بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 18-06-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 93 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
م. ل. ا. ش. .. ..
ا. ا. ا.
مطعون ضده:
ح. ع. ع. ع.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1880 استئناف تجاري بتاريخ 26-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر / محمد السيد النعناعي، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 2408 لسنة 2024 تجاري علي المطعون ضده بطلب الحكم بإلزامه بسداد مبلغ 2,208,499 درهم قيمة الآلة التي قام بإرجاعها للشركة الإيطالية، ومبلغ 1,746,800 درهم قيمة التسوية المسددة منهما إلى الشركة المذكورة والفائدة عن المبلغين بواقع 9%من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، ومبلغ 20,000 درهم قيمة مصروفات أتعاب المحاماة التي تكبدتها الطاعنة الأولي في دعوى التحكيم لدى غرفة ميلانو إيطاليا، ومبلغ 993,824.55 درهم تعويضاً عن فوات الكسب عن ثمن الآلة المشار إليها، ومبلغ 97,629.37 درهم تعويضا عن فوات الكسب عن مبلغ التسوية السالف بيانه مع الفائدة عن المبلغين الأخيرين بواقع 9% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام، ومبلغ 2,000,000 درهم تعويضاً عن الأضرار الأدبية وإساءة السمعة والتأثير على المعاملات المستقبلية للطاعنة الثانية. وذلك تأسيسا علي أنه بموجب مذكرة التفاهم المؤرخة 3-9-2020 اشترت الطاعنة الثانية من المطعون ضده كامل حصصه في المطعون ضدها الأولي وقد أقر في المذكرة المذكورة بأنه أفصح عن كامل العقود والاتفاقيات الموقعة من الأخيرة داخل الدولة وخارجها خلال فترة وجوده شريكاً ومديراً فيها وبتحمله كامل المسؤولية وتعويضها عن أية خسارة تتعرض لها نتيجة عدم الإفصاح عما قبل توقيع تلك المذكرة وقد أنذرتها شركة بيبر كونفيرتينج ماشين أس بي إيه الإيطالية بوجوب سداد مبلغ 500,000 يورو قيمة التعويض المتفق عليه في اتفاقية التسوية المبرمة بين تلك الشركة والمطعون ضده ولم يفصح الأخير عنها وقت التعاقد ثم أقامت تلك الشركة ضدها دعوى تحكيمية في إيطاليا وقضي فيها بإلزامها بأن تؤدي مبلغ 579,199.06 يورو والفائدة القانونية وقد تم تسوية المبلغ بينهما بسدادها مبلغ 440,000 يورو كتسوية نهائية، وهو ما يحق معه لهما مطالبته بهذا المبلغ وكذا بقيمة آلة تم إرجاعها للشركة الإيطالية دون إيداع ثمنها في حساب الشركة الطاعنة الأولي وإساءته لسمعتها والكسب الفائت من ثمن الآلة والمبلغ المسدد في التسوية ومصروفات ورسوم تلك الدعوى التحكيمية، كما وأنه سبق للمطعون ضده أن أقام ضدهما الدعوى رقم 175 لسنة 2021 تجاري دبي وفيها وجهتا إليه دعوي متقابلة بإلزامه بقيمة الألة والشرط الجزائي المدفوع للشركة الإيطالية وقد قضي فيها بالرفض لأن حكم التحكيم لم يصبح باتا ولعدم تقديم الدليل علي سداد المبالغ الذي قضي بها وإذ تم سداد مبلغ التسوية سالف البيان بعد صيرورة الحكم التحكيم باتا ومن ثم فقد أقامتا الدعوي للحكم لهما بالطلبات السابقة. وبتاريخ 25-9-2024 حكمت المحكمة بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالدعوى رقم 175 لسنة 2021 تجاري كلي دبي والمؤيد بالاستئناف رقم 618 لسنة 2022 تجاري. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 1888 لسنة 2024 تجاري، وبتاريخ 26-12-2024 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما يتعلق بالمطالبة بالتعويض عن الكسب الفائت عن ثمن الآلة والكسب الفائت عن مبلغ التسوية والقضاء مجدداً برفضهما، وبتأييد الحكم فيما عدا ذلك. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوي لدي هذه المحكمة بتاريخ 24- 1-2025 طلبت فيها نقضه، وقدم محامي المطعون ضده مذكرة بالدفاع طلب فيها رفض الطعن، والمحكمة في غرفة مشورة رأت أن الطعن جدير بالنظر فحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن أقيم علي أربعة أسباب تنعي بها الطاعنتان على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع إذ أيد قضاء الحكم الابتدائي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 175 لسنة 2021 تجاري كلي والمؤيد بالاستئناف رقم 618 لسنة 2022 تجاري وذلك فيما يتعلق بالمطالبة الخاصة بمبلغ وقدره 1,746,800.00 درهم قيمة التسوية المسددة منهما للشركة الإيطالية التي تمثل قيمة الشرط الجزائي موضوع حكم تحكيم غرفة ميلانو على الرغم من أن الحكم الصادر في الدعوى رقم 175 لسنة 2021 تجاري كلي قد أغفل هذا الطلب وأن الحكم الاستئنافي سالف البيان قد قضي برفض هذا الطلب بحالته لعدم صيرورة حكم التحكيم نهائيا ولعدم تقديم ما يفيد سداد المبلغ المحكوم به من هيئة التحكيم وإذ ثبت من المستندات المقدمة في الدعوي قيام الطاعنة الأولي بسداد المبلغ سالف البيان للشركة الإيطالية بموجب اتفاقية التسوية التي أودعت ملف التنفيذ رقم 5815/2024 تنفيذ تجاري دبي فإنه يحق لها معاودة طلب الحكم لها بهذا المبلغ، كما أن الحكم رفض إجابتهما إلي طلباتهما بإلزام المطعون ضده بان يؤدي لهما مبلغ 97,629.37 درهم تعويضاً عن فوات الكسب عن مبلغ التسوية النهائية المسدد عن الشرط الجزائي مع الشركة الإيطالية ومبلغ وقدره 2,208,499.00 درهم قيمة الآلة التي قام بإرجاعها للشركة الإيطالية ومبلغ وقدره 993,824.55 درهم تعويضاً عن فوات الكسب عن ثمن تلك الآلة المدفوع بالزيادة في قيمة الأصول بمبلغ وقدره 2,000,000.00 درهم تعويضاً عن قيمة الإضرار الأدبية و إساءة السمعة و التأثير على المعاملات المستقبلية للطاعنة الثانية علي الرغم من أن الخبرة قد انتهت إلي ثبوت خطأ الأخير لقيامه بتسجيل قيمة الألة التي أعادها للشركة الإيطالية ضمن حسابه الجاري وعدم استبعادها من الأصول الثابتة مما أدى إلى تعلية أصول الشركة بقيمة 549,925 يورو وترتب علي ذلك أن فاتها الكسب من استثمار هذا المبلغ في أي وسيلة استثمارية من تاريخ سداده ولإخلاله بالتزامه الواردة بمذكرة التفاهم سند الدعوي بعدم الإفصاح عن مذكرة التسوية المبرمة بينه وبين الشركة الإيطالية خلال فترة تملكه وإدارته للطاعنة الأولي قبل بيعها للطاعنة الثانية والتي ترتب عليها تكبد الطاعنتين للمبالغ المطالب بها فضلا عما لحقهما بسبب ذلك من أضرار تستوجب تعويضهما عن الكسب الفائت والأضرار المعنوية التي طالت بسمعة الطاعنة الأولى إثر الحجز على أصولها بسبب الحكم التحكيمي وأن هذه الطلبات لم يسبق طرحها في الدعوي السابقة بما كان يتعين علي الحكم المطعون فيه إجابتها إلي هذه الطلبات إلا إنه لم يفعل بمقولة انتفاء ركن الخطأ في جانب المطعون ضده وهو مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، أن الأحكام التي حازت حجية الأمر المقضي تكون حجة فيما فصلت فيه من خصومة ولا يقبل دليل ينقض هذه الحجية ويمتنع على الخصوم التنازع في المسألة التي فصل فيها الحكم السابق بدعوى تالية ولو بأدلة قانونية أو واقعية لم تسبق إثارتها في الدعوى السابقة أو أثيرت فيها ولم يبحثها الحكم الصادر في تلك الدعوى طالما كانت تلك المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قبل الآخر من حقوق مترتبة عليها طالما كانت المسألة الأساسية لم تتغير وتناضل فيها الطرفان في الدعوى السابقة واستقرت حقيقتها بالحكم السابق استقراراً جامعاً مانعاً من إعادة مناقشته، ومن المقرر أن قضاء الحكم السابق النهائي في مسالة أساسية يكون مانعاً من التنازع فيها بين الخصوم أنفسهم في أيه دعوى تالية تكون فيها هذه المسألة هي بذاتها الأساس فيما يدعيه أي من الطرفين قِبَلِ الأخر من حقوق مترتبة عليها، ولا يغير من ذلك اختلاف الطلبات في الدعويين أو أن يكون الحكم السابق قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، ذلك أن قوه الأمر المقضي تغطى الخطأ في تطبيق القانون وتسمو على قواعد النظام العام، وأن تقدير ما إذا كانت هذه المسألة أساسية ومشتركة في الدعويين هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها في شأنها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه علي ما أورده في مدوناته من أن ((لما كانت الطلبات المطروحة في هذه الدعوى تتمثل في الآتي: مبلغ 2,208,499 درهم قيمة الآلة التي قام بإرجاعها للشركة الإيطالية واستلم قيمتها وأودعها في حساب الشريك لزيادة قيمة حصصه في الشركة، والفائدة بواقع 9? من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام. مبلغ 1,746,800 درهم قيمة التسوية المسددة من المستأنفة إلى الشركة الإيطالية بعد صدور حكم التحكيم موضوع اتفاقية التسوية التي سبق أن أبرمها المدعى عليه مع تلك الشركة وأخفاها عن المستأنفة قبل إتمام التخارج من الشركة، والفائدة بواقع 9? من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام. مبلغ 20,000 درهم قيمة مصروفات أتعاب المحاماة التي تكبدتها المستأنفة في دعوى التحكيم لدى غرفة ميلانو ? إيطاليا. مبلغ 993,824.55 درهم تعويضاً عن فوات الكسب عن ثمن الآلة المسترجعة المدفوع بالزيادة في قيمة الأصول، مع الفائدة بواقع 9? من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام. مبلغ 97,629.37 درهم تعويضاً عن فوات الكسب عن مبلغ التسوية النهائية المسدد عن الشرط الجزائي مع الشركة الإيطالية والفائدة بواقع 9? من تاريخ المطالبة القضائية وحتى السداد التام. مبلغ 2,000,000 درهم تعويضاً عن الأضرار الأدبية وإساءة السمعة والتأثر على المعاملات المستقبلية للمستأنفة. وكان الثابت أن كلاً من المطالبات الأولى والثانية والثالثة والسادسة كانت مطروحة في الطلبات العارضة التي قدمت من المستأنفتين ضد المستأنف ضده في الدعوى رقم 175 لسنة 2021 تجاري كلي وقد تضمن ذلك القضاء السابق الفصل فيها وحسمها ومن ثم لا يجوز لهما معاودة إثارة هذه المسائل المحسومة، ولا ينال من ذلك تمسك المستأنفتان بأن أساس الرفض في الدعوى السابقة كان مؤسساً على عدم صدور حكم نهائي وتمسكها في هذه الدعوى بنهائية حكم التحكيم وتنفيذه، ذلك أنه مردود بأن القضاء السابق بني على عدة دعائم وليس على عامة واحدة، ومنها أن ذلك المبلغ الذي احتجت بأنه يمثل قيمة الآلة إنما تم استلامه من قبل المستأنف ضده قبل بيع المستأنفة الثانية للأولى وهي واقعة حسمت بالدعوى السابقة لا يمكن المساس بها ومن ثم لن يجدي المستأنفتين التمسك بتغير أحد الدعائم بما فيها صدور حكم نهائي بمبلغ الشرط الجزائي والتسوية بشأنه، وهو ما يسري على المطالبة بقيمة التسوية وما يتعلق بالشرط الجزائي الذي سددتاه للشركة الإيطالية ومصروفات المحاماة الذي هو ذاته موضوع الدعوى التحكيمية التي نظرت في غرفة تجارة ميلانو ? إيطاليا حيث قضي بإلزامها بأن تؤدي مبلغ 500,000 يورو بالإضافة إلى الضرائب والأتعاب فضلاً عن طلب التعويض المكرر بشأن الأضرار المادية والأدبية وإساءة السمعة والتأثير على المعاملات المستقبلية للمستأنفتين، أما عن المطالبتين الرابعة والخامسة فإنهما ولئن اتحدتا مع تلك الدعوى السابقة في الأطراف والسبب إلا أن موضوع هاتين المطالبتين لم يكن مطروحاً في الدعوى السابقة ومن ثم لا تساير الحكم المستأنف في القضاء بعدم جواز نظرهما لسابقة الفصل فيهما مما يتعين إلغاؤه في هذا الشق منه ....
وحيث إنه عن الطلبين الرابع والخامس المتمثلين في التعويض عن الكسب الفائت من ثمن الآلات المسترجعة المدفوع بالزيادة عن قيمة الأصول، والتعويض عن الكسب الفائت عن مبلغ التسوية النهائية المسدد للشركة الإيطالية عن الشرط الجزائي، فإن .... لما كان الثابت أن الدعوى السابقة ولئن لم تتضمن الفصل في هذين الطلبين إلا أنها اشتملت على مسألة أولية مشتركة بين الدعويين تتمثل في ثبوت عدم مسؤولية المستأنف ضده عن أداء أصل المبلغ الذي كان مطلوباً، وكان كل من هذين التعويضين قد أسس على الضرر المدعى وقوعه بسبب الحرمان من اقتضاء أصل الحق، بما مؤداه أن الحكم السابق تضمن الفصل في مسألة مشتركة تتمثل في انتفاء ركن الخطأ المزعوم قبل المستأنف ضده لثبوت عدم مسؤوليته عن أداء أصل الثمن المتمثل في ثمن الآلة ومبلغ التسوية النتائج عن حكم التحكيم، وطالما ثبت انتفاء هذا الركن فإن المطالبة بالتعويض تسقط دون لزوم النظر إلى باقي الأركان مما تقضي معه المحكمة برفضهما)) وهي أسباب سائغة لها أصل ثابت في الأوراق وتتفق وصحيح حكم القانون وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه ومن ثم فإن النعي عليه بما سلف يكون علي غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعنتين المصروفات ومبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق