باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الأول من يونيو سنة 2025م، الموافق
الخامس من ذي الحجة سنة 1446ه.
برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد
الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي وصلاح محمد الرويني ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب
رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 31 لسنة 40 قضائية "تنازع"
المقامة من
1- بطريركية الأقباط الأرثوذكس، وهيئة
الأوقاف القبطية
2- مطرانية البحيرة والتحرير ومطروح والخمس مدن الغربية للأقباط
الأرثوذكس
3- القمص/ لوقا أسعد عوض أسعد – عن نفسه، وبصفته وكيل شريعة الأقباط
الأرثوذكس برشيد
4- ألفونس ميخائيل سعد رزق
ضد
1- ورثة/ محمد مصطفى محمد كامل تيرانلى – وشهرته (مصطفى تيرانة)، وهم:
زوجته: سناء عباس سعد سلام، وأولاده: مصطفى ومحمد وأحمد ومحمود
2- رئيس الجمهورية
3- وزير العدل
4- النائب العام
5- رئيس مجلس الوزراء
6- محافظ البحيرة
7- وزير الداخلية
8- وزير التنمية المحلية
9- مدير أمن البحيرة
10- رئيس مركز ومدينة رشيد
11- وزير الأوقاف
12- رئيس مجلس إدارة هيئة الأوقاف المصرية
13- مدير هيئة الأوقاف بالبحيرة
14- الممثل القانوني لبطريركية الروم الأرثوذكس بالإسكندرية
15- ورثة / محمد عبد الفتاح السيد الصفواني، وهم:
زوجته: إنعام محمد عبد الغنى، وأولاده: نجوى وخالد وأميرة
16 – ورثة / محمد عزت السيد محمد الصفواني، وهم:
زوجته: أميرة شحاتة زكى محمد السويفي، وولداه: إسلام وغادة
17 - محمد فؤاد السيد الصفواني
18 - أمين السيد الصفواني
19 – أمل محمود عبد الله محمود
20 - أحمد السيد الصفواني
----------------
الإجراءات
بتاريخ الرابع عشر من أغسطس سنة 2018، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بوقف تنفيذ، وبعدم الاعتداد بحكم
محكمة استئناف الإسكندرية، الصادر بجلسة 22/5/2018، في الاستئناف رقم 3448 لسنة 73
قضائية، المؤيد لحكم محكمة رشيد الكلية الصادر بجلسة 25/5/2017، في الدعوى رقم 10
لسنة 2016 مدني كلى حكومة، والاعتداد بحكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية
(دائرة البحيرة) الصادر بجلسة 28/3/2016، في الدعوى رقم 831 لسنة 13 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدم مورث المدعى عليهم الأول مذكرة، طلب فيها الحكم ببطلان إعلان
صحيفة الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها مثل محام عن المدعين،
وقدم مذكرة تمسك فيها بطلباتهم سالفة البيان، وطلب تصحيح شكل الدعوى لوفاة ممثل
المدعية الثانية، وطلب الحاضر عن ورثة محمد مصطفى محمد، حجز الدعوى للحكم، فقررت
المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق -
في أن مورث المدعى عليهم الأول أقام أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (دائرة
البحيرة) الدعوى رقم 831 لسنة 13 قضائية، ضد المدعى عليهم من الثاني إلى الثالث
عشر، طالبًا الحكم بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرار الجهة الإدارية السلبى بالامتناع عن
إصدار ترخيص هدم للعقار الكائن برشيد، المبين بالأوراق، وما يترتب على ذلك من
آثار، أخصها: عدم التعرض له حال قيامه بالهدم؛ على سند من أنه يمتلك مع آخرين كامل
أرض ومباني ذلك العقار بموجب العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 شهر عقاري دمنهور،
وأنه تقدم بطلب إلى المدعى عليه العاشر لهدم ذلك العقار لتهالكه، ولما يمثله من
خطر داهم على الأرواح والممتلكات، وإزاء عدم رد الجهة الإدارية المختصة على طلبه
خلال الموعد المقرر قانونًا، قام بتوجيه إنذار لها على يد محضر بعزمه على تنفيذ
الهدم، إلا أنه فوجئ بصدور قرارها بحظر المساس بالعقار، بزعم أن هيئة الأوقاف المصرية
هي المالكة لذلك العقار، وأضاف بأنه كان مملوكًا لبطريركية الروم الأرثوذكس
بالإسكندرية -اليونانية الجنسية- بموجب عقد مسجل برقم 2168 لسنة 1948 شهر عقاري
دمنهور، وأنه قام بشرائه، هو وآخرون، من البطريركية بموجب العقد الابتدائي المؤرخ
5/3/1990، وقام بتسجيله على النحو السالف بيانه، وصدرت لصالحه أحكام قضائية نهائية
وباتة في جميع المنازعات مع هيئة الأوقاف والكنيسة القبطية. وإبان نظر تلك الدعوى،
تدخل المدعون الأربعة انضماميًّا إلى جهة الإدارة طالبين الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 28/3/2016، حكمت المحكمة بقبول التدخل، وبرفض الدعوى.
ومن ناحية أخرى، أقامت الجهتان المدعيتان الأولى والثانية، أمام محكمة
رشيد الكلية الدعوى رقم 10 لسنة 2016 مدنى كلي حكومة، ضد مورث المدعى عليهم الأول،
والمدعى عليهم: الثالث والحادي عشر، ومن الرابع عشر إلى العشرين، طلبًا للحكم
ببطلان عقد البيع الابتدائي المؤرخ 5/3/1990، واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على
ذلك من آثار، وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد، وببطلان
العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 شهر عقاري دمنهور بطلانًا مطلقًا، وشطب ومحو
المسجل الأخير وعدم الاعتداد به، واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب عليه من آثار،
على سند من أنه بتاريخ 5/3/1990، قام بطريرك الروم الأرثوذكس السابق ببيع كنيسة
العذراء مريم للروم الأرثوذكس برشيد إلى مورث المدعى عليهم الأول، وآخرين، بموجب
عقد بيع تم تسجيله برقم 514 لسنة 2008 شهر عقاري دمنهور، وذلك بالمخالفة للقانون،
لكون تلك الكنيسة من الآثار المهمة برشيد، ومن الأموال العامة التي لا يجوز التصرف
فيها أو تملكها بالتقادم، كما أن المسجل المذكور جاء خاليًا من البيانات الجوهرية
التي يتطلبها القانون لعقد البيع المسجل. وبجلسة 25/5/2017، حكمت المحكمة بعدم
قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة أو مصلحة. وأسست قضاءها على سند من أن طائفة
الروم الأرثوذكس تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة، مُعترف بها من قبل الدولة، ويمثلها
بطريركها دون سواه في المسائل المتعلقة بها في التقاضي ويعبر عن إرادتها وعن
الكنائس والأوقاف الخيرية التابعة لها، وإذ لم يرد نص في قانون يسند صفة النيابة
في شأن من شئونها لهيئة معينة أو شخص معين إلى غير بطريركها، كما أن ممثلي الجهتين
المدعيتين لم يقدما دليلًا على أنهما يمثلان تلك الطائفة، أو أن هناك تفويضًا لهما
بالتقاضي نيابة عنها، فضلًا عن أن الثابت أن العين المبيعة لم تكن يومًا كنيسة،
وإنما كانت حواصل للخيل تحيط بها محلات، وأن البطريركية المذكورة اتخذت إحدى الغرف
من هذه الحواصل دارًا صغيرة للعبادة لبعض الأفراد اليونانيين المنتمين لطائفة الروم
الأرثوذكس ممن كانوا يقيمون بمدينة رشيد خلال القرن التاسع عشر، ولم تتخذ هذه
الدار صفة الكنيسة بالمعنى المعروف، وأن العبادة توقفت في هذه الدار، وتُركت دون
استعمال، وأنه ثبت أن تلك الدار قبل تركها وتهدمها لم تكن في رعاية الحكومة
المصرية، سواء من حيث إدارة شئونها أو الصرف عليها، مما تنتفى معه صفة المال العام
عنها، فضلًا عن أن هجرها وعدم اتخاذها دارًا للعبادة أجاز التصرف فيها بالبيع من
الجهة المالكة لها، وهى بطريركية الروم الأرثوذكس باعتبارها مالًا خاصًّا بها
وليست ملكًا للدولة؛ وعليه خلصت تلك المحكمة إلى حكمها سالف البيان.
وإذ لم يرتض ممثلا الجهتين المدعيتين الأولى والثانية ذلك الحكم؛
فطعنا عليه أمام محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 3448 لسنة 73 قضائية،
طلبًا للحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا بتحقق الصفة والمصلحة لهما في
رفع الدعوى، وبإحالة الدعوى إلى محكمة رشيد الكلية للفصل في الموضوع، والحكم لهما
بالطلبات المبداة في الدعوى المستأنفة. وبجلسة 22/5/2018، قضت المحكمة برفض
الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف.
وإذ تراءى للمدعين أن تناقضًا وقع بين حكم محكمة القضاء الإداري
بالإسكندرية (دائرة البحيرة) الصادر بجلسة 28/3/2016، في الدعوى رقم 831 لسنة 13
قضائية، وحكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بجلسة 22/5/2018، في الاستئناف رقم
3448 لسنة 73 قضائية، لتعامدهما على محل واحد، وتعذر تنفيذهما معًا؛ فقد أقاموا
الدعوى المعروضة.
وحيث إنه عن طلب الحاضر عن المدعين بتصحيح شكل الدعوى لوفاة ممثل
المدعية الثانية، فلما كان المذكور قد أقام الدعوى المعروضة نيابة عن مطرانية
البحيرة والتحرير ومطروح والخمس مدن الغربية للأقباط الأرثوذكس، التي لا تزال
متمتعة بالشخصية الاعتبارية المؤهلة للتقاضي، وحضر عنها وكيل بالجلسة المحددة لنظر
الدعوى، كما حضر بالجلسة ذاتها ورثة محمد مصطفى محمد
– بوكيل عنهم– فإن المحكمة تلتفت عن طلب
تصحيح شكل الدعوى، وتقضي في موضوعها، وذلك إعمالًا للمفهوم الموافق لنص الفقرة
الأخيرة من المادة (133) من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون
رقم 13 لسنة 1968.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن نص المادة (192) من الدستور،
والبند "ثالثًا" من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، قد أسندا إلى هذه المحكمة دون غيرها الاختصاص
بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين، أحدهما صادر من أي
جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن
التناقض بين حكمين نهائيين صادرين من جهتين قضائيتين مختلفتين –في تطبيق أحكام
قانون المحكمة الدستورية العليا– يفترض وحدة موضوعهما محددًا على ضوء نطاق الحقوق
التي فصلا فيها، بيد أن وحدة هذا الموضوع لا تفيد بالضرورة تناقضهما فيما فصلا
فيه، كذلك فإن تناقضهما –إذا قام الدليل عليه– لا يدل لزومًا على تعذر تنفيذهما
معًا؛ بما مؤداه أن مباشرة المحكمة الدستورية العليا لولايتها في مجال فض التناقض
المدعى به بين حكمين نهائيين يتعذر تنفيذهما معًا، تقتضيها أن تتحقق أولًا من وحدة
موضوعهما، ثم من تناقض قضاءيهما وتهادمهما معًا فيما فصلا فيه من جوانب ذلك
الموضوع، فإذا قام الدليل لديها على وقوع هذا التناقض كان عليها عندئذ أن تفصل
فيما إذا كان تنفيذهما معًا متعذرًا، وهو ما يعني أن بحثها في تعذر تنفيذ هذين
الحكمين يفترض تناقضهما، ولا يقوم هذا التناقض – بداهة – إذا كان موضوعهما
مختلفًا.
وحيث إن البين من الحكمين المدعى تناقضهما في الدعوى المعروضة أنهما
تناولا موضوعين مختلفين؛ ذلك أن حكم محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (دائرة
البحيرة) الصادر بجلسة 28/3/2016، في الدعوى رقم 831 لسنة 13 قضائية، قد انصب على
منازعة إدارية، تمثلت في طلب وقف تنفيذ وإلغاء قرار الجهة الإدارية السلبي
بالامتناع عن إصدار ترخيص هدم العقار الكائن برشيد المبين بالأوراق، وقضى فيه
بالرفض، في حين انصب حكم محكمة استئناف الإسكندرية الصادر بجلسة 22/5/2018، في
الاستئناف رقم 3448 لسنة 73 قضائية، على منازعة مدنية، حاصلها طلب الحكم ببطلان
عقد البيع الابتدائي للعقار محل النزاع المؤرخ 5/3/1990، واعتباره كأن لم يكن، مع
ما يترتب على ذلك من آثار وإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانوا عليها قبل
التعاقد، وببطلان العقد المسجل رقم 514 لسنة 2008 شهر عقاري دمنهور بطلانًا
مطلقًا، وشطب ومحو المسجل الأخير وعدم الاعتداد به واعتباره كأن لم يكن، مع ما
يترتب عليه من آثار، ولازم ذلك أن الحكمين المدعى تناقضهما قد اختلفا موضوعًا، مما
مؤداه: انتفاء التناقض بينهما الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، وهو ما
يتعين معه الحكم بعدم قبول الدعوى.
وحيث إنه عن طلب وقف التنفيذ، فمن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن طلب
وقف تنفيذ أحد الحكمين المتناقضين – أو كليهما- فرع من أصل النزاع حول فض التناقض
بينهما، وإذ انتهت المحكمة، فيما تقدم، إلى عدم قبول الدعوى، فإن قيام رئيس
المحكمة الدستورية العليا بمباشرة اختصاصه المقرر بنص المادة (32) من قانون هذه
المحكمة المار بيانه، يكون قد بات غير ذي موضوع.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق