الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يونيو 2015

الطعن 4467 لسنة 66 ق جلسة 29 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 146 ص 965

   برئاسة السيد المستشار / محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / سرى صيام ومحمد حسام الدين الغريانى ومحمد شتا واحمد عبد القوى نواب رئيس المحكمة .
---------------
1 - لما كانت الطاعنة وان قررت بالطعن فى الميعاد ، الا انها لم تودع اسبابا لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلا عملا بحكم المادة 34 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 .

2 - لما كان الحكم قد استوفى فى بيان الواقعة وادلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية فانه يبرأ مما يدعيه الطاعن الاول من اجمال فى هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره فى هذا الصدد .

3 - من المقرر انه لا ينال من سلامة الحكم عدم ايراده نص تقرير الخبير بكامل اجزائه .

4 - لما كان الحكم لم يورد فى بيان مؤدى شهادة النقيب ...... التى عول عليها فى الادانة قولا عن ضعف بنية المجنى عليه او عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له ، فان ما يثيره الطاعن الاول فى شأن ذلك القول يكون غير ذى موضوع .

5 - من المقرر ان القانون لا يوجب حتما ان يكون رجل الضبط القضائى قد امضى وقتا طويلا فى التحريات ، وان له ان يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون ان يكون ملزما بالافصاح عن هذه المصادر ما دام انه اقتنع بصحة ما نقله اليه .

6 - لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التى تستقل بها محكمة الموضوع ، فان المجادلة فى تعويل الحكم على اقوال النقيب ..... التى استقاها من تحرياته بدعوى ان هذه التحريات تمت فى فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل لا يقبل امام محكمة النقض .

7 - لما كان الحكم لم ينقل عن الشاهدين .....و..... ان الاول ابصر المجنى عليه ميتا وان الثانى سمع ان المجنى عليه مات مخنوقا ، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون له محل .

8 - من المقرر ان قصد القتل امر خفى لا يدرك بالحس الظاهر وانما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول الى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، وكان الحكم قد استظهر نية القتل فى حق الطاعنين بقوله : وحيث انه عن توافر نية ازهاق روح المجنى عليه فى حق المتهمين فهى ثابتة فى حقهما من اتحاد ارادتهما واتجاهها الى قتل المجنى عليه بإتفاقهما المسبق واخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة واصرار المتهم الاول على خنق المجنى عليه وكتم انفاسه حتى كان له ما اراد رغم مقاومة المجنى عليه واستغاثته فضلا عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذى جاء متفقا مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية . وكان ما اورده الحكم فى بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفى فى استظهار نية القتل ، فانه يكون قد برئ من دعوى القصور فى التسبيب .

9 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الاصرار فى حق الطاعنين بقوله : وحيث انه ظرف سبق الاصرار فى الواقعة فان مناط قيام هذا الظرف هو ان يرتكب الجانى الجريمة وهو هادئ البال بعد اعمال فكره فى هدوء وروية اى يجب ان يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه واخطاره وتدبر عواقبه ثم خرج من ذلك مصمما على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره فى حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات واعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما فى تحقيق مصلحة يبغيانها هى الزواج بعد التخلص من المجنى عليه زوج المتهمة الثانية ، وكان من المقرر ان سبق الاصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجانى قد لا يكون لها فى الخارج اثر محسوس يدل عليها مباشرة وانما هى تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضى منها استخلاصا ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج . فان الحكم بما حصله فى بيان واقعة الدعوى وما اورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الاصرار بما يقيمه فى حق الطاعنين .

10 - من المقرر ان الاعتراف فى المواد الجنائية هو من العناصر التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الاثبات ، فلها بهذه المثابة ان تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من ان الاعتراف المعزو اليه قد انتزع منه بطريق الاكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على اسباب سائغة فان تعييب الحكم فى هذا الخصوص لا يكون له محل .

11 - لما كان الطلب الذى تستلزم محكمة الموضوع بإجابته او الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والاصرار عليه فى طلباته الختامية ،وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ ....... التى تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة باحالة اوراق الدعوى الى فضيلة مفتى الجمهورية لابداء الراى وتحديد جلسة ..... للنطق بالحكم الذى صدر بها فعلا ، ان المدافع عن الطاعن طلب فى مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعى غير انه اتم مرافعته دون ان يصر على هذا الطلب فى طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذى تلتزم المحكمة باجابته عليه ،ومع ذلك فان الحكم عرض له ورد عليه فى قوله : وحبث انه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعى لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره فى تحديد الاصابات الموجودة بجثة المجنى عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجبا لذلك لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجنى عليه والاصابات الموجودة بجثة المجنى عليه وجزمه بأن الاصابات الموجودة بجثة المجنى عليه حيوية حديثة فى مجموعها وهى تشير الى عنف او مقاومة ، وقد حدث فى تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى واصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس الامر الذى جاء متفقا مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق ايراد مؤداها مما تنتفى العلة فى طلب مناقشته لكونه غير منتج فى الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من ادلة الاثبات والوقائع التى ثبت لديها لتكوين عقيدتها فى الدعوى مطمئنة الوجدان ..... لما كان ذلك ، وكان ما اورده الحكم مما سلف يعتبر كافيا وسائغا فى رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعى ، فان شبهة الاخلال بحق الدفاع تكون منتفية .

12 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة ان المدافع عن الطاعن الاول قد اثار ان النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث الا انه لم يطلب من المحكمة اجراء هذه المعاينة ، فضلا عن ان النيابة العامة - كما يبين من المفردات - اجرت معاينة لمكان الحادث ارفق بها رسم تخطيطى تضمنت ان منزل المجنى عليه يكون من طابق واحد ومن ثم فلا يحق للطاعن ان يثير شيئا فى شأن خلو الاوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجنى عليه ووجود اضاءة امامه اذ لا يعدو ذلك ان يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح ان يكون سببا لتعييب الحكم .

13 - من المقرر ان تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لغرض القضية المحكوم فيها بالاعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة ، بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون ان تتقيد بمبنى الراى الذى تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى ان يكون قد شاب الحكم من عيوب ، فانه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وان لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التى انتهت فيها الى طلب اقرار الحكم فيما قضى به من اعدام المحكوم عليهما .

14 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التى دان الطاعنين المحكوم عليهما بالاعدام بها وساق عليها ادلة سائغة مردودة الى اصلها فى الاوراق ومن شأنها ان تؤدى الى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالاعدام باجماع آراء اعضاء المحكمة وبعد استطلاع راى مفتى الجمهورية قبل اصدار الحكم وفقا للمادة 381 فقرة 2 من قانون الاجراءات الجنائية ، كما جاء الحكم خلوا من مخالفة القانون او الخطأ فى تطبيقه او تأويلة وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى بغير ما انتهى اليه هذا الحكم ، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة اقرار الحكم الصادر باعدام المحكوم عليهما .
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولا : المتهم الأول : قتل عمدا ..... مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله بأن توجه إليه فى مسكنه الذى أيقن سلفا وجوده فيه وبعد أن تأكد من نومه دلف إليه وما أن ظفر به حتى أطبق بيديه على عنقه قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . ثانيا : المتهمان اشتركا في اتفاق جنائى الغرض منه ارتكاب جناية قتل المجنى عليه سالف الذكر بأن اتفقا على أن يتوجه المتهم الأول إلى مسكن المجنى عليه لقتله بعد أن تترك المتهمة الثانية مسكنها مصطحبة أولادها حتى ينفرد به ويتمكن من إتمام ما أتفق عليه على النحو المبين بالأوراق . وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة فقررت المحكمة بإجماع الآراء إحالة أوارق القضية إلى فضيلة المفتى لإبداء الرأى وحددت جلسة النطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضوريا وبإجماع الآراء عملا بالمواد 41 ، 48/1 - 2 ، 230 ، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته - بإعدام المتهمين شنقا عما أسند إليهما ، بعد أن أضافت إلى الوصف الوارد بأمر الإحالة بالنسبة إلى المتهمة الثانية - اشتركت مع المتهم الأول بطريق الإتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن اتفقت معه على ارتكابها وحرضته على ذلك وساعدته بعمل سهل له ارتكاب الجريمة بأن أخلت له مسكن المجنى عليه واصطحبت أولادها إلى مكان آخر وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلا بالأوراق .
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بطلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما .... إلخ .
----------
المحكمة
من حيث إن الطاعنة الثانية وأن قررت بالطعن في الميعاد, إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أجمل في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت, وأشار إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد ما تضمنه من وصف إصابات المجني عليه وموضعها وما وجد بجسده من سحجات وكيفية حدوث الخنق وكتم النفس معاً والساعة التي تم فيها توقيع الكشف الطبي, وذلك ليتسنى التحقيق مع ملاءمة هذه العناصر لباقي أدلة الدعوى, وعول الحكم على ما ذكره النقيب ..... عن ضعف بنية المجني عليه مع أن معاينة النيابة وتقرير الصفة التشريحية كليهما لم يشرا إلى ذلك, وعلى قوله بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن بادر بالاعتراف له مع أنه لم يثبت ذلك بمحضره, وعلى تحرياته وقد تمت في فترة وجيزة ولم يحدد الضابط مصدرها, وعلى أقوال الشاهد ..... أنه أبصر المجني عليه ميتاً دون أن يذكر كيف تحقق من موته, وعلى شهادة .... أنه سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً دون الإفصاح عن كيفية تحديده وسيلة القتل, ولم يدلل الحكم على نية القتل وظرف سبق الإصرار بما يقيمها في حق الطاعن سيما وأن اعترافه كان وليد إكراه مادي ومعنوي من الشرطة, وأطرح طلب الطاعن عن مناقشة الطبيب الشرعي برد غير سائغ, كما خلت الأوراق من المعانية التصويرية للحادث وبيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: ((أن علاقة صداقة ربطت بين المتهم الأول ..... والمجني عليه ...... وظل المتهم يتردد على مسكن المجني عليه في أوقات مختلفة إلى أن نشأت بينه وبين زوجة المجني عليه المتهمة الثانية ...... علاقة عاطفية وتوطدت العلاقة الآثمة بينهما إلى الحد الذي وصلا فيه إلى أن أياً منهما لا يكبح جماح نفسه عن الآخر وأحلا ما حرمه الله واندفعا في علاقة جنسية آثمة في غيبة الزوج المجني عليه وفي مخدعه حتى أنهما كان يمارسان الرذيلة في شهر رمضان واستمر الحال على ذلك إلى أن تطور الحديث فيما بينهما إلى التفكير في وجوب التخلص من المجني عليه بقتله حيث تواعدا على الزواج بعد ذلك, وأعملا الفكر في هدوء وروية ورتبا وتدبرا سوياً ما عقدا عليه العزم وخرجا من ذلك مصممين على ارتكاب الجريمة وأعدا لذلك عدتهما وحددا ميقاتها وطريقة تنفيذها بأن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه بخنقه أثناء نومه في سريره بمفرده بعد أن تقوم المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحاب أولادها معها إلى بلدتها حتى يخلو المكان للمتهم الأول. وإمعاناً من المتهمة الثانية على تحريض المتهم الأول على ارتكاب الجريمة وشد  أزره قامت بتهديده بأنها ستشعل النار بنفسها إذا لم يقم بتنفيذ ما اتفقا عليه, إلى أن كان مساء يوم ..... المحدد لارتكاب الجريمة فقامت المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحبت معها أولادها إلى بلدتها بميت غمر حتى يخلو المكان للمتهم الأول الذي وصل إلى مسكن المجني عليه حوالي الساعة التاسعة مساء مع علمه بأنه متواجد بمفرده حسب الاتفاق مع المتهمة الثانية, وظل ساهراً مع المجني عليه حتى ساعة متأخرة من الليل حتى غلب المجني عليه النعاس ودخل إلى غرفة نومه بينما ظل المتهم في غرفة أخرى, وقبيل الفجر بعدما ظن المتهم أن المجني عليه استغرق في نومه طرق باب حجرته ففتح له المجني عليه حيث خرج من حجرة النوم إلى الصالة فانقض عليه المتهم وأمسك برقبته بكلتا يديه وضغط عليها بشدة, إلا أن المجني عليه ظل يقاومه حتى استطاع التخلص منه والاستغاثة, إلا أن المتهم تمكن من السيطرة عليه والإمساك برقبته مرة أخرى وقام بخنقه حتى تأكد من موته ثم قام بوضع جثته فوق سريره وأثناء ذلك سمع طرقاً بالباب فحاول الهرب من نافذة حجرة النوم إلا أن تجمع الأهالي منعه من ذلك فعاد إلى داخل المسكن حيث تم القبض عليه بمعرفة الشاهد الثالث)). وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من أقوال الشهود .... و...... والنقيب ...... ومن اعتراف المتهمين في تحقيقات النيابة العامة ومما أورده تقرير الصفة التشريحية, وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة الطاعن الأول بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي وإلى إدانة الطاعنة الثانية بجريمتي الاشتراك في الجريمة الأولى وبالجريمة الثانية وأنزل عليهما العقاب بالمواد المنطبقة من قانون العقوبات. لما كان ذلك, وكان الحكم - على السياق المتقدم - قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعن الأول من إجمال في هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه نتيجة إسفكسيا الخنق وكتم النفس باليدين وأن إصاباته تشير في مجموعها إلى إصابات رضية حيوية حديثة نشأت من المصادمة بجسم راض وخشن في بعض منها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى إصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة إسفكسيا الخنق وكتم النفس. فإن الحكم يكون قد نقل عن التقرير ذاك وصف إصابات المجني عليه التي أثبت أنها تتفق مع الوسيلة التي تم بها القتل وتلك التي تشير إلى حدوث عنف أو مقاومة, وعلى نحو يفصح عن إمكان حدوث فعل القتل بالخنق وكتم النفس معاً ويكون ما يدعيه الطاعن الأول من إغفال الحكم لعناصر التقرير تلك غير صحيح. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه, فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان الحكم لم يورد في بيان مؤدى شهادة النقيب ..... التي عول عليها في الإدانة قولاً عن ضعف بنية المجني عليه أو عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له, فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن ذلك القول يكون غير ذي موضوع. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في التحريات, وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقل إليه, وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع, فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال النقيب ..... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم ينقل عن الشاهدين ..... و...... أن الأول أبصر المجني عليه ميتاً وأن الثاني سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الِشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية, وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين بقوله: ((وحيث أنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه في حق المتهمين فهي ثابتة في حقهما من اتحاد إرادتهما واتجاهها إلى قتل المجني عليه باتفاقهما المسبق وإخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة وإصرار المتهم الأول على خنق المجني عليه وكتم أنفاسه حتى كان له ما أراد رغم مقاومة المجني عليه واستغاثته فضلاً عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذي جاء متفقاً مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية)), وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل, فإنه يكون قد برئ من دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك, وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بقوله: ((وحيث أنه عن ظرف سبق الإصرار في الواقعة فإن مناط قيام هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وأخطاره وتدبر عواقبه ثم يخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره في حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات, إعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما في تحقيق مصلحة يبغيانها هي الزواج بعد التخلص من المجني عليه زوج المتهمة الثانية)), وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنساخ, فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى - على السياق الذي سلف بيانه - وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين. لما كان ذلك, وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين ببطلان اعترافهما لصدوره تحت تأثير الإكراه وأطرحه بقوله ((وحيث أنه عن الدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المتهمين على سند من صدوره تحت ضغط وإكراه فقد جاء مرسلاً وقد خلت الأوراق مما يشير إلى وقوع إكراه أو ضغط على المتهمين فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى صحة وسلامة الاعتراف الصادر من المتهمين وتأخذ به وتعول عليه في قضائها لصدوره أمام سلطة التحقيق دون إكراه أو ضغط ولاتفاقه مع ما جاء بشهادة الشاهد الثالث وما ورد بتقرير الصفة التشريحية والسابق إيراد مؤداها, ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدفع)). وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه المبطل للاعتراف سائغاً في تنفيذه وإطراحه, وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات, فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك والإصرار عليه في طلباته الختامية, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ ...... التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة .... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً, أن المدافع عن الطاعن طلب في مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعي غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه, ومع ذلك فإن الحكم عرض له ورد عليه في قوله: ((وحيث إنه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره في تحديد الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجباً لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجني عليه والإصابات الموجودة بجثة المجني عليه وجزمه بأن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه حيوية حديثة في مجموعها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى وإصابات الوجه والعتق مع كون الوفاة نتيجة إسفكسيا الخنق وكتم النفس الأمر الذي جاء متفقاً مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق إيراد مؤداها مما تنتفي العلة في طلب مناقشته لكونه غير منتج في الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من أدلة الإثبات والوقائع التي ثبتت لديها لتكوين عقيدتها في الدعوى مطمئنة الوجدان ...)). لما كان ذلك, وكان ما أورده الحكم مما سلف يعتبر كافياً وسائغ في رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي, فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية. لما كان ذلك, وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ ...... أن المدافع عن الطاعن الأول قد أثار أن النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء هذه المعاينة, فضلاً عن أن النيابة العامة - كما يبين من المفردات - أجرت معاينة لمكان الحادث أرفق بها رسم تخطيطي تضمنت أن منزل المجني عليه يكون من طابق واحد, ومن ثم فلا يحق للطاعن أن يثير شيئا في شأن خلو الأوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه إذ لا يعدو ذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم. لما كان ما تقدم, فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث أنه من المقرر أن تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لعرض القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة, بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب, فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وإن لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.
ومن حيث أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/2 من قانون الإجراءات الجنائية. كما جاء الحكم خلوا من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم, ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

الطعن 12062 لسنة 65 ق جلسة 1 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 147 ص 982

برئاسة السيد المستشار / ناجى اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / ابراهيم عبد المطلب واحمد عبد البارى سليمان وحسين الجيزاوى وهانى خليل نواب رئيس المحكمة .
-----------------
1 - من المقرر انه اذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الراى على عدم رفع الدعوى الجنائية ،فانه لا يصح اعتبار تصرفها امر بالاوجه لاقامة الدعوى ، لان الاصل فى هذا الامر ان يكون صريحا ومدونا بالكتابة فلا يصح استنتاجه من تصرف او اجراء اخر الا اذا كان هذا التصرف او الاجراء يترتب عليه حتما وبطريق اللزوم العقلى ان ثمه امر بالاوجه لاقامة الدعوى ،واذ كانت النيابة العامة - بفرض صحة ما يثيره الطاعن - قد ارسلت كتابا الى الجهة الادارية التابع لها لاتخاذ اجراءات محاكمته تأديبيا عن الواقعة ، فان ذلك بمجرده لا يفيد على وجه القطع واللزوم ان النيابة العامة قد ارتأت اصدار امر بالاوجه لاقامة الدعوى الجنائية على الطاعن .

2 - يتعين لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا ومحددا ، فاذا كان الطاعن لم يفصح فى منعاه عن اساس دفعه بقيام التنازع السلبى فى الاختصاص الذى قرر ان الحكم لم يعرض له ، فان نعيه فى هذا الشأن يكون غير مقبول .

3 - اذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاضرار باموال الجهة التى يعمل بها وعامله بالرأفة وعاقبه بالحبس لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته ،و كانت المادة 27 من قانون العقوبات قد نصت على ان : كل موظف عمومى ارتكب جناية مما نص عليه فى الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثانى من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه ايضا بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات برغم توافر موجبها فانه يكون قد خالف القانون ، واذ كان العيب الذى شاب الحكم مقصورا على هذه المخالفة فانه يتعين اعمالا للقاعدة المنصوص عليها فى المادة 39 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل يجعلها لمدة سنتين .
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من 1) ..... ، 2) .... طاعن بأنهما بصفتهما موظفين عامين (الأول مدير مركز التأهيل المهنى بسجن .... التابع بجهاز التعمير والثانى مشرف فنى بتلك الجهة) أضرا عمدا بأموال جهة عملههما سالفة الذكر بأن فوض المتهم الأول المتهم الثانى في التعاقد مع شركة .... على شراء وتسليم عدد خمسين جهاز تليفزيون من انتاجها بغرض توزيع تلك الأجهزة على العاملين بالمركز سالف الذكر فاستأثرا بها ولم يسددا ثمنها مما ألحق ضررا بأموال جهة عملهما قدره ثلاثون ألف جنيه وذلك على النحو المبين بالأوراق وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت غيابيا للأول وحضوريا للثانى عملا بالمواد 116مكررا/1 ، 118 مكررا ، 119/1 ، 119 مكررا/أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات ومعاقبة المتهم الثانى (الطاعن) بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة عما أسند إلى كل منهما من إتهام وبعزل المتهم الثانى من وظيفته فطعن المحكوم عليه  ... فى هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
-----------
المحكمة
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه - وآخر - بجريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها قد خالف الثابت بالأوراق وشابه قصور في التسبيب. وأخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع استناداً إلى عدم وجود هذا الأمر وهو ما يخالف الثابت بالأوراق من قيام النيابة العامة بإرسال الأوراق للجهة الإدارية المختصة لمحاكمة المتهمين تأديبياً عما أسند إليهما، ولم يعرض الحكم لدفع الطاعن بقيام تنازع سلبي في الاختصاص, كما أن المحكمة عاملت الطاعن بالرأفة وعاقبته بالحبس والعزل من وظيفته دون تحديد لمدة العزل بما لا يقل عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها مخالفة بذلك نص المادة 27 من قانون العقوبات, مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات, والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد حصل دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بعدم وجود وجه لإقامتها عليه تأسيساً على أن النيابة العامة قد أرسلت الأوراق للجهة الإدارية التابع لها الطاعن لاتخاذ إجراءات محاكمته تأديبياً وانتهى إلى رفضه قولاً أن الثابت من الأوراق عدم صدور مثل هذا الأمر من السلطة المختصة بالنيابة العامة وهي سلطة المحامي العام المختص طبقاً لنص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية وأن ثمة جزاء تأديبياً لم يوقع على الطاعن ولم تنته النيابة العامة إلى التقرير في الواقعة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية اكتفاء بإحالة الطاعن للمحاكمة التأديبية. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية, فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى, لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فأنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء أخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى, وإذ كانت النيابة العامة - بفرض صحة ما يثيره الطاعن - قد أرسلت كتاباً إلى الجهة الإدارية التابع لها لاتخاذ إجراءات محاكمته تأديبياً عن الواقعة, فإن ذلك بمجرده لا يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة قد ارتأت إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن, ويكون ما انتهى إليه الحكم من إطراح دفع الطاعن في هذا الشأن سديداً. لما كان ذلك, وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً, وكان الطاعن لم يفصح في منعاه عن أساس دفعه بقيام التنازع السلبي في الاختصاص الذي قرر أن الحكم لم يعرض له, فإن نعيه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الإضرار بأموال الجهة التي يعمل بها وعامله بالرأفة وعاقبة بالحبس لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته, وكانت المادة 27 من قانون العقوبات قد نصت على أن: ((كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه)). وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات برغم توافر موجبها فإنه يكون قد خالف القانون, وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين.

الطعن 13824 لسنة 65 ق جلسة 2 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 148 ص 987

 برئاسة السيد المستشار / محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدى الجندى ، وفيق الدهشان وفريد عوض نواب رئيس المحكمة ومحمود مسعود شرف .
-----------------
1 - لما كان الطاعن الثانى وان قرر بالطعن فى الميعاد الا انه لم يقدم اسبابا لطعنه . ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا لما هو مقرر من ان التقرير بالنقض فى مناط اتصال المحكمة به وان تقديم الاسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد
 الذى حدده القانون هو شرط لقبوله . وان التقرير بالطعن وتقديم اسبابه يكونان معا وحدة اجرائية لا يقوم فيها احدهما مقام الاخر ولا يغنى عنه .

2 - من المقرر ان القانون لم يرسم شكلا او نمطا يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها فمتى كان مجموع ما اورده الحكم كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون .

3 - اذ الحكم قد ورد على ما اثاره المدافع عن الطاعنة من ان زوجها السابق قد طلقها بقوله : ان ذلك الدفاع مردود عليه بأن المتهمين الاولى والثالث ذكرا فى تحقيقات النيابة انهما ما زالا زوجين حتى تاريخ التحقيق معهما بالنيابة العامة بل ذكرت المتهمة الاولى ان الزواج المزور هو زواج على الورق فقط وانها ما زالت فى عصمة زوجها المتهم الثالت ، وانها حامل من ذلك الزوج - كما لم يقدم اى منهما دليلا على وقوع الطلاق فى 1/4/1994 بل الثابت بمحضر جلسة 22/3/1995 ان المحكمة سألت المتهمة الاولى عن واقعة تطليق المتهم الثالث لها فقررت انها لا زالت زوجة له ولم يطلقها حتى الان الامر الذى يكون معه ذلك الدفاع قد اسس على غير سند من القانون متعينا رفضه . وكان هذا الرد والذى لا تمارى الطاعنة فى ان له صداه من اوراق الدعوى - مما يسوغ به اطراح مثل هذا الدفاع ، ولا يقدح فى ذلك ان يكون المدافع عن الطاعنة قد طلب الى المحكمة بجلسة 22 من مارس سنة 1995 ضم المحضر رقم ..... ادارى ..... لاثبات واقعة طلاق الطاعنة من المتهم الثالث او ما يثيره فى طعنه من طلبه سماع شهود نفى ، اذ ثبت تنازله عن طلباته السابقة وذلك بجلسة 11 من ابريل سنة 1995 ثنم ترافعه بذات الجلسة التى اختتمت فيها المرافعة واصراره على تنازله عن طلبه السابق واختتام مرافعته اصليا بطلب البراءة واحتياطيا باستعمال الرأفة - لما هو مقرر من ان الطلب الذى تلتزم المحكمة باجابته او الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى اليه به . ويصر عليه مقدمه فى طلباته الختامية فلا تثريب على المحكمة ان هى اعترضت عن هذا الطلب واغفلت الرد عليه .

4 - اذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة ان الطاعنة لم تطلب سماع شهود نفى ولم تسلك من جانبها الطريق الذى رسمه القانون فى المادة 214 مكررا فقرة 1-2 من قانون الاجراءات الجنائية ، فان منعاها فى هذا الخصوص لا يكون مقبولا .

5 - من المقرر ان القصد الجنائى فى جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التى تفصل فيها محكمة الموضوع فى ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم ان يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد اورد من الوقائع ما يدل عليه.

6 - ان عقد الزواج ، وثيقة رسمية مناط العقاب على التزوير فيها هو ان يقع تغيير الحقيقة فى اثبات خلو احد الزوجين من الموانع الشرعية من العلم بذلك ، فكل عبث يرمى الى اثبات غير الحقيقة فى هذا الصدد يعتبر تزويرا . واذ كان الحكم قد اثبت فى حق الطاعنة انها حضرت امام المأذون مع المحكوم عليهم الاخرين للزواج من المتهم الثانى وقررت خلافا للحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة للمتهم الثالث بصحيح العقد الشرعى رقم .... مع علمها بذلك فاثبت المأذون ذلك وحرر الوثيقة الطاعنة وباقى المتهمين عليها ، فان هذا يكفى لادانتها بالاشتراك فى تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعى عليه فى هذا الشأن وجه .

7 - اذ كان الحكم لم يدن الطاعنة بجريمة استعمال المحرر المزور التى دان بها الطاعن الثانى وحده فان ما تثيره فى هذا الشأن يكون واردا على غير محل .

8 - اذ كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة ان الطاعنة اثارت دفاعا مؤداه انها قد سيقت الى ارتكاب الواقعة رغما عنها فانه لا يقبل منها اثارة هذا الدفاع لاول مرة امام محكمة النقض .
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة كل من 1 -  ..... (طاعنة) 2 -  ........ 3 -  ..... (طاعن) 4 - ...... بأنهم (1) وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريق الإتفاق والمساعدة مع موظف عمومى حسن النية هو ... مأذون.... التابع لمحكمة ..... في ارتكاب تزوير فى محرر رسمى هو وثيقة عقد الزواج رقم .... والمثبت لزواج المتهمة الأولى من المتهم الثانى حال تحريره من المختص بحكم وظيفته وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقوا معا على تزويره ومثلوا أمام الموظف سالف الذكر وساعدوه بأن أدلت الأولى له على خلاف الحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة المتهم الثالث بصحيح العقد الشرعى رقم ..... فأثبت الموظف العمومى حسن النية ذلك ووقعوا على تلك الوثيقة فتمت الجريمة بناء على الإتفاق وتلك امساعدة - وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا الأولى والثالث وغيابيا للباقين عملا بالمواد 40 / ثانيا ، 41/1 ، 213 ، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة .
فطعن المحكوم عليهما الأولى والثالث فى هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
-------------
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثاني ..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسبابا لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلا لما هو مقرر من أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله, وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معا وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه. 
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى ...... قد استوفى الشكل المقرر في القانون. 
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم المطعون فيه أنه دانها بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه قصور في التسبب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع واعتوره البطلان, ذلك بأنه لم يبين مضمون أقوال الطاعنة والشهود وباقي أدلة الإثبات وخلا من بيان نص القانون الذي أنزل عليها العقاب بمقتضاه, ولم ترد المحكمة على دفاعها القائم على طلاقها من زوجها السابق - المحكوم عليه الثالث - شفاهة وانقضاء عدتها من قبل زواجها من الطاعن الثاني ولم تجبها إلى طلبها ضم إلى المحضر رقم .... إداري.... لإثبات ذلك وإلى طلبها سماع شهود نفي. ودانتها رغم انتفاء القصد الجنائي في جريمتي التزوير والاستعمال لديها ورغم كونها أمية سيقت إلى ارتكاب الواقعة مع باقي المتهمين رغما عنها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأقام عليها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الرائد .... ضابط مباحث مصلحة الجوازات وما قررته الطاعنة والمحكوم عليه الثالث بمحضر الضبط وبتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على وثيقتي الزواج رقمي .... و..... لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققا لحكم القانون وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى اتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة التي تساند إليها في إدانة الطاعنة وهي أدلة سائغة لا تمارى الطاعنة في أن لها أصل من أوراق الدعوى كما أورد مواد العقاب في قوله: "الأمر المستوجب معاقبتهم عن ذلك وفقا للمواد 40/ ثانيا وثالثا و41/1 و213, 214 عقوبات وإدانتهم وفقا لما جاء بالمادة 304/2 إ.ج." فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعنة من أن زوجها السابق طلقها بقوله "إن ذلك الدفاع مردود عليه بأن المتهمين الأولى والثالث ذكر في تحقيقات النيابة أنهما لا زالا زوجين حتى تاريخ التحقيق معهما بالنيابة العامة بل ذكرت المتهمة الأولى أن ذلك الزواج المزور هو زواج على الورق فقط وأنها مازالت في عصمة زوجها المتهم الثالث وأنها حامل من ذلك الزوج - كما لم يقدم أي منهما دليلا على وقوع الطلاق في 1/4/1994 بل الثابت بمحضر جلسة 22/3/1995 أن المحكمة سألت المتهمة الأولى عن واقعة تطليق المتهم الثالث لها فقررت أنها ما زالت زوجة له ولم يطلقها حتى الآن الأمر الذي يكون معه ذلك الدفاع قد أسس على غير سند من القانون متعينا رفضه" وكان هذا الرد والذي لا تماري الطاعنة في أن له صداه من أوراق الدعوى - مما يسوغ به إطراح مثل هذا الدفاع. ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعنة قد طلب إلى المحكمة بجلسة 22 من مارس سنة 1995 ضم المحضر رقم ..... إداري .... لإثبات واقعة طلاق الطاعنة من المتهم الثالث أو ما يثره في طعنه من طلبه سماع شهود نفي. إذ ثبت تنازله عن طلباته السابقة وذلك بجلسة 11 من أبريل سنة 1995 ثم ترافعه بذات الجلسة التي اختتمت فيها المرافعة وإصراره على تنازله عن طلبه السابق واختتام مرافعته أصليا بطلب البراءة واحتياطيا باستعمال الرأفة - لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم  المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به, ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية, فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه, كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تطلب سماع شهود نفي ولم تسلك من جانبها الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكررا/ 1-2 من قانون الإجراءات الجنائية, فإن منعاها في هذا الخصوص لا يكون مقبولا. لما كان ذلك, وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها, وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. وكان عقد الزواج وثيقة رسمية مناط العقاب على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك, فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويرا. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة أنها حضرت أمام المأذون مع المحكوم عليهم الآخرين للزواج من المتهم الثاني وقررت خلافا للحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة للمتهم الثالث بصحيح العقد الشرعي رقم .... مع علمها بذلك فأثبت المأذون ذلك وحرر الوثيقة التي وقعت الطاعنة وباقي المتهمين عليها, فإن هذا يكفي لإدانتها بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي عليه في هذا الشأن وجه. لما كان ذلك, وكان الحكم لم يدن الطاعنة بجريمة استعمال المحرر المزور التي دان بها الطاعن الثاني وحده فإن ما يثيره في هذا الشأن يكون واردا على غير محل. لما كان ذلك, وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت دفاعا مؤداه أنها قد سيقت إلى ارتكاب الواقعة رغما عنها فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 13853 لسنة 65 ق جلسة 2 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 149 ص 995

  برئاسة السيد المستشار / محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدى الجندى ووفيق الدهشان وابراهيم الهنيدى نواب رئيس المحكمة . ومحمود مسعود شرف .
---------------
1 - ان القانون لم يرسم شكلا او نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها بل يكفى ان يكون مجموع ما اورده الحكم كافيا فى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة .

2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اورد مؤدى اقوال المبلغ .... وفحوى ما اورده تقرير خبير الاصوات - والتى كانت من بين الادلة التى استخلص منها الادانة فى بيان يكفى للتدليل على ثبوت الصورة التى اقتنعت بها المحكمة واستقرت فى وجدانها فانه تنحسر عنه دعوى القصور فى التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد فى غير محله .

3 - لما كان الثابت من مدونات الحكم وما رد به على الدفع ببطلان التسجيلات ان المحكمة لم تبن قضاءها بصفة اصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وانما استند اليها كقرينة تعزز بها ادلة الثبوت التى اوردتها فانه لا جناح على الحكم ان هو لم يورد مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل ما دام انه قد عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا للادلة الاخرى التى اعتمد عليها فى قضائه ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلا اساسيا على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ومن ثم فان ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات وقصور الحكم فى الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول .

4 - من المقرر انه لا يوجد فى القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند اعادة محاكمة المتهم الذى كان غائبا من ان تورد ذات الاسباب التى اتخذها الحكم الغيابى الساقط قانونا اسبابا لحكمها ما دامت تصلح فى ذاتها لاقامة قضائها بالادانة .

5 - من المقرر ان الدفع بصدور الاذن بالتفتيش بعد الضبط انما هو دفاع موضوعى يكفى للرد عليه اطمئنان المحكمة بالادلة السائغة التى اوردتها - الى وقوع اجراءات التسجيل وما تبعها من اجراءات الضبط والتفتيش بناء على هذا الاذن .

6 - لما كان لا يلزم فى الادلة التى يعول عليها الحكم ان ينبئ كل دليل منها ويقطع فى كل جزئية من جزئيات الدعوى لان الادلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقى الادلة بل يكفى ان تكون الادلة فى مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها الى ما انتهت اليه - كالحال فى هذه الدعوى - ومن ثم فان ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم باقوال الشاهد ..... بشأن اصطحابه للمبلغ الى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الاخر ودار حوار بينهم بشأن طلب رشوة وسببه برغم ان بلاغ المجنى عليه ومحضر التحريات خلوا من هذه الواقعة لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا فى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز اثارته امام محكمة النقض .

7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى مفادها ان الطاعن توسط لدى المبلغ ليعطى للمحكوم عليه الاخر مبلغ خمسائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن اتخاذ الاجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك للمبلغ من مخالفات وان ما اثبته الحكم بمدوناته بشأن المقابلة التى تمت بالمصنع بين المبلغ والمحكوم عليه الاخر والتى انكر خلالها الاخير علاقته بالطاعن وسبق تسلمه مبلغ مائه وخمسين جنيها منه وطلبه ان تكون علاقه المبلغ به مباشرة ووعده بان يرد له المبلغ الذى تسلمه الطاعن منه لم يكن سوى تسجيل لهذه المقابلة وما دار فيها من حوار ، هذا الى ان ما اورده الحكم بمدوناته من ان كلا من الطاعن والمحكوم عليه الاخر طلب - على حدة - مبلغ خمسمائة جنيه ، على سبيل الرشوة ثم اورد فى موضوع اخر منه ان التحريات اكدت صحة طلب المتهمين معا للمبلغ المذكور لا يعد تناقضا لما هو مقرر من ان التناقض الذى يعيب الحكم هو الذى تتهاتر به اسبابه بحيث يمحو ما يثبته بعضها الاخر ومن ثم فان ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون فى غير محله .

8 - من المقرر ان تقدير جدية التحريات وكفايتها لاصدار الامر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل الامر فيها الى سلطة التحقيق تحت اشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة - على افصحت عنه فيما تقدم - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التى بنى عليها امر تسجيل المحادثات والتفتيش وكفايتها لتسويغ اصداره واقرت النيابة على تصرفها فى شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون

9 - من المقرر انه يجب لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا ومحددا ، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية الغموض والابهام اللذين شابا اذن التفتيش فان النعى على الحكم فى هذا الشأن يكون على غير سند .

10 - ان قانون الاجراءات الجنائية لم يستوجب فى مواد الجنايات ان تعاد المحاكمة امام ذات الدائرة التى اصدرت الحكم الغيابى على المتهم فى حالة حضوره او الحكم عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضى المدة - كشرط لصحة الاجراءات - بل كل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون فى هذه الحالة هو اعادة نظر الدعوى امام المحكمة بما مفاده ان القانون لم يرتب البطلان فى حالة نظر الدعوى عند اعادة اجراءات المحاكمة امام ذات الدائرة التى اصدرت الحكم الغيابى ومن ثم فلا تثريب على المحكمة ان هى التفتت عن طلب احالة الدعوى لدائرة اخرى - بفرض اثارته امامها - ومن ثم فان منعى الطاعن فى هذا الخصوص لا يكون سديدا .

11 - لما كان الثابت من الاوراق انها حوت دعوى جنائية واحدة فصل فيها بحكم جنائى حضوريا للمحكوم عليه الاخر وغيابيا للطاعن الذى اعيدت اجراءات محاكمته الراهنة ومن ثم فإنه بفرض ان المحكوم عليه الاخر طعن بالنقض فى الحكم الصادر ضده بالادانة فان ذلك لا يقيد محكمة الموضوع التى تنظر دعوى الطاعن ومن ثم فان الدفع الذى ابداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى تعليقا يكون دفعا ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة ان هى سكتت عنه ايرادا له وردا عليه ويضحى منعى الطاعن على الحكم فى هذا الصدد بالاخلال بحق الدفاع غير سديد .

12 - ان اعادة المحاكمة الجنائية طبقا لنص المادة 395 من قانون الاجراءات الجنائية هى بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة ، ولمحكمة الاعادة ان تفصل فى الدعوى بكامل حريتها . واذ كان ذلك ،وكانت اجراءات محاكمة الطاعن امام محكمة الاعادة قد تمت صحيحة - وهو ما يسلم به الطاعن فى اسباب طعنه - بمحاكمته امام محكمة امن الدولة العليا فانه غير مجد ما يتمسك به من بطلان الحكم الغيابى لصدوره من محكمة غير مختصه ولائيا ولعدم اعلانه فى المحاكمة الغيابية - بفرض صحة ذلك - ولا تقبل اثارته ذلك امام محكمة النقض ومن ثم فان منعاه فى هذا الصدد لا يعدو ان يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان ولا على المحكمة ان التفتت عنه ولم ترد عليه .
---------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنه توسط فى ارتكاب جريمة طلب وأخذ رشوة بأن اتفق مع المتهم الآخر على ارتكابها وطلب من ..... لحساب المتهم الأخر مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة وأخذ منها مبلغ مائة وخمسين جنيها كدفعة أولى من المبلغ المطلوب مقابل امتناع المتهم المذكور - الأخر - عن إتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك له من مخالفات هندسية - وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 103 ، 104 ، 107 مكررا من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ألف جنيه .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
------------
المحكمة
من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الوساطة في طلب وأخذ رشوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم لم يستظهر أركان الجريمة في حق الطاعن وخلا من بيان الأفعال التي أتاها كوسيط في جريمة الرشوة ولم يورد مؤدى أقوال المبلغ ..... التي عول عليها في الإدانة, كما لم يبين الحكم مضمون الدليل الذي استمده من التسجيلات ووجه استدلاله به على ثبوت الجريمة في حق الطاعن لاسيما وأنه دفع ببطلان هذه التسجيلات لتمامها قبل صدور إذن من النيابة العامة بها ولاستحالة سماع ما سجل منها حوار كما دفع ببطلان عمل خبير الإذاعة الذي قام بنسبة صوت الطاعن بالتسجيلات له برغم أنه في تاريخ التفريغ لم يكن قد قبض عليه أو أخذت بصمة صوته بيد أن الحكم رد على هذه الدفوع برد غير سائغ وردد ذات أسباب الحكم الغيابي الساقط بشأن إطراحها. كما استدل الحكم على صحة الواقعة بأقوال الشاهد .... من أنه اصطحب المبلغ إلى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الآخر ودار حوار بينهم في شأن طلب الرشوة وسببه في حين أن بلاغ المجني عليه ومحضر التحريات خلوا من تلك الواقعة, هذا إلى أن الحكم اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى حيث أثبت أن المحكوم عليه الآخر "المرتشي" هو الذي أصل بالمبلغ وتوجه إلى مصنعه بمفرده دون الطاعن وأن المحادثة التي دارت بين المرتشي - والمبلغ أنكر خلالها الأول علاقته بالطاعن وسبق تسلمه منه مبلغ مائة وخمسين جنيها وطلب أن تكون علاقة المبلغ به مباشرة دون الطاعن ووعده بأن يرد له المبلغ الذي تسلمه الطاعن منه ثم عاد الحكم ودانه بجريمة الوساطة في الرشوة كما وأن الحكم أثبت بمدوناته أن كلا من المتهمين على حدة طلب مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة في حين أثبت في موضع آخر منه أن التحريات أكدت صحة طلب المتهمين معا للمبلغ المذكور وفي كلا الحالين فإن المحكوم عليه الآخر "المرتشي" يكون هو الذي طلب الرشوة بشخصه بما لا حاجة معه لتوسط غيره, هذا بالإضافة إلى أن الطاعن دفع بعدم جدية التحريات لكونها مجرد ترديد لأقوال المبلغ, كما دفع ببطلان إذن التفتيش لما شابه من غموض وإبهام وطلب إحالة الدعوى لدائرة أخرى لوجود مانع قانوني لدى الهيئة التي تنظرها لأن رئيس الدائرة التي رأس جلسة محاكمة الطاعن الغيابية هو نفسه الذي كان يرأس الدائرة التي تنظر هذه الدعوى, كما طلب وقف الدعوى وقفا تعليقيا لحين الفصل في الطعن المقدم من المحكوم عليه الآخر في الحكم الصادر بجلسة 28/11/1993 والذي صدر غيابيا ضد الطاعن وحضوريا للمحكوم عليه الآخر وذلك لاستحالة تصور أن يكون هناك رأي لرئيس الدائرة في الدعوى الراهنة يتعارض مع رأيه المسطر بالحكم الأول بيد أن المحكمة لم تعرض لدفوعه ولم تستجب لطلباته وأخيرا فقد دفع الطاعن أيضا ببطلان الحكم الغيابي الصادر ضده لصدوره من محكمة غير مختصة ولائيا إذ صدر من محكمة جنايات في حين أن الاختصاص ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا ولعدم إعلانه بإجراءات المحاكمة مما يجعل الخصومة منعدمة بيد أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفع إيرادا وردا. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الوساطة في طلب وأخذ رشوة التي دان الطاعن بها, وقد حصل الحكم واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول ..... - الذي سبق الحكم عليه - يعمل مهندسا للتنظيم بحي ... محافظة القاهرة ويختص بحكم وظيفته بالمرور على منطقة عمله ومراقبة ما يقام في دائرته من أبنية وما إذا كان مرخصا لصاحب البناء بإقامته من عدمه ومدى مطابقته للمواصفات وشروط الترخيص وخط التنظيم وتحرير محاضر بالمخالفات التي يقوم بضبطها لأصحاب الأبنية المخالفة وعندما شرع ..... في إقامة بناء على قطعة أرض يملكها .... قام المتهم المذكور بالمرور عليه وكلفه بالحضور إليه في مكتب المتهم الثاني "الطاعن" الذي أبلغه بأن المتهم الأول قد حرر له محضر مخالفة للمباني التي يقوم بها وطالبه بمبلغ خمسمائة جنيه للتغاضي عن السير في إجراءات المحضر فضلا عن مبالغ مماثلة نظير كل دور يقوم ببناءه بعد ذلك, كما حضر المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه بدوره وأكد ذلك الطلب, فقام صاحب البناء بإبلاغ رئيس مباحث مرافق شمال القاهرة الذي أجرى تحريات وأسفرت عن صحة البلاغ, فعرض الأمر على السيد المستشار المحامي لنيابة شرق القاهرة الكلية فأذن له وكيل النيابة بتسجيل المحادثات التي تدور بين المبلغ وبين المتهمين وتتعلق بالتوسط وطلب الرشوة وضبطهما حال قبضيهما أو أحدهما لهذا المبلغ فأجرى تسجيل هذه الأحاديث التي أكدت طلب الرشوة والتوسط فيها وتم ضبط المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه حال تلبسه بها "ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من إجراءات الضبط والتفتيش وأقوال الشهود ..... و.... و.... بمحضر التحقيق الابتدائي والتي تعززت بما أجري من تسجيلات صوتية أجريت مع المتهمين وما أوراه خبير الهندسة الإذاعية بشأن هذه التسجيلات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك القانون لم يرسم شكلا أو نمطا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤديا إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال الدعوى المطروحة, ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المبلغ .... وفحوص ما أورده تقرير خبير الأصوات - والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة - في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفوع المتعلقة ببطلان التسجيلات لاستحالة سماع ما سجل منها وعدم أخذ بصمة الطاعن في تاريخ التفريغ في قوله: "..... وكانت تقريرات شهود الإثبات التي تعززت بما من تسجيلات قد حددت دور كل منهم في الواقعة وأن اللقاء قد تم بين المبلغ وبين كل من المتهمين وأن حديثه إلى كل منها قد أصبح دور كل منها على حده بما يضحى معه دفاع المتهم في شأن التشكيك في وجود صلة بين كل من المتهمين أو إنكار المتهم الماثل (الطاعن) صلته بالواقعة مجرد دفاع مرسل تدحضه الأدلة القولية والفنية التي تضافرت على النحو سالف الذكر في إثبات الاتهام في حق كل من المتهمين ودور كل منهما في ارتكاب الواقعة وإثبات أركانها وحقيقة قصد كل من المتهمين منها". لما كان ذلك, وكان الثابت من مدونات الحكم وما رد به على الدفع سالف الذكر أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يبين مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل مادام أنه قد عول على تلك القرينة تأييدا وتعزيزا الأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلا أساسيا على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول هذا فضلا عن أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائبا من أن تورد ذات الأسباب التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانونا أسبابا لحكمها مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة بالأدلة السائغة التي أوردتها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - إلى وقوع إجراءات التسجيل وما تبعها من إجراءات الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كالحال في الدعوى - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم بأقوال الشاهد .... بشأن اصطحابه للمبلغ إلى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الآخر ودار حوار بينهم بشأن طلب الرشوة وسببه برغم أن بلاغ المجني عليه ومحضر التحريات خلوا من هذه الواقعة لا يخرج عن كونه جدلا موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى مفادها أن الطاعن توسط لدى المبلغ ليعطي للمحكوم عليه الآخر مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك للمبلغ من مخالفات وأن ما أثبته الحكم بمدوناته بشأن المقابلة التي تمت بالمصنع بين المبلغ والمحكوم عليه الآخر والتي أنكر خلالها الأخير علاقته بالطاعن وسبق تسلمه مبلغ مائة وخمسين جنيها منه وطلبه أن تكون علاقة المبلغ به مباشرة ووعده بأن يرد له المبلغ الذي تسلمه الطاعن منه لم يكن سوى تسجيل لهذه المقابلة وما دار فيها من حوار, هذا إلى أن ما أورده الحكم بمدوناته من أن كلا من الطاعن والمحكوم عليه الآخر طلب - على - مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة ثم أورد في موضوع آخر منه أن التحريات أكدت صحة طلب المتهمين معا للمبلغ المذكور لذا يعد تناقضا لما هو مقرر من أن التناقض الذي تتهاتر به أسبابه بحيث يمحو بعضها ما يثبته بعضها الآخر ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله: "..... وكانت التحريات التي أجراها الرائد .... وأثبتها بمحضره المؤرخ 7/10/1992 قد تمت بعد البلاغ الذي قام به ..... وأثبته في محضره بتاريخ 3/10/1992 وإثر مرور المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه .... بموقع البناء الذي شرع في إقامته وتحديده مكانا للقاء بمكتب المتهم الثاني الماثل .... المحامي, وإثر إتمام اللقاء بالفعل مع كل من المتهمين ووضوح لغرض من ذلك الاستدعاء واستغرقت تحرياته الفقرة من تلقي البلاغ حتى تاريخ محضره في 7/10/1992 وأسفرت عن البيانات الكاملة عن المبلغ وعمله وبيانات البناء الذي شرع إقامته وبيانات كل من المتهمين وعمل كل منها ومقره والدور الذي يقوم به كل منها وأسفرت التحريات كذلك عن صحة البلاغ وسوء سمعة المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه في عمله وكيفية استغلاله لطبيعة عمله في وتقاضي مبالغ الرشوة وكيفية تهديد المخالفين لقوانين البناء والفئات التي اعتاد طلبها, وكان تقدير جدية هذه التحريات منوط بالنيابة العامة وتخضع في تقدير إياها لرقابة محكمة الموضوع وإذ اطمأنت إليها بحق أصدرت إنها للرائد .... أو من ينوب عنه أو يعاونه من مأموري الضبط المختصين في إجراء تسجيل المحادثات الشفهية بالوسائل الفنية المتاحة والتي تدور في الأماكن الخاصة بدائرة قسم ..... بين المبلغ وأي من المتهمين وتتعلق بهذه الواقعة ومن ثم كان اطمئنانها لتلك التحريات له ما يسانده من الواقع وتطمئن إليه هذه المحكمة بدورها ومن ثم كان نعي الدفاع بشأن جدية التحريات لا أساس له وتلتفت عنه المحكمة: وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة - على ما أفصحت عنه فيما تقدم - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر تسجيل المحادثات والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصدارات أقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا, وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية الغموض والإبهام اللذين شابا إذن التفتيش فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك, وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي علي المتهم في حالة حضوره أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة - كشرط لصحة الإجراءات - بل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة بما مفاده أن القانون لم يرتب البطلان في حالة نظر الدعوى عند إعادة إجراءات المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفت عن طلب إحالة الدعوى لدائرة أخرى - بفرض إثارته أمامها - ومن ثم إن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان الثابت من الأوراق أنها حوت دعوى جنائية واحدة فصل فيها بحكم جنائي حضوريا للمحكوم الآخر وغيابيا للطاعن الذي أعيدت إجراءات محاكمته الراهنة ومن ثم فإنه يفرض أن المحكوم عليه الآخر طعن بالنقض في الحكم الصادر ضده بالإدانة فإن ذلك لا يقيد محكمة الموضوع التي تنظر دعوى الطاعن ومن ثم فإن الدفع الذي أبداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى تعليقا يكون دفعا ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيرادا له وردا عليه ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن إعادة المحاكمة الجنائية طبقا لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة، ولمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها. وإذ كان ذلك, وكانت إجراءات محاكمة الطاعن أمام محكمة الإعادة قد تمت صحيحة - وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - بمحاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا فإنه غير مجد ما يتمسك به من بطلان الحكم الغيابي لصدوره من محكمة غير مختصة ولائيا ولعدم إعلانه في المحاكمة الغيابية - بفرض صحة ذلك - ولا يقبل إثارة ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعا قانونيا ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ما تقدم,  فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 19031 لسنة 65 ق جلسة 4 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 150 ص 1009

  برئاسة السيد المستشار / صلاح البرجى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمود عبد البارى ومحمد حسين مصطفى ونير عثمان ورجب فراج نواب رئيس المحكمة .
------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الاجراءات الجنائية وان اوجبت على الحكم ان يبين نص القانون الذى حكم بمقتضاه ، الا ان القانون لم يرسم شكلا يصوغ فيه الحكم هذا البيان . ولما كان الثابت ان الحكم المطعون فيه بعد ان بين فى ديباجته وصف الجريمة المسندة الى الطاعن ، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التى وقعت فيها ومؤدى ادلة الثبوت ثم اشار الى النص الذى اخذه به بقوله - الامر المعاقب عليه بالمادة 314 فقرة 1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين ادانته عملا بالمادة 304 فقرة 2 من قانون الاجراءات الجنائية . فان ما اورده الحكم يكفى فى بيان نص القانون الذى حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون .

2 - ان الاكراه فى السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الاشخاص بتعطيل قوة المقاومة او اعدامها عندهم تسهيلا للسرقة ولا يشترط لتحقيق الظرف المشدد المنصوص عليه فى المادة 314 من قانون العقوبات ان يكون الاعتداء سابقا او مقارنا لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشئ المختلس واثبات الارتباط بين السرقة والاكراه هو من الموضوع الذى يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه .

3 - ان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على اقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه الى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن اليه وهى متى اخذت بشهادتهم فان ذلك يفيد انها اطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها . فان ما يثيره الطاعن شأن القوة التدليلية لاقوال الشاهدين ....و..... لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا فى تقدير ادلة الدعوى مما لا يجوز اثارته امام محكمة النقض .

4 - ان الاصل ان الخطأ فى الاسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الادلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة ،واذ كان الحكم لم يعول فى ادانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فانه - وعلى فرض ان الحكم قد اورد ان البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالاوراق فان النعى على الحكم فى هذا الخصوص يكون غير سديد .

5 - لما كان من المقرر ان المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا اذ الرد يستفاد دلالة من ادلة الثبوت التى يوردها الحكم وفى عدم ايرادها لهذا الدفاع ما يدل على انها اطرحته اطمئنانا منها للادلة التى عولت عليها فى الادانة . ومن ثم فانه لا يعيب الحكم المطعون فيه اعتراضه عن ايراد دفاع الطاعن القائم على ان البلاغ الاول واقوال ابن المجنى عليه لم يتضمنا اتهاما له ، وكذا ما اثاره من ان معاينة الشرطة اثبتت ان جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة فى حين قرر ابن المجنى عليه ان السرقة انصبت على الصوان فقط ، مما يكون معه هذا الوجه من النعى غير سديد .

6 - لما كان الثابت من الاوراق ان المدعى بالحقوق المدنية اسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعلى الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التى دين بها فان منازعة الطاعن فى شأن انتفاء الضرر الذى قضى به الحكم المطعون فيه استنادا الى ان المجنى عليه قد تسلم النقود التى ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما ان هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالاكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة اركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية .
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق المبلغ النقدى المبين القدر بالتحقيقات المملوك لـ ..... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على .... بأن اقتحم عليه مسكنه وكمم فاه وهدده بالقتل فشل بذلك مقاومته وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من الإستيلاء على النقود الموجودة بالمسكن وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وأدعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا ...... عملا بالمادة 314/1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وإلزامه أن يؤدى إلى المدعى بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت .
فطعنت ..... المحامية نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
-------------
المحكمة
حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بإكراه قد شابه البطلان والقصور في التسبب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد, ذلك بأنه لم يورد النص العقابي الذي أدان الطاعن بمقتضاه, وأغفل بيان الارتباط بين الاعتداء وفعل السرقة, وعول في الإدانة على أقوال ..... و..... رغم أن أقوالهم لا تثبت ارتكاب الطاعن للجريمة, كما أورد أن المدافع عن الطاعن ذكر أنه لم ترفع بصمات من مكان الحادث على خلاف دفاعه بأنه تم رفع البصمات, ولم يعن بالرد على دفاع الطاعن بأن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة مبعثرة في حين قرر ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط وأن البلاغ الأول وأقوال المذكور لم يتضمنا اتهاما للطاعن, فضلا عن أن الحكم ألزم الطاعن بالتعويض رغم أن المجني عليه تسلم النقود التي ضبطت, كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما جاء بمعاينة الشرطة وهي أدلة سائغة لها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك, وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه, إلا أن القانون لم يرسم شكلا يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن, حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله ..... الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين إدانته عملا بالمادة 304/2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلا للسرقة وكان لا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء سابقا أو مقارنا لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به كافة أركان جناية السرقة بالإكراه كما هي معرفة به في القانون وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب مادام قد استخلصه مما ينتجه - كما هو الشأن في الطعن الماثل - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله النزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه, وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن في شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين .... ولا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وإذ كان الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فإنه - وعلى فرض أن الحكم قد أورد أن البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالأوراق - يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالا إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئنانا منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إعراضه عن إيراد دفاع الطاعن القائم على أن البلاغ الأول وأقوال ابن المجني عليه لم يتضمنا اتهاما له, وكذا ما أثاره من أن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة في حين قرر ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط, مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد، لما كان ذلك, وكان الثابت من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التي دين بها. فإن منازعة الطاعن في شأن انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم المطعون فيه استنادا إلى أن المجني عليه قد تسلم النقود التي ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالإكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية. لما كان ما تقدم, فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 13560 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 151 ص 1016

   برئاسة السيد المستشار / مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / محمد على عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعى وعادل الشوربجى نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف .
---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من اكتوبر سنة 1994 ، وكانت المادة 34 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وايداع الاسباب التى بنى عليها فى ظرف ستين يوما من تاريخ الحكم الحضورى ،وكان هذا الميعاد ينقضى بالنسبة للحكم المطعون فيه فى 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد انه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية ،ومن ثم فان ميعاد الطعن يمتد الى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994 ،واذ اودعت مذكرة اسباب الطعن ... فى ذلك اليوم فانها تكون قد اودعت فى الميعاد المقرر قانونا .

2 - لما كان المحكوم عليهم من الثانية الى السابع وان قدموا اسبابا فى الميعاد الا انهم لم يقروا بالطعن فى قلم كتاب المحكمة التى اصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من قانون حالات واجراءات الطعن امام محكمة النقض ، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذى يترتب عليه دخول الطعن فى حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على اعلان ذى الشأن عن رغبته فيه ، فان عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغنى عنه اى اجراء اخر . ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلا .

3 - ان ما يثيره الطاعن نعيا على الحكم من اغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ فى الحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التى يعمل بها وقصوره فى التدليل عليها وعدم ذكره النص القانونى الذى يعاقب عليها لا يجديه نفعا ما دامت المحكمة قد طبقت حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الاشد وهى المقررة لجريمة التزوير التى اثبتها الحكم فى حقه .

4 - لا صحة لما يقول به الطاعن ان عقوبة العزل التى اوقعها الحكم هى اثر لادانته بجريمة التسبب خطأ فى الاضرار بأموال جهة عمله لان عقوبة العزل فى خصوص هذه الدعوى هى عقوبة تبعية وجوبية للحكم عليه بعقوبة جناية التزوير فى محرر رسمى طبقا للمادة 25 من قانون العقوبات

5 - لما كان الطاعن لايدعى ان الاوراق المزورة كانت فى حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى امام المحكمة فلا يقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها او انها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الاصل فى الاجراءات انها روعيت .
---------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين : أولا :ـ المتهم الأول : (أ) بصفته موظفا عموميا أمين سر جلسة الجنح والمخالفات بنيابة ... ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويرا فى القضايا .... ،.... ،......،...... لسنة 1989 ، .... لسنة 1992 بأن اصطنع على غير الحقيقة أحكاما تمهيدية نسب صدورها إلى القاضى تفيد إحالة تلك القضايا إلي مكتب الخبراء بوزارة العدل رغم صدور أحكاما فيها بإدانة المتهمين وبأن اثبت على خلاف الحقيقة ايضا فى جدول قيد قضايا الجنح ويومية الجلسة حكمين فى الجنحتين رقمى ......، ..... جنح ..... ببراءة المتهمين رغم عدم الفصل فيهما مع علمه بذلك . (ب) بصفته سالفة البيان تسبب بخطئه فى إلحاق ضرر جسيم بمصالح الجهة التى يعمل بها ، وكان ذلك ناشئا عن إهماله في أداء وظيفته بأن تسبب فى فقدان أوراق القضايا أرقام .... لسنة 1986 ، ..... ، .... لسنة 1987 ، .... لسنة 1990 ......، ..... لسنة 1991، لسنة ..... 1992 وذلك على النحو المبين بالتحقيقات  : ثانيا :- المتهمون من الثاني إلى السابع : اشتركوا بطريق الإتفاق والتحريض مع المتهم الأول في تزوير الأحكام موضوع التهمة الأولى بأن قاموا بتحريضه والإتفاق معه على ارتكابها ووقعت الجريمة بناء على هذا الإتفاق وذلك التحريض وأحالتهم إلي محكمة جنايات بنى سويف لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملاً بالمواد 40/1 - 2 ، 41/1 ، 212 ، 213 عقوبات مع تطبيق المادتين 17 ، 32 عقوبات . أولا : بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته . ثانيا : بمعاقبة باقى المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذها فطعن المحكوم عليه الأول فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
-------------
المحكمة
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1994, وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوما من تاريخ الحكم الحضوري, وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد أنه لما كان ذلك اليوم جمعة وهو عطلة رسمية, ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994, إذ أودعت مذكرة أسباب الطعن الماثل في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانونا. 
وحيث إن المحكوم عليهم من الثانية إلى السابع وإن قدموا أسبابا في الميعاد إلا أنهم لم يقرروا بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقا للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالفة الذكر, ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه, فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر, ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلا.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محرر رسمي والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والبطلان والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم في بيانه لواقعة الدعوى لم يذكر شيئا عن الجريمة الثانية ولم يورد الأدلة على ثبوتها في حقه والنص القانوني الذي يعاقب عليها خاصة وإن الحكم قد أنزل به عقوبة العزل كأثر مترتب على ثبوت هذه الجريمة فضلا عن أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة, كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي التي دين  الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعن في أن لها أصلا ثابتا في الأوراق, وكان ما يثيره الطاعن نعيا على الحكم من إغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وقصوره في التدليل عليها وعدم ذكره النص القانوني الذي يعاقب عليها لا يجديه نفعا مادامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة التزوير التي أثبتها الحكم في حقه. ولا صحة لما يقول به الطاعن أن عقوبة العزل التي أوقعها الحكم هي أثر لإدانته بجريمة التسبب خطأ في الإضرار بأموال جهة عمله لأن عقوبة العزل في خصوص هذه الدعوى هي عقوبة تبعية وجوبيه للحكم عليه بعقوبة جناية طبقا للمادة 25 من قانون العقوبات. لما كان ذلك, وكان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة. فلا يقبل منه الادعاء بعدم إطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. لما كان ذلك, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 13610 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 152 ص 1022

  برئاسة السيد المستشار / عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسام عبد الرحيم وسمير انيس وفتحى الصباغ وعبد المنعم منصور ونواب رئيس المحكمة .
-----------
1 - لما كان البين من الاطلاع على الاوراق ان محكمة الموضوع - تحقيقا لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على اورقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه ، وقبل ان يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت فى موضوع الدعوى دون ان تشير الى تقرير الخبير الذى اودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى اليه من نتائج ، فان ذلك مما ينبئ بان المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن انها فطنت ووازنت بينها . ولا يحمل قضاؤها على انه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالاسباب التى اقام عليها قضاءه ، ذلك بأنه من المقرر انه اذا كانت المحكمة قد رات ان الفصل فى الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها ان تعمل على تحقيق هذا الدليل او تضمن حكمها الاسباب التى دعتها الى ان تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها الى هذا التحقيق ، اما وهى لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد ان قدرت جديته - ولم تسقطه حقه بلوغا الى غاية الامر فيه ، وهو دفاع يعد فى خصوص هذه الدعوى جوهريا و مؤثرا فى مصيرها ولم تكشف عنه ايرادا له وردا عليه فان ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه .

2 - ان القانون قد فرض العقاب فى المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزا له - الى التصرف فيه على اعتبار انه مملوك له ، هو معنى مركب من فعل مادى - هو التصرف فى المال - ومن عامل معنوى هو نية اضاعة المال على ربه .

3 - ان مجرد وجود عجز فى حساب الموظف العمومى لا يمكن ان يكون بذاته دليلا على حصول الاختلاس لجواز ان يكون ذلك ناشئا عن خطأ فى العمليات الحسابية او لسبب اخر ،وان الاحكام فى المواد الجنائية يجب ان تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين .

4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز فى حسابه دون ان يستظهر ان نيته انصرفت الى اضافة المال المختلس الى  ذمته مع ان الطاعن تمسك فى دفاعه امام محكمة الموضوع بأن العجز فى حسابه انما يرجع الى عدم انتظام العمل وقيام اخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الاجهزة وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - فى خصوصية هذه الدعوى لتعلقة بأحد اركان الجريمة التى دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت ان يتغير به وجه الراى فى الدعوى ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد ألتفت عن هذا الدفاع ولم يسقطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغا الى غاية الامر فيه - فانه يكون مشوبا بالقصور فى التسبيب فضلا عن الاخلال بحق الدفاع .

5 - من المقرر انه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن نية الاختلاس الا ان شرط ذلك ان تكون الواقعة الجنائية التى اثبتها الحكم تفيد بذاتها ان المتهم قصد بفعلته اضافة ما اختلسه الى ملكه .
-----------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه بصفته موظفا عاما مندوب تحصيل بوحدة الأشعة المقطعية بمستشفيات جامعة ..... أختلس المبالغ النقدية البالغ قدرها 140618.010 فقط مائة واربعون ألف وستمائة وثمانية عشر جنيها وعشرة مليمات والمملوكة للجهة سالفة الذكر والتى وجدت فى حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبى التحصيل وسلمت إليه بهذه الصفة وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 112/1 - 2/أ ، 118 ، 118 مكررا ، 119/أ ، 119 مكررا/أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 140618.010 وإلزامه برد المبلغ المختلس وقدره 140618.010 وبعزله من وظيفته .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
-------------
المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة في سبيل تحقيق دفاع الطاعن - كانت قد ندبت مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبنية بأسباب حكمها إلا أن المحكمة فصلت في الدعوى قبل أن يقدم الخبير تقريره ودون أن تشير إلى التقرير الذي أودع ملف الدعوى هذا فضلا عن أنه تمسك في مرافعته بأن العجز في عهدته مرجعه إلى عدم انتظام العمل واشتراك آخرين معه في التحصيل ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي ساقه, فإن المحكمة لم تعن بإيراده أو الرد عليه مكتفية في إدانته بمجرد ثبوت العجز في حسابه دون أن تستظهر انصراف نيته إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الموضوع - تحقيقا لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للإطلاع على أوراقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه, وقبل أن يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تشير إلى تقرير الخبير الذي أودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتائج فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت لها ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي أقام عليها قضاءه, ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق, أما وهي لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغا إلى غاية الأمر فيه, وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهريا ومؤثرا في مصيرها ولم تكشف عنه إيرادا له وردا عليه فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه, هذا فضلا عن أنه لما كان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزا له - إلى التصرف  فيه على اعتبار أنه مملوك له, وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي هو نية إضاعة المال على ربه, وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلا على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئا عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر, وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز في حسابه دون أن يستظهر أن نيته انصرفت إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة وعى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى, ولما كانت الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغا إلى غاية الأمر فيه - فإنه يكون مشوبا بالقصور في التسبيب فضلا عن الإخلال بحق الدفاع ولا ينال من ذلك, ما هو مقرر من أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه الأمر الذي خلت منه مدونات الحكم - لما كان ما تقدم, فإن الحكم المطعون فيه يكون معيبا بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.

الطعن 16414 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 153 ص 1028

  برئاسة السيد المستشار / طلعت الاكيابى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن عشيش واحمد جمال الدين وبدر الدين السيد وحسن ابو المعالى نواب رئيس المحكمة .
-------------
1 - من المقرر انه وان كان القانون قد اوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبدية المتهم من اوجه دفاع وتحقيقها الا انه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها او كان الامر المطلوب تحقيقه غير منتج فى الدعوى فلها ان تعرض عن ذلك مع بيان العلة .

2 - لما كان ما يثيره الطاعن بوجه النعى من ان النيابة العامة قد قعدت عن ضم الدفتر "6مياه" مردودا بأن الطاعن وان اثار هذا الدفاع امام محكمة الموضوع الا انه لم الدفتر "6مياه" مردودا بأن الطاعن وان اثار هذا الدفاع امام محكمة الموضوع الا انه لم يطلب منها تدارك هذا النقص ، ومن ثم فلا محل له ان يثير شيئا عن ذلك لاول مرة امام محكمة ، اذ هو لا يعدو ان يكون تعييبا للاجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح ان يكون سببا للطعن فى الحكم - ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدا .

3 - ان وزن اقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على اقوالهم مهما وجه اليها من مطاعن وحام حولها من شبهات ، مرجعه الى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن اليه دون رقابة عليها من محكمة النقض ، كما ان خصومة شهود الاثبات للمتهم - بفرض ثبوتها - لا يمنع من الاخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها ، فان ما يثيره الطاعن من وجود خصومة سابقة مع شهود الواقعة لا يعدو ان يكون جدلا موضوعيا فى تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة النقض ولا مجادلتها فيه .

4 - ان صفه مأمور التحصيل انما تتحقق متى كان تسليم المال للموظف بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون او قرار او لائحة او مرسوم او تعيين او تكليف كتابى او شفوى ، بل يكفى عند توزيع الاعمال فى المصلحة الحكومية ان يقوم الموظف بعمليه التحصيل وفى قيامه بذلك وتسلمه دفاتر التحصيل ما يكسبه هذه الصفة ما دام انه لم يدع بأنه اقحم نفسه على العمل وانه قام به متطفلا او متفضلا او فضوليا سواء بتعاون من رؤسائه او زملائه او باعفاء منهم - ولما كان تسليم المبالغ المختلسة على الصورة التى اوردها الحكم استظهرها من ادلة الدعوى - وبما لا ينازع الطاعن فى صحة ما نقله الحكم عن هذه الادلة وهو ما يتلازم معه ان يكون الطاعن امينا عليها ما دام انه قد اؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فاذا اختلسها عد مختلسا لاموال عامة ، ومن ثم فان منازعة الطاعن حول حقيقة صفتة كمندوب تحصيل فى الجهة التى جرت فيها واقعة الاختلاس لا يجديه ما دام الحكم قد اثبت فى حقه - اخذا بأدلة الثبوت التى اوردها وعول عليها فى قضائه - انه باسناد عملية تحصيل قيمة استهلاك المياه من المشتركين بالمجلس اليه خلال الفترة من 1/3/1989 الى 19/3/1992 وبما لا يمارى الطاعن فى صحة ما نقله الحكم - مما يوفر فى حقه صفته كمندوب تحصيل ، ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد يكون غير سديد .

5 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه انه لم يتساند فى قضائه بالادانة الى تقرير لجنه الجرد وانما عول على اقوال شهود الاثبات واقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت فى تقريرى مكتب خبراء وزارة العدل ، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن يكون فى غير محله .

6 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان تحقيق النيابة العامة فى قوله وفيما يتعلق ببطلان تحقيق النيابة العامة فمردود بان البين منها تواجد محامى المتهم معه عند بدء التحقيق وانه هو الذى طلب من النيابة العامة الاذن له بمغادرة الغرفة لامر هام فأذنت له لما كان ذلك وكان من المقرر ان مفاد نص المادة 124 من قانون الاجراءات الجنائية ان المشرع استن ضمانة لكل متهم بجناية هى وجوب دعوة محاميه ان وجد لحضور الاستجواب او المواجهة - وكان الطاعن لا يمارى فى ان ما اورده الحكم من ان محاميه حضر معه بداية التحقيق واستأذن النيابة العامة فى مغادر غرفة التحقيق له اصله الثابت بالاوراق ،وفضلا عن ذلك فان الطاعن لا يزعم ان اسم محاميه قد اعلن بالطريق الذى رسمته المادة 124 سالف الذكر - سواء بتقرير فى قلم كتاب المحكمة او الى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها - ومن ثم فان ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون سديدا .

7 - من المقرر انه يتعين لقبول وجه الطعن ان يكون واضحا محددا وكان الطاعن لم يبين ماهية اوجه الدفاع التى اوردها بمذكرته والتى استبعدتها المحكمة ولم تحصل دفاعه فيها حتى يتضح مدى اهميتها فى الدعوى المطروحة ، فان ما يثيره الطاعن فى هذا الشأن لا يكون مقبولا .
-------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عموميا "مندوب تحصيل .... بمجلس مدينة .... اختلس مبلغ خمسة عشر ألفا وثمانمائة وثلاثة وسبعين جنيها والمملوك للجهة سالفة الذكر والذى وجد فى حيازته بسبب وظيفته بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبى التحصيل وسلم إليه المال بهذه الصفة وقد ارتبطت هذه الجناية بجنايتين أخرتين هما أنه فى الزمان والمكان سالفى البيان . أولا : بصفته سالفة الذكر ارتكب تزويرا في محررات رسمية هى قسائم توريد المبالغ المحصلة من مستهلكى المياه بـ ..... بجعله واقعة مزورة فى صورة واقعة صحيحة حال تحريريها المختص بوظيفته بأنه أثبت بها مبالغ تقل عن تلك التى حصلها . ثانيا : استعمل تلك المحررات بأن قدمها إلى قسم الحسابات بمجلس مدنية .... مع علمه بتزويرها . وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالعريش لمحاكمته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكوة قضت حضوريا عملا بالمواد 112/1 - 2/أ - ب ، 118 ، 119/أ ، 119 مكررا/أ ، 211 ، 214 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبعزله من الوظيفة وبتغريمه مبلغ خمسة عشر ألف وثمانمائة وثلاثة وسبعين جنيها وبإلزامه برد مثل هذا المبلغ .
فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض فى ..... إلخ .
----------
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة اختلاس أموال أميرية والتي ارتبطت بجريمتي تزوير في محررات رسمية واستعمالها ارتباطا لا يقبل التجزئة قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على إخلال بحق الدفاع, ذلك بأن دفاعه قام فيما قام عليه على قعود النيابة العامة عن ضم دفتر "6 مياه" لإثبات عدم تحريره بياناته إلا أن النيابة العامة قدمت الدعوى إلى المحاكمة دون ضم ذلك الدفتر, كما أن المحكمة لم تجبه إلى ذلك الطلب رغم جوهريته كما أن المدافع عنه دفع بتلفيق الاتهام وعدم تحريره الإيصال رقم 15 بخط يده وكذا الإيصال رقم 6 لغيابه عن العمل في يوم تحريره بسبب أدائه امتحان ليسانس الحقوق في ذلك اليوم, وأنه توجد خصومة بينه وبين شهود الواقعة, ودلل على ذلك بتقديم مستندات تؤيد دفاعه, وبالرغم من ذلك عول الحكم على أقوالهم, كما دفع بانتفاء صفة مندوب تحصيل عنه إلا أن الحكم أثبت وجود تلك الصفة, وأطرح الحكم الدفع ببطلان تشكيل اللجنة التي أمرت المحكمة بتشكيلها لمخالفة ذلك لتعليمات النيابة العامة بما لا يسوغ اطراحه, وعول على أقوال تلك اللجنة رغم بطلان عملها, هذا إلى أنه دفع ببطلان تحقيقات النيابة العامة لعدم مراعاة ما أوجبه القانون من دعوة محامي الطاعن عند التحقيق معه وعند استدعائه لاستجوابه, وأخيرا فإن المحكمة التفتت عن أوجه دفاع الطاعن المقدمة بمذكرته ولم تعرض لدفاعه فيها. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها, وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكشف عن إلمامه بتلك الأدلة. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بشأن الدفتر 6 وأطرحه في قوله "وبالنسبة للتشكيك في بيانات الدفتر 6 مياه فمردود بأنه غير منتج لأن العبث كما تم بين بيانات أصل قسيمة السداد وصورتها الزرقاء بدفتر 433 - ح المسلم عهدة شخصيا للمتهم والذي لا يماري في أنه مدون بياناتهما فإن العبث والتغيير كان أساسا بين تلك القسيمة الأصل والصورة الزرقاء وبين صورتها الحمراء المسلمة للمشترك والتي لم ينفي المتهم قيامه بتحرير بياناتها .. " لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه وإن كان القانون قد أوجب على محكمة الموضوع سماع ما يبديه المتهم من أوجه دفاع وتحقيقها إلا أنه متى كانت الواقعة قد وضحت لديها كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى فلها أن تعرض عن ذلك مع بيان العلة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة, وكان ما يثيره الطاعن بوجه النعي من أن النيابة العامة قد قعدت عن ضم الدفتر سالف الذكر مردودا بأن الطاعن وإن أثار هذا الدفاع أمام محكمة الموضوع إلا أنه لم يطلب منها تدارك هذا النقص, ومن ثم فلا يحل له أن يثير شيئا عن ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض, إذ هو لا يعدو أن يكون تعييبا للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سببا للطعن في الحكم - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات, مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابه عليها من محكمة النقض, كما أن خصومة شهود الإثبات للمتهم - بفرض ثبوتها - لا تمنع من الأخذ بشهادتهم متى اقتنعت المحكمة بصدقها, فإن ما يثيره الطاعن من وجود خصومة سابقة مع شهود الواقعة لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة النقض ولا تجوز مجادلتها فيه ..... لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتوافر صفة مندوب التحصيل في تحصيل إيرادات المياه بمجلس مدينة ... ودل على توافرها في قوله "وحيث إنه عن إسناد أعمال مندوب تحصيل إيرادات المياه بمجلس مدينة ....... إلى المتهم فثابت من إقراره بتحقيقات النيابة العامة وما جاء بأقوال شهود الإثبات الثلاثة الأوائل وما انتهى إليه تقريرا مكتب خبراء وزارة العدل, لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه تتحقق صفة مأمور التحصيل متى كان تسليم المال للموظف بمقتضى الوظيفة لتوريده لحساب الحكومة سواء كان تكليفه بهذا التحصيل بمقتضى قانون أو قرار أو لائحة أو مرسوم أو تعيين أو تكليف كتابي أو شفوي, بل يكفي عند توزيع الأعمال في المصلحة الحكومية أن يقوم الموظف بعملية التحصيل وفي قيامه بذلك وتسلمه دفاتر التحصيل ما يكسبه هذه الصفة مادام أنه لم يدع بأنه أقحم نفسه على العمل وأنه قام به متطفلا أو متفضلا أو فضوليا سواء بتعاون من رؤسائه أو زملائه أو بإعفاء منهم - ولما كان تسليم المبالغ المختلسة على الصورة التي أوردها الحكم واستظهرها من أدلة الدعوى - وبما لا ينازع الطاعن في صحة ما نقله الحكم عن هذه الأدلة وهو ما يتلازم معه أن يكون الطاعن أمينا عليها مادام أنه أؤتمن بسبب وظيفته على حفظها فإذا اختلسها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - عد مختلسا لأموال عامة, ومن ثم فإن منازعة الطاعن حول حقيقة صفته كمندوب تحصيل في الجهة التي جرت فيها واقعة الاختلاس لا يجديه مادام الحكم قد أثبت في حقه - أخذا بأدلة الثبوت التي أوردها وعول عليها في قضائه - أنه حصل المبالغ المختلسة إثر صدور قرار من مدير الشئون المالية بمجلس بمدينة ...... بإسناد عملية تحصيل قيمة استهلاك المياه من المشتركين بالمجلس إليه خلال الفترة من 1/3/1989 إلى 19/3/1992 - وبما لا يماري الطاعن في صحة ما نقله الحكم - مما يوفر في حقه صفته كمندوب تحصيل, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه لم يتساند في قضائه بالإدانة إلى تقرير لجنة الجرد وإنما عول على أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقريري مكتب خبراء وزارة العدل, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن ببطلان تحقيق النيابة العامة في قوله "...... وفيما يتعلق ببطلان تحقيق النيابة العامة فمردود بأن البين منها تواجد محامي المتهم معه عند بدء التحقيق وإنه هو الذي طلب من النيابة العامة الإذن له بمغادرة الغرفة لأمر هام فأذنت له" - لما كان ذلك, وكان من المقرر أن مفاد نص المادة 124 من قانون الإجراءات الجنائية أن المشرع استن ضمانة لكل متهم بجناية هي وجوب دعوة محاميه إن وجد لحضور الاستجواب أو المواجهة - وكان الطاعن لا يماري في أن ما أورده الحكم من إن محاميه حضر معه بداية التحقيق واستأذن النيابة العامة في مغادرة غرفة التحقيق له أصله الثابت بالأوراق, وفضلا عن ذلك فإن الطاعن لا يزعم أن اسم محاميه قد أعلن بالطريق الذي رسمته المادة 124 سالفة الذكر - سواء بتقرير في قلم كتاب المحكمة أو إلى مأمور السجن - وهو مناط الاستفادة من حكمها - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديدا. لما كان ذلك, وكان من المقرر أنه يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحا محددا وكان الطاعن لم يبين ماهية أوجه الدفاع التي أوردها بمذكرته والتي استبعدتها المحكمة ولم تحصل دفاعه فيها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولا. 
لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

الطعن 5098 لسنة 65 ق جلسة 7 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 154 ص 1037

 برئاسة السيد المستشار / الصاوى يوسف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وامين عبد العليم ورشاد قذافى نواب رئيس المحكمة وفؤاد نبوى .
--------------
1 - لما كانت المحكمة سبق ان قررت بتاريخ 28/11/1995 عدم قبول الطعن استنادا الى أن الاستاذ ...... المحامى الموقع على مذكرة اسبابه ليس من المقبولين امام محكمة النقض ، ثم ثبت فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/3/1996 ان المحامى المذكور من المحامين المقبولين امام محكمة النقض فى تاريخ سابق على ايداع اسباب الطعن فانه يتعين الرجوع عن القرار السابق اصداره والنظر فى الطعن من جديد .

2 - لما كان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى اثناء نظرها لتقديم اصل الشيك ، انها قدرت اهمية هذا الاجراء فى تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها ، بيد انها عادت واصدرت حكمها فى الدعوى دون تحقيق هذا الاجراء ودون ان تورد فى حكمها ما يبرر عدولها عنه ، واذا كان من المسلم به ان المحكمة متى رات ان الفصل فى الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فان عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكنا فان هى استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها ان تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما اغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق اخلاله بحق الدفاع - مشوبا بالقصور المبطل.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه أعطى بسوء نية للمجنى عليه شيكا لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلبت عقابه بالمادتين 336 ، 337  من قانون العقوبات ومحكمة جنح ... قضت غيابيا عملا بمادتى الإتهام بحبس المتهم شهرا مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ عارض وقضى فى معارضته بأعتبارها كأن لم تكن . استأنف ومحكمة بنها الإبتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف . عارض وقضى فى معارضته بقبولها شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه . فطعنت الأستاذة/ .... عن الأستاذ/ ..... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض حيث نظرت المحكمة الطعن "منعقدة في هيئة غرفة مشورة" ثم أجلته لجلسة 28 من نوفمبر سنة 1995 وفيها قررت المحكمة عدم قبول الطعن فتقدم المحكوم عليه بطلب للرجوع عن القرار الصادر بتلك الجلسة الأخيرة وتأشر عليه من السيد المستشار رئيس الدائرة بتحديد جلسة اليوم  لنظر الطعن وفيها قررت الغرفة أولا : الرجوع عن القرار الصادر بجلسة 28/11/1995 والنظر فى الطعن من جديد بجلسة اليوم . ثانيا : إحالة الطعن لنظره بجلسة اليوم .
------------
المحكمة
من حيث إن المحكمة سبق أن قررت بتاريخ 28/11/1995 عدم قبول الطعن استنادا إلى أن الأستاذ/ ........ المحامي الموقع على مذكرة أسبابه ليس من المقبولين أمام محكمة النقض - ثم ثبت فيما بعد من كتاب نقابة المحامين المؤرخ 23/3/1996 أن المحامي المذكور من المحامين المقبولين أمام محكمة النقض في تاريخ سابق على إيداع أسباب الطعن فإنه يتعين الرجوع عن القرار السابق إصداره والنظر في الطعن من جديد.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في البيان - ذلك بأن المحكمة الاستئنافية بعد أن قررت تأجيل نظر الدعوى لتقديم أصل الشيك إجابة لطلب الطاعن الذي أنكر توقيعه عليه عادت وعدلت عن هذا القرار بغير مبرر وفصلت في الدعوى دون تحقيق هذا الدفاع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث أنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة نظر المعارضة الاستئنافية بتاريخ 9/10/1998 أن الطاعن جحد الصورة الضوئية للشيك موضوع الدعوى وطلب إلزام المجني عليه بتقديم أصل ذلك الشيك, وقد استجابت المحكمة لهذا المطلب وأجلت الدعوى لجلسة 1/1/1989 وبهذه الجلسة الأخيرة قضت بإدانة الطاعن. لما كان ذلك, وكان مفاد تأجيل المحكمة للدعوى أثناء نظرها لتقديم أصل الشيك - أنها قدرت أهمية هذا الإجراء في تحقيق عناصر الدعوى قبل الفصل فيها, بيد أنها عادت وأصدرت حكمها في الدعوى دون تحقيق هذا الإجراء ودون أن تورد في حكمها ما يبرر عدولها عنه, وإذ كان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكنا فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما أغفله الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون - فوق إخلاله بحق الدفاع - مشوبا بالقصور المبطل مما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.