الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

السبت، 26 يوليو 2025

الطعن 85 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 29 / 4 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 29-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعنين رقمي 85 & 124 لسنة2025 طعن تجاري

طاعن:
ا. ا. ل. و. ا.

مطعون ضده:
ر. ج. د.
ك. ل. ا. ش.
ا. ل. ا. ش.
ر. ر. د.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/1988 استئناف تجاري بتاريخ 31-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الملف الإلكتروني للطع نين وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقرر - مجدى إبراهيم عبد الصمد - والمداولة . 
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية . 
وحيث إن الوقائـع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن الطاعن فى الطعن الأول أقام على المطعون ضدهم فيه الدعوى رقم 462 لسنة 2023 تجارى مصارف أمام محكمة دبى الابتدائية بطلب الحكم بحسب طلباته الختامية بإلزامهم بأن يؤدوا إليه مبلغ 884380 درهماً وفائدة قانونية بواقع %12 من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد ؛ تأسيساً على أنه أصدر خطاب ضمان لشركة الرخاء للمقاولات بناءً على طلب المطعون ضدها الأولى بكفالة باقى المطعون ضدهم بمبلغ 450000 درهماً وقد أخطرته المطعون ضدها الأولى بإلغاء خطاب الضمان فامتنع عن تسييله ، وإذ تبين تزوير إخطار إلغاء خطاب الضمان واستصدر المستفيد حكماً فى الدعوى رقم 767 لسنة 2021 تجارى تأيّد بالاستئناف رقم 300 لسنة 2023 بإلزام الطاعن بسداد قيمة خطاب الضمان وتم تنفيذه بموجب ملف التنفيذ رقم 3427 لسنة 2023 تجارى ، مما ألحق به أضرارًا فأقام الدعوى . ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 8/10/2024 بإلزام المطعون ضدهم فى الطعن الأول بأن يؤدوا إلى الطاعن فيه مبلغ ستمائة ألف درهم وفائدة قانونية بواقع %5 من اليوم التالى لصدور الحكم حتى تمام السداد . استأنف الطاعن فى الطعن الأول الحكم برقم 1988 لسنة 2024 تجارى ، كما استأنفه الطاعنون فى الطعن الثانى برقم 2003 لسنة 2024 تجارى ، ضمت المحكمة الاستئنافين وبتاريخ 31/12/2024 قضت برفضهما . طعن الطاعن فى الطعن الأول فى هذا الحكم بالتمييز برقم 85 لسنة 2025 تجارى بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 22/1/2025 طلب فى ختامها نقض الحكم المطعون فيه مع الإحالة ، وقدم المطعون ضده الثانى مذكرة طلب فى ختامها رفض الطعن . كما طعن فيه الطاعنون فى الطعن الثانى برقم 124 لسنة 2025 تجارى بصحيفة قُيدت إلكترونياً بتاريخ 30/1/2025 طلبوا فى ختامها نقض الحكم المطعون فيه والإحالة ، وقدم المطعون ضده الأول مذكرة طلب فى ختامها رفض الطعن ، وقدمت المطعون ضدها الثانية مذكرةً طلبت فى ختامها عدم قبول الطعن. وإذ عُرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسةً لنظرهما وفيها ضمت الطعن الثانى إلى الطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد . 

أولاً : الطعن رقم 85 لسنة 2025 تجارى : 
وحيث إن الطعن أقيم على سببٍ واحدٍ ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الإستدلال ؛ وفى بيان ذلك يقول إنه لحقته أضرارٌ أدبية نتيجة أفعال المطعون ضدهم أثّرت على تعاملاته مع بقية العملاء وأفقدتهم الثقة في كافة التعاملات والتسهيلات التي يقدمها لهم مما استتبع انهيار تعاملاته التجارية وفقدان أرباحه مقارنةً بأقرانه من المصارف الأخرى ، وإذ لم يقضِ الحكم بالتعويض الجابر لهذه الأضرار الأدبية رغم توافر عناصر المسئولية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه جزئياً في هذا الخصوص . 
وحيث إن هذا النعى فى غير محله ، ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية سواء كانت عقدية أو تقصيرية لا تتحقق إلا بتوافر أركانها الثلاثة من خطأ وضرر وعلاقة سببية تربط بينهما بحيث إذا انتفى ركن منها انتفت المسئولية ، وأن عبء إثبات الضرر يقع على عاتق المضرور ، وأن تقدير ثبوت أو نفي الوقائع المكونة للضرر الأدبي مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقبٍ عليها في ذلك من محكمة التمييز طالما أقامت قضاءها على أسباب سائغة . وأن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها والموازنة بينها وترجيح ما تطمئن إلى ترجيحه منها وإطراح ما عداها ، ولها تقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت إنه وجه الحق في الدعوى ، وأنه إذا رأت الأخذ به محمولًا علي أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجةٍ لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالاً علي الطعون الموجهة إليه ، ولا تكون ملزمة - من بعد - بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بتقدير التعويض عن الأضرار المادية التى أصابت الطاعن ، على ما استخلصه من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبرة المنتدبة فيها من ثبوت أن الطاعن تكبّد مصاريف التقاضى فى الدعوى المرفوعة ضده ورسوم تنفيذ الحكم فيها تستوجب التعويض بالمبلغ المقضى به ، وكان ذلك من الحكم بأسبابٍ سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق وكافية لحمل قضائه ، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها ، لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز ، ولا ينال من ذلك ما تمسك به الطاعن بسبب الطعن من إصابته بأضرارٍ أدبية تمثلت فى انهيار تعاملاته التجارية مع باقى عملائه وما ترتب على ذلك من فقدان أرباحه ؛ باعتبار أن ما أثاره يدخل في مفهوم العناصر المكونة للضرر المادي الذي قُدر التعويض الجابر عنه بالمبلغ المقضي به ، ومن ثم فإن النعي على الحكم يكون على غير أساس . 
وحيث إنه ، ولما تقدم ، يتعين رفض الطعن . 

ثانياً : الطعن رقم 124 لسنة 2025 تجارى : 
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسبابٍ ينعى الطاعنون بالسبب الثانى منها على الحكم المطعون فيه البطلان والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقولون إن الحكم الابتدائى صدر فى خصومة غير صحيحة بالنسبة للطاعنتين الثانية والرابعة ، إذ تم إعلان الطاعنة الثانية (اميتيك لخدمات الفنية ش.ذ.م.م) بصحيفة الدعوى المبتدأة بطريق بالنشر مباشرةً دون محاولة إعلانها على الهاتف الثابت من خلال إفادة الهوية والجنسية أو البريد الإلكترونى الثابت على رخصتها التجارية مما يعد تجاوزاً لطرق الإعلان المقررة قانوناً ، كما تم إعلان الطاعنة الرابعة (كلايماتك للمقاولات البناء ش.ذ.م.م ) بصحيفة الدعوى بموجب رسالة نصية على الهاتف رقم 0508542202 الذى لا يعود إليها أو إلى أىٍ من ممثليها وإنما هو رقم الهاتف الخاص بشخص مقدم طلب التحرى ، مما يبطل الحكم الابتدائى بالنسبة لهما لصدوره فى غير خصومة ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع المبدى منهما ببطلان الإعلان فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى فى شقه الأول غير صحيح ؛ ذلك أن البين من مطالعة الملف الإلكترونى للطعنين أن الطاعنة الثانية تم إعلانها بموجب رسالة نصية على رقم الهاتف المتحرك الثابت فى رخصتها التجارية عن طريق النظام الإلكتروني المعتمد لدى محاكم دبي ، ومن ثم فإن النعى ب تجاوز طرق الإعلان المقررة قانوناً لإعلانها بطريق النشر مباشرةً يكون غير صحيح ، وبالتالى غير مقبول ، كما أن النعى فى شقه الثانى مردود ؛ ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 13 من الإجراءات المدنية رقم 42 لسنة 2022 على أنه " في جميع الأحوال لا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء" وفى المادة 92 منه على أن " بطلان إعلان صحف الدعاوى وأوراق التكليف بالحضور الناشئ عن عيب الإعلان أو في بيان المحكمة أو في تاريخ الجلسة يزول بحضور المعلن إليه أو وكيله في الجلسة المحددة في هذا الإعلان أو بإيداع مذكرة بدفاعه ..... " يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع قرر أن الشكل ليس سوى وسيلة لتحقيق غاية معينة في الخصومة، فإذا ثبت تحقق الغاية التي يرمي القانون إلى تحقيقها رغم تخلف هذا الشكل وفق الإجراءات التي نص عليها القانون، فإنه لا يحكم بالبطلان ، وأن حضور طرفي الخصومة أمام المحكمة من تلقاء أنفسهم تنعقد به الخصومة بينهما وتتم إجراءات التقاضي في محضر الجلسة مباشرة ، مما مفاده أن بطلان الإعلان بصحيفة الدعوى أو بصحيفة الاستئناف لا يحول دون انعقاد الخصومة بين الطرفين متى ثبت أن كلًا منهما قد مثل بشخصه أو بوكيل عنه أمام المحكمة أو قدم مذكرةً بدفاعه أمامها ولو كان الإعلان بالصحيفة باطلًا . ومن المقرر - أيضاً - أن النعي الذي لا يحقق للطاعن أية مصلحة يكون غير منتج و من ثم غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان البين من الأوراق أن الطاعنة الرابعة (كلايماتك للمقاولات البناء ش.ذ.م.م ) قد مثلت أمام محكمة الدرجة الأولى بوكيلٍ عنها وقدمت بجلسة 15/8/2024 مذكرةً بدفاعها ، ومن ثم فإن الغاية من إعلانها بصحيفة الدعوى المبتدأة وانعقاد الخصومة فيها تكون قد تحققت ويضحى النعى ببطلان إعلانها على رقم هاتف لا يعود إليها غير منتجٍ فى النزاع ولا يحقق لها أية مصلحة ، وبالتالى غير مقبول . 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثانى من السبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بعدم اختصاص محاكم دبى بنظر النزاع وانعقاد الاختصاص بنظره لمحاكم أبوظبى عملاً ببنود عقدى الكفالة التى تضمنت أنها تفسر وتطبق وفقًا لقوانين إمارة أبوظبي ، إلا أن ا لحكم التفت عن هذا الدفع ، كما خالف التعميم رقم 9 لسنة 2022 والمعمول به في دائرة القضاء بأبوظبي المتعلق بشأن عدم قبول الضمانات الشخصية عن أية معاملات مصرفية والتعميم التوضيحي رقم 3 لسنة 2023 ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى غير سديد ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أ نه وفقًا لما تقضي به المادة 104 من دستور دولة الإمارات العربية المتحدة أن لكل إمارة قضاءً مستقلاً عن الإمارة الأخرى فيما عدا المسائل القضائية التي يُعهد بها إلى القضاء الاتحادي ، وأن القضاء في إمارة دبي يشكل جهة قضائية مستقلة عن القضاء الاتحادي وعن القضاء المحلي الخاص بكل إمارة على حدة . وأن اختصاص محاكم دبي من النظام العام ، وهو لا ينعقد باتفاق الخصوم وإنما بقيام موجبه من القانون ، ويتعين علي المحاكم أن تلتزم حدود اختصاصها فلا تخالفها سلبًا أو إيجابًا ، فلا تتنازل عن اختصاصها ولا تنتزع اختصاص جهة أخري . وأنه لا يجوز لمحاكم دبي أن تتنازل عن اختصاصها بنظر الدعوى متى توافر لديها أحد أسباب اختصاصها ولو كانت هناك محكمة أخرى مختصة بالفصل فيها ، وأن الاختصاص في المواد التجارية ينعقد إما للمحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه إن كان شخصًا طبيعيًا أو مركز إدارته أو بدائرة الفرع في المسائل المتصلة به إن كان شخصًا اعتباريًا أو للمحكمة التي تم الاتفاق أو نفذ كله أو بعضه في دائرتها أو للمحكمة التي يجب تنفيذ الاتفاق في دائرتها ، وهذه المحاكم قسائم متساوية وضعها المشرع تحت طلب المدعى تيسيرًا منه لإجراءات التقاضي بحيث يتخير منها ما يشاء دون إلزامه باللجوء إلى محكمة معينة . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة الملف الإلكترونى للطعنين أن موطن الطاعنين جميعاً يقع فى إمارة دبى وفق الثابت بصحيفة الاستئناف المرفوع منهم برقم 2003 لسنة 2024 تجارى ، ومن ثم فقد توافرت لدى محاكم دبى إحدى حالات اختصاصها بنظر النزاع و لا يجوز لها التخلي عن هذا الاختصاص ولو اتفق الخصوم على اختصاص محكمة أخرى لأنه ـــ وعلى ما سلف بيانه ـــ أمر يتعلق بالنظام العام ، ولا ينال من ذلك ما تمسك به الطاعنون بما جاء بالتعميم الصادر عن مجلس القضاء بدائرة القضاء بإمارة أبوظبي ؛ ذلك أن ما جاء به إنما يقتصر تطبيقه على المعنيين به داخل إمارة أبوظبي ، ولا يسري على القضاء بإمارة دبي والذي يشكل جهةً قضائية مستقلة عن جهة القضاء في إمارة أبوظبي ، ويضحي النعى على الحكم المطعون فيه فى هذا الخصوص لا يستند إلى أساس قانوني سليم ولا يعيب الحكم التفاته عن الرد عليه ، ومن ثم يكون على غير أساس . 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول و الوجه الأول من السبب الثالث والسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون و مخالفة ا لثابت بالأوراق والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بسقوط الحق موضوع خطاب الضمان لصدوره ضمانًا لتنفيذ أعمال مقاولة تم الانتهاء منها وتسليمها بالفعل ، كما تمسكوا بانقضاء التزام الطاعنتين الثالثة والرابعة بكفالة الطاعنة الثانية بموجب خطاب إنهاء الضمان الصادر منها بتاريخ 28/1/2020 والذى تعهدت فيه بتحمل مستحقات البنك المطعون ضده الأول مما مؤداه إبراء ذمتيهما من كفالة الدين بما تنتفى معه مبررات اختصامهما فى النزاع ، و طلبوا إدخال المطعون ضدها الثانية فى الدعوى أمام محكمة الاستئناف لبيان ما إذا كانت الطاعنة الثالثة قامت بتنفيذ التزاماتها من عدمه وسبب قيامها بتقديم طلب صرف الكفالة ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع و قضى بعدم قبول إدخال المطعون ضدها الثانية خصماً فى الاستئناف مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى مردود ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن الدعوى هي حق الالتجاء إلى القضاء لحماية الحق أو المركز القانوني المدعَى به، ومن ثم فإنه يلزم توافر الصفة الموضوعية لطرفي هذا الحق بأن تُرفع الدعوى مِمَن يدعي استحقاقه لهذه الحماية وضد من يُراد الاحتجاج عليه بها، وأن الصفة في الدعوى تقوم بالمدعَى عليه حينما يكون هو المسئول أصالةً أو تبعاً عن الحق المدعى به أو مشتركاً في المسئولية عن هذا الحق أو المركز القانوني المطلوب حمايته حال ثبوت أحقية المدعي فيه . ومن المقرر - أيضاً - أن العقد شريعة المتعاقدين وأنه يتعين على كل من المتعاقدين الوفاء بما أوجبه العقد عليه وفقا لطبيعة التصرف ومقتضيات تنفيذه بحسن نية ، وأن التزام المتعاقد ليس مقصورًا على ما ورد في العقد ، ولكنه يشمل أيضًا كل ما هو من مستلزماته وفقًا للقانون . وأن الكفالة ـــ وعلى ما تفيده المادة 1056 من قانون المعاملات المدنية ـــ هي ضم ذمة شخص هو الكفيل إلى ذمة المدين في تنفيذ التزاماته ، و استخلاص الكفالة وتحديد نطاقها والدين الذي تكفله وتفسيرها هو من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بغير معقب عليه في ذلك ما دام قد أقام قضاءه على أسباب سائغة ولم يخرج في تفسيره للكفالة عن المعنى الذي تحتمله عباراتها في جملتها وما قصده طرفاها منها مستهديًا في ذلك بظروف تحريرها . وأن خطاب الضمان هو أحد صور الكفالات المصرفية المستقلة بذاتها والتي يتعهد بموجبه البنك الضامن بناء على طلب عميله بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين لشخص آخر هو المستفيد ، وعلاقة البنك بالمستفيد الذى صدر خطاب الضمان لصالحه هي علاقة منفصلة مستقلة يحكمها خطاب الضمان وعباراته هي التي تحدد التزام البنك . كما أنه من المقرر - كذلك - أن لمحكمة الموضوع سلطة تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وبحث وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة قيها والموازنة بينها والأخذ بما تطمئن إليه منها وإطراح ما عداه، وتفسير العقود والإقرارات وسائر المحررات بما تراه أوفى بمقصود عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، وتقدير عمل أهل الخبرة باعتباره عنصرًا من عناصر الإثبات في الدعوى ويخضع لمطلق سلطتها في الأخذ به كله أو بعضه متي اطمأنت إليه ورأت فيه ما تقتنع به ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى، وإنه إذا رأت الأخذ به محمولًا علي أسبابه وأحالت إليه اعتبر جزءًا من أسباب حكمها دون حاجةٍ لتدعيمه بأسباب أو الرد استقلالًا علي الطعون الموجهة إليه ، ولا تكون ملزمةً ـــ من بعد ـــ بالتحدث عن كل قرينة غير قانونية يدلي بها الخصوم ولا بتتبعهم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم والرد عليها طالما كان في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات وكانت قد أقامت قضاءها على أسبابٍ سائغةٍ لها ما يساندها من أوراق الدعوى بما يكفي لحمله . لما كان ذلك ، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بقبول إدخال الطاعنتين الثالثة والرابعة خصوماً فى الدعوى وبإلزامهما وباقى الطاعنين بقيمة خطاب الضمان موضوع النزاع على ما استخلصه من سائر أوراق الدعوى ومستنداتها وتقرير الخبرة المنتدبة فيها من ثبوت انشغال ذمة الطاعنين بقيمة خطاب الضمان وأن البنك المطعون ضده الأول منح الطاعنة الثانية تسهيلات ائتمانية بمبلغ أربعة ملايين درهم بكفالة باقى الطاعنين وأنه أصدر خطاب الضمان رقم OLG09-1801227 لصالح المستفيد ( شركة الرخاء للمقاولات العامة ش ذ م م ) بحد أقصى للضمان يبلغ 450 ألف درهم بناءً على طلب الطاعنة الثانية بكفالة باقى الطاعنين ، وأن المستفيد من خطاب الضمان استصدر حكماً بإلزام المطعون ضده الأول بقيمة خطاب الضمان تم تنفيذه بموجب ملف التنفيذ رقم 3427 لسنة 2023 تجارى ، وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه سائغًا وله معينه الثابت بالأوراق وكافياً لحمل قضائه، فإن النعي عليه في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلًا موضوعيًا فيما لمحكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها، لا يُقبل التحدي به أمام محكمة التمييز ، ولايعيب الحكم المطعون فيه قضاؤه برفض طلب إدخال المطعون ضدها الثانية فى الاستئناف ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أنه عملاً بالفقرة السادسة من المادة 167 من قانون الإجراءات المدنية لا يجوز في الاستئناف إدخال من لم يكن خصمًا في الدعوى الصادر فيها الحكم المستأنف التزامًا بمبدأ التقاضي على درجتين ، ومن ثم يضحى النعى على الحكم المطعون فيه على غير أساس . 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الثانى من السبب السادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقولون إن البنك المطعون ضده الأول طلب الحكم بفائدة مقدارها %12 عن مبلغ التعويض فقط دون كامل المبلغ المطالب به ، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف طلبات الخصوم وقضى بفائدة مقدارها %5 عن قيمة المطالبة كاملةً ، مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى غير صحيح ؛ ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول طلب الحكم بفائدة مقدارها %12 على كامل المبالغ المطالب بها اعتباراً من تاريخ 1/11/2021 حتى تمام السداد ، ومن ثم فإن ما أثاره الطاعنون بوجه النعى من أن طلب الحكم بالفائدة اقتصر على مبلغ التعويض يكون غير صحيح ، وبالتالى غير مقبول . 
وحيث إن الطاعنين ينعون بباقى أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب ؛ وفى بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا بانتفاء مسئولية الطاعنتين الثالثة والرابعة عن تعويض الأضرار التى أصابت المطعون ضده الأول نتيجة خطأ المطعون ضدها الثانية ، وأن مسئوليتهما تقتصر على كفالة الدين ، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وقضى بإلزامهما بالتضامن مع باقى الطاعنين بأداء مبلغ التعويض الذى قدّره مما يعيبه ويستوجب نقضه . 
وحيث إن هذا النعى فى محله ؛ ذلك أنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن المسئولية عن الفعل الضار تستلزم توافر عناصر ثلاثة وهي ثبوت ارتكاب الشخص للفعل إيجاباً أو سلباً، وثبوت الضرر في جانب المضرور وعلاقة السببية بينهما ، ويقع على عاتق المضرور عبء إثبات توافر الخطأ في جانب المدعى عليه، وأن هذا الخطأ قد ترتب عليه إلحاق الضرر بالمدعي . وأنه ولئن كان استخلاص الخطأ الموجب للمسؤولية ونسبته إلى فاعله من مسائل الواقع التي تستقل محكمة الموضوع بتقديرها ، إلا إن ذلك مشروط بأن تقيم قضاءها على أسبابٍ سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق . كما أنه من المقرر - كذلك - أن مقتضى المادة 450 من قانون المعاملات المدنية أن التضامن لا يفترض ولا يؤخذ بالظن ، ولكن ينبغي أن يُرد إلى نصٍ في القانون أو اتفاقٍ صريحٍ أو ضمني، ويتعين على الحكم الذي يرتب المسئولية التضامنية أن يبين في غير غموضٍ الأساس الذي استند إليه في ذلك ، فالحكم الذي يلزم جميع المحكوم عليهم بالتضامن دون أن يبين سنده في ذلك يكون خاطئًا لقصور أسبابه . ومن المقرر - أيضاً - أ نه يتعين على المحكمة إذا ما عرضت للفصل في الخصومة القائمة بين طرفيها، أن يشتمل حكمها على ما يطمئن المطلع عليه أنها قد محصت الأدلة والمستندات المؤثرة في الدعوى والتي تمسك الخصم بدلالتها، وأن ترد على أوجه الدفاع الجوهري المطروحة عليها بما يفيد أنها قد أحاطت بحقيقة الواقع في الدعوى عن بصر وبصيرة، فإذا التفتت عن هذا الدفاع وما قدمه الخصم من مستندات دون أن تسعى إلى استبيان وجه الحق فيها، واستندت في قضائها إلى عبارات عامة لا تؤدي بمجردها إلى ما خلص إليه الحكم ولا تصلح ردًا على دفاع الخصم ، فإن حكمها يكون مشوبًا بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع . وأن الحكم يكون معيباً بالفساد في الاستدلال إذا لحقت بأسبابه عيوب تمس سلامة الاستنباط ، وهو يتحقق إذا استندت المحكمة في قضائها إلى أدلة غير صالحة - من الناحية الموضوعية أو القانونية - للاستدلال بها أو إلى عدم فهم العناصر الواقعية الثابتة في أوراق الدعوى ومستنداتها أو إلى استخلاصها للنتيجة من مصدر غير موجود أو موجود ولكن لا يؤدي إلى هذه النتيجة . لما كان ذلك ، وكانت الطاعنتان الثالثة والرابعة قد تمسكتا أمام محكمة الموضوع بانتفاء الخطأ الموجب للمسئولية فى حقهما وأن مسئوليتهما تقتصر على كفالة الدين ولا تمتد لتشمل التعويض عن الأضرار التى لحقت بالمطعون ضده الأول نتيجة خطأ المطعون ضدها الثانية ، وكان الحكم المطعون فيه - بعد أن أورد هذا الدفاع فى مدوناته - قد أعرض عن الرد عليه وأقام قضاءه بإلزام الطاعنتين الثالثة والرابعة بالتضامن مع باقى الطاعنين بأداء مبلغ التعويض المقضى به دون أن يبيّن عناصر مسئوليتهما الموجبة للتعويض وأساس المسئولية التضامنية ، وعوّل فى ثبوت الخطأ فى جانبهما على ما اطمأن إليه مما ورد بتقرير خبير الدعوى ، حال أن تقرير الخبرة لم يرد على هذا الدفاع ، فإنه لا يكون قد واجه دفاع الطاعنتين المذكورتين رغم أنه دفاع جوهري من شأنه - إن صح - أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى ، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فضلًا عن إخلاله بحق الدفاع ، بما يوجب نقضه جزئياً فى هذا الخصوص على أن يكون مع النقض الإحالة . 
وحيث إنه لما كان المقرر وفق ما تقضي به المادة 462 من قانون المعاملات المدنية أنه إذا صدر حكم لصالح أحد المدينين المتضامنين لسببٍ خاصٍ به فلا يستفيد منه باقي المحكوم عليهم بالتضامن ، ومن ثم فإن نقض الحكم بالنسبة للطاعنتين الثالثة والرابعة لا يستتبع نقضه بالنسبة لغيرهما من المحكوم عليهم بالتضامن . 
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة : 
أولاً : فى الطعن رقم 85 لسنة 2025 تجاري برفضه وألزمت الطاعن بالمصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين . 
ثانياً : فى الطعن رقم 124 لسنة 2025 تجارى بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من إلزام الطاعنتين الثالثة والرابعة بالتضامن بأداء مبلغ التعويض المقضى به ، وبإحالة الدعوى في هذا الخصوص إلى محكمة الاستئناف للفصل فيها من جديد ، وبإلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات ومبلغ ألفى درهم مقابل أتعاب المحاماة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق