جلسة 6 من مايو سنة 1982
برئاسة السيد المستشار محمدي الخولي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة
المستشارين: عزت حنورة، علي السعدني، محمد مختار منصور ومحمود نبيل المنياوي.
----------------
(90)
الطعن 1793 لسنة 51 ق
دستور . قانون . مصادرة .
مصادرة المبالغ مقابل عدم إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عنها م14
ق 67لسنة97 عدم دستوريتها المادة 36 من الدستور أيلولة هذه المبالغ للدولة بالصلح
شرطه .
-----------
1 - مؤدى الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 14 من القانون 1976/97
بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي وما قررته المحكمة العليا في طلب تفسير نص
الفقرتين آنفتي البيان بقرارها الصادر بتاريخ 1978/3/8 في الطلب رقم 10 سنة 8 ق
عليا أن مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة النقدية لا يتم بقرار من الجهة
الإدارية مقابل عدم طلب إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عن السير فيها مما كانت
تجيزه المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأصبح لا يتفق وأحكام الدستور
القائم الذى حظر المصادرة الإدارية بالمادة 36 منه ، بل تؤول تلك المبالغ والأشياء
إلى الحكومة بالصلح ، تتنازل بموجبه الجهة الإدارية عن الدعوى الجنائية مقابل
تنازل المتهم عن تلك المبالغ والأشياء للدولة وأن تعبير الشارع عن تنازل المتهم عن
المضبوطات موضوع الجريمة بلفظ المصادرة قد جاء من قبيل التجاوز استناداً إلى
تماثلها من حيث الأثر وهو أيلولة المبالغ والأشياء للدولة في الحالتين ، ومفاد ذلك
أن قرار التصالح الذى تصدره الجهة الإدارية بغير رضاء المتهم لا تترتب عليه أيلولة
الأموال المضبوطة للدولة . لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مدير عام إدارة
النقد رفض الصلح الذى تقدم به المطعون ضده عند ضبطه في 1978/2/15 فسقط بذلك إيجاب
الصلح الصادر من الأخير وأن القرار الذى أصدره وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح بعد
ذلك لا يعدو أن يكون إيجاباً جديداً لم يصادف قبولاً من المطعون ضده . ومن ثم فلا
على الحكم المطعون فيه إن لم يرتب على هذا القرار أيلولة المبلغ المضبوط إلى
الدولة .
-------------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق
الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7254/1978 مدني كلي جنوب القاهرة
ضد السيدين رئيس الوزراء ووزير المالية بصفتهما "الطاعنين" طالباً الحكم
بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 4609ج و469م وقال في بيانها أنه بتاريخ
15/2/1978 حرر له رئيس قسم الأموال العامة بمديرية أمن القاهرة محضر نسب له فيه
أنه كان يعرض للبيع مبلغ 8200 دولاراً أمريكية. وقد عرض التصالح على الجهة المختصة
في ذات التاريخ مقابل مصادرة المبلغ المضبوط. غير أنها رفضته وطلبت رفع الدعوى
الجنائية فقيدت الأوراق برقم 366/1978 جنح شئون مالية وقدمته النيابة العامة
للمحاكمة مسندة له أنه تعامل في النقد الأجنبي عن غير طريق المصارف المعتمدة،
وبتاريخ 28/3/1978 قضت محكمة الجنح بانقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح فتقدم بطلب
لصرف المبلغ المضبوط فصرحت له النيابة العامة بصرف مبلغ 1547 دولاراً فقط بمقولة
أن السيد وكيل وزارة الاقتصاد أصدر قراراً بمصادرة باقي المبلغ وقدره 469.4609
دولاراً ولما كانت الجهة الإدارية قد رفضت الصلح الذي عرضه وكان الحكم الجنائي لم
يقضي بمصادرة باقي المبلغ فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. بتاريخ 22/12/78 قضت
المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة
بالاستئناف رقم 737 سنة 97ق طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته. بتاريخ 30/4/1981
قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون ضده مبلغ
469.4609 دولاراً، فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة
مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت
جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
-----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على سبب واحد، ينعي به الطاعنان على الحكم المطعون
فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين، وفي بيان الوجه الأول منهما
يقولان أن الحكم في الجنحة رقم 366 لسنة 1978 شئون مالية يقوم على أن قرارا صدر من
السيد وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح مقابل مصادرة المبلغ المضبوط - عدا مبلغ 1547
دولارا، وإذ فصل الحكم الجنائي في هذه الوقائع وكان فصله فيها ضروريا فإنها تقيد
القضاء المدني إلا أن الحكم المطعون فيه لم يلتزم حجية الحكم الجنائي في هذا الصدد
مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون. وعن الوجه الثاني يقول الطاعنان أن للوزير
المختص أو من ينيبه عملا بالفقرة الأخيرة من المادة 14 من القانون 97 لسنة 1976
بشأن تنظيم التعامل في النقد الأجنبي - أن يصدر قرارا بالتصالح ويتعين في هذه
الحالة مصادرة المبلغ المضبوط ولما كان المطعون ضده قد طلب التصالح وقبل التنازل
عن المبلغ المضبوط مقابل عدم رفع الدعوى الجنائية وأصدر وكيل وزارة الاقتصاد قرارا
بالصلح فإن ذلك يرتب مصادرة المبلغ المضبوط إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن
الأثر المترتب على الصلح مما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان مؤدى نص المادتين 102 من
قانون الإثبات و456 من قانون الإجراءات الجنائية وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة
- أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون له حجية في الدعاوى المدنية إلا إذا
فصل فصلا لازما في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية
والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل وفي إدانة المتهم في ارتكاب هذا الفعل أو
عدم إدانته مما مفاده أن الحكم الجنائي الذي لا يفصل في الخصومة الجنائية بالإدانة
أو بالبراءة لا حجية له أمام القضاء المدني، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه
إذ لم يتقيد بالحكم الصادر في الجنحة رقم 366/1978 شئون مالية - الذي قضى بانقضاء
الدعوى الجنائية بالتصالح في الوقائع التي أشار إليها الطاعنان بالوجه الأول لا
يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بالوجه الأول على غير
أساس.
وعن الوجه الثاني فإنه لما كان النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة
14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي على أنه "لا
يجوز رفع الدعوى الجنائية بالنسبة إلى الجرائم التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا
القانون أو القواعد المنفذة له أو اتخاذ إجراء فيها ... إلا بناء على طلب الوزير
المختص أو من ينيبه وللوزير المختص أو من ينيبه في حالة عدم الطلب أو في حالة
تنازله عن الدعوى إلى ما قبل صدور الحكم فيها أن يصدر قرارا بالتصالح مقابل مصادرة
المبالغ والأشياء موضوع الجريمة وما قررته المحكمة العليا في طلب تفسير نص
الفقرتين آنفتي البيان بقرارها الصادر بتاريخ 8/3/1978 في الطلب رقم 10 سنة 8 ق
عليا، يدل على أن مصادرة المبالغ والأشياء موضوع الجريمة النقدية لا يتم بقرار من
الجهة الإدارية مقابل عدم طلب إقامة الدعوى الجنائية أو التنازل عن السير فيها مما
كانت تجيزه المادة التاسعة من القانون رقم 80 لسنة 1947 وأصبح لا يتفق وأحكام
الدستور القائم الذي حظر المصادرة الإدارية بالمادة 36 منه، بل تؤول تلك المبالغ
والأشياء إلى الحكومة بالصلح، تتنازل بموجبه الجهة الإدارية عن الدعوى الجنائية
مقابل تنازل المتهم عن تلك المبالغ والأشياء للدولة وأن تعبير الشارع عن تنازل
المتهم عن المضبوطات موضوع الجريمة بلفظ المصادرة قد جاء من قبيل التجاوز استناداً
إلى تماثلها من حيث الأثر وهو أيلولة المبالغ والأشياء للدولة في الحالتين، ومفاد
ذلك أن قرار التصالح الذي تصدره الجهة الإدارية بغير رضاء المتهم لا تترتب عليه
أيلولة الأموال المضبوطة للدولة. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن مدير عام
إدارة النقد رفض الصلح الذي تقدم به المطعون ضده عند ضبطه في 15/2/1978 فسقط بذلك
إيجاب الصلح الصادر من الأخير وأن القرار الذي أصدره وكيل وزارة الاقتصاد بالتصالح
بعد ذلك لا يعدو أن يكون إيجاباً جديداً لم يصادف قبولاً من المطعون ضده، ومن ثم
فلا على الحكم المطعون فيه إن لم يرتب على هذا القرار أيلولة المبلغ المضبوط إلى
الدولة، ويكون النعي عليه بهذا الوجه على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق