جلسة 25 من يناير سنة 1958
برياسة السيد عبد العزيز محمد رئيس المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وإسحق عبد السيد، ومحمد عبد الرحمن يوسف، ومحمد عبد الواحد علي، ومحمود محمد مجاهد، وعثمان رمزي، وأحمد قوشه، وفهيم يسى جندي، والسيد عفيفي، وإبراهيم عثمان يوسف، ومحمد عطية إسماعيل، ومحمد زعفراني سالم، ومحمد رفعت المستشارين.
--------------
(2)
الطلب رقم 1 سنة 27 ق "تنازع الاختصاص"
(أ) تنازع الاختصاص.
طلب تعيين المحكمة المختصة. محل تطبيق الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون نظام القضاء.
(ب) تنازع الاختصاص.
طلب وقف تنفيذ أحد الحكمين النهائيين المتناقضين. محل تطبيق الفقرة الثانية من المادة 19 من قانون نظام القضاء. مثال.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة محامي الطرفين والنيابة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطالب استأجر من وزارة الشئون البلدية والقروية - المدعى عليها الأولى - قطعة الأرض رقم 22 الكائنة بالشارع رقم 47 بمصيف رأس البر ليقيم عشه عليها، فأقام فيلا مبنية صرحت له إدارة المصيف في سنة 1952 بتأجيرها للمصطافين ثم تعاقد مع إدارة المصيف على استئجار قطعة الأرض عن موسم سنة 1955 رفضت إدارة المصيف تأجيرها له ثم قطعت توصيل المياه إلى الفيلا فاضطر إلى رفع دعوى أمام محكمة دمياط طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بإعادة توصيل المياه فقضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى وعندئذ رفعت عليه وزارة الشئون البلدية والقروية دعوى أمام محكمة دمياط أيضاً طالبة الحكم بصفة مستعجلة بطرده من قطعة الأرض لمخالفته لشروط الترخيص باستغلالها فقضى بعدم اختصاص القضاء المستعجل بنظر الدعوى لعدم توفر صفة الاستعجال فيها - القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط - لجأ بعد ذلك المدعى عليهما إلى محكمة القضاء الإداري ورفعا على الطالب الدعوى رقم 1894 سنة 10 ق محكمة القضاء الإداري وطلبا فيها الحكم بطرده من قطعة الأرض سالفة الذكر وإلزامه بإزالة ما عليها من مبان، فدفع الطالب بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى وبعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها من القضاء المدني بالحكم الصادر في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط، وفي 10 من مارس سنة 1957 قضى برفض الدفعين وفي موضوع الدعوى بطرد الطالب من قطعة الأرض، فقدم الطلب الحالي طالباً الحكم بوقف تنفيذ هذا الحكم لتناقضه مع الحكم الصادر من القضاء المستعجل في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستأنف دمياط، ويقول بياناً لذلك إن محكمة القضاء الإداري لا اختصاص لها بنظر النزاع إذ العقد المبرم بينه وبين المدعى عليها الأولى هو عقد مدني مما يختص القضاء المدني بالنظر فيما يقوم بين طرفيه من نزاع بشأنه، وقد نظر القضاء المدني في هذا النزاع فعلاً في الدعوى التي رفعها على المدعى عليها الأولى أمام القضاء المستعجل بمحكمة دمياط بإعادة توصيل المياه، ثم نظره مرة أخرى في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستعجل دمياط التي رفعتها هي عليه طالبة طرده من قطعة الأرض، وقضى برفض دعواها وما كان للمدعى عليهما أن يتنكرا للقضاء المدني بعد إذ احتكما إليه من قبل باعتباره القضاء المختص بالفصل في النزاع فيرفع دعواهما من جديد أمام محكمة القضاء الإداري، ومن ثم كان الحكم الصادر من هذه المحكمة برفض الدفع بعدم الاختصاص والدفع بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها مخالفاً للقانون وقد ترتب على نظر المحكمة موضوع النزاع أن حكمت بطرده من قطعة الأرض وهو ما يتناقض مع ما سبق أن قضت به محكمة دمياط في القضية رقم 29 سنة 1956 مدني مستعجل دمياط من عدم اختصاصها بنظر النزاع لعدم توفر صفة الاستعجال فيه إذ مؤدى ذلك هو رفض الحكم بالطرد، هذا وقد طلب الطالب إلى رئيس هذه المحكمة أن يأمر بوقف التنفيذ مؤقتاً حتى يقضي في موضوع الطلب فأصدر رئيس المحكمة قراراً بالرفض.
وحيث إن المدعى عليهما دفعا بعدم قبول الطلب استناداً إلى أنه لا تناقض بين الحكمين إذ التناقض في فقه المادة 19 من قانون نظام القضاء هو التناقض الذي يستحيل معه تنفيذ الحكمين معاً استحالة مادية وقانونية والحال ليس كذلك في خصوصية هذه الدعوى إذ الحكم الصادر من القضاء المستعجل هو حكم وقتي غير حاسم للنزاع في موضوعه، أما الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري قاضياً بطرد الطالب من قطعة الأرض فهو وحده القابل للتنفيذ، وقد أبدت النيابة العامة رأيها مؤيدة المدعى عليهما في هذا النظر.
وحيث إن المادة 19 من قانون نظام القضاء تنص في الفقرة الأولى منها على أنه: "إذا رفعت دعوى عن موضوع واحد أمام إحدى المحاكم وأمام محكمة القضاء الإداري... ولم تتخل إحداهما عن نظرها أو تخلت كلتاهما عنها يرفع طلب تعيين المحكمة التي تفصل فيها إلى محكمة النقض منعقدة بهيئة جمعية عمومية..." كما تنص الفقرة الثانية من هذه المادة على "اختصاص هذه المحكمة كذلك بالفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من إحدى المحاكم والآخر من محكمة القضاء الإداري...." ويبين من هذه النصوص أن محل تطبيق الفقرة الأولى في حالة التنازع الإيجابي على الاختصاص أن تكون دعوى الموضوع الواحد منظورة أمام جهتي التقاضي وأن تكون كلتاهما قضت باختصاصها بنظرها، وفي حالة التنازع السلبي أن تكون كل منهما قضت بعدم اختصاصها بنظرها وعندئذ يقوم سبب لطلب تعيين المحكمة التي تنظره وتفصل فيه إما إذا كان التنازع على الاختصاص قد انتهى بالحكم فيه نهائياً فقضت إحدى الجهتين دون الأخرى باختصاصها كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى فإنه لا يكون ثمة موجب للطلب لانعدام سببه بانقضاء محله، ولا يقبل من الطالب في هذا المقام قوله إن محكمة القضاء الإداري قد أخطأت إذ قضت باختصاصها لأن هذه الهيئة ليست جهة طعن ولا تمتد ولايتها لتقويم المعوج من الأحكام، كذلك لا يفيد الطالب تمسكه بالفقرة الثانية من المادة 19 سالفة الذكر إذ محل تطبيقها أن يكون الحكمان قد حسما النزاع في موضوعه وتناقضا تناقضاً من شأنه أن يجعل تنفيذهما معاً متعذراً وهو ما لا وجود له في هذه الدعوى فالحكم الصادر من القضاء المستعجل بمحكمة دمياط في القضية رقم 29 سنة 1956 والذي قضى بعدم اختصاصه بنظر النزاع لعدم قيام ظرف الاستعجال لم يقض في موضوع دعوى الطرد، أما الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري فقد نظر في موضوع النزاع وقضى فيه بطرد الطالب وهو وحده الذي حسم النزاع الموضوعي وهو وحده القابل للتنفيذ دون الحكم الآخر ومن ثم فلا تناقض بين الحكمين بالمعنى الذي تقصد إليه الفقرة الثانية من المادة 19.
وحيث إنه يبين من ذلك أن الطلب لا يستند في موضوعه إلى أساس من القانون فيتعين رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق