جلسة 26 من مارس سنة 2019
برئاسة السيد القاضي/ نبيل عمران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود التركاوى، د. مصطفى سالمان، صـلاح عصمت ود. محمد رجاء نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(61)
الطعنان رقما 9529، 9535 لسنة 87 القضائية
(2،1) تعويض " التعويض عن الخطأ الشخصي : التعويض عن إساءة استعمال الحق " .
(1) حقا التقاضي والدفاع . من الحقوق المباحة . عدم مسئولية من يلج أبواب القضاء تمسكاً بحق أو ذوداً عنه . الاستثناء . ثبوت انحرافه عنه إلى اللدد في الخصومة والعنت ابتغاء الإضرار بالخصم .
(2) تقدير قيام التعسف في استعمال الحق . استقلال محكمة الموضوع به . شرطه . مثال .
(3) نقض " أسباب الطعن : السبب الوارد على غير محل " .
الطعن بالنقض . ماهيته . محاكمة الحكم المطعون فيه . أثره . وجوب أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم . ورود النعي على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه . غير مقبول .
(4) نقض " أسباب الطعن : السبب المجهل " .
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلاً. م253 مرافعات . مقصوده تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفاً واضحاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه . تقديم المذكرتين الوارد بهما الدفعان اللذان ينعى الطاعنان إغفال الحكم المطعون فيه لهما . غير كاف . علة ذلك .
(5 -7) بنوك " عمليات البنوك : الحساب الجاري : تقادمه " .
(5) إدراج الدين في الحساب الجاري . مؤداه . تحوله إلى مفرد في الحساب الجاري . أثره. عدم خضوعه للتقادم الذي كان يحكمه قبل دخوله الحساب الجاري . خضوعه للتقادم العادي . علة ذلك .
(6) تقادم دين رصيد الحساب الجاري . خضوعه لمدة التقادم العادي . م 372 ق 17 لسنة 1999 . تقادم التزامات التجار قبل بعضهم البعض . انقضاؤه بسبع سنوات . م 68 ق 17 لسنة 1999 . عدم انطباق الأخير على تقادم رصيد الحساب الجاري .
(7) منح البنك الطاعن الشركة الطاعنة الأولى تسهيلين ائتمانيين بضمان حساب جارى مدين. إدراج الرصيد المدين لهذه التسهيلات بالحساب الجاري . مؤداه . صيرورته مفرداً من مفرداته . أثره . خضوعه للتقادم العادي . بداية سريان التقادم من تاريخ فقل الحساب واستخراج الرصيد . التفات الحكم المطعون فيه عن الدفع بالتقادم وفقا م 68 ق التجارة بشأن التقادم . صحيح . علة ذلك .
(8) بنوك " علاقة البنك بعملائه " .
مسئولية البنك المرتهن عن تحصيل الحقوق الثابتة في الأوراق المرهونة . مسئولية عقدية. التزامه ببذل عناية الرجل المعتاد . المادة 1103 مدني . جواز الاتفاق على الإعفاء من المسئولية عن الخطأ التعاقدي المادة 217 /2 مدني .
(9) مسئولية " المسئولية التقصيرية : المسئولية عن الأعمال الشخصية : عناصر المسئولية: الخطأ " .
الخطأ الجسيم . ماهيته .
(10) دعوى " إجراءات نظر الدعوى : الدفاع في الدعوى : الدفاع الجوهري " .
الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه . ماهيته . إغفال الحكم بحث هذا الدفاع . قصور مبطل .
(11) بنوك " علاقة بالبنك بعملائه " .
تمسك الشركة الطاعنة الأولى ببطلان إعفاء البنك من إجراء البروتستو ومن رفع دعوى الرجوع في الميعاد ضد المدينين في الأوراق التجارية المظهرة له . استنادًا إلى وجود خطأ جسيم من جانب البنك المطعون ضده . التفات الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع . قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع .
(12) حكم " عيوب التدليل : القصور : ما يُعد كذلك " .
الحكم . وجوب ابتنائه على أسباب واضحة جلية . الأسباب التي يُستبان منها وجه الرأي الذي أخذت به المحكمة . قصور .
(13) التزام " مصادر الالتزام " .
مصدر الالتزام . الأساس القانوني الذي ينشئ الالتزام وتُبنىَ عليه الدعوى . عقد أم إرادة منفردة أم عمل غير مشروع أم إثراء بلا سبب أم نص في القانون .
(14) حكم " عيوب التدليل : القصور : ما يُعد كذلك " .
قضاء الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعنين المبلغ المطالب به وعوائده . عدم بيان الأساس القانوني الذي أقام عليه قضاءه . قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر أن حق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة، فلا يُسأل من يلج أبواب القضاء تمسكًا أو ذودًا عن حق يدعيه لنفسه، إلا أنه إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم، فإنه تحق مساءلته عن تعويض الأضرار التي تلحق بهذا الخَصم بسبب إساءة استعمال هذا الحق.
2- تقدير قيام التعسف والغلو في استعمال الحق استعمالاً كيديًا ابتغاء مضارة الغير أو عدم قيامه وتوافر نية الإضرار وثبوت الضرر الناتج عن هذا هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابه عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الأوراق قد خلت مما يفيد سوء نية الشركة المطعون ضدها عند رفع دعواها وأن الالتجاء إلى التقاضي هو حق مشروع للجميع كما أن البنك الطاعن لم يقدم ما يفيد سوء النية أو التعسف أو الغلو من الشركة المذكورة في استخدام حق التقاضي عند رفع دعواها، ومؤدى ذلك أن الحكم قد استخلص أنها أقامت دعواها في نطاق استعمالها لحق التقاضي دون أن تنحرف في استعماله ولم يثبت أنها قصدت مضارة الطاعن، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغًا ويتفق وصحيح القانون ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب الخصوم فى جميع مناحي أقوالهم استقلالاً متى اطمأنت إلى النتيجة التي انتهت إليها في قضائها وبررتها بأسباب تستقيم معها كما هي الحال فى الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهى إليها الحكم وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
3- استقر قضاء محكمة النقض على أن الطعن بالنقض إنما يعنى محاكمة الحكم المطعون فيه، ومن ثم يُتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم، فإذا خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي واردًا على غير محل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه – والتي لم يقدم البنك ما يدل على خلافها – أن البنك الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بالتعويض تأسيسًا على إساءتها لاستخدام حق التقاضي، وليس على أساس من إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، ومن ثم فإن النعى يكون غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
4- العبرة في تفصيل أسباب الطعن – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض– هي بما جاء بصحيفة الطعن وحدها، فالمادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بُني عليها الطعن وإلا كان باطلًا، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتُعَرَف تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، من ثم فإن كل سبب يُراد التحدي به يجب أن يكون مبينًا بيانًا دقيقًا، فإذا كان السبب محددًا تحديدًا نوعيًا عامًا فحسب كان الطعن به غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يوردا في صحيفة طعنهما بالنقض تفصيل أسس الدفعين اللذين يعيبان على الحكم أنه أغفل الرد عليهما، وكان لا يغني عن هذا إيراد هذا التفصيل الواجب أن يرفق الطاعنان ضمن مستنداتهما مذكرتي الدفاع المقدمتين إلى محكمة الموضوع بجلستى22/1/2012 و25/10/2015 لتستخرج منهما محكمة النقض تفصيل أوجه الطعن التي يعيبان على الحكم إغفال الرد عليها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
5- المقرر أن دخول الدين في الحساب الجاري يؤدى إلى تجديده بتحوله إلى مجرد مفرد في الحساب الجاري بحيث يمتنع على أي من طرفي الحساب أن يدعى بخصوص هذا الدين على أساس العقد الذى أنشأه، بل كل ما له هو الاستناد إلى عقد الحساب الجاري، ويترتب على ذلك أن تقادم الدين الذى دخل الحساب لا يصبح خاضعًا للتقادم الذى كان يحكمه قبل دخوله الحساب، بل يخضع للتقادم المقرر للرصيد الناشئ عن عقد الحساب الجاري وهو التقادم العادي الذي لا تبدأ مدته إلا من تاريخ قفل هذا الحساب واستخراج الرصيد .
6- المقرر أن قانون التجارة تقوم فلسفته على المغايرة في مدد التقادم المتعلقة بالموضوعات التي تولى تنظيمها؛ فبينما خص التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بتقادم قصير مدته سبع سنوات وفقًا للمادة 68 منه، فقد جعل تقادم دين رصيد الحساب الجاري وعائده خاضعًا للقواعد العامة إعمالاً للمادة 372 من ذات القانون، باعتبار أن الأصل في الالتزام مدنيًا كان أو تجاريًا أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقًا للمادة 374 من القانون المدني، ومن ثم فإن مدة التقادم المنصوص عليه فى المادة 68 من قانون التجارة لا يخضع لها تقادم دين رصيد الحساب الجاري.
7- إذ كان الثابت من الأوراق أن البنك المطعون ضده منح الشركة الطاعنة الأولى، بكفالة الطاعن الثاني، تسهيلات ائتمانية اعتبارًا من 15/11/2000 تمثلت فى ثلاثة عقود هي عقد اعتماد بضمان أوراق تجارية، وعقد اعتماد بضمان بضائع، وعقد حساب جارى مدين، ونشأت عن ذلك المديونية المطالب بها وصارت مفردًا من مفردات الحساب الجاري ومن ثم فإنها لا تخضع للتقادم المنصوص عليه في المادة 68 من قانون التجارة، وإنما تخضع للتقادم العادي الناشئ عن عقد الحساب الجاري ومدته خمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ قفل الحساب، فإنه وأيًا كان وجه الرأي في تحديد تاريخ قفل الحساب، فإن مدة التقادم هذه لم تكن قد اكتملت في تاريخ إقامة الدعوى الفرعية من البنك للمطالبة بمبلغ 73/335‚406‚8 جنيه حق 13/4/2008، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع الذى لا يستند إلى أساس قانوني سليم، ويضحى النعي على الحكم بهذا الشق على غير أساس.
8- المقرر أن مسئولية البنك المرتهن عن تحصيل الحقوق الثابتة فى الأوراق المرهونة هى مسئولية عقدية يلتزم فيها ببذل عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 1103 من القانون المدني، إلا أن القانون لا يمنع من الاتفاق على إعفائه من تبعة الخطأ التعاقدي بشرط ألا يكون قد وقع نتيجة غش أو خطأ جسيم إعمالاً للمادة 217(2) من ذات القانون.
9- الخطأ الجسيم هو خطأ غير عمدى ولا يخرج عن الإهمال وعدم الاحتياط ويقوم على عدم الاكتراث البالغ بالالتزامات واستهتار كبير بالحقوق دون النظر إلى الضرر محتمل الوقوع بحيث يكون المدين قد واجه احتمال وقوع الضرر كنتيجة محتملة لفعله دون أن يكترث بذلك.
10- المقرر أن الدفاع الجوهرى الذى تلتزم محكمة الموضوع بمواجهته وإبداء الرأى فيه هو الدفاع الذى يترتب على الأخذ به تغيير وجه الرأى فى الدعوى، ويكون مدعيه قد أقام عليه الدليل أمام المحكمة أو طلب منها وفقًا للأوضاع المقررة فى القانون تمكينه من إثباته، ويترتب على إغفال الحكم بحث هذا الدفاع قصوره فى أسبابه الواقعية بما يقتضى بطلانه.
11- إذ كان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة الأولى دفعت أمام محكمة الموضوع ببطلان البند العاشر من عقد الاعتماد بضمان أوراق تجارية - موضوع الدعوى – والمتضمن إعفاء البنك من إجراء البروتستو ومن رفع دعوى الرجوع في الميعاد ضد المدينين فى الأوراق التجارية المظهرة له، وأحقيتها في الرجوع على البنك بالتعويض استنادًا إلى وجود خطأ جسيم من جانب البنك المطعون ضده يتمثل في عدم إخطارها بالأوراق التجارية التي لم يتم تحصيلها لاتخاذ ما تراه مناسبًا وما ترتب على ذلك من سقوط تلك الأوراق بالتقادم مع أن الشركة سبق لها أن أخطرت البنك بذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يقسطه حقه بالبحث، وإنما قضى برفض الدعوى على مجرد القول بأن الشركة أعفت البنك بموجب البند 10 من العقد من مسئولية رفع دعوى الرجوع في الميعاد القانوني، بغير أن يستظهر فحوى دفاعها بما إذا كان هذا الإعفاء مقصورًا فقط على إجراءين هما إجراء البروتستو في الميعاد ورفع دعوى الرجوع على المدينين أم يمتد كذلك إلى إعفاء البنك من واجبه في المحافظة على المال المرهون وإخطار العميل (الشركة) بما لديه من أوراق تجارية أوشكت على التقادم قبل حلول أجل ذلك حتى تتخذ من جانبها ما تراه بشأنها، مع أن دفاع الطاعنين في هذا الخصوص جوهريًا من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور في التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الشق الخاص بالدعوى الأصلية.
12- المقرر في قضاء النقض أن الأحكام يجب أن تُبنى على أسباب واضحة جلية أما إذا كانت أسباب الحكم لا يُستبان منها وجه الرأي الذي أخذت به المحكمة وجعلته أساس قضائها فإن هذا الإبهام والغموض والنقص في التسبيب يعيب الحكم بالقصور المبطل.
13- المقرر أن مصدر الالتزام هو الأساس والسبب القانوني الذي ينشئ الالتزام وتُبنىَ عليه الدعوى سواء كان عقدًا أم إرادة منفردة أم عملاً غير مشروع أم إثراءً بلا سبب أم نصًا في القانون.
14- إذ كان البين من الأوراق أن البنك المطعون ضده طلب فى دعواه الفرعية إلزام الطاعنين بأداء مبلغ 73/335‚406‚8 جنيه حق 13/4/2008 قيمة الأوراق التجارية المرتدة وعائد بواقع 15% من تاريخ المطالبة حتى السداد، فندبت المحكمة خبيرًا انتهى في تقريره إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده - المدعى في الدعوى الفرعية - تحكمها ثلاثة عقود هي عقد اعتماد بضمان أوراق تجارية، وعقد اعتماد بضمان بضائع، وعقد حساب جارى مدين، وأن المديونية الناشئة عن هذه العقود الثلاثة والمستحقة في ذمة الشركة الطاعنة قيمتها مبلغ 93/724‚045‚8 جنيه باعتبار أن العائد 15,5% سنويًا، ثم ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية انتهت في تقريرها إلى أن المديونية الناشئة عن العقود سالفة الذكر استحقاق 9/4/2012 بمبلغ 17/569‚310‚16 جنيه حق 9/4/2014 باعتبار أن العائد بواقع 15,5% سنويًا، فعدل البنك طلباته في الدعوى الفرعية بناءً على ذلك – الطلبات الختامية – إلى إلزام الطاعنين بمبلغ المديونية المذكور والناشئ عن عقود التسهيلات المشار إليها آنفًا، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنين متضامنين بأداء مبلغ 501‚210‚8 جنيه حق 13/4/2008 بخلاف ما يُستجد من عوائد اتفاقية بواقع 15,5% سنويًا وحتى تمام السداد، تأسيسًا على أن هذا المبلغ يمثل قيمة الأوراق التجارية المرتدة وفقًا للبيان المقدم من البنك أمام لجنة الخبراء، دون أن يبين الأساس القانوني الذي أقام عليه قضاءه هذا، وما إذا كان قد استند في ذلك إلى قواعد قانون الصرف بشأن حق رجوع حامل الورقة على الملتزمين بها أم في ضوء طلبات البنك المطعون ضده الختامية في دعواه بإلزام الشركة الطاعنة الأولى بالمديونية الناشئة عن العقود محل النزاع وما انتهى إليه تقريري الخبرة في هذا الخصوص، كما لم يبين الحكم سنده القانوني في القضاء بالفوائد أو في إلزام الطاعن الثاني بالمبلغ المقضي به، وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الشركة الطاعنة الأولى فى الطعن الأول أقامت الدعوى رقم ... لسنة 2007 جنوب القاهرة الابتدائية على البنك المطعون ضده فى ذات الطعن بطلب الحكم بإلزامه أداء مبلغ 000‚356‚24 جنيه قيمة الأوراق التجارية محل التداعى، ومبلغ عشرة ملايين جنيه تعويضًا عن الأضرار التى لحقتها والفوائد القانونية على هذين المبلغين من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد، وبيانًا لذلك قالت إنه بموجب عقد اعتماد بضمان أوراق تجارية منحها البنك تسهيلًا ائتمانيًا، فسلمته مقابل ذلك أوراقًا تجارية مسحوبة على عملائها بلغت قيمتها عدة ملايين بعد أن ظهرتها له تظهيرًا ناقلا للملكية نفاذًا لبنود عقد الاعتماد المبرم بينهما، وإذ لم يقم البنك باعتباره دائنًا مرتهنًا لهذه الأوراق التجارية بمطالبة المدينين بها أو اتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم رغم مخاطبته مرارًا بذلك الأمر الذى ترتب عليه ضياع حقوقها فى المطالبة بقيمة تلك الأوراق التجارية، ومن ثم كانت الدعوى. وجه البنك المطعون ضده دعوى فرعية ضد الشركة الطاعنة بطلب الحكم بإلزامها أداء مبلغ 73/335‚406‚8 جنيه حق 13/4/2008 قيمة الأوراق التجارية المرتدة وما يُستجد من عمولات بعائد بواقع 15% سنويًا بخلاف 1,5% عمولة أعلى رصيد مدين من تاريخ المطالبة حتى تاريخ السداد، وأدخل البنك الطاعن الثانى، فى ذات الطعن، خصمًا فى الدعوى عن نفسه وبصفته كفيلًا للشركة الطاعنة الأولى، كما أدخل خصومًا جددًا -غير مختصمين فى الطعنين- من المدينين بالأوراق التجارية محل التداعى. وكذلك أقام البنك الدعوى رقم ... لسنة 2008 تجارى جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة الأولى بطلب الحكم بإلزامها بأداء عشرة ملايين جنيهًا تعويضًا عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته من جراء قيامها برفع الدعوى سالفة البيان، ضمت المحكمة الدعوى الثانية للأولى وقررت إحالتهما إلى الدائرة الاستئنافية بمحكمة القاهرة الاقتصادية حيث أعيد قيدهما برقمى 174، 282 لسنة 1ق على التوالى. وأدخل البنك خصومًا جددًا من المدينين بالأوراق التجارية محل التداعى، غير مختصمين فى الطعنين. ندبت المحكمة خبيرًا، ثم لجنة ثلاثية لأداء المأمورية المبينة بمنطوق كل حكم تمهيدى، وبعد أن أودعت لجنة الخبراء تقريرها، عدل البنك طلباته فى الدعوى الفرعية إلى إلزام الطاعنين فى الطعن الأول متضامنين أداء مبلغ 17/569‚310‚16 جنيه حق 9/4/2014 وما يستجد من عوائد اتفاقية بواقع 15,5% حتى السداد. وبجلسة 10/4/2017 قضت المحكمة أولاً: فى الدعوى الأصلية رقم 274 لسنة 1ق برفضها. وفى موضوع الدعوى الفرعية المقامة من البنك بإلزام الطاعنين فى الطعن الأول متضامنين أن يؤديا للبنك مبلغ 501‚210‚8 جنيه حق 13/4/2008 بخلاف ما يُستجد من عوائد اتفاقية بواقع 15,5% سنويًا وحتى تمام السداد. ثانيًا: فى الدعوى رقم ... لسنة 1ق برفضها. طعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ... لسنة 87ق، كما طعن البنك فى هذا الحكم بالطعن رقم ... لسنة 87ق، وقدمت النيابة مذكرة فى كل طعن، وأبدت الرأى فى الطعن الأول بنقض الحكم المطعون فيه نقضًا جزئيًا بخصوص الدعوى الفرعية، وفى الطعن الثانى برفضه. وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة على دائرة فحص الطعون الاقتصادية حددت جلسة لنظرهما وفيها قررت المحكمة ضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد، والتزمت النيابة رأيها.
أولاً: الطعن رقم 9535 لسنة 87 ق:
حيث إن البنك الطاعن ينعىَ بالوجهين الأول والثالث من السبب الأول وبالسبب الثاني من سببي طعنه على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى في قضائه إلى عدم توافر الخطأ في جانب الشركة المطعون ضدها استنادًا إلى أنها استعملت حقها المشروع في الالتجاء إلى القضاء برفع دعواها لإثبات حقها ونفى عنها سوء النية في التجائها للتقاضي، ولم يشر الحكم في كل ذلك إلى أسانيد البنك والمستندات التي قدمها لإثبات توافر ركن الخطأ في جانب المطعون ضدها وسوء نيتها في رفع دعواها لاسيما وقد سبق حصولها على قيمة بعض الأوراق التجارية محل التداعي قبل رفع دعواها كالمخالصة المؤرخة 26/10/2003 وهو تاريخ سابق على رفع دعواها والثابت بها استلامها وتحصيلها قيمة بعض الأوراق التجارية المرتدة محل النزاع وهو ما أكده الخبير المنتدب الذى أثبت حصولها على مخالصات من بعض الخصوم المدخلين تفيد استلامها قيمة بعض الأوراق التجارية المرتدة، وهو ما يعيب الحكم المطعون ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأنه من الأصول المقررة أن حق التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة التي تثبت للكافة، فلا يُسأل من يلج أبواب القضاء تمسكًا أو ذودًا عن حق يدعيه لنفسه، إلا أنه إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم، فإنه تحق مساءلته عن تعويض الأضرار التي تلحق بهذا الخَصم بسبب إساءة استعمال هذا الحق، وتقدير قيام التعسف والغلو في استعمال الحق استعمالاً كيديًا ابتغاء مضارة الغير أو عدم قيامه وتوافر نية الإضرار وثبوت الضرر الناتج عن هذا هو مما تستقل به محكمة الموضوع دون رقابه عليها فى ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه انتهى إلى أن الأوراق قد خلت مما يفيد سوء نية الشركة المطعون ضدها عند رفع دعواها وأن الالتجاء إلى التقاضي هو حق مشروع للجميع كما أن البنك الطاعن لم يقدم ما يفيد سوء نية أو التعسف أو الغلو من الشركة المذكورة في استخدام حق التقاضي عند رفع دعواها، ومؤدى ذلك أن الحكم قد استخلص أنها أقامت دعواها في نطاق استعمالها لحق التقاضي دون أن تنحرف في استعماله ولم يثبت أنها قصدت مضارة الطاعن، وإذ كان هذا الاستخلاص سائغًا ويتفق وصحيح القانون ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب الخصوم في جميع مناحي أقوالهم استقلالاً متى اطمأنت إلى النتيجة التى انتهت إليها فى قضائها وبررتها بأسباب تستقيم معها كما هى الحال فى الدعوى، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً فيما لمحكمة الموضوع من سلطة تقديره بغية الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التى انتهى إليها الحكم وهو لا ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن البنك الطاعن ينعىَ بالوجه الثانى من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، وفى بيان ذلك يقول إن الحكم انتهى إلى رفض دعواه استنادًا إلى عدم توافر الخطأ فى جانب الشركة المطعون ضدها باعتبار أنها استعملت حقها المشروع فى الالتجاء إلى القضاء، ملتفتًا بذلك عن الدفاع المبدى من البنك من أن عقد الاعتماد المؤرخ 15/11/2000 والمبرم بينه وبين الشركة تضمن التزامها بسداد قيمة الأوراق التجارية المرتدة، وأنها بدلاً من الوفاء بالتزاماتها التعاقدية أقامت الدعوى رقم ... لسنة 1ق لمطالبة البنك بسداد قيمة الأوراق التجارية المرتدة فتكون قد أخلت ببنود العقد المذكور ويكون طلب البنك بالتعويض عن إخلالها بالتزاماتها التعاقدية متفقًا وصحيح القانون، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك بأن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الطعن بالنقض إنما يعنى محاكمة الحكم المطعون فيه، ومن ثم يُتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه الحكم، فإذا خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي واردًا على غير محل. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه – والتي لم يقدم البنك ما يدل على خلافها – أن البنك الطاعن أقام دعواه بطلب الحكم بإلزام الشركة المطعون ضدها بالتعويض تأسيسًا على إساءتها لاستخدام حق التقاضي، وليس على أساس من إخلالها بالتزاماتها التعاقدية، ومن ثم فإن النعي يكون غير مقبول لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ثانيًا: الطعن رقم 9529 لسنة 87 ق:
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالشقين الأول والثاني من الوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الشركة الطاعنة الأولى دفعت أمام محكمة الموضوع ببطلان صحيفة الطلب العارض المقدمة من البنك المطعون ضده وفقًا للمادة 63 (3) من قانون المرافعات، وبعدم قبول الطلب العارض لعدم اتصاله بالطلب الأصلي طبقًا للمادة 125 (3) من ذات القانون، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل الرد على هذين الدفعين الجوهريين، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير مقبول، ذلك بأن العبرة فى تفصيل أسباب الطعن – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – هى بما جاء بصحيفة الطعن وحدها، فالمادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بُنى عليها الطعن وإلا كان باطلًا، إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتُعَرَف تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا وافيًا نافيًا عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه، من ثم فإن كل سبب يُراد التحدى به يجب أن يكون مبينًا بيانًا دقيقًا، فإذا كان السبب محددًا تحديدًا نوعيًا عامًا فحسب كان الطعن به غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعنان لم يوردا فى صحيفة طعنهما بالنقض تفصيل أسس الدفعين اللذين يعيبان على الحكم أنه أغفل الرد عليهما، وكان لا يغنى عن هذا إيراد هذا التفصيل الواجب أن يرفق الطاعنان ضمن مستنداتهما مذكرتى الدفاع المقدمتين إلى محكمة الموضوع بجلستى 22/1/2012 و25/10/2015 لتستخرج منهما محكمة النقض تفصيل أوجه الطعن التى يعيبان على الحكم إغفال الرد عليها، فإن النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص يكون مجهلاً وبالتالى غير مقبول.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالشق الثالث من الوجه الثانى من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه انتهى فى قضائه إلى إجابة البنك المطعون ضده إلى طلبه العارض بإلزامهما بالمبلغ المقضى به، مغفلاً الرد على الدفع الجوهرى الذى أبدته الشركة الطاعنة الأولى من سقوط الحق فى إبداء هذا الطلب بالتقادم إعمالاً للمادة 68 من قانون التجارة لمضى أكثر من سبع سنوات على تاريخ الاستحقاق دون مطالبة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى غير سديد، ذلك بأنه من المقرر أن دخول الدين فى الحساب الجارى يؤدى إلى تجديده بتحوله إلى مجرد مفرد فى الحساب الجارى بحيث يمتنع على أى من طرفى الحساب أن يدعى بخصوص هذا الدين على أساس العقد الذى أنشأه، بل كل ما له هو الاستناد إلى عقد الحساب الجارى، ويترتب على ذلك أن تقادم الدين الذى دخل الحساب لا يصبح خاضعًا للتقادم الذى كان يحكمه قبل دخوله الحساب، بل يخضع للتقادم المقرر للرصيد الناشئ عن عقد الحساب الجارى وهو التقادم العادى الذى لا تبدأ مدته إلا من تاريخ قفل هذا الحساب واستخراج الرصيد. وأن قانون التجارة تقوم فلسفته على المغايرة فى مدد التقادم المتعلقة بالموضوعات التى تولى تنظيمها؛ فبينما خص التزامات التجار قبل بعضهم البعض والمتعلقة بمعاملاتهم التجارية بتقادم قصير مدته سبع سنوات وفقًا للمادة 68 منه، فقد جعل تقادم دين رصيد الحساب الجارى وعائده خاضعًا للقواعد العامة إعمالاً للمادة 372 من ذات القانون، باعتبار أن الأصل فى الالتزام مدنيًا كان أو تجاريًا أن يتقادم بانقضاء خمس عشرة سنة وفقًا للمادة 374 من القانون المدنى، ومن ثم فإن مدة التقادم المنصوص عليه فى المادة 68 من قانون التجارة لا يخضع لها تقادم دين رصيد الحساب الجارى. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن البنك المطعون ضده منح الشركة الطاعنة الأولى، بكفالة الطاعن الثانى، تسهيلات ائتمانية اعتبارًا من 15/11/2000 تمثلت فى ثلاثة عقود هى عقد اعتماد بضمان أوراق تجارية، وعقد اعتماد بضمان بضائع، وعقد حساب جارى مدين، ونشأت عن ذلك المديونية المطالب بها وصارت مفردًا من مفردات الحساب الجارى ومن ثم فإنها لا تخضع للتقادم المنصوص عليه فى المادة 68 من قانون التجارة، وإنما تخضع للتقادم العادى الناشئ عن عقد الحساب الجارى ومدته خمس عشرة سنة تبدأ من تاريخ قفل الحساب، فإنه وأيًا كان وجه الرأى فى تحديد تاريخ قفل الحساب، فإن مدة التقادم هذه لم تكن قد اكتملت فى تاريخ إقامة الدعوى الفرعية من البنك للمطالبة بمبلغ 73/335‚406‚8 جنيه حق 13/4/2008، ومن ثم فلا على الحكم المطعون فيه إن هو أغفل الرد على هذا الدفاع الذى لا يستند إلى أساس قانونى سليم، ويضحى النعى على الحكم بهذا الشق على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسبب الأول والوجه الأول من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه والقصور فى التسبب والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه انتهى إلى رفض دعوى الشركة الطاعنة الأولى استنادًا إلى أن البند العاشر من عقد الاعتماد بضمان الأوراق التجارية موضوع النزاع تضمن إعفاء البنك المطعون ضده من إجراء البروتستو فى الميعاد ضد المدينين والمحيلين والمظهرين ومن رفع دعوى الرجوع عليهم، ملتفتًا عن الرد على ما دفعت به الشركة من بطلان هذا البند لمخالفته للمادة 1103 من القانون المدنى التى تلزم البنك باعتباره دائنًا مرتهنًا بالمحافظة على المال المرهون – الأوراق التجارية محل النزاع – وأن يبذل فى سبيل ذلك عناية الرجل المعتاد، وأن الإعفاء مقصور على إجراءين فقط هما إجراء البروتستو فى الميعاد ورفع دعوى الرجوع على المدينين ولا يمتد إلى إعفاء البنك من واجبه فى المحافظة على المال المرهون وإخطار العميل بما لديه من أوراق تجارية أوشكت على التقادم قبل حلول أجل ذلك حتى يتخذ ما يراه بشأنها، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى سديد، ذلك أنه من المقرر أن مسئولية البنك المرتهن عن تحصيل الحقوق الثابتة فى الأوراق المرهونة هى مسئولية عقدية يلتزم فيها ببذل عناية الرجل المعتاد حسبما تنص المادة 1103 من القانون المدنى، إلا أن القانون لا يمنع من الاتفاق على إعفائه من تبعة الخطأ التعاقدى بشرط ألا يكون قد وقع نتيجة غش أو خطأ جسيم إعمالاً للمادة 217(2) من ذات القانون. والخطأ الجسيم هو خطأ غير عمدى ولا يخرج عن الإهمال وعدم الاحتياط و يقوم على عدم الاكتراث البالغ بالالتزامات واستهتار كبير بالحقوق دون النظر إلى الضرر محتمل الوقوع بحيث يكون المدين قد واجه احتمال وقوع الضرر كنتيجة محتملة لفعله دون أن يكترث بذلك. وكان من المقرر أن الدفاع الجوهرى الذى تلتزم محكمة الموضوع بمواجهته وإبداء الرأى فيه هو الدفاع الذى يترتب على الأخذ به تغيير وجه الرأى فى الدعوى، ويكون مدعيه قد أقام عليه الدليل أمام المحكمة أو طلب منها وفقًا للأوضاع المقررة فى القانون تمكينه من إثباته، ويترتب على إغفال الحكم بحث هذا الدفاع قصوره فى أسبابه الواقعية بما يقتضى بطلانه. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الشركة الطاعنة الأولى دفعت أمام محكمة الموضوع ببطلان البند العاشر من عقد الاعتماد بضمان أوراق تجارية - موضوع الدعوى – والمتضمن إعفاء البنك من إجراء البروتستو ومن رفع دعوى الرجوع فى الميعاد ضد المدينين في الأوراق التجارية المظهرة له، وأحقيتها فى الرجوع على البنك بالتعويض استنادًا إلى وجود خطأ جسيم من جانب البنك المطعون ضده يتمثل فى عدم إخطارها بالأوراق التجارية التي لم يتم تحصيلها لاتخاذ ما تراه مناسبًا وما ترتب على ذلك من سقوط تلك الأوراق بالتقادم مع أن الشركة سبق لها أن أخطرت البنك بذلك، وإذ كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذا الدفاع ولم يقسطه حقه بالبحث، وإنما قضى برفض الدعوى على مجرد القول بأن الشركة أعفت البنك بموجب البند 10 من العقد من مسئولية رفع دعوى الرجوع فى الميعاد القانوني، بغير أن يستظهر فحوى دفاعها بما إذا كان هذا الإعفاء مقصورًا فقط على إجراءين هما إجراء البروتستو في الميعاد ورفع دعوى الرجوع على المدينين أم يمتد كذلك إلى إعفاء البنك من واجبه في المحافظة على المال المرهون وإخطار العميل (الشركة) بما لديه من أوراق تجارية أوشكت على التقادم قبل حلول أجل ذلك حتى تتخذ من جانبها ما تراه بشأنها، مع أن دفاع الطاعنين فى هذا الخصوص جوهريًا من شأنه - لو صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، فإن الحكم يكون معيبًا بالقصور فى التسبيب فضلاً عن إخلاله بحق الدفاع بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الشق الخاص بالدعوى الأصلية.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعنان بالسببين الثالث والرابع من أسباب طعنهما على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور فى التسبيب والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قضى في الدعوى الفرعية بإلزامهما متضامنين أن يؤديا للبنك المطعون ضده مبلغ 501‚210‚8 جنيه حق 13/4/2008 وبعوائد اتفاقية بواقع 15,5% سنويًا دون أن يبين أسباب ذلك القضاء أو سنده القانوني فى إلزامهما بالعوائد الاتفاقية، وعول في قضائه على البيان المقدم من البنك بشأن الأوراق التجارية المرتدة دون تحصيل مع أن هذا البيان من صنع البنك كدليل لنفسه، ولم يبين الحكم كذلك سنده فى إلزام الطاعن الثاني بالتضامن بالمبلغ المحكوم به على الشركة رغم خلو عقد الاعتماد من بيان مقدار الدين المكفول، الأمر الذى يجعل أسبابه مجهلة ويعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في أساسه سديد، ذلك بأنه من المقرر في قضاء النقض أن الأحكام يجب أن تُبنى على أسباب واضحة جلية أما إذا كانت أسباب الحكم لا يُستبان منها وجه الرأي الذي أخذت به المحكمة وجعلته أساس قضائها فإن هذا الإبهام والغموض والنقص في التسبيب يعيب الحكم بالقصور المبطل. وكان من المقرر أن مصدر الالتزام هو الأساس والسبب القانوني الذي ينشئ الالتزام وتُبنىَ عليه الدعوى سواء كان عقدًا أم إرادة منفردة أم عملاً غير مشروع أم إثراءً بلا سبب أم نصًا فى القانون. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن البنك المطعون ضده طلب في دعواه الفرعية إلزام الطاعنين بأداء مبلغ 73/335‚406‚8 جنيه حق 13/4/2008 قيمة الأوراق التجارية المرتدة وعائد بواقع 15% من تاريخ المطالبة حتى السداد، فندبت المحكمة خبيرًا انتهى في تقريره إلى أن العلاقة بين الشركة الطاعنة والبنك المطعون ضده - المدعي في الدعوى الفرعية - تحكمها ثلاثة عقود هي عقد اعتماد بضمان أوراق تجارية، وعقد اعتماد بضمان بضائع، وعقد حساب جارى مدين، وأن المديونية الناشئة عن هذه العقود الثلاثة والمستحقة في ذمة الشركة الطاعنة قيمتها مبلغ 93/724‚045‚8 جنيه باعتبار أن العائد 15,5% سنويًا، ثم ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية انتهت فى تقريرها إلى أن المديونية الناشئة عن العقود سالفة الذكر استحقاق 9/4/2012 بمبلغ 17/569‚310‚16 جنيه حق 9/4/2014 باعتبار أن العائد بواقع 15,5% سنويًا، فعدل البنك طلباته في الدعوى الفرعية بناءً على ذلك – الطلبات الختامية – إلى إلزام الطاعنين بمبلغ المديونية المذكور والناشئ عن عقود التسهيلات المشار إليها آنفًا، غير أن الحكم المطعون فيه قضى بإلزام الطاعنين متضامنين بأداء مبلغ 501‚210‚8 جنيه حق 13/4/2008 بخلاف ما يُستجد من عوائد اتفاقية بواقع 15,5% سنويًا وحتى تمام السداد، تأسيسًا على أن هذا المبلغ يمثل قيمة الأوراق التجارية المرتدة وفقًا للبيان المقدم من البنك أمام لجنة الخبراء، دون أن يبين الأساس القانوني الذي أقام عليه قضاءه هذا، وما إذا كان قد استند في ذلك إلى قواعد قانون الصرف بشأن حق رجوع حامل الورقة على الملتزمين بها أم في ضوء طلبات البنك المطعون ضده الختامية في دعواه بإلزام الشركة الطاعنة الأولى بالمديونية الناشئة عن العقود محل النزاع وما انتهى إليه تقريري الخبرة في هذا الخصوص، كما لم يبين الحكم سنده القانوني في القضاء بالفوائد أو في إلزام الطاعن الثاني بالمبلغ المقضي به، وهو ما يعيبه بالقصور فى التسبيب والفساد في الاستدلال ويوجب نقضه جزئيًا أيضًا في هذا الشق الخاص بالدعوى الفرعية.
وحيث إنه إعمالاً للمادة الثانية عشرة من قانون المحاكم الاقتصادية، فإنه يتعين الفصل فى موضوع الدعويين الأصلية والفرعية اللتين تم نقضهما، ولما تقدم. ولما كانت هذه المحكمة فى سبيل الفصل في الموضوع، ترى استجلاءً لوجوه الدفاع المقدمة في الدعوى ضرورة ندب لجنة من الخبراء المصرفيين لأداء المأمورية المبينة في المنطوق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق