باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من يونيو سنة 2025م، الموافق
الخامس من ذي الحجة سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب
رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 31 لسنة 45
قضائية "منازعة تنفيذ"
المقامة من
شركة سامكريت مصر- مهندسون ومقاولون
ضد
1 - وزير المالية، بصفته الرئيس الأعلى
لمصلحة الضرائب المصرية
2 – رئيس مصلحة الضرائب على المبيعات
3 – رئيس مأمورية ضرائب مبيعات عابدين
---------------
الإجراءات
بتاريخ الرابع والعشرين من أغسطس سنة 2023، أودعت الشركة المدعية صحيفة
هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبة الحكم، أولًا: بصفة مستعجلة:
بوقف تنفيذ حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 26/2/2022، فى الطعن رقم 9087 لسنة 77
قضائية. ثانيًا: فى الموضوع: بعدم الاعتداد بذلك الحكم، والاستمرار فى تنفيذ حكم
المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 13/5/2007، فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية
"دستورية".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت
هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قدمت الشركة
المدعية مذكرة، صممت فيها على الطلبات سالفة البيان، وقررت المحكمة إصدار الحكم
بجلسة اليوم.
-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق-
فى أن الشركة المدعية أقامت أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 14789
لسنة 2003 مدني كلي، ضد المدعى عليهم، بطلب الحكم برد المبالغ المسددة منها إلى
مصلحة الجمارك، في المدة من 28/2/1998 حتى 15/5/2003، ومقدارها (1302153,8)
جنيهًا، والفوائد القانونية، على سند من أنها استوردت السلع الرأسمالية المبينة
بصحيفة الدعوى؛ لاستخدامها في أنشطة الشركة ولغير غرض الاتجار، إلا أن مصلحة
الجمارك قامت بتحصيل تلك المبالغ لصالح مصلحة الضرائب على المبيعات، وإذ اضطرت
لسدادها حتى تتمكن من الإفراج عن تلك السلع، على الرغم من عدم خضوعها للضريبة، فقد
أقامت الدعوى. حكمت المحكمة برفضها. طعنت الشركة المدعية على ذلك الحكم أمام محكمة
استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1462 لسنة 121 قضائية. وبجلسة 7/3/2007، قضت
المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بإلزام المدعى عليه الأول برد مبلغ
(313670,45) جنيهًا، وبسقوط الحق في استرداد مبلغ (860700,25) جنيه، بالتقادم
الثلاثي؛ فطعنت عليه الشركة المدعية أمام محكمة النقض، بالطعن رقم 9087 لسنة 77
قضائية. وبجلسة 26/2/2022، قضت المحكمة بنقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع
الاستئناف المشار إليه: بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء العادي ولائيًّا
بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة لنظرها بهيئة قضاء إداري. وإذ تراءى للشركة
المدعية أن الحكم الصادر من محكمة النقض يشكل عقبة فى تنفيذ حكم المحكمة الدستورية
العليا الصادر بجلسة 13/5/2007، فى الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية
"دستورية"، الذي أرست فيه المحكمة قاعدة مؤداها أن المشرع قد اتجهت
إرادته إلى إخضاع السلع والخدمات التي يتم استيرادها بغرض الاتجار للضريبة العامة
على المبيعات، وأن التطبيق السليم لنصوص قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر
بالقانون رقم 11 لسنة 1991 قضى بعدم خضوع السلع الرأسمالية التي يتم استيرادها
لغير غرض الاتجار لتلك الضريبة، إلا أن محكمة النقض قد خالفت هذا القضاء فى حكمها
المتقدم، ولم تُعمل مقتضاه، وهو ما يستوجب تدخل المحكمة الدستورية العليا لإزالة
هذا العائق الذى يحول دون تنفيذ قضائها المتقدم إعمالًا لنص المادة (50) من قانونها
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979؛ لذلك فقد أقامت دعواها المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ قوامها -على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق، تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه،
وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان، ومن
ثم تكون عوائق التنفيذ القانونية هي موضوع منازعة التنفيذ ذاته، أو محلها، وتلك
الخصومة تتوخى في غايتها النهائية إنهاء الآثار القانونية الملازمة لتلك العوائق
أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها، وإعدام
وجودها؛ لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ
متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة
مضمونه، ونطاق القواعد التي يضمها، والآثار القانونية المتولدة عنها في سياقها،
وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ، وصورته
الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته، بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا
– وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم
عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص
الطبيعيين والاعتباريين جميعهم دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين
حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور؛ أولها: أن تكون هذه العوائق- سواء
بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها، ومقيدة لنطاقها.
وثانيها: أن يكون استنادها إلى تلك الأحكام وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم
تكن لها بها من صلة فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها،
منافية لحقيقتها وموضوعها. وثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في
الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 13/5/2007، في الدعوى رقم
3 لسنة 23 قضائية "دستورية" بعدم قبول الدعوى، المقامة طعنًا على
دستورية الفقرة الأولى من المادة (2) والفقرات الثانية والثالثة والرابعة من المادة
(6) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991، وقد
نُشر الحكم بالجريدة الرسمية - العدد 20 (مكرر) في 21/5/2007، وتساند ذلك القضاء
إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم استيرادها بغرض الاتجار
للضريبة العامة على المبيعات، ولذلك ربط دومًا فى تحديده نطاق الخضوع لها بين
الاستيراد والاتجار فيما يتم استيراده، وخلصت المحكمة إلى انتفاء المصلحة فى
الدعوى، بحسبان الضرر المدعى به ليس مرده إلى النصوص المطعون فيها، وإنما إلى
الفهم الخاطئ لها والتطبيق غير السليم لأحكامها، وأن الشركة المدعية فيها يمكنها
بلوغ طلباتها الموضوعية بإعفائها من الخضوع للضريبة على قطع الغيار المستوردة
لاستخدامها فى الصيانة والإحلال لمصانعها، وليس بغرض الاتجار، وذلك من خلال نجاحها
فى إثبات الغرض من الاستيراد أمام محكمة الموضوع.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكانت المحكمة الدستورية العليا بحكمها المتقدم
قد حددت – بطرق الدلالة المختلفة - معنى معينًا لمضمون نصوص قانون الضريبة العامة
على المبيعات، وخلصت إلى اتجاه إرادة المشرع إلى إخضاع السلع والخدمات التى يتم
استيرادها بغرض الإتجار للضريبة العامة على المبيعات المقررة وفقًا لهذا القانون.
وبذلك حددت نطاق الخضوع للضريبة بالنسبة للسلع والخدمات المستوردة، فى تلك التى
يتم استيرادها من الخارج للاتجار فيها، منتهية من ذلك إلى الحكم بعدم قبول الدعوى،
فإن هذا المعنى يكون هو الدعامة الأساسية التى انبنى عليها هذا الحكم، ولازمًا
للنتيجة التى انتهى إليها، ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بمنطوقه ويكمله، ليكون معه وحدة
لا تقبل التجزئة، لتمتد إليه مع المنطوق الحجية المطلقة والكاملة التى أسبغتها
الفقرة الأولى من المادة (49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979، والمادة (195) من الدستور على أحكامها، وذلك فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى
الدولة بسلطاتها المختلفة، وبحيث تلتزم هذه السلطات – بما فيها الجهات القضائية
على اختلافها – باحترام قضائها وتنفيذ مقتضاه على الوجه الصحيح.
وحيث إن حكم محكمة النقض الصادر بجلسة 26/2/2022، في الطعن رقم 9087
لسنة 77 قضائية، قد وقف عند حد نقض الحكم المطعون فيه، وفي موضوع الاستئناف رقم
1462 لسنة 121 قضائية، استئناف القاهرة، بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص
القضاء العادي ولائيًّا بنظر الدعوى وبإحالتها إلى مجلس الدولة لنظرها بهيئة قضاء
إداري، دون أن يتعرض إلى مسألة خضوع السلع موضوع التداعي للضريبة العامة على
المبيعات؛ ومن ثم لا يكون لهذا الحكم من صلة بحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر
بجلسة 13/5/2007، في الدعوى رقم 3 لسنة 23 قضائية "دستورية"، الذي لم
يكن قضاؤه محلًّا لمسألة الاختصاص المشار إليها، مما تضحى معه منازعة التنفيذ
المعروضة فاقدة مناط قبولها، وهو ما يتعين معه القضاء بعدم قبول الدعوى.
وحيث إن طلب الشركة المدعية وقف تنفيذ حكم محكمة النقض المشار إليه،
يعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة فيما
تقدم إلى القضاء بعدم قبول الدعوى، فإن قيامها بمباشرة اختصاص البت في طلب وقف
التنفيذ -طبقًا لنص المادة (50) من قانونها المار ذكره- يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت الشركة المدعية المصروفات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق