جلسة 3 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / أبو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق، عادل غازي، حسام مطر وإبراهيم عوض نواب رئيس المحكمة .
-------------
( 92 )
الطعن رقم 21686 لسنة 86 القضائية
(1) تزوير " أوراق عرفية " .
كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشـأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام . تزوير في محررات عرفية وإن ربط لها القانون عقوبة الجناية . أساس وعلة ذلك ؟
(2) ضرر . تزوير " أوراق عرفية " . نقض " نظر الطعن والحكم فيه " .
الضرر . من عناصر جريمة التزوير . افتراض تحققه بمجرد تغيير الحقيقة بالمحررات الرسمية . علة ذلك ؟
جريمة التزوير في محررات عرفية واستعمالها . اكتمال نموذجها القانوني بالاقتران بنية الإضرار بالغير أو احتمال حصوله من تغيير الحقيقة فيها . إقرار المجني عليه بعدم وقوع أي ضرر لحق به من التزوير ورد الأسهم محل الواقعة . أثره : انتفاء قيام تلك الجريمة والقضاء بالبراءة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر إن المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت قد فقرتها الأولى على أن : " كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشـأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام عقوبته السجن مدة لا تزيد على خمس سنين " فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات وإن كانت عقوبته السجن وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم هذه المحررات صفة الموظف العام أو من في حكمه وهي صفة لازمة لإضفاء الرسمية على المحرر ، وهو ما فعله بالنسبة للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس .
2- من المقرر أن الضرر من عناصر جريمة التزوير التي لا قيام لها بدونه ، وافتراض توافره وتحقق قيامه بالنسبة للمحررات الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة فيها لما في ذلك من تقليل الثقة فيها ، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للمحررات العرفية التي ينبغي أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو احتمال حصوله . لما كان ذلك ، وكانت المحررات محل التزوير في الطعن الماثل محررات عرفية ، وكان البين من مطالعة المفردات ومحاضر جلسات المحاكمة أن المجني عليه ووكيله قررا بعدم وقوع أي ضرر لحق بالأول وبرد كافة الأسهم محل الواقعة . وكان من المقرر أنه لا يكتمل النموذج القانوني لجريمة التزوير في محررات عرفية واستعمالها ما لم يكن مقروناً بنية الإضرار بالغير أو كان من شأنه احتمال الإضرار بالغير وقت تغيير الحقيقة في هذه المحررات ، وهو ما لم يثبت توافره في واقعة الدعوى الماثلة ، الأمر الذي يمتنع معه القول بقيام جريمة التزوير في محررات عرفية أو استعمالها أو الاشتراك في أي منها هي الأخرى . لما كان ذلك ، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمـت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
1- المتهمون جميعاً :
اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في تزوير محرر لإحدى شركات المساهمة هو أمر بيع منسوب صدوره للمجني عليه / .... محرر على نموذج مطبوع لشركة .... للسمسرة في الأوراق المالية وذلك بوضع إمضاءات وأسماء مزورة ، بأن اتفقوا فيما بينهم مع مجهول على تحريره ، وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة فقام المجهول بتدوينها ووضع عليه توقيعاً نسبه زوراً إلى المجني عليه سالف الذكر كطرف مقر ببيع أربعة وخمسين ألف سهم خاص بشركة .... بسعر السوق ، ثم قام المتهم الخامس بإضافة عبارة " تم التوقيع أمامنا على مسئوليتي " وهذا بتوقيعه ، فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
2- المتهمون من الأول حتى الثالث :
اشتركوا بطريق الاتفاق والمساعدة مع آخر مجهول في تزوير محررات عرفية " عدد ستة عقود بيع أسهم غير مقيدة بالبورصة وغير مؤرخة " وذلك بطريق وضع أسماء وإمضاءات مزورة ، بأن اتفقوا فيما بينهم مع المجهول على تحرير العقود سالفة الذكر ، وساعدوه بأن أمدوه بالبيانات اللازمة ، فقام المجهول بتوقيعها ووضع عليها جميعاً توقيعات نسبتها زوراً إلى المجني عليه / .... كطرف بائع ، وقام المتهم الأول بالتوقيع عليها جميعاً بعد أن أضاف إليها عبارة " تم التوقيع أمامي وتحت مسئوليتي " كما قام المتهم الثاني بالتوقيع على أربع منها كطرف مشترٍ بصفته الولي الطبيعي على أولاده القصر ، وقام المتهم الثالث بالتوقيع على عقدين منها كطرف مشترٍ بصفته الولي الطبيعي على أولاده القصر ، فتمت الجريمة بناءً على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة .
3- المتهم الخامس : استعمل أمر البيع المزور محل التهمة الأولى فيما زور من أجله ، بأن قدمه لسوق الأوراق المالية ( البورصة ) تمهيداً لإتمام عملية البيع للأسهم مع علمه بتزويره .
4- المتهم الأول : استعمل العقود العرفية المزورة محل التهمة الثانية فيما زورت من أجله ، بأن قدمها إلى المتهمين الرابع والخامس تمهيداً لاستصدار المحرر المزور محل التهمة الأولى مع علمه بتزويرهم .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى المجنى عليه / .... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ أربعين ألف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى المحكمة الاقتصادية المختصة .
فطعنت النيابة العامة والمحكوم عليهما الثاني الثالث / .... ، .... في هذا الحكم بطريق النقض وقيد برقم .... .
ومحكمة النقض قضت أولاً : عدم قبول طعن النيابة العامة شكلاً . ثانياً : قبول طعن المحكوم عليهما شكلاً وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه .
ومحكمة جنايات .... قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 / 3،2 ، 41 / أولاً ، 214 مكرراً/1 ، 215 من قانون العقوبات ، مع إعمال نص المادتين 17 ، 32 من ذات القانون : بمعاقبة كل من / .... ، .... ، .... ، .... ، .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ومصادرة المحررات المزورة المضبوطة وألزمتهم المصروفات الجنائية وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض ، وقيد طعنهم برقم .... .
ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات .... لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى .
ومحكمة الإعادة - بهيئة مغايرة – قضت حضورياً عملاً بالمواد 40 / 2 ، 3 ، 41 / أولاً ، 214 مكرراً/1 ، 215 من قانون العقوبات ، مع إعمال نصوص المواد 17 ، 32 ، 55 ، 56 من ذات القانون : بمعاقبتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ اليوم وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة وألزمتهم المصروفات الجنائية ، وفي الدعوى المدنية باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه المدنية وألزمته مصروفاتها .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية - .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة الاشتراك في تزوير محرر لإحدى شركات المساهمة ودان الثاني والثالث بجريمة الاشتراك في تزوير محررات عرفية ودان الأول والخامس باستعمال محررات مزورة قد أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه اعتبر تلك المحررات رسمية ورتب على ذلك افتراض تحقق الضرر في تزويرها في حين أنها لا تعدو أن تكون محررات عرفية مما يحتم توافر ركن الضرر وهو المنتفي في واقعة الدعوى ، بدلالة ما قرره المجني عليه ووكيله بعدم وقوع ثمة ضرر له ، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
ومن حيث إن المادة 214 مكرراً من قانون العقوبات المضافة بالقانون رقم 120 لسنة 1962 قد نصت قد فقرتها الأولى على أن : " كل تزوير أو استعمال يقع في محرر لإحدى الشركات المساهمة أو إحدى الجمعيات التعاونية أو النقابات المنشـأة طبقاً للأوضاع المقررة قانوناً أو إحدى المؤسسات أو الجمعيات المعتبرة قانوناً ذات نفع عام عقوبته السجن مدة لا تزيد على خمس سنين " فالتزوير الذي يقع في المحررات الصادرة من إحدى هذه الجهات وإن كانت عقوبته السجن وهي عقوبة مقررة للجناية وفقاً للتعريف الوارد في المادة العاشرة من قانون العقوبات إلا أنه يعتبر تزويراً في محررات عرفية نظراً لأن المشرع لم يسبغ على العاملين في هذه الجهات والذين تصدر عنهم هذه المحررات صفة الموظف العام أو من في حكمه وهي صفة لازمة لإضفاء الرسمية على المحرر ، وهو ما فعله بالنسبة للنصوص التي تعاقب على جرائم الرشوة والاختلاس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الضرر من عناصر جريمة التزوير التي لا قيام لها بدونه ، وافتراض توافره وتحقق قيامه بالنسبة للمحررات الرسمية بمجرد تغيير الحقيقة فيها لما في ذلك من تقليل الثقة فيها ، إلا أنه ليس كذلك بالنسبة للمحررات العرفية التي ينبغي أن يترتب على تغيير الحقيقة فيها حصول ضرر بالفعل أو احتمال حصوله . لما كان ذلك ، وكانت المحررات محل التزوير في الطعن الماثل محررات عرفية ، وكان البين من مطالعة المفردات ومحاضر جلسات المحاكمة أن المجني عليه ووكيله قررا بعدم وقوع أي ضرر لحق بالأول وبرد كافة الأسهم محل الواقعة . وكان من المقرر أنه لا يكتمل النموذج القانوني لجريمة التزوير في محررات عرفية واستعمالها ما لم يكن مقروناً بنية الإضرار بالغير أو كان من شأنه احتمال الإضرار بالغير وقت تغيير الحقيقة في هذه المحررات ، وهو ما لم يثبت توافره في واقعة الدعوى الماثلة ، الأمر الذي يمتنع معه القول بقيام جريمة التزوير في محررات عرفية أو استعمالها أو الاشتراك في أي منها هي الأخرى . لما كان ذلك ، فإنه يتعين القضاء ببراءة الطاعنين مما أسند إليهم .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق