الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 أبريل 2024

الطعن 29810 لسنة 86 ق جلسة 3 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 93 ص 720

جلسة 3 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / أبو بكر البسيوني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / مجدي عبد الرازق، عادل غازي، حسام مطر ومحمود عمر نواب رئيس المحكمة .
----------------
( 93 )
الطعن رقم 29810 لسنة 86 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان واف . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(2) اتفاق . فاعل أصلي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الاتفاق على ارتكاب الجريمة . ما يشترط لتوافره ؟
مساهمة الشخص في الجريمة بفعل من الأفعال المكونة لها . كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً .
تدليل سائغ على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم التي دانهم بها .
(3) آثار . قصد جنائي .
جريمة الحفر في منطقة أثرية بدون ترخيص المؤثمة بالمادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 . عمدية . تحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الحفر وعلمه بأنه يحدثه بغير حق . وجوب التحدث عنه استقلالاً أو إيراد ما يكفي للدلالة على قيامه . النعي على الحكم رغم التزامه هذا النظر . غير مقبول .
(4) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة إلى إجرائه . غير مقبول .
(5) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
منازعة الطاعنين في سلامة ما استخلصته المحكمة من أدلة . جدل موضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(6) إثبات " معاينة " . آثار . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص محضر المعاينة بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال لتسبيب سائغ لحكم صادر بالإدانة بجريمة حفر أثري .
(7) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته . لا يقدح في جديتها .
(8) دفوع " الدفع بعدم الاختصاص النوعي " . آثار .
الدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر جريمة الحفر الأثري في منطقة أثرية بغير ترخيص . لا محل له . ما دامت مرتبطة بجناية الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة .
(9) إجراءات " إجراءات التحقيق " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي ببطلان تقرير لجنة الفحص . تعييب للإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن . إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات . موضوعي .
(10) محكمة الإعادة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " .
إعادة المحاكمة طبقاً للمادة 395 إجراءات جنائية . محاكمة مبتدأة تتيح للمتهم إبداء دفاعه . للمحكمة الفصل فيها بكامل حريتها دون تقيد بالحكم الغيابي .
سقوط الحكم الغيابي بحضور المتهم . أثره : إعادة المحاكمة بالهيئة التي تكون عليها سواء كانت مصدرة الحكم الغيابي أو أخرى مغايرة .
(11) محاماة . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه أمام محكمة الجنايات بالخطة التي يراها . علة ذلك ؟
ترافع المحامي في موضوع الدعوى وإبداء أوجه دفاعه . النعي حول عدم كفايتها . غير مقبول .
(12) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بنفي التهمة . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي . اطمئنانها لأدلة الثبوت التي أوردتها . مفاده ؟
(13) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الأدلة في المواد الجنائية إقناعية . للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي ثبتت لديها من باقي الأدلة .
(14) عقوبة " تطبيقها " " العقوبة الأصلية " " العقوبة التكميلية " . آثار . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " . محكمة النقض " سلطتها " .
العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ارتباطاً لا يقبل التجزئة . تجب ذات العقوبات المقررة لما عداها من جرائم . عدم امتداد الجب للعقوبات التكميلية التي تحمل فكرة رد الشيء لأصله أو ذات طبيعة وقائية . علة ذلك ؟
مناط وصف العقوبة بالأصلية ؟
العقوبات الأصلية للجنايات . قصرها على الإعدام والسجن المؤبد والمشدد والسجن . القضاء بالغرامة بالإضافة لعقوبة أخرى . مؤداه : اعتبارها مكملة لها . أساس وحد ذلك ؟
عقوبة الغرامة المقررة بالمادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدل . تكميلية ذات صبغة عقابية بحتة . مؤداه : وجوب إدماجها في عقوبة الجريمة الأشد . إدانة الطاعنين الأول والثاني بجريمة الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة بوصفها الأشد وقضاؤه بالغرامة عن جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص الأخف . مخالف للقانون . يوجب النقض والتصحيح بإلغاء عقوبة الغرامة .
معاقبة الطاعن الثالث بالسجن المشدد والغرامة عن جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص . خطأ في تطبيق القانون . يوجب النقض والتصحيح بجعل العقوبة السالبة للحرية الحبس مع الشغل . أساس وعلة ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين ، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من معاينة النيابة العامة وكتاب منطقة آثار .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان وافٍ مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى .
2- من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم التي دانهم بها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كانت جريمة الحفر في منطقة أثرية بدون ترخيص المؤثمة بنص المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الحفر وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضى أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين وتتوافر به جريمة الحفر في منطقة مسجلة أثرياً بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يجادل فيه الطاعنون لا يكون مقبولاً .
4- لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن طلبات التحقيق التي أشاروا إليها في أسباب طعنهم ، فليس لهم من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
5- لما كان ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أقوال أعضاء لجنة الفحص وما ثبت من معاينة النيابة العامة وكتاب منطقة آثار .... فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
6- لما كان الحكم المطعون فيه قد عول على إدانة الطاعنين من بين ما عول عليه من الأدلة على المعاينة التي أجرتها لجنة الآثار والنيابة العامة وأورد مضمون أقوال / .... مفتش الآثار بقوله : ( أنه ترأس اللجنة المشكلة بناءً على قرار النيابة العامة بفحص ومعاينة أعمال الحفر بمسكن المتهم الأول تبين أن الحفر أثرى وبغرض التنقيب عن الآثار في منطقة أثرية مسجلة خاضعة لقانون حماية الآثار وأثناء المعاينة تم العثور بداخل الحفرة محل التنقيب على قطع أثرية ترجع إلى العصر اليوناني الروماني ، كما ثبت من معاينة النيابة العامة وجود حفر بمنزل المتهم الأول ومكان الحفر يخضع لسيطرة المتهم المادية والفعلية ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التي أجرتها لجنة الآثار والنيابة العامة من وجود حفر بمنطقة أثرية مسجلة خاضعة لقانون حماية الآثار كما تبين وجود قطع أثرية ترجع إلى العصر اليوناني الروماني داخل منطقه الحفر وأنه يخضع لسيطرة الطاعن الأول المادية والفعلية ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال منها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه .
7- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، كما أن لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
8- لما كانت جريمة الحفر الأثري في منطقة أثرية بغير ترخيص المسندة إلى الطاعن الاول مرتبطة بجناية الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة ، فإن الدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الجريمة التي دين بها الطاعن الاول لا يكون له محل .
9- لما كان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر شيئاً عما يدعيه من بطلان تقرير لجنة الفحص ، فإنه لا يحل له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، فضلاً عن أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه ، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير .
10- من المقرر ان إعادة المحاكمة طبقاً للمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناها تظلم يرفع من المحكوم عليه فيمتنع نظره على من أصدر الحكم الغيابي ، بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة الغرض منها أن يتاح للمتهم أن يبدي دفاعه وأن يتاح للمحكمة أن تسمع أقواله ، فيكون لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه وفقاً لنص المادة 395 آنفة الذكر فإن الحكم الغيابي يسقط بحضور المتهم ، ومن ثم تعتبر الهيئة التي أصدرته وكأنها لـــم تصدر في الدعوى حكماً ، ولذلك فإن المحاكمة الجديدة تجري أمام المحكمة المختصة بالهيئة التي تكون عليها عند إعادة المحاكمة سواء كانت هي الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي أو هيئة مغايرة .
11- من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة ، بل ترك له اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً مُوكلاً ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعن الثاني وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ، ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن الثاني بوجه النعي حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول .
12- من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرها ، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ومن ثم فان النعي على الحكم إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة يكون في غير محله .
13- لما كان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعن الثاني والتي يتساند إليها للتدليل على عدم صحة الاتهام ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الصدد يضحى لا محل له .
14- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين الأول والثاني عن جريمتي الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة كما دان الطاعن الأول بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص كما دان الطاعن الثاني بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص حال كونه من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار وانتهى إلى أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين قد انتظمها مشروع إجرامي واحد وارتباطها ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يتعين معه توقيع العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات ثم عاقب الطاعنين الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم مائة ألف جنية عما أسند إليهما والمصادرة . لما كان ذلـك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الشروع في الاستيلاء التي دين بها الطاعنان الأول والثاني هي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن عملاً بالمادتين 46 ، 113 من قانون العقوبات ، وكانت عقوبة جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص التي دين بها الطاعن الأول طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار المعدل هي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه ، وكانت عقوبة جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع الهيئة أو من عمالهم التي دين بها الطاعن الثاني طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل ، هي السجن والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتين وخمسين ألف جنيه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة التي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى ، وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثالث من الكتاب المذكور ، ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها ، ويصدق هذا النظر على العقوبات المقيدة للحرية كالحبس التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على عقوبة الحبس الذي لا يجاوز الخمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجريد المدني . لما كان ذلك ، فإن عقوبة الغرامة المقررة في المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار المعدل تعد عقوبة تكميلية ، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ، فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها ، وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص - وهي الجريمة الأخف - بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الشروع في الاستيلاء ، وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثالث بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه في حين أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدل هي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبــة الغرامة المقضي بها على الطاعنين الأول والثاني ، وبجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها على الطاعن الثالث الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وذلك بالإضافة لعقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما ، وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولم لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن مع رفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمـت النيابة العامة الطاعنين ( وآخرين سبق الحكم عليهم ) بأنهم :
أ- المتهمان الأول والثاني : بصفتهما موظفين عموميين - الأول عامل خدمات معاونه بكلية .... جامعة .... والثاني أخصائي ترميم بإدارة ترميم الآثار الإسلامية والقبطية بـ .... - شرعا في الاستيلاء وبغير حق على القطع الأثرية المبينة وصفاً بالتحقيقات وما عسى أن يظهر من قطع أثرية ناتجة عن أعمال الحفر الأثرية التي قاما بإجرائها طبقاً للوصف الثاني والمملوكة ملكية عامة للدولة وكان ذلك خلسة ، بأن قاما بإجراء أعمال الحفر الأثري داخل منطقة أثرية بغرض التنقيب عن الآثار والحصول على ما قد ينتج منها من قطع أثرية ، إلا أن أثر الجريمة قد خاب لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ضبطهما والجريمة متلبس بها على النحو المبين بالتحقيقات .
ب- المتهم الثاني : بصفته من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أجرى أعمال الحفر بقصد الحصول على أثر بدون ترخيص من الجهة المختصة .
ج- المتهمان الأول والثالث : أجريا أعمال الحفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 45/ 1 ، 46 ، ۱۱۳/1 ، ۱۱۹/ أ من قانون العقوبات ، والمواد 1، 3 ، 6 ، 40 ، 42 /3،2 ، 44 من القانون ۱۱۷ لسنة ۱۹۸۳ ، مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات : بمعاقبة كل منهم بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهم مبلغ مائة ألف جنيه عما أسند إليهم وألزمتهم المصاريف الجنائية والمصادرة .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان الأول والثاني بجريمتي الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة ودان الثاني بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص حال كونه من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار ، ودان الأول والثالث بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والخطأ في تطبيق القانون ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت في حقهم على نحو كافٍ ، ولم يدلل على توافر الاتفاق بينهم على ارتكاب تلك الجرائم ، ولم تحفل المحكمة بما أبداه الطاعنون من دفاع جوهري من انتفاء أركان جريمة الحفر الأثري لعدم توافر القصد الجنائي ولم يدلل الحكم على توافره في حقهم ، كما لم تحقق المحكمة دفاعهم بندب خبير هندسي للتأكد من أن الأرض محل الحفر غير واقعة في المنطقة الأثرية ، كما لم تنتدب خبيراً لتحقيق دفاعهم بأن المضبوطات مجرد أحجار وليست أثر بالمعنى القانوني الذي اشترطته المادة الأولى من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل ، وعول الحكم على الدليل المستمد من شهادة أعضاء لجنة الفحص وما ثبت من معاينة النيابة العامة وكتاب منطقة آثار .... رغم عـدم كفايتها كدليل للإدانة ، كما لم يورد فحوى معاينة النيابة العامة ودلالتها وكيف استدل منها على ثبوت الجريمة قبلهم ، كما استند الحكم إلى تحريات الشرطة وأقوال الضابط مجريها رغم عدم إفصاحه عن مصدرها وعدم كفايتها كدليل ، كما لم يعن الحكم بالرد على الدفع المبدى من الطاعن الأول بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الدعوى بالنسبة لجريمة الحفر الأثري باعتبار أن الطاعن الأول ليس من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار ممن نصت عليهم الفقرة الثالثة من المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار ، كما التفت عن دفاع الطاعن الثاني من بطلان تقرير لجنة الفحص بشأن أثرية القطع المضبوطة ، كما أن الحكم المطعون فيه صدر من هيئة فقدت صلاحيتها لكونها ذات الهيئة التي سبق وأن أصدرت الحكم الغيابي بإدانة الطاعنين في ذات الدعوى ، كما أن الطاعن الثاني لم يحظ بدفاع جدي ، وأخيراً فإن الحكم التفت عن دفاع الطاعنين بعدم صحة الاتهام كما لم يعرض للمستندات المقدمة من الطاعن الثاني تأييداً لدفاعه في هذا الشأن ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها الطاعنين ، وساق على صحة إسنادها إليهم وثبوتها في حقهم أدلة استمدها من أقوال شهود الإثبات وما ثبت من معاينة النيابة العامة وكتاب منطقة آثار .... ، وهي أدلة سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وأورد الحكم مؤدى كل منها في بيان وافٍ مما يشير إلى أن المحكمة قد أحاطت بواقعة الدعوى وقضت فيها عن بصر وبصيرة . لما كان ذلك ، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كان ذلك محققاً لحكم القانون ، ومن ثم تنحسر عن الحكم قالة القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة ، أي أن يكون كل منهم قصد قصد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة ، وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى ومما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق الطاعنين على ارتكاب الجرائم التي دانهم بها ، وأن كلاً منهم قصد قصد الآخر في إيقاعها وقارف فعلاً من الأفعال المكونة لها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جريمة الحفر في منطقة أثرية بدون ترخيص المؤثمة بنص المادة 42 من القانون 117 لسنة 1983 إنما هي جريمة عمدية يتحقق القصد الجنائي فيها متى تعمد الجاني ارتكاب الفعل المنهي عنه بالصورة التي حددها القانون واتجاه إرادته إلى إحداث الحفر وعلمه بأنه يحدثه بغير حق ، وهو ما يقتضى أن يتحدث الحكم عنه استقلالاً أو أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وأدلتها يكشف عن توافر هذا القصد لدى الطاعنين وتتوافر به جريمة الحفر في منطقة مسجلة أثرياً بكافة أركانها كما هي معرفة به في القانون ، فإن ما يجادل فيه الطاعنون لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يطلبوا من المحكمة إجراء تحقيق معين في شأن طلبات التحقيق التي أشاروا إليها في أسباب طعنهم ، فليس لهم - من بعد - النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي من جانبها لزوما لإجرائه ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من منازعة في سلامة ما استخلصته المحكمة من أقوال أعضاء لجنة الفحص وما ثبت من معاينة النيابة العامة وكتاب منطقة آثار .... فإنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عول على إدانة الطاعنين من بين ما عول عليه من الأدلة على المعاينة التي أجرتها لجنة الآثار والنيابة العامة وأورد مضمون أقوال / .... مفتش الآثار بقوله : ( أنه ترأس اللجنة المشكلة بناءً على قرار النيابة العامة بفحص ومعاينة أعمال الحفر بمسكن المتهم الأول تبين أن الحفر أثري وبغرض التنقيب عن الآثار في منطقة أثرية مسجلة خاضعة لقانون حماية الآثار وأثناء المعاينة تم العثور بداخل الحفرة محل التنقيب على قطع أثرية ترجع إلى العصر اليوناني الروماني ، كما ثبت من معاينة النيابة العامة وجود حفر بمنزل المتهم الأول ومكان الحفر يخضع لسيطرة المتهم المادية والفعلية ) . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مؤدى المعاينة التي أجرتها لجنة الآثار والنيابة العامة من وجود حفر بمنطقة أثرية مسجلة خاضعة لقانون حماية الآثار كما تبين وجود قطع أثرية ترجع إلى العصر اليوناني الروماني داخل منطقه الحفر وأنه يخضع لسيطرة الطاعن الأول المادية والفعلية ، فإن ما ينعاه الطاعنون على الحكم بعدم إيراد مضمون المعاينة وكيفية الاستدلال منها على ثبوت الاتهام لا يكون له محل ، لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراد نص محضر المعاينة بكامل أجزائه . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، كما أن لا محل للاستناد إلى عدم إفصاح الضابط عن مصدر تحرياته في القول بعدم جدية التحريات ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكانت جريمة الحفر الأثري في منطقة أثرية بغير ترخيص المسندة إلى الطاعن الأول مرتبطة بجناية الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة ، فإن الدفع بعدم اختصاص محكمة الجنايات بنظر الجريمة التي دين بها الطاعن الأول لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن الثاني لم يثر شيئاً عما يدعيه من بطلان تقرير لجنة الفحص ، فإنه لا يحل له أن يثير ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض لأنه لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، فضلاً عن أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة فلها مطلق الحرية في الأخذ بما تطمئن إليها منها والالتفات عما عداه ، ولا يقبل مصادرة المحكمة في هذا التقدير . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن إعادة المحاكمة طبقاً للمادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية ليس مبناها تظلم يرفع من المحكوم عليه فيمتنع نظره على من أصدر الحكم الغيابي ، بل هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة الغرض منها أن يتاح للمتهم أن يبدي دفاعه وأن يتاح للمحكمة أن تسمع أقواله ، فيكون لمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها غير مقيدة بشيء مما جاء بالحكم الغيابي ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فإنه وفقاً لنص المادة 395 آنفة الذكر فإن الحكم الغيابي يسقط بحضور المتهم ، ومن ثم تعتبر الهيئة التي أصدرته وكأنها لم تصدر في الدعوى حكماً ، ولذلك فإن المحاكمة الجديدة تجري أمام المحكمة المختصة بالهيئة التي تكون عليها عند إعادة المحاكمة سواء كانت هي الهيئة التي أصدرت الحكم الغيابي أو هيئة مغايرة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططاً معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة ، بل ترك له اعتماداً على شرف مهنته واطمئناناً إلى نبل أغراضها أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وإذ كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن محامياً مُوكلاً ترافع في موضوع الدعوى عن الطاعن الثاني وأبدى من أوجه الدفاع ما هو ثابت بهذا المحضر، فإن ذلك يكفي لتحقيق غرض الشارع ، ويكون الجدل الذي يثيره الطاعن الثاني بوجه النعي حول كفاية هذا الدفاع غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرها ، واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها ، ومن ثم فان النعي على الحكم إعراضه عما أبداه الدفاع من أوجه لنفي التهمة يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان لا ينال من سلامة الحكم اطراحه للمستندات المقدمة من الطاعن الثاني والتي يتساند إليها للتدليل على عدم صحة الاتهام ، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية إقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، فإن منعى الطاعن الثاني في هذا الصدد يضحى لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه دان الطاعنين الأول والثاني عن جريمتي الشروع في الاستيلاء بغير حق على آثار مملوكة للدولة كما دان الطاعن الأول بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص كما دان الطاعن الثاني بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص حال كونه من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار وانتهى إلى أن الجرائم المسندة إلى الطاعنين قد انتظمها مشروع إجرامي واحد وارتباطها ارتباطاً لا يقبل التجزئة مما يتعين معه توقيع العقوبة الأشد عملاً بالمادة 32/2 من قانون العقوبات ، ثم عاقب الطاعنين الأول والثاني بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريم كل منهم مائة ألف جنية عما أسند إليهما والمصادرة . لما كان ذلـك ، وكانت العقوبة المقررة لجريمة الشروع في الاستيلاء التي دين بها الطاعنان الأول والثاني هي السجن المشدد مدة لا تزيد على نصف الحد الأقصى المقرر قانوناً أو السجن عملاً بالمادتين 46 ، 113 من قانون العقوبات ، وكانت عقوبة جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص التي دين بها الطاعن الأول طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار المعدل هي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه ، وكانت عقوبة جريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو من مسئولي أو موظفي أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع الهيئة أو من عمالهم التي دين بها الطاعن الثاني طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 المعدل ، هي السجن والغرامة التي لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد على مائتين وخمسين ألف جنيه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن العقوبة الأصلية المقررة لأشد الجرائم المرتبطة ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة تجب العقوبات الأصلية المقررة لما عداها من جرائم دون أن يمتد هذا الجب إلى العقوبات التكميلية التي تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله أو التعويض المدني للخزانة أو كانت ذات طبيعة وقائية كالمصادرة ومراقبة البوليس وهي التي في واقع أمرها عقوبات نوعية مراعى فيها طبيعة الجريمة ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد ، وكانت العقوبة الأصلية تستمد وصفها من أنها تكون العقاب الأصلي أو الأساس المباشر للجريمة التي توقع منفردة بغير أن يكون القضاء بها معلقاً على الحكم بعقوبة أخرى ، وقد تكلم الشارع عن العقوبات الأصلية في القسم الأول من الباب الثالث من الكتاب الأول من قانون العقوبات بعد أن حدد أنواع الجرائم في الباب الثالث من الكتاب المذكور ، ويبين من مراجعة هذه النصوص أن الشارع أورد في المادة 10 العقوبات الأصلية للجنايات وقصرها على الإعدام والأشغال الشاقة المؤبدة والمؤقتة والسجن أما الغرامة فإذا قضي بها بالإضافة إلى عقوبة أخرى فعندئذ تكون العقوبة الأخيرة هي الأصلية وتعتبر الغرامة عقوبة مكملة لها ، ويصدق هذا النظر على العقوبات المقيدة للحرية كالحبس التي تعد في الأصل من العقوبات الأصلية المقررة لمواد الجنح غير أنها قد تكون تكميلية إذا نص عليها بالإضافة إلى جزاء آخر مباشر كما هو الحال في الجريمة المنصوص عليها في المادة 35 من قانون العقوبات الفرنسي التي نصت على عقوبة الحبس الذي لا يجاوز الخمس سنوات كجزاء مكمل لعقوبة التجريد المدني . لما كان ذلك ، فإن عقوبة الغرامة المقررة في المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 في شأن حماية الآثار المعدل تعد عقوبة تكميلية ، غير أنه لما كانت طبيعة هذه الغرامة لها صبغة عقابية بحتة بمعنى أنها لا تعد من قبيل الغرامة النسبية التي أساسها في الواقع الصحيح فكرة التعويض المختلط بفكرة الجزاء وتتنافر مع العقوبات التكميلية الأخرى ذات الطبيعة الوقائية والتي تخرج عن نطاق قاعدة الجب المقررة للعقوبة الأشد ، فإنه يتعين إدماج هذه الغرامة في عقوبة الجريمة الأشد وعدم الحكم بها بالإضافة إليها ، وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتوقيع عقوبة الغرامة المقررة لجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص - وهي الجريمة الأخف - بعد أن قضى بتوقيع العقوبة المقررة لجريمة الشروع في الاستيلاء ، وهي الأشد عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات يكون قد خالف القانون ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى ، فإنه لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن الثالث بجريمة إجراء أعمال حفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص وأوقع عليه عقوبة السجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه في حين أن العقوبة المقررة لتلك الجريمة طبقاً لنص المادة 42 من القانون رقم 117 لسنة 1983 بشأن حماية الآثار المعدل هي الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سبع سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء عقوبــة الغرامة المقضي بها على الطاعنين الأول والثاني ، وبجعل العقوبة السالبة للحرية المقضي بها على الطاعن الثالث الحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة ، وذلك بالإضافة لعقوبتي الغرامة والمصادرة المقضي بهما ، وذلك عملاً بالحق المخول لمحكمة النقض بالمادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 ، من نقض الحكم لمصلحة المتهم إذا تعلق الأمر بمخالفة القانون ولم لم يرد هذا الوجه في أسباب الطعن مع رفض الطعن فيما عدا ذلك .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق