جلسة 19 من نوفمبر سنة 1990
برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة
المستشارين/ مصطفى طاهر ومقبل شاكر ومجدى منتصر وحسن حمزه نواب رئيس المحكمة.
---------------
(187)
الطعن
رقم 28486 لسنة 59 القضائية
(1)نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم الطاعن أسبابا
لطعنه. أثره: عدم قبول الطعن شكلا.
(2) وصف
التهمة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما
لا يوفره". قتل عمد. شروع. سرقة "سرقة باكراه". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في وصف التهمة".
للمحكمة ألا تتقيد بالوصف
القانوني الذى تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند للمتهم. أساس ذلك ؟
تعديل المحكمة الوصف من
شروع في قتل إلى اعتبار ما وقع من المتهم من اعتداء على المجنى عليها عنصراً من
عناصر الإكراه في جريمة السرقة ومؤاخذته عن هذه الجريمة. دون تنبيه المتهم أو
المدافع عنه. لا إخلال بحق الدفاع.
(3)حكم "وضعه وإصداره"
"تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم رسم القانون شكلا
معينا لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم كافيا في تفهم الواقعة بأركانها
وظروفها.
(4) سرقة.
جريمة "أركانها".
تمام السرقة بالاستيلاء
على المنقول وانحسار حيازة مالكه عنه. وصيرورته رهن تصرف سارقه.
(5)إثبات
"اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إكراه.
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب
" "دفاع الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
تقدير صحة الاعتراف
وقيمته في الأثبات. موضوعي.
تقدير محكمة الموضوع عدم
صحة ما ادعاه المتهم من أن اعترافه كان وليد إكراه. لا معقب عليها ما دامت تقيمه
على أسباب سائغة.
الجدل الموضوعي في تقدير.
لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(6)محكمة الموضوع
"سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "شهود" حكم. "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض الشاهد أو المتهم
في أقواله. لا يعيب الحكم. متى استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
(7) إجراءات
"إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعيب الإجراءات السابقة
على المحاكمة لا يصح أن يكون سببا للطعن على الحكم.
(8)إثبات "خبرة".
محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق
الدفاع. ما لا يوفره".
حق محكمة الموضوع. أن
تجزم بما لا يجزم به الخبير. متى أيدت ذلك وقائع الدعوى.
(9)نقض "المصلحة في الطعن".
عقوبة "العقوبة المبررة". سرقة "سرقة باكراه". إكراه. ظروف
مشددة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا مصلحة للطاعن في النعي
على الحكم في شأن الإصابات التي وجدت بالمجنى عليها وصلتها بما وقع عليها من إكراه.
ما دام قد أوقع عليه العقوبة المقررة لجناية السرقة باكراه مجرده من الظرف المشدد
الناشئ عن تخلف جروح عن الإكراه.
(10)إثبات "بوجه
عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه.
تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة
بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها.
----------------
1 - لما كان الطاعن الأول..... وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد
إلا أنه لم يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم
المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57
لسنة 1959.
2 - الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة
العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من
شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة
التي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف
الجديد الذى دان به الطاعنين، وكان مرد التعديل هو استبعاد الحكم تهمة الشروع في القتل
المنسوبة إلى المحكوم عليه الآخر واعتبار ما وقع منه من اعتداء على المجنى عليها
عنصرا من عناصر الإكراه في جريمة السرقة المسندة إلى ثلاثتهم ومؤاخذتهم عن هذه
الجريمة بمقتضى المادة 314 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 313 من ذات القانون
الواردة بأمر الإحالة وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت
نظر الدفاع، ومن ثم فان تعيب الحكم في هذا الخصوص بانه انطوى على إخلال بحق الدفاع
لا يكون مقبولا.
3 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلا خاصا يصوغ فيه الحكم بيان
الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم
- كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها
حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص المادة 310 من
قانون الإجراءات الجنائية.
4 - من المقرر أن السرقة تتم بالاستيلاء على الشيء المسروق استيلاءً
تاما يخرجه من حيازة صاحبه ويجعله في قبضة السارق وتحت تصرفه.
5 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال
التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات فلها
تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما دامت
تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان اعترافات
الطاعنين والمحكوم عليه الأول بدعوى أنها كانت وليدة إكراه وأطرحته للأسباب
السائغة التي أوردتها استناداً إلى سلامة إجراءات استجوابهم بمعرفة النيابة العامة
وخلوها من أي شائبة للإكراه المادي أو المعنوي، وأبانت أنها اقتنعت بصدق تلك
الاعترافات وانها تمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في واقعة
إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه
أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض.
6 - من المقرر أن التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين لا يعيب
الحكم ما دام استخلص الإدانة منها بغير تناقض، فان النعي على الحكم في هذا الوجه
لا يكون له محل.
7 - لما كان ما يثيره الطاعن في شأن معاينه النيابة العامة ورميها
بالقصور فلا يعدو أن يكون تعيبا للتحقيق السابق على مرحله المحاكمة مما لا يصح أن
يكون سببا للنعي على الحكم.
8 - لما كان ما يثيره الطاعنان من أن التقرير الطبي الشرعي لم يجزم
بحدوث أصابات المجنى عليها نتيجة الاعتداء عليها مردودا بما هو مقرر لمحكمة
الموضوع من سلطة الجزم لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت وقائع الدعوى قد أيدت
ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره.
9 - لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنين تدخل في حدود
العقوبة المقررة لجناية السرقة باكراه مجرده من الظرف المشدد الناشئ عن تخلف جروح
عن الإكراه ومن ثم فإن مصلحتها في النعي على الحكم في شأن الإصابات التي وجدت
بالمجنى عليها وصلتها بما وقع عليها من إكراه تكون منتفية.
10 - المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر
في تكوين عقيدتها فلا عليها إن هي أغفلت القرائن المشار إليها بأسباب الطعن لأن في
عدم إيرادها لها أو التحدث عنها ما يفيد أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليه.
ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا الشأن.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من (1)..... (2)..... (3)..... بأنهم
أولا: شرع المتهم الأول في قتل...... عمدا مع سبق الإصرار بأن بيت النية على
قتلها وعقد العزم على ذلك واعد لهذا الغرض آداه حادة (قطعة من الحديد) واقتحم
عليها مخدعها وانهال عليها ضربا على رأسها قاصدا بذلك قتلها فأحدث بها الإصابات الموصوفة
بالتقرير الطبي الشرعي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو مداركة
المجنى عليها بالعلاج وقد اقترنت بهذه الجناية جنايتان أخريان هما أنه وباقي
المتهمين في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا المبلغ النقدي المبين قدرا
والمنقولات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجنى عليها سالفة الذكر من
مسكنها بطريق التسور والتهديد باستعمال سلاح (مطواه قرن غزال) كان يحملها المتهم الثاني
ويشهرها في وجه المجنى عليها وابنتها..... كما شدوا وثاق المجنى عليهما وكمموا
فاه أولاهما فتمكنوا بهذه الوسيلة من الإكراه من إتمام السرقة وقام المتهم الأول
بتعطيل الخط التليفوني الخاص بالمجنى عليها والمنشأ من قبل الحكومة لمنفعة عامة
بأن قطع الأسلاك الموصلة إليه الأمر المنطبق على المواد 163، 166، 234/ 1، 313 من
قانون العقوبات. ثانيا: المتهم الثاني (1) هتك عرض المجنى عليها بأن رفع عنها
ملابسها وكشف وتحسس بيده مواضع العفة من جسمها على النحو المبين بالتحقيقات. (2)
أحرز بغير ترخيص سلاحا أبيض (مطواه قرن غزال). وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة
لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت المجنى عليها مدنيا قبل
المتهمين الثلاثة متضامنين بمبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة
المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 314، 268/ 1 من قانون العقوبات، 1/ 1، 25/ 1 من
القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين 26 لسنة 1978، 165 لسنة 1981 والبند
رقم 10 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 32 من قانون
العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة المؤبدة ومعاقبة كل من المتهمين الثاني
والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر عاما وإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا للمدعين
بالحق المدني مبلغ مائة وواحد جنيها على سبيل التعويض وذلك باعتبار أن التهمة
الأولى سرقة باكراه.
فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض وقيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة...... القضائية ومحكمة
النقض قضت أولا: بعدم قبول طعن المحكوم عليه الأول شكلا. ثانيا: بقبول طعن كل من
المحكوم عليها الثاني والثالث شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه للطاعنين
والمحكوم عليه الآخر وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد
دائرة أخرى والزمت المدعين بالحقوق المدنية المصروفات.
ومحكمة الإعادة (مشكلة من
دائرة أخرى) قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام أولا: بمعاقبة الأول بالأشغال الشاقة
المؤبدة عما اسند إليه. ثانيا: بمعاقبة الثاني والثالث بالأشغال الشاقة لمدة خمس
عشرة سنة عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهم في هذا
الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية)... الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم
يودع أسباباً لطعنه مما يتعين معه القضاء بعدم قبوله شكلاً عملاً بحكم المادة 34
من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة السرقة باكراه ودان أولهما أيضا بجريمتي
هتك العرض بالقوة وإحراز سلاح أبيض بغير ترخيص قد شابه الإخلال بحق الدفاع والقصور
في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، ذلك أن المحكمة لم تلتزم
صورة الواقعة ووصفها القانوني كما ورد بأمر الإحالة وأجرت تعديلا مما كان يتعين
معه لفت نظر الدفاع، وجاء الحكم مضطربا في تسبيبه على خلاف ما تتطلبه المادة 310
من قانون الإجراءات الجنائية، وقد اعتبر أن جريمة السرقة تامه مع أنها لم تتجاوز
حد الشروع، كما أنه عول على الاعترافات المعزوة للطاعنين رغم عدم صحتها ورد على
الدفع بصدورها عنهما وليده إكراه ردا غير سائغ، ولم يدفع التناقض الذى كشفت عنه
الأوراق بالنسبة لكيفية دخول مسكن المجنى عليها أو يفطن لقصور معاينه النيابة
العامة في هذا الشأن، وعول على التقرير الطبي الشرعي مع أنه لم يجزم بحدوث إصابات
المجنى عليها نتيجة الاعتداء عليها، وأخيرا فان الحكم لم يعرض لقرائن في الدعوى من
شأنها أن تشكك في صحة الاتهام، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان بها
الطاعنين وأورد على ثبوتها بحقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى لما رتبه عليها.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذى تسبغه النيابة
العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائيا بطبيعته وليس من
شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني
السليم الذى ترى انطباقه على الواقعة، وإذ كانت الواقعة المادية المبينة بأمر الإحالة
التي كانت مطروحة بالجلسة هي بذاتها التي اتخذها الحكم المطعون فيه أساسا للوصف
الجديد الذى دان به الطاعنين، وكان مرد التعديل هو استبعاد الحكم تهمة الشروع في القتل
المنسوبة إلى المحكوم عليه الآخر واعتبار ما وقع منه من اعتداء على المجنى عليها
عنصرا من عناصر الإكراه في جريمة السرقة المسندة إلى ثلاثتهم ومؤاخذتهم عن هذه
الجريمة بمقتضى المادة 314 من قانون العقوبات بدلاً من المادة 313 من ذات القانون،
الواردة بأمر الإحالة وهو ما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع دون حاجة إلى لفت
نظر الدفاع، ومن ثم فان تعيب الحكم في هذا الخصوص بأنه انطوى على إخلال بحق الدفاع
لا يكون مقبولا. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصا يصوغ
فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع
ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافيا في تفهم الواقعة
بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى نص
المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية، هذا إلا أن النعي على الحكم بالاضطراب
بدعوى اختلال فكرته عن واقعة الدعوى قد جاء مرسلا ومجهلا ومن ثم لا يلتفت إليه.
لما كان ذلك، وكانت الواقعة الثابتة بالحكم هي أن الطاعنين والمحكوم عليه الأول
اقتحموا مسكن المجنى عليها وتمكنوا بطريق الإكراه الواقع عليها من الاستيلاء على
المسروقات ومغادرة المسكن بها، وتم بعد ذلك ضبط أحدهم بالطريق العام أمام المسكن
حاملا بعض المسروقات بينما كان الآخران قد انصرفا ببقية المسروقات، وإذ كان من
المقرر أن السرقة تتم بالاستيلاء على الشيء المسروق استيلاءً تاماً يخرجه من حيازة
صاحبه ويجعله في قبضة السارق وتحت تصرفه، فإن الحكم إذ اعتبر الواقعة سرقة تامة لا
شروعا فيها يكون قد أصاب صحيح القانون والنعي عليه بدعوى الخطأ في تطبيق القانون
غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر
الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات
فلها تقدير عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن اعترافه نتيجة إكراه بغير معقب عليها ما
دامت تقيمه على أسباب سائغة، وكانت المحكمة قد عرضت لما أثاره الدفاع من بطلان
اعترافات الطاعنين والمحكوم عليه الأول بدعوى أنها كانت وليدة إكراه وأطرحته
للأسباب السائغة التي أوردتها استناداً إلى سلامة إجراءات استجوابهم بمعرفة
النيابة العامة وخلوها من أي شائبة للإكراه المادي أو المعنوي، وأبانت أنها اقتنعت
بصدق تلك الاعترافات وأنها تمثل الحقيقة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل في
واقعة إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز
مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم
قد اعتنق صورة واحدة للواقعة مؤداها أن المتهمين اقتحموا مسكن المجنى عليها ليلا
عن طريق التسلل من السطح إلى شرفه المسكن وأورد مؤدى أدلة الثبوت - بغير تناقض -
بما يتفق وهذا التصوير، وكان من المقرر أن التناقض في أقوال الشهود أو المتهمين لا
يعيب الحكم ما دام استخلص الإدانة منها بغير تناقض، فإن النعي على الحكم في هذا
الوجه لا يكون له محل، أما ما يثار في شأن معاينه النيابة العامة ورميها بالقصور
فلا يعدو أن يكون تعيبا للتحقيق السابق على مرحله المحاكمة مما لا يصح أن يكون
سببا للنعي على الحكم. لما كان ذلك، وكان لما كان ما يثيره الطاعنان من أن التقرير
الطبي الشرعي لم يجزم بحدوث أصابات المجنى عليها نتيجة الاعتداء عليها مردودا بما
هو مقرر لمحكمة الموضوع من سلطة الجزم بما لم يجزم به الخبير في تقريره متى كانت
وقائع الدعوى قد أيدت ذلك عندها وأكدته لديها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقريره،
فضلا عن أن العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعنين تدخل في حدود العقوبة المقررة
لجناية السرقة باكراه مجردة من الظرف المشدد الناشئ عن تخلف جروح عن الإكراه ومن
ثم فإن مصلحتهما في النعي على الحكم في شأن الإصابات التي وجدت بالمجنى عليها
وصلتها بما وقع عليها من إكراه تكون منتفية. لما كان ذلك، وكانت المحكمة غير ملزمة
بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها فلا عليها أن هي أغفلت
القرائن المشار إليها بأسباب الطعن لأن في عدم إيرادها لها أو التحدث عنها ما يفيد
أنها لم تجد فيها ما يستحق التفاتها إليه. ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم في هذا
الشأن. لما كان ما تقدم، فان الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق