الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019

الطعن 27 لسنة 40 ق جلسة 4 / 2 / 1975 مكتب فني 26 ج 1 ق 70 ص 323

جلسة 4 من فبراير سنة 1975
برياسة السيد المستشار أحمد حسن هيكل نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم السعيد ذكرى، وعثمان حسين عبد الله، ومحمد صدقي العصار. ومحمود عثمان درويش.
---------------
(70)
الطعن رقم 27 لسنة 40 القضائية
 (1)نقض "ميعاد الطعن".
إقامة الطعن بمدينة المنصورة. إضافة ميعاد مسافة قدره ثلاثة أيام إلى ميعاد الطعن الذي أودع صحيفته قلم كتاب محكمة النقض.
 (2)أمر أداء. دعوى "رفع الدعوى".
سلوك طريق أمر الأداء. شرطه. الدين متى كان محل نزاع من المدين. وجوب سلوك الطريق العادي لرفع الدعاوى.
 (3)حكم "تسبيب الحكم". خبرة.
استناد الحكم إلى تقرير خبير مقدم في دعوى سابقة مضمومة الدعوى الحالية. لا عيب.
 (4)دعوى "وقف الدعوى".
وقف الدعوى إعمالاً لنص المادة 393 مرافعات سابق. شرطه. إثارة دفع في مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى. رفض المحكمة وقف الدعوى استناداً إلى أسباب سائغة. النعي عليها في هذا الخصوص. لا محل له.
 (5)إثبات "الإقرار غير القضائي". تجزئة.
الإقرار غير القضائي. خضوعه لتقدير القاضي. جواز تجزئته أو اعتباره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة. جواز الأخذ به أصلاً.
-----------------
1 -  لما كان الطاعن يقيم بمدينة المنصورة وطعن بطريق النقض في الحكم بصحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة، وكان الثابت من دليل مصلحة السكة الحديد المقدم من الطاعن أن المسافة بين مدينتي المنصورة والقاهرة هي 140 كيلو متراً، فإنه يتعين تطبيقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات أن يضاف إلى ميعاد الطعن مسافة قدره ثلاثة أيام وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 9/ 11/ 1969 وأودعت صحيفة الطعن يوم 11/ 1/ 1970 فإن الطعن يكون مقدماً في الميعاد.
2 - تشترط المادة 851 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 التي رفعت الدعوى وقت سريانها لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة حال الأداء ومعين المقدار، ومقتضى ذلك أن يكون الدين ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين ويبين منها أو من أوراق أخرى موقع عليها منه أن هذا الدين حال الأداء ومعين المقدار، فإن لم يكن معين المقدار في ورقة من هذا القبيل أو كان محل نزاع من المدين فإن سبيل الدائن إلى المطالب به يكون هو الطريق العادي لرفع الدعاوى ولا يجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق استصدار الأمر بالأداء لأنه استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه.
3 - لا يعيب الحكم استناده إلى تقرير الخبير قبل أن يفصل في دعوى الحساب - دعوى سابقة - ذلك أن هذه الدعوى كانت مضمومة إلى ملف الدعوى الحالية فأصبح هذا التقرير ورقة من أوراقها يتناضل كل خصم في دلالتها.
4 - يشترط في حالة الوقف إعمالاً لحكم المادة 293 من قانون المرافعات السابق أن تدفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى، وإذ كان يبين من الحكم المطعون أن المحكمة رأت أن دعوى الحساب التي رفعها الطاعن على مورث المطعون عليها تخرج عن نطاق الدعوى الحالية مما لا محل معه لوقفها حتى يفصل في تلك الدعوى لأن سند مورث المطعون عليها في دعواه الحالية هو ما قام بدفعه عن الطاعن بصفته ضامناً متضامناً له في الديون المستحقة عليه للبنوك وهي أسباب سائغة تبرر رفض طلب الوقف، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم - بأن المحكمة لم توقف الدعوى الحالية حتى يتم الفصل في دعوى الحساب - يكون في غير محله.
5 - الإقرار غير القضائي يخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر كما أن له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة أو لا يأخذ به أصلاً.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مورث المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها القاصرين أقام الدعوى رقم 183 سنة 1964 مدني المنصورة الابتدائية ضد الطاعن بصحيفة معلنة في 27/ 3/ 1964 طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 1445 ج و790 م، وقال في بيانها إنه ضمن الطاعن في ديون مستحقة عليه لبنك الإسكندرية فرع المنصورة وبنك الجمهورية فرع المنصورة والبنك العربي (بنك السويس) ولم يقم بالوفاء بها في موعد استحقاقها فقام هو بسدادها للبنوك المذكورة في الشهور الأخيرة من سنة 1961 والشهور الأولى من سنة 1962، وإذ طالب الطاعن بهذه المبالغ وامتنع عن دفعه، فقد أقام دعواه للحكم له بطلباته. دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق القانوني تأسيساً على أن مورث المطعون عليها لم يسلك طريق استصدار أمر بأداء الدين المطالب به. وبتاريخ 29/ 3/ 1965 رفضت المحكمة هذا الدفع وحكمت لمورث المطعون عليها بطلباته. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 187 سنة 17 ق مدني المنصورة. وبتاريخ 10/ 12/ 1966 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدفع وأحالت الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن أن المبالغ المطالب بها والتي سددت للبنوك من مورث المطعون عليها ليست من مال هذا الأخير وإنما هي من مال الطاعن الذي كان تحت يد مورث المطعون عليها، وأمرت باستجواب الخصوم شخصياً بأولى جلسات التحقيق. ثم حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاة مورث المطعون عليها، وبعد تعجيل الاستئناف حكمت بتاريخ 6/ 12/ 1967 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات الوقائع سالفة الذكر. وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطاعن عادت وبتاريخ 9/ 11/ 1969 فحكمت بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليها عن نفسها وبصفتها مبلغ 1045 ج و790 م. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت المطعون عليها مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد وطلبت في الموضوع رفض الطعن. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي الموضوع برفض الطعن. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها أصرت النيابة على رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم القبول أن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 9/ 11/ 1969 وبإضافة ميعاد مسافة قدره يومان باعتبار أن المسافة بين مدينتي المنصورة والقاهرة 123 كيلواً متراً فقط، فإن ميعاد الطعن ينتهي في يوم 10/ 1/ 1970، وإذ أودعت الصحيفة يوم 11/ 1/ 1970 فإن الطعن يكون قد رفع بعد الميعاد.
وحيث إن هذا الدفع غير صحيح، ذلك إنه لما كان الطاعن يقيم بمدينة المنصورة وطعن بطريق النقض في الحكم بصحيفة أودعها قلم كتاب هذه المحكمة، وكان الثابت من دليل مصلحة السكة الحديد المقدم من الطاعن أن المسافة بين مدينتي المنصورة والقاهرة هي 140 كيلو متراً، فإنه يتعين تطبيقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات أن يضاف إلى ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره ثلاثة أيام، وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 9/ 11/ 1969، وأودعت صحيفة الطعن يوم 11/ 1/ 1970، فإن الطعن يكون مقدماً في الميعاد.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من ثلاثة أوجه - وفي بيان الوجه الأول منها يقول إنه دفع بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن مورث المطعون عليها لم يسلك طريق استصدار أمر بأداء الدين المطالب به، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع على سند من أن الطاعن قد أنكر الدين ونازع في صحته في إنذاره المؤرخ 5/ 1/ 1974 الذي أرسله إلى مورث المطعون عليها مما يتعين معه رفع الدعوى بالطريق العادي، في حين أن المادة 851 من قانون المرافعات السابق لا تشترط لاستصدار الأمر بالأداء أن يكون الدين خالياً من النزاع.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 851 من قانون المرافعات السابق بعد تعديلها بالقانون رقم 100 لسنة 1962 التي رفعت الدعوى وقت سريانها تشترط لسلوك طريق استصدار أمر الأداء أن يكون الدين المطالب به مبلغاً من النقود ثابتاً بالكتابة حال الأداء ومعين المقدار، ومقتضى ذلك أن يكون الدين ثابتاً بورقة عليها توقيع المدين ويبين منها أو من أوراق أخرى موقع عليها منه أن هذا الدين حال الأداء ومعين المقدار فإن لم يكن معين المقدار في ورقة من هذا القبيل أو كان محل نزاع من المدين فإن سبيل الدائن إلى المطالبة به يكون هو الطريق العادي لرفع الدعاوى ولا يجوز له في هذه الحالة أن يلجأ إلى طريق استصدار الأمر بالأداء لأنه استثناء من القواعد العامة في رفع الدعاوى لا يجوز التوسع فيه، ولما كان مورث المطعون عليها يستند في إثبات دعواه إلى أذون توريد وإيصالات دفع من بنكي الجمهورية والسويس فرع المنصورة تفيد قيامه بسداد المبالغ المبينة بكل منها لحساب الطاعن، وكان يبين من الإنذار المؤرخ 5/ 1/ 1964 الذي أرسله الطاعن إلى مورث المطعون عليها قبل رفع الدعوى أنه نازع في مديونيته بهذه المبالغ إذ ورد في الإنذار أن مورث المطعون عليها سددها من مال الطاعن ولا يحق له أن يطالبه بها - وهو ما دعا محكمة الاستئناف إلى إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع، لما كان ذلك، فإن المطالبة بهذه المبالغ لا تكون إلا بطريق الدعوى العادية لما استلزمه القانون لاستصدار أوامر الأداء من أن يكون الدين ثابتاً بورقة موقع عليها من المدين وغير متنازع فيه، وإذ رفعت الدعوى بالطريق العادي فإنها تكون قد رفعت بالطريق القانوني ويكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني أن محكمة الاستئناف عدلت عن استجواب الخصوم الذي أمرت به في حكمها الصادر بتاريخ 10/ 12/ 1966 دون أن تثبت في حكمها أو في محضر الجلسة سبب عدولها عن هذا الإجراء الذي أمرت به، وهو ما تقضي به المادة 165 من قانون المرافعات السابق، مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الثابت من الحكم الصادر بتاريخ 6/ 12/ 1967 أن محكمة الاستئناف بينت سبب عدولها عما أمرت به من استجواب الخصوم إذ قررت أنه لم يعد مجدياً بعد وفاة مورث المطعون عليها، الأمر الذي يكون معه النعي بهذا الوجه في غير محله.
وحيث إن مبنى النعي بالوجه الثالث أن محكمة الاستئناف عرضت في حكمها لبحث دعوى الحساب رقم 146 سنة 1964 مدني المنصورة الابتدائية التي رفعها الطاعن ضد مورث المطعون عليها وخلصت إلى أن مبلغ 400 ج مما هو مطلوب في الدعوى الحالية يدخل في دعوى الحساب وحكمت بتعديل الحكم المستأنف على هذا الأساس، في حين أنه ما كان لمحكمة الاستئناف أن تتعرض في حكمها لدعوى الحساب ولتقدير الخبير الذي اشتملت عليه قبل الفصل فيها، بل كان يتعين عليها وقد رأت الارتباط قائماً بين الدعويين أن توقف الدعوى الحالية حتى يتم الفصل في دعوى الحساب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه ثبت من الاطلاع على تقرير الخبير في دعوى الحساب رقم 146 سنة 1964 مدني المنصورة الابتدائية أنه لا حق لمورث المطعون عليها في مطالبة الطاعن بمبلغ 400 ج لأن الخبير أدخل هذا المبلغ في دعوى الحساب، وكان لا يعيب الحكم استناده إلى هذا التقرير قبل أن يفصل في دعوى الحساب، ذلك أن هذه الدعوى كانت مضمومة إلى ملف الدعوى الحالية فأصبح هذا التقرير ورقة من أوراقها يتناضل كل خصم في دلالتها، ولما كان يشترط في حالة الوقف إعمالاً لحكم المادة 293 من قانون المرافعات السابق أن تدفع الدعوى بدفع يثير مسألة أولية يكون الفصل فيها لازماً للحكم في الدعوى، وكان البين من الحكم المطعون فيه أن مورث المطعون عليها كان وكيلاً عن الطاعن في إدارة أطيانه ثم تسلمها الطاعن لإدارتها من السنة الزراعية 1961/ 1962 ورفع على مورث المطعون عليها دعوى الحساب عن سنة 1960/ 1961 الزراعية ورأت المحكمة أن دعوى الحساب تخرج عن نطاق الدعوى الحالية مما لا محل معه لوقفها حتى يفصل في تلك الدعوى لأن سند مورث المطعون عليها في دعواه الحالية هو ما قام بدفعه عن الطاعن بصفته ضامناً متضامناً له في الديون المستحقة عليه للبنوك، وهي أسباب سائغة تبرر رفض طلب الوقف، لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون في غير محله.
وحيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن الحكم الابتدائي استند في قضائه بطلبات مورث المطعون عليها إلى أمر الأداء رقم 53 سنة 1963 المنصورة الابتدائية الذي قضى بإلزام الطاعن بضمانة مورث المطعون عليها وأخرى بدفع مبلغ 1402 ج و850 م لبنك السويس كما استند إلى اعتراف الطاعن في إنذاره لمورث المطعون عليها بتاريخ 15/ 1/ 1964 مع أن أمر الأداء المذكور لا يصلح سنداً للمطالبة لأن مورث المطعون عليها أقر في مذكرته أمام محكمة أول درجة بأنه سوى علاقته مع البنك بشأنه، أما عن الإنذار فهو إن صح أنه يتضمن إقراراً من الطاعن إلا أنه وارد به أن المبالغ التي سددها مورث المطعون عليها للبنوك ليست من ماله ولكنها من مال الطاعن لأن المورث كان وكيلاً عنه في إدارة أطيانه، مما مفاده إنكار الطاعن للمديونية هذا إلى أن الإقرار لا يتجزأ على صاحبه، غير أن الحكم المطعون فيه لم يعرض لهذه الأدلة والقرائن مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بثبوت دين مورث المطعون عليها وقدره 1045 ج و790 م على أنه تبين من المستندات المقدمة أن المورث المذكور بصفته ضامناً للطاعن في بعض الديون المستحقة عليه سدد إلى بنك الجمهورية مبالغ 125 ج و250 م في 20/ 12/ 1961 و200 ج و100 م في 27/ 12/ 1961 و75 ج و565 م في 4/ 1/ 1962 وسدد إلى بنك السويس مبلغ 500 ج في 30/ 12/ 1961 و20 ج غرامة عدم توريد في 25/ 12/ 1961 كما استند الحكم إلى إقرار الطاعن في الإنذار المؤرخ 15/ 1/ 1964 الذي أرسله إلى مورث المطعون عليها بأن الأخير قام بسداد المبالغ المذكورة إلى البنوك، أما ما ورد في الإنذار من أن هذه المبالغ سددت من مال الطاعن الخاص فقد أطرحه الحكم مستنداً في ذلك إلى أنه قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن صحة هذا الدفاع ولكنه عجز عن الإثبات وكان لا وجه لما أثاره الطاعن من عدم جواز تجزئة إقراره في الإنذار ذلك أن هذا الإقرار هو إقرار غير قضائي يخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته والأخذ ببعضه دون البعض الآخر كما أن له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مبدأ ثبوت بالكتابة أو مجرد قرينة أو لا يأخذ به أصلاً ولما كانت الأسباب سالفة الذكر سائغة وتكفي لحمل الحكم وتتضمن الرد على دفاع الطاعن في هذا الخصوص، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

الطعن 702 لسنة 46 ق جلسة 30 / 6 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 335 ص 792

جلسة 30 من يونيه سنة 1979
برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، دكتور إبراهيم علي صالح، محمود حسن رمضان؛ وعبد العزيز عبد العاطي إسماعيل.
---------------
(335)
الطعن رقم 702 لسنة 46 القضائية
( 1و2) نقض. "ميعاد الطعن". تجزئة.
(1) ميعاد الطعن بالنقض. جواز إضافة ميعاد مسافة بين موطن الطاعن وبين المحكمة أن أودع فيها صحيفة الطعن. المقصود بالموطن. هو الذي اتخذه الطاعن في مراحل التقاضي السابقة وجود موطن آخر له بمقر المحكمة، لا يحول دون احتساب ميعاد مسافة.
(2) الأحكام الصادرة في موضوع غير قابل للتجزئة. لمن فوت ميعاد الطعن من المحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع من أحدهم في الميعاد. م 218 مرافعات.
(3) إيجار. "إيجار الأماكن". عقد. "فسخ العقد".
الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه عند الإخلال بالالتزامات الناشئة عنه. جائز في العقود الملزمة للجانبين ومنها الإيجار. إيراد المادة 23 ق 52 لسنة 1969 قيوداً على الأثر الفوري لهذا الشرط بالنسبة للتخلف في سداد الأجرة. مؤداه توقي الإخلاء لسداد الأجرة وفوائدها والمصاريف. بعد تكليف المستأجر بالوفاء بها.
(4) محكمة الموضوع. حكم. "تسبيب الحكم".
الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه. هو الدفاع الجوهري الذي يقدم الخصم دليله أو يطلب تمكينه من إثباته.
-------------
1  - ميعاد الطعن بطريق النقض ستون يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي به المادتان 253 و213 من قانون المرافعات ومن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه - الذي يجب عليه الانتقال منه - وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة طعنه - والتي يجب عليه الانتقال إليها، وذلك في الحدود المبينة في المادة 16 من ذلك القانون. والعبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هي بالموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر في مقر المحكمة المودع بها الطعن، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنتين الأولى والثانية قد اتخذتا من مدينة طنطا موطناً لهما حتى في مراحل التقاضي، وكان هذا الموطن يبعد عن مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة بأكثر من ثمانين كيلو متراً فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن بالنقض يومان على ما تقضي به المادة 16 من قانون المرافعات، ولما كانت صحيفة الطعن قد تم إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة في اليوم الثاني والستين من صدور الحكم المطعون فيه فإن طعنهما يكون في الميعاد المقرر قانوناً.
2 - إذا كان الحكم صادراً في موضوع غير قابل للتجزئة وهو قيام عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 أو انفساخه مما لا يحتمل غير حل واحد، وكان من شأن ذلك أنه يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من والمحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، بل أنه إن لم يفعل، وعلى ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإنه لا ينال من سلامة الطعن ولا أحقية الطاعن الثالث فيه، عدم أحقية في إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن المقام من الطاعنتين الأولى والثانية لعدم بلوغ المسافة بين موطنه الثابت بالأوراق وبين مقر محكمة النقض خمسين كيلو متراً، وذلك ما دام أنه منضم في طعنه إلى الطاعنتين الأولى والثانية.
3- تجيز الأحكام العامة في القانون المدني، إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة، وعلى ما نصت عليه المادة 158 من ذلك القانون، الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، مما مؤداه وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذاً لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - من ضمانتين، إذ يقع الفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار في أمره، بل وتتحقق ذلك دون حاجة إلى التقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام، ليقرر اعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً، أنه وإن كان ذلك قائماً في العقود الملزمة للجانبين وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني، إلا أنه تحقيقاً للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار رأى المشرع التدخل بحكم أمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 33 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية: - أ - إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك.... على أنه لا تحكم بالإخلاء، إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها..... والمصاريف الرسمية" وذلك قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى....." فدل بذلك على أنه - وإن لم يصادر حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار - إلا أنه أورد عليه قيوداً منها ما يتصل بعدم إعمالا الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه للمستأجر من توفي الإخلاء بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى، وعلى ذلك فإنه إذا ما قام المؤجر بواجبه ولم يستعمل المستأجر الرخصة المخولة له، تحققت للشرط الصريح الفاسخ آثاره.
4 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو هذا الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فإنه لا يعدو أن يكون من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه ولا يعيب حكمها بالتالي ما تكون قد ردت به عليه أياً ما كان وجه الرأي في ردها.

المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 6/ 4/ 1969 استأجر المطعون عليه من الطاعنين الأولى والثانية الشقة المبينة بالعقد لقاء أجرة أصبحت بعد تخفيضها سبعة عشر جنيهاً ونصفاً شهرياً، وإذ تخلف عن الوفاء بأجرة الأشهر من فبراير إلى مايو سنة 1974 وكان العقد يقضي بانفساخه تلقائياً دون حاجة إلى تنبيه في حالة التأخير في الوفاء بالأجرة عن ميعادها، فقد أقامتا عليه الدعوى المستعجلة رقم 37 لسنة 1974 جزئي طنطا بطلب طرده من الشقة، قضت لهما المحكمة بطلبهما، فأجرتا الشقة بعد تنفيذ الحكم إلى الطاعن الثالث بعقد مؤرخ 14/ 6/ 1974. استأنف المطعون عليه الحكم بالاستئناف رقم 360 لسنة 1974 طنطا الابتدائية، فقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص القضاء المستعجل، فأقام المطعون عليه الدعوى رقم 16 لسنة 1975 مدني الدقي بطلبا الحكم بتمكينه من تلك الشقة واسترداد حيازته لها، وبعد أن أحيلت إلى محكمة الجيزة الابتدائية حيث قيدت برقم 1129 لسنة 1975 مدني كلي الجيزة، فقضت له المحكمة بطلباته. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئنافين رقمي 860، 861 سنة 93 ق القاهرة، وبتاريخ 28/ 4/ 1976 قضت المحكمة برفضهما وتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بصحيفة أودعت قلم كتابها في 29/ 6/ 1976 وقدم المطعون عليه مذكرة دفع فيها بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفع وفي موضوع الطعن برفضه.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن مجاوزة الطاعنين في رفعه ميعاد الستين يوماً المقرر لرفعه قانوناً.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد أنه وإن كان ميعاد الطعن بطريق النقض ستين يوماً تبدأ من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه حسبما تقضي بذلك المادتان 253، 213 من قانون المرافعات، إلا أنه كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن للطاعن أن يضيف إلى ذلك الميعاد ميعاد مسافة بين موطنه - الذي يجب عليه الانتقال منه - وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة طعنه - والتي يجب عليه الانتقال إليها، وذلك في الحدود المبينة في المادة 16 من ذلك القانون. وكانت العبرة في تحديد الموطن في هذا المقام هي بالموطن الذي اتخذه الطاعن لنفسه في مراحل التقاضي السابقة على الطعن ولو كان له موطن آخر في مقر المحكمة المودع بها الطعن، ولما كان الثابت من أوراق الطعن أن الطاعنتين الأولى والثانية قد اتخذتا من مدينة طنطا موطناً لهما حتى مراحل التقاضي، وكان هذا الموطن يبعد عن مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة بأكثر من ثمانين كيلو متراً فإنه يضاف إلى ميعاد الطعن بالنقض يومان على ما تقضي به المادة 16 من قانون المرافعات، ولما كانت صحيفة الطعن قد تم إيداعها قلم كتاب هذه المحكمة في اليوم الثاني والستين من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه فإن طعنهما يكون قد تم في الميعاد المقرر قانوناً، ولما كان ذلك الحكم صادر في موضوع غير قابل للتجزئة، وهو قيام عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 أو انفساخه، مما لا يحتمل غير حل واحد، وكان من شأن ذلك أنه يجوز لمن فوت ميعاد الطعن من والمحكوم عليهم أن يطعن فيه أثناء نظر الطعن المرفوع في الميعاد من أحد زملائه منضماً إليه في طلباته، بل إنه إن لم يفعل، وعلى ما تقضي به المادة 218 من قانون المرافعات، أمرت المحكمة الطاعن باختصامه في الطعن، فإنه لا ينال من سبب - الطعن ولا أحقية الطاعن الثالث فيه، عدم أحقيته في إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن المقام من الطاعنتين الأولى والثانية لعدم بلوغ المسافة بين موطنه الثابت بالأوراق وبين مقر محكمة النقض خمسين كيلو متراً، وذلك ما دام أنه منضم في طعنه إلى الطاعنتين الأولى والثانية، لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون مقدماً في الميعاد ويكون الدفع بعدم قبوله شكلاً على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون عليه أقام دعواه ابتداء أمام المحكمة الجزئية بطلب تمكينه من شقة النزاع على أساس سبق حيازته لها وحقه في استرداد هذه الحيازة استناداً لأحكام القانون المدني بشأن دعاوى الملكية، بيد أن تلك المحكمة كيفت الدعوى بأنها دعوى تمكين غير مقدرة القيمة وقضت من ثم بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى المحكمة الابتدائية، وإذ رأى المطعون عليه في ذلك خروجاً عن أساس دعواه، راح يؤكد إنها دعوى استرداد حيازة في المقام الأول مستنداً في ذلك إلى حكم المادتين 259، 260 من القانون المدني والمادة 34 من قانون المرافعات، إلا أن محكمة الدرجة الأولى خرجت على ذلك وكيفت الدعوى بأنها مطالبة بأصل الحق في الانتفاع بالعين المؤجرة استناداً إلى عقد الإيجار، وعلى الرغم من تمسك الطاعنين أمام محكمة الاستئناف بأن سلطة المحكمة في تكييف الوقائع لا تستطيل إلى تغيير أساس الدعوى إلا أن الحكم المطعون فيه جارى الحكم الابتدائي في خطئه مخالفاً بذلك الثابت بالأوراق ومتخذاً من مجرد ورود لفظ التمكين في صحيفة دعوى المطعون عليه سنداً لهذا النظر الخاطئ مما يعيب الحكم بالقصور المبطل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن حق المدعي في تكييف دعواه حسبما يراه، يقابله حق المدعى عليه في مناقشة هذا التكييف إثباتاً لخطئه، ويهيمن على هذا وذاك حق المحكمة بل واجبها في إسباغ التكييف الصحيح على ما يثبت لها من وقائع الدعوى باعتبار أن مهمتها هي إنزال الحكم القانوني الصحيح على تلك الوقائع بغض النظر عما يكون الخصوم قد استندوا إليه في ذلك من وسائل الدفاع التي لا تأخذ المحكمة منها إلا ما يتفق وطبيعة الحق موضوع النزاع، دون أن يعد ذلك منها تغييراً لسبب الدعوى. ولما كان الثابت من مطالعة أوراق الطعن أن المطعون عليه أقام دعواه بطلب الحكم بتمكينه من الشقة استئجاره واسترداد حيازته لها وكان الحكم الابتدائي - بعد أن قرر أن تكييف الدعوى يخضع لرقابة القضاء الذي لا يتقيد في ذلك بوصف الخصوم لها، وإنما يلتزم بالتكييف الصحيح الذي يتبينه من وقائع الدعوى وتطبيق القانون عليها - أورد تطبيقاً لذلك قوله "إنه لما كان المدعي - المطعون عليه - قد أقام هذه الدعوى ضد المدعى عليهم - الطاعنين - طالباً الحكم بتمكينه من الشقة التي كان يشغلها نفاذاً لعقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 ورد حيازته لها استناداً إلى أن الحكم القاضي بطرده قد ألغى..... عما يكون معه التكييف الصحيح لدعوى المدعي أنها دعوى تمكين وليست دعوى من دعاوى الملكية، إذ أن علاقة المدعي بصفته مستأجراً، بالمدعى عليهما الأولى والثانية، بصفتهما مؤجرتين، إنما تستند إلى عقد الإيجار المؤرخ 6/ 4/ 1969 وتقوم عليه وهو على ما سلف بيانه عقد قائم ومنتج لكافة الالتزامات التي ترتبها قبل طرفيه." وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره - الطاعنون في صحيفة استئنافهم بشأن اعتبار ما ذهبت إليه المحكمة الابتدائية فيما تقدم تفسيراً لسبب الدعوى بأن تلك المحكمة لم تغير الأساس القانوني لطلب المطعون عليه - من الانتفاع بالعين المؤجرة بموجب العقد بل كيفت طلباته في حدود القانون وفقاً لما أبداه في صحيفة دعواه، وكان ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد سديداً ولا خروج فيه على الثابت بأوراق الدعوى، وفيه الرد الضمني الكافي على ما ساقه الطاعنون من دفاع فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه على سند من القول بأنه لا يترتب على تحقق الشرط الفاسخ الصريح انفساخ العقد بقوة القانون، وأنه لا يسلب القاضي على سلطة تقديرية في حدوث الفسخ، وإن من شأنه إلغاء الحكم المستعجل الصادر بالطرد، اعتبار عقد الإيجار قائماً ومنتجاً لآثاره ومنها التزام المؤجر بعدم التعرض للمستأجر في انتفاعه العين المؤجرة، وتمكين المطعون عليه من العين التي كانت مؤجرة إليه نتيجة لذلك، في حين أنه لما كان من الجائز الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، وكان من شأن هذا الاتفاق المشروع إعفاء الدائن من الالتجاء إلى القضاء وأن حكم هذا القضاء عند المنازعة بين الطرفين لا يعدو أن يكون قد وقع من وقت حدوث عدم الوفاء ولا يملك القضاء إزاء ذلك أية سلطة تقديرية، وكان عقد الإيجار المبرم بين الطاعنتين الأوليين والمطعون عليه يحوي شرطاً فاسخاً صريحاً، فإن إهدار الحكم المطعون فيه لهذا الشرط يكون خاطئاً وهو ما ينطبق على ما رتبه الحكم على ذلك من اعتبار عقد الإيجار قائماً لعدم صدور حكم بفسخه، على الرغم من تحقق انفساخه إعمالاً الشرط الفاسخ الصريح، وكذلك ما خلص إليه الحكم من اعتبار إعادة الحالة إلى أصلها نتيجة لإلغاء الحكم المستعجل الصادر بالطرد، مؤدية إلى عودة المطعون عليه إلى العين التي كان يستأجرها، على الرغم من انفساخ عقد إيجارها عقد إيجارها من قبل إقامة دعوى الطرد المستعجلة وزوال آثاره نهائياً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان ما تجيزه الأحكام العامة في القانون المدني، إعمالاً لمبدأ سلطان الإرادة، وما نصت عليه المادة 158 من ذلك القانون، الاتفاق على اعتبار العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه دون حاجة إلى حكم قضائي عند عدم الوفاء بالالتزامات الناشئة عنه، مما مؤداه وقوع الفسخ في هذه الحالة نفاذاً لذلك الاتفاق بقوة القانون وحرمان المتعاقد بذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة، وأفصحت عنه المذكرة الإيضاحية للقانون - من ضمانتين إذ يقع الفسخ حتماً دون أن يكون للقاضي خيار في أمر، بل وتحقق ذلك دون حاجة إلى التقاضي ما لم ينازع المدين في وقوع موجب الفسخ وإن كانت مهمة القاضي تقف في هذه الحالة عند حد التحقق من عدم الوفاء بالالتزام يقرر اعتبار الفسخ حاصلاً فعلاً، إنه وإن كان ذلك قائماً في العقود الملازمة للجانبين وفقاً للأحكام العامة في القانون المدني، إلا أنه تحقيقاً للتوازن بين أوضاع المؤجرين والمستأجرين للأماكن التي تسري عليها أحكام القوانين الاستثنائية المنظمة للإيجار، رأى المشرع التدخل بحكم آمر في حرية المؤجر في النص في العقد على الشرط الفاسخ الصريح في حالة التأخر في سداد الأجرة، فنص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 في شأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية:....... 1 - إذا لم يقم المستأجر بالوفاء بالأجرة المستحقة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ تكليفه بذلك....، على أنه لا تحكم بالإخلاء إذا قام المستأجر بأداء الأجرة وفوائدها....... والمصاريف الرسمية قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى......." تدل بذلك على أنه - وإن لم يصادف حق المتعاقدين في الاتفاق على الشرط الفاسخ الصريح في عقد الإيجار إلا أنه أورد عليه قيوداً منها ما يتصل بعدم إعمالاً الأثر الفوري لهذا الاتفاق وذلك بما أوجبه على المؤجر من تكليف المستأجر بالوفاء بالأجرة خلال مدة معينة، ومنها ما يتعلق بتفادي الأثر المترتب على الاتفاق وذلك بما أجازه المستأجر من توقي الإخلاء بأداء الأجرة وفوائدها والمصاريف قبل إقفال باب المرافعة في الدعوى وعلى ذلك فإنه إذا ما قام المؤجر بواجبه ولم يستعمل المستأجر الرخصة المخولة له تحققت للشرط الفاسخ الصريح آثاره، هذا إلى أنه لما كان من المقرر أنه لا حجية للحكم الصادر من القضاء المستعجل، والمؤسس على ما يوصى به ظاهر المستندات المقدمة في الدعوى، أمام القضاء الموضوعي الذي يبني حكمه على سند من أصل الحق، لما كان مما تقدم. وكان الحكم المطعون فيه، لم يجاوز إعمال حكم الشرط الفاسخ الصريح مقيداً بما أورده عليه القانون رقم 52 لسنة 1969 من أحكام ملزمة، وخلص للأسباب التي أوردها إلى قيام عقد الإيجار مثار النزاع وعدم انفساخه وأحقية المطعون عليه في الاستناد إليه في العودة إلى العين المؤجرة بعد زوال ما كان للحكم الجزئي المستعجل الصادر بطرده منها من آثار، نتيجة لإلغائه بالحكم الاستئنافي المستعجل، علاوة على استناد حجية الحكم المستعجل ذاته أمام قضاء الموضوع، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون أو الخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بما جاء بالسببين آنفى الذكر على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم استدل على ما قال به من قيام تواطؤ بين الطاعنتين الأولى والثانية وبين الطاعن الثالث على استئجار الشقة مثار النزاع بمجرد أنه زوج ابنة إحداهما وأنه سارع إلى استئجار الشقة غداة تنفيذ الحكم بطرد المطعون عليه منها، في حين أن شيئاً من ذلك لا يصلح دليلاً على إثبات التواطؤ علاوة على أن الزواج المشار إليه لم يتم إلا بعد خمسة عشر شهراً من الإيجار.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في استخلاص حسن النية أو سوئها من ظروف الدعوى ما دام استخلاصها مستمداً من وقائع لها أصل في الأوراق وقائماً على أسباب سائغة. ومما يضحى معه النعي على الحكم في ذلك، من قبيل الجدل الموضوعي الذي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولما كانت هذه المحكمة ترى أن ما ساقه الحكم المطعون فيه في هذا الصدد سائغاً فإن النعي عليه بما جاء بهذا السبب يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى السبب الخامس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والإخلال بدفاع جوهري للطاعنتين، وفي بيان ذلك يقولون إن الطاعنتين الأولى والثانية تمسكتا أمام محكمة الموضوع، بأن المطعون عليه يستأجر باسمه شقة أخرى حددتا موقعها مما يجعل استرداده لحيازة الشقة مثار النزاع أمراً غير مشروع مخالفة للحظر المقرر في المادة 5 من القانون رقم 52 لسنة 1949 بشأن عدم جواز احتجاز سكنين في بلد واحد، بيد أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بما لا يصلح لمواجهته، بمقولة إنه غير متصل بموضوع الدعوى، ولا هو منتج فيها باعتبار أنها دعوى تمكين وليست دعوى إخلاء في حين أن الجمع بين مسكنين يعتبر جريمة وأن من حق المالكة للسكن الثاني التمسك بهذا الدفاع باعتبار أن لها مصلحة ظاهرة في ذلك، وهي إسكان ابنتها وزوجها كما هو واقع الحال في هذه الدعوى.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع بالرد عليه هو الدفاع الجوهري الذي من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى والذي يكون مدعيه قد أقام الدليل عليه أمام المحكمة أو طلب إليها وفقاً للأوضاع المقررة في القانون تمكينه من إثباته، أما ما دون ذلك من أوجه الدفاع فإن لا يعدو أن يكون من قبيل المرسل من القول الذي لا إلزام على محكمة الموضوع بالالتفات إليه ولا يعيب حكمها بالتالي ما تكون قد وردت به عليه أياً ما كان وجه الرأي في ردها. لما كان ذلك وكان الطاعنون لم يقدموا رفق طعنهم ما يثبت أنهم تقدموا إلى محكمة الموضوع بما يثبت احتجاز المطعون عليه لأكثر من مسكن في بلد واحد دون مقتضى، وهو ما تحظره الفترة الأولى من المادة 5 من القانون رقم 56 لسنة 1969، أو طلبوا إلى تلك المحكمة إثبات ذلك بطريق معين من طرق الإثبات، وكان لا إلزام على المحكمة بالسعي إلى إقامة الدليل على أوجه الدفاع غير المقررة بما يثبتها، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بما جاء بهذا السبب - وأياً كان وجه الرأي في أثر الدفاع آنف الذكر على الحكم في هذه الدعوى - يكون غير مقبول.
وحيث إن مبنى السبب السادس من أسباب الطعن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة الثابت من الأوراق والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال - وفي بيان ذلك يقول الطاعنون إنه لما كان المطعون عليه قد طلب في دعواه الحكم بطلباته على الطاعنتين الأولى والثانية في مواجهة الطاعن الثالث الذي لم وجه إليه طلبات ما فإن هذا الأخير لا يعتبر بالتالي خصماً أصلياً في الدعوى ولا يصح من ثم الحكم بإلزامه بشيء، ولما كان الحكم الابتدائي قد قضى بإلزامه بتمكين المطعون عليه من الشقة مثار النزاع؛ فإنه يكون قد تجاوز بذلك طلبات المطعون عليه، مما حدا بالطاعن الثالث إلى النعي عليه بذلك في استئنافه إلا أن الحكم المطعون فيه، أيد الحكم المستأنف بمقولة إن العبرة هي بطلبات المطعون عليه في صحيفة الدعوى التي طلب فيها الحكم بسماع المدعى عليهم - الطاعنين - الحكم بتمكينه من الشقة، الأمر المخالف لبيانات تلك الصحيفة المكملة لبعضها ولمقصود المطعون عليه من دعواه.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أنه لما كانت العبرة في تحديد الخصوم هي بحقيقة مقصودهم منها مستخلصة ما أبدوه في الدعوى من دفاع، لا بما تفيد عبارة معينة من أقوالهم مستقلة عما سواها، ولما كان الحكم الابتدائي قد فهم مما أبداه المطعون عليه في طلباته الختامية من سماع الطاعنين الثلاثة الحكم بتمكينه من الشقة وإلزامهم مصاريف الدعوى، أنه قد ساوى بينهم جميعاً في الالتزام بالتخلي له عن العين يستوي في ذلك الطاعنتان الأولى والثانية بوصفهما المؤجرتين إليه والطاعن الثالث بوصفه الحائز لها عن طريقهما وكان لهذا الفهم ما يسانده من مدونات ذلك الحكم وكان الحكم المطعون فيه قد أيده في هذا النظر السائغ فإن النعي عليه بمخالفة الثابت في الأوراق أو الفساد في الاستدلال يكون في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

عدم دستورية اشتراط توثيق توقيعات الطاعنين في انتخابات نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية بالشهر العقاري


الدعوى رقم 119 لسنة 37 قضائية "دستورية" جلسة 2 / 11 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من نوفمبر سنة 2019م، الموافق الخامس من ربيع أول سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم والدكتــور حمدان حسن فهمى والدكتــور محمد عمـاد النجـار والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع          أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 119 لسنة 37 قضائية "دستورية"، بعد أن أحالت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة (الدائرة الثانية) بحكمها الصادر بجلسة 21/12/2014، ملف الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية.
المقامة من
إيمان البحر محمد سيد درويش ، وشهرته إيمان البحر درويش

ضــد
1- أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة للمهن الموسيقية
2- وزير الثقافــــــــة
3- رضا رجب حسنين (خصم متدخل)
4- أحمد رمضان أحمد شعبان (خصم متدخل)
5- محمد منير عبد العزيز محمد الوسيمي (خصم متدخل)
6- السعيد فاروق علي سالم (خصم متدخل)
7- أحمد عبد الستار إبراهيم (خصم متدخل)
8- محمد علي زين العابدين (خصم متدخل)
9- إبراهيم محمد إبراهيم (خصم متدخل)


الإجـراءات
بتاريخ الثانى عشر من يوليو سنة 2015، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية، بعد أن قضت محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة - الدائرة الثانية – بجلسة 21/12/2014، بوقف الدعوى تعليقًا، وإحالة أوراقها إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.



وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونظرت الدعوى، على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من حكم الإحالة، وسائر الأوراق- في أن المدعى في الدعوى الموضوعية كان قد أقام الدعوى رقم 33972 لسنة 68 قضائية، أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة، ضد أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة للمهن الموسيقية، بطلب الحكم – وحسب طلباته الختامية- بوقف تنفيذ، ثم إلغاء القرارات التى أصدرتها الجمعية العمومية غير العادية المنعقدة بتاريخ 4/3/2014، - والتى انتهت إلى سحب الثقة منه - مع ما يترتب على ذلك من آثار. وذلك على سند من القول بأن أعضاء من مجلس إدارة نقابة المهن الموسيقية، قاموا بتوجيه دعوة لأعضاء النقابة، لعقد جمعية عمومية غير عادية بتاريخ 4/3/2014، وانعقدت الجمعية في ذلك التاريخ، وأصدرت قرارات بوقف عضويته كنقيب، وإحالته للتحقيق، ومنعه من ممارسة عمله لحين الانتهاء من التحقيق، وذلك كله، على خلاف أحكام القانون، بقصد التحايل على أحكام قضائية صدرت لصالحة ضد النقابة، الأمر الذى يكون معه انعقاد الجمعية العمومية غير العادية، والقرارات الصادرة منها باطلة ، مما حدا به إلى إقامة الدعوى المشار إليها. وحال نظر الدعوى أمام محكمة الموضوع تقدم بطلب التدخل انضماميًّا للمدعى عليه الأول، المدعى عليهم من الثالث وحتى الأخير– وهم أعضاء مجلس إدارة النقابة - طالبين رفض الدعوى. وبجلسة 21/12/2014، قضت محكمة القضاء الإداري بوقف الدعوى الموضوعية، وإحالة أوراقها، إلى هذه المحكمة للفصل في دستورية الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.



وحيث إن المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية تنص في الفقرة الأولى منه على حق الوزير المختص في الطعن على انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة أمام محكمة القضاء الإداري، ونصت الفقرة الثانية المحالة على أنه: " كما يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضـروا الجمعية العمومية الطعن أمام المحكمة المذكــورة في قراراتها أو صحــة انعقادهــا أو في انتخاب النقيب أو أعضاء مجلس النقابة خلال خمسة عشر يوما من تاريخ انعقاد الجمعية العمومية, وذلك بتقرير مسبب وموثق على الإمضاءات الموقع بها عليه من الشهر العقاري وإلا كان الطعن غير مقبول شكلا. "

وحيث إن المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها، ومناطها أن يكون الفصل في المسألة الدستورية لازمًا للفصل في الطلبات المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكانت طلبات المدعى الختامية في الدعوى الموضوعية هي وقف تنفيذ، ثم إلغاء القرارات التي أصدرتها الجمعية العمومية غير العادية لنقابة المهن الموسيقية المنعقدة بتاريخ 4/3/2014- سالفة البيان- ، وكان النص المحال يحول بين المدعى وحقه في الطعن منفردًا على صحة انعقاد تلك الجمعية العمومية، وما صدر عنها من قرارات، ومن ثم فإن للفصل في دستورية هذا النص أثرًا حاكمًا ينعكس على فصل محكمة الموضوع في شروط قبول الطعن ابتداء، ومن ثم الدلوف للفصل في الطلبات محل الدعوى الموضوعية، تتحقق به المصلحة في هذه الدعوى. ويتحدد نطاق الدعوى في ضوء ذلك بما تضمنه النص المشار إليه من قصر حق الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية، وعلى قراراتها، على مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، وما تطلبه ذلك النص من وجوب التوثيق على الإمضاءات الموقع بها على تقرير الطعن من الشهر العقاري.


وحيث إن حكم الإحالة ينعى على النص التشريعي المحال - في حدود نطاقه المتقدم - تعويقه حق التقاضي، فيما اشترطه من نصاب عددي للطعن على القرارات المشار إليها، وتصديق على الإمضاءات، الموقع بها على التقرير به، فضلاً عن إخلاله بالحق في إقامة التنظيمات النقابية على أسس ديمقراطية.

      وحيث إن البيّن من نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978المشار إليه، أن ثمة شرطيـن يتعين توافرهما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها، أولهما: أن يكون هذا الطعن مقدمًا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل. ثانيهما: أن يكون الطعن مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، موثقًا عليها جميعًا من الشهر العقاري.



      وحيث إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضي، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين. أولاهما: أن الدستور كفل للناس جميعًا – وبنص المادة 97 – حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، لا يتمايزون في ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض في مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التي يحاط بها، ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التي يدعونها، ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التي نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من كوابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التى كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها وفق القواعد القانونية التى تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التي يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم. وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون في الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التي أُضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التي فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التي تحميها نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها في إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا إليها في مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم في أن يستقل عنها بدعواه التي يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص في مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعى – قيد تقرر دون مسوغ.

وحيث إن الطعن علـى قرار معيـن – كلما توافر أصل الحــــق فيه – لا يجــــــوز تقييده فيما وراء الأســـس الموضوعيـــة التي يقتضيها تنظيــم هذا الحـــــق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه، وكان حق النقابة ذاتها في تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها في الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنماءَها للقيم التى يدعون إليها في إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التى حددها الدستور بنص المادتين (76، 77) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا قانونيًّا أو متمحضًا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.



      وحيث إن نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه، قد نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، نصابًا عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من مائة عضو على الأقل من عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع تلك الجمعية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتي لا يقوم العمل النقابى سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهـم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقًا. وقد افترض النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابًا محتومًا للطعن في قراراتها – متحدون فيما بينهم في موقفهم منها، وأنهم جميعًا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدًا لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنها. وهو افتراض قلمًا يتحقق عملاً، ولا يتوخى واقعًا غير مجرد تعويق الحق في الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون    أفدح عبئًا، وأقل احتمالاً.

وحيث إن النص التشريعي المحال لم يقف، في مجال تقييده لحق الطعن، عند حد إيجابه، أن يكون الطعن مقدمًا، من عدد لا يقل عن مائة عضو من أعضاء النقابة العامة، ممن حضروا جمعيتها العمومية، وإنما جاوز ذلك، إلى فرض شرط آخر، يتعين، بمقتضاه، أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، موثقًا عليها، من الشهر العقاري؛ وكان ما توخاه النص المطعون فيه بذلك، أن يكون هذا التوثيق إثباتًا لصفاتهم، فلا يكون تقرير الطعن مقدمًا من أشخاص لا يعتبرون من أعضاء النقابة، ولا من أشخاص يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية. وكان التوثيق وإن تم في هذا النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطويًا على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها تنظيم حق التقاضي، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسرًا من الناحيتين الإجرائية والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن في مجال تثبتها من الشروط التي لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها – باعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل في اختصاصها، ولا يجوز بالتالي أن تتولاه الجهة الإدارية، وإلا كان ذلك منها عدوانًا على الوظيفة القضائية التي اختص المشرع غيرها بها، وانتحالاً لبعض جوانبها، وباطلاً لاقتحام حدودها.

      وحيث إنه لما كان ما تقدم، فإن النص التشريعي المحال يغدو مصادمًا لنصوص المواد (76، 77، 94، 97) من الدستور الحالى، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.



فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978، في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية، من اشتراط أن يكون الطعن في قرارات أو صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، بتقرير موقع عليه من مائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية، وموثقًا على الإمضاءات الموقع بها عليه من الشهر العقاري.

نطاق السريان الزمنى لاستبعاد قيد الزميل على المجند المؤهل في ضم مدة الخدمة العسكرية


الدعوى رقم 25 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ" جلسة 2 / 11 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من نوفمبر سنة 2019م، الموافق الخامس من ربيع أول سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو   رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر ومحمود محمد غنيم والدكتور عبدالعزيز محمد سالمان والدكتور طارق عبدالجواد شبل وطارق عبد العليم أبو العطا     نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى    رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع        أمين السر

أصدرت الحكم الآتى
فى الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 25 لسنة 38 قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
شركة الغازات البترولية "بتروجاس"
ضــــد
قدرى على فتحى الشامى
الإجـراءات
بتاريخ السادس من يونيو سنة 2016، أودعت الشركة المدعية صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًة الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ القرار الصادر من غرفة مشورة بمحكمة النقض بجلسة 10/3/2016 في الطعن رقم 10044 لسنة 82 قضائية، والحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا بجلسة 17/4/2012 في الاستئناف رقم 413 لسنة 61 قضائية، والحكم الصادر من محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 26/3/2011 في الدعوى رقم 842 لسنة 2009 عمال كلى طنطا، وفى الموضوع: بعدم الاعتداد بالقرار والحكمين المشار إليها، والاستمرار في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/7/2011 في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمــــة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
   حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعى عليه، كان قد حصل على دبلوم تجارة سنة 1990 والتحق بالعمل بالشركة المدعية في 9/12/1997، التي رفضت ضم كامل مدة الخدمة العسكرية التي أمضاها إلى مدة خدمته بالشركة بداعي إعمال قيد زميل التخرج، وأقام الدعوى رقم 842 لسنة 2009 عمال كلى، أمام محكمة طنطا الابتدائية، مختصمًا فيها الشركة المذكورة وآخرين، بطلب أحقيته في ضم مدة الخدمة العسكرية التي أمضاها في الفترة من 7/10/1991 حتى 1/12/1993، وذلك إلى مدة خدمته بالشركة المشار إليها، مع ما يترتب على ذلك من آثار. وبجلسة 26/3/2011 قضت تلك المحكمة بأحقية المدعى عليه في ضم مدة خدمته العسكرية المطالب بها والبالغ مقدارها 44 يومًا، 11 شهرًا، سنة واحدة، إلى مدة خدمته بالشركة المدعية مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها الفروق المالية، وقد أسست المحكمة قضاءها ذاك على أن التعديل الذى تم على نص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية رقم 127 لسنة 1980 بموجب القانون رقم 152 لسنة 2009 رفع قيد الزميل كليًا – بأثر فورى – اعتبارًا من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية، استأنفت الشركة المدعية هذا القضاء، أمام محكمة استئناف طنطا، بالاستئناف رقم 413 لسنة 61 قضائية، وبجلسة 17/4/2012 قضت تلك المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف محمولاً على أسبابه، طعنت الشركة المدعية على حكم محكمة الاستئناف بالنقض وقيد طعنها برقم 10044 لسنة 82 قضائية، وبجلسة 10/3/2016 نظرت محكمة النقض الطعن المشار إليه في غرفة مشورة وقررت عدم قبول الطعن لأسباب حاصلها أن أحكام قانون الخدمة العسكرية والوطنية متعلقة بالنظام العام، وقد أدرك النص المستبدل الدعوى قبل استقرار المركز القانوني للمطعون ضده بحكم بات. وإذ ارتأت الشركة المدعية أن قرار محكمة النقض الصادر بعدم قبول الطعن تأييدًا لقضاء محكمة استئناف طنطا ومحكمة طنطا الابتدائية المشار إليه، يعوق تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/7/2011، في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية"، فقد أقامت الدعوى المعروضة.

وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. ومن ثم، تكون عوائـق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعة التي تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكـم صـدر عن المحكمة الدستورية العليـا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعـد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق - سـواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيـذ لا تُعـد طريقًا للطعن في الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.

وحيث إن الحجية المطلقة للأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا في الدعاوى الدستورية – على ما استقر عليه قضاؤها – يقتصر نطاقها على النصوص التشريعية التي كانت مثـارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصوص، حتى لو تطابقت في مضمونها. كما أن قوة الأمر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما هو متصل بهذا المنطوق من الأسباب اتصالاً حتميًّا لا تقوم له قائمة إلا بها.

وحيث إن المحكمة الدستورية العليا سبق لها أن قضت بحكمها الصادر بجلســة 31/7/2011، في الدعــوى رقم 101 لسنة 32 قضائيــة "دستورية"، بعــــدم دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية الصادر بالقانون رقم 127 لسنة 1980 المستبدلة بالقانون رقم 152 لسنة 2009 فيما نصت عليه من أن "يعمل بأحكام هذه المادة اعتبارًا من 1/12/1968 بالنسبة إلى المجندين المؤهلين".


وحيث إن حكم هذه المحكمة، المشار إليه، قد تساند في قضائه إلى "تناول نص الفقرة المقضي بعدم دستوريته مراكز قانونية اكتملت عناصرها قبل العمل بحكمها، مما ينطوي على أثر رجعى بإرجاعه أقدمية المجندين المؤهلين – بعد رفع قيد الزميل – إلى 1/12/1968، بالمخالفة للإجراءات المقررة بنص المادة (187) من دستور 1971". متى كان ما تقدم، فإن المناط في اعتبار النص المقضي بعدم دستوريته منطويًّا على أثر رجعى، يكون في مساسه بالمركز القانوني الذي اكتمل لزميل المجند المؤهـل قبل تعيين الأخيـر بالجهاز الإداري للدولة أو وحدات الإدارة المحلية أو الهيئات العامـــة، أو شركات القطاع العام، أو قطاع الأعمال العام، مما مؤداه قصر حكم هذه المحكمة، المشار إليه، نطاق السريان الزمنى لاستبعاد قيد الزميل، على المجند المؤهل الذى يتم تعيينه، في أي من الجهات الفائت ذكرها، في تاريخ لاحق على العمل بالنص المستبدل، دون نظيره ممن سبق تعيينه قبل العمل به، ولو كان مركزه القانوني لم يستقر بعد في تاريخ العمل بهذا النص.




إذ كان ما تقدم، وكان قرار محكمة النقض المؤيد لحكمي محكمة استئناف طنطا وطنطا الابتدائية، المشار إليها آنفًا، قد قضى للمدعى عليه بأحقيته في ضم مدة خدمته العسكرية، على الرغم من تعيينه في تاريخ سابق على العمل بنص المادة (44) من قانون الخدمة العسكرية والوطنية المستبدل حكمها بالقانون رقم 152 لسنة 2009، دون مراعاة قيد الزميل، فإن القضاء المنازع في تنفيذه، الصادر عن المحاكم الثلاث السالف ذكرها، يكون قد جاء مخالفًا للأسباب المرتبطة ارتباطًا حتميًّا بمنطوق حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر بجلسة 31/7/2011 في الدعوى رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية"، مما يُشكل عقبة في تنفيذه، الأمر الذى يستنهض ولاية هذه المحكمة لإزالة تلك العقبة والمضي في تنفيذ قضائها المار ذكره.
      وحيث إنه عن الطلب المستعجل بوقف تنفيذ الأحكام القضائية السالف بيانها، فإنه يُعد فرعًا من أصل النزاع حول منازعة التنفيذ المعروضة، وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء في موضوع الدعوى على النحو المتقدم، فإن هذا الطلب يكون قد بات غير ذى موضوع.
فلهــذه الأسبــاب
      حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 31/7/2011، في القضية رقم 101 لسنة 32 قضائية "دستورية"، وعدم الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة طنطا الابتدائية بجلسة 26/3/2011، في الدعوى رقم 842 لسنة 2009 عمال كلى طنطا، والحكم المؤيد له الصادر من محكمة استئناف طنطا بجلسة 17/4/2012، في الاستئناف رقم 413 لسنة 61 قضائية، والقرار الصادر تأييدًا له من محكمة النقض في غرفة مشورة بجلسة 10/3/2016، في الطعن رقم 10044 لسنة 82 قضائية، وألزمت المدعى عليه المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.