباني التي أقامها بقصد تأخير الفصل في الدعوى، ولما قضت المحكمة بعدم الاختصاص وبالإحالة دفعت المطعون عليها بعدم اختصاص المحكمة الجزئية كما تمسكت بهذا الدفع كذلك عند نظر الاستئناف المرفوع عن الحكم الصادر فيها، وقضت المحكمة الاستئنافية برفض هذا الدفع بعد أن سجلت في حكمها أن المستأنفة لم تقصد منه سوى إطالة أمد التقاضي وللمطل والتسويف لاسيما بعد أن قالت جهات القضاء التي أثير هذا الدفع أمامها كلمتها فيه، ورغم ذلك ورغم إشارة الطاعن إلى مدى تعسف المطعون عليها في استعمال حقها في الدفع والإنكار، فإن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه رد على ذلك بقوله إنه لا يكفي أن يكون الدفع كيدياً حتى يستحق التعويض بل يجب وقوع الضرر فعلاً وهو الأمر الذي لم يثبت، إذ صدر الحكم في 21/ 4/ 1962، بعدم قبول الدفع وبندب خبير ثم صدر الحكم القطعي في 30/ 6/ 1962، كما رأت المحكمة أن ركن الخطأ لا يتوافر في الدعوى، وبذلك يكون الحكم قد اضطربت أسبابه فلا يعرف منه سبب انتفاء المسئولية، وإذ صدر الحكم في دعوى الملكية مشمولاً بالنفاذ طبقاً لنص المادة 469/ 2 من قانون المرافعات السابق التي تفرض الأمر به وجوباً، عمدت المطعون عليها إلى رفع إشكال في تنفيذه رغم علمها بأن القضاء المستعجل لا يملك وقف تنفيذ الحكم في هذه الحالة، وهو موقف لا يمكن حمله وتفسيره إلا بأنه لدد في الخصومة يستوجب مسئولية صاحبه ومع ذلك فقد التمس الحكم المطعون فيه العذر للطاعنة في هذا الخصوص بحجة أنها قد تكون مقتنعة بخطأ المحكمة في شمول الحكم بالنفاذ، وأخيراً برر الحكم دعوى الجنحة المباشرة التي أقامها المطعون عليه الثاني ضد الطاعن بأسباب قاصرة، نفى عنه وجه الخطأ في رفعها باعتبارات غير سائغة.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً بأن عقد البيع غير المسجل وإن كان لا يترتب عليه نقل ملكية العقار المبيبع إلى المشتري إلا أنه يولد في ذمة البائع التزاماً بتسليم المبيع، ويترتب على الوفاء بهذا الالتزام أن يصبح المبيع في حيازة المشتري، وله أن ينتفع به بجميع وجوه الانتفاع ومنها البناء على سبيل البقاء والقرار، وبذلك فإن قيام المطعون عليها الأولى بإقامة السور في العقار المبين بعقد البيع الذي حلت فيه محل المشفوع منه قبل تسجيله لا يعتبر خطأ موجباً للتعويض. والنعي مردود ثانياً بما قرره الحكم من أنه "لا يكفي أن يكون الدفع كيدياً حتى يستحق التعويض بل يجب وقوع الضرر فعلاً وهو الأمر الذي لم يثبت" ولما كان الحكم قد نفى وقوع الضرر في حدود سلطته، وكان هذا الأساس وحده كافياً لحمل قضائه برفض دعوى التعويض، فإنه لا يؤثر في سلامته ما ذكره من أن ركن الخطأ غير متوافر حتى ولو كان قد أخطأ في ذلك، ومن ثم فإن النعي على الحكم باضطراب أسبابه فيما يتعلق بوصف الفعل المسند إلى المطعون عليها يكون غير منتج ولا جدوى فيه. والنعي مردود ثالثاً بما قرره الحكم من أن المطعون عليها أقامت الإشكال في التنفيذ "اعتقاداً منها بأن المحكمة قد جانبت الصواب فيما قضت به من الأمر بالنفاذ المعجل بلا كفالة لحكم ليس النفاذ فيه جائزاً باعتباره صادراً في دعوى تثبيت ملكية، وهو اعتقاد له مبررات جدية من الوقائع ونصوص القانون مما ترى معه المحكمة انتفاء الكيد أو القصد الإضرار في رفعه" وهي تقريرات موضوعية سائغة تكفي لحمل قضائها في هذا الخصوص. والنعي مردود أخيراً بأنه يكفي لعدم مساءلة المجني عليه عن الواقعة التي أبلغ بها أن تقوم لديه شبهات تبرر اتهام من اتهمه. لما كان ذلك، وكان الحكم ببراءة الطاعن من التهمتين المسندتين إليه لم يبين عدم صحة الوقائع التي أسندها إليه المطعون عليه الثاني في صحيفة دعوى الجنحة المباشرة وإنما بني على انتفاء سوء القصد وهو أحد أركان التهمة الأولى وعلى عدم كفاية الأدلة بالنسبة للتهمة الثانية، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى القول بانتفاء سوء قصد المطعون عليه الثاني للأسباب التي ساقها، ورأي أن في ظروف الدعوى وملابساتها ما يكفي لتوافر الدلائل المؤدية إلى صحة اعتقاده بصحة ما نسبه إلى الطاعن في دعواه، فإن هذا الذي قرره الحكم يعتبر استدلالاً سائغاً يكفي لحمل النتيجة التي انتهى إليها، وإذن فإن النعي عليه بالقصور يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون وشابه القصور من وجوه (أولها) أن الطاعن تمسك لدى محكمة الاستئناف بأن خطأ المطعون عليهما لا ينحصر في منعه من حيازة أرضه أو إقامة السور عليها وإنما يتمثل كذلك في استمرار المنع وبقاء السور قائماً، ومع أن الحكم قد أشار إلى هذا الدفاع في أسبابه إلا أنه قد أغفل مناقشته والرد عليه مما يعيبه بالقصور (وثانيها) أن الطاعن تمسك كذلك بخطأ الحكم الابتدائي في النقل عن تقرير الخبير على النحو الوارد بالوجه الثالث من السبب الأول، ورد الحكم المطعون فيه بأن ذلك غير مؤثر إذ لم تكن المطعون عليها وقت إقامة السور تعتدي على حيازة للمستأنف (الطاعن) ولو أنها جارت على أرضه فإنه كانت حسنة النية لأن المبيع في العقد الذي حلت فيه محل المشتري لم يكن محدداً على سبيل الحسم، وإنما ترك محتمل العجز والزيادة، هذا في حين أن الطاعن قد رضخ للحكم الصادر في دعوى الحيازة وصار يتمسك باعتداء المطعون عليها على ملكه من وقت تسجيل عقده كما أنه أثبت أن المطعون عليها لم تكن حسنة النية عند قيامها بإقامة السور بالأدلة التي ساقها، وأوضح كذلك فساد العلة القائمة على أن القدر المبيع لها لم يكن محدداً على سبيل الحسم. (وثالثها) أن الحكم المطعون فيه قد اتخذ من بيع الطاعن لأرضه سبباً لتأييد الحكم الابتدائي دون بيان أو تسبيب ودون أن يناقش دفاعه في هذا الخصوص من أنه اضطر إلى هذا البيع بعد أن سار شوطاً بعيداً في إعدادها للبناء وذلك بسبب تفويت الفرصة عليه وارتفاع أسعار المواد والأجور. (ورابعها) أن الحكم أخطأ إذ قضى برفض دعوى التعويض استناداً إلى أن المطعون عليهما لم يستعملا حقهما المشروع في التقاضي عن مخبثة وأن مدة التقاضي وإجراءاته لم تطل أكثر مما يستلزمه السير العادي للأمور، ذلك أنه لا يشترط لإيجاب التعويض أن يكون استعمال حق التقاضي مقصوداً به الكيد بل يكفي أن يكون عن تعنت أو تسرع أو اندفاع وأن التعويض لا يتأثر بعامل الزمن إذ قد يكون لذلك أثر في تقدير التعويض وليس في وجوبه، هذا إلى أن الحكم قد فاته أن المطعون عليهما قد أنكرا عليه حقه منذ البداية وجاء الحكم الصادر في دعوى الملكية مقرراً لهذا الحق فينسحب أثره إلى يوم التسجيل وهو نفسه يوم الإنكار.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بما قرره الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليها الأولى عند إقامتها السور لم ترتكب خطأ أو انحرافاً يوجب مسئوليتها سواء قبل إعلانها بصحيفة دعوى الملكية وقبل تسجيل عقده أو بعد إعلانها بالدعوى والتسجيل وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثالث. والنعي بالوجه الثاني مردود بما سبق بيانه عند الرد على السبب الأول من أن الحكم المطعون فيه استبعد القرينة التي استمدها الحكم الابتدائي مما نقله خطأ عن تقرير الخبير، وأقام قضاءه على أسباب خاصة بالإضافة إلى أسباب الحكم الابتدائي التي لا تتعارض معها. ومن ثم فلا محل للنعي بهذا الوجه على الحكم المطعون فيه ما دام لا يصادف محلاً في قضائه. والنعي في الوجه الثالث مردود بأن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب الخصوم في مختلف مناحي دفاعهم وحسبها أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استخلص في حدود سلطته الموضوعية من ظروف الدعوى وقرائن الحال فيها نفي ركن الخطأ عن المطعون عليهما وعدم تحقق الضرر لدى الطاعن استناداً إلى أن الدعاوى سارت سيرها العادي وأن الخصومة لم تتشعب فيها، وكانت هذه الأسباب سائغة، وكافية فإن النعي عليه بالقصور لإغفاله مناقشة مبررات بيع الأرض التي اشتراها لإعدادها للبناء يكون على غير أساس، والنعي بالوجه الرابع مردود، ذلك أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه في أسبابه قد أقام قضاءه على أن المطعون عليهما "لم يتنكبا الطريق السوى في موقفهما في الخصومات التي دارت بينهما وبين الطاعن حول أرض النزاع وإذا انتفى سوء القصد والخطأ في صورة المتعددة فلا يضرهما ولا يعرضهما للمؤاخذة المدنية أن يخسرا ادعاءهما أو يفشلا في دفوعهما لأن الخسارة قد ترجع إلى ضعف حجتهما وقد ترجع إلى سوء حظهما وقد ترجع إلى خطأ يغتفر في فهم دقائق القانون" ويبين من ذلك أن الحكم قد نفى عن المطعون عليهما خطأهما في استعمال حقهما المشروع في التقاضي في جميع صوره الممكنة وانتهى بذلك إلى رفض الدعوى، ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الأحد، 25 أكتوبر 2020

الطعن 463 لسنة 38 ق جلسة 5 /11/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 199 ص 1185

جلسة 5 من نوفمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار، ومحمود عثمان درويش.

-------------------------

(199)
الطعن رقم 463 لسنة 38 القضائية

(1) حيازة "دعوى الحيازة". ملكية. تقادم "التقادم المكسب". دعوى.
عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق. مخالفة ذلك. أثره. سقوط الادعاء بالحيازة. قيام دعوى الحيازة. اعتبارها مانعاً من رفع دعوى الملكية لوقف سريان التقادم المكسب للملكية طوال مدة نظر دعوى الحيازة.
 (2)وكالة. حيازة. ملكية. محكمة الموضوع.
استخلاص المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية، أن الحائز يحوز العقار نيابة عن زوجته وأنه كان يمثلها في دعوى الحيازة التي أقيمت عليها. لا خطأ.

--------------
1 - النص في المادة 48/ 1 من قانون المرافعات السابق على أنه "لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة" يدل على أنه لا يجوز للمدعي أن يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق، يستوي في ذلك أن يطالب في دعوى الحيازة ذاتها بموضوع الحق أو أن يرفع دعوى الحيازة مستقلة عن دعوى الملكية، وذلك لاعتبارات قدرها المشرع هي استكمال حماية الحيازة لذاتها مجردة عن أصل الحق، ويبقى هذا المنع قائماً ما دامت دعوى الحيازة منظورة وإلا سقط حق المدعي في الادعاء بالحيازة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أنه كان يتعذر على الشركة المطعون عليها الثانية (المدعية في دعوى الحيازة) أن ترفع دعوى الملكية طوال المدة التي نظرت فيها دعوى الحيازة بسبب عدم جواز الجمع بين الدعويين مما يعتبر مانعاً يوقف سريان التقادم المكسب للملكية، عملاً بحكم المادة 382/ 1 من القانون المدني، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون.
2 - إذ كان يبين مما أورده الحكم أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد استخلصت من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها أن المطعون عليه الثاني كان يحوز الأرض موضوع النزاع نيابة عن زوجته الطاعنة وأنه كان يمثلها في دعوى الحيازة التي أقامتها عليه الشركة المطعون عليها الأولى، ورتب الحكم على ذلك وقف سريان التقادم المكسب للملكية الذي تمسكت به الطاعنة المدعى عليها في دعوى الملكية أثناء نظر دعوى الحيازة باعتبارها مانعاً للشركة من رفع دعوى الملكية، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن شركة الإدارة العقارية التي حلت محلها الشركة العقارية للإسكان والتعمير - المطعون عليها الأولى - أقامت الدعوى رقم 1606 سنة 1962 مدني الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنة والمطعون عليه الثاني بصحيفة معلنة في 20/ 8/ 1964 وطلبت فيها الحكم بتثبيت ملكيتها لقطعة الأرض البالغ مساحتها 450 ذراعاً مربعاً المبنية الحدود والمعالم بالصحيفة وإزالة ما عليها من مبان وتسليمها إليه خالية مما يشغلها، وقالت بياناً لدعواها إنه بمقتضى عقد بيع مسجل في 11/ 11/ 1952 برقم 4707 اشترت من ورثة المرحوم...... قطعة أرض فضاء معدة للبناء مساحتها 5662.89 ذراعاً مربعاً بشارع راللى قسم الرمل ووضعت اليد عليها بعد التوقيع على العقد النهائي في 13/ 10/ 1952، ثم تعرض لها المطعون عليه الثاني في 2/ 11/ 1952 في وضع يدها على جزء من هذه الأرض مساحته 450 ذراعاً مربعاً فأقامت عليه الدعوى رقم 294 سنة 1953 مدني جزئي الرمل طالبة الحكم بمنع تعرضه، وبتاريخ 21/ 5/ 1956 قضى لها بطلباتها في تلك الدعوى فاستأنف المطعون عليه الثاني هذا الحكم الاستئناف رقم 492 سنة 17 ق مدني الإسكندرية وبتاريخ 16/ 6/ 1963 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وعدم قبول دعوى الحيازة تأسيساً على أن الشركة لم تضع اليد على الأرض مدة سنة سابقة على تاريخ رفع الدعوى، وإذا نازعتها الطاعنة في ملكيتها لهذه الأرض فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها وردت الطاعنة بأنها تملكت الأرض موضوع النزاع بالتقادم الخمسي المكسب للملكية إذ وضعت اليد عليها نفاذاً لحكم مرسى مزاد مسجل في 10/ 2/ 1952. وبتاريخ 25/ 12/ 1965 حكمت المحكمة بثبوت ملكية الشركة المطعون عليها الأولى للأرض البالغ مساحتها 450 ذراعاً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنفت الطاعنة والمطعون عليه الثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 156 سنة 22 ق مدني الإسكندرية طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبتاريخ 15/ 6/ 1968 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى به الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون من وجهين (أولاً) تمسكت الطاعنة في دفاعها بأنها تملكت الأرض موضوع النزاع بالتقادم الخمسي، غير أن الحكم لم يعول على هذا الدفاع استناداً إلى أن مدة التقادم لم تكتمل لأنها أوقفت طبقاً للمادة 382 من القانون المدني بسبب رفع دعوى الحيازة من الشركة وهي تعتبر مانعاً من رفع دعوى الملكية عملاً بحكم المادة 48 من قانون المرافعات السابق، في حين أن النص الأخير لا يمنع المدعي من إقامة دعوى مستقلة للمطالبة بأصل الحق إلى جانب دعوى الحيازة، أما الحظر الذي نصت عليه هذه المادة فهو يرد على الجميع بينهما في دعوى واحدة، يؤيد ذلك أن الفقرة الثانية من المادة تحظر على المدعى عليه أن يرفع دعوى المطالبة بالحق قبل الفصل في دعوى الحيازة وتنفيذ الحكم الذي يصدر فيها إلا إذا تخلى لخصمه عن الحيازة، مما يفيد أن المنع المشار إليه مقصور على المدعى عليه دون المدعي وإلا جاء النص شاملاً دون تفرقة بينهما، إذ أن المشرع أعطى للمدعي الحق في إقامة دعوى الحيازة ولم يمنعه من المطالبة بأصل الحق حتى يتسنى له قطع التقادم المكسب للملكية من المدعى عليه (ثانياً) قرر الحكم المطعون فيه أن الطاعنة كانت ممثلة في دعوى الحيازة التي أقامتها الشركة المطعون عليها ضد زوجها المطعون عليه الثاني باعتباره نائباً عنها في حين أن هذه الدعوى لم ترفع عليه بصفته وكيلاً عنها وإنما رفعت عليه شخصياً، وغير صحيح ما خلص إليه الحكم المطعون عليه الثاني كان يضع اليد على أرض النزاع بوصفة وكيلاً عن الطاعنة إذ الثابت من الحكم رقم 492 سنة 17 ق استئناف الإسكندرية الصادر في دعوى الحيازة أن المطعون عليه الثاني قرر أن زوجته الطاعنة هي التي تضع اليد على الأرض ولا يجوز الادعاء بالوكالة أو النيابة إلا إذ قدم الوكيل أو النائب ما يدل عليها وهو ما تقضي به المادتان 81، 82 من قانون المرافعات السابق؛ يؤيد ذلك أن مفهوم المادة 958 من القانون المدني أن للحائز بالنيابة عن غيره، أن يسترد الحيازة وليس العكس صحيحاً فلا يجوز استرداد الحيازة ممن كان حائزاً بالنيابة عن غيره، مما مقتضاه أن دعوى الحيازة التي أقامتها الشركة ضد المطعون عليه الثاني لم يكن لها أثر في وقف التقادم بالنسبة لها.
وحيث إن النعي بالوجه الأول مردود بأنه لما كان النص في المادة 48/ 1 من قانون المرافعات السابق على أنه لا يجوز أن يجمع المدعي في دعوى الحيازة بينها وبين المطالبة بالحق وإلا سقط ادعاؤه بالحيازة يدل على أنه لا يجوز للمدعي أن يجمع بين دعوى الحيازة ودعوى أصل الحق يستوي في ذلك أن يطالب في دعوى الحيازة ذاتها بموضوع الحق أو أن يرفع دعوى الحيازة مستقلة عن دعوى الملكية وذلك لاعتبارات قدرها المشرع هي استكمال حماية الحيازة لذاتها مجردة عن أصل الحق، ويبقى هذا المنع قائماً ما دامت دعوى الحيازة منظورة، وإلا سقط حق المدعي في الادعاء بالحيازة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أنه كان يتعذر على الشركة المطعون عليها الثانية أن ترفع الملكية طوال المدة التي نظرت فيها دعوى الحيازة بسبب عدم جواز الجمع بين الدعوى بين مما يعتبر مانعاً يوقف سريان التقادم المكسب للملكية عملاً بحكم المادة 382/ 1 من القانون المدني، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني من النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه فيما خلص إليه من أن الطاعنة كانت ممثلة في دعوى منع على ما قرره من أن لا شبهة في أن المستأنفة الأولى - الطاعنة - كانت ممثلة في دعوى منع التعرض فزوجها - المطعون عليه الثاني - هو الذي تسلم الأرض موضوع النزاع في 20/ 2/ 1952 كنائب عنها وهو الذي قدم الشكوى في شرطة الرمل ضد الخفير المعين على الأرض من قبل الشركة المستأنف عليها - المطعون عليها الأولى - مقرراً أنه يمتلك الأرض موضوع النزاع ولكن خفير الشركة تعرض له عند ما شرع في بنائها وعندما صدر الحكم ضده بمنع تعرضه للشركة استأنفه طالباً إلغاءه مقرراً أنه يضع اليد على الأرض بصفته وكيلاً عن زوجته فدعوى منع التعرض باعتبارها دعوى حيازة رفعت منه كحائز عن المستأنفة الأولى ووكليها وما كان للشركة أن تتخذ قبله أو قبل من يحوز عنها أي إجراء من الإجراءات القانونية للمطالبة بأصل حقها وهو ملكية الأرض موضوع النزاع طوال فترة نظر دعوى الحيازة التي رفعتها فلما قضى في دعوى الحيازة انتهائياً وزال المانع من المطالبة بحقها في الملكية رفعت الدعوى الحالية، ولما كان يبين مما أورده الحكم أن المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية قد استخلصت من وقائع ثابتة بالأوراق تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها أن المطعون عليه الثاني كان يحوز الأرض موضوع النزاع نيابة عن زوجته الطاعنة وأنه كان يمثلها في دعوى الحيازة التي أقامتها عليه الشركة المطعون عليها الأولى ورتب الحكم على ذلك وقف سريان التقادم الكسب للملكية الذي تمسكت به الطاعنة أثناء نظر دعوى الحيازة مانعاً للشركة من رفع دعوى الملكية، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 178 لسنة 72 ق جلسة 22 / 2 / 2015

محكمة النقض
الدائرة المدنية والتجارية
باسم الشعب
برئاسة السيد القاضي/ عبد الله عمر "نائب رئيس المحكمة"
وعضوية السادة القضاة/ أحمد فتحي المزين، محمد حسن عبد اللطيف، حاتم أحمد سنوسي ومحمود محمد توفيق "نواب رئيس المحكمة".
وحضور السيد رئيس النيابة/ أبو الفضل عبد العظيم.
وحضور السيد أمين السر/ أشرف الغنام.
في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة.
في يوم الأحد 3 من جماد أول سنة 1436هـ الموافق 22 من فبراير سنة 2015م.
في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 178/268 لسنة 72 القضائية. 
------------------ 
الوقائع 
في يوم 20/1/2002 طُعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" الصادر بتاريخ 4/12/2001 في الاستئناف رقم 343 لسنة 33ق وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
وفي اليوم نفسه أودع الطاعن مذكرة شارحة وحافظة مستندات.
وفي 29/1/2002 أعلن المطعون ضدهما الأول والثانية بصحيفة الطعن.
وفي 2/2/2002 أعلنت المطعون ضدها الأخيرة بصحيفة الطعن.
وفي 12/2/2012 أودع المطعون ضده الأول مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. 
---------------------- 
المحكمة 
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ محمد حسن عبد اللطيف "نائب رئيس المحكمة" والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع ـ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول في الطعنين أقام على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم 507 لسنة 1996 مدني كلي بني مزار بطلب الحكم بتمكينه من العين المبينة بالصحيفة وعقد الإيجار المؤرخ 15/12/1993، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد الإيجار سالف الذكر الثابت التاريخ بالشهر العقاري في 14/4/1994 برقم 887/ أ لسنة 1994 بني مزار استأجر من المطعون ضدها الثانية في الطعنين شقة التداعي والتي آلت إليها بالميراث الشرعي ورضاءً من شقيقتها – المطعون ضدها الأخيرة في الطعن الأول والطاعنة في الطعن الثاني - بيد أنه وبعد استلامه تلك العين حكمياً فوجئ بقيام الأخيرة بإعادة تأجيرها للطاعن في الطعن الأول والمطعون ضده الأخير في الطعن الثاني التي مكنته فعلياً من ذات العين بموجب عقد الإيجار اللاحق المؤرخ 28/1/1994 فقد أقام الدعوي. حكمت المحكمة برفض الدعوي بحالتها. استأنف المطعون ضده الأول في الطعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 343 لسنة 33ق بني سويف "مأمورية المنيا" كما أقام الدعوى رقم 100 لسنة 1997 مساكن كلي بني مزار بذات الطلبات المشار إليها. وبتاريخ 23/1/1997 حكمت المحكمة بوقف الدعوى الأخيرة تعليقاً على الفصل بحكم نهائي في الاستئناف سالف الذكر، استأنف المطعون ضده الأول في الطعنين هذا الحكم بالاستئناف رقم 1593 لسنة 33ق أمام ذات المحكمة. ضمت المحكمة الاستئنافين للارتباط. وبتاريخ 13/4/1998 قضت في الاستئناف رقم 1593 لسنة 33ق بتأييد الحكم المستأنف وفي الاستئناف رقم 343 لسنة 33ق باستجواب الطرفين ثم ندبت خبيراً وبعد أن أودع تقريره قضت بتاريخ 4/12/2001 بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء للمطعون ضده الأول بالطلبات. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 178 لسنة 72ق، كما طعنت المطعون ضدها الأخيرة في ذات الطعن على هذا الحكم بالطعن رقم 268 لسنة 72ق وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعنين. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة – في غرفة مشورة – حددت جلسة لنظرهما وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه كل طاعن في الطعنين على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق. ويقولان بياناً لذلك إن الطاعنة في الطعن الثاني هي المالكة لعين النزاع ملكية مفرزة وواضعة اليد عليها وذلك بموجب عقد القسمة المؤرخ 15/8/1977 والذي تضمن ملكيتها لنصف شقة النزاع والذي صار نافذاً حائزاً لقوة الأمر المقضي بين جميع الورثة بالحكم في الدعوي رقم 890 لسنة 1998 مدني كلي بني مزار المقامة من المطعون ضدها الثانية في الطعنين ضد باقي الورثة بطلب بطلان عقد القسمة سالف الذكر والتي قضي برفضها. وقد تأيد بالحكم في الاستئناف رقم 109 لسنة 36 قضائية المنيا. كما آلت ملكية النصف الأخير إليها بموجب عقد البيع المؤرخ 2/10/1977 الصادر لها من شقيقتها/ ........ المقضي بصحته ونفاذه في الدعوى رقم 2671 لسنة 1977 مدني كلي المنيا وأيد ذلك ما انتهي إليه تقرير الخبير المودع ملف الدعوي والشكوى رقم 1180 لسنة 1994 إداري بني مزار وإذ قامت بتأجير شقة النزاع إلى الطاعن في الطعن الأول بموجب عقد الإيجار المؤرخ 28/1/1994 فيكون هذا العقد صحيحاً منتجاً لآثاره بما لا ينفذ عقد الإيجار المؤرخ 25/12/1993 سند حيازة المطعون ضده الأول لذات العين لصدوره من غير المالكة المطعون ضدها الثانية في الطعنين إلى نجلها المطعون ضده في كلا الطعنين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بتمكين المطعون ضده الأول في الطعنين من عين التداعي قولاً منه بأن المطعون ضدها الثانية في الطعنين هي المالكة لها وواضعة اليد عليها وأن عقد الإيجار الصادر منها للمطعون ضده الأول مستوف لشروط صحته وصادر ممن يملك حق التأجير وأن عقد الإيجار سند حيازة الطاعن في الطعن الأول لاحق عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة ـ أن مفاد نص المادتين 835، 843 من القانون المدني أن للشركاء على الشيوع اقتسام المال الشائع بالطريقة التي يرونها فإذا انعقد إجماعهم على القسمة ولو كانت غير مسجلة أصبحت نافذة وملزمة للجميع وتنتج أثرها في إنهاء حالة الشيوع وبات كل متقاسم فيما بينه وبين المتقاسمين الآخرين مالكاً للحصة التي آلت إليه ملكية مفرزة منذ أن تملك على الشيوع، ومن ثم يمتنع على كلاً منهم التعرض للآخر فيما آل إليه أو منازعته فيه إعمالاً للأثر الرجعي للقسمة الذي يحمي المتقاسم من الحقوق التي يرتبها غيره من الشركاء على المال الشائع أثناء قيام الشيوع فيخلص لكل نصيبه المفرز مطهراً من هذه الحقوق، وأن تسجيل القسمة غير لازم في العلاقة بين المتقاسمين على ما ينص عليه قانون الشهر العقاري وذلك على خلاف الغير الذي لا يحتج عليه بها إلا بالتسجيل، وأنه في هذا الصدد يُعد غيراً من تلقى حقاً عينياً على العقار على أساس أنه مازال مملوكاً على الشيوع وقام بتسجيله قبل تسجيل سند القسمة ولا يعتبر المستأجر لقدر من العقار شائع من ثم غيراً لأنه صاحب حق شخصي، وأن مفاد نص المادة 176 من قانون المرافعات – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع قصد أن تتضمن مدونات الحكم ما يطمئن المطلع عليه إلى أن المحكمة ألمت بالوقائع المطروحة عليها ومحصت ما قدم إليها من أدلة وما أبداه الخصوم من دفاع ثم أعملت حكم القانون عليها وصولاً لما انتهت إليه من قضاء وهو ما يستلزم منها أن ترد على كل دفاع جوهري يبديه الخصوم ويطلب إليها بطريق الجزم أن تدلي برأيها فيه وإلا كان حكمها قاصراً. كما أن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أيضاً - أن عقد الإيجار الصادر من شخص لا يملك الشيء المؤجر وليس له الحق في التعامل في منفعته وإن وقع صحيحاً بين طرفيه إلا أنه لا ينفذ في حق مالكه أو من له حق الانتفاع به إلا بإجازة هذا الأخير له، وأن مخالفة الثابت بالأوراق التي تبطل الحكم هي تحريف محكمة الموضوع للثابت مادياً ببعض المستندات أو أبتناء الحكم على فهم حصلته المحكمة مخالفاً لما هو ثابت بأوراق الدعوى من وقائع لم تكن محل مناضلة بين الخصوم، وكان كل طاعن في الطعنين قد تمسك أمام محكمة الموضوع بما ورد تفصيلاً بوجه النعي من أن الطاعنة في الطعن الثاني هي المالكة ملكية مفرزة لعين النزاع وواضعة اليد عليها ودللا على ذلك بعقد القسمة المؤرخ 15/8/1977 والذي تضمن ملكية الطاعنة في الطعن الثاني لنصف شقة النزاع وصار نافذاً بين الشركاء المشتاعين منهياً لحالة الشيوع وباتت الطاعنة في الطعن الثاني مالكة لتلك الحصة مفرزة وقد آلت ملكية النصف الآخر إليها بموجب عقد البيع المؤرخ 2/10/1977 والذي قضي بصحته ونفاذه في الدعوي رقم 2671 لسنة 1977م. ك المنيا من شقيقتها/ ..................... وأصبحت بموجب عقد القسمة وعقد البيع المذكورين مالكة لكامل شقة النزاع ملكية مفرزة، وظاهر ذلك ما هو ثابت بعقد القسمة سالف الذكر من أن هذه العين لا تدخل ضمن حصة المطعون ضدها الثانية في الطعنين منذ تاريخ إجراء تلك القسمة في 15/8/1977. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى تمكين المطعون ضده الأول في الطعنين من عين النزاع اعتدادا بعقد الإيجار المؤرخ 25/12/1993 المحرر فيما بينه وبين المطعون ضدها الثانية في الطعنين کمؤجرة له لتلك العين استنادا إلي ثبوت تاريخه بالشهر العقاري في 14/4/1994 برقم 887/أ لسنة 1994 واستيفائه لشروط صحته وصدوره ممن تملك حق التأجير واعتبره نافذاً في حق الطاعنين عن ذات العين دون أن يفطن لدلالة المستندات المقدمة منهما آنفاً ولم يعن ببحث دفاعهما الجوهري سالف البيان الذي من شأنه - إن صح - تغير وجه الرأي في الدعوي. فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق مما جره إلي الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وأحالت القضية إلى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" وألزمت المطعون ضدهما الأول والثانية في الطعنين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة في كليهما.

الطعن 104 لسنة 38 ق جلسة 6 /11/ 1974 مكتب فني 25 ج 1 ق 201 ص 1195

جلسة 6 من نوفمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار حسن أبو الفتوح الشربيني وعضوية السادة المستشارين: محمد أسعد محمود، وجلال عبد الرحيم عثمان، وسعد الشاذلي، وعبد السلام الجندي.

------------------

(201)
الطعن رقم 104 لسنة 38 القضائية

ضرائب "الضريبة الإضافية". حكم "قصور". دعوى "وقف الدعوى".
الضريبة الإضافية. وعاؤها. إغفال المحكمة الإشارة إلى طلب وقف الدعوى بشأن الضريبة الإضافية لحين الفصل فيها نهائياً في المنازعة بخصوص تحديد وعاء الضريبة على القيم المنقولة. قصور.

----------------
النص في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1958 بفرض ضريبة إضافية على مجموع ما يتقاضاه أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة يدل على أنه يشترط في تحديد وعاء الضريبة الإضافية أن يكون المستولى على الإيراد عضواً بمجلس الإدارة لشركة مساهمة وأن تكون المكافآت والأجور والأتعاب ثمار هذه العضوية، إما توزيعات تخضع للضريبة على إيراد رؤوس الأموال المنقولة وفقاً لحكم البند الرابع من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939، وإما إيرادات مستمدة من كسب العمل وتخضع للضريبة على المرتبات والأجور وما في حكمها طبقاً لحكم المادة 61 من القانون المذكور وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون. ولا ينفي ذلك أن الضريبة الإضافية من ناحية فرضها هي ضريبة مضافة للضرائب النوعية المحددة. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة مستندات الطاعن أنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن إخضاع قيمة مصاريف إقامته بالخارج للضريبة على القيم المنقولة محل طعن من الشركة التي يعمل عضواً بمجلس إدارتها في الدعوى رقم... وأنه طلب وقف السير في دعواه الماثلة حتى يفصل نهائياً في تلك الدعوى وإذ جاء الحكم المطعون فيه خلواً من الإشارة إلى هذا الطلب أو الرد عليه رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب علاوة على خطئه في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مأمورية ضرائب الشركات المساهمة بالإسكندرية حددت إيرادات الطاعن الخاضعة للضريبة الإضافية والتي حصل عليها بوصفه عضواً منتدباً بمجلس إدارة شركة سيارات فورد "مصر" خلال سنة 1957 بمبلغ 4307 جنيهات و92 مليماً، من ذلك مبلغ 1639 جنيهاً و175 مليماً جملة صافي مرتبه حتى تقديمه استقالته في 15 من إبريل 1957 ومبلغ 2667 جنيهاً، 917 مليماً يمثل نفقات إقامته بالخارج أثر الاستقالة. وإذ اعترض وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها في 31 ديسمبر 1964 بتأييد تقديرات المأمورية، فقد أقام الدعوى رقم 751 لسنة 1965 تجاري أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية طعناً على هذا القرار بطلب إلغائه فيما قضى به من إخضاع مصاريف الإقامة بالخارج للضريبة الإضافية والحكم باستبعادها من وعاء الضريبة، وبتاريخ 8 من مارس 1966 حكمت المحكمة بتأييد قرار اللجنة استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 386 لسنة 22 ق إسكندرية ومحكمة الاستئناف حكمت في 27 من ديسمبر 1967 بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة المشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك لدى محكمة الاستئناف بأن الضريبة الإضافية تفرض على ما يتقاضاه عضو مجلس الإدارة من مبالغ تخضع أصلاً للضريبة على القيم المنقولة وفق حكم البند رابعاً من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939، وأن تحديد طبيعة المبلغ الذي يمثل نفقات إقامة الطاعن بالخارج وهل يدخل في وعاء تلك الضريبة لا يزال محل نزاع في طعن مردد بين شركة سيارات فورد وبين مصلحة الضرائب، الأمر الذي يتعين معه إرجاء الفصل في إدراجه ضمن إيرادات الطاعن الخاضعة للضريبة الإضافية لحين تبين ماهيته، غير أن الحكم المطعون فيه أغفل الإشارة إلى ذلك وقضى بإدخال هذا المبلغ في وعاء الضريبة الإضافية وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة 1958 بفرض ضريبة إضافية على مجموع ما يتقاضاه أعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة على أنه "علاوة على الضرائب المقررة قانوناً تفرض ضريبة إضافية سنوية على جميع ما يتقاضاه عضو مجلس الإدارة في الشركات المساهمة من مرتبات أو مكافآت أو بدل حضور أو غير ذلك من المبالغ المشار إليها في المادة الأولى (البند رابعاً) والمادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 المشار إليه"، يدل على أنه يشترط في تحديد وعاء الضريبة الإضافية أن يكون المستولي على الإيراد عضواً بمجلس الإدارة لشركة مساهمة وأن تكون المكافآت والأجور والأتعاب ثمار هذه العضوية إما توزيعات تخضع للضريبة على إيراد رؤوس الأموال المنقولة وفقاً لحكم البند الرابع من المادة الأولى من القانون رقم 14 لسنة 1939 وإما إيرادات مستمدة من كسب العمل وتخضع للضريبة على المرتبات والأجور وما في حكمها طبقاً لحكم المادة 61 من القانون المذكور، وهو ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون من أنه "قد بينت الفقرة الأولى من المادة الأولى الإيرادات التي تتناولها هذه الضريبة فأخضعت لها جميع ما يتقاضاه عضو مجلس الإدارة من شركة أو أكثر من مرتبات أو مكافآت أو بدل حضور وأحالت في بيان هذه الإيرادات إلى البند الرابع من المادة الأولى والمادة 61 من القانون رقم 14 لسنة 1939 حتى يمكن الاهتداء بآراء الفقهاء ومبادئ القضاء التي استقرت حول هذه النصوص الأمر الذي يساعد على سهولة التطبيق...." وكان ذلك لا ينفي كون الضريبة الإضافية من ناحية فرضها هي ضريبة مضافة للضرائب النوعية المحددة. لما كان ذلك, وكان البين من مطالعة مذكرة الطاعن لدى محكمة الاستئناف أنه تمسك بأن إخضاع مبلغ 2667 جنيهاً و917 مليماً قيمة مصاريف إقامته بالخارج للضريبة على القيم المنقولة محل طعن من شركة سيارات فورد "مصر" في الدعوى رقم 10 لسنة 1963 تجاري كلي الإسكندرية، وأنه طلب وقف السير في دعواه الماثلة حتى يفصل نهائياً في تلك الدعوى، وإذ جاء الحكم المطعون فيه خلواً من الإشارة إلى هذا الطلب أو الرد عليه رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب علاوة على خطئه في تطبيق القانون، مما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

الطعن 191 لسنة 38 ق جلسة 17 / 11 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 209 ص 1232

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1974

برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة أمين فتح الله وعضوية السادة المستشارين: علي عبد الرحمن، ومحمد السيد الرفاعي، وصلاح الدين حبيب، ومحمود المصري.

-----------------

(209)
الطعن رقم 191 لسنة 38 القضائية

(1) ضرائب "ضريبة الأرباح غير التجارية". جمعيات.
الجماعات التي لا ترمي إلى الكسب. إعفاؤها من ضريبة الأرباح غير التجارية في حدود نشاطها الاجتماعي أو العلمي أو الرياضي. انتفاء هذا الإعفاء بالنسبة لنشاط آخر يخضع بطبيعته لتلك الضريبة.
 (2)جمعيات. محكمة الموضوع. نقض.
قيام الجمعيات التعاونية بجانب نشاطها الاجتماعي بنشاط آخر ترمي به إلى الكسب المادي. استقلال محكمة الموضوع بتقديره بلا رقابة من محكمة النقض.
  (3ضرائب "ضريبة الأرباح غير التجارية".
ضريبة الأرباح غير التجارية. وعاؤها. صافي الأرباح بعد خصم التكاليف التي تصرف بمسوغ وتكون لازمة لمباشرة النشاط.

------------------
1 - إذ نصت المادة 72/ 2 معدلة من القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن ضريبة المهن غير التجارية على أنه "تسري هذه الضريبة على كل مهنة أو نشاط لا يخضع لضريبة أخرى، ومع ذلك يعفى من أدائها (1) الجماعات التي لا ترمي إلى الكسب وذلك في حدود نشاطها الاجتماعي أو العلمي أو الرياضي...." فإن مفاد ذلك أن المشرع أخضع النشاط الذي تمارسه الجماعات ويكون مؤدياً إلى الربح للضريبة على الأرباح غير التجارية ولم يستثن من ذلك إلا الجماعات التي ترمي إلى نشاط اجتماعي أو علمي أو رياضي في حدود ذلك النشاط، فإذا تعدى نشاطها هذه الحدود إلى نشاط آخر يخضع بطبيعته لضريبة المهن غير التجارية انتفى عنها هذا الإعفاء بالنسبة لهذا النشاط.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استخلص من واقع الأوراق المقدمة قيام الطاعنة - جمعية تعاونية - بجانب نشاطها الاجتماعي بنشاط آخر ترمي به إلى الكسب المادي وهو القيام بعمليات القبانة لحسابها وباسمها، وكان ما انتهى إليه الحكم في ذلك سائغاً، فإن مجادلة الطاعنة القائمة على أنها لا ترمي إلى الكسب المادي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا رقابة لمحكمة النقض عليها.
3 - إذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضريبة ربطت على أرباح القبانة وهو نشاط خرجت به الجمعية الطاعنة من نطاق أغراضها الاجتماعية، وكانت المادة 73 معدلة من القانون رقم 14 لسنة 1939 تنص على: "تحدد الضريبة سنوياً على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها الممول بعد خصم جميع التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة...." فإن ما يخصم من الأرباح هو التكاليف التي تصرف بمسوغ وتكون لازمة لمباشرة النشاط الذي أدى إلى الربح الخاضع للضريبة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ولم يستقطع من الأرباح والتكاليف المتعلقة بالنشاط الاجتماعي للجمعية، فإنه لا يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مأمورية الضرائب المختصة قدرت صافي إيراد الطاعنة (الجمعية التعاونية لقباني مينا البصل) في الفترة من 10/ 7/ 1958 حتى 31/ 12/ 1958 بمبلغ 85 جنيهاً و839 مليماً وفي سنة 1959 بمبلغ 975 جنيهاً و651 مليماً وربطت عليها ضريبة أرباح المهن غير التجارية وإذ اعترضت وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت قرارها بتأييد تقديرات المأمورية لصافي الإيرادات وخضوعها للضريبة سالفة الذكر فقد طعنت الطاعنة على هذا القرار بالدعوى رقم 1051 سنة 1965 تجاري الإسكندرية الابتدائية. وبتاريخ 25/ 5/ 1966 حكمت المحكمة برفض الطعن استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 408 سنة 22 ق الإسكندرية وبتاريخ 14/ 2/ 1968 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وبالجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أخضع الطاعنة لضريبة المهن غير التجارية في حين أن هذه الضريبة قوامها عنصر العمل وحده فلا تفرض إلا على الشخص الطبيعي إذ لا يتصور أن يكون الشخص الاعتباري طرفاً في عمل وأنه لما كانت الطاعنة جمعية تعاونية لها شخصيتها الاعتبارية وتكونت وفقاً لأحكام قانون الجمعيات التعاونية وسجلت سنة 1958 كما أنها بحكم تكوينها من عدة أفراد استهدفوا القيام بأغراض اجتماعية واقتصادية لخدمة أعضائها ولا تسعى إلى الربح فإنه لا يجوز إخضاع نشاطها للضريبة هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الجمعية الطاعنة أنها تباعدت عن أغراضها الاجتماعية وسعت إلى الكسب المادي في حين أن عقد تأسيس الجمعية ينص على أن رسالتها اجتماعية بحتة فإذا حققت ربحاً من نشاطها هذا فإنه ينفق على تحسين حال أعضائها مادياً واجتماعياً ورعايتهم صحياً وإذ كانت الإيرادات على تلك الصورة لا تعتبر ربحاً يخضع للضريبة فإن الحكم المطعون فيه إذ أخضع هذه الإيرادات لضريبة المهن غير التجارية يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بسببيه في غير محله ذلك أن المادة 72 معدلة من القانون رقم 14 لسنة 1939 في شأن ضريبة المهن غير التجارية تنص في فقرتها الثانية على أنه "تسري هذه الضريبة على كل مهنة أو نشاط لا يخضع لضريبة أخرى، ومع ذلك يعفى من أدائها (1) الجماعات التي لا ترمي إلى الكسب وذلك في حدود نشاطها الاجتماعي أو العلمي أو الرياضي....." فإن مفاد ذلك أن المشرع أخضع النشاط الذي تمارسه الجماعات ويكون مؤدياً إلى الربح للضريبة على الأرباح غير التجارية ولم يستثن من ذلك إلا الجماعات التي ترمي إلى نشاط اجتماعي أو علمي أو رياضي في حدود ذلك النشاط فإذا تعدى نشاطها هذه الحدود إلى نشاط آخر يخضع بطبيعته لضريبة المهن غير التجارية انتفى عنها هذا الإعفاء بالنسبة لهذا النشاط. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص من واقع الأوراق المقدمة قيام الطاعنة بجانب نشاطها الاجتماعي بنشاط آخر ترمي به إلى الكسب المادي وهو القيام بعمليات القبانة لحسابها وباسمها، وكان ما انتهى إليه الحكم في ذلك سائغاً فإن مجادلة الطاعنة القائمة على أنها لا ترمي إلى الكسب المادي لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية مما تستقل محكمة الموضوع بتقديره ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ويكون النعي بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يستنزل من وعاء الضريبة التكاليف المنوه عنها في عقد تأسيس الجمعية الطاعنة الذي يوجب خصم نسبة معينة من الربح لتكوين احتياطي للجمعية ومواجهة أغراضها الاجتماعية وقد أوجب المشرع في المادة 73 معدلة من القانون رقم 14 لسنة 1939 قصر فرض الضريبة على صافي الأرباح وحدها أي بعد استبعاد جميع التكاليف التي تستلزمها مباشرة المهنة أو النشاط وإذ لم يستنزل الحكم المطعون فيه قيمة التكاليف اللازمة لمواجهة أغراض الجمعية ونشاطها الاجتماعي من وعاء الضريبة فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الضريبة ربطت على أرباح القبانة وهو نشاط خرجت به الجمعية الطاعنة عن نطاق أغراضها الاجتماعية وكانت المادة 73 معدلة من القانون 14 لسنة 1939 تنص على أن "تحدد الضريبة سنوياً على أساس مقدار الأرباح الصافية في بحر السنة السابقة ويكون تحديد صافي الأرباح على أساس نتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرها الممول بعد خصم جميع التكاليف اللازمة لمباشرة المهنة...." فإن ما يخصم من الأرباح هو التكاليف التي تصرف بمسوغ وتكون لازمة لمباشرة النشاط الذي أدى إلى الربح الخاضع للضريبة. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أخذ بهذا النظر ولم يستقطع من الأرباح والتكاليف المتعلقة بالنشاط الاجتماعي للجمعية، فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 466 لسنة 38 ق جلسة 16 / 11 / 1974 مكتب فني 25 ج 2 ق 208 ص 1228

جلسة 16 من نوفمبر سنة 1974

برياسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة محمد صادق الرشيدي، وعضوية السادة المستشارين: أديب قصبجي، ومحمد فاضل المرجوشي، وحافظ الوكيل، وممدوح عطيه.

--------------

(208)
الطعن رقم 466 لسنة 38 القضائية

إثبات. "طرق الإثبات". عمل.
جواز إثبات العامل وحده لحقوقه العمالية بكافة طرق الإثبات. شرطه. عدم وجود عقد عمل مكتوب. م 43 ق 91 لسنة 1959.

--------------
لما كانت المادة 43 من القانون رقم 91 لسنة 1959 قد نصت على وجوب إثبات عقد العمل بالكتابة وعلى أنه إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات وكان الطاعن قد أقام دعواه بالمطالبة بحقوقه العمالية دون أن يكون في حوزته عقد بعمله لدى مورث المطعون ضدهم مما مقتضاه أنه يجوز له وفقاً للمادة المشار إليها إثبات تلك الحقوق بطرق الإثبات كافة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن استناداً إلى أنه لا يحق له أن يركن في الإثبات إلى البينة ليفي ما جاء بمستندات المطعون ضدهم من أنه كان يعمل مقاولاً رغم عدم وجود عقد عمل مكتوب واحتجب بما وقع فيه من خطأ عن تقدير مدى صحة الدلالة المستمدة من أقوال من سمع من شهود أمام محكمة أول درجة في إثبات أو نفي قيام علاقة العمل فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1889 لسنة 1963 عمال كلي القاهرة وطلب الحكم بإلزام مورث المطعون ضدهم..... بأن يدفع له مبلغ 334 جنيهاً، وقال شرحاً لها أنه في أول يناير سنة 1951 عمل براداً بمصنع مورث المطعون ضدهم، ووصل أجره إلى أربعين قرشا يومياً، غير أنه فصل بلا مبرر في 3 فبراير سنة 1963، فاستحق له المبلغ المطالب به مقابل مهلة الإنذار ومقابل الإجازة عن سنة عمله الأخيرة والتعويض عن فصله تعسفياً. دفع المورث الدعوى بانتهاء علاقة العمل فيما بين الطرفين اعتباراً من 12 يونيه سنة 1961 إذا امتهن الطاعن أعمال المقاولة فلا محل بالتالي لتطبيق أحكام قانون عقد العمل الفردي، كما دفع بسقوط الحق في رفع الدعوى لإقامتها بعد أكثر من سنة من تاريخ انتهاء عقد العمل في 12 يونيه سنة 1961. قضت محكمة أول درجة بتاريخ 12/ 4/ 1964 برفض هذين الدفعين وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن عمله لدى المورث وتاريخ فصله منه وسببه وما أصابه من ضرر نتيجة فصله ومداه ومبلغ ما كان يتقاضاه من أجر خلال مدة عمله وليثبت المورث حصول الطاعن على إجازته الأخيرة أو ما يقابلها ولينفي كل من الطرفين ما يثبته الطرف الآخر. وبتاريخ 7 يونيه سنة 1964 قضت بانقطاع سير الخصومة في الدعوى بوفاة المورث فقام الطاعن بتجديدها مختصماً ورثة المطعون ضدهم، وبتاريخ 28 فبراير سنة 1965 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق واستمعت إلى أقوال شاهدي الطاعن إلا أنه تقرر بجلسة 6 يونيه سنة 1965 شطب الدعوى لتخلف الطاعن عن الحضور فجدد السير فيها، وقضى بتاريخ 22 مارس سنة 1966 بإحالة الدعوى إلى التحقيق مرة أخرى لسماع شهود المطعون ضدهم وإذ تم ذلك بجلسة 22 نوفمبر سنة 1966 حكمت المحكمة في 30 يناير سنة 1968 بإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا إلى الطاعن مبلغ 114.400 جنيهاً. استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة تقيد الاستئناف برقم 307 لسنة 85 ق. وبتاريخ 26/ 6/ 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها نقض الحكم، ويعرض الطعن على غرفة المشورة حددت لنظر جلسة 5 أكتوبر سنة 1974 وفي هذه الجلسة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في السبب الأول من الطعن الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أسس قضاءه على أنه قد ثبت له من المستندات المقدمة من مورث المطعون ضدهم أن الطاعن كان يعمل مقاولاً اعتباراً من تاريخ 12 يونيه سنة 1961، وأنه ما كان يصح لمحكمة أول درجة إحالة الدعوى إلى التحقيق وتجيز نفي هذا الذي ثبت كتابة بغير الكتابة، هذا في حين أن نص المادة 43 من قانون العمل رقم 91 لسنة 1959 تجيز للعامل - في حالة عدم وجود عقد مكتوب - أن يثبت حقوقه العمالية بكافة طرق الإثبات مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كانت المادة 43 من القانون رقم 91 لسنة 1959 قد نصت على وجوب إثبات عقد العمل بالكتابة وعلى أنه إذا لم يوجد عقد مكتوب جاز للعامل وحده إثبات حقوقه بجميع طرق الإثبات، وكان الطاعن قد أقام دعواه بالمطالبة بحقوقه العمالية دون أن يكون في حوزته عقد بعمله لدى مورث المطعون ضدهم مما مقتضاه أنه يجوز له وفقاً للمادة المشار إليها إثبات تلك الحقوق بطرق الإثبات كافة، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن استناداً إلى أنه لا يحق له أن يركن في الإثبات إلى البينة ليفي ما جاء بمستندات المطعون ضدهم رغم عدم وجود عقد عمل مكتوب واحتجب بما وقع فيه من خطأ عن تقدير مدى صحة الدلالة المستمدة من أقوال من سمع من شهود أمام محكمة أول درجة في إثبات أو نفي قيام علاقة العمل فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.