جلسة 2 من فبراير سنة 1995
برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي وحسين الشافعي وحسن أبو المعالي أبو النصر نواب رئيس المحكمة وإبراهيم الهنيدي.
----------------
(42)
الطعن رقم 26730 لسنة 59 القضائية
(1) إجراءات "إجراءات المحاكمة". وكالة. حكم "وصف الحكم". طعن "أثر الطعن".
وجوب حضور المتهم بشخصه في جنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به. جواز إنابته وكيلاً للدفاع عنه في الأحوال الأخرى. المادة 237 إجراءات المعدلة بالقانون 170 لسنة 1981.
عدم جواز إضارة الطاعن بطعنه. أثر ذلك؟
قضاء الحكم المنقوض بوقف تنفيذ عقوبة الحبس. أثره: جواز إنابة المتهم وكيلاً عنه.
(2) دعوى جنائية "انقضاؤها بمضي المدة". قانون "تفسيره". تقادم. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
إجراءات المحاكمة المتصلة بسير الدعوى أمام قضاء الحكم. تقطع مدة تقادم الدعوى الجنائية ولو تمت في غيبة المتهم. اشتراط مواجهة المتهم بالإجراء لا تكون إلا بالنسبة إلى إجراءات الاستدلال.
سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض. متى اتصلت بالطعن. أثر ذلك: عدم لزوم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم. علة ذلك؟
(3) قانون "تفسيره".
صياغة النص في عبارة واضحة. تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع. عدم جواز الانحراف عنها. عن طريق التفسير أو التأويل.
(4) قانون "تفسيره". بناء. جريمة "أركانها".
الأصل حظر البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها. الاستثناء من هذا الحظر. شرطه الحصول على ترخيص من الوزير المختص أو المحافظ. أساس ذلك؟
(5) محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم بالإدانة في جريمة إقامة بناء على أرض زراعية. صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.
(6) عقوبة "تطبيقها". غرامة. نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون" "نظر الطعن والحكم فيه". قانون "تفسيره".
العقوبة المقررة لجريمة البناء على أرض زراعية. الحبس وغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة. المادتان 107 مكرراً، 107 مكرراً/ أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل [(1)].
قضاء الحكم المطعون فيه. بمعاقبة الطاعن بالحبس والإزالة. دون الغرامة. عدم جواز تصحيحه. متى كان الطاعن. هو المستأنف وحده. أساس ذلك؟
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة وطلبت عقابه بالمادتين 107 مكرراً/ أ، 107 مكرراً/ ب من القانون 53 لسنة 1966 المعدل. ومحكمة جنح مركز دمياط قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات وغرامة مائتي جنيه والإزالة على نفقته. استأنف ومحكمة دمياط الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس. فطعن الأستاذ/ .... المحامي عن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....) وهذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الإيقاف والإزالة على نفقته.
فطعن الأستاذ/ .... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة لنظر الموضوع.... إلخ.
المحكمة
من حيث إن هذه المحكمة قضت بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة لنظر الموضوع عملاً بالمادة 45 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 237 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به، الحضور بنفسه أمام المحكمة وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ولما كان الحكم الابتدائي الذي استأنفه المتهم وحده - وإن كان قد قضى بتوقيع عقوبات الحبس والغرامة والإزالة على نفقة المتهم إلا أن الثابت من الحكم الاستئنافي - المنقوض - أنه قضى بإيقاف تنفيذ عقوبة الحبس المقضي بها، ولما كان نقض الحكم المذكور ونظر موضوع الدعوى حاصلاً بناء على طعنه وكان من المقرر أن الطاعن لا يضار بطعنه وفقاً لما تقضي به المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض المار ذكره، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة إنابة محام في الحضور عنه. إذ كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة - أمام هذه المحكمة - حضور محام كوكيل عن المتهم وأبدى دفاعه في الاتهام المسند إليه، فإن هذا الحكم يكون حضورياً.
ومن حيث إن الاستئناف قدم في الميعاد مستوفياً شرائطه القانونية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت المتهم للمحاكمة بوصف أنه في يوم.... أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من الجهة المختصة - بعد أن قيدت الأوراق جنحة ضده بالمادتين 107 مكرراً، 107 مكرراً (ب) فقرة أ من القانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 وإذ قضت محكمة أول درجة بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وبتغريمه مائتي جنيه والإزالة على نفقته ولم يرتض المتهم هذا القضاء، فقد طعن عليه بالاستئناف، وبجلسة.... حضر المتهم ومعه محاميه وطلب أصلياً البراءة واحتياطياً ندب خبير في الدعوى، فأصدرت المحكمة الاستئنافية حكماً تمهيدياً قضى وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب خبراء وزارة العدل بدمياط للانتقال إلى قطعة الأرض محل النزاع ومعاينتها على الطبيعة وبيان حدودها وما إذا كان البناء في أرض زراعية من عدمه... إلخ ما جاء بمنطوق ذلك الحكم.
ومن حيث إن الخبير المنتدب باشر المأمورية التي أناط بها الحكم وأودع تقريراً جاء به أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... مركز دمياط مقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب وتحيط بها الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية، كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط. وبجلسة.... استمعت المحكمة إلى شهادة.... محرر محضر المخالفة الذي قرر أن الأرض موضوع النزاع تقع بحوض.... في رقعة زراعية وأن البناء محل الاتهام أقيم بدون ترخيص من وزارة الزراعة بحوض.... وعلى أرض زراعية.
ومن حيث إن الدعوى تداولت - على ما هو مبين بمحاضر الجلسات فقدم محامي المتهم مذكرتين طلب فيهما الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبراءته مما نسب إليه على سند من القول بأن البناء وسط كتلة سكنية، وأن الأرض - المقام عليها لم تعد صالحة للزراعة، وظاهر دفاعه بحافظة مستندات احتوت - فيما احتوته - على شهادتين منسوب صدور إحداهما إلى الوحدة المحلية بالخياطة والأخرى منسوب صدورها إلى مجلس محلي الخياطة تضمنتا أن منزل المتهم داخل كتلة سكنية، كما احتوت على إيصالات سداد مقابل استهلاك كهرباء ومياه، كما ناقش الدفاع في مذكرته الثانية شهادة محرر محضر المخالفة وكذا ما ورد بتقرير الخبير المقدم في الدعوى.
ومن حيث إن المحكمة المذكورة قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس وتأييد فيما عدا ذلك، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والإعادة. ومحكمة الإعادة. بهيئة أخرى - قضت حضورياً بجلسة.... بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته، فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وبجلسة.... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة.... لنظر الموضوع.
ومن حيث إنه بالجلسة المحددة حضر محامي المتهم ودفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة تأسيساً على أن التقرير بالطعن بالنقض تم في 5 من يونيه سنة 1988 ولم يتخذ أي إجراء قاطع للتقادم خلال ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن، وأضاف أن القانون رقم 106 لسنة 1976 - الذي طلبت النيابة العامة تطبيقه لا يسري على الواقعة، وأن المبنى موضوع الاتهام داخل الحيز العمراني لقرية.... وقد استثنى القانون رقم 3 لسنة 1982 من العقاب المباني المقامة داخل الحيز العمراني للقرية كما أن القانون 116 لسنة 1983 نص على وقف الدعوى المرفوعة على من أقاموا بناء على أرض زراعية في القرى حتى يحدد الحيز العمراني لها، وانتهى إلى طلب براءة المتهم.
ومن حيث إن المحكمة قررت حجز الدعوى للحكم فيها بجلسة.... ثم قررت مد أجل الحكم لجلسة اليوم.
ومن حيث إن وقائع الدعوى كما وقر في يقين المحكمة واستقر في وجدانها أخذاً بما تضمنته الأوراق وما دار بشأنها بجلسة المحاكمة تتحصل في أنه بتاريخ.... قام المتهم ببناء (مسكن خاص) على مساحة أربعمائة متر تقريباً - أرض زراعية بحوض.... التابع لناحية.... بدون ترخيص من وزارة الزراعة وقد ثبتت صحة هذه الوقائع في حق المتهم وقام الدليل عليها بما شهد به بالجلسة.... محرر محضر الضبط ومما ورد بمحضر الأخير ومما أثبته الخبير المنتدب في تقريره المقدم للمحكمة. فقد شهد.... محرر محضر المخالفة - بالجلسة - أن المتهم أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص من وزارة الزراعة فحرر له محضراً. وجاء بمحضر المخالفة المؤرخ 19/ 12/ 1981 والمحرر بمعرفة.... مهندس التعديات أن المتهم.... المقيم بدمياط أقام بناء مسكن خاص على مساحة 400 م تقريباً من الأرض الزراعية المملوكة لورثة.... بحوض.... بناحية.... مركز دمياط. وجاء بتقرير الخبير المنتدب أن الأرض موضوع الاتهام تقع داخل الرقعة الزراعية بحوض عزبة.... بناحية عزبة.... مركز دمياط ومقام عليها بناء بالطوب الأحمر والخرسانة المسلحة غير كامل التشطيب والبناء يحيط به الأرض الزراعية من الناحيتين البحرية والشرقية والأرض المنزرعة تمتد شرق الأرض موضوع الاتهام لمسافات بعيدة أي أن البناء يقع في أرض زراعية كما أن الأرض تقع خارج كردون مدينة دمياط.
ومن حيث إنه عن الدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بمضي المدة، فإنه لما كانت المادة 17 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "تنقطع المدة بإجراءات التحقيق أو الاتهام أو المحاكمة وكذلك الأمر الجنائي أو بإجراءات الاستدلال إذا اتخذت في مواجهة المتهم أو أخطر بها بوجه رسمي وتسري المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وإذا تعددت الإجراءات التي تقطع المدة فإن سريان المدة يبدأ من تاريخ أخر إجراء" وكان مفاد هذا النص أن كل إجراء من إجراءات المحاكمة متصل بسير الدعوى أمام قضاء الحكم يقطع المدة حتى في غيبة المتهم لأن الشارع لم يستلزم مواجهة المتهم بالإجراءات إلا بالنسبة لإجراءات الاستدلال دون غيرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 37 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض إذ نصت على أن "تحكم المحكمة في الطعن بعد تلاوة التقرير الذي يضعه أحد أعضائها - ويجوز لها سماع أقوال النيابة العامة والمحامين عن الخصوم إذا رأت لزوماً لذلك" فقد دلت على أن سماع الخصوم من الإجازات الموكولة لتقدير محكمة النقض متى اتصلت بالطعن بناء على التقرير به وبالتالي لا يلزم دعوة الخصوم أياً كانت صفتهم بإعلانهم أو إخطارهم بالجلسة التي تحدد لنظر الطعن سواء كانوا هم الطاعنين أو المطعون ضدهم وسواء كانوا متهمين أو مدعين بحقوق مدنية أو مسئولين عنها، لأن من لا يجب سماعه، لا تلزم دعوته. لما كان ذلك، وكان يبين من الأوراق أن المتهم قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم المنقوض بتاريخ 5 من يونيه سنة 1988 وتحدد لنظر طعنه جلسة 9 من مايو سنة 1991 وقررت المحكمة - محكمة النقض - بهيئة سابقة - التأجيل لجلسة 25 من فبراير سنة 1993 وبهذه الجلسة قررت المحكمة - بهيئة مغايرة - استمرار التأجيل لجلسة 26 من مايو سنة 1994. ولما كان الثابت أنه لم تمض ثلاث سنوات من تاريخ التقرير بالطعن بالنقض في 5 من يونيه سنة 1988 حتى يوم 9 من مايو سنة 1991 تاريخ الجلسة التي نظر فيها طعنه بالنقض أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - فإن هذا الدفع يكون قد جانب صحيح القانون والواقع متعين الرفض.
ومن حيث إنه وعما أثاره المتهم من أن البناء أقيم على أرض زراعية فإن المحكمة تلتفت عن هذا الدفاع اطمئناناً منها إلى ما أوردته من أدلة الثبوت مع الإشارة إلى أنه بات من غير المجدي المناقشة في أمر وقف إجراءات الدعوى عملاً بنص الفقرة الثالثة من المادة 156 من القانون 116 لسنة 1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 - حتى تحديد الحيز العمراني للقرية بعدما تبين أن البناء يقع في أرض زراعية خارج كردون مدينة دمياط كما لا محل للاستناد إلى نص المادة الثانية من القانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني التي حظرت إقامة المباني في الأراضي الزراعية والمعتبرة كذلك واستثنت من ذلك الأراضي الواقعة داخل كردون المدينة المعتمد حتى 1/ 12/ 1981 والأراضي الواقعة داخل الحيز العمراني للقرى بعد أن ثبت أن البناء الذي أقامه المتهم في الأراضي الزراعية خارج كردون مدينة دمياط وفضلاً عن ذلك، فإن القاعدة العامة في التفسير أنه متى كانت عبارة القانون واضحة ولا لبس فيها فإنه يجب أن تعد تعبيراً صادقاً عن إرادة المشرع ولا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير والتأويل أياً كان الباعث على ذلك وأنه لا محل للاجتهاد إزاء صراحة النص الواجب تطبيقه. لما كان ذلك، وكانت المادة 107 مكرراً من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدلة بالقانونين 59 لسنة 1973، 59 لسنة 1978 - المنطبقة على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية ويستثنى من هذا الحظر الأراضي التي تنزع ملكيتها للمنفعة العامة أو الأراضي التي تقوم عليها المشروعات التي تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني بشرط الحصول على ترخيص من وزارة الزراعة ومع ذلك يجوز لمالك الأرض في القرى إقامة سكن خاص أو ما يخدم أرضه دون ترخيص وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة "وإذ كانت المادة 152 من قانون الزراعة آنف الذكر والمضافة بالقانون 116 لسنة 1983 قد نصت على أنه يحظر إقامة مبان أو منشآت في الأراضي الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبان عليها. ويعتبر في حكم الأراضي الزراعية الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية. ويستثنى من هذا الحظر ( أ ).... (ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير (جـ).... (د).... (هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك سكناً خاصاً به أو مبنى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة. وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (جـ) يشترط في الحالات المشار إليها آنفاً صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبان أو منشآت أو مشروعات ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير" والبين من هذه النصوص في واضح عباراتها وصريح دلالتها أن المشرع فرض حظراً مطلقاً على البناء على الأراضي الزراعية وما في حكمها وأوجد تنظيماً يسمح بالاستثناء شريطة الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. لما كان ما تقدم، وكان المتهم لا يدعي أنه حصل على ترخيص من الوزير المختص أو من المحافظ المختص قبل إقامة البناء محل الاتهام فإن ما يثيره المتهم من انتفاء أركان الجريمة في حقه استناداً إلى أحكام القوانين المشار إليها يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإنه يكون قد استقر في يقين المحكمة أن المتهم.... بتاريخ 19/ 12/ 1981 بدائرة مركز دمياط أقام بناء على أرض زراعية بدون ترخيص الأمر المعاقب عليه بالمادتين 107 مكرراً و107 مكرر ب - من قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانونين 59 لسنة 1973 و59 لسنة 1978 وتقضي المحكمة بمعاقبته بهما عملاً بالمادتين 304/ 2، 419/ 1 من قانون ا لإجراءات الجنائية.
ومن حيث إن المحكمة تنوه إلى أنه ولئن كانت المادة 107 مكرراً (ب) من القانون رقم 59 لسنة 1978 - في شأن تعديل بعض أحكام قانون الزراعة رقم 53 لسنة 1966 - قد نصت على أن "يعاقب كل من يخالف أي حكم من أحكام المادتين 107 مكرراً و107 مكرراً ( أ ) بالحبس وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على خمسمائة جنيه عن كل فدان أو جزء من الأرض موضوع المخالفة" وكان الحكم الاستئنافي المنقوض قد قضى بمعاقبة المتهم بالحبس أسبوعين مع الشغل والإيقاف والإزالة على نفقته دون الغرامة، إلا أنه لما كان الطعن مرفوعاً من المتهم (المحكوم عليه) فإن محكمة النقض لا تملك تصحيحه في هذه الحالة لأن من شأن ذلك الإضرار بالمتهم وهو ما لا يجوز عملاً بمقتضى المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 وتقضي في حدود قاعدة أن الطاعن لا يضار بطعنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق