برئاسة السيد المستشار/ أحمد مدحت المراغي رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ محمد حسن العفيفي، محمد محمد محمود، أحمد أبو الضراير نواب رئيس
المحكمة وأحمد عبد الرازق.
------------
- 1 اختصاص "الاختصاص الولائي".
دستور. قانون. أحزاب. حق.
المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء. اختصاصها بالفصل في كافة
المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم يسند نص في الدستور أو القانون
إلى جهة أخرى ولاية الفصل فيها.
النص في المادة 165 من دستور جمهورية مصر العربية على أن "السلطة
القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق
القانون"، وما جرى به نص المادة 171 منه على أنه "ينظم القانون ترتيب
محاكم أمن الدولة ويبين اختصاصاتها والشروط الواجب توافرها فيمن يتولى القضاء
فيها" وكذلك المادة 172 منه على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة
ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون
اختصاصاته الأخرى" إنما يدل في مجموعه على أن الاختصاص الأصلي والعام هو
للمحاكم العادية وأن اختصاص محاكم أمن الدولة ومجلس الدولة استثناء من هذا الأصل
وهو ما رددته المادة 15 من قانون السلطة القضائية الصادر برقم 46 لسنة 1972 حين
جرى نصها "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص
المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثني بنص خاص ...."
وبذلك تكون المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء فتختص بالفصل في كافة
المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم يسند نص في الدستور أو القانون
إلى جهة أخرى ولاية الفصل فيها.
- 2 اختصاص
"الاختصاص الولائي". دستور. قانون. أحزاب. حق.
حق التقاضي للناس كافة ولكل مواطن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي. النص
في الدستور على حظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة
القضاء. م 68 من الدستور. مؤداه. ألا يحصن أي فرد أو جهة أو حزب سياسي عمله من هذه
الرقابة.
لما كان نص المادة 1/68 من الدستور قد جرى على أن "التقاضي حق
مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ....." فإن
مؤدى ذلك أن لكل مواطن الحق في التقاضي وفي التقادم وفي أن يلوذ بقاضيه الطبيعي
مطالباً بحقه وإذ كان الدستور قد حظر في فقرته الثانية من المادة 68 المشار إليها
من النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء فإن مفهوم
ذلك ومن باب أولى ألا يحصن أي فرد أو جهة أو حزب سياسي عمله من هذه الرقابة لأن
الدستور هو الذي كفل حق اللجوء إلى القاضي.
- 3 اختصاص
"الاختصاص الولائي". دستور. قانون. أحزاب.
حق. للمصريين عامة حق تكوين الأحزاب السياسية. وجوب اشتمال النظام
الداخلي للحزب على القواعد والإجراءات التي تنظم الانضمام إليه والفصل من عضويته
والانسحاب منه. المادتان 1, 5 من قانون نظام الأحزاب السياسية الصادر بق 40 لسنة
1977. عدم جواز اعتصام رئيس الحزب بتحصين أعماله ونظامه الداخلي من رقابة القضاء
وحرمان أعضائه من الاستظلال بسيادة القانون. للمحاكم الرقابة على تطبيق أحكام
النظام الداخلي والتعويض عن مخالفته إن كان له مقتضى.
إذ كان قانون نظام الأحزاب السياسية الصادر برقم 40 لسنة 1977 قد كفل
في مادته الأولى للمصريين عامة حق تكوين هذه الأحزاب والانتماء إليها وأوجب في
مادته الخامسة أن يشمل النظام الداخلي القواعد التي تنظم كل شئونه بما فيها شروط
العضوية فيه وقواعد وإجراءات الانضمام إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه وكان
حق اللجوء إلى التقاضي حقاً مكفولاً بمقتضى الدستور على النحو سالف البيان، فإنه
لا يقبل من الطاعن بصفته التحدي بتحصين أعماله ونظامه الداخلي من رقابة القضاء
وحرمان أعضائه من الاستظلال بسيادة القانون التي هي أساس الحكم في الدولة طبقاً
للمادة 64 من الدستور، ومن ثم يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة الرقابة على
تطبيق أحكام النظام الداخلي للحزب الذي يرأسه الطاعن تطبيقاً صحيحاً إذا ما لجأ
إليها أصحاب الشأن ملتمسين لديها الحكم على مدى التزام الحزب بأحكام نظامه الداخلي
الذي وضعه والتعويض عن مخالفته إن كان له مقتضى.
- 4 نقض "أسباب الطعن" "الأسباب
الجديدة" "أسباب يخالطها واقع".
ورود النعي على أسباب الحكم الابتدائي دون التمسك به أمام محكمة
الاستئناف. سبب جديد. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان السبب وارداً على أسباب الحكم الابتدائي وكان يبين من الأوراق
أن استئناف الطاعن قد خلت أسبابه من هذا الدفع فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا
تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
- 5 نقض
"أسباب الطعن" "الأسباب الجديدة" "أسباب يخالطها
واقع".
النعي الذي يخالطه واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع. سبب
جديد. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه إذا كان سبب النعي يخالطه واقع ولم
يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
- 6 تعويض. محكمة الموضوع. مسئولية
"المسئولية التقصيرية".
استخلاص الخطأ الموجب للمسئولية وثبت الضرر أو نفيه. من مسائل الواقع.
استقلال محكمة الموضوع به. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً.
من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ
والموجب للمسئولية وثبوت الضرر أو نفيه من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة
الموضوع ما دام هذا الاستخلاص سائغاً ومستمداً من عناصر تؤدي إليه.
- 7 حكم
"تسبيب كاف". استئناف "الحكم في الاستئناف: تسبيبه".
قضاء محكمة الاستئناف بتأييد
الحكم الابتدائي. لها أن تأخذ بأسباب هذا الحكم دون إضافة متى رأت أن في هذه
الأسباب ما يغني عن إيراد جديد.
من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن هي أيدت الحكم
الابتدائي أن تأخذ بأسباب هذا الحكم دون إضافة متى رأت في هذه الأسباب ما يغني عن
إيراد جديد ولأن في تأييدها له محمولاً على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد فيما وجه
إليه من مطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنته تلك الأسباب.
- 8 أحزاب. تعويض. قانون. اختصاص
"الاختصاص الولائي". مسئولية "المسئولية التقصيرية".
الأحزاب السياسية. جماعات منظمة تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة. ق 40
لسنة 1977. عمل الحزب على قبول عضو أو استمرار عضويته يتنافى مع طبيعة الحزب التي
تحتم التفاهم والتآلف بين أعضائه. مقتضاه. فصل العضو لارتكابه في حق الحزب مخالفات
تنال من وحدته وأهدافه. ليس للقضاء سلطة إلزام الحزب باستمرار عضوية ذلك العضو. لا
يحول ذلك من إعمال القضاء رقابته للتحقق من إتباع الحزب للإجراءات التي ارتضاها في
نظامه الداخلي والتعويض عن مخالفته إن كان لذلك وجه.
إن الأحزاب السياسية وعلى ضوء أحكام القانون رقم 40 لسنة 1977 - هي
جماعات منظمة تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون
السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة ...... وتعمل باعتبارها تنظيمات وطنية
وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً ...... والحزب هو الذي
يضع نظامه الداخلي والذي يتضمن - ضمن ما يحويه - شروط وقواعد وإجراءات الانضمام
إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه. مما مفاده أن طبيعة الحزب ومجال عمله
وأهدافه المشتركة تحتم توافر الترابط والتفاهم والتآلف بين أعضائه مما يتعارض معه
إلزام الحزب بقبول عضو أو استمرار عضويته وأن الحزب إذا ما قام بفصل عضو لما ارتآه
من ارتكابه مخالفات في حق الحزب تنال من وحدته وأهدافه المشتركة فإن القضاء لا
يملك إلزامه باستمرار عضوية ذلك العضو وإن كان هذا لا يمنعه من إعمال رقابته
للتحقق من إتباع الحزب للإجراءات التي ارتضاها في نظامه الداخلي والتعويض عن الضرر
الذي قد يتحقق من جراء المخالفة إن كان لذلك وجه.
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 12986 لسنة 1986 مدني جنوب القاهرة
الابتدائية على الطاعن بصفته انتهى فيها إلى طلب الحكم ببطلان قرار فصله من حزب
الوفد الجديد الذي يرأسه الطاعن واعتباره كأن لم يكن وذلك لصدوره دون سؤاله أو
إجراء تحقيق معه وبدون مبرر وإلزامه بأن يؤدي إليه مبلغ مليون جنيه تعويضاً عن
الأضرار المادية والأدبية التي إصابته نتيجة هذا القرار. طلب المطعون ضده الثاني
قبول تدخله في الدعوى طالباً لنفسه الحكم ببطلان ذات القرار الذي شمله وبتعويض
مقداره 50000 جنيه. دفع الطاعن بصفته بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى
وبعدم قبولها وبعد أن رفضت المحكمة هذين الدفعين وأحالت الدعوى إلى التحقيق
واستمعت إلى الشهود حكمت بتاريخ 1992/2/27 بقبول تدخل المطعون ضده الثاني وببطلان
القرار الصادر من الطاعن بفصل المطعون ضدهما واعتباره كأن لم يكن وبإلزامه بأن
يؤدي إلى كل منهما مبلغ 50000 جنيه تعويضاً أدبياً ورفضت ما عدا ذلك من طلبات.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 4781 لسنة 109
ق كما استأنفه المطعون ضدهما لدى ذات المحكمة الاستئناف رقم 5276 لسنة 109 ق وبعد
أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول حكمت بتاريخ 1993/1/13 بتأييد الحكم
المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض قدمت النيابة مذكرة أبدت فيها
الرأي بنقض الحكم نقضاً جزئياً وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت
أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعي الطاعن بالأول منها والوجه
الأول من السبب الثالث والخامس والسادس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه وذلك حين أخضع تصرف الحزب الذي يرأسه الطاعن تجاه أعضائه لرقابة
القضاء مع أن رابطته بهم ليست إلا رابطة سياسية تجعل القول الفصل في النزاع الذي
يتولد عنها للهيئة العليا للحزب وجمعيته العمومية باعتبارها الإدارة العليا للحزب
بعيداً عن رقابة القضاء، وذلك طبقاً للقواعد المنظمة للعمل داخل الحزب والتي يضعها
بإرادته وحده بما لا تعد معه بهذه المثابة تشريعاً تلتزم المحاكم بتطبيقه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن النص في المادة 165 من دستور
جمهورية مصر العربية على أن "السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على
اختلاف أنواعها ودرجاتها وتصدر أحكامها وفق القانون"، وما جرى به نص المادة
171 منه على أنه "ينظم القانون ترتيب محاكم أمن الدولة ويبين اختصاصاتها
والشروط الواجب توافرها فيمن يتولى القضاء فيها" وكذلك المادة 172 منه على أن
"مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي
الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى" إنما يدل في مجموعه على
أن الاختصاص الأصلي والعام هو للمحاكم العادية وأن اختصاص محاكم أمن الدولة ومجلس
الدولة استثناء من هذا الأصل وهو ما رددته المادة 15 من قانون السلطة القضائية
الصادر برقم 46 لسنة 1972 حين جرى نصها" فيما عدا المنازعات الإدارية التي
يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما
استثنى بنص خاص ..." وبذلك تكون المحاكم هي صاحبة الولاية العامة للقضاء
فتختص بالفصل في كافة المنازعات أياً كان نوعها وأياً كان أطرافها ما لم يسند نص
في الدستور أو القانون إلى جهة أخرى ولاية الفصل فيها، لما كان نص المادة 1/68 من
الدستور قد جرى على أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق
الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي ...." فإن مؤدى ذلك أن لكل مواطن الحق في التقاضي
وفي أن يلوذ بقاضيه الطبيعي مطالباً بحقه وإذ كان الدستور قد حظر في فقرته الثانية
من المادة 68 المشار إليها من النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من
رقابة القضاء فإن مفهوم ذلك ومن باب أولى ألا يحصن أي فرد أو جهة أو حزب سياسي
عمله من هذه الرقابة لأن الدستور هو الذي كفل حق اللجوء إلى القاضي وإذا كان قانون
نظام الأحزاب السياسية الصادر برقم 40 لسنة 1977 قد كفل في مادته الأولى للمصريين
عامة حق تكوين هذه الأحزاب والانتماء إليها وأوجب في مادته الخامسة أن يشمل النظام
الداخلي القواعد التي تنظم كل شئونه بما فيها شروط العضوية فيه وقواعد وإجراءات
الانضمام إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه وكان حق اللجوء إلى التقاضي حقاً
مكفولاً بمقتضى الدستور على النحو سالف البيان، فإنه لا يقبل من الطاعن بصفته
التحدي بتحصين أعماله ونظامه الداخلي من رقابة القضاء وحرمان أعضائه من الاستظلال
بسيادة القانون التي هي أساس الحكم في الدولة طبقاً للمادة 64 من الدستور، ومن ثم
يكون للمحاكم صاحبة الولاية العامة الرقابة على تطبيق أحكام النظام الداخلي للحزب
الذي يرأسه الطاعن تطبيقاً صحيحاً إذا ما لجأ إليها أصحاب الشأن ملتمسين لديها
الحكم على مدى التزام الحزب بأحكام نظامه الداخلي الذي وضعه والتعويض عن مخالفته
إن كان له مقتضى. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا وانتهى إلى اختصاص جهة القضاء
العادي بالفصل في النزاع فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون
النعي عليه في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال حين تمسك أمام محكمة الدرجة الأولى بعدم قبول دعوى
المطعون ضده الأول لانتفاء مصلحته فيها بعد شروعه في إنشاء حزب جديد بما يفيد
تخليه عن طلباته في الدعوى الراهنة إلا أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون
فيه واجه هذا الدفع بأن هذا الحزب لم ير النور بعد فضلاً عن أن ذلك لا يحول دون
قيام مصلحة في الدعوى بما لا يصلح رداً على هذا الدفع.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان السبب وارداً على أسباب
الحكم الابتدائي وكان يبين من الأوراق أن استئناف الطاعن قد خلت أسبابه من هذا
الدفع فإنه بذلك يكون سبباً جديداً لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الرابع والوجهين الثاني والثالث من السبب
الثالث أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وشابه القصور في
التسبيب والفساد في الاستدلال وذلك حين أورد في مدوناته من أقوال الشهود ما يفيد
أنه لم يحصل حقيقة مضمونها للارتباك الحاصل في ترتيب صفحات محضر التحقيق الذي أجري
أمام محكمة الدرجة الأولى مما أدى إلى تداخل أقوال الشهود بعضها ببعض واختلاط
أقوال شهود الإثبات بأقوال شهود النفي مما أدى إلى الخلل في تقدير الأدلة وجاء
خلواً من تمحيص هذه الأقوال كما وأنه لم يبين ماهية الأوراق والمستندات التي
طالعتها المحكمة وثبت منها عدم إتباع الإجراءات المنصوص عليها في المادة الخامسة
من النظام الداخلي للحزب وحمل الطاعن - خلافاً للقواعد العامة عبء إثبات امتناع المطعون
ضدهما عن الحضور للتحقيق مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة إنه
إذا كان سبب النعي يخالطه واقع ولم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع فإنه لا
يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لم
يسبق له التمسك أمام محكمة الموضوع بأوجه النعي التي أوردها على أقوال الشهود
وتداخل صفحات التحقيق وعدم بيان الحكم لما طالعه من مستندات وأوراق فإنه لا يجوز
له أن يعود فيتحدى به أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجهين الثاني والثالث من السبب الخامس والوجه
الثالث والرابع والخامس من السبب السادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب
والفساد في الاستدلال وذلك حين انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما خلص إليه من
أن ضرراً أدبياً قد أصاب المطعون ضدهما دون أن يحدد هذا الضرر واستند في ثبوته إلى
أقوال شهود المطعون ضدهما أمام محكمة الدرجة الأولى مع أن الآلام النفسية التي
ترتب هذا الضرر أمر غير محسوس إلا لمن أصابته فلا يجوز الاستناد في إثباته إلى
أقوال الشهود، وقد أدى ذلك بالحكم المطعون فيه إلى إغفاله التعرض لما تضمنته صحيفة
استئناف الطاعن من وجود أخطاء في جانب المطعون ضدهما دونه مجتزأ في شأن تناولها
والرد عليها بقوله أن الحكم المستأنف تكفل بالرد عليها بأسباب سائغة ودون أن ينشئ
أسباباً لقضائه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة
أن استخلاص وقوع الفعل المكون للخطأ والموجب للمسئولية وثبوت الضرر أو نفيه من
مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دام - هذا الاستخلاص سائغاً
ومستمداً من عناصر تؤدي إليه. من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة الاستئنافية إن
هي أيدت الحكم الابتدائي أن تأخذ بأسباب هذا الحكم دون إضافة متى رأت في هذه
الأسباب ما يغني عن إيراد جديد ولأن في تأييدها له محمولاً على أسبابه ما يفيد
أنها لم تجد فيما وجه إليه من مطاعن ما يستحق الرد عليها بأكثر مما تضمنته تلك
الأسباب. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد أقام قضاءه بالتعويض على ما أورده
من أن: "..... المادة الخامسة قد حددت إجراءات تتبع في شأن فصل أحد أعضاء
الحزب أو أحد أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب وكان البين من مستندات الدعوى
وأوراقها أن المدعى عليه بصفته (الطاعن) لم يتبع تلك الإجراءات المنصوص عليها
بالمادة الخامسة والصادر استناداً لها قرار فصل كل من المدعي والمتدخل هجومياً إذ
لم يستدع رئيس الحزب أياً منهما لسماع أقواله أو عرضه على الهيئة العليا إذا كان
القرار بالفصل وكان يجب موافقة ثلثي عدد الحاضرين على الأقل وإذ كان كل من المدعي
والمتدخل هجومياً من أعضاء الهيئة البرلمانية فلا يسألون إلا أمام الهيئة العليا
ذاتها ولا يقدح في ذلك ما قرر به الشاهد المدعى عليه بصفته حين قرر بأنه أرسل إلى
كليهما الخطابات التي يستدعيهما فيها مع الموظف المختص لسماع أقوالهما عما هو
منسوب إليهما إذ أن ذلك على فرض حدوثه فكان يجب إثبات امتناع كل من المدعي
والمتدخل هجومياً عن الحضور وإثبات إتباع الإجراءات المقررة بالمادة الخامسة سند
فصلهما إلا أن ذلك لم يحدث ولم تتبينه المحكمة من مطالعتها لأوراق الدعوى
ومستنداتها ...... وأن الثابت من أقوال شهود كلاً من المدعي والخصم المتدخل إنهما
قد أصيبا بأضرار أدبية من جراء صدور ذلك القرار بفصلهما من الحزب وسبب لهما آلاماً
نفسية من جراء فصلهما من الحزب ..." وهي أسباب سائغة وكافية لحمل قضائه
بمسئولية الطاعن ولها أصلها الثابت في الأوراق وفيها الرد الضمني على ما ساقه
الطاعن من مطاعن في استئنافه والتي لم يخرج في مجموعها عما أثاره أمام محكمة
الدرجة الأولى ومن ثم فلا جناح على الحكم المطعون فيه المؤيد له إذ هو لم يفرد
أسباباً خاصة للرد على تلك المطاعن ما دام قد رأى أن ما أثاره الطاعن لا يعدو أن
يكون ترديداً لما تكفل الحكم المستأنف بتفنيده والرد عليه ومن ثم تكون معاودة
إثارته جدلاً في تقدير الدليل مما تدخل في سلطة محكمة الموضوع دون رقابة عليها في
ذلك من محكمة النقض ويكون النعي في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الثاني من السبب السادس على الحكم المطعون
فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وذلك حين أيد الحكم الابتدائي فيما قضى به من
بطلان قرار فصل المطعون ضدهما واعتبار ذلك القرار كأن لم يكن بما لازمه إلزام
الحزب باستمرار عضوية المطعون ضدهما وهو ما لا يجيزه القانون أو تسمح به لائحة
النظام الداخلي للحزب.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك إن الأحزاب السياسية وعلى ضوء أحكام القانون
رقم 40 لسنة 1977 - هي جماعات منظمة تقوم على مبادئ وأهداف مشتركة لتحقيق برامج
محددة تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة .... وتعمل
باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية وديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسياً
.... والحزب هو الذي يضع نظامه الداخلي والذي يتضمن - ضمن ما يحويه - شروط وقواعد
وإجراءات الانضمام إليه والفصل من عضويته والانسحاب منه. مما مفاده أن طبيعة الحزب
ومجال عمله وأهدافه المشتركة تحتم توافر الترابط والتفاهم والتآلف بين أعضائه مما
يتعارض معه إلزام الحزب بقبول عضو أو استمرار عضويته وأن الحزب إذا ما قام بفصل
عضو لما ارتآه من ارتكابه مخالفات في حق الحزب تنال من وحدته وأهدافه المشتركة فإن
القضاء لا يملك إلزامه باستمرار عضوية ذلك العضو وإن كان هذا لا يمنعه من إعمال
رقابته للتحقق من إتباع الحزب للإجراءات التي ارتضاها في نظامه الداخلي والتعويض
عن الضرر الذي قد يتحقق من جراء المخالفة إن كان لذلك وجه. لما كان ذلك وكان الحكم
المطعون فيه قد انتهى إلى بطلان قرار فصل المطعون ضدهما واعتباره كأن لم يكن بما
يستتبعه ذلك من عودة المطعون ضدهما إلى عضوية الحزب فإنه يكون معيباً بمخالفة
القانون والخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا الوجه.
وحيث إنه لما كان الموضوع صالحاً للفصل فيه فيتعين الحكم بإلغاء الحكم
المستأنف بالنسبة لما قضى به من بطلان القرار رقم 59 لسنة 1986 والصادر بتاريخ
1986/10/17 بفصل المطعون ضدهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق