بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 26-03-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 89 لسنة2025 طعن تجاري
طاعن:
ا. ا. ش.
مطعون ضده:
س. ا. ل. ا. ش.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1999 استئناف تجاري بتاريخ 25-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الاوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه السيد القاضي المقرر / احمد ابراهيم سيف و بعد المداولة
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على البنك الطاعن الدعوى رقم 651 لسنة 2023 تجاري مصارف أمام محكمة دبي الابتدائية بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي إليها مبلغ 8.498.712 درهماً ، والفائدة بواقع 5% من تاريخ الاستحقاق وحتى السداد. وذلك تاسيسا على إن البنك الطاعن منحها تسهيلات مصرفية لقاء حصوله على ضمانات عينية متعددة من بينها سندات رهن عقار بدولة فلسطين، وأنه سبق أن أقام عليها الدعوى رقم 1544 لسنة 2017 تجاري دبي بالمطالبة بقيمة التسهيلات بعد غلقه الحساب الجاري، وقضي في استئنافها بحكم تأيد في الطعن بالتمييز رقم 169 لسنة 2020 تجاري برفضها تأسيساً على أنه بتصفية الحساب بين الطرفين وإضافة قيمة تنفيذ سند رهن العقار الموجود بدولة فلسطين بمبلغ 9,047,725 درهماً، أصبح البنك هو المدين بمبلغ 2,609,769 درهماً، ولما كان البنك قد انشغلت ذمته بالمبلغ المطالب به الناشئ عن المديونية التي أثبتها الحكم في الدعوى السابقة، وعن إيداعات أخرى تمت منها بالحساب بعد شهادة المديونية الأصلية الصادرة عنه بتاريخ 24-1-2017، ومن ثم فقد اقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيراً مصرفياً، وبعد أن أودع تقريريه الأصلي والتكميلي، حكمت بتاريخ 8-10-2024 بإلزام البنك بأن يؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 2.703.190 درهماً، والفائدة القانونية بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، وبرفض ما عدا ذلك من طلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1999 لسنة 2024 تجاري، واستأنفته المطعون ضدها بالاستئناف رقم 2017 لسنة 2024 تجاري، ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول وبتاريخ 25-12-2024 قضت بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز الماثل بموجب صحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 23-1-2025 طلب فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه خلال الميعاد طلب فيها رفض الطعن ،
وحيث ان الطعن استوفى اوضاعه الشكلية
وحيث ان الطعن اقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، ذلك إن الثابت من الرخصة التجارية الصادرة عن دائرة التنمية الاقتصادية بدولة الإمارات أنه بنك أجنبي مملوك بالكامل للبنك العربي بدولة الأردن، وأن الثابت من اتفاقية التسهيلات المصرفية موضوع الدعوى أنه تم تعريف البنك الطاعن فيها على أنه البنك العربي الإدارة العامة -أي البنك العربي بالأردن، كما أن مُفاد البنود أ، ب، ج من الاتفاقية هو أن للبنك حق امتياز عام على الأموال التي تخص المطعون ضدها العميل "شركة سميح الظاهر لمقاولات البناء ش.ذ.م.م" أو الكفيل "سميح الظاهر"، وتكون الأموال في أي وقت في حيازة البنك ضماناً لأية مبالغ مستحقة على العميل للبنك أو أي من فروعه، وأنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بأن البنك العربي بدولة الإمارات والبنك العربي بدولة فلسطين يعتبران فرعين للبنك العربي بدولة الأردن، وأن يحق له أن يمتنع عن تسليم المطعون ضدها "العميل" الرصيد الدائن لأي حساب من حساباتها حتى سداد الرصيد المدين لأي حساب مدين آخر، وأنه بالفعل سدد المبلغ الفائض من حصيلة بيع العقار المرهون بدولة فلسطين -بعد سداد مديونية التسهيلات- ومقداره 2,609,769 درهماً خصماً من الرصيد الدائن للمطعون ضدها، لقاء سداد جزء من مديونيتها لصالح البنك العربي بدولة فلسطين، ومن ثم تبرأ ذمته من هذا المبلغ قِبَلها، كما تمسك بأن هذا العقار المقدم كضمانه للتسهيلات والذي تم بيعه كان مملوكاً للكفيل بشخصه، ولم يكن مملوكاً للشركة المطعون ضدها، أي أن هذا المبلغ الفائض من البيع وبفرض أن هناك حق في استرداده من البنك فيكون للكفيل وليس للمطعون ضدها، إلا أن الحكم المطعون فيه واجه دفاعه سالف البيان بما لا يصلح رداً عليه، وقضى بإلزامه -رغم ذلك- بالمبلغ المقضي به لصالح المطعون ضدها، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث ان هذا النعي مردود اذ من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن ترفع الدعوى ممن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يراد الاحتجاج عليه بها، وأن استخلاص الصفة في الدعوى من عدمه هو من قبيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل بتقديره محكمة الموضوع بغير معقب عليها من محكمة التمييز في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة ومقبولة ولها أصل ثابت بالأوراق ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصراً من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى، وإنه إذا رأت الأخذ به، محمولاً علي أسبابه، وأحالت إليه اعتبر جزءً من أسباب حكمها دون حاجة لتدعيمه بأسباب كما أنها لا تكون ملزمة من بعد بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله ، ومن المقرر أن استخلاص جدية الادعاء بالمديونية أو عدم جديته هو من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها دون رقابة عليها من محكمة التمييز طالما كان استخلاصها سائغا ومما له سنده في ظاهر الأوراق المطروحة عليها، ومتى أقامت قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. ومن المقرر أن الإقرار سواء كان قضائياً أو غير قضائي هو أخبار الانسان عن حق عليه لآخر، ومن مقتضى ذلك اعتبار هذا الحق ثابتاً في ذمة المقر واعفاء الآخر من إثباته ومن المقرر أيضاً أن مؤدى النص في المادة ((55)) من قانون المعاملات المدنية على أن الساقط لا يعود كما أن المعدوم لا يعود، وعلى ما جاء بالمذكرة الايضاحية له أنه إذ أسقط شخص حقاً من الحقوق التي يجوز له اسقاطها ، فإن هذا الحق يسقط ولا يعود بعد اسقاطه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإلزام البنك الطاعن بالمبلغ المقضي به تأسيساً على ما استخلصه من تقريري الخبير المنتدب من محكمة أول درجة من أنه لم يقيد كامل قيمة العقار المرهون الذي نفذ عليه بتاريخ 12-3-2019 بمبلغ يعادل 9,141,146 درهماً بالجانب الدائن بالحساب الجاري سداداً للتسهيلات الممنوحة للمطعون ضدها، بل قيد مبلغ 6,434,477 درهماً فقط من قيمة ذلك العقار بالحساب، ومما ترصد عنه مديونية على البنك بمبلغ 2,703,190 درهماً لصالح المطعون ضدها، وأن الطاعن قد أقر للأخيرة بأحقيتها في ذلك المبلغ الزائد عن حصيلة بيع العقار المرهون بموجب الكتاب رقم 262 لسنة 2020 المرسل منه إليها بتاريخ 11-10-2020 وعرض عليها فيه قبول المبلغ لإنهاء كافة القضايا الخاصة بفرع البنك بدبي، وأن المطعون ضدها يحق لها المطالبة به باعتباره زائداً عن مديونية التسهيلات الممنوحة لها، وأنه لا يحق للبنك خصم الرصيد الدائن للمطعون ضدها من حسابها لديه لصالح البنك العربي فرع فلسطين لأنه لم يثبت وجود دين لهذا البنك الأخير من الأساس، وكان ذلك الذي خلص إليه الحكم سائغاً بما له أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون ويتضمن الرد المسقط لما يثيره الطاعن من حُجج مخالفة، ولا على الحكم إن التفت عن الدفع المبدئ من البنك بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة لعدم أحقية المطعون ضدها في المطالبة بالمبلغ المرفوعة به، بعد أن أسقط حقه في التمسك بذلك الدفع بإقراره لها بأحقيتها في ذلك المبلغ وعلى نحو ما سلف والساقط لا يعود. ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره من الواقع المطروح عليها في الدعوى، وهو ما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
وحيث انه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :- برفض الطعن وبالزام الطاعن المصروفات ومبلغ الفي درهم اتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التامين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق