ورئيس النيابة السيد / أحمد صبحي.
وأمين السر السيد / محمد عوني النقراشي.
---------------
" الوقائع "
" المحكمة "
صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ عَلَى رَوْحٌ وَالِدِيَّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَغَفَرَ لَهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا وَقْفِيَّة عِلْمِيَّة مُدَوَّنَةٌ قَانُونِيَّةٌ مِصْرِيّة تُبْرِزُ الْإِعْجَازَ التَشْرِيعي لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ وروائعِ الْفِقْهِ الْإِسْلَامِيِّ، مِنْ خِلَالِ مَقَاصِد الشَّرِيعَةِ . عَامِلِةَ عَلَى إِثرَاءٌ الْفِكْرِ القَانُونِيِّ لَدَى الْقُضَاة. إنْ لم يكن للهِ فعلك خالصًا فكلّ بناءٍ قد بنيْتَ خراب ﴿وَلَقَدۡ وَصَّلۡنَا لَهُمُ ٱلۡقَوۡلَ لَعَلَّهُمۡ يَتَذَكَّرُونَ﴾ القصص: 51
ورئيس النيابة السيد / أحمد صبحي.
وأمين السر السيد / محمد عوني النقراشي.
---------------
" الوقائع "
" المحكمة "
بحضور السيد رئيس النيابة/ محمد عميرة.
وأمين السر السيد/ أحمد الصواف.
------------------
" المحكمة "
جلسة 5 من فبراير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وسري صيام.
-----------------
(49)
الطعن رقم 5058 لسنة 55 القضائية
(1) نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". استئناف.
قصر الطعن بالنقض على الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح.
صيرورة الحكم نهائياً وباتاً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه ميعاد استئنافه. أثره: عدم جواز الطعن فيه بالنقض. علة ذلك؟
(2) نيابة عامة. نقض "المصلحة في الطعن. والصفة فيه". طعن "الصفة في الطعن".
النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة. خصم عادل. تمثل الصالح العام وتسعى لتحقيق موجبات القانون ومصلحة المجتمع التي توجب أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام على تطبيق قانوني صحيح.
انتفاء مصلحة النيابة العامة والمحكوم عليه في الطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(3) نيابة عامة. نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من أحكام". طعن.
عدم جواز طعن النيابة العامة في الأحكام لمصلحة القانون. علة ذلك؟
(4) عقوبة. استئناف. نقض "المصلحة في الطعن". محكمة أمن الدولة. طوارئ.
عدم جواز أن يضار المتهم باستئنافه.
انعدام مصلحة المتهم في محاكمته أمام محكمة أمن الدولة طوارئ. أثره؟
مثال.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه: ضبط حاملاً (مدية) بالطريق العام بدون إذن من السلطة المختصة. وطلبت عقابه بالمادة 25 مكرراً من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بالقانون رقم 165 لسنة 1981. ومحكمة جنح الساحل الجزئية قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر وكفالة عشرة جنيهات وتغريمه خمسين جنيهاً والمصادرة. استأنف المحكوم عليه - ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه، أنه خالف القانون، ذلك لأن الاختصاص بنظر الدعوى معقود لمحاكم أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ ومن ثم كان يتعين على محكمتي أول وثاني درجة القضاء من تلقاء نفسيهما بذلك وإذ عرضتا لموضوع الدعوى، فإن الحكم يكون باطلاً بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة لم تطعن بالاستئناف في الحكم الصادر من محكمة أول درجة، وكان المتهم هو المستأنف الوحيد له. لما كان ذلك وكانت المادة 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن الصادر به القانون رقم 57 لسنة 1959، قد قصرت حق الطعن بطريق النقض من النيابة العامة والمحكوم عليه والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها مقصور، على الأحكام النهائية من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح، دون غيرها، متى صار الحكم نهائياً وباتاً بقبوله ممن صدر عليه أو بتفويته على نفسه استئنافه في الميعاد، فقد حاز قوة الأمر المقضي ولم يجز الطعن فيه بطريق النقض، والعلة من ذلك أن النقض ليس طريقاً عادياً للطعن في الأحكام، وإنما هو طريق استثنائي لم يجزه الشارع إلا بشروط محددة، بغية تدارك خطأ الأحكام النهائية، في القانون، فإذا كان الخصم قد أوصد على نفسه باب الاستئناف - وهو طريق طعن عادي - حيث كان يسعه استدراك ما شاب الحكم نفسه من خطأ في الواقع أو القانون، لم يجز له من بعد أن ينهج سبيل الطعن بالنقض وإذ كان ذلك، وكانت النيابة العامة لم تستأنف الحكم الصادر من محكمة أول درجة فلا يجوز لها من بعد أن تطعن عليه بطريق النقض، ولا يقدح في ذلك، ما هو مقرر من أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون وفي تحقيق مصلحة المجتمع التي تقتضي أن تكون الإجراءات في كل مراحل الدعوى الجنائية صحيحة وأن تبنى الأحكام فيها على تطبيق قانوني صحيح خال مما يشوبه من الخطأ والبطلان، لأنها تتقيد في كل ذلك بقيد المصلحة، بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليه مصلحة في الطعن، فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها، من أن المصلحة أساس الدعوى فإن انعدمت فلا دعوى. ومن ثم فلا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون، لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية بحته لا يؤبه لها، لما كان ذلك، وكانت النيابة، كسلطة اتهام قد قبلت الحكم فحاز قوة الأمر المقضي بالنسبة لها، ولم يجز لها الطعن فيه بهذه الصفة، فإنها كذلك لا تنتصب عن المتهم في صورة الدعوى، لأنه لا مصلحة له في أن يحاكم أمام محكمة أمن الدولة المشكلة وفقاً لقانون الطوارئ لأن في ذلك إساءة إلى مركز المتهم (المطعون ضده) الذي لا يصح أن يضار بالاستئناف المرفوع منه وحده، على ما تنص بذلك المادة 417 من قانون الإجراءات الجنائية ذلك بأن مصلحته تستوجب - في صورة الدعوى - أن يحاكم أمام المحاكم العادية صاحبة الولاية العامة في نظر كافة الجرائم والدعاوى - إلا ما استثنى بنص خاص - لأن الشارع وقد أحاط هذه المحاكم بضمانات، متمثلة في تشكيلها من عناصر قضائية صرف، ومن تعدد درجاتها، ومن الحق في الطعن في أحكامها بطريق النقض متى توافرت شروطه، ولا تتوافر الضمانات تلك في قضاء الطوارئ، فإنه لا مراء في انعدام مصلحة المتهم في الطعن الماثل، وبالتالي انعدام صفة النيابة العامة في الانتصاب عنه في طعنها، وما دامت لم تنع على الحكم قضاءه بالإدانة لصالح المتهم ذاك، ومن ثم فإن طعن النيابة يكون قائماً على مجرد مصلحة نظرية صرف لا يؤبه لها.
جلسة 3 من فبراير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد حلمي راغب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي وأحمد سعفان والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد.
---------------
(48)
الطعن رقم 5152 لسنة 55 القضائية
دعوى جنائية "نظرها والحكم فيها". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم. قوة الأمر المقضي. إثبات "قرائن قانونية". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
استنفاد المحكمة ولايتها بالحكم في الموضوع. أثره: عدم جواز إعادة نظر الدعوى إلا بالطعن في الحكم وفقاً للقانون.
حكم القضاء. عنوان الحقيقة. مؤدى ذلك: عدم جواز طرح الدعوى المحكوم فيها. عن ذات الفعل وضد ذات المحكوم عليه من جديد. مخالفة ذلك. خطأ في القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده...... بأنه أحدث عمداً بـ...... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أعجزته عن أشغاله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت عقابه بالمواد 242/ 1، 3 عقوبات 1، 15 من القانون 30 لسنة 1974، ومحكمة أحداث...... قضت غيابياً بحبس المتهم شهراً مع الشغل في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وكفالة خمسة جنيهات لوقف التنفيذ والمصاريف الجنائية فاستأنفت النيابة العامة هذا الحكم كما عارض المحكوم عليه وقضى في معارضته باعتبار المعارضة كأن لم تكن. ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت في استئناف النيابة للحكم الغيابي..... بقبوله شكلاً وفي الموضوع بوضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة شهر وإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية كما استأنف المحكوم عليه الحكم الصادر في معارضته ومحكمة...... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً..... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع الحدث لمدة ثلاثة أشهر في مؤسسات الرعاية الاجتماعية.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ تصدى للفصل في موضوع الاستئناف المقام من المطعون ضده عن الحكم الصادر في الجنحة رقم 45 لسنة 1983 أحداث دار السلام قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه سبق أن فصلت المحكمة في استئناف النيابة العامة للحكم الصادر في ذات الدعوى وحاز حكمها لقوة الأمر المقضي، مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق والمفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن محكمة أول درجة قضت غيابياً بإدانة المتهم - المطعون ضده - بجريمة الضرب وعاقبته من أجلها بالحبس مع الشغل لمدة شهر في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وألزمته المصاريف الجنائية. فعارض هو في هذا الحكم، كما استأنفته النيابة العامة. وبجلسة 15 من يناير سنة 1984 قضى في معارضة المطعون ضده باعتبارها كأن لم تكن فاستأنف هذا الحكم. وإذ نظر استئناف النيابة العامة بجلسة 6 من مايو سنة 1984 أمام محكمة سوهاج الابتدائية قضت حضورياً بقبوله شكلاً وفي الموضوع بوضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية لمدة شهر وإلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية. أما استئناف المطعون ضده فقد حدد لنظره جلسة 22 من إبريل سنة 1985 وفيه قضت محكمة سوهاج الابتدائية حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بوضع المطعون ضده لمدة ثلاثة أشهر في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية وأشارت في أسباب حكمها أنه لم يثبت لها أنه سبق أن فصل في الاستئناف المقام من النيابة العامة عن الحكم المستأنف. فطعنت النيابة العامة على هذا الحكم الأخير بطريق النقض. لما كان ذلك، وكانت المحكمة الاستئنافية قد استنفدت ولايتها على الدعوى بعد أن قضت بحكمها السابق الصادر بتاريخ 6 من مايو سنة 1984 في موضوع استئناف النيابة بالنسبة للمطعون ضده بتعديل الحكم المستأنف إلى وضع المطعون ضده إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية مع إلغاء ما قضى به الحكم المستأنف من إلزامه بالمصاريف الجنائية، فما كان يصح لها من بعد عند تقديم القضية إليها لنظر استئناف المطعون ضده أن تعاود نظر استئنافه وكذلك استئناف النيابة العامة وتقضي في موضوعها، لزوال ولايتها. ذلك بأنه من المقرر أنه متى أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى فلا تملك إعادة نظرها إلا بالطعن فيه بالطرق المقررة في القانون على ما سجلته الفقرة الأخيرة من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، لأن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة بل هو أقوى من الحقيقة ذاتها، ومتى كان الأمر كذلك فما كان يجوز طرح الدعوى من جديد أمام القضاء عن ذات الفعل وضد ذات المحكوم عليه. ومن ثم فإن المحكمة إذ عادت إلى نظر الدعوى وفصلت في موضوع الاستئناف من جديد بالنسبة للمطعون ضده بعد أن زالت ولايتها بإصدار حكمها الأول، يكون حكمها المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون بما يعيبه ويوجب نقضه - وفقاً للمادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 - نقض الحكم المطعون فيه وتصحيحه بالحكم بمقتضى القانون بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.
جلسة 3 من فبراير سنة 1986
برياسة السيد المستشار: محمد حلمي راغب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: حسن عمار نائب رئيس المحكمة ومحمد الصوفي ومسعد الساعي وأحمد سعفان.
---------------
(47)
الطعن رقم 2568 لسنة 55 القضائية
(1) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره".
- التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن بإجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
(2) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عبارة الاتجار في المخدر. مدلولها. حيازة المخدر بقصد الاتجار.
الجدل الموضوعي. غير جائز أمام النقض.
(3) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. عدم جواز إثارته أمام النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم. "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
حسب المحكمة أن تورد من أقوال الشهود ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه.
(5) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع. بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
- مثال لتسبيب سائغ لتوافر قصد الاتجار في المخدر.
(6) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة بالنسبة لكل متهم. حق لمحكمة الموضوع لها أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه في حق متهم وتطرح ما عداه في حق آخرين.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". عقوبة "تطبيقها". ظروف مخففة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون.
العقوبة المقررة لإحراز المخدر بقصد الاتجار. هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. المادة 34/ أ من القانون 182 لسنة 1960.
المادة 17 من قانون العقوبات تجيز إبدال العقوبات المقيدة للحرية فحسب في مواد الجنايات بعقوبة مقيدة للحرية أخف.
إغفال الحكم بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 34/ أ سالفة الذكر. خطأ في القانون.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً؛ حشيشاً "في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأمرت بإحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرها. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم/ 1 الملحق مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمصادرة المخدر المضبوط وألزمته المصاريف.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
المحكمة
أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون. وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه خطأ في الإسناد وفساد في الاستدلال وقصور وتناقض في التسبيب، ذلك بأن الحكم اطرح ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله تأسيساً على أن التحريات دلت على أن الطاعن يحوز ويحرز المواد المخدرة مع أن ذلك لا معين له في محضر التحريات، كما اسند الحكم إلى الطاعن حيازة المخدر المضبوط على الرغم من شيوع التهمة بينه وبين المتهم الآخر ودون أن يعني بالتدليل على انبساط سلطان الطاعن عليه وعلمه بكنهه ومع أن شاهد الإثبات الأول قرر بمحضر جلسة المحاكمة بأنه يقطع بوضع المخدر المضبوط بالسيارة بعد وصولها إلى مكان الضبط، فضلاً عن أن الحكم قد أحال في بيان أقوال شاهد الإثبات الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول برغم اختلاف أقوالهما، هذا إلى أن الحكم لم يدلل تدليلاً سائغاً على توافر قصد الاتجار في حق الطاعن، وأخيراً فقد اتخذ الحكم من خلو التحريات من اسم المتهم الآخر ورقم سيارته دليلاً على براءته في الوقت الذي استند فيه إلى هذه التحريات ذاتها كمسوغ لإصدار الإذن بتفتيش الطاعن ووسيلة انتقاله، كما استند الحكم في قضائه ببراءة المتهم الآخر - من بين ما استند إليه - إلى ما قرره شاهد الإثبات بمحضر جلسة المحاكمة من أنهما لا يقطعان بوجود المخدر المضبوط بالسيارة قبل وصولها إلى مكان الضبط ومع ذلك فقد أدان الطاعن بحيازة المخدر على سند من أقوال الشاهدين المذكورين. وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال العقيد..... والمقدم..... ومن تقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، عرض للدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لصدوره عن جريمة مستقبله ورد عليه في قوله "أما عن الدفع الثاني ببطلان إذن التفتيش الصادر من النيابة العامة بمقوله أنه بشأن جريمة مستقبله فإنه مردود بأن الثابت من محضر الاستدلالات التي جاء بها التحريات أن العقيد..... قد ضمن محضره أن تحرياته قد دلته على أن المتهم - الطاعن - يحوز ويحرز المواد المخدرة ويقوم فعلاً بتوزيعها وذلك يكفي لاعتبار أن الإذن قد صدر عن جريمة قائمة وحالة ولم يصدر بشأن جريمة مستقبلة ومن ثم يكون الدفع غير سديد ويتعين الالتفات عنه". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية أو الشبهات المقبولة ضد هذا الشخص بقدر يبرر تعرض التحقيق لحريته أو حرمة مسكنه في سبيل كشف مبلغ اتصاله بتلك الجريمة، وكان من المقرر أيضاً أن الاتجار في المخدر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بقصد الاتجار فهو في مدلوله القانوني ينطوي على عنصر الحيازة إلى جانب دلالته الظاهرة منها، وكان التفسير الذي أخذت به محكمة الموضوع لما ورد بمحضر التحريات من أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة وانتهت فيه إلى أن تحريات الضابط دلت على أن الطاعن كان يحوز ويحرز المواد المخدرة ويقوم بتوزيعها وقت صدور الإذن بالتفتيش يتفق مع ما تحمله هذا العبارة ولا خروج فيه على ظاهر معناها. لما كان ذلك، وكان الواضح من مدونات الحكم أن الجريمة التي دان الطاعن بها كانت قد وقعت حين إصدار النيابة العامة إذنها بالقبض والتفتيش، وكان ما أورده الحكم من ذلك سائغاً وله سنده في أوراق الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر الدفع بشيوع التهمة بينه وبين المتهم الآخر، وكان الادعاء بشيوع التهمة هو من الأمور الموضوعية التي لا تجوز إثارتها أمام محكمة النقض، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما استقر في عقيدة ووجدان المحكمة من انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط وعلمه بكنهه تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله الحكم عن أقوال الشاهدين.... و.... له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادتهما، بل إن البين مما أورده الطاعن في أسباب طعنه نقلاً عن أقوالهما أنها تتفق - في جملتها - مع ما استند إليه الحكم منها، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول، ولا يؤثر فيه أن يكون للشاهد الثاني قول آخر لا يتفق وأقوال الشاهد الأول - على فرض صحة ذلك - إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصله من أقوال الشاهد الأول فيما اتفقا فيه أنه لم يستند في قضائه إلى تلك الأقوال المغايرة للشاهد الثاني، وطالما أن من حق محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار هو واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمه على ما ينتجها، وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لقصد الاتجار في قوله "وحيث إنه عن القصد من الإحراز فإن المحكمة ترى أنه إذ كانت التحريات قد دلت على أن المتهم - الطاعن - يتجر في المواد المخدرة وكانت الكمية التي ضبطت معه تزن 11.510 كيلو جرام من الحشيش فإنه لا شك في أن قصد المتهم في إحرازه لهذه الكمية تقطع في يقين المحكمة أنه يتجر فيها"، وكانت المحكمة قد اقتنعت - في حدود سلطتها في تقدير الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي - أن حيازة الطاعن للمخدر كان بقصد الاتجار، فإن ما يثيره الطاعن من القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال لا يكون سديداً، لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل متهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى ذات الأدلة بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وأخذت بتصويرهم للواقعة بالنسبة للطاعن وحده دون المتهم الآخر، الذي قضت ببراءته.، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزئ شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، كما أن لها أن تعول في عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ولها أن تجزئها فتأخذ منها بما تطمئن إليه مما تراه مطابقاً للحقيقة وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في صدد تعارض صور الواقعة وما أخذ به الحكم وما أطرح من أقوال شهود الإثبات واعتماده على الدليل المستمد منها في حق الطاعن وحده دون المتهم الآخر، لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها، وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ثانياً :ً عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
من حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضده بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه أغفل القضاء بالغرامة المنصوص عليها في الفقرة ( أ ) من المادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة ثبوتها في حق المطعون ضده انتهى إلى عقابه طبقاً للمواد 1/ 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند 57 من الجدول رقم (1) المحلق ثم أوقع عليه عقوبة الأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاماً وبمصادرة المخدر المضبوط بالتطبيق للمادة 17 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت العقوبة المقررة لجريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار - طبقاً لما تنص عليه الفقرة ( أ ) من المادة 34 سالفة البيان هي الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه... وكان مقتضى تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات جواز تبديل عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بعقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة بالإضافة إلى عقوبة الغرامة التي يجب الحكم بها، لما هو مقرر من أن تلك المادة إنما تجيز تبديل العقوبات المقيدة للحرية وحدها في مواد الجنايات بعقوبات مقيدة للحرية أخف منها - إذا اقتضت الأحوال رأفة القضاة - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ أغفل القضاء بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في الفقرة (أ) من المادة 34 سالفة الذكر بالإضافة إلى عقوبتي الأشغال الشاقة والمصادرة المقضي بهما، يكون قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه نقضاً جزئياً وتصحيحه وفقاً للقانون، ما دام تصحيح الخطأ لا يقتضي التعرض لموضوع الدعوى..