الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 سبتمبر 2014

الطعن 13270 لسنة 66 ق جلسة 11 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 114 ص 881

جلسة 11 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة. ود. صلاح البرعي وحمد عبد اللطيف.

--------------

(114)
الطعن رقم 13270 لسنة 66 القضائية

 (1)نقض "أسباب الطعن. تقديمها".
عدم تقديم الطاعنتين أسباباً لطعنهما. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
 (2)قتل عمد. جريمة "أركانها". قصد جنائي. فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية.
الفاعل الأصلي في مفهوم المادة 39 عقوبات؟
الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة وإلا فلا يسأل إلا عن فعله.
تحقق قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق ولو نشأ لحظة تنفيذها.
 (3)فاعل أصلي. اشتراك. مسئولية جنائية.
الاتفاق. تطلبه تقابل إرادات الجناة على ارتكاب الجريمة. اختلافه عن التوافق الذي يتحقق بتوارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل منهم في نفسه دون اتفاق سابق ولا يرتب تضامناً في المسئولية إلا في الأحوال التي حددها القانون كالشأن في جريمة المادة 234 عقوبات.
 (4)ضرب أفضى إلى موت. فاعل أصلي. مسئولية جنائية.
مساءلة الجاني بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت. شرطه: أن يكون هو محدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك أو أن يكون قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاًَ للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي أحدثت الوفاة.
 (5)ضرب أفضى إلى موت. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سبق اشتراك الطاعن مع المتهمين في ضرب المجني عليها. لا يكفي لاعتباره مساهماً معهم في موتها حال اعتدائهم عليها في غيبته. ولو اعتنق فكرهم. حد ذلك؟
عدم بيان الحكم دليل ارتباط فعل ضرب الطاعن للمجني عليها في يوم سابق بأفعال باقي المتهمين يوم وفاتها رغم اختلاف زمان ومكان وظروف الأفعال وأشخاص مرتكبيها. قصور.
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يوجبان امتداد أثر نقض الحكم للمحكوم عليه الذي لم يطعن في الحكم والطاعنتين اللتين لم يقبل طعنهما شكلاً.

---------------
1 - لما كانت الطاعنتان.... الثانية) و.... (الثالثة) وإن قررتا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم تقدما أسباباً لطعنهما، فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإن الطعن المقدم من الطاعنتين المذكورتين يكون غير مقبول شكلاً.
2 - إن البين من نص المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لحظة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدى الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع.
3 - من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على أركان الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له، وهو غير التوافق الذي هو توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه، وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر - كالشأن فيما نصت عليه المادة 243 من قانون العقوبات. أما في غير تلك الحالات فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون.
4 - من المقرر أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها.
5 - لما كان البين مما حصله الحكم أن الطاعن لم يكن يوم 29/ 6/ 1995 موجوداً بمكان الحادث، ولم يساهم في الاعتداء الواقع على المجني عليها في هذا اليوم الذي أورد الحكم أحداثه في أن المتهمين الثالثة والرابعة (الطاعنتين الثانية والثالثة) - تنفيذاً لأمر المتهم الأول - لم يطعن - قامتا بضرب المجني عليها لتتخلص من أثر الشيطان الذي ظهر عليها في هذا اليوم، كوسيلة لعلاج هذه الحالة، وأنه لما علا صوتها، ضغطتا على فمها لمنعها من ذلك، فسدا مسالك الهواء إلى صدرها وهو الأمر الذي أدى إلى وفاتها دون سواه من إصابات لوحظت بها، وبعضها معاصر وبعضها الآخر سابق على ذلك اليوم، وما أورده الحكم من أن الطاعن الأول سبق وأن شارك باقي المتهمين في ضرب المجني عليها، في مرات سابقة على يوم 29/ 6/ 1995 - تنفيذاًَ لفكرهم ذاته، لا يكفي لاعتبار الطاعن مساهماً مع باقي المتهمين في الجريمة التي وقعت منهم في ذلك اليوم، وأسفرت عن موت المجني عليها، ودانه عنها الحكم. إذ لم يبين الحكم دليل ارتباط فعل ضرب الطاعن الأول لابنته المجني عليها في يوم سابق، بأفعال باقي المتهمين في يوم 29/ 6/ 1995 رغم اختلاف زمان ومكان وظروف هذه الأفعال - وأشخاص مرتكبيها، إذ غاب عنها الطاعن، بما لا يكفي بياناً له مجرد اعتناق الطاعن فكراً معيناً، هو فكر باقي المتهمين في كيفية مواجهة الحالة التي تعترى المجني عليها من وقت لآخر، بالضرب أو بغيره ما دام أن هذا لم يصحبه تنفيذ فعل مجرم بالانفراد أو بالمساهمة مع آخرين أو بطريق الاشتراك حسبما مر البيان، مما يصم الحكم بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة إلى الطاعن الأول والطاعنتين الثانية والثالثة اللتين لم تقدما أسباباً لطعنهما والمحكوم عليه الآخر..... - الذي لم يطعن - لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - .... 2 - .... (طاعن) 3 - .... (طاعنة) 4 - .... (طاعنة) بأنهم: ضربوا.... وكان ذلك باستخدام أداة "خرطوم" فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية مما أدى إلى إصابتها بحالة تشنج قامت على أثرها المتهمة الثالثة (.....) بوضع قطعة من القماش بفمها مما أدى إلى كتم أنفاسها ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الأفعال سالفة الذكر أدت إلى موتها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 39، 236 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من....،....،....،.... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات.
فطعن المحكوم عليهم الثاني والثالثة والرابعة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنتين.... و.... وإن قررتا بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنهما لم تقدما أسباباً لطعنهما، فيكون الطعن المقدم منهما غير مقبول شكلاً. لما هو مقرر من التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه، فإن الطعن المقدم من الطاعنتين المذكورتين يكون غير مقبول شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من الطاعن الأول...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الضرب المفضي إلى الموت المسبوق بإصرار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه دانه رغم عدم وجوده بمكان الحادث أو مشاركته في أفعال الضرب الذي انتهى بموت المجني عليها يوم وقوعه وأطرح دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد الطاعن وآخرين بوصف أنهم في يوم 29/ 6/ 1995 ضربوا.... وكان ذلك باستخدام أداة "خرطوم" فأحدثوا بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية مما أدى إلى إصابتها بحالة تشنج قامت على أثرها المتهمة الثالثة بوضع قطعة من القماش بفمها مما أدى إلى كتم أنفاسها ولم يقصدوا من ذلك قتلاً ولكن الأفعال سالفة الذكر أدت إلى موتها. والمحكمة أضافت وصفاً جديداً هو ظرف سبق الإصرار، ثم قضت بحكمها المطعون فيه بمعاقبة كل من....، ..... (الطاعن).....، .... بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات، وقد حصل الحكم واقعة الدعوى بما مؤداه أن المتهم الأول.... - لم يطعن - يعتنق فكراً متطرفاً من بين ركائزه تكفير الحاكم لعدم تطبيقه أحكام الشريعة الإسلامية والنهي عن المنكر ويتولى هو وزوجته المتهمة الثالثة تعليم أبناء المجموعة المرتبطة بهما فكرياً وذلك بطريق النصح ثم بالتعذيب والضرب، ولما انضم كل من المتهم الثاني - طاعن - وزوجته المتهمة الرابعة إلى تلك المجموعة وأصبحوا يأتمرون بأمر المتهم الأول وعندما تولى الأخير أمر تربية المجني عليها... أصدر أوامره بضربها حتى يتوقف تعاملها مع الشيطان ولاعتقاده الذي رسخ في ذهنه من أنه لا يمكن وقف تعاملها مع الشيطان وطرده من جسدها إلا بالضرب فتناوب المتهمون جميعاً ضربها في فترات متفرقة وسابقة لمدة حوالي ستة أشهر سابقة على يوم 29/ 6/ 1995. وفي ذلك اليوم وبأمر من المتهم الأول ضربت المتهمتان الثالثة والرابعة المجني عليها وذلك لإصرارهم جميعاً على ضربها حتى تتخلص من الشيطان نهائياً وكان ذلك منهم جميعاً بعد تفكير وروية وهدوء...... وقد شاركهم في ذلك والد المجني عليها - الطاعن - في أيام سابقة على يوم الواقعة وأدى الضرب في ذلك اليوم الأخير إلى تشنجها وارتفاع صوتها فقاموا بالضغط على أنفها وفمها فأدى ذلك إلى سد مسالك الهواء إلى صدرها فماتت ولم يكونوا يقصدون من ذلك قتلاً ولكن أفضى إلى موتها على النحو الوارد بتقرير الصفة التشريحية، وقد عرض الحكم لاعتراف المتهمين مقرراً أنهم اعترفوا جميعاً بضربهم للجني عليها لفترة تتراوح لمدة ستة أشهر سابقة على تاريخ الواقعة الأخيرة في أيام متفرقة وأنه في اليوم الأخير 29/ 6/ 1995 تم ضربها من المتهمتين الثالثة والرابعة فتشنجت فتم وضع فوطة في فمها لمدة حوالي ست ساعات فأخرجت من فمها زبد رغوي وتوفيت، ثم ذكر في موضع آخر أنه في اليوم الأخير في حياتها أخذت الجرعة المعتادة من الضرب لأنها تتلقى تعليمات من الشيطان فأصابها هياج وتشنج أقدمت فيه المتهمتان خلال زمن قدره ست ساعات أو أكثر في الضغط عليها حتى تسكن أو منعها من ارتفاع صوتها أو استغاثتها سواء كان ذلك بوضع فوطة في فمها والضغط على أنفها أو كان ذلك بالضغط على أنفها وفمها فسدت مسالك التنفس فأدى إلى اختناقها وكان ملازماً لها وقت ذلك طبقاً للثابت من الأوراق المتهم الأول والمتهمتان.....، ..... وفي تقرير الصفة التشريحية الذي أثبت وجود خدوش ظفرية حيوية حديثة على جانبي فتحة الفم والأنف وما اقترن بها من انسكابات دموية واضحة..... هذا بالإضافة إلى وجود علامات تشريحية بعموم الجثة على هيئة دكانة بالرسوب الدموي الرمي ... فضلاً عن أن دماء الجثة تبدو داكنة اللون وأن كل هذا يشير في مجموعة إلى حدوث اسفكيا عنقية بكتم النفس بقفل فتحتي الأنف والفم يدوياً إضافة إلى وجود العديد من الكدمات الرضية بالأطراف معظمها حديث معاصر لتوقيت الوفاة وبعضها سابق على توقيت الوفاة بفترات زمنية تتراوح من ثلاثة إلى عشرة أيام..... ووفاة المذكرة إصابية جنائية وتعزى إلى اسفكيا كتم النفس بقفل فتحتي الأنف والفم يدوياً. وقد عرض لدفاع الطاعن فيما أثاره من أنه لم يكن موجوداً على مسرح الواقعة ورد عليه في قوله "وبالنسبة لما أثاره الدفاع الحاضر عن المتهم الثاني والد المجني عليها من أنه لم يكن متواجداً على مسرح الواقعة فالثابت من اعترافه بالأوراق والتحقيقات أنه مارس الاعتداء بالضرب على نجلته المجني عليها بحجة تعاملها مع الشيطان وعلى قناعة تامة بتنفيذ التعليمات في وجوب ضربها لذات السبب كما أرشد على ذلك المتهم الأول". لما كان ذلك، وكان البين من نص المادة 39 من قانون العقوبات أن الفاعل إما أن ينفرد بجريمته أو يسهم معه غيره في ارتكابها فإذا أسهم فإما أن يصدق على فعله وحده وصف الجريمة التامة وإما أن يأتي عمداً تنفيذياً فيها إذا كانت تتركب من جملة أفعال سواء بحسب طبيعتها أو طبقاً لحظة تنفيذها، وحينئذ يكون فاعلاً مع غيره إذا صحت لديه نية التدخل في ارتكابها ولو أن الجريمة لم تتم بفعله وحده بل تمت بفعل واحد أو أكثر ممن تدخلوا معه فيها عرف أو لم يعرف اعتباراً بأن الفاعل مع غيره هو بالضرورة شريك يجب أن يتوافر لديه على الأقل ما يتوافر لدي الشريك من قصد المساهمة في الجريمة أو نية التدخل فيها إذا وقعت نتيجة اتفاق بين المساهمين ولو لم ينشأ إلا لحظة تنفيذ الجريمة تحقيقاً لقصد مشترك هو الغاية النهائية من الجريمة، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة المعينة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وإن لم يبلغ دوره على مسرحها حد الشروع. هذا فضلا عن أنه من المقرر أن الاتفاق يتطلب تقابل الإرادات تقابلاً صريحاً على أركان الواقعة الجنائية التي تكون محلاً له، وهو غير التوافق الذي هو توارد خواطر الجناة على ارتكاب فعل معين ينتويه كل واحد منهم في نفسه مستقلاً عن الآخرين دون أن يكون بينهم اتفاق سابق ولو كان كل منهم على حدة قد أصر على ما تواردت الخواطر عليه، وهو ما لا يستوجب مساءلة سائر من توافقوا على فعل ارتكبه بعضهم إلا في الأحوال المبينة في القانون على سبيل الحصر - كالشأن فيما نصت عليه المادة 243 من قانون العقوبات. أما في غير تلك الحالات فإنه يجب لمعاقبة المتهم عن فعل ارتكبه غيره أن يكون فاعلاً فيه أو شريكاً بالمعنى المحدد في القانون. كما أنه من المقرر أيضاً أن الجاني لا يسأل بصفته فاعلاً في جريمة الضرب المفضي إلى الموت إلا إذا كان هو الذي أحدث الضربة أو الضربات التي أفضت إلى الوفاة أو ساهمت في ذلك، أو أن يكون هو قد اتفق مع غيره على ضرب المجني عليه ثم باشر معه الضرب تنفيذاً للغرض الإجرامي الذي اتفق معه عليه ولو لم يكن هو محدث الضربة أو الضربات التي سببت الوفاة بل كان غيره ممن اتفق معهم هو الذي أحدثها. لما كان ذلك، وكان البين مما حصله الحكم أن الطاعن لم يكن يوم 29/ 6/ 1995 موجوداً بمكان الحادث، ولم يساهم في الاعتداء الواقع على المجني عليها في هذا اليوم الذي أورد الحكم أحداثه في أن المتهمين الثالثة والرابعة - تنفيذاً لأمر المتهم الأول - لم يطعن - قامتا بضرب المجني عليها لتتخلص من أثر الشيطان الذي ظهر عليها في هذا اليوم، كوسيلة لعلاج هذه الحالة، وأنه لما علا صوتها، ضغطتا على فمها لمنعها من ذلك، فسدا مسالك الهواء إلى صدرها وهو الأمر الذي أدى إلى وفاتها دون سواه من إصابات لوحظت بها، وبعضها معاصر وبعضها الآخر سابق على ذلك اليوم، وما أورده الحكم من أن الطاعن سبق وأن شارك باقي المتهمين في ضرب المجني عليها، في مرات سابقة على يوم 29/ 6/ 1995 - تنفيذاًَ لفكرهم ذاته، لا يكفي لاعتبار الطاعن مساهماً مع باقي المتهمين في الجريمة التي وقعت منهم في ذلك اليوم، وأسفرت عن موت المجني عليها، ودانه عنها الحكم. إذ لم يبين الحكم دليل ارتباط فعل ضرب الطاعن لاينته المجني عليها في يوم سابق، بأفعال باقي المتهمين في يوم 29/ 6/ 1995 رغم اختلاف زمان ومكان وظروف هذه الأفعال - وأشخاص مرتكبيها، إذ غاب عنها الطاعن، بما لا يكفي بياناً له مجرد اعتناق الطاعن فكراً معيناً، هو فكر باقي المتهمين في كيفية مواجهة الحالة التي تعترى المجني عليها من وقت لآخر، بالضرب أو بغيره ما دام أن هذا لم يصحبه تنفيذ فعل مجرم بالانفراد أو بالمساهمة مع آخرين أو بطريق الاشتراك حسبما مر البيان، مما يصم الحكم بالقصور في البيان والفساد في الاستدلال بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن وذلك بالنسبة إلى الطاعن والطاعنتين اللتين لم تقدما أسباباً لطعنهما والمحكوم عليه الآخر...... - لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

الطعن 13262 لسنة 66 ق جلسة 11 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 113 ص 875

جلسة 11 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى نائبي رئيس المحكمة. ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي.

----------------

(113)
الطعن رقم 13262 لسنة 66 القضائية

(1) تفتيش "إذن التفتيش". "إصداره". بياناته". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. عدم جواز المجادلة فيه أمام النقض.
مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو محل إقامته في محضر الاستدلالات. غير قادح في جدية ما تضمنه من تحريات.
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تزيد الحكم فيما لا يؤثر في عقيدته. لا ينال من سلامته. ما دامت المحكمة اطمأنت إلى أن الإذن صدر بناء على تحريات جدية سبقت صدروه.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
انتهاء الحكم إلى أن إحراز المخدر كان مجرداً عن قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي. كفايته للرد على الدفاع بأن الإحراز كان بقصد التعاطي.
(4) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
الاعتراف في المسائل الجنائية. تقدير حجيته وقيمته في الإثبات. موضوعي. لمحكمة الموضوع أن تجزئ الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما سواه دون بيان العلة.
ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها غير لازم كفاية أن تستنتجه المحكمة من الواقعة وعناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية.
النعي على الحكم إغفاله ما استطرد إليه الطاعن في أقواله من أنه كان يحرز المخدر بقصد التعاطي. غير مجد.

----------------
1 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق فضلاً عن أن مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامته في محضر جمع الاستدلالات بفرض حصوله لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير أساس.
2 - لما كان ما استطرد إليه الحكم في قوله "إضافة إلى اعتراف المتهم...." في معرض رده على دفاع الطاعن فهو تزيد لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد اقتنعت بأسباب سائغة بأن الإذن صدر بناء على تحريات جدية سبقت صدوره، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفي قصد الاتجار في حقه مستظهراً أن الإحراز كان مجرداً عن قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بما يتضمن الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
4 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون أن تكون ملزمة ببيان علة ذلك كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يجدي الطاعن نعيه على الحكم بأنه أغفل مما استطرد إليه في أقواله من أنه كان يحرز المخدر بقصد التعاطي ويكون منعاه في هذا الخصوص لا محل له.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين "هيروين وأفيون" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وأحالته إلى محكمة جنايات المنصورة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 36، 38، 42/ 1 من قانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند رقم 2 من القسم الأول والبند رقم 9 من القسم الثاني من الجدل رقم 1 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهرين مخدرين "هيروين وأفيون" بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المدافع عن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة الخطأ في بيان مهنة الطاعن وعدم تحريرها لمحل إقامته وأطرح الحكم هذا الدفع بما لا يسوغ، كما أن كمية المخدر التي ضبطت مع الطاعن ترشح إلى أنه كان يحرزها بقصد التعاطي وفقاً لما ورد باعترافه بيد أن المحكمة لم تأخذ به بما يعيب الحكم ويستوجب نقصه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح في الأوراق ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها - عرض لدفع الطاعن ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية في قوله "إن المحكمة تطمئن عن عقيدة واقتناع إلى أدلة الثبوت المشار إليها آنفاً إضافة إلى اعتراف المتهم بجلسة المحاكمة بإحرازه للمخدر المضبوط بقصد التعاطي ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أطرحت الدفع والدفاع الذي أثاره الحاضر معه من بطلان الإذن لانعدام التحريات سيما وأن السلطة القضائية المختصة بإصدار الإذن اطمأنت إلى صحتها وجديتها وكذلك هذه المحكمة وإزاء ما اطمأنت إليه من أدلة الثبوت سالفة البيان والتي يرتاح إليها ضميرها ووجدانها". لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل فيها الأمر إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فإنه لا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً بالأوراق فضلاً عن أن مجرد الخطأ في بيان مهنة المتهم أو عدم ذكر بيان دقيق عن محل إقامته في محضر جمع الاستدلالات بفرض حصوله لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص على غير أساس. لما كان ذلك، وكان ما استطرد إليه الحكم في قوله "إضافة إلى اعتراف المتهم..." في معرض رده على دفاع الطاعن فهو تزيد لا يؤثر في سلامته ما دامت المحكمة قد اقتنعت بأسباب سائغة بأن الإذن صدر بناء على تحريات جدية سبقت صدوره، ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على ثبوت إحراز الطاعن للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفي قصد الاتجار في حقه مستظهراً أن الإحراز كان مجرداً عن قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي بما يتضمن الرد على دفاعه بأن إحرازه للمخدر كان بقصد التعاطي ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصراً من عناصر الدعوى التي تمتلك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به، دون تكون ملزمة ببيان علة ذلك كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفي فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجية اقتراف الجاني للجريمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فلا يجدي الطاعن نعيه على الحكم بأنه أغفل ما استطرد إليه في أقواله من أنه كان يحرز المخدر بقصد التعاطي ويكون منعاه في هذا الخصوص لا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يضحى على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 24005 لسنة 63 ق جلسة 13 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 115 ص 891

جلسة 13 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد الصيرفي نواب رئيس المحكمة. وأسامة توفيق.

----------------

(115)
الطعن رقم 24005 لسنة 63 القضائية

قبض. تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع "الدفع ببطلان القبض". إثبات "بوجه عام". دعارة. نقض "أثر الطعن".
القبض الجائز لمأمور الضبط القضائي وفقاً لنص المادة 34 إجراءات؟
التلبس. حالة تلازم الجريمة لا شخص مرتكبها.
تلقى مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير. عدم كفايته لقيام حالة التلبس. ما دام لم يشهد أثر من آثرها ينبئ عن وقوعها.
دخول الطاعنة إحدى الشقق وإخبار حائزها مأمور الضبط القضائي قدومها إليه لممارسة الدعارة. لا ينبئ عن إدراكه يقيناً بارتكاب جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة. انتهاء الحكم إلى أن ما وقع على الطاعنة يعد قبضاً صحيحاً واستناده إلى الاعتراف المتولد عن ذلك القبض. خطأ في تطبيق القانون.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة. يوجبان امتداد أثر نقض الحكم للمحكوم عليها الأخرى ولو لم تطعن بالنقض. متى كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية.

-----------------
لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وبطلان اعتراف الطاعنة بمحضر الضبط وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع الحاضر مع المتهمين لما كان الثابت من محضر الضبط أن قاطن الشقة محل الضبط قد سمح بمحض إرادته لضابط الواقعة بالدلوف إلى الشقة وضبط ما بها فإنه يعد من قبيل القبض الصحيح ولا يترتب عليه بطلان نتيجة انتهاك حرمة المسكن التي كفلها الدستور"، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها، وكان التلبس حالة تلازم جريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، ولا يكفي لقيامه تلقي مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ عن وقوعها. وكان مجرد دخول الطاعنة إحدى الشقق وإخبار حائزها مأمور الضبط أنها قدمت إليه لممارسة الدعارة لا ينبئ بذاته عن إدراك مأمور الضبط القضائي بطريقة يقينية ارتكاب جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة، فإن ما انتهى إليه الحكم من أن ما وقع على الطاعنة يعد قبضاً صحيحاً يكون غير متفق مع صحيح القانون ولا يؤدى إلى ما رتبه عليه من استناد إلى الاعتراف الذي تولد عن هذا القبض. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيباً بالفساد في الاستدلال، ولا يغنى عن ذلك ما عول عليه الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان له في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنة وإلى المحكوم عليها الأخرى التي كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية ولم تطعن في الحكم وذلك لاتصال وجه النقض بها ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 - ..... (طاعنة). 2 - ..... بأنهما اعتادتا ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر وطلبت عقابهما بالمواد 1/ أ، 7، 9/ ح، 15 من القانون رقم (10) لسنة 1961. ومحكمة جنح الآداب قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبسهما ستة أشهر لكل مع الشغل والنفاذ ووضعهما تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة. استأنفتا ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت المحكوم عليها الأولى بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة قد شابه الفساد في الاستدلال ذلك بأنه أطرح بأسباب غير سائغاً الدفع ببطلان القبض على الطاعنة وعول على اعترافها المتولد عنه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقصه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن تحريات مأمور الضبط القضائي دلت على تردد العديد من النسوة على المسكن محل الضبط لممارسة الفحشاء مع قاطنيه. وأنه أبصر الطاعنة والمحكوم عليها الأخرى تدلفان إليه. وأن قاطنه وزميله أنبأه بأنهما أتيتا لممارسة الفحشاء معهما لقاء أجر. وقد اعترفتا في محضر الضبط بالاعتياد على ممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز لقاء أجر، لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش وبطلان اعتراف الطاعنة بمحضر الضبط وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع المبدى من الدفاع الحاضر مع المتهمين لما كان الثابت من محضر الضبط أن قاطن الشقة محل الضبط قد سمح بمحض إرادته لضابط الواقعة بالدلوف إلى الشقة وضبط ما بها فإنه يعد من قبيل القبض الصحيح ولا يترتب عليه بطلان نتيجة انتهاك حرمة المسكن التي كفلها الدستور"، وكانت المادة 34 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا تجيز لمأمور الضبط القضائي القبض على المتهم إلا في أحوال التلبس بالجريمة وبالشروط المنصوص عليها فيها، وكان التلبس حالة تلازم جريمة ذاتها لا شخص مرتكبها، ولا يكفي لقيامه تلقى مأمور الضبط القضائي نبأ الجريمة عن الغير ما دام هو لم يشهد أثراً من آثارها ينبئ عن وقوعها. وكان مجرد دخول الطاعنة إحدى الشقق وإخبار حائزها مأمور الضبط أنها قدمت إليه لممارسة الدعارة لا ينبئ بذاته عن إدراك مأمور الضبط القضائي بطريقة يقينية ارتكاب جريمة الاعتياد على ممارسة الدعارة، فإن ما انتهى إليه الحكم من أن ما وقع على الطاعنة يعد قبضاً صحيحاً يكون غير متفق مع صحيح القانون ولا يؤدى إلى ما رتبه عليه من استناد إلى الاعتراف الذي تولد عن هذا القبض. لما كان ذلك، فإن الحكم يكون فوق خطئه في تطبيق القانون معيباً بالفساد في الاستدلال، ولا يغنى عن ذلك ما عول عليه الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يشد بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان له في الرأي الذي انتهت إليه المحكمة.
لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون متعيناً نقضه والإعادة بالنسبة إلى الطاعنة وإلى المحكوم عليها الأخرى التي كانت طرفاً في الخصومة الاستئنافية ولم تطعن في الحكم وذلك لاتصال وجه النقض بها ووحدة الواقعة وحسن سير العدالة، وبغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن.

الطعن 14606 لسنة 66 ق جلسة 20 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 116 ص 895

جلسة 20 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي منتصر وحسن حمزة وفتحي حجاب وشبل حسن نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(116)
الطعن رقم 14606 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
تقديم أسباب الطعن دون التقرير به. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(3) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
جريمة التزوير في محرر رسمي. تحققها بمجرد إعطاء الورقة المصطنعة شكل الورقة الرسمية ومظهرها. وإن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها مثال لتسبيب سائغ في جريمة تزوير محرر رسمي.
(4) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. إثبات "بوجه عام".
الاشتراك في التزوير. التدليل عليه بأدلة مادية محسوسة. غير لازم. كفاية استخلاصه من ظروف الدعوى وملابساتها.
(5) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". قصد جنائي.
التحدث عن كل ركن من أركان جريمة التزوير استقلالاً. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
القصد الجنائية في جريمة التزوير في أرواق رسمية. مناط تحققه؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافره غير لازم. حد ذلك؟
(6) تزوير "أوراق رسمية". قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إثبات الحكم توافر ركن العلم بتزوير المحررات لدى الطاعنين. كفايته للتدليل على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(7) تزوير "أوراق رسمية". اشتراك. نقض "المصلحة في الطعن".
عدم جدوى النعي بعدم تحرير الطاعنين لبيانات أو ختم المحررات المصطنعة. ما دام أن الحكم قد دانهم عنها بصفتهم شركاء فيها. أساس ذلك؟
(8) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بتلفيق التهمة. دفاع موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها استقلال.
(9) إثبات "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة.
(10) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع أو المستندات. مفاده. إطراحها.
(11) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشهود. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم بما لا تناقض فيه.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يقبل أمام النقض.
(12) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
(13) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وجوب أن يكون وجه الطعن واضحاً محدداً. علة ذلك؟
(14) تزوير "أوراق رسمية". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بالقصور في شأن جريمة استعمال المحرر المزور ما دام قد دانه عن جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وأوقع عليه عقوبة الجريمة الأخيرة عملاً بالمادة 32 عقوبات.
(15) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". ضرر. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تغيير الحقيقة بطريق الغش. بإحدى الوسائل المحددة قانوناً. كفايته لتحقق جريمة التزوير في الأوراق الرسمية. عدم اشتراط حدوث ضرراً لشخص معين. علة ذلك؟
التفات الحكم عن الرد على دفاع قانوني ظاهر البطلان. لا يعيبه.
مثال
(16) باعث. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". تزوير "أوراق رسمية".
الباعث على التزوير. ليس ركناً من أركان جريمة التزوير.
مثال لتسبيب سائغ في جريمة تزوير.
(17) وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". تزوير "أوراق رسمية".
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. واجبها أن تمحص الواقعة بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً. دون لفت نظر الدفاع حد ذلك؟
تقديم النيابة الطاعنين للمحاكمة بتهمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية تحديد الحكم لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم. لا يعد وصفاً جديداً. علة ذلك وأثره؟
(18) محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين في جناية واحدة. جائز. ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بقيام تعارض حقيقي بين مصالحهم.
التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع. مناطه؟
تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل متهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه. أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان بوسع كل منهم أن يبديه من أوجه الدفاع ما دام لم يبده بالفعل.
(19) عقوبة "تقديرها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير العقوبة".
تقدير العقوبة وتقدير مناسبتها بالنسبة لكل متهم. موضوعي.

-------------
1 - لما كان المحكوم عليهما الثالث والخامس ولئن قدما أسبابهما في الميعاد، إلا أنهما لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 34 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به المحكمة، ولا يغني عنه تقديم أسبابه له، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهما.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاتها في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم قد أثبت أن صور الأحكام والشهادات الصادرة في القضايا موضوع الاتهام مزورة بطريق الاصطناع، فإن هذا حسبه إثباتاً لقيام الجريمة ولو لم تكشف التحقيقات عن تحديد الشخص الذي أسبغ عليها الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير مقبول.
4 - لما كان الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير صور الأحكام الصادرة بالبراءة والشهادات بعدم الطعن عليها بقصد توصيل المرافق إلى مساكن أقيمت على أرض زراعية - وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنين، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم، ويضحى ما يثيره الطاعنون بشأن انتفاء علمهم بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض.
7 - لما كان اصطناع المحررات وتزوير بياناتها - بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعنين عن جريمة التزوير التي دانهم الحكم عنها بصفتهم شركاء فيها وليسوا فاعلين أصليين لها ومن ثم فلا يجديهم نفي تحريرهم لتلك البيانات أو ختمهم للمحررات المصطنعة.
8 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال.
9 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعنين الأولين كانا بالقوات المسلحة في الفترة التي ارتكب فيها التزوير وأن أحد المحكوم عليهم كان خارج البلاد.
10 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
11 - لما كان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
12 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها.
13 - من المقرر أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه. وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها الحكم في إدانتهم والتناقض بين هذه الأقوال وبين تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فإن منعاهم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
14 - لما كانت مصلحة الطاعنين الأول والثاني في النعي على تدليل الحكم على جريمة استعمال المحررات المزورة التي نسبها إليهما منتفية، ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية والتي لا يماري الطاعنون في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما، ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الاستعمال وهي الجريمة الأخف.
15 - من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً معيناً، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماًَ ضرر بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، ولا يغير من ذلك حصول الإدارة على مقابل لاستهلاك الكهرباء الأمر الذي يبين منه أن ما تمسك به الطاعنون من انتفاء الضرر لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لا على الحكم أن التفت عنه.
16 - من المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكابه لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ارتكاب الطاعنين لجريمة الاشتراك في التزوير وهي جريمة قائمة بذاتها أياً كان الباعث على ارتكابها ولم يصدر بشأنها ثمة قانون أصلح، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن إجازة إدخال المرافق إلى المناطق العشوائية إنما ينصب - في خصوص الدعوى المطروحة - على الباعث على جريمة التزوير وليس على الجريمة ذاتها فلا يعد القرار الإداري الصادر بهذه الإجازة قانوناً أصلح لجريمة التزوير التي دانهم بها الحكم وأوقع عليهم العقوبة المقررة لها ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إعمال هذا القرار عليهم غير سديد.
17 - من المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف المحكمة إليها شيئاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وهي ذات الواقعة التي قدمت بها من النيابة، فإن تحديده لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم لا يعتبر وصفاً جديداً - إذ لا مغايره فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة وتناولها الدفاع - ومن ثم فلا يعد ذلك حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعنين، بل هي مجرد تحديد لأفعالها مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع بالجلسة، ذلك أن المرافعة دارت على أساس ذات الوقائع التي انتهى الحكم إلى تفريدها ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص على غير أساس.
18 - لما كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد اقتصر على نفي التهمة عنهم، ومن ثم فإن القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة آخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، ومن ثم فإن لا يعيب إجراءات المحاكمة - في خصوص هذه الدعوى - أن تولى الدفاع عن بعض الطاعنين محام واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كلاً منهم أن يبديه من أوجه دفاع ما دام بيده بالفعل ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على إجراءات المحاكمة في هذا الصدد على غير أساس.
19 - من المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً، وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته. فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تفاوت العقوبة التي أوقعها الحكم عليهم لا يكون مقبولاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 - ... (طاعن) 2 - .... (طاعن) 3 - .... (طاعن) 4 - .... 5 - .... طاعن) 6 - .... 7 - .... 8 - .... 9 - .... 10 - .... 11 - .... 12 - .... (طاعن) 13 - ..... (طاعن) بأنهم أولاً: المتهمون من الأول إلى الحادي عشر: وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا مع المتهمين الثاني عشر والثالث عشر وهما ليسا من أرباب الوظائف العمومية وآخرين حسني النية ومجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير من محررات رسمية هي أحكام البراءة والشهادات الخاصة بها والمبينة بالتحقيقات وذلك بجعل واقعات مزورة في صورة واقعات صحيحة بطريق الاصطناع بأن اتفق المتهمون من الأول حتى الحادي عشر مع الآخرين على إنشائها على غرار الصحيحة منها وقام حسنى النية بتحريرها بعد أن أمدوهم بالبيانات اللازمة وتولى المجهول توقيعها بتوقيعات نسبها زوراً إلى المختصين بمحكمة ونيابة مركز المنيا ومهرها ببصمة وخاتم شعار الجمهورية الخاص بالنيابة سالفة الذكر فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة - ثانياً: المتهمون جميعاً عدا الثالث والرابع والحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر: استعملوا الأحكام والشهادات موضوع التهمة الأولى بأن تقدموا بها إلى الوحدة المحلية بناحية ....... مع علمهم بتزويرها. وأحالتهم إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 211، 212، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المواد 17، 27، 30/ 1، 32، 55، 56 من قانون العقوبات. أولاً: بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم الرابع لوفاته. ثانياً: بمعاقبة كل من.... و.... بالسجن لمدة ثلاث سنوات. ثالثاً: بمعاقبة كل من..... و..... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع عزل الأخير لمدة سنتين. رابعاً: بمعاقبة كل من.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... و.... بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لكل منهم على أن يكون الإيقاف شاملاً لكافة الآثار الجنائية بالنسبة للمحكوم عليه..... خامساً: بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والثاني عشر والثالث عشر في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن المحكوم عليهما الثالث والخامس ولئن قدما أسبابهما في الميعاد، إلا أنهما لم يقررا بالطعن بالنقض طبقاً لنص المادة 34 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959، لما كان ذلك، وكان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة المحكمة واتصالها به بناء على إفصاح ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة فلا تتصل به المحكمة، ولا يغني عنه تقديم أسبابه له، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة لهما.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون بالنسبة لباقي الطاعنين.
وحيث إن حاصل أوجه الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية ودان الطاعنين الأول والثاني أيضاً بجريمة استعمال المحررات المزورة مع علمهما بتزويرها قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه أورد وقائع الدعوى ومضمون الأدلة فيها بصورة مجملة لا تشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بالدعوى الإحاطة الواجبة للفصل فيها، ودانهم بتهمة الاشتراك مع مجهول في التزوير دون تحديد الشخص المجهول الذي أسبغ على المحررات المزورة الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ودون أن يورد الأعمال المادية الإيجابية التي ارتكبها كل من الطاعنين والتي تدل على اشتراكه في الجريمة، ولم يستظهر توافر القصد الجنائي في حقهم برغم انتفاء علمهم بتزوير تلك المحررات، وخلوها مما يفيد أن أحداً من الطاعنين قد حرر بخطه أي من بياناتها فضلاً عن أن الخاتم الذي ختمت به ليس بعهدة أي منهم، والتفت - إيراداً ورداً - عن دفاعهم بتلفيق الاتهام وأعرض عن المستندات التي قدموها لإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعن الأول كان مجنداً والطاعن الثاني كان بالاحتياط في القوات المسلحة في الفترة التي ارتكبت فيها وقائع التزوير، ودان الطاعن الأول بتهمة الاشتراك في تزوير أوراق إدخال الكهرباء إلى مسكن المحكوم عليه السادس برغم أن الأخير كان بدولة الأمارات في ذلك الوقت مما يستحيل معه وقوع اتفاق بينهما على التزوير، ودان المحكوم عليه الثالث استناداً إلى ما ورد بمحضر التحريات رغم ما قرره موظفي الوحدة المحلية بالتحقيقات من أن متهماً آخر هو الذي تقدم بالمستندات المزورة لإدخال الكهرباء إلى منزله، وعول في قضائه بالإدانة على أقوال الشهود برغم ما شابها من تناقض فيما بينها ومع الدليل الفني المستمد من تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، كما تناقض الحكم في إسناد تهمة استعمال المحررات المزورة إلى كل من المتهمين، واطرح الدفع بانتفاء الضرر من الجريمة لأن الإدارة تستفيد من قيمة اشتراكات استهلاك الكهرباء، ورد رداً غير سائغ على دفاعهم بصدور قرار وزاري يسمح بتوصيل المرافق إلى المناطق العشوائية دون قيد ومن ثم يضحى توصيل الكهرباء والمياه إلى مساكن المتهمين فعلاً غير مؤثم، وبالتالي يكون هذا القرار بمثابة القانون الأصلح للطاعنين وكان يتعين إعماله عليهم، هذا إلى أن المحكمة عدلت وصف الاتهام بأن عددت أعمال الاشتراك في التزوير المسندة إلى كل من المتهمين دون تنبيه الدفاع إلى ذلك، كما أنها سمحت بوجود محام واحد مع متهمين يوجد تعارض في مصالحهم، وجاء تقديرها للعقوبة مختلفاً بالنسبة للطاعنين برغم وحدة الأفعال المسندة إليهم، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية التي دان الطاعنين بها، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من شهادة كل من العقيد.... رئيس قسم مباحث الأموال العامة بمديرية أمن المنيا، و.... و.... و.... و.... كاتبات المحامين و.... الموظفة بنيابة مركز المنيا والمختصة بتسديد الأحكام وتحرير شهادات الجدول، و..... رئيس قسم الشئون الهندسية بالوحدة المحلية، و..... الفني بشبكة المياه بالوحدة المحلية، ومن إقرار كل من.... والمتهمين الرابع والسابع والثامن والتاسع والعاشر بتحقيقات النيابة، ومما ثبت من مذكرات جدول صور الشهادات بمحكمة المنيا الابتدائية ومحكمة مركز المنيا، - وبتقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان واف مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة، لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى، لما كان ذلك، وكان المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية أن تكون قد صدرت فعلاً من الموظف المختص بتحريرها، بل يكفي لتحقق الجريمة - كما هو الشأن في حالة الاصطناع - أن تعطي الورقة المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها وأن ينسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها، ويكفي في هذا المقام أن تحتوي الورقة على ما يفيد تدخل الموظف في تحريرها بما يوهم أنه هو الذي باشر إجراءاتها في حدود اختصاصه، وإذ كان الحكم قد أثبت أن صور الأحكام والشهادات الصادرة في القضايا موضوع الاتهام مزورة بطريق الاصطناع، فإن هذا حسبه إثباتاً لقيام الجريمة ولو لم تكشف التحقيقات عن تحديد الشخص الذي أسبغ عليها الصفة الرسمية بختمها بالخاتم الصحيح، ويضحى ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص غير مقبول، لما كان ذلك، وكان الاشتراك في التزوير قد يتم دون مظاهر خارجية أو أعمال مادية محسوسة يمكن الاستدلال بها عليه، ومن ثم فإنه يكفي أن تكون المحكمة قد اعتقدت حصوله من ظروف الدعوى وملابساتها، وأن يكون اعتقادها هذا سائغاً تبرره الوقائع التي أثبتها الحكم، وإذ كان في جماع ما حصله الحكم من أقوال الشهود والأدلة في الدعوى - التي لا ينازع الطاعن في أن لها معينها الصحيح من الأوراق - ما يصح به استدلال الحكم على ثبوت اشتراك الطاعنين في التزوير ويسوغ به ما انتهى إليه من إدانتهم عن تلك الجريمة ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعنون من عدم تحديد الحكم للأعمال الدالة على اشتراكهم في التزوير يكون غير سديد، لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم صراحة واستقلالاً عن كل ركن من أركان جريمة التزوير ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه، ويتحقق القصد الجنائي في جريمة التزوير في الأوراق الرسمية متى تعمد الجاني تغيير الحقيقة في المحرر مع انتواء استعماله في الغرض الذي من أجله غيرت الحقيقة فيه، وليس أمراً لازماً التحدث صراحة واستقلالاً في الحكم عن توافر هذا الركن ما دام قد أورد من الوقائع ما يشهد بقيامه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في تزوير صور الأحكام الصادرة بالبراءة والشهادات بعدم الطعن عليها بقصد توصيل المرافق إلى مساكن أقيمت على أرض زراعية - وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعنين، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً - من بعد - بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لدى كل منهم، ويضحى ما يثيره الطاعنون بشأن انتفاء علمهم بتزوير المحررات موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض، لما كان ذلك، وكان اصطناع المحررات وتزوير بياناتها - بيد شخص آخر لا يؤثر في مسئولية الطاعنين عن جريمة التزوير التي دانهم الحكم عنها بصفتهم شركاء فيها وليسوا فاعلين أصليين لها ومن ثم فلا يجديهم نفي تحريرهم لتلك البيانات أو ختمهم للمحررات المصطنعة، ولما كان الدفع بتلفيق التهمة هو من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً، بل إن الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، ولا تلتزم المحكمة في هذا الصدد بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال، هذا إلى أن لمحكمة الموضوع أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها من سائر الأدلة القائمة في الدعوى التي تكفي لحمل قضائها - كالحال في الدعوى الماثلة - ومن ثم فلا على المحكمة إن هي أعرضت عن مستندات قدمها الطاعنون للتشكيك في أدلة الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة بإثبات وجود خلافات بينهم وبين ضابط الواقعة وأن الطاعنين الأولين كانا بالقوات المسلحة في الفترة التي ارتكب فيها التزوير وأن أحد المحكوم عليهم كان خارج البلاد، ذلك أن المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها بعض الوقائع أو المستندات ما يفيد ضمناً إطراحها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعنون على الحكم في هذا الصدد، لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشهود - على فرض حصوله - لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً بما لا تناقض فيه - كما في الحال في الدعوى المطروحة - فإن منازعة الطاعنين في القوة التدليلية لأقوال الشهود لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض، لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهاداتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة لمحكمة النقض عليها، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن تفصيل أسباب الطعن ابتداء مطلوب على وجه الوجوب تحديداً للطعن وتعريفاً بوجهه. وكان الطاعنون لم يفصحوا عن أوجه التناقض بين أقوال شهود الإثبات التي عول عليها الحكم في إدانتهم والتناقض بين هذه الأقوال وبين تقرير قسم أبحاث التزييف والتزوير فإن منعاهم في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً، لما كان ذلك، وكانت مصلحة الطاعنين الأول والثاني في النعي على تدليل الحكم على جريمة استعمال المحررات المزورة التي نسبها إليهما منتفية، ذلك أن الحكم قد أعمل في حقهما حكم الارتباط المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات واعتبر الجرائم المسندة إليهما جريمة واحدة وقضى بالعقوبة المقررة لأشد هذه الجرائم وهي جريمة الاشتراك في تزوير المحررات الرسمية والتي لا يمارى الطاعنون في أن الحكم قد تناولها بالتدليل على ثبوتها في حقهما، ومن ثم فلا جدوى مما ينعيانه على تدليله على جريمة الاستعمال وهي الجريمة الأخف، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جريمة التزوير في الأوراق الرسمية تتحقق بمجرد تغيير الحقيقة فيها بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون ولو لم يتحقق عنه ضرر يلحق شخصاً معيناً، لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماًَ ضرراً بالمصلحة العامة لما يترتب عليه من عبث بالأوراق الرسمية ينال من قيمتها وحجيتها في نظر الجمهور، ولا يغير من ذلك حصول الإدارة على مقابل لاستهلاك الكهرباء الأمر الذي يبين منه أن ما تمسك به الطاعنون من انتفاء الضرر لا يعدو أن يكون دفعاً قانونياً ظاهر البطلان لا على الحكم إن التفت عنه، لما كان ذلك، وكان المقرر أنه متى وقع التزوير أو استعمال المحرر المزور فإن الباعث على ارتكابه لا أثر له على وقوع الجريمة وليس ركناً من أركانها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت ارتكاب الطاعنين لجريمة الاشتراك في التزوير وهي جريمة قائمة بذاتها أياً كان الباعث على ارتكابها ولم يصدر بشأنها ثمة قانون أصلح، وكان ما يثيره الطاعنون بشأن إجازة إدخال المرافق إلى المناطق العشوائية إنما ينصب - في خصوص الدعوى المطروحة - على الباعث على جريمة التزوير وليس على الجريمة ذاتها فلا يعد القرار الإداري الصادر بهذه الإجازة قانوناً أصلح لجريمة التزوير التي دانهم بها الحكم وأوقع عليهم العقوبة المقررة لها ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعنون على الحكم من عدم إعمال هذا القرار عليهم غير سديد، لما كان ذلك، وكان المقرر أن المحكمة لا تتقيد بالوصف الذي تسبغه النيابة على الفعل المسند إلى المتهم، بل هي مكلفة بتمحيص الواقعة المطروحة أمامها بجميع كيوفها وأوصافها وأن تطبق عليها نصوص القانون تطبيقاً صحيحاً دون حاجة إلى أن تلفت نظر الدفاع إلى ذلك، ما دام أن الواقعة المادية المبينة بتقرير الاتهام والتي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها الواقعة التي اتخذها الحكم أساساً للوصف الذي دان الطاعنين به دون أن تضيف المحكمة إليها شيئاً وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى إدانة الطاعنين بجريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية وهي ذات الواقعة التي قدمت بها من النيابة، فإن تحديده لأفعال الاشتراك التي ارتكبها كل منهم لا يعتبر وصفاً جديداً - إذ لا مغايره فيه للعناصر التي كانت مطروحة على المحكمة وتناولها الدفاع - ومن ثم فلا يعد ذلك حكم القانون تغييراً لوصف التهمة المحال بها الطاعنين، بل هي مجرد تحديد لأفعالها مما يصح إجراؤه في الحكم دون تنبيه الدفاع بالجلسة، ذلك أن المرافعة دارت على أساس ذات الوقائع التي انتهى الحكم إلى تفريدها ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنون في هذا الخصوص على غير أساس، لما كان ذلك، وكان قضاء محكمة النقض قد جرى على أن القانون لا يمنع أن يتولى محام واحد واجب الدفاع عن متهمين متعددين في جناية واحدة ما دامت ظروف الواقعة لا تؤدى إلى القول بوجود تعارض حقيقي بين مصالحهم، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الدفاع عن الطاعنين قد اقتصر على نفي التهمة عنهم، ومن ثم فإن القضاء بإدانة أحدهم - كما يستفاد من أسباب الحكم - لا يترتب عليه القضاء ببراءة آخر وهو مناط التعارض الحقيقي المخل بحق الدفاع، ومن ثم فإنه لا يعيب إجراءات المحاكمة - في خصوص هذه الدعوى - أن تولى الدفاع عن بعض الطاعنين محام واحد، ذلك أن تعارض المصلحة الذي يوجب إفراد كل منهم بمحام خاص يتولى الدفاع عنه أساسه الواقع ولا ينبني على احتمال ما كان يسع كلاً منهم أن يبديه من أوجه دفاع ما دام بيده بالفعل ومن ثم يكون ما ينعاه الطاعنون على إجراءات المحاكمة في هذا الصدد على غير أساس، لما كان ذلك، وكان المقرر أن تقدير العقوبة في الحدود المقررة قانوناً، وتقدير مناسبة العقوبة بالنسبة إلى كل متهم هو من إطلاقات محكمة الموضوع دون معقب ودون أن تسأل عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالقدر الذي ارتأته، فإن ما يثيره الطاعنون بشأن تفاوت العقوبة التي أوقعها الحكم عليهم لا يكون مقبولاً، لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 15178 لسنة 66 ق جلسة 21 / 7 / 1998 مكتب فني 49 ق 117 ص 911

جلسة 21 من يوليه سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك وفرحان بطران نواب رئيس المحكمة.

----------------

(117)
الطعن رقم 15178 لسنة 66 القضائية

(1) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثره الطاعن أمامها. غير مقبول.
الدفع ببطلان بأقوال الشهود للإكراه. إثارته لأول مره أمام النقض. غير جائز. عله ذلك؟
(2) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع الأخذ بأقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق. وإن عدل عنها. دون بيان العلة في ذلك.
عدم التزام المحكمة بتحديد موضع الدليل من أوراق الدعوى. ما دام له أصل ثابت فيها.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(3) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
إيراد الحكم ما أثار الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني. غير لازم. ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع.
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. ما دام الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(4) حريق عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". قانون "تفسيره".
القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 عقوبات. مناط تحققه؟
(5) ملكية.
للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع والثمار الناتجة عنه. حق للشركاء جميعاً. مؤدى ذلك؟
(6) حريق عمد. جريمة "أركانها". مسئولية جنائية. ملكية. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حرق المال الشائع من أحد الشركاء. يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء.
وضع المطعون ضده النار في زراعة غير محصودة مملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما. كفايته لقيام المسئولية الجنائية عن حرق نصيب المجني عليهما. مخالفة الحكم الجلسة ذلك. خطأ في التطبيق الصحيح للقانون.
(7) ارتباط. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
حجب الخطأ المحكمة عن تناول قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد التي قضي ببراءة المطعون ضده منها وباقي الجرائم التي دين بها. يوجب النقض والإعادة لجميع التهم المسندة للمطعون ضده. لحسن سير العدالة.

-----------------
1 - لما كان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار لدى محكمة الموضوع أن إكراهاً قد وقع على الشاهدين الأول والثاني أو أن أقوالهما بتحقيقات النيابة حدثت تحت تهديد ومن ثم فلا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أمامها ولا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين الأول والثاني من شهود الإثبات له أصل ثابت في الأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بأقوال الشاهدين على الرغم من عدولهما عنها أمام المحكمة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولي والفني ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
4 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 من قانون العقوبات يتحقق في وضع الجاني النار في شيء من الأشياء المذكورة بهذه المادة، وكان عالماً بأن هذا الشيء مملوك لغيره فمتى ثبت للمحكمة أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة.
5 - من المقرر أن للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع، والثمار الناتجة عنه حق للشركاء جميعاً ومؤدى هذا أن ملكية الشريك للحصة الشائعة ليست خالصة له بل هي أيضاً مملوكة لباقي الشركاء وأي اعتداء للشريك على المال الشائع - أياً كانت صورته - يتضمن اعتداء على ملكية شريكه الذي يقاسمه ملكيته.
6 - من المقرر أن حرق المال الشائع من أحد الشركاء يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء لما كان ذلك وكان الظاهر من الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده وضع النار في زراعة القمح غير المحصودة المملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما فإنه يكون مسئولاً جنائياً وفقاً للمادة 253 من قانون العقوبات عن حرق نصيب المجني عليهما لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في التطبيق الصحيح للقانون.
7 - لما كان الخطأ في تطبيق القانون قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد وبين باقي الجرائم التي دين بها المطعون ضده فإنه يتعين تحقيقاً لحسن سير العدالة - نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لجميع التهم المسندة إلى المطعون ضده والإعادة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: قتل عمداً شقيقه...... مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحه الناري تالي الذكر وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عياراً نارياً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أدت إلى وفاته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايتين أخريين: أنه في ذات الزمان والمكان سالفى البيان: 1 - وضع ناراً عمداً في الزراعات غير المحصودة والمملوكة للمجني عليهما بأن أشعل بها النار مما أدى إلى حدوث الحريق بها على النحو المبين آثاره بالتحقيقات 2 - شرع في قتل.... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وعقد العزم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحه الناري التالي الذكر وما أن ظفر به حتى أطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة بسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة المجني عليه بالعلاج، ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن "بندقية خرطوش" ثالثاً: أحرز ذخائر مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً له بحيازتها أو إحرازها، وأحالته إلى محكمة جنايات المنيا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 5، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 26 لسنة 1978 والقانون رقم 165 لسنة 1981 والجدول رقم "2" الملحق بالقانون الأول والمادتين 236/ 1، 242/ 1، 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون الأخير بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات ومصادرة السلاح المضبوط وببراءته من تهمة الحريق العمد المنسوبة إليه وذلك باعتبار أن التهمة الأولى ضرب أفضى إلى موت والثانية ضرب بسيط.
فطعن كل من النيابة العامة والمحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الضرب المفضي إلى الموت والضرب البسيط وإحراز سلاح ناري وذخائر دون ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم عول على أقوال شهود الإثبات بتحقيقات النيابة دون أن يفصح عن موضعها ورغم عدول الشاهدين الأول والثاني عن أقوالهما أمام المحكمة وإقرارهما بأن أقوالهما بتحقيقات النيابة كانت وليدة إكراه ودفع بتناقض الدليلين القولي والفني من حيث مسافة الإطلاق وموقف الضارب من المضروب. بيد أن الحكم لم يعن برفع ذلك التناقض ولم يعرض لدفاعه إيراداً ورداً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن تقرير الطب الشرعي. لما كان ذلك، وكان لا يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن قد أثار لدى محكمة الموضوع أن إكراهاً قد وقع على الشاهدين الأول والثاني أو أن أقوالهما بتحقيقات النيابة حدثت تحت تهديد ومن ثم فلا يقبل منه أن يطالب المحكمة بالرد على دفاع لم يبد أماها ولا يجوز له أن يثير هذا الدفع لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه يتطلب تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك دون بيان العلة أو موضع الدليل من أوراق الدعوى ما دام له أصل ثابت فيها. وإذ كان الطاعن لا يمارى في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين سالفى الذكر له أصل ثابت في الأوراق ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم أخذه بأقوال الشاهدين على الرغم من عدولهما عنها أمام المحكمة إذ العبرة بما اطمأنت إليه المحكمة وعولت عليه مما آنست الصدق فيه، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع دون معقب عليها ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم المطعون فيه من أقوال شهود الإثبات في تحقيقات النيابة مؤداه أن الطاعن هو مطلق الأعيرة النارية التي أصابت المجني عليهما من السلاح المضبوط بحوزته، وكان التقرير الطبي الشرعي قد أثبت أن إصابات المجني عليهما نارية تحدث من مثل السلاح الناري المضبوط وأن وفاة المجني عليه الأول حدثت من جراء تلك الإصابات النارية وكان الحكم المطعون فيه قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولي والفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين ما دام أن ما أورده في مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع. إذ أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إن مما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة الحريق العمد قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك بأنه أسس قضاءه على تخلف أحد أركان الجريمة استناداً إلى ملكية المتهم لزراعات القمح محل الجريمة على الشيوع مع شقيقيه المجني عليهما حالة أن المالك على الشيوع مقيد بحقوق باقي الشركاء ويعد مسئولاً عن الحريق العمد الخاص بأنصبتهم الشائعة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه ببراءة المطعون ضده من تهمة الحريق العمد المسندة إليه بقوله: "وحيث إنه لما كان مناط العقاب على جريمة وضع النار في المزارع غير المحصودة طبقاً لنص المادة 253 من قانون العقوبات أن تكون غير مملوكة لمن يضع النار فيها ولما كان الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن زراعة القمح غير المحصودة ملكاً لكل من... و... والمتهم... فمن ثم يكون قد تخلف أحد الشروط اللازمة لإمكان تطبيق نص المادة 253 من قانون العقوبات وهو عدم ملكية المتهم للمزارع غير المحصودة التي يضع النار فيها إذ أن المتهم أحد مالكي زراعات القمح غير المحصودة التي نسبت إليه النيابة العامة إحراقها ومن ثم فلا مجال لإعمال نص المادة 253 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين القضاء ببراءة المتهم من ذلك الاتهام الذي نسبته إليه النيابة العامة عملاً بنص المادة 304/ 1 من قانون الإجراءات". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة الحريق العمد المنصوص عليها في المادة 253 من قانون العقوبات يتحقق في وضع الجاني النار في شيء من الأشياء المذكورة بهذه المادة، وكان عالماً بأن هذا الشيء مملوك لغيره فمتى ثبت للمحكمة أن الجاني تعمد وضع النار على هذا الوجه وجب تطبيق تلك المادة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمالك على الشيوع حق الملكية في كل ذرة من العقار الشائع، والثمار الناتجة عنه حق للشركاء جميعاً ومؤدى هذا أن ملكية الشريك للحصة الشائعة ليست خالصة له بل هي أيضاً مملوكة لباقي الشركاء وأي اعتداء للشريك على المال الشائع - أياً كانت صورته - يتضمن اعتداء على ملكية شريكه الذي يقاسمه ملكيته. هذا إلى أن حرق المال الشائع من أحد الشركاء يتضمن بذاته حرق نصيب غيره من الشركاء لما كان ذلك وكان الظاهر من الأدلة التي أوردها الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده وضع النار في زراعة القمح غير المحصودة المملوكة على الشيوع بينه والمجني عليهما فإنه يكون مسئولاً جنائياً وفقاً للمادة سالفة البيان عن حرق نصيب المجني عليهما لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في التطبيق الصحيح للقانون. وإذ كان هذا الخطأ قد حجب المحكمة عن أن تقول كلمتها في قيام الارتباط بين الجريمة ذات العقوبة الأشد وبين باقي الجرائم التي دين بها المطعون ضده فإنه يتعين تحقيقاً لحسن سير العدالة - نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة إلى المطعون ضده والإعادة.

الطعن 21429 لسنة 63 ق جلسة 27 / 9 / 1998 مكتب فني 49 ق 127 ص 957

جلسة 29 من سبتمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم وعبد الرحمن أبو سليمة وطه سيد قاسم وعبد الرحمن فهمي نواب رئيس المحكمة.

---------------

(127)
الطعن رقم 21429 لسنة 63 القضائية

(1) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". قانون "تفسيره".
بدء سقوط الدعوى الجنائية من يوم وقوع الجريمة.
المقصود بتاريخ وقوع الجريمة.
(2) بناء. دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
البناء بدون ترخيص. جريمة متتابعة الأفعال. متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية. أساس ذلك؟
استناد الحكم المطعون فيه في قضائه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة في جريمة إقامة بناء دون ترخيص إلى التقرير الاستشاري وعقود المقاولة وتركيب المصعد وكشف توزيع الكهرباء دون استظهاره حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وتاريخ انتهاء المطعون ضده من إقامته وسنده. قصور.

--------------
1 - من المقرر قانوناً أن القاعدة العامة في سقوط الحق إقامة الدعوى العمومية هو أن يكون مبدأ السقوط تاريخ وقوع الجريمة والمقصود بذلك هو تاريخ تمامها وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي.
2 - لما كان من المقرر أن جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه مسلط على حق واحد وإن تكررت هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى التقرير الاستشاري وعقود المقاولة وتركيب المصعد وكشف توزيع الكهرباء المؤرخ 1/ 2/ 1987 دون أن يستظهر حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وتاريخ انتهاء المطعون ضده من إقامته وسنده في ذلك وهو بيان كان يجب إيراده طالما أنه يتصل بحكم القانون على الواقعة، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: 1 - أقام بناء بدون ترخيص. 2 - أقام بناء غير مطابق للأصول الفنية والمواصفات العامة وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة البلدية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم مبلغ عشرة آلاف وخمسمائة جنيه قيمة تكاليف أعمال البناء. استأنف ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه لم يلم إلماماً كاملاً بالدليل في الدعوى، وأساس قضاءه بانقضاء الدعوى بمضي المدة على مستند - لم تتحقق المحكمة من صحته - يفيد سداده قيمة توصيل الكهرباء رغم أنه لا يكفي لبيان تاريخ آخر فعل من أفعال البناء وهو ما لم يستظهره الحكم. مما يعيبه بما يستوجب نقضه. وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة على قوله (وحيث إن الثابت من المستندات المقدمة والتقرير الاستشاري وعقود المقاولة وعقد تركيب المصعد وكشف توزيع الكهرباء المؤرخ 1/ 2/ 1987 مسلسل....... أنه حتى الدور الرابع حين أن الأعمال المخالفة حتى الدور الثالث ولما كان تاريخ تحرير محضر المخالفة هو 5/ 10/ 1991، 6/ 11/ 1991 ومن ثم يكون قد مضى أكثر من ثلاث سنوات على إقامة الأعمال المخالفة وتنقضي معه الدعوى الجنائية بمضي المدة عملاً بالمادة 15 1 - ج)، وكان من المقرر قانوناً أن القاعدة العامة في سقوط الحق إقامة الدعوى العمومية هو أن يكون مبدأ السقوط تاريخ وقوع الجريمة والمقصود بذلك هو تاريخ تمامها وليس تاريخ ارتكاب السلوك الإجرامي. وكان من المقرر أن جريمة البناء بغير ترخيص إن هي إلا جريمة متتابعة الأفعال متى كانت أعمال البناء متعاقبة متوالية إذ هي حينئذ تقوم على نشاط وإن اقترف في أزمنة متوالية إلا أنه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي واحد والاعتداء فيه مسلط على حق واحد وإن تكررت هذه الأعمال مع تقارب أزمنتها وتعاقبها دون أن يقطع بينها فارق زمني يوحي بانفصام هذا الاتصال الذي يجعل منها وحدة إجرامية في نظر القانون، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى التقرير الاستشاري وعقود المقاولة وتركيب المصعد وكشف توزيع الكهرباء المؤرخ 1/ 2/ 1987 دون أن يستظهر حقيقة التاريخ الذي أقيم فيه البناء وتاريخ انتهاء المطعون ضده من إقامته وسند في ذلك وهو بيان كان يجب إيراده طالما أنه يتصل بحكم القانون على الواقعة، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالقصور متعيناً نقضه والإعادة.

الطعن 17183 لسنة 66 ق جلسة 19 / 9 / 1998 مكتب فني 49 ق 118 ص 918

جلسة 19 من سبتمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين نائبي رئيس المحكمة. ود. صلاح البرعي وأحمد عبد القوي.

---------------

(118)
الطعن رقم 17183 لسنة 66 القضائية

حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
اعتناق الحكم صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى. تناقض يعيبه.
مثال.

-----------------
لما كان يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استخلص واقعة الدعوى بما مفاده أن الضابطين قد التقيا بالطاعن على أنهما يرغبان في شراء المادة المخدرة التي يحرزها وعرض عليهما الطاعن خمس لفافات من مخدر الهيروين بعد أن حدد لهما ثمن التذكرة الواحدة بمبلغ ستين جنيهاً فقاما بضبطه وتفتيشه حيث عثرا معه على لفافتين من ذات المخدر ومبلغ نقدي مقدار 19.25 جنيه، وأقر لهما بإحرازه المضبوطات بقصد الاتجار وأن المبلغ النقدي من متحصلات البيع، لما كان ذلك وكانت واقعة ضبط المخدر على هذه الصورة هي بذاتها عماد الحكم فيما انتهى إليه من أن الجريمة في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش وفي إطراحه دفع الطاعن في هذا الخصوص، وكان الحكم قد انتهى إلى معاقبة الطاعن طبقاً للمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق تأسيساً على قوله "إن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما نسبته للمتهم من أن حيازته للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار إذ ليس في أوراق الدعوى ما يواكب هذا النظر ولا يكفي لتوافر هذا القصد ما سطره ضابط الواقعة بمحضره أو ما نادى به الشاهدين بالتحقيقات في هذا الخصوص سيما وأنه لم يتم ضبط المتهم وهو يقارف فعل الاتجار مع الغير وأن تجزئة المضبوطات بذاته لا يكفي لتوافر هذا القصد، كذلك لم يثبت أن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي ومن ثم يكون إحراز المتهم للمخدر مجرداً عن هذه القصود المنصوص عليها في القانون" فإن ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الآخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة بخصوص مدى توافر حالة التلبس لاضطراب العناصر التي أوردتها المحكمة عنها وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالتناقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بنها لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط. باعتبار أن الإحراز مجرد من القصود.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر "الهيروين" بغير قصد قد شابه تناقض في التسبيب، وذلك أنه بعد أن اعتنق صورة لواقعة الدعوى قوامها أن الطاعن هو الذي قدم لفافات المخدر إلى الضابطين وعرض عليهما شراءها وحدد لهما سعرها وخلص من ذلك إلى توافر حالة التلبس التي تبيح القبض والتفتيش، مطرحاً دفاع الطاعن في هذا الخصوص، عاد وهو في معرض بيان القصد من الإحراز إلى نفي وجود الطاعن في حالة بيع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه استخلص واقعة الدعوى بما مفاده أن الضابطين قد التقيا بالطاعن على أنهما يرغبان في شراء المادة المخدرة التي يحرزها وعرض عليهما الطاعن خمس لفافات من مخدر الهيروين بعد أن حدد لهما ثمن التذكرة الواحدة بمبلغ ستين جنيهاً فقاما بضبطه وتفتيشه حيث عثرا معه على لفافتين من ذات المخدر ومبلغ نقدي مقداره 19.25 جنيه، وأقر لهما بإحرازه المضبوطات بقصد الاتجار وأن المبلغ النقدي من متحصلات البيع، لما كان ذلك وكانت واقعة ضبط المخدر على هذه الصورة هي بذاتها عماد الحكم فيما انتهى إليه من أن الجريمة في حالة تلبس تبيح القبض والتفتيش وفي إطراحه دفع الطاعن في هذا الخصوص، وكان الحكم قد انتهى إلى معاقبة الطاعن طبقاً للمواد 1، 2، 38/ 1، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق تأسيساً على قوله "إن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما نسبته للمتهم من أن حيازته للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار إذ ليس في أوراق الدعوى ما يواكب هذا النظر ولا يكفي لتوافر هذا القصد ما سطره ضابط الواقعة بمحضره أو ما نادى به الشاهدين بالتحقيقات في هذا الخصوص سيما وأنه لم يتم ضبط المتهم وهو يقارف فعل الاتجار مع الغير وأن تجزئة المضبوطات بذاته لا يكفي لتوافر هذا القصد، كذلك لم يثبت أن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد التعاطي أو الاستعمال الشخصي ومن ثم يكون إحراز المتهم للمخدر مجرداً عن هذه القصود المنصوص عليها في القانون" فإن ما أوردته المحكمة في أسباب حكمها على الصورة المتقدمة يناقض بعضه البعض الآخر بحيث لا تستطيع محكمة النقض أن تراقب صحة تطبيق القانون على حقيقة الواقعة بخصوص مدى توافر حالة التلبس لاضطراب العناصر التي أوردتها المحكمة عنها وعدم استقرارها الاستقرار الذي يجعلها في حكم الوقائع الثابتة مما يستحيل معه التعرف على أي أساس كونت المحكمة عقيدتها في الدعوى، ومن ثم يكون الحكم معيباً بالتناقض بما يوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة لبحث باقي ما أثارة الطاعن بأوجه الطعن.

الطعن 21867 لسنة 63 ق جلسة 20 / 9 / 1998 مكتب فني 49 ق 119 ص 921

جلسة 20 من سبتمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ محمود إبراهيم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وعبد المنعم منصور وفتحي جودة نواب رئيس المحكمة.
-------------
(119)
الطعن رقم 21867 لسنة 63 القضائية
(1) حكم "وصف الحكم". دعوى مدنية "نظرها والحكم فيها". 
العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق. الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكم الدعوى الجنائية في سير المحاكمة والأحكام والطعن فيها. ولو انحصرت الخصومة في الدعوى المدنية وحدها بين المتهم والمدعي بالحقوق المدنية. رجوع المحكمة إلى قانون المرافعات في أحكام الغيبة. غير جائز. أساس ذلك؟
(2)
حكم "وصف الحكم". نقض "ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام". معارضة "ميعادها". 

حضور المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن حضور الجلسات التي تؤجل إليها دون عذر مقبول. أثره: اعتبار الحكم الصادر فيها حضورياً. جواز المعارضة فيه. شرط ذلك؟
ميعاد المعارضة في الحكم الاعتباري يبدأ من تاريخ إعلانه.
عدم جواز الطعن بالنقض في الحكم متى كان الطعن فيه بالمعارضة جائزاً.
-----------
1 - من المقرر أن العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو حضوري اعتباري هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق، لما كان ذلك، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون". وكان مؤدى هذا النص أن الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكم الدعوى الجنائية في سير المحاكمة والأحكام والطعن فيها من حيث الإجراءات والمواعيد ولا تخضع في شيء من ذلك لأحكام قانون المرافعات المدنية ولو انحصرت الخصومة - بسبب عدم استئناف النيابة العامة حكم البراءة - في الدعوى المدنية وحدها بين المتهم والمدعي بالحقوق المدنية، فليس للمحكمة أن ترجع إلى قانون المرافعات في أحكام الغيبة، لأن حالات الحكم في الغيبة عند تخلف أحد أطراف الخصومة عن الحضور أمام المحاكم الجنائية بدرجاتها المختلفة وردت بنصوص صريحة في قانون الإجراءات الجنائية، ويتعين على المحكمة أن تحكم في موضوع الدعوى غيابياً كما لو كانت الدعوى الجنائية قائمة معها.
2 - لما كانت المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً" وكان مؤدى هذا النص أن الحكم الصادر في الاستئناف بالنسبة لمورث الطاعنين هو حكم حضوري اعتباري وهو بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، ولما كان ميعاد المعارضة في هذا الحكم بالنسبة للطاعنين - ورثة المحكوم عليه في الدعوى المدنية - لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانهم به، وكانت المادة 32 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تقضي بأنه لا يقبل الطعن بالنقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً، وكان الثابت من الشهادة المقدمة من نيابة النقض المرفقة أن هذا الحكم لم يعلن بعد للطاعنين، وكان الإعلان هو الذي يفتح باب المعارضة ويبدأ به سريان الميعاد المحدد لها في القانون، فإن باب المعارضة في هذا الحكم لا يزال مفتوحاً أمام الطاعنين، ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز.

الوقائع
اتهمت النيابة العامة..... "مورث الطاعنين" بأنه أحدث عمداً إصابة ....... والموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً باستخدام أداة "عصا" وطلبت عقابه بالمادة 242/ 1، 3 من قانون العقوبات. وادعى المجني عليه مدنياً "قبل المتهم" بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الخانكة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة بنها الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وفي الدعوى المدنية القضاء بإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن ورثة المحكوم عليه.... في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى ضد مورث الطاعنين بوصف أنه في يوم..... أحدث إصابة..... الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي تقرر لعلاجها مدة أقل من عشرين يوماً باستخدام أداة وطلبت عقابه بالفقرتين الأولى والثالثة من المادة 242 من قانون العقوبات، وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بطلب إلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، ومحكمة أول درجة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية، فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية هذا القضاء بينما لم تستأنفه النيابة العامة، وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن مورث الطاعنين حضر بوكيل عنه حتى جلسة.... حيث قررت المحكمة التأجيل لجلسة....... وبهذه الجلسة لم يحضر مورث الطاعنين سواء نفسه أو بوكيل عنه فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم لجلسة ..... ثم مدت أجل الحكم حتى أصدرت حكمها المطعون فيه بجلسة .... ووصفته بأنه حضوري بالنسبة لمورث الطاعنين.
وحيث إن العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو حضوري اعتباري هي بحقيقة الواقع في الدعوى لا بما يرد في المنطوق، لما كان ذلك، وكانت المادة 266 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يتبع في الفصل في الدعوى المدنية التي ترفع أمام المحاكم الجنائية الإجراءات المقررة بهذا القانون". وكان مؤدى هذا النص أن الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية تأخذ حكم الدعوى الجنائية في سير المحاكمة والأحكام والطعن فيها من حيث الإجراءات والمواعيد ولا تخضع في شيء من ذلك لأحكام قانون المرافعات المدنية ولو انحصرت الخصومة - بسبب عدم استئناف النيابة العامة حكم البراءة - في الدعوى المدنية وحدها بين المتهم والمدعي بالحقوق المدنية، فليس للمحكمة أن ترجع إلى قانون المرافعات في أحكام الغيبة، لأن حالات الحكم في الغيبة عند تخلف أحد أطراف الخصومة عن الحضور أمام المحاكم الجنائية بدرجاتها المختلفة وردت بنصوص صريحة في قانون الإجراءات الجنائية، ويتعين على المحكمة أن تحكم في موضوع الدعوى غيابياً كما لو كانت الدعوى الجنائية قائمة معها. لما كان ذلك، وكانت المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يعتبر الحكم حضورياً بالنسبة إلى كل من يحضر من الخصوم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى بدون أن يقدم عذراً مقبولاً" وكان مؤدى هذا النص أن الحكم الصادر في الاستئناف بالنسبة لمورث الطاعنين هو حكم حضوري اعتباري وهو بهذه المثابة يكون قابلاً للمعارضة إذا ما أثبت المحكوم عليه قيام عذر منعه من الحضور ولم يستطع تقديمه قبل الحكم، ولما كان ميعاد المعارضة في هذا الحكم بالنسبة للطاعنين - ورثة المحكوم عليه في الدعوى المدنية - لا يبدأ إلا من تاريخ إعلانهم به، وكانت المادة 32 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تقضى بأنه لا يقبل الطعن بالنقض في الحكم ما دام الطعن فيه بطريق المعارضة جائزاً، وكان الثابت من الشهادة المقدمة من نيابة النقض المرفقة أن هذا الحكم لم يعلن بعد للطاعنين، وكان الإعلان هو الذي يفتح باب المعارضة ويبدأ به سريان الميعاد المحدد لها في القانون، فإن باب المعارضة في هذا الحكم لا يزال مفتوحاً أمام الطاعنين، ويكون الطعن فيه بالنقض غير جائز. ومن ثم يتعين القضاء بعدم جواز الطعن ومصادرة الكفالة.

الطعن 18856 لسنة 66 ق جلسة 22 / 9 / 1998 مكتب فني 49 ق 120 ص 925

جلسة 22 من سبتمبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ فتحي خليفة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم وعمر بريك نواب رئيس المحكمة. وفؤاد نبوي.

-------------

(120)
الطعن رقم 18856 لسنة 66 القضائية

إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
تقدير المحكمة جدية طلب من طلبات الدفاع واستجابتها له. العدول عنه. غير جائز إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول.
تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية. لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى.
عدول المحكمة عن تحقيق دليل رأت لزومه للفصل في الدعوى. دون بيان العلة. إخلال بحق الدفاع وقصور. لا يغير من ذلك تفويض الدفاع الأمر للمحكمة بخصوص عدم حضور المجني عليها لمناقشتها. علة ذلك؟
مثال

----------------
من المقرر أن المحكمة متى قررت جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فإنه لا يجوز لها أن تعدل عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول. وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى. وإذ كانت المحكمة رغم تأجيلها الدعوى لسماع أقوال المجني عليها تحقيقاً لدفاع الطاعن بما مفاده أنها قدرت أهمية ذلك للفصل في الدعوى ولا سيما أن ذلك القرار جاء لاحقاً لسماع أقوال شاهدة الإثبات الأخرى والتي ناقضت المجني عليها في أقوالها التي أدلت بها بتحقيق النيابة. ومن ثم فإن عدول المحكمة عن تنفيذ هذا القرار وإمساك الحكم عن بيان علة ذلك يجعل الحكم فوق إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور في التسبيب ولا يغير من ذلك ما أثبت بمحضر الجلسة من أن الدفاع فوض الأمر للمحكمة بخصوص عدم حضور المجني عليها لمناقشتها إذ لا ينهض ذلك التفويض للمحكمة دليلاً على التنازل الضمني عن سماع الشاهدة وإنما هو أقرب إلى ترك الأمر للمحكمة لإعمال موجبات القانون الذي يلزمها بسماع الشاهدة أو تبرير العدول عن دعوتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطعن بأنه: 1 - شرع في مواقعة..... بغير رضاها بأن اقتحم عليها مسكنها وجذبها إليه وخلع عنها ملابسها كاملة عنوة عنها مهدداً إياها بسلاح أبيض (مطواة) وطرحها على سرير نومها وجثم فوقها بعد أن خلع عن نفسه ملابسه جاهزاً إيلاج ذكره بقبلها وبلوغ مقصده إلا أنه أوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو مقاومة المجني عليها له وتمكنها من الفرار على النحو المبين بالتحقيقات. 2 - أكره المجني عليها سالفة الذكر على التوقيع بإمضائها والختم ببصمة أصبعها على وجهتي ورقة بيضاء بالقوة وتحت تهديد لها باستعمال سلاح أبيض "مطواة". 3 - ضرب المجني عليها سالفة الذكر فأحدث بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي المرفق والتي أعجزتها عن أشغالها الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً. 4 - أحرز دون مقتضى من الضرورة الشخصية أو الحرفية سلاحاً أبيض (مطواة) وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45، 46/ 3، 242/ 1، 267/ 1، 325 من قانون العقوبات وبالمادتين 1/ 1، 25 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981 والبند رقم 10 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمضاف بالقانون الثاني مع إعمال المادة 32/ 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الشروع في مواقعه أنثى بغير رضاها والإكراه على إمضاء ورقتين والضرب البسيط وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة لم تجب الدفاع إلى طلب سماع المجني عليها شاهدة الإثبات الوحيدة في الدعوى رغم ما أثاره عن تناقض أقوالها وتضاربها وتلفيق الاتهام لخصومة إيجارية ولأن الدفاع عندما فوض الأمر للمحكمة في عدم حضورها بعد دعوتها كان محرجاً من طلب المحكمة ففوضها الأمر في ذلك مما جعل الدفاع يستشعر أن المحكمة تتجه إلى البراءة فترافع في الدعوى على أساس ذلك، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب سماع المجني عليها فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 16 يونيو 1996 لحضورها وفيها لم تحضر وأثبت بمحضر الجلسة أن المدافع عن الطاعن فوض الأمر لهيئة المحكمة في عدم حضور المجني عليها ثم ترافع في الدعوى طالباً البراءة لتلفيق الاتهام وكيديته وتناقض المجني عليها وتضاربها في أقوالها ثم أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة متى قررت جدية طلب من طلبات الدفاع فاستجابت له فإنه لا يجوز لها أن تعدل عنه إلا لسبب سائغ يبرر هذا العدول. وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهناً بمشيئة المتهم في الدعوى. وإذ كانت المحكمة رغم تأجيلها الدعوى لسماع أقوال المجني عليها تحقيقاً لدفاع الطاعن بما مفاده أنها قدرت أهمية ذلك للفصل في الدعوى ولا سيما أن ذلك القرار جاء لاحقاً لسماع أقوال شاهدة الإثبات الأخرى والتي ناقضت المجني عليها في أقوالها التي أدلت بها بتحقيق النيابة. ومن ثم فإن عدول المحكمة عن تنفيذ هذا القرار وإمساك الحكم عن بيان علة ذلك يجعل الحكم فوق إخلاله بحق الدفاع مشوباً بالقصور في التسبيب ولا يغير من ذلك ما أثبت بمحضر الجلسة من أن الدفاع فوض الأمر للمحكمة بخصوص عدم حضور المجني عليها لمناقشتها إذ لا ينهض ذلك التفويض للمحكمة دليلاً على التنازل الضمني عن سماع الشاهدة وإنما هو أقرب إلى ترك الأمر للمحكمة لإعمال موجبات القانون الذي يلزمها بسماع الشاهدة أو تبرير العدول عن دعوتها. الأمر الذي يوجب نقض الحكم والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.