الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 يونيو 2018

الطعن 23999 لسنة 63 ق جلسة 1 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 152 ص 1006

جلسة الأول من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد الواحد ومصطفى الشناوي ومحمد طلعت الرفاعي وأنس عمارة نواب رئيس المحكمة.

------------------

(152)
الطعن رقم 23999 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
امتداد ميعاد الطعن بالنقض إذا صادف نهايته عطلة رسمية إلى اليوم التالي لنهاية هذه العطلة.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(4) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مناط المسئولية في جريمة إحراز أو حيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة بأية صورة عن علم وإرادة.
كفاية انبساط سلطان الشخص على المادة المخدرة. كيما يكون حائزاً لها. ولو أحرزها مادياً شخص غيره. عدم التزام الحكم بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن. اكتفاءً بما يورده من وقائع وظروف الدعوى تكفي للدلالة على قيامه.
(5) مواد مخدرة. قصد جنائي. إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقصي العلم بحقيقة المخدر المضبوط. موضوعي. عدم جواز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض.
(6) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها".
حيازة أو إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. تقديرها موضوعي.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الإحالة في بيان أقوال شهود الإثبات إلى أقوال أحدهم. لا عيب. ما دامت تتفق في جملتها مع أقوال الأخير.
اختلاف أقوال شهود الإثبات في غير ما هو مؤثر فيما خلصت إليه المحكمة من عقيدة. لا عيب.
(8) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعانة الشاهد بأوراق حال أدائه للشهادة. أمر يقدره القاضي. ما دام تقديره سائغاً.
(9) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. بياناته. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
الخطأ في محل إقامة الطاعن. لا يقدح في جدية التحريات.
(10) نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" "المصلحة في الطعن".
أوجه الطعن على الحكم. شرط قبولها: أن تكون متصلة بشخص الطاعن.
(11) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره. بياناته".
وجوب أن يكون إذن التفتيش مكتوباً وموقعاً عليه ممن أصدره. عدم اشتراط القانون شكلاً معيناً في ذلك التوقيع.
(12) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها أو دفع ظاهر البطلان. غير مقبول.
(13) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". مواد مخدرة.
إقرار الطاعن لضابط الواقعة بإحرازه المواد المخدرة بقصد الاتجار. لا يعد اعترافاً. بل مجرد قول. تقديره. موضوعي.
عدم تساند الحكم إلى الاعتراف في إثبات الاتهام قبل الطاعن. الجدل في صحة ذلك الاعتراف. غير مجد.
(14) إثبات "معاينة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة. دفاع موضوعي. عدم التزام المحكمة بإجابته.
(15) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التفات المحكمة عن الطلب المجهل من سببه ومرماه. لا عيب.
(16) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفال بعض الوقائع. مفاده إطراحها لها.
(17) مواد مخدرة. مصادرة. عقوبة "العقوبة التكميلية". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها؟
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 42 من القانون 182 لسنة 1960. نطاقها؟
تقدير ما إذا كانت وسيلة النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة. موضوعي.
القضاء بمصادرة سيارة استخدمت في ارتكاب الجريمة. صحيح.
(18) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مثال لاستخلاص سائغ لصدور إذن بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها لا لضبط جريمة مستقبلة في حيازة مخدر بقصد الاتجار.
(19) مواد مخدرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وصار تحليلها وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها، مجادلتها في ذلك. غير جائزة.
(20) دفوع "الدفع بشيوع التهمة". إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بشيوع التهمة. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده المحكمة من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
(21) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها. غير جائز.
(22) مواد مخدرة. حكم "حجيته". قوة الشيء المحكوم فيه. مصادرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "المصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على المنطوق. لا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق.
مصادرة ما لا يجوز إحرازه أو حيازته: تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته. لخروجه عن دائرة التعامل. أساس ذلك؟
انتفاء مصلحة الطاعن في التمسك بخطأ محكمة الإعادة في القضاء بعقوبة مصادرة المواد المخدرة. والتي لم يسبق القضاء بها. علة ذلك؟

--------------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 19 من يوليو سنة 1993 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ 21 من يوليو سنة 1993 - في الميعاد - وقدم أربع مذكرات بأسباب طعنه الأولى موقعة من الدكتور.... المحامي أودعت بتاريخ 8 من سبتمبر سنة 1993 والثانية موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1993 والثالثة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1993 والرابعة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1993. ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 17 من سبتمبر سنة 1993 - بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي 18 من سبتمبر سنة 1993 ومن ثم فإن مذكرات الأسباب تكون قد قدمت في الميعاد ومقبولة. ويكون الطعن بها قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
2 - من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق.
3 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط الأربعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حصله حكمها فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل. مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه.
5 - لما كان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أدلة اطمأن إليها وعول عليها له أصله في الأوراق وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في الدلالة على توافر جريمة حيازة جوهر مخدر في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض.
6 - من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها.
7 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعن وكان الخلاف بين الشاهدين الأول والثاني في شأن المدة التي استغرقتها تحريات كل منهما كما أن الخلاف بين الشاهدين الأول والرابع في شأن جلوس المتهم الثاني كلاهما خلاف غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها هذا إلى أن الحكم في إحالته إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع وقد قصر الإحالة على ما شهد به عن واقعة الضبط فإنه يكون - أخذاً بما أورده الطاعن في أسباب طعنه - قد نقل الواقع في الدعوى بما لا محل له للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص.
8 - من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها تصرف المحقق سماحه لهؤلاء الشهود الاستعانة بمحضر الضبط أثناء الإدلاء بشهادتهم فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً.
9 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله.
10 - من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن.
11 - من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش صادراً بالكتابة وموقعاً عليه ممن أصدره إلا أنه لم يشترط شكلاً معيناً يجب أن يكون عليه التوقيع.
12 - من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها - هذا فضلاً عن أن هذا الدفع في صورة هذه الدعوى ظاهر البطلان لا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول.
13 - لما كان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان اعترافه هو بل قصر الدفع على بطلان اعتراف المتهم الثاني وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم الثاني كما أنه لم يستند في استدلاله على علم الطاعن بكنه المواد المضبوطة وتوافر قصد الاتجار لديه إلى مثل هذا الاعتراف بل استند إلى ما أقر به الطاعن والمتهم الثاني لضباط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن.
14 - من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة. ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.
15 - لما كان الطاعن وإن طلب في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة ضم دفتر المساعدات الفنية وسؤال.... والعقيد.... إلا أنه لم يوضح في مرافعته أمام محكمة الموضوع ما يرمي إليه من طلب ضم الدفتر المشار إليه كما لم يكشف عن الواقع التي يرغب مناقشة الشاهدين المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه.
16 - من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها.
17 - لما كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهي عقوبة اختيارية تكميلية بالنسبة للجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 5 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها يدل على أن الشارع يرد بوسائل النقل التي استخدمت في الجريمة تلك الوسائل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكانياته لتنفيذ الجريمة أو تخطى عقبات تعترض تنفيذها وتقدير ما إذا كانت وسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة - بهذا المعنى - إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع وكانت المحكمة قد استظهرت في مدونات الحكم أن الطاعن استخدم سيارته المرسيدس رقم.... ملاكي الإسكندرية على نحو ما حصلته عن واقعة الدعوى فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ولا وجه للنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون.
18 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن النعي على إذن النيابة بالبطلان لصدوره لضبط جريمة مستقبلة فهو نعي في غير محله إذ أن الثابت بمحضر التحريات أنه تضمن أن المتهمين يتجران بالمواد المخدرة وأنهما يحوزانها ويحرزانها وطلب محرره الإذن من النيابة لضبط ما يحوزانه ويحرزانه منها فصدر الإذن بناء على ذلك لضبط ما لديهما من تلك المواد وبالتالي فإن مقولة صدور الإذن لضبط جريمة مستقبلة هي مقولة لا سند لها في الأوراق" فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
19 - لما كان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما يقيمها على ما ينتجها.
20 - من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاءً بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها كما أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيراداها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة.
21 - لما كان الطاعن وإن عيب في مرافعته المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الضبط إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة على نحو ما يدعيه بأسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.
22 - لما كان البين من مطالعة الحكم المنقوض أنه وإن صرح في أسبابه بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة إلا أنه لم ينص عليها في منطوقه وكانت حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثره إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة رغم أن النيابة العامة لم يسبق لها الطعن بالنقض على الحكم المنقوض لإغفاله النص في منطوقه على القضاء بمصادرة تلك المواد فإنه ما كان لمحكمة الإعادة أن تقضي بحكمها المطعون فيه بعقوبة لم يسبق القضاء بها حتى ولو كانت قد أنزلت العقوبة الصحيحة طبقاً للقانون لأنها تكون بذلك قد خالفت حكم المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 الذي يقضي بألا يضار الطاعن بطعنه غير أنه لما كان ما قضى به الحكم المطعون فيه من مصادرة المواد المخدرة المضبوطة إنما ورد على شيء مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ويخرج بذاته عن دائرة التعامل فهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لإخراجه من تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها أو يحوزها تتلاقى في النتيجة مع ما يؤول إليه أمر هذه المواد بمصادرتها إدارياً إذا ما قضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء قضائه بمصادرتها فإن ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم في هذا الخصوص لا يمثل مصلحة حقيقة للطاعن بل لا تعدو مصلحة نظرية بحتة لا موجب معها لتصحيح الحكم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما حازا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وغرامة قدرها مائة ألف جنيه ومصادرة السيارة المرسيدس رقم... ملاكي إسكندرية فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض قيد طعنهما برقم.... وقضت هذه المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات الإسكندرية لتفصل فيها من جديد مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة (مشكلة من دائرة أخرى) قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ 1 - 3، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند 57 من القسم الثاني من الجدول رقم واحد الملحق بالقانون الأول مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ست سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية).... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من الطاعن الأول:
من حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر حضورياً بتاريخ 19 من يوليو سنة 1993 وقد قرر الطاعن بالطعن فيه بالنقض بتاريخ 21 من يوليو سنة 1993 - في الميعاد - وقدم أربع مذكرات بأسباب طعنه الأولى موقعة من الدكتور.... المحامي أودعت بتاريخ 8 من سبتمبر سنة 1993 والثانية موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 14 من سبتمبر سنة 1993 والثالثة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 16 من سبتمبر سنة 1993 والرابعة موقعة من الأستاذ/ .... المحامي أودعت بتاريخ 18 من سبتمبر سنة 1993 ولما كانت المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض بعد تعديلها بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 17 من سبتمبر سنة 1993 - بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى اليوم التالي 18 من سبتمبر سنة 1993 ومن ثم فإن مذكرات الأسباب تكون قد قدمت في الميعاد. ومقبولة. ويكون الطعن بها قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه اعتنق صورة للواقعة تخالف الحقيقة والواقع، ولم يستظهر توافر الركن المادي في الجريمة بعد أن قام دفاعه على المنازعة في انتقال حيازة المخدر المضبوط إليه وبسط سلطانه عليه، ورد على الدفع بانتفاء علمه بكنه المواد المضبوطة ودلل على توافر هذا العلم بما لا يسوغه، واستدل على توافر قصد الاتجار بما لا ينتجه، واستند في قضائه إلى أقوال الضباط الأربعة ولم يورد أقوال الثلاثة الأخيرين منهم، واكتفى في بيانها بالإحالة إلى ما أورده من أقوال الأول، رغم اختلاف الثاني معه في تحديد المدة التي استغرقتها التحريات قبل الضبط واختلاف الرابع معه في تحديد مكان جلوس المتهم الثاني. فضلاً عن عدم اشتراك الشاهدين الثالث والرابع في إجراء التحريات، واستند إلى أقوال هؤلاء الشهود بتحقيقات النيابة رغم أن الثلاثة الأخيرين منهم استعانوا في الإدلاء بأقوالهم بمحضر الضبط ورد على ما تسمك به الدفاع من بطلان في هذا الشأن بما لا يصلح، وأطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولتوقيعه بتوقيع غير مقروء ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة برد قاصر وأغفل الرد على الدفع ببطلان التفتيش ذاته تبعاً لبطلان الإذن به، وعول على اعترافه والمتهم الثاني لضابط الواقعة وتساند إلى هذا الاعتراف في إثبات ركن العلم وتوافر قصد الاتجار دون أن يعني بالرد على ما تمسك به من بطلان اعترافهما لصدوره تحت تأثير التهديد والإكراه بدلالة وجود إصابات بالمتهم الثاني ناظرها وكيل النيابة المحقق وأثبتها في التحقيق، هذا إلى أن المحكمة لم تستجب إلى طلب الطاعن إجراء معاينة لمكان الضبط بعد أن عيب معاينة النيابة لإجرائها في غيبته ولمكان يغاير مكان الضبط وفي زمانه وأطرح الحكم هذا الطلب برد غير سائغ، كما لم تجب المحكمة الطاعن إلى طلبه ضم دفتر المساعدات الفنية لإثبات أن الضبط تم في وقت مغاير لما حدده شهود الإثبات والتفتت عن سماع العقيد.... والعقيد.... رغم إنهما من شهود الواقعة والتدليل على تلفيق الاتهام لوجود خصومة بينه وبين الأول لسبق فصل الطاعن زوجة الأول من العمل بمستشفاه، ولم يذكر الحكم شيئاً عن أقوال شهود الطاعن الذين سمعتهم المحكمة بالجلسة وأخيراً فقد قضى الحكم بمصادرة السيارة المملوكة للطاعن بالمخالفة لحكم المادة 30 من قانون العقوبات كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله إن تحريات الرائد... بالاشتراك مع زميله الرائد.... الضابطين بقسم مكافحة المخدرات بالإسكندرية دلت على أن المتهمين.... وهو طبيب بشري ويمتلك السيارة المرسيدس رقم... ملاكي إسكندرية... يستغل السيارة رقم.... نقل إسكندرية "نصف نقل" يتجران بالمواد المخدرة مستخدمين في ذلك السيارتين سالفتي الذكر وبناء على إذن من النيابة العامة وبعد أن علم بأن المتهمين بصدد تسليم كمية من المخدرات لأحد عملائهما في مساء يوم... قرب الكوبري العلوي بالطريق الموصل بين طريقي الإسكندرية القاهري الصحراوي والإسكندرية مطروح الصحراوي انتقل هو وزميله ومعهما الرائد.... الضابط بقسم مكافحة المخدرات والمقدم... الضابط بفرع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بالإسكندرية حيث كمن هو والرائد.... في إحدى سيارات القسم الخاصة وكمن زميلاه في سيارة أخرى في الجانب الآخر من الطريق وذلك بالقرب من الكوبري العلوي المشار إليه وفي حوالي الساعة 9.10 مساء شاهد المتهم الأول قادماً بسيارته بمفرده من اتجاه طريق الإسكندرية القاهرة الصحراوي في الاتجاه المؤدي إلى بوابة الكيلو 21 وتوقف بها أمام السيارة التي يكمن بها على يمين الطريق وعلى بعد حوالي خمسة عشر متراً منه وبعد حوالي خمس دقائق قدم المتهم الثاني من ذات الاتجاه بالسيارة النقل سالفة الذكر يقودها بنفسه وبمفرده وتوقف بها على يمين الطريق أمام سيارة المتهم الأول وترجل منها ممسكاً بيداه بكيس من النايلون الشفاف وقام بوضعه داخل سيارة المتهم الأول وجلس بجواره فانتظر قرابة عشر دقائق بغية ضبط المتهمين وعميلهما إلا أنه خشية افتضاح الأمر - استدعى زميله في الكمين الآخر لا سلكياً وأسرع بالنزول من السيارة هو والرائد.... واتجها إلى سيارة المتهم الأول وقام بضبطه وإنزاله من سيارته وسلمه لزميله للتحفظ عليه بينما أسرع الرائد.... إلى الباب الأيمن الأمامي للسيارة وقام بضبط المتهم الثاني وأجرى هو تفتيش المتهم الأول وتفتيش سيارته فعثر معه على رخصة تسيير تلك السيارة باسمه وعثر بأرضيتها أمام المقعد المجاور لمقعد قائدها الذي كان يجلس به المتهم الثاني على كيس من النايلون الشفاف بداخلة خمسة أكياس من النايلون الشفاف محزم على كلٍ بشريط لاصق ويحوي كل كيس أربعة طرب لمخدر الحشيش عدا كيس منها فيه طربتان وزنت جميعاً 5.130 كيلو جرام، خمسة كيلو جرامات ومائة وثلاثون جرام وبمواجهته المتهمين بالمخدر أقرا بحيازته وإحرازه بقصد الاتجار" وقد أقام الحكم على ثبوت الواقعة على تلك الصورة أدلة مستمدة من أقوال الضباط المذكورين وتقرير المعامل الكيماوية وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط الأربعة وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حمله حكمها فإن ما يثيره الطاعن بشأن اعتناق الحكم لصورة مخالفة للحقيقة والواقع إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل، مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة من علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً المادة المخدرة أن يكون محرزاً للمادة المضبوطة بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليها ولو لم تكن في حيازته المادية أو كان المحرز للمخدر شخصاً غيره ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ما يكفي للدلالة على قيامه. هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بانتفاء صلته بالمواد المضبوطة وعلمه بكنهها وأطرح هذا الدفاع على سند من القول "أولاً أن البين من ظروف الضبط كما جاءت بأقوال شهود الواقعة أن المتهم الأول - الطاعن - توقف بسيارته منتظراً زميله المتهم الثاني الذي جاء وتوقف أمامه ونقل إلى سيارته الكيس النايلون الشفاف المحتوي على أكياس المخدر وجلس بجواره منتظرين عميلهما إلى أن تم الضبط حوالي الساعة 9 م وهو ما يكشف عن صلة المتهم الأول بالمواد المخدرة المضبوطة وتورطه مع المتهم الثاني في حيازتها والإعداد لمقابلة العميل في هذا المكان لتسليمها له وإلا ما كان قد انتظر أولاً وأخراً وما كان يخفى على فطنة مثله أن يرتاب فيما يحمله المتهم الثاني وينقله إلى سيارته في هذا المكان وفي ذلك الوقت وأن يتحقق من كنه ما يحمله خاصة وأنه نفى في التحقيق، وصول المتهم الثاني إليه خلافاً لوقائع الضبط وعزف عن ذكر أي سبب لانتظاره قبل وبعد وصول ذلك المتهم ثانياً: أنه استخلاصاً من ظروف الحادث وأخذاً بإقرار المتهمين لشهود الواقعة بحيازتهما وإحرازهما للمواد المخدرة المضبوطة فإن المحكمة تطمئن كل الاطمئنان إلى توافر العلم لدى المتهم بكنه تلك المواد ومشاركته للمتهم الثاني في حيازتها" لما كان ذلك وكان من المقرر أن تقصي العلم بحقيقة الجواهر المخدرة هو من شئون محكمة الموضوع وإذ كان هذا الذي ساقته المحكمة عن ظروف الدعوى وملابساتها وبررت به اقتناعها بعلم الطاعن بحقيقة الجوهر المخدر المضبوط كافياً في الرد على دفاعه في هذا الخصوص وسائغاً في الدلالة على توافر ذلك العلم في حقه وكان الطاعن لا يجادل في أن ما أورده الحكم من وقائع وما حصله من أدلة اطمأن إليها وعول عليها له أصله في الأوراق وكان ما أورده الحكم من ذلك كافياً في الدلالة على توافر جريمة حيازة جوهر مخدر في حق الطاعن بركنيها المادي والمعنوي فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل في حقيقته إلى جدل موضوعي لا يقبل لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن حيازة المخدر أو إحرازه بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها وكان الحكم قد استدل على توافر هذا القصد في حق الطاعن من التحريات التي دلت عليه ومن إقرار المتهمين لضباط الواقعة بحيازتهما المخدر المضبوط بقصد الاتجار فيه ومن كبر الكمية المضبوطة. وكان هذا الذي استدل به الحكم على توافر هذا القصد سائغاً وكافياً لحمل قضائه فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا وجه له. لما كان ذلك. وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل أقوال الشاهد الأول الرائد.... فقد أحال إليها في بيان أقوال الشاهد الثاني الرائد.... ثم أحال إلى أقوال هذين الشاهدين في بيان أقوال الشاهدين الرائد... والمقدم .... وقصر الإحالة على ما شهدا به بشأن واقعة الضبط وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود على ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وهو ما لا يماري فيه الطاعن وكان الخلاف بين الشاهدين الأول والثاني في شأن المدة التي استغرقتها تحريات كل منهما كما أن الخلاف بين الشاهدين الأول والرابع في شأن جلوس المتهم الثاني كلاهما خلاف غير مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، هذا إلى أن الحكم في إحالته إلى أقوال الشاهدين الأول والثاني في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع وقد قصر الإحالة على ما شهدا به عن واقعة الضبط فإنه يكون - أخذاً بما أورده الطاعن في أسباب طعنه - قد نقل الواقع في الدعوى بما لا محل له للنعي عليه بشيء في هذا الخصوص. ولا يعيب الحكم من بعد استناده إلى أقوال الشهود من الثاني إلى الرابع بدعوى بطلان تحقيقات النيابة لسماح المحقق لهم بالاستعانة بمحضر الضبط عند الإدلاء بأقوالهم إذ أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أثناء الشهادة أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة للأسباب السائغة التي أوردتها تصرف المحقق سماحه لهؤلاء الشهود الاستعانة بمحضر الضبط أثناء الإدلاء بشهادتهم فإن ما يثيره الطاعن في شأن بطلان تحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً ويضحى منعاه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وأنه متى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لا ينازع الطاعن في أن لها أصل ثابت بالأوراق وكان الخطأ في محل إقامة الطاعن في محضر الاستدلال لا يقدح بذاته في جدية ما تضمنه من تحريات فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الخصوص يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة بل إن هذا الدفع قد تمسك به المتهم الثاني. وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن فإنه لا يقبل من الطاعن ما يثيره عن قصور الحكم في الرد على هذا الدفع هذا فضلاً عن أن الحكم قد أطرح هذا الدفع بما يسوغه - على ما سيجيء - لما كان ذلك وكان القانون وإن أوجب أن يكون إذن التفتيش صادراً بالكتابة وموقعاً عليه ممن أصدره إلا أنه لم يشترط شكلاً معيناً يجب أن يكون عليه التوقيع وإذ كان الطاعن لم ينازع في أن الإذن في الدعوى الماثلة موقع فعلاً ممن أصدره وقد رد الحكم على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن - وأطرحه بما يوافق هذا النظر ومن ثم فلا وجه لتعييب الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك وكان البين من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع في مرافعته ببطلان التفتيش كما خلت مما يفيد تقديم الدفاع - كما خلت المفردات من - مذكرة تتضمن هذا الدفع - وكان من المقرر أنه لا يصح النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يثر أمامها هذا فضلاً عن أن الدفع في صورة هذه الدعوى ظاهر البطلان لا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يدفع في مرافعته ببطلان اعترافه هو بل قصر الدفع على بطلان اعتراف المتهم الثاني وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في قضائه بالإدانة إلى دليل مستمد من اعتراف مستقل من الطاعن أو المتهم الثاني كما أنه لم يستند في استدلاله على علم الطاعن بكنه هذا الاعتراف بل استند إلى ما أقر به الطاعن والمتهم الثاني لضباط الواقعة في هذا الخصوص وهو بهذه المثابة لا يعد اعترافاً بالمعنى الصحيح وإنما هو مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة فلا محل للنعي على الحكم إغفاله الرد على ما تمسك به الطاعن من دفاع في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من بطلان معاينة النيابة لإجرائها في غيبته. ورد عليه وأطرح طلبه إجراء معاينة بقوله "وحيث إنه عن النعي بالبطلان على معاينة النيابة لمكان الضبط على سند من القول بعدم حضور المتهمين حال إجراء المعاينة فإنه لا محل لهذا النعي ذلك أن المعاينة إجراء من إجراءات التحقيق التي يجوز للنيابة القيام به في غيبة المتهم. لما كان ذلك وكانت المحكمة تطمئن إلى تلك المعاينة وتعول عليها في قضائها فإنها تلتفت عما أثير بشأنها من بطلان وتعرض عن طلب الدفاع إجراء معاينة أخرى لمكان الضبط اكتفاء بما جاء في معاينة النيابة من بيانات عن مكان الضبط وظروف الإضاءة فيه على نحو ما سلف بيانه كما تلتفت عن الدفع باستحالة حصول الواقعة وفق تصوير الشهود لاطمئنانها إلى أقوالهم وصحة تصويرهم لواقعة الضبط كما جاءت على لسانهم في التحقيق وبإرشاد الشاهد الأول حال المعاينة"، وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعن من بطلان معاينة النيابة لإجرائها في غيبته قد صادف صحيح القانون. وكان من المقرر أن طلب المعاينة الذي لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة ولا إلى استحالة حصول الواقعة كما رواها الشهود بل كان مقصوداً به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة فإن مثل هذا الطلب يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته. لما كان ذلك وكان طلب الدفاع عن الطاعن إجراء المعاينة لا يعدو الهدف منه التشكيك في أقوال شهود الإثبات وكانت محكمة الموضوع قد اطمأنت إلى صحة الواقعة على الصورة التي رواها الشهود فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ولما كان ما أورده الحكم في الرد على طلب إجراء المعاينة كافياً وسائغاً في تبرير رفضه فإن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن وإن طلب في ختام مرافعته بالجلسة الأخيرة ضم دفتر المساعدات الفنية وسؤال العقيد.... والعقيد.... إلا أنه لم يوضح في مرافعته أمام محكمة الموضوع ما يرمى إليه من طلب ضم الدفتر المشار إليه كما لم يكشف عن الوقائع التي يرغب مناقشة الشاهدين المذكورين فيها حتى يتبين للمحكمة مدى اتصالها بواقعة الدعوى المعروضة وتعلقها بموضوعها ومن ثم فإن هذا الطلب يغدو طلباً مجهلاً من سببه ومرماه فلا على المحكمة إن هي التفتت عنه ولم تجب الطاعن إليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها وفي إغفالها بعض الوقائع ما يفيد إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع والأدلة التي اعتمدت عليها في حكمها فإن منعى الطاعن على الحكم إغفاله الوقائع التي شهد بها شهوده الذين سمعتهم بالجلسة لا يكون له محل إذ هي بعض وقائع ثانوية يرد بها الطاعن معنى لم تسايره فيه المحكمة فأطرحتها. لما كان ذلك, وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل وهي اختيارية تكميلية بالنسبة للجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وإذ كان النص في المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها والمعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 - على أن يحكم في جميع الأحوال بمصادرة الجواهر المخدرة والنباتات المضبوطة الواردة بالجدول رقم 5 وبذورها وكذلك الأموال المتحصلة من الجريمة ووسائل النقل المضبوطة التي استخدمت في ارتكابها يدل على أن الشارع يرد بوسائل النقل التي استخدمت في الجريمة تلك الوسائل التي استخدمها الجاني لكي يستزيد من إمكانياته لتنفيذ الجريمة أو تخطي عقبات تعترض تنفيذها وتقدير ما إذا كانت وسائل النقل قد استخدمت في ارتكاب الجريمة - بهذا المعنى - إنما يعد من إطلاقات قاضي الموضوع وكانت المحكمة قد استظهرت في مدونات الحكم أن الطاعن استخدم سيارته المرسيدس رقم.... ملاكي الإسكندرية على نحو ما حصلته من واقعة الدعوى فإن الحكم إذ قضى بمصادرة هذه السيارة لا يكون قد جانب التطبيق القانوني الصحيح ولا وجه للنعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من الطاعن الثاني:
حيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة مخدر بقصد الاتجار قد شابه الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ذلك أن الحكم المطعون فيه عول على أقوال الضباط الثلاثة.... و.... و.... بالتحقيقات رغم ما أثاره الدفاع عن بطلان هذه التحقيقات لسماح المحقق لهم بالاستعانة بمحضر الضبط عند إدلائهم بأقوالهم، وأطرح الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ولصدوره لضبط جريمة مستقبلة بما لا يسوغه. ورد على ما تسمك به الدفاع من أن المخدر الذي تم ضبطه يغاير ما تم تحليله بما لا يصلح وأغفل الرد على الدفع بشيوع الحيازة بينه وبين المتهم الأول ولم يعرض لما أثاره الدفاع من فساد تصوير الشهود للواقعة بدلالة عدم إمكان تشغيل السيارة التي قيل أن الطاعن حضر بها إلى مكان الضبط بالمفاتيح المضبوطة مع الطاعن كما لم تستجب المحكمة إلى طلبه إجراء المعاينة وأخيراً فقد قضى الحكم بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة وهي عقوبة لم يسبق القضاء بها بالحكم المنقوض الذي لم تطعن النيابة عليه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة - جوهر مخدر بقصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير المعامل الكيماوية، وكان ما يثيره الطاعن من فساد الحكم لاستناده إلى أقوال الشهود بالتحقيقات رغم ما أثاره الطاعن من بطلان التحقيقات وقصور الحكم في الرد على الدفع ببطلان الإذن بالتفتيش لعدم جدية التحريات قد سبق الرد عليها بصدد أسباب الطعن المقدمة من الطاعن الأول ومن ثم فإن المحكمة تحيل إليها منعاً من التكرار. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما دفع به الطاعن من بطلان إذن التفتيش لصدوره لضبط جريمة مستقبلة وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن النعي على إذن النيابة بالبطلان لصدوره لضبط جريمة مستقبلة فهو نعي في غير محله إذ أن الثابت بمحضر التحريات أنه تضمن أن المتهمين يتجران بالمواد المخدرة وأنهما يحوزانها ويحرزانها وطلب محرره الإذن من النيابة لضبط ما يحوزانه ويحرزانه منها فصدر الإذن بناء على ذلك لضبط ما لديهما من تلك المواد وبالتالي فإن مقولة صدور الإذن لضبط جريمة مستقبلة هي مقولة لا سند لها في الأوراق" فإن مفهوم ذلك أن الإذن قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة وإذ انتهى الحكم إلى رفض الدفع ببطلان الإذن على هذا الأساس فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد عرضت لدفاع الطاعن بشأن منازعته في أن ما تم ضبطه ليس هو ما جرى تحليله، وأطرح هذا الدفاع بما أوردته في حكمها واطمئنانها إلى أن المواد المضبوطة هي ذاتها التي قدمت للمحقق وجرى اقتطاع عينات منها لإجراء التحليل وأن العينات المقتطعة هي بذاتها التي جرى عليها التحليل وثبت أنها لمخدر الحشيش، وكان قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - قد استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعن في هذا الخصوص والذي لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً في مسألة موضوعية يستقل قاضي الموضوع بحرية التقدير فيها طالما يقيمها على ما ينتجها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بشيوع الاتهام من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها كما أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ يستفاد الرد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة ومن ثم فإن منعى الطاعن إغفاله الرد على الدفع بشيوع الاتهام بينه وبين الطاعن الأول وعدم تعرضه لدفاعه بشأن فساد تصوير الشهود للواقعة يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الطاعن وإن عيب في مرافعته المعاينة التي أجرتها النيابة العامة لمكان الضبط إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء معاينة على نحو ما يدعيه بأسباب طعنه فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها - فضلاً عما سبق الرد به على هذا الوجه بصدد الأسباب المقدمة من الطاعن الأول - لما كان ذلك. وكان البين من مطالعة الحكم المنقوض أنه وإن صرح في أسبابه بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة إلا أنه لم ينص عليها في منطوقه وكانت حجية الشيء المحكوم فيه لا ترد إلا على منطوق الحكم ولا يمتد أثرها إلى الأسباب إلا ما كان مكملاً للمنطوق وكان الحكم المطعون فيه قد قضى بمصادرة المواد المخدرة المضبوطة رغم أن النيابة العامة لم يسبق لها الطعن بالنقض على الحكم المنقوض لإغفاله النص في منطوقه على القضاء بمصادرة تلك المواد فإنه ما كان لمحكمة الإعادة أن تقضي بحكمها المطعون فيه بعقوبة لم يسبق القضاء بها حتى ولو كانت قد أنزلت العقوبة الصحيحة طبقاً للقانون لأنها تكون بذلك قد خالفت حكم المادة 43 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959 الذي يقضي بألا يضار الطاعن بطعنه غير أنه لما كان ما قضى به الحكم فيه من مصادرة المواد المخدرة المضبوطة إنما ورد على شيء مما لا يجوز حيازته أو إحرازه ويخرج بذاته عن دائرة التعامل فهي تدبير عيني وقائي ينصب على الشيء في ذاته لإخراجه من تلك الدائرة لأن أساسها رفع الضرر أو دفع الخطر من بقائها في يد من يحرزها أو يحوزها تتلاقى في النتيجة مع ما يؤول إليه أمر هذه المواد بمصادرتها إدارياً إذا ما قضى بتصحيح الحكم المطعون فيه بإلغاء قضائه بمصادرتها فإن ما يتمسك به الطاعن من خطأ الحكم في هذا الخصوص لا يمثل مصلحة حقيقة للطاعن بل لا تعدو مصلحة نظرية بحتة لا موجب معها لتصحيح الحكم. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق