بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 84 لسنة 2025 طعن تجاري
طاعن:
ن. ا. ت. ش. ا. س. ب. ت. ن. ش.
مطعون ضده:
ا. ل. ا. ب. و. ذ.
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/42 بطلان حكم تحكيم بتاريخ 30-12-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة.
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعنة (نيكسوس اويل تريدنج ش.م.ح - المعروفة سابقاً باسم تيجــار نفط ش.م.ح) أقامت الدعوى رقم 42 لسنة 2024 بطلان حكم تحكيم أمام محكمة الاستئناف بدبي قبل المطعون ضدها (السوق لتجهيز المنشأت بالنفط والغاز ذ.م.م) بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر في الدعوى التحكيمية رقم 230222 مركز دبي للتحكيم الدولي الصادر بتاريخ 2024/10/11 الذي قضى (1) بعدم اختصاص الهيئة بنظر النزاع. (2) بإلزام الطاعنة المحتكمة أن تؤدي للمحتكم ضدها مبلغ (2،497،358) درهمًا تكاليف التحكيم فيما يتعلق بهذه الإجراءات، بينما تتحمل المحتكمة تكاليف الخاصة بها. (3) إلزام المحتكمة بفائدة 5% من تاريخ الحكم وحتى السداد الكامل، تأسيساً على إن هيئة التحكيم قضت بعدم اختصاصها بنظر النزاع وهو ما يؤدي إلى انحسار سلطتها في الفصل في تكاليف التحكيم إذ إن الفصل في هذه التكاليف يعتبر من الأمور الموضوعية يتعين للفصل فيها وجود اختصاص لهيئة التحكيم وهو ما لم يتوفر للهيئة في هذا التحكيم، فضلًا عن أن اتفاق التحكيم قد خلا من النص على تخويل الهيئة التحكيمية صلاحية الفصل في تكاليف التحكيم، بجانب أن هيئة التحكيم قررت من تلقاء نفسها ومن خلال ما قررته بالبند (16) من الأمر الاجرائي رقم (1) الصادر بتاريخ 2024/9/2 عدم الفصل في تكاليف التحكيم حال تقرير عدم اختصاصها بالفصل في النزاع، وهو ما خالفته ولم تتقيد به في حكمها، مما حدا بها لرفع دعواها الراهنة، و بتاريخ 2024/12/30 حكمت المحكمة برفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2025/1/22 طلبت فيها نقضه، و أحجمت المطعون ضدها عن تقديم دفاعها، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن حاصل ما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم المطعون فيه التفت عن دفاعها بعدم وجود اتفاق تحكيم وبتعمد هيئة التحكيم الفصل في مسائل موضوعية لم يشملها اتفاق التحكيم، ذلك أنه ولئن كان صحيحًا ما أثبته حكم التحكيم من أن قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي هي القواعد الحاكمة للنزاع والمتفق على تطبيقها، وأن المادة (36/1) من هذه القواعد قد منحت هيئة التحكيم سلطة الفصل في تكاليف التحكيم، إلا أنها من واقع الأمر الإجرائي رقم (1) الصادر عن الهيئة والذي وافق عليها طرفا التحكيم قررت ? ضمن عدة أمور - أنها سوف تفصل في مسألة الاختصاص بشكل تمهيدي، واشترطت أنه إذا تبين لها أنها مختصة بنظر النزاع سوف تفصل حينئذ في تحديد تكاليف التحكيم واستحقاق الفائدة، ولا يقدح في ذلك ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الثابت بمحضر إجراءات التحكيم وأسباب الحكم أن الطاعنة المحتكمة قد طالبت الهيئة مُصدرة الحكم القضاء لها بتكاليف التحكيم وقدمت المستندات المثبتة لقيمة مطالباتها وهو ذات ما قامت به المطعون ضدها، طالما أن ذلك كان مرهونًا بثبوت اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في النزاع، وكل ذلك يعني -بمفهوم المخالفة- أنه في حال أن يتبين لها عدم اختصاصها أنها سوف تمتنع عن الفصل في التكاليف، كما لا يغير من ذلك أن هيئة التحكيم دعت الطرفين إلى تقديم مستندات التكاليف بحلول 7 يونيو 2024، فهذا يعني أن هيئة التحكيم إما أنها قررت أنها مختصة بنظر النزاع وبناء على ذلك سوف تفصل في عناصر النزاع ومن ضمنها تكاليف التحكيم أو أنها قررت منح الأطراف فرصة لتقديم مستندات التكاليف كي تفصل فيها في حال تحقق لها سلطة الاختصاص، إلا أنها ورغم كل ما تقدم فصلت في تكاليف التحكيم ونسبة الفائدة وتاريخ استحقاقها، وسايرها الحكم المطعون فيه حين اعتبر أن تقديم الطاعنة لمطالباتها بشأن التكاليف يعد قبولًا منها بقيام هيئة التحكيم بالفصل في التكاليف والتفت عن دفاعها الجوهري في هذا الخصوص، كما أهدر حجية الأمر الإجرائي رقم (1) التي تمسكت بها الطاعنة أمام محكمة الاستئناف باعتبار أنه قرار نهائي بشأن القواعد والإجراءات والأسس الواجب اتباعها حتى صدور حكم التحكيم وبهذه المثابة فهو يلزم هيئة التحكيم بعدم الفصل في تكاليف التحكيم، كما خلط الحكم المطعون فيه بشكل أساسي بين أمرين، أولهما سلطة هيئة التحكيم في الفصل في تكاليف التحكيم وفق قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي، وثانيهما هو مدى صلاحية هيئة التحكيم في الفصل في النفقات، ولما كان الاتفاق الذي شكل ركن التحكيم، تمثل فيما تم الاتفاق عليه أمام هيئة التحكيم، نظرًا لعدم وجود شرط تحكيم، وأبرز معالم هذا الاتفاق هو الترتيب الاجرائي المقرر بموجب الأمر الاجرائي رقم (1) فهو الأولى في التطبيق على قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي، وكانت هيئة التحكيم قد انتهت إلى عدم وجود اتفاق تحكيم وقررت عدم اختصاصها بنظر النزاع إلا أنها لم تقض في ذلك بالنظر في اتفاق التحكيم بشكل مستقل وإنما عولت في قضائها على عدم وجود العقد من الأساس ، كما أن تطبيق المادة 2 من قواعد مركز دبي الدولي للتحكيم يستوجب في الأساس سبق اتفاق الأطراف على تطبيقها في نزاعاتهم الحالية أو المستقبلية، وعلى الرغم من أن هيئة التحكيم قد انتهت في حكمها إلى عدم وجود اتفاقية تحكيم سارية بين الطرفين فضلًا عن تخلف الشروط المنصوص عليها في المادة 2 من هذه القواعد المشار إليها، إلا أنها استندت إليها في احتساب تكاليف التحكيم، وسايرها في ذلك الحكم المطعون فيه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو اختيار المتنازعين طرفاً غيرهما محايداً للفصل فيما شجر بينهما من نزاع دون الالتجاء إلى القضاء، ويكون التحكيم تبعاً لعقد يذكر في صلبه وضمن شروطه ويسمى شرط التحكيم، ويرتكز التحكيم على إرادة الخصوم متمثلة في الاتفاق على التحكيم، وهذا الاتفاق يعد المصدر الأساسي الذي يستمد منه المحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من القضاء المختص، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان الغرض من إصدار هيئة التحكيم لأمر إجرائي Procedural Order هو الفصل في أي منازعة إجرائية بين الطرفين أو إصدار مجموعة من القواعد المكملة لتنظيم إجراءات التحكيم بشكل مفصل، إلا أنه ليس هناك ما يمنعها من أن تُضمِن الأمر الإجرائي أية مسائل اتفق عليها الطرفان أو تشاورا بشأنها معها، وكان إثبات اتفاق الطرفين على أي مسألة من مسائل التحكيم في أمر إجرائي لا يغير من الطبيعة الاتفاقية لهذه المسألة، وقد يرد اتفاق الطرفين على منح هيئة التحكيم سلطة الفصل في أتعاب الممثلين القانونيين للأطراف وأي مصاريف أخرى يتكبدونها باعتبارها جزءًا من تكاليف التحكيم في أي مرحلة من مراحل التحكيم؛ كالنص عليه صراحة في اتفاق التحكيم أو في اتفاق لاحق عليه أو في قواعد تحكيم مؤسسية أو في المراسلات المتبادلة مع هيئة التحكيم أو أثناء أي اجتماع معها، فإذا تم ذلك الاتفاق -أيًا كانت صورته- جاز لهيئة التحكيم تسجيله في أمر إجرائي، ومع ذلك تظل سلطة هيئة التحكيم في الفصل في تلك الأتعاب والمصاريف منسوبة إلى اتفاق الطرفين لا إلى إرادة هيئة التحكيم ، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن اتفاق الأطراف على إخضاع منازعاتهم لمركز تحكيم دائم، وطنيًا كان أو دوليًا، واختيارهم له ليتم التحكيم تحت مظلته، يعني أنهم قد جعلوا من قواعد هذا المركز قانونًا متفقًا عليه بينهم ليحكم إجراءات التحكيم، فتكون هذه القواعد هي الواجبة التطبيق فيما لا يخالف النظام العام ومن ثم يلتزمون بما جاء في نصوصها من أحكام وإجراءات، مثلما تحكم قواعد قانون الإجراءات المدنية عمل محاكم الدولة، وبالتالي فإن قواعد هذا المركز تمنع وتحجب تطبيق أي قانون آخر، ولا يكون للأطراف بعد ذلك الطعن على أي إجراء تم طبقًا لهذه القواعد التي اختاروها وقبلوا بإرادتهم الحرة تطبيقها، ومن المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أن الحجية لا تثبت إلا للأحكام القطعية التي تفصل في موضوع الدعوى أو جزء منه أو دفع من الدفوع الشكلية أو الموضوعية ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أنه ((ولما كان الثابت مما لا خلاف عليه بين الطرفين أن القواعد التحكيمية الحاكمة للنزاع والمتفق على تطبيقها هي قواعد مركز دبي للتحكيم الدولي فينبغي على المحكمة الفصل في الدعوى من خلال ما جاء بالقواعد المتفق عليها من أحكام .. ولما كان المقرر بموجب أحكام المادة (36|1) من قواعد مركز دبي للتحكيم لسنة 2022م ( الواجبة التطبيق ) قد منحت هيئة التحكيم سلطة الفصل في تكاليف التحكيم بما يكون معه فصل الهيئة في تكاليف التحكيم يجد سنده من القانون الواجب التطبيق , كما أن القواعد المذكورة قد حددت للهيئة مشتملات تكاليف التحكيم على سبيل المثال ومنحتها الحق في الفصل في تكاليف التحكيم والتي تتضمن أتعاب الممثلين القانونين لأطراف التحكيم (وهي الاتعاب التي ترى المحكمة أنها الأتعاب القانونية للمحامين ممثلي الأطراف في إجراءات التحكيم المنظورة أمام الهيئة باعتبارهم الممثل القانوني لأطراف التحكيم عند مباشرة الهيئة التحكيمية لإجراءات التحكيم) كما أن القواعد قد منحت الهيئة السلطة في أن تقرر في أية مصاريف يتكبدها أطراف التحكيم حسبما تراه الهيئة وفق تقديرها , ولما كان ذلك وكان الثابت من محضر إجراءات التحكيم وأسباب الحكم أن (المدعية ) ذات نفسها وبصفتها المحتكمة قد طالبت الهيئة مصدرة الحكم القضاء لها بتكاليف التحكيم وقدمت المستندات التي تسند قيمة مطالباتها وهو ذات ما قامت به المدعى عليها , ولما كانت الهيئة مصدرة الحكم المطعون عليه قد التزمت جانب القانون الواجب التطبيق وأعملت سلطتها بشأن تقدير الأدلة فيما قررته من قيمة التكاليف المقضي بها حسبما ورد تفصيله بأسباب الحكم وذلك في حدود سلطتها في تقدير الأدلة ... فان النعي على الحكم بالبطلان يكون على غير سند من القانون متعين رفضه , ولا يقدح في ذلك أن الحكم الصادر عن الهيئة والمطعون عليه قضي بعدم اختصاصها بنظر النزاع , إذ أن تقرير الهيئة بعدم اختصاصها لا يمنعها ولا يقف حائلا بينها وبين ممارسة سلطتها في الفصل في تكاليف التحكيم طالما أنها قامت بنظر النزاع التحكيمي وباشرت إجراءات الدعوى التحكيمية المناطة والتي شكلت للفصل فيها , وبما تقضي معه الدعوى برفض الدعوى لعدم ثبوت أو توفر أيا من حالات البطلان المنصوص عليها)) وإذ كان هذا الذي خلص إليه الحكم المطعون فيه في حدود سلطته الموضوعية سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق وكافياً لحمل قضائه ولا مخالفة فيه للقانون، ويتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنة، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف لا يعدو أن يكون جدلاً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى ولا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يضحى غير مقبول.
وحيث إنه ولما تقدم يتعين رفض الطعن .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: برفض الطعن، وبإلزام الطاعنة بالمصروفات مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق