جلسة 22 من نوفمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قوره نائب رئيس المحكمة وعضوية
السادة المستشارين/ حسن عميرة ومحمد زايد ومحمد حسام الدين الغرياني نواب رئيس المحكمة وأحمد
عبد الرحمن.
-----------------
(188)
الطعن
رقم 8492 لسنة 59 القضائية
(1)إثبات "قوة الأمر المقضي". قوة الأمر المقضي. حكم
"حجيته" أمر بألا وجه. إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة
عامة. بلاغ كاذب.
قوة الأمر المقضي أمام
المحاكم الجنائية أو المدنية. لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة متى
توافرت شرائطها القانونية.
الأمر الصادر من النيابة
العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق في الجريمة المبلغ
عنها. لا حجية له أمام المحكمة الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة.
أساس ذلك ؟
(2)بلاغ كاذب. جريمة
"أركانها". حكم "بيانات التسبيب".
ثبوت كذب الواقعة المبلغ
عنها. ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب.
ما يلزم أثباته في الحكم
الصادر بالإدانة في جريمة البلاغ الكاذب؟
مثال لحكم بالبراءة من
محكمة النقض في جريمة البلاغ الكاذب.
--------------
1 - من المقرر بنص المادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية
أن قوة الأمر المقضي سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا
للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة متى توافرت شرائطها القانونية وأنه ليس للأمر
الصادر من النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق
في الجريمة المبلغ عنها حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه
الجريمة.
2 - من المقرر أن ثبوت كذب الواقعة المبلغ عنها ركن من أركان جريمة
البلاغ الكاذب بحيث يجب للحكم بالإدانة أن يثبت كذب البلاغ، وكانت المحكمة لا
تساير الحكم المستأنف فيما ذهب إليه من ثبوت الاتهام في حق المستأنف، ذلك بأن
الأوراق وان خلت من دليل يؤكد صحة ما أبلغ به في حق المدعى بالحقوق المدنية سوى
أقواله التي وردت بمحضر جمع الاستدلالات والتي تحتمل الصدق كما تحتمل الكذب، إلا
أن الأوراق خلت كذلك مما ينفى على وجه اليقين حدوث الوقائع المبلغ عنها، ولا تطمئن
المحكمة إلى ما قرره المدعى بالحقوق المدنية - في مقام الدفاع عن نفسه - في محضر
جمع الاستدلالات ولا ترى في تكرر الإبلاغ من المستأنف ضد الأخير وذويه ما يقطع
بكذب ما أبلغ به في الواقعة المطروحة ومن ثم يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف
والقضاء ببراءة المستأنف مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية مع الزام رافعها
مصروفاتها ومقابل أتعاب المحاماة عملا بالمواد 304/ 1 و 309 و 320 من قانون الإجراءات
الجنائية.
الوقائع
أقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة
جنح مصر الجديدة ضد الطاعن بوصف أنه: - أبلغ كذبا ضده بأنه ارتكب ضده جناية السرقة
بالإكراه على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابه بالمواد 302، 303، 305 من قانون
العقوبات والزامه بأن يدفع له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل
وكفالة عشرين جنيها لوقف التنفيذ والزامه بأن يؤدى للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ
مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية
- بهيئة استئنافية - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم
المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض (قيد بجدول محكمة النقض برقم....... لسنة 54 القضائية). وهذه
المحكمة قضت بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى
محمة شمال القاهرة الابتدائية للحكم فيها مجدداً مشكلة من قضاة آخرين. ومحكمة الإعادة
- بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل
الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائة جنيه والتأييد فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا
الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة..... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلا
وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة........ لنظر الموضوع وعلى
النيابة إعلان المتهم والمدعى بالحقوق المدنية.
المحكمة
من حيث إن المدعى بالحقوق المدنية أقام هذه الدعوى بالطريق المباشر
بصحيفة نسب فيها إلى المستأنف أنه أبلغ ضده كذباً بوقائع لو صحت لاستوجبت عقابه
قانونا، ذلك بأنه أبلغ قسم شرطة عابدين أن المدعى بالحقوق المدنية سرق منه مبلغا
من المال بطريق الإكراه، وإذ كان الغرض من هذا الإبلاغ الإضرار بالمدعى بالحقوق
المدنية فقد انتهى إلى طلب معاقبة المستأنف بموجب المواد 302، 303، 305 من قانون
العقوبات مع الزامه بأن يؤدى له مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت عما
لحقه من أضرار نتيجة ذلك البلاغ فضلا عن المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، وركن في
إثبات دعواه إلى ما تضمنه المحضر رقم....... سنة 1980 إداري عابدين والى ما قدمه
المستأنف نفسه من صور لمحاضر أبلغ فيها ضد المدعى بالحقوق المدنية وأفراد أسرته
بوقائع مختلفه بعد أن حكم بطرده من عين يستأجرها منهم.
وحيث إن البين من الاطلاع
على صورة الشكوى رقم........ سنة 1980 إداري عابدين أن محرر محضر جمع الاستدلالات
أثبت به بتاريخ....... أن المستأنف أبلغ بأن المدعى بالحقوق المدنية قابله بشارع
الجمهورية وتعدى عليه بالسب وبتاريخ......... أمرت النيابة بحفظ الشكوى إداريا
وبتاريخ....... أرفق ملحقا قرر به المستأنف أن ما أثبته محرر المحضر السابق لا
يتفق وحقيقة ما أبلغ به إذ أن حقيقة ذلك البلاغ هي أن ثلاثة أشخاص ومعهم المدعى
بالحقوق المدنية أحاطوا به وهدده الأخير بمطواة بينما تمكن مرافقوه من سرقة مبلغ
خمسين جنيها من جيبه وأنه لم يتمكن من مقاومتهم أو الاستغاثة لخشيته من ذلك السلاح
ولخلو الطريق من المارة عند وقوع الحادث في الصباح الباكر، وأضاف أن المدعى
بالحقوق المدنية دأب على مشاغبته وإرهابه لحمله على ترك عين يستأجرها من أسرته
وبسؤال المدعى بالحقوق المدنية أنكر ما نسب إليه وعلل ما قرره المستأنف على النحو
الذى ضمنه صحيفة الدعوى مباشرة.
وحيث إن الطاعن أنكر ما
اسند إليه وطلب محاميه القضاء ببراءته ورفض الدعوى المدنية على أساس أنه صدق فيما
أبلغ به وقدم صوراً لأوراق يستدل بها على استحكام الخلاف بينه وبين المدعى بالحقوق
المدنية وذويه حول عين يستأجرها منهم ويرغبون في طرده منها.
وحيث أنه لما كان من
المقرر بنص المادتين 454، 455 من قانون الإجراءات الجنائية أن قوة الأمر المقضي
سواء أمام المحاكم الجنائية أو المحاكم المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد
صيرورتها باتة متى توافرت شرائطها القانونية وأنه ليس للأمر الصادر من النيابة
العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية أو بحفظ الأوراق في الجريمة المبلغ
عنها حجية أمام المحاكم الجنائية في دعوى البلاغ الكاذب عن هذه الجريمة، ومن ثم
فان هذه المحكمة في حل من التقيد بالأمر الصادر من النيابة العامة بحفظ الأوراق في
الشكوى رقم....... سنة 1980 إداري عابدين آنفة الذكر. لما كان ذلك وكان من المقرر
أن ثبوت كذب الواقعة المبلغ عنها ركن من أركان جريمة البلاغ الكاذب بحيث يجب للحكم
بالإدانة أن يثبت كذب البلاغ، وكانت المحكمة لا تساير الحكم المستأنف فيما ذهب إليه
من ثبوت الاتهام في حق المستأنف، ذلك بأن الأوراق وان خلت من دليل يؤكد صحة ما
أبلغ به في حق المدعى بالحقوق المدنية سوى أقواله التي وردت بمحضر جمع الاستدلالات
والتي تحتمل الصدق كما تحتمل الكذب، إلا أن الأوراق خلت كذلك مما ينفى على وجه
اليقين حدوث الوقائع المبلغ عنها، ولا تطمئن المحكمة إلى ما قرره المدعى بالحقوق
المدنية - في مقام الدفاع عن نفسه - في محضر جمع الاستدلالات ولا ترى في تكرر الإبلاغ
من المستأنف ضد الأخير وذويه ما يقطع بكذب ما أبلغ به في الواقعة المطروحة ومن ثم
يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة المستأنف مما اسند إليه ورفض
الدعوى المدنية مع الزام رافعها مصروفاتها ومقابل أتعاب المحاماة عملا بالمواد
304/ 1 و 309 و 320 من قانون الإجراءات الجنائية.