جلسة الاثنين 22 أغسطس 2016
برئاسة السيد القاضي/ مصطفى عطا محمد الشناوي رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: محمود مسعود متولي شرف، محمد عبد الحليم علي إبراهيم، محمود فهمي سلطان وأحمد عبد الله حسين.
--------------
(67)
الطعون أرقام 588 و599 و613 لسنة 2016 "جزاء"
(1) قتل. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في قصد القتل".
قصد القتل. أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. استخلاص هذا القصد. من سلطة قاضي الموضوع.
(2) ضرب "الضرب المفضي إلى الموت". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت. منازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة. جدل موضوعي. من سلطة محكمة الموضوع.
(3 ، 4) ظروف مشددة" سبق الإصرار" "الترصد". عقوبة" تشديد العقوبة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير سبق الإصرار والترصد".
(3) تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(4) ظرف سبق الإصرار. حكمه في تشديد العقوبة كحكم الترصد. تمسك الطاعن بتخلف ظرف الترصد لتوافر ظرف سبق الإصرار في حقه. غير مجد. طالما أن أحدهما يغني عن توافر الآخر.
(5) استجواب. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يصلح سببا للطعن". إجراءات "إجراءات التحقيق".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم. مثال بطلان استجواب بتحقيقات النيابة العامة.
(6) حكم "التوقيع عليه وإصداره".
محضر الجلسة. إغفال القاضي التوقيع على محاضر الجلسات. لا أثر له على صحة الحكم.
(7) إثبات "شهود". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
استناد الحكم المطعون فيه إلى أقوال الشاهد بتحقيقات النيابة العامة الذي تم تحليفه اليمين القانونية قبل أداء شهادته دون أقواله بجلسة المحاكمة. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(8) إثبات "خبرة". خبرة" تقدير تقرير الخبير". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في الخبرة".
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات. من سلطة محكمة الموضوع. لها تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها. لها الأخذ بما تطمئن إليه ومنها والالتفات عما عداه.
(9) إثبات "خبرة". خبرة" تقدير تقرير الخبير". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في الخبرة".
طلب إعادة مناقشة الطبيب الشرعي. غير مقبول. ما دام أن الواقعة قد وضحت لدى المحكمة ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء.
(10) دعوى جزائية "انقضاؤها: التنازل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع: ما لا يوفره". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
النعي على المحكمة الإخلال بحق الدفاع. غير مقبول. طالما أجلت المحكمة الدعوى ولم يقدم الطاعن ما يفيد التنازل.
(11) محاماة. تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
حضور محام مع الطاعن من السفارة بجلسة المحكمة. لا أثر له في الحكم. النعي في هذا الشأن. غير مقبول.
(12) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
نعي الطاعن على المحكمة أنها لم تمكنه من سماع شهود النفي. غير مقبول. طالما لم يطلب منها أو لم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة.
(13) مصادرة.
عدم مصادرة المحكمة السكين والعصا التي استعملها الطاعن في ارتكاب الجريمة. أثره. م 82 عقوبات.
(14) تمييز "نظر الطعن". نيابة عامة.
محكمة التمييز. اتصالها بالدعوى المحكوم فيها بمجرد عرضها عليها دون التقيد برأي النيابة العامة. م 245/ 2، 246/ 2 إجراءات جزائية.
(15) إعدام. حكم "تسبيبه: تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره. مثال.
-----------------
1 - المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون.
2 - النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضي إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويغدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له.
3 - المقرر أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول، وإذ كان ما استدل به الحكم - فيما سلف - علي ثبوت سبق الإصرار إنما يسوغ بهما استنباطه من توافره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له.
4 - ظرف سبق الإصرار حكمه في تشديد العقوبة كحكم الترصد فلا جدوى للطاعن من التمسك بتخلف ظرف الترصد لتوافر ظرف سبق الإصرار في حقه إذ إن أحدهما يغني عن توافر الآخر.
5 - إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا بشأن بطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه وبطلان أمر الإحالة لعدم حضور أولياء الدم ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئا عن ذلك لأول مرة أمام محكمة التمييز إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول.
6 - إذ كان يبين من الاطلاع علي محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن القاضي/ رئيس الدائرة قد وقع عليها كما وقع كذلك على الحكم والحكم المطعون فيه، كما أن إغفال توقيع القاضي على محاضر الجلسات لا أثر له علي صحة الحكم، كما يبين من مراجعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها موقعة من القضاة الذين أصدروا الحكم ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
7 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى أقوال الشاهد/ ....... بتحقيقات النيابة العامة التي تم تحليفه اليمين القانونية قبل أداء شهادته دون أقواله بجلسة المحاكمة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
8 - المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه.
9 - إذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي واتفاقه مع ما شهد به الطبيب أمامها وأطرحت في حدود سلطتها طلبه إعادة مناقشة الطبيب الشرعي - الذي سمعته محكمة أول درجة - وندب لجنة ثلاثية أخرى محايدة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
10 - إذ كان الثابت من مطالعة محضر جلسة 8/5/2016 أن الطاعن طلب أجلا لتقديم ما يفيد التنازل فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 22/5/2016 وبالجلسة الأخيرة لم يقدم هذا التنازل فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، فإن النعي على المحكمة الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله.
11 - إذ كان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أمام محكمة الموضوع بدرجتيها حضور محام مع الطاعن فإن ما يثيره الطاعن بشأن حضور محام معه من السفارة الجزائرية بجلسة المحكمة - بفرض حصوله - لم يكن له تأثير في الحكم الصادر فمن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد.
12 - المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة أو ينعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو القيام بإجراء أمسك هو عن المطالبة به ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة أنها لم تمكنه من سماع شهود نفي لا محل له.
13 - إذ كانت المادة 82 عقوبات تنص على أنه: "للمحكمة عند الحكم بالإدانة في جناية أو جنحة أن تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة أو التي استعملت فيها أو التي كان من شأنها أن تستعمل فيها، وذلك كله دون إخلال بحقوق الآخرين حسني النية. وإذا كانت الأشياء المذكورة من التي يعد صنعها واستعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته وجب الحكم بالمصادرة في جميع الأحوال..." لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تقضي بمصادرة السكين والعصا التي استعملهما الطاعن في ارتكاب الجريمة فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا والقضاء بمصادرة السكين والعصا المضبوطتين.
14 - المقرر أن محكمة التمييز تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها للفصل فيها ولتستبين من تلقاء نفسها ودون التقيد برأي النيابة العامة الذي تضمنه بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب موضوعية أو قانونية عملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 والفقرة الثانية من المادة 245 من قانون الإجراءات الجزائية.
15 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى مستمدة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن بالتحقيقات وما أورده تقرير الطب الشرعي وتقارير الأدلة الجنائية ومعاينة مكان الحادث وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة بالأوراق كما استظهر الحكم توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق المحكوم عليه ومدى توافر الارتباط بين جناية القتل وجريمة السرقة برابطة الزمنية والسببية وتناول دفاع المتهم ودحضه في منطق سائغ وصدر الحكم بإجماع آراء محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع وجاء الحكم خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة طبقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى مما يغير ما انتهى إليه الحكم على المحكوم عليه ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
---------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة أسندت للمتهمين:- 1- ...... 2- ..... 3- ..... لأنهم بتاريخ 4/6/2015 بدائرة مركز شرطة نايف.
أولا المتهم الأول:-
قتل المجني عليه/ ...... عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن بيت النية وعقد العزم على قتله فراقب خط سيره وأعد العدة بأن جهز سكينا وعصا خشبية وتوجه يوم الواقعة إلى مقر سكنه وتربص به وما أن ظفر به داخل مصعد البناية حتى نفذ مکنون نيته بأن باغته بضربه على رأسه بالعصا الخشبية ثم لاحقه بطعنتين بالسكين في صدره وكتفه بقصد إزهاق روحه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أودت بحياته وقد ارتبطت تلك الجناية بجريمة أخرى ذلك أنه في ذات الزمان والمكان سرق الأموال المبينة عدا ونقدا بالأوراق (مبلغ مليون وعشرون ألف درهم) والتي كانت بحوزة المجني عليه سالف الذكر حال حمله سلاحا (سكين وعصا) والمؤثمة بالمادة 388/ 1 بند 2 من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987/ وتعديلاته لغاية سنة 2006.
ثانيا: المتهمان الثانية والثالث:-
حازا على الأموال المنقولة المتحصلة من الجريمة المبينة في (الوصف أولا) في ظروف تحمل على الاعتقاد بعدم مشروعية مصدرها، على النحو الثابت في الأوراق.
وطلبت معاقبتهم بالمواد (1، 82/ 1، 121/ 1، 331، 332/ 1- 2، 333، 381، 382، 388/ 1 بند 2، 407) من قانون العقوبات الاتحادي رقم (3) لسنة 1987م وتعديلاته لغاية سنة 2006. وبتاريخ 24/2/2016 حكمت محكمة أول درجة "جنايات":-
أولا: حضوريا وبإجماع الآراء بمعاقبة/ .... بالإعدام ومصادرة الأدوات المستخدمة في الجريمة.
ثانيا: غيابيا للأولى وحضوريا للثاني ببراءة كل من ..... و.... مما أسند إليهما.
طعن المحكوم عليه/ ..... على هذا الحكم بالاستئناف رقم 1573/ 2016، كما استأنفت النيابة العامة هذا الحكم بالاستئناف رقم 1794/ 2016.
وبتاريخ 12/6/2016 حكمت محكمة ثاني درجة بقبول الاستئنافين شكلا وفي الموضوع وبإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بما يلي:-
أولا: بمعاقبة/ .... بالإعدام عما أسند إليه.
ثانيا: بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر التهمة المسندة للمتهمين/ .... و.... وبإحالتها إلى محكمة الجنح.
طعن المحكوم عليه/ ...... في هذا الحكم بالتمييزين رقمي 588، 613 لسنة 2016 بموجب تقريرين مؤرخين 29/ 6، 11/7/2016 مرفق بكل طعن مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم، كما طعنت النيابة العامة على هذا الحكم بالتمييز رقم 599 لسنة 2016 بموجب تقرير طعن مؤرخ 30/6/2016 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقع عليها من رئيس نيابة طلب فيها إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
وحيث إن المحكمة أمرت بضم الطعون الثلاثة ليصدر فيها حكم واحد.
----------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده القاضي/ ..... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعون الثلاثة قد استوفت الشكل المقرر لها في القانون.
أولا:- الطعنان رقمي 588، 613 لسنة 2016 المقامان من الطاعن.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد قد شابه الخطأ في تطبيق القانون وانطوى على القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم توافر نية القتل في حقه وأن الواقعة لا تعدو أن تكون جناية ضرب أفضي إلى موت إلا أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفع بما لا يصلح ردا، كما لم يدلل تدليلا سائغا على توافر ظرفي سبق الإصرار والترصد، وخالف حكم محكمة أول درجة التي نفت ظرف الترصد في حق الطاعن، كما دفع ببطلان استجوابه بالتحقيقات لعدم حضور محام معه، وببطلان أمر الإحالة لعدم حضور أولياء الدم إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع، كما خلت محاضر الجلسات وجلسة النطق بالحكم من توقيع القاضي الذي أصدره وخلت مسودة الحكم من أسماء القضاة الذين أصدروه، وخلا محضر جلسة 13/12/2015 مما يفيد حلف الشاهد/ .... اليمين قبل أداء شهادته، وعول على شهادة الملازم/ 2 .... رغم بطلانها لكونه قام باستجواب الطاعن استجوابا باطلا، وطلب الطاعن من محكمة ثاني درجة إعادة تشريح جثة المجني عليه البيان سبب الطعن وما إذا كانت الطعنة عن غير قصد وزمن الطعنة وإعادة استجواب الطبيب الشرعي وندب لجنة ثلاثية محايدة لعدم الاطمئنان إلى تقرير الطبيب الشرعي لأنه ذكر للطاعن أنه سوف يضع التقرير ضده بسبب جنسيته وتأجيل الدعوى لوجود مساع مع أهل المجني عليه للتنازل إلا أن المحكمة لم تجبه إلى طلبه، وحضر محام من السفارة الجزائرية مع الطاعن دون أن يطلبه، كما لم تمكن المحكمة الطاعن من إحضار شهوده عملا بالمادة 126 من قانون الإجراءات الجزائية، وأخيرا فقد أغفل الحكم المطعون فيه مصادرة السكين والعصا الذين استخدمهما في ارتكاب الجريمة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى في قوله:- "إنه وبتاريخ سابق على 4/6/2015 ونظرا لمرور المتهم/ .... بضائقة مالية نتيجة تراكم نفقات الفندق الذي يقيم به وتكاليف الإقامة عليه وعلى عائلته بدأ يترصد محلات الصرافة ويراقب المترددين عليها وتحديدا من الجنسية الصينية وتوصل إلى المجني عليه/ ..... والذي يعمل بشركة ..... للنقل والشحن والكائنة بميدان بني ياس يقوم بإيداع مبالغ مالية بالبنوك ومحلات الصرافة فعقد العزم وبيت النية على قتله ليتمكن من سرقة ما بحوزته من مبالغ مالية حتى لا ينفضح أمره بعد قيامه بالسرقة فيما لو بقي المجني عليه حية فقام بمراقبته لعدة أيام من خلال توافده على العمارة التي يعمل بها والدلوف لداخلها وفي اليوم المذكور أعد العدة وجهز سكينا تحصل عليها من مطبخه وعصا خشبية لاستخدامهما في قتل المجني عليه وتوجه إلى البناية الكائنة بمنطقة نايف (برج ....) وظل يراقب المكان بانتظار ظهور المجني عليه لينفذ جريمته واستقل المصعد وصعد إلى الدور العشرين وحال نزول المصعد توقف بالدور الثالث عشر وشاءت الأقدار أن يكون المجني عليه واقفا منتظرا المصعد وبحوزته حقيبة خلف ظهره ودراجته الهوائية وما إن بدأ المصعد في النزول وكان المتهم والمجني عليه بمفردهما حتى قام المتهم بالتعدي عليه بواسطة العصا بعدة ضربات على رأسه بقصد شل مقاومته فأحدثت به جرحا تهتكيا بفروة الرأس وكدمات بالخد الأيمن سقط المجني عليه على إثرها ثم قام المتهم وبقصد قتله بطعنه بواسطة السكين بكتفه وبصدره فأحدث به جرحين طعنين عميقين بالكتف وبالصدر وقد تسبب الجرح الأخير في وفاته، وتمكن من الاستيلاء على الحقيبة التي بحوزته وبداخلها النقود وتوجه إلى إحدى دورات المياه بالبناية ووضع النقود بداخل الحقيبة التي كانت بحوزته وخرج مسرعا من المكان وهو الأمر الذي لفت انتباه الحارس فانتابته حالة من الشك وتوجه إلى الممر فشاهد الدماء على الأرض باتجاه المصعد حيث كان باب المصعد مفتوحا والمجني عليه ملقى أرضا بداخله فتم إبلاغ الشرطة والتي حضرت وبفحص مسرح الجريمة وكاميرات المراقبة تبين أن المتهم متورط في الواقعة وعلى إثر ورود معلومات بتواجد المتهم بإمارة الشارقة لدى إحدى محلات الخياطة تم التوجه إليها وتبين مغادرة المتهم إلى إمارة عجمان مستقلا إحدى سيارات الأجرة ومن خلال التوصل إلى سائق المركبة تم تحديد مكان المتهم وتم القبض عليه بمنطقة حتا وبحوزته مبالغ مالية وبمواجهته اعترف بارتكابه للواقعة نظرا لمروره بضائقة مالية وحاجاته للمال". وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة قبل المتهم أدلة مستمدة مما شهد به كل من شهد النقيب/ ......، الملازم/ .....، الملازم 2/ ..... الوكيل أول/ ....، العريف/ ....، الطبيب الشرعي/ .....، ....، .... بتحقيقات النيابة العامة، ومن تقرير الطبيب الشرعي الموقع على المجني عليه ومن تقرير الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة، ومن تقرير إدارة البصمات ومما قرره المتهم بتحقيقات النيابة العامة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل في قوله: "وحيث إنه لما كان المتهم قد اختار سكين وعصا خشبية كأداتين لتنفيذ جريمته وحملهما معه ووضع العصا الخشبية في حقيبة في حين وضع السكين في بنطاله وذلك حتى يستلها مباشرة ودون تأخير لدى تنفيذه للجريمة، ولدى سقوط المجني عليه أرضا متأثرا بالضربة التي ضربها المتهم على رأسه بواسطة العصا الخشبية استل المتهم السكين مباشرة واختار صدر المجني عليه لتوجيه الطعنة وقد سددها بشكل مباشر وباستخدام قوة بدنية كبيرة إلا أنها أصابت كتفه فأدرك المتهم أن هذه الطعنة لن تؤدي لقتل المجني عليه فنزع السكين مرة أخرى وسددها بتركيز وقوة إلى وسط صدر المجني عليه حيث مكان القلب فأحدثت هناك قطعا بالأوعية الدموية الرئيسية، فكل ذلك يقطع بصورة جازمة لا ريب فيها أن المتهم كان ينوي قتل المجني عليه وذلك حتى يتخلص منه باعتباره سيكون شاهدا على واقعة السرقة التي ارتكبها وسيسهم في القبض عليه وفي إثبات الجريمة بحقه فيما لو بقي حيا، كما ينفي ذلك ادعاء المتهم بأنه كان يحاول قطع حبل الحقيبة بواسطة السكين وليس طعن المجني عليه لكون الطعنتين كانتا عميقتين مباشرتين ومن ثم يتوافر قصد القتل لديه، وتقضي برفض الدفع الخاص بعدم توافره". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والإمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موکول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان ما أورده الحكم فيما سلف يكفي في استظهار نية القتل لدى المحكوم عليه سائغا وصحيحا في القانون. لما كان ذلك، وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ويغدو منعاه في هذا الخصوص لا سند له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لتوافر ظرف سبق الإصرار وأثبته في قوله: "ولما كان ذلك، وكانت المحكمة قد خلصت إلى أن المتهم قد نشأت فكرة الجريمة لديه منذ فترة سابقة على ارتكابه لها حيث راقب تحركات المجني عليه وعرف البناية التي يخرج منها وهو يحمل النقود ويعود إليها بعد قيامه بإيداع النقود لدي الصرافين وفي اليوم الذي اختاره لتنفيذ الجريمة قام بإعداد العدة حيث قام بتجهيز السكين التي أخذها من المطبخ في الغرفة التي يقطن فيها في الفندق وأخذ عصا خشبية من غرفته حيث وضع السكين بداخل بنطاله بينما العصا وضعها بداخل حقيبته ثم توجه إلى البناية مكان الواقعة وفور مشاهدته للمجني عليه قام بالاعتداء عليه وقتله وسرقة المبالغ المالية التي لديه الأمر الذي يتوفر به ظرف سبق الإصرار بحق المتهم وتقضي برفض الدفع الخاص بعدم توافره". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول، وإذ كان ما استدل به الحكم - فيما سلف - علي ثبوت سبق الإصرار إنما يسوغ بهما استنباطه من توافره، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن علي الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان ظرف سبق الإصرار حكمه في تشديد العقوبة كحكم الترصد فلا جدوى للطاعن من التمسك بتخلف ظرف الترصد لتوافر ظرف سبق الإصرار في حقه إذ إن أحدهما يغني عن توافر الآخر. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر شيئا بشأن بطلان استجوابه بتحقيقات النيابة العامة لعدم حضور محام معه وبطلان أمر الإحالة لعدم حضور أولياء الدم ولم يطلب من المحكمة تدارك هذا الأمر ومن ثم فلا يحل له من بعد أن يثير شيئا عن ذلك لأول مرة أمام محكمة التمييز إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة الاستئنافية أن القاضي/ رئيس الدائرة قد وقع عليها كما وقع كذلك على الحكم والحكم المطعون فيه، كما أن إغفال توقيع القاضي على محاضر الجلسات لا أثر له على صحة الحكم، كما يبين من مراجعة مسودة الحكم المطعون فيه أنها موقعة من القضاة الذين أصدروا الحكم ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استند إلى أقوال الشاهد/ ..... بتحقيقات النيابة العامة التي تم تحليفه اليمين القانونية قبل أداء شهادته دون أقواله بجلسة المحاكمة، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله، هذا فضلا عن الأصل في الإجراءات الصحة وأن الشاهد قد حلف اليمين فلا يجوز للطاعن أن يجحد ما تم من إجراءات بمحضر الجلسة إلا بالطعن بالتزوير وهو ما لم يفعله فإنه لا يقبل منه ما يثيره في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يثر بجلسات المحاكمة أو مذكرات دفاعه شيئا عن بطلان شهادة الملازم/ .... فإن النعي بشأنها ينحل إلى جدل موضوعي مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة التمييز. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير المقدم إليها، شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها الأخذ بما تطمئن إليه منها والالتفات عما عداه. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما تضمنه تقرير الطبيب الشرعي واتفاقه مع ما شهد به الطبيب أمامها وأطرحت في حدود سلطتها طلبه إعادة مناقشة الطبيب الشرعي - الذي سمعته محكمة أول درجة - وندب لجنة ثلاثية أخرى محايدة ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسة 8/5/2016 أن الطاعن طلب أجلا لتقديم ما يفيد التنازل فأجلت المحكمة الدعوى لجلسة 22/5/2016 وبالجلسة الأخيرة لم يقدم هذا التنازل فقررت المحكمة حجز الدعوى للحكم، فإن النعي على المحكمة الإخلال بحق الدفاع يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر الجلسات أمام محكمة الموضوع بدرجتيها حضور محام مع الطاعن فإن ما يثيره الطاعن بشأن حضور محام معه من السفارة الجزائرية بجلسة المحكمة - بفرض حصوله - لم يكن له تأثير في الحكم الصادر فمن ثم يكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة الأوراق ومذكرات دفاع الطاعن أنه لم يطلب من المحكمة سماع شهود نفي، وكان من المقرر أنه لا يقبل من المتهم أن يطالب المحكمة أو ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها أو القيام بإجراء أمسك هو عن المطالبة به ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها شهود الإثبات ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على المحكمة أنها لم تمكنه من سماع شهود نفي لا محل له. لما كان ذلك، وكانت المادة 82 عقوبات تنص على أنه:- "للمحكمة عند الحكم بالإدانة في جناية أو جنحة أن تحكم بمصادرة الأشياء المضبوطة التي تحصلت من الجريمة أو التي استعملت فيها أو التي كان من شأنها أن تستعمل فيها، وذلك كله دون إخلال بحقوق الآخرين حسني النية. وإذا كانت الأشياء المذكورة من التي يعد صنعها واستعمالها أو حيازتها أو بيعها أو عرضها للبيع جريمة في ذاته وجب الحكم بالمصادرة في جميع الأحوال...". لما كان ذلك، وكانت المحكمة لم تقض بمصادرة السكين والعصا التي استعملهما الطاعن في ارتكاب الجريمة فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضا جزئيا والقضاء بمصادرة السكين والعصا المضبوطتين.
ثانيا: عرض النيابة العامة للقضية بالطعن رقم 599 لسنة 2016:
حيث إن النيابة العامة قد عرضت القضية الماثلة على هذه المحكمة عملا بنص المادة 253 من قانون الإجراءات الجزائية مشفوعة بمذكرة برأيها انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة التمييز تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها للفصل فيها ولتستبين من تلقاء نفسها ودون التقيد برأي النيابة العامة الذي تضمنه بمذكرتها ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب موضوعية أو قانونية عملا بأحكام الفقرة الثانية من المادة 246 والفقرة الثانية من المادة 245 من قانون الإجراءات الجزائية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى مستمدة من أقوال الشهود وإقرار الطاعن بالتحقيقات وما أورده تقرير الطب الشرعي وتقارير الأدلة الجنائية ومعاينة مكان الحادث وكلها مردودة إلى أصولها الثابتة بالأوراق كما استظهر الحكم توافر نية القتل وظرفي سبق الإصرار والترصد في حق المحكوم عليه ومدى توافر الارتباط بين جناية القتل وجريمة السرقة برابطة الزمنية والسببية وتناول دفاع المتهم ودحضه في منطق سائغ وصدر الحكم بإجماع آراء محكمة الاستئناف باعتبارها محكمة موضوع وجاء الحكم خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة طبقا للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون أصلح للمتهم يسري على واقعة الدعوى مما يغير ما انتهى إليه الحكم على المحكوم عليه ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة وإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق