الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 20 أكتوبر 2019

الطعن 1273 لسنة 49 ق جلسة 23 / 5 / 1983 مكتب فني 34 ج 2 ق 253 ص 1271


جلسة 23 من مايو سنة 1983
برئاسة السيد المستشار الدكتور سعيد عبد الماجد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور أحمد حسني، يحيى الرفاعي، محمد طموم، وزكي المصري.
--------------
(253)
الطعن رقم 1273 لسنة 49 القضائية

1 - ضرائب "ضرائب الأرباح التجارية والصناعية". دعوى "الدعوى البوليصية".
دين الضريبة نشوؤه بمجرد توافر الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون. استحقاق ضريبة الأرباح التجارية سنوياً. منوط بنتيجة العمليات على اختلاف أنواعها التي باشرتها المنشأة خلال السنة. الحكم بعدم نفاذ تصرف الممول اللاحق لنشوء دين الضريبة قبل مصلحة الضرائب. صحيح.
2 - إعسار. دعوى "الدعوى البوليصية". إثبات "عبء الإثبات".
إثبات الإعسار على الدائن إثبات مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وعلى الأخير إثبات أن له مالاً يساوي قيمتها أو يزيد. (م 239 مدني).
3 - محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إعسار.
 استخلاص محكمة الموضوع - سائغاً - أن التصرف موضوع النزاع قد تسبب في إعسار المدين. النعي على الحكم أنه لم يحقق كفاية أموال المدين جدل موضوعي فيما لها من سلطة تقدير الدليل.
4 - نقض "السبب المفتقر للدليل".
النعي على الحكم التفاته عن مناقشة دفاع الطاعنة الجوهري بالتقادم. عدم تقديم الطاعنة ما يثبت أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع. نعى عار عن دليله.

---------------
1 - إن دين الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينشأ بمجرد الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون. وهذه الواقعة تولد مع ميلاد الإيراد الخاضع للضريبة. وإذ كانت الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تستحق سنوياً وكان استحقاقها منوطاً بنتيجة العمليات - على اختلاف أنواعها - التي باشرتها المنشأة خلال السنة، فإن ضريبة الأرباح التجارية المستحقة على النشاط التجاري الذي باشره المطعون ضده الثاني خلال السنوات من 1952 إلى 1964 تكون مستحقة سنوياً - ويكون الدين الناشئ عنها سابقاً في وجوده على تاريخ التصرف الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الطاعنة والمسجل في 27/ 5/ 1965 - وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك وجرى في قضائه على أن دين مصلحة الضرائب سابق في وجوده على تاريخ التصرف محل النزاع، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
2 - بحسب الدائن - إذا ادعى إعسار المدين وعلى ما تقضي به المادة 239 من القانون المدني - أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة هذه الديون أو يزيد عليها.
3 - إذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن مصلحة الضرائب أثبتت مقدار ما لها من دين في ذمة مدينها المطعون ضده الثاني في حين لم يقدم الأخير أو الطاعنة المتصرف إليها - دليلاً على أن للأول مالاً يساوي قيمة ذلك النقص أو يزيد عليه سوى شهادة تفيد مزاولته مهنة البقالة - رأت المحكمة أنها ليست لها قيمة في إثبات يساره فإن استخلاص الحكم أن التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين بإخراج العقار من متناول دائنيه - يكون استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق ويكون النعي عليه بأنه لم يحقق كفاية أموال المدين المتصرف للوفاء بديونه وبأنه استخلص إعساره من مجرد التصرف فيه نعي على غير أساس إذ لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
4 - إن الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دين الضريبة بالتقادم الخمسي ولا بسقوط دعوى نفاذ التصرف بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 243 من القانون المدني - ولا يبين ذلك من مدونات الحكم المطعون فيه أو غيره من أوراق الطعن ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب لالتفاته عن مناقشة هذا الدفاع يكون عارياً عن دليله.


المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصلحة الضرائب المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 727 لسنة 1972 مدني كلي طنطا على الطاعنة والمطعون ضده الثاني بطلب الحكم - أصلياً - بصورية عقد البيع المشهر تحت رقم 2627 بتاريخ 27/ 5/ 1965 - واحتياطياً بعدم نفاذه في حقها. وقالت بياناً لذلك إنها تداين المطعون ضده الثاني في مبلغ 2057.944 جنيه قيمة الضرائب المستحقة على نشاطه التجاري عن السنوات من 1952 إلى 1964. وإذ أوقعت بتاريخ 5/ 3/ 1969 حجزاً إدارياً عقارياً على العقار المبين بالصحيفة والمملوك لمدينها تبين أنه كان قد تصرف فيه إلى زوجته الطاعنة بعقد البيع المشار إليه، ولما كان هذا البيع قد تم بطريق الغش والتواطؤ بقصد التهرب من دين الضرائب الذي نشأ في ذمة المدين قبل التصرف وترتب عليه إعساره، وكانت زوجته تعلم أنه مدين ومعسر، فقد أقامت المصلحة الدعوى بطلباتها السابقة. وبتاريخ 30/ 5/ 1973 قضت المحكمة برفض طلب صورية عقد البيع، وقبل الفصل في طلب عدم نفاذ ذلك العقد بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عناصرها. وبتاريخ 11/ 2/ 1976 قضت المحكمة بعدم نفاذ عقد البيع المشهر بتاريخ 27/ 5/ 1965 في حق مصلحة الضرائب. استأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 182 لسنة 26 القضائية. وبتاريخ 4/ 4/ 1979 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض - وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعي الطاعنة بالسببين الأول والخامس منها على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب. وفي بيان ذلك تقول، إنها نازعت مع المطعون ضده الثاني في وجود دين في ذمته مستحق الأداء لمصلحة الضرائب سابق في نشوئه على تصرفه لها في المنزل محل النزاع، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن هذا الدفاع وأخذ بقول مصلحة الضرائب على إطلاقه من أنها دائنة للمطعون ضده الثاني دون أن يبين سبب ذلك الدين أو مصدره أو تاريخ استحقاقه رغم أنها شروط لقبول الدعوى، وذهب إلى أن الأوراق تفصح عن أن الدين غير متنازع فيه، وهو ما لم يقم عليه دليل من الأوراق - ويناقض ما أثبته الحكم الابتدائي من وجود نزاع في شأنه، فإن الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون قد شابه قصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن دين الضريبة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ينشأ بمجرد الواقعة المنشئة له طبقاً للقانون. وهذه الواقعة تولد مع ميلاد الإيراد الخاضع للضريبة. وإذ كانت الضريبة على الأرباح التجارية والصناعية تستحق سنوياً وكان استحقاقها منوطاً بنتيجة العمليات - على اختلاف أنواعها - التي باشرتها المنشأة خلال السنة، فإن ضريبة الأرباح التجارية المستحقة على النشاط التجاري الذي باشره المطعون ضده الثاني خلال السنوات من 1952 إلى 1964 تكون مستحقة سنوياً، ويكون الدين الناشئ عنها سابقاً في وجوده على تاريخ التصرف الصادر من المطعون ضده الثاني إلى الطاعنة والمسجل في 27/ 5/ 1965، وإذ التزم الحكم المطعون فيه ذلك وجرى في قضائه على أن دين مصلحة الضرائب سابق في وجوده على تاريخ التصرف محل النزاع استناداً إلى أن الربط الذي أخطر به المطعون ضده الثاني عن السنوات من 1960 إلى 1964 قد تم بناء على اتفاق بينه وبين المصلحة في 30/ 6/ 1971، 4/ 8/ 1971 مما يستفاد منه تحديد الدين وزوال المنازعة فيه قبل رفع الدعوى في 12/ 3/ 1972، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسببين الثاني والثالث - على الحكم المطعون فيه - الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إن محكمة الموضوع لم تتحقق من كفاية أموال المطعون ضده الثاني للوفاء بديونه واستخلصت إعساره من مجرد صدور التصرف منه دون أن تبين كيف أن هذا التصرف قد ترتب عليه إعسار المدين أو الزيادة في إعساره رغم أنه ما زال يملك متجراً ويزاول تجارته فيه فضلاً عن أن مصلحة الضرائب لم تنازع في أن الطاعنة دفعت ثمن المنزل الذي اشترته، وهو ما من شأنه القول بأن التصرف لم يترتب عليه إفقار المدين ما دام قد تلقى عوضاً، وبذلك يكون الحكم المطعون فيه قد قبل دعوى عدم نفاذ التصرف رغم تخلف أحد شروطها مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه بحسب الدائن - إذا ادعى إعسار المدين وعلى ما تقضي به المادة 239 من القانون المدني - أن يثبت مقدار ما في ذمة مدينه من ديون وحينئذ يكون على المدين نفسه أن يثبت أن له مالاً يساوي قيمة هذه الديون أو يزيد عليها. وإذا كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن مصلحة الضرائب أثبتت مقدار ما لها من دين في ذمة مدينها المطعون ضده الثاني في حين لم يقدم الأخير أو الطاعنة المتصرف إليها، دليلاً على أن للأول مالاً يساوي قيمة ذلك الدين أو يزيد عليه سوى شهادة تفيد مزاولته مهنة البقالة - رأت المحكمة أنها ليست لها قيمة في إثبات يساره، فإن استخلاص الحكم أن التصرف المطعون فيه قد تسبب في إعسار المدين بإخراج العقار من متناول دائنيه، يكون استخلاصاً سائغاً له أصله الثابت في الأوراق ويكون النعي عليه بأنه لم يحقق كفاية أموال المدين المتصرف للوفاء بديونه وبأنه استخلص إعساره من مجرد صدور التصرف منه، نعي على غير أساس، إذ لا يعدو أن يكون مجادلة فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير الدليل مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعي بالسبب الرابع، على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون. وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت بسقوط دين الضريبة بالتقادم لانقضاء خمس سنوات من تاريخ استحقاقه وفقاً للمادة الأولى من القانون رقم 646 لسنة 1953 وبسقوط دعوى عدم نفاذ التصرف بانقضاء ثلاث سنوات من تاريخ علم مصلحة الضرائب بالتصرف محل النزاع وهو علم مفترض من تاريخ شهر التصرف في 27/ 5/ 1965 - وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن مناقشة هذا الدفاع الجوهري، فإنه يكونه مشوباً بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول - ذلك أن الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بسقوط دين الضريبة بالتقادم الخمسي ولا بسقوط دعوى نفاذ التصرف بالتقادم الثلاثي المنصوص عليه في المادة 243 من القانون المدني، ولا يبين ذلك من مدونات الحكم المطعون فيه أو غيره من أوراق الطعن، ومن ثم فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب لالتفاته عن مناقشة هذا الدفاع يكون عارياً عن دليله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

خطاب الرئيس السادات في نادى القضاة فى١٠ أكتوبر ١٩٧٧

حديث الرئيس السادات
في لقائه بالمجلس الأعلى للهيئات القضائية
في نادى القضاة
فى١٠ أكتوبر ١٩٧٧ 
بسم الله
ايها الاخوة والاخوات
عندما اتحدث إليكم في ناديكم .. نادي القضاة .. وأنا أتشرف بزيارته لأول مرة .. بل لعلني اتشرف بان اكون أول رئيس للدولة في مصر يقوم بهذه الزيارة 
عندما اتحدث اليكم يا قضاة مصر ، فإنني اشعر من أعماق الاعماق انني اتحدث الى بعض عزيز غال من العائلة المصرية 
اشعر انني اخاطب فريقا من ابناء العائلة ، يمثل صفوة نقية طاهرة مؤمنة .. اختارتهم العائلة ووضعت فيهم كل الثقة وأعطتهم كل الحصانة ليكونوا حماتها ممن ضعفت نفوسهم .. وليكونوا مناعتها ممن اغواهم الشر والشيطان .. وليكونوا امنها وأمانها اذا ما هددها عابث في الظلام 
يا قضاة مصر انتم سلطان الحق الذى يدعم قوة الامة وسلطاتها واذا كان شعبنا المقاتل في ٦ اكتوبر قد حقق النصر بقوة الارادة وارادة القوة .. فان قضاءنا العادل قد أعلى الحق سياجا لنضال الارادة والقوة 
وصاحب الحق قوي بحقه .. انه السلطان العادل في ضمير كل انسان 
وسلطان القوة بغير الحق هو البطش وسلب الحقوق ، وهو اداة تدمير وعنصر جريمة .. وهو الدعوة السوداء الى شريعة الغاب 
وسلطان القوة بالحق ومن أجل الحق هو الردع والتقويم لدعوة الباطل وفعله ، وهو الانقاذ للإنسان من أنياب الغابة وافتراسها وهو أكاليل العدل والسلام تجلل هامة هذا الانسان .. وهو الدرع الحامي لمعصوب العينين تمسك بالميزان بيد ثابتة لا تهتز أبدا مهما فاجأتها العواصف والانواء قضاة مصر 
من وحى هذه المعاني ، التي لا يمكن ان يهرب من التفكير فيها حاكم او ومحكوم في هذا العالم المثقل بصراع المتناقضات 
ومن وحى هذه المعاني التي تهدمنا الى النظرة الواعية لطريق التحرير والبناء اتخذت القرار بان يكون الزى العسكري للقائد الاعلى مكللا بوشاح العدالة الذى تفضل مجلسكم الاعلى بإهدائه لي .. وبذلك يتمثل امامنا دائما وأمام من يريدون لنا خيرا او بنا شرا .. يتمثل امامهم ان رمزنا في نضال التحرير والبناء .. هو القوة والحق .. ولعلكم تذكرون ايها الاخوة يا قضاة مصر انني اعلنت في مجلس الشعب بعد انتصار قواتنا المسلحة في ملحمة اكتوبر الخالدة أعلنت انه قد اصبح للأمة درع وسيف 
وأعبر اليوم امامكم بيقين الثقة والراحة والاطمئنان ان قوة الدرع والسيف لامتنا يحميها ،يؤمنها ايمان بالحق و يعليه قضاة الامة بسيادة القانون .. ولن نعود الى الوراء واعلام ابنائها هي اعلام الحق .. وسواعد ابنائها هي عرق الاقوياء 
وانتم - ايها الاخوة يا قضاة مصر - انتم الاقوياء بإعلاء الحق من منصبة عالية لا ترتفع بعلوها بل هى تقترب بقلب القاضي من إلهام السماء ، وهى لا تهبط من علياء النور حتى تقول الكلمة الفاصلة متجردة من كل اغراءات الارض .. وقد سمحت لنفسي ان استطرد في هذه المعاني والافكار - وأنا أعد كلمتي لهذا اللقاء - بل لم تسمح لي نفسي إلا أن أهيم مع هذه المعاني والافكار .. لا جرياً وراء فذلكة لغوية او تشبيهات شاعرية .. بل معايشة كاملة للقيم الجليلة التي قدمها قضاء مصر عبر كل عهود العسف والقهر .. والتي جعلتنا نردد ونهتف بالعبارة المشهورة .. ( ان في مصر قضاة ) .. عايشت هذه الافكار وأنا أعد كلمتي لهذا اللقاء لأني عرفت بالتجربة ماذا يغلي به قلب المظلوم عندما تحاصره السهام في قفص الاتهام وكيف تمضي به الدقائق في محبسه وكأنها أطول الايام .. وماذا تمثل له هذه المنصة العالية المتجردة من الهوى والغرض .. وهو يتطلع الى كلمة حق منها هي أكسير الحياة كلها .. وكيف تنهشه الشكوك وتهزه الاوهام ، وهو قعيد زنزانته يتصور انه من الممكن ان يترك بها نسيا منسياً إلى آخر الأيام عايشت هذه الافكار وعادت بي الى أروع الذكريات التي تركت خطوطها العميقة في مسار لإنسان امتدت اليه يد العدالة واعطته امنه وحريته وهى تتحدى بحكمها وقرارها أعتى وأشرس قوى البغي والبطش بل وهي تقول للمستعمر الذي اذل الملك والزعامات والحكومات والاحزاب تقول هذه المنصة للمستعمر بكل هذا السلطان وهذا الهيلمان قف مكانك.. ان في مصر قضاء وقضاة .. واذا سمحتم لي ايها الاخوة القضاة ان تمضى بعض الكلمات مع هذه الذكريات .. فاني أقول ان منصة القضاء وانا في قفص الاتهام علمتني الشيء الكثير وهدتني الى الشيء الكثير ، ألهمتني القوة و انا ارى الجالس عليها أقوى بسلطان الحق والقانون من كل قوى متوحشة كانت تهدد امن هذا البلد وحرية أبنائه ، هدتني الى طريق الايمان .. وانا اثق ان الله قد هيأ لى ، وكل مظلوم ، ان تكون كلمة المصير هي لسان هذا الجالس على منصة النور ، ومن هنا كان لقائي بنفسي في وحدة الحبس الانفرادي ، كان لقاء الذات الذي يحتاج اليه كل انسان يجرفه صراع بعيدا عن كنه نفسه ومكنون ذاته وحين استوعبت لقاء الذات وجدت الجواب الصحيح الذي نقلني من الحيرة الى السكينة وحدد لي الهدف والمسار وعرفت ان الحياة ليست هي الانوار التي تبهر الابصار من حولنا . ولكنها هي النور الحقيقي المنبعث من اعماقنا ولو لم ينبهر ابصار غيرنا ، عرفت ان الحياة هي الرضاء عن النفس باقتناع النفس اولا قبل ان اقنع الاخرين عرفت ان القوة الكبرى هي قوة النفس عندما يحميها الايمان من كل اغراءات الهوى وشهوات هذه الحياة 
اغفروا لي ايها الاخوة القضاة اذا كنت قد مضيت بكم الى حديث عن النفس فإنني أرويه اعترافا صادقا وعرفانا عميقا بما تسلحت به في حياتي ، قضاء عادل وقاض جليل .. يعطى لشعبه الامن والطمأنينة والثقة والأمان 
ولاشك ان هذا يضاعف من ايماننا جميعا بان مجتمعنا يجب ان يوفر لقضاته الجالسين والواقفين كل مطالب حياتهم التي تنأى عن أدنى شبهة وحتى القاضي بكل جهده واجتهاده لأداء أنبل رسالة وأرجو أن يوفقنا الله ونحن نواجه اكبر التحديات الاقتصادية ان نوفر لهذه المنصة العالية ما يجعلها دائما ابدا عالية فاذا كانت سيادة القانون هي للملايين صمام الامن والأمان فأجدر بنا ان نحقق كل الامن لمن يجعلون من سيادة القانون حقيقة بارزة في حياة مجتمعنا وأول مظلة القاضي وامانه هي استقلال القضاء .. واستقلال القضاء لا يعني مجرد النص في دستور او تشريع ولكنه يعنى اولا وقبل كل شيء التزام كل السلطات التزاما صارما باستقلال سلطة القضاء وهذا الالتزام الصارم الذي لا يحتمل أي اهتزاز هو التزام الحاكم قبل المحكوم . فرسالة الحاكم هي صون لرسالة القضاء والحاكم الذى يخضع في قراره لأى ضغط أو تهديد يمزق أمانة مسئوليته والقضاء هو السلطان الاول على كل حاكم ومحكوم. 

أيها الاخوة يا قضاة مصر
اذا كان لي كمواطن ، يؤمن بأن سلطة القضاء هي من أفضل العناصر في حركة المجتمع نحو العدل والمساواة في الحقوق والواجبات .. اذا كان لي ان ادلى برأي اعتقد أنني اعتز به عن صوت الجماهير .. فاسمحوا لي ان اقول انه قد آن الأوان أن نحدث ثورة في اجراءات التقاضي ، لقد تحدث معي في هذا الشأن إخوتي من اعضاء المجلس الاعلى والنادي .. علينا جميعا ان نحمى المنصة العالية من تعدد وتعقيد هذه الاجراءات ومن استثمار المتقاضين لثغرات في القانون.. تضع عراقيل الوقت أمام إعمال القانون لسيادته فتصل إلينا كلمة العدالة بطيئة بعد رحلة طويلة .. العدل البطيء هو نكوص عن حركة المجتمع التي تطورت اليوم الى الانطلاق السريع المذهل .. وتحضرني في هذا المقام كلمة كلما ازداد عدد القوانين التي تسنها ازداد اغراؤك للناس بالخروج عليها 

واذا انطبقت هذه الحقيقة على القضاء الجالس .. فهي اكثر انطباقا على القضاء الواقف ، ان الجماهير تشكو من بطء اجراء التحقيق وتقديم القرار الى المنصة العالية وقد اصبح هذا ملحوظاً في تحقيقات هامة يتابعها الرأي العام ليطمئن علي سيادة القانون على الكبير قبل الصغير بل ان بطء اجراءات التحقيقات قد استثمره الصائدون في الماء العكر لكي يشككوا في سيادة القانون ، ومن أجل هذا فان الشعب ينتظر من قضائه ان يقوم ثورة في اجراءات التقاضي 

ولقد اسعدني اعظم سعادة أن أستمع الى تقرير السيد وزير العدل عن التعزيز الذى تم للهيئات القضائية حتى تنهض بواجبها ، في هذا إنني اعلم علم اليقين ما يلاقيه قضاتنا من ضغوط العمل ومن مشقة المسئولية ولكنى اطالبكم كما يطالبكم الشعب بمزيد من هذا العمل حتى تصل اليه العدالة ويطالبكم أيضا أن تعلوا امام الكل حتى لا يكون لحاقد او لموتور كلمة يتذرع بها عن سيادة القانون ويسعدني ان أعلن انني لمست في لقائي الاخير بأعضاء المجلس الاعلى للقضاء عندما تفضلوا بإهدائي وشاح القضاة ، لمست تفهما واقبالا صادقا وحماسة نقية لكل ما من شأنه ان يدعم بناء سلطان القضاء ولكل ما يستجيب الى نبض المجتمع مجتمع ٢٣ يوليو ١٥، مايو مجتمع اكتوبر المتشبث بالسيادة الكاملة للقانون 

ايها الاخوة يا قضاة مصر
لقد استمعت الى من تحدث من قبل من زملاء ، ولقد ضمدتم جراحي مرتين ، الاولى حينما كنت في قفص الاتهام امام قضاة مصر وكما قلت وذكرت لكم من قبل كانت تذل في تلك الوقت اعناق الزعامات .. اعناق الملوك اعناق الحكومات كانت تذل امام المستعمر ولكن في تلك القاعة التي زرتها اليوم واسعد دائما بزيارتها كلما اجتمع المجلس الاعلى للهيئات القضائية .. جلس قضاة ثلاثة من قضاة مصر لكى يتحدوا ارادة المستعمر بكل ما كان له من جنود واسلحة على الارض وبكل ما كان له من قوة تذل لها اعناق الملك والاحزاب والزعماء ووقف وكيل النيابة شاب كان لابد ان يقدم رقبتي الى المشنقة ، بحكم عمله ولكنه استهل مرافعته في ذلك الوقت وفي تلك الاجواء التي احكى لكم عنها وقال ان كل كلب ينبح في مصر يقول لبريطانيا اخرجي من مصر ، ضمدتم جراحي .. وصدرت كلمة القضاة الثلاثة عالية مدوية شامخة تعلو كل الهامات .. صدرت .. فضمدتم جراحي لأول مرة .. واليوم حين آتى الى ناديكم ويقف زميل من قضاة مصر وكأنه يعيش ما عانيته واعانيه احس في هذا المكان انني بين اخوة واصفياء .. احس في المكان بروعة هذا اللقاء مع قضاة مصر 

لقد تقدم بعض الاخوة ببعض ما يريده قضاة مصر ولقد تعودت منذ كانت أبصاري معلقة بتلك المنصة ان استجيب لكل ما تقول ، لقد حكمتم وليس لي الا ان أصدق علي هذا الحكم والعبور إلي لاظوغلى سيتحقق ان شاء الله واجراءات العناية الطبية وانا مشغول بها من ضغط العمل الذى أشعر انكم تلاقونه كل يوم .. ومما يقع من احداث لقضاتنا .. من اجل ذلك والى ان يتم انشاء مستشفى خاص ستقوم رئاسة الجمهورية بعمل الترتيبات اللازمة لكى يحجزوا لكم جناحا في مستشفى المعادي وليس لي في بقية الطلبات الا ان استجيب بلا نقض ولا ابرام 

اما اخوتنا من هذه العائلة المقدسة الذين أدوا واجبهم فباسمكم وباسم الشعب فإنني أهدي إليهم الأوسمة واسمحوا لي إن كان هناك وسام يعطى لصاحب الحق في ان يطلق عليه صاحب المقام الرفيع اسمحوا لي أمامكم وقد هزني وجود هذا القاضي الجليل الذي طالما تشبثت عيناي بمنصته وهو يعد الكلمة ليقول كلمة قضاة مصر اسمحوا لي ان أهدي إليه هذا الوسام له ولكم جميعا فليس في مصر صاحب مقام رفيع غير القضاء .. أيها الاخوة القضاة هذا حديثنا حديث العائلة المصرية نتجاذبه ونتبادل بروح السماحة والمودة والحب ساعتين معا وعاملين معا بكل ما في وسعنا من جهد وعرق وبكل زادنا من العلم والايمان لكي نحقق المجتمع

الطعن 559 لسنة 55 ق جلسة 6 / 3 / 1985 مكتب فني 36 ق 57 ص 334


جلسة 6 من مارس سنة 1985
برياسة السيد المستشار/ محمد وجدى عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ابراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة ومحمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة ومحمد رفيق البسطويسى نائب رئيس المحكمة ومحمود بهى الدين عبد الله.
-------------
(57)
الطعن رقم 559 لسنة 55 القضائية

 (1)امتناع عن تنفيذ حكم. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. اعلان. عقوبة "توقيعها".
العقوبة المقررة لجريمة الامتناع عن تنفيذ حكم. توقيعها مشروط بإنذار الموظف المختص بالتنفيذ لتحديد مبدأ المهلة الممنوحة لإجرائه خلالها. وانقضائها دون اتمامه. المادة 123 عقوبات.
 (2)امتناع عن تنفيذ حكم. إعلان "إعلان السند التنفيذي". موظفون عموميون. قانون "تفسيره". بطلان. عقوبة "توقيعها".
اعلان السند التنفيذي الى المدين. اجراء لازم قبل الشروع في التنفيذ. أيا كان نوعه والا كان باطلا. المادة 281 مرافعات. مبدأ شخصية العقوبة. مؤداه؟

-------------
1 - لما كان المادة 123 من قانون العقوبات قد نصت على ان يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو أية جهة مختصة. وكذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من انذاره على يد محضر اذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا في اختصاص الموظف مما مفاده اشتراط الشارع أن يقوم طالب التنفيذ بإنذار الموظف المختص المطلوب اليه التنفيذ لتحديده بدأ مهلة الثمانية أيام الممنوحة للتنفيذ خلالها والتي يستحق العقاب بانقضائها اذا امتنع عمدا عن التنفيذ.
2 - من المقرر ان اعلان السند التنفيذي الى المدين تطبيقا لنص الفقرة الأولى من المادة 281 من قانون المرافعات اجراء لازم قبل الشروع في التنفيذ أيا كان نوعه - والا كان باطلا، ولا يغنى عنه مجرد اعلان الموظف المختص المطلوب اليه التنفيذ بصحيفة الجنحة المباشرة المرفوعة عليه بطلب عقابه طبقا لنص المادة 123 من قانون العقوبات، ذلك بأنه لا يتصور ان يكون الشارع بإغفاله النص على هذا الاجراء في المادة 123 من قانون العقوبات قد قصد الخروج عن القواعد العامة لتنفيذ الأحكام اذ ان الغاية التي استهدفها الشارع من سبق اعلان السند التنفيذي الى المدين تطبيقا لنص المادة 281 من قانون المرافعات انما هي اعلانه بوجوده واخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتحديد امكان مراقبة استيفاء السند المنفذ به جميع الشروط الشكلية والموضوعية. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فانه يكون قد اقترن بالصواب. ولا يغير من ذلك أن يكون السند التنفيذي قد أعلن من قبل لغير المطعون ضدهما اذ الأصل عدم جواز العقاب الا لمن تحققت بالنسبة له اركان الجريمة لأن العقوبة شخصية لا يحكم بها الا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها.


الوقائع
اقامت المدعية بالحقوق المدنية دعواها بطريق الادعاء المباشر ضد المطعون ضدهما امام محكمة جنح امبابة بوصف انهما امتنعا عن تنفيذ القرار الصادر من الاعتراض رقم 314 لسنة 1972. وطلبت معاقبتهما بالمادة 123 من قانون العقوبات مع الزامهما متضامنين بأن يدفعا لها مبلغ واحد وخمسين جينها على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت غيابيا عملا بمادة الاتهام بحبس كل من المتهمين (المطعون ضدهما) سنة مع الشغل وكفالة مائة جنيه لإيقاف التنفيذ والعزل والزامهما بأن يدفعا بالتضامن للمدعية بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت. عارض (المطعون ضدهما) وقضى في معارضتهما بقبول المعارضة شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فاستأنف (المطعون ضدهما). ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين مما نسب اليهما ورفض الدعوى المدنية.
فطعنت المدعية بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق... الخ.


المحكمة
من حيث ان مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه قضى ببراءة المطعون ضدهما من جريمة الامتناع عن تنفيذ حكم ورفض الدعوى المدنية قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه قد بنى قضاءه على عدم اعلان القرار الصادر من اللجنة القضائية بالإصلاح الزراعي في الاعتراض رقم 314 لسنة 1972 الى المطعون ضدهما برغم ان قانون الاصلاح الزراعي قد أوجب تنفيذ القرارات التي تصدرها تلك اللجنة بمجرد اعتمادها من الهيئة العامة للإصلاح الزراعي، واذ كان قرار اللجنة قد صدقت عليه الهيئة بتاريخ 27/ 7/ 1974 فقد كان حريا بها ان تبادر بتنفيذه، ولا محل للتذرع بنص المادتين 281 من قانون المرافعات و123 من قانون العقوبات من وجوب اعلان المحكوم عليها بالسند التنفيذي وانذاره بالتنفيذ هذا الى انه المطعون ضدهما قد أعلنا بصحيفة الجنحة المباشرة ومع هذا لم ينفذا القرار الصادر لصالح الطاعنة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه ببراءة المطعون ضدهما ورفض دعوى الطاعنة بالتعويض على أساس أنها لم تعلنهما بصورة القرار الصادر لصالحها في الاعتراض رقم 314 لسنة 1972 اعمالا لنص المادة 281 من قانون المرافعات وانتهت الى أن اغفال هذا الاجراء من شأنه أن تفقد الجريمة المرفوعة بها الدعوى أحد عناصرها. لما كان ذلك، وكانت المادة 123 من قانون العقوبات قد نصت على أن يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الاوامر الصادرة من الحكومة أو احكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الاموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم صادر من المحكمة أو أية جهة مختصة. وكذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من انذاره على يد محضر اذا كان تنفيذ الحكم او الامر داخلا في اختصاص الموظف مما مفاده اشتراط الشارع أن يقوم طالب التنفيذ بإنذار الموظف المختص المطلوب اليه التنفيذ لتحديد بدء مهلة الثمانية أيام الممنوحة له للتنفيذ خلالها والتي يستحق العقاب بانقضائها اذا امتنع عمدا عن التنفيذ، وكان من المقرر أن اعلان السند التنفيذي الى المدين تطبيقا لنص الفقرة الاولى من المادة 281 من قانون المرافعات اجراء لازم قبل الشروع في التنفيذ أيا كان نوعه - والا كان باطلا، ولا يغنى عنه مجرد اعلان الموظف المختص المطلوب اليه التنفيذ بصحيفة الجنحة المباشرة المرفوعة عليه بطلب عقابه طبقا لنص المادة 123 من قانون العقوبات، ذلك بأنه لا يتصور أن الشارع بإغفال النص على هذا الاجراء في المادة 123 من قانون العقوبات قد قصد الخروج عن القواعد العامة لتنفيذ الاحكام اذ أن الغاية التي استهدفها الشارع من سبق اعلان السند التنفيذ الى المدين تطبيقا لنص المادة 281 من قانون المرافعات انما هي اعلانه بوجوده واخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتحديد امكان مراقبة استيفاء السند المنفذ به جميع الشروط الشكلية والموضوعية. واذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر، فانه يكون قد اقترن بالصواب. ولا يغير من ذلك أن يكون السند التنفيذي قد أعلن من قبل لغير المطعون ضدها اذ الاصل عدم جواز العقاب الا لمن تحققت بالنسبة له أركان الجريمة لان العقوبة شخصية لا يحكم بها الا على من ارتكب الجريمة أو شارك فيها. لما كان ما تقدم، فان الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع إلزام الطاعنة المصاريف المدنية ومصادرة الكفالة.

الطعن 658 لسنة 47 ق جلسة 19 / 3 / 1978 مكتب فني 29 ق 55 ص 291

جلسة 19 من مارس سنة 1978
برياسة السيد المستشار حسن علي المغربي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يعيش رشدي، ومحمد وهبه، ومحمد عبد الحميد صادق، ومحمد علي بليغ.
------------
(55)
الطعن رقم 658 لسنة 47 القضائية
امتناع موظف عام عن تنفيذ حكم. قانون. "تفسيره". جريمة. "أركانها". موظفون عموميون.
إعلان الصورة التنفيذية للحكم المنفذ به إلى الموظف المختص المطلوب إليه تنفيذه. شرط لانطباق المادة 123 عقوبات.
---------------
لما كان الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بني قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على تخلف الركن المادي للجريمة المنصوص عليها في المادة 123 من قانون العقوبات لعدم إعلان المتهم المطعون ضده بالصورة التنفيذية للحكمين المطلوب إليه تنفيذهما واكتفاء الطاعن بإنذاره بالتنفيذ وكان ما أورده الحكم فيما تقدم وأسس عليه قضاءه صحيحاً في القانون ذلك بأنه لما كانت المادة 123 من قانون العقوبات قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف" مما مفاده اشتراط الشارع أن يقوم طالب التنفيذ بإنذار الموظف المختص المطلوب إليه التنفيذ لتحديد مبدأ مهلة الثمانية أيام الممنوحة له للتنفيذ خلالها والتي يستحق بانقضائها العقاب - إذا امتنع عمداً عن التنفيذ وكان من المقرر أن إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 281 من قانون المرافعات. إجراء لازم قبل الشروع في التنفيذ - أياًً كان نوعه - وإلا كان باطلاً فإنه لا يتصور أن يكون بإغفاله إيراد هذا الإجراء في النص المؤثم لامتناع الموظف عن تنفيذ حكم قد قصد الخروج عن القواعد العامة لتنفيذ الأحكام - ذلك أن الحكمة التي استهدفها المشرع من سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 281 من قانون المرافعات هي إعلانه بوجوده وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله إمكان مرافقة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية - لما كان ذلك، وكانت هذه الحكمة مستهدفة في جميع الأحوال - وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم هذا النظر فيما أقام عليه قضاءه فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون النعي في هذا الخصوص في غير محله.

الوقائع
أقام الطاعن (المدعي بالحقوق المدنية) دعواه بالطريق المباشر ضد المتهم أمام محكمة الأزبكية الجزئية بوصف أنه امتنع عن تنفيذ أحكام نهائية وطلب معاقبته بالمادة 123 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة الأزبكية الجزئية قضت حضورياً ببراءة المتهم ورفض الدعوى المدنية وألزمت رافعها المصروفات. فاستأنف المدعي بالحقوق المدنية (الطاعن) هذا الحكم فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.

المحكمة
حيث إن المدعي بالحقوق المدنية ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى برفض الدعوى المدنية تأسيساً على قضائه بالبراءة قد شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال. ذلك بأنه اعتبر تسليم الصورة التنفيذية للحكم المنفذ به - إلى جهة الإدارة المنفذ عليها التي يمثلها المطعون ضده شرطاً لتوافر الركن المادي في الجريمة المنصوص عليها في المادة 123 من قانون العقوبات في حين أن النص المذكور قد خلا من هذا الشرط ولم يتطلب سوى إنذار الموظف المختص بالتنفيذ على يد محضر ومضي ثمانية أيام على الإنذار مع امتناعه عن التنفيذ - وهو الأمر الذي توافر في الدعوى المطروحة - هذا وقد ذهب الحكم إلى أن الطاعن تقاعس عن تقديم الحكمين المنفذ بهما إلى الهيئة التي يمثلها المتهم - المطعون ضده بعد طلبهما بكتابين مسجلين مع أن الهيئة لم تقدم ما يفيد استلام الطاعن هذين الكتابين رغم مطالبته بذلك بخطابين مسجلين.
وحيث إن الحكم الابتدائي - المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بنى قضاءه بالبراءة ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على تخلف الركن المادة للجريمة المنصوص عليها في المادة 123 من قانون العقوبات لعدم إعلان المتهم المطعون ضده بالصورة التنفيذية للحكمين المطلوب إليه تنفيذهما واكتفاء الطاعن بإنذاره بالتنفيذ وكان ما أورده له الحكم فيما تقدم وأسس عليه قضاءه صحيحاً في القانون. ذلك بأنه لما كانت المادة 123 من قانون العقوبات قد نصت في فقرتها الثانية على أنه "يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمداً عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف "مما مفاده اشتراط الشارع أن يقوم طالب التنفيذ بإنذار الموظف المختص المطلوب إليه التنفيذ لتحديد مبدأ مهلة الثمانية أيام الممنوحة له للتنفيذ خلالها" والتي يستحق بانقضائها العقاب - إذا امتنع عمداً عن التنفيذ وكان من المقرر أن إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 281 من قانون المرافعات. إجراء لازم قبل الشروع في التنفيذ - أياً كان نوعه - وإلا كان باطلاً فإنه لا يتصور أن يكون الشارع بإغفاله إيراد هذا الإجراء في النص المؤثم لامتناع الموظف عن تنفيذ حكم قد قصد الخروج عن القواعد العامة لتنفيذ الأحكام - ذلك أن الحكمة التي استهدفها المشرع من سبق إعلان السند التنفيذي إلى المدين تطبيقاً للفقرة الأولى من المادة 281 من قانون المرافعات هي إعلانه بوجوده وإخطاره بما هو ملزم بأدائه على وجه اليقين وتخويله إمكان مرافقة استيفاء السند المنفذ به لجميع الشروط الشكلية والموضوعية، لما كان ذلك، وكانت هذه الحكمة مستهدفة في جميع الأحوال - وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فيما أقام عليه قضاءه فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء ويكون النعي عليه في هذا الخصوص في غير محله، أما ما ينعاه الطاعن من أن الحكم استند في قضائه إلى أن الهيئة التي يمثلها المطعون ضده قد أرسلت إليه كتابين مسجلين تدعوه فيهما إلى تقديم الحكمين المنفذ بهما رغم عدم تقديم الهيئة ما يفيد استلامه هذين الخطابين فإنه مردود بأنه وإن كان الحكم قد أشار في مدوناته إلى أن المدافع عن المطعون ضده قدم خطابين موجهين إلى الطاعن بشأن تقديم الصورة التنفيذية للحكمين إلا أنه لم يفصح عن تعويله على هذين الخطابين في تكوين معتقده في الدعوى - وإذ ما كان البيان المعول عليه في الحكم هو ذلك الجزء الذي يبدر منه اقتناع القاضي دون الأجزاء الخارجة عن هذا البيان فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل - لما كان ما تقدم - فإن الطعن برمته يكون على غير أساس معيناً رفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصاريف.

السبت، 19 أكتوبر 2019

الطعنين 11 ، 12 لسنة 14 ق جلسة 31 / 3 / 2019 مدني

باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي 
حـــاكم إمــارة رأس الخيمـة 
------------------------- 
محكمـــــــة تمييـــز رأس الخيمــة 
الدائــــرة المدنية 
برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح 
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بــإمارة رأس الخيمة
في يوم الأحد 24 من رجب سنة 1440 هـ الموافق 31 من مارس سنة 2019
أصدرت الحكم الآتي: 
في الطعـنين المقيدين في جدول المحكمة برقمي 11 و12 لسنـــة 14 ق 2019 – مدني 
المرفوع أولهما من: 
1 - .... 2 - ....3 - .... بوكالة المحامي / .... 
ضـــــــــــــــد 
1 - سعادة المستشار/ النائب العام 
2 - .... بوكالة المحامي / .... 
3 - .... بوكالة المحامي / .... 
وثانيهما من: 
.... بوكالة المحامي / .... 
ضـــــــــــــــد 
1 - .... 2 - .... 3 - دائرة بلدية رأس الخيمة ويمثلها النائب العام 4 - .... 5 - .... 6 - .... بوكالة المحامي / .... 
الوقـــــــــائــع 
أولاً : الطعن رقم 11/2019 
في يـوم 05/02/2019 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة في الاستئنافات أرقام 92 و93 و96 لسنة 2018 الصادر بتاريخ 10/12/2018 بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع بنقضه. 
وفي06/02/2019 أُعلن المطعون ضدهما الأول والثالث بصحيفة الطعن . 
وفي14/02/2019 أُعلن المطعون ضده الثاني بصحيفة الطعن . 
وفي 17/02/2019 أودع المطعون ضده الثالث مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. 
وفي28/02/2019 أودع المطعون ضده الثاني مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. 
وفي 03/03/2019 قررت المحكمة رفض طلب وقف التنفيذ. 
ثانياً: الطعن رقم 12/2019 
في يـوم 05/02/2019 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة الاستئناف المشار إليه بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً. 
وفي06/02/2019 أُعلن المطعون ضدهم بصحيفة الطعن . 
وفي21/02/2019 أودع المطعون ضده السادس مذكرة بدفاعه طلب فيها رفض الطعن. وفي 03/03/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فقررت ضمه إلى الطعن رقم .... لسنة 14 ق 2019 للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد، وإذ رأت أن الطعنين جديران بالنظر فقد حـددت لنظرهما جلسة 17/03/2019 وفيها نظرت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم. 
المحكمـــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر/ علي عبد الفتاح جبريل والمرافعة وبعد المداولة. 
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية. 
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق– تتحصل في أن المطعون ضده الثالث في الطعن رقم 11 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة أقام على الطاعنين الأول والثالث فيه والدائرة المطعون ضدها الأولى الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة بطلب الحكم - وفقا للطلبات الختامية فيها - أولا: بطرد الطاعن الثالث من المساحة المغتصبة من أرض المطعون ضده من الجهة الجنوبية وقدرها 358939 قدماً مربعاً (الجزء المهشر) وكذا من الجهة الغربية ( عزب وزرائب الجمال) وإزالة السياج المقام من الغرب مع تسليمها إليه خالية من الأشخاص والشواغل. ثانيا: ببيان الحد الفاصل بين عقار المطعون ضده الثالث وعقار الطاعن الأول طبقاً للمستندات الصادرة من المطعون ضدها الأولى والموضحة بتقريرها الصادر بتاريخ 30/11/2014. ثالثا: بإلزام المطعون ضدها الأولى بوضع علامات محددة لأرض النزاع طبقا لتقريرها وما انتهى إليه تقرير الخبرة، وقال بياناً لذلك إنه يمتلك القسيمة الزراعية رقم .... الكائنة بمنطقة المقورة ومساحتها 4578575 قدما مربعا، وجزء من تلك الأرض من الجهة الجنوبية "مهشر" بموجب المخطط رقم .... ، ولكن صدر قرار بأمر من سمو الحاكم بتاريخ 17/2/1997 صدر بموجبه المخطط رقم .... باسم الشيخ .... متضمنا أن مساحة الأرض الكلية 4578575 قدما مربعا، وصدرت للأخير بتلك المساحة وثيقة الملكية رقم .... بتاريخ 12/1/1998 وفقا للمخطط المشار إليه والأبعاد المذكورة فيه، وقد آلت ملكية تلك الأرض إلى المطعون ضده الثالث بموجب وثيقة الملكية رقم .... بتاريخ 1/3/1998 وذلك بالشراء من الشيخ .... ، وأشير في تلك الوثيقة إلى رقم المخطط المشار إليه، وإذ قام الطاعن الثالث بالاعتداء على جزء من تلك الأرض من الجهة الجنوبية مساحته 41289.88 مترا مربعا، وضمه إلى أرض نجله الطاعن الأول، وصدر حكم بات بعدم ملكيتهما لهذا الجزء، فقد تقدم بطلب إلى بلدية رأس الخيمة لتحديد مساحة القسيمة الزراعية المملوكة له رقم .... وتحديد المساحة المعتدى عليها وشكل ونوع الاعتداء، وبتاريخ 30/11/2014 صدر تقرير من دائرة بلدية رأس الخيمة – إدارة التخطيط والمساحة - مفاده أن المطعون ضده الثالث يحمل وثيقة الانتقال رقم .... والمخطط رقم .... وذلك عن الأرض رقم .... والتي آلت إليه بالشراء من الشيخ .... ، وأن تلك الأرض بها مخططات محفوظة لدى دائرة التخطيط متعلقة بمزرعة المطعون ضده الثالث المخطط رقم .... باسم الشيخ .... بمساحة 4578575 قدما مربعا، وذكر في بند الملاحظات: (صدر هذا المخطط حسب أمر سمو الحاكم بتاريخ 17/2/1997) وهذا الأمر هو الخاص برفع الجزء المهشر وضمه باسم الشيخ .... ، فأصبحت بذلك ملكيته 4578575 قدماً مربعاً، قبل أن يقوم ببيع الأرض له، وأن الطاعن الثالث قام باستغلال مساحة من أرض المطعون ضده الثالث من الجهة الجنوبية قدرها 41289.88 مترا مربعاً مزروعة بالحشائش، مما تكون معه دائرة البلدية قد أنهت النزاع بهذا التقرير الذي صدر مفصلاً بالوثائق والمخططات والمعاينات، الأمر الذي يتضح معه ملكية المطعون ضده الثالث لأرض النزاع وأحقيته في استردادها من الطاعن الثالث الذي قام باستغلالها وإدخالها في ملك ابنه الطاعن الأول، كما أوضح التقرير مساحة الأرض المملوكة للمطعون ضده الثالث، وتلك المملوكة للطاعن الأول من الجهة الجنوبية لأرض المطعون ضده الثالث مما يحق معه للأخير طلب رسم الحد الفاصل بين الأرضين، ومن ثم أقام الدعوى. دفع الطاعن الثالث بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة، وبعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها في الطعنين رقمي 4 و7 لسنة 2011 تمييز مدني رأس الخيمة. طلبت الدائرة المطعون ضدها الأولى رفض الدعوى بالنسبة إليها لعدم الخصومة. أدخل الطاعنان الأول والثالث في الطعن رقم 11 لسنة 2019 تمييز مدني الطاعنة الثانية فيه، والمطعون ضده الرابع في الطعن رقم 12 لسنة 2019 تمييز مدني خصمين جديدين في الدعوى بطلب إلزام الدائرة المطعون ضدها الأولى بما ألزمت به نفسها. 
هذا وكان المطعون ضده الثالث في الطعن الأول قد أقام الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة على الطاعن الثالث فيه بطلب الحكم بطرده من المساحة المغتصبة الكائنة بالجهة الغربية من الأرض رقم .... المملوكة له بموجب وثيقة الانتقال رقم .... والمخطط رقم .... مع التسليم وذلك على سند من ملكيته للمساحة التي تدخل ضمنها أرض النزاع على التفصيل السالف بيانه في الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة، وأن الطاعن الثالث قام بالاعتداء على الجزء الغربي من الأرض واستغلاله وهو عبارة عن عزب وزرائب وفقا للتصوير الجوي وتقرير المساح، وإذ ثبتت ملكيته للأرض، كما ثبت هذا الاعتداء بموجب تقرير البلدية المؤرخ 30/11/2014 والمشار إليه آنفا، فقد أقام الدعوى. كما أقام الطاعنان الأول والثالث في الطعن رقم 11 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة الدعوى المقابلة رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة على المطعون ضده الثالث – الطاعن في الطعن رقم 12 لسنة 2019 – ودائرة الأشغال بحكومة رأس الخيمة بطلب الحكم: أولا: برفض الدعوى الأصلية لعدم الصحة والثبوت. ثانيا: بتنفيذ الكتاب الوارد إلى معالي المستشار رئيس دائرة المحاكم فيما عدا ما ورد بالبند (1) منه، والذي به خطأ في المساحات الواردة به بما يخالف الرسوم والكروكيات السابقة والمرسلة من قبل دائرة التخطيط، وأن الكتاب الوارد بتاريخ 12/4/2015 يناقض الكتاب الثاني الوارد بتاريخ 27/4/2015 في المساحات، مع التمسك بالبند الثاني بالمساحة بالكتاب الأول فيما يخص أولاد الطاعن الثالث. ثالثا: بتقسيم الأرض موضوع النزاع وتحديدها حسبما ورد بالمستندات الموجودة لدى الطرفين، وما ورد بكروكي المخطط الوارد بدائرة التخطيط والمساحة الصادر بتاريخ 2/9/1985 وتقرير الخبير .... ، وإعادة المساحات الزائدة إلى دائرة الأراضي، وقالا بياناً لذلك إن المطعون ضده الثالث أقام الدعويين رقمي .... و.... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة رغم عدم جواز نظرهما لسابقة الفصل فيهما في الدعويين رقمي .... لسنة 2008 و.... لسنة 2009 مدني كلي رأس الخيمة والاستئنافين رقمي .... و.... لسنة 2009 والطعنين رقمي .... و.... لسنة 6 ق تمييز مدني رأس الخيمة، واستند المطعون ضده المذكور في ذلك إلى الإفادة الصادرة عن دائرة البلدية برأس الخيمة بتاريخ 30/11/2014 رغم أنها مجرد إفادة داخلية صدرت بناء على مراسلات داخل الدائرة ليس لها صفة الرسمية، ورغم أن أرض النزاع موقوفة وملغاة بقرار من سمو الحاكم، كما أن هناك رسالة صادرة بتاريخ 7/9/2014 من إدارة التخطيط والمساحة إلى سعادة .... مدير عام دائرة البلدية تفيد أن المطعون ضده الثالث يملك القسيمة الزراعية العائدة إليه بالشراء من الشيخ .... الصادر بموجبها المخطط رقم (....) ووثيقة الانتقال رقم (....) وتبلغ المساحة الإجمالية لها حسب المخطط ما يعادل 4578575 قدما مربعا، وأن المطعون ضده المذكور ومن خلال مرفقات المعاملة قام بشراء القسيمة من الشيخ .... بموجب ورقة خارجية لم تحدد بها مساحة القسيمة، وإنما قام المذكور بوضع المساحة بنفسه وذلك وفق ما أدلى به شهود عقد البيع، كما صدر أمر من صاحب السمو الشيخ .... طيب الله ثراه مؤرخ 29/6/1998 بتحديد المساحة المبيعة من الشيخ .... فقط دون إعطاء المذكور أي مساحة زائدة، وهذه الإفادة الصادرة عن إدارة التخطيط والمساحة ترد على مزاعم المطعون ضده الذي وضع حدود أرضه بنفسه، ونسب إلى نفسه ملكية أرض لا يملك مستنداتها وبالمخالفة للثابت من الأوراق الرسمية. كما صدرت بتاريخ 15/7/1998 توجيهات من سمو الحاكم إلى مدير دائرة الأراضي بالكتاب رقم (983) بإلغاء ملكية الشيخ .... والتي اشتراها المطعون ضده الثالث، وتم تخصيصها مرافق لخدمة أهل المنطقة وتعويض مالكها، وتحديد يوم 16/7/1998 موعدا له لتسليم أوراق ملكيتها إلى دائرة الأراضي، وفي حالة عدم تسليم أوراق الملكية تعتبر لاغية من تاريخه، وستلغى بالتالي من السجلات الرسمية، وأن هذا المستند لم يكن ضمن أوراق القضايا السابقة، وحصل عليه الطاعنان من دائرة الأراضي بعد الفصل في تلك القضايا. كما أن الخبير .... انتهى في تقريره المودع في الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني كلي رأس الخيمة إلى حل النزاع بين الأطراف بالرسم بالكروكيات، وتبين له وجود خطأ في المساحات فقام بإخراج المساحات الزائدة التي تعود ملكيتها إلى الحكومة، وقد تبين لهذا الخبير أن المخطط الصادر للمطعون ضده الثالث من دائرة الأراضي في 10/1/ 1998 ليس له أساس، وأنه لم يتم الاعتماد على الكروكي والشهود لمعرفة المساحات المذكورة، وأن هناك أحكاما قضائية تفيد أن الملكية رقم .... الخاصة بالمطعون ضده الثالث منتفية، فضلا عن أن الكتاب الموجه من سعادة مدير عام البلدية إلى معالي المستشار رئيس دائرة المحاكم انتهى إلى وجوب تخطيط المنطقة لكونها خاضعة للتخطيط المستقبلي، وتوزيع القسائم على الأطراف المتنازعة بموجب المساحات المستحقة لهم والمشار إليها في البندين (1 و2) بحيث إن ما تبقى من الأرض المتنازع عليها هي أرض حكومية لا يحق للأطراف المطالبة بها ولا التنازع عليها مع اعتراض الطاعنين على ما ورد بالبند (1) من مساحات تخالف الرسومات والكروكيات الصادرة من دائرة التخطيط والأراضي بالبلدية، وأنهما يقصدان من اختصام دائرة الأشغال العامة إلزامها بتنفيذ الأحكام السابقة الصادرة من محاكم رأس الخيمة بخصوص أرض النزاع، وما قد يصدر من أحكام في هذه الدعوى، واعتماد الرسومات والكروكيات الواردة بتقرير الخبير .... المرفق بالقضايا السابقة، ومن ثم أقاما الدعوى. ضمت المحكمة الدعويين رقمي .... و.... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة إلى الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، وضمت تقرير الخبير .... المشار إليه، والحكم الصادر في الاستئنافين رقمي .... و.... لسنة 2006، والحكم الصادر في الاستئنافين رقمي .... و.... لسنة 2009. تدخل الشيخ .... هجومياً في الدعوى، وطعن أصلياً بالجهالة على الورقة المنسوب صدورها إلى مورثه المرحوم الشيخ .... المؤرخة 24/11/1997، وبالتزوير على وثيقة الملكية رقم .... والمخطط
رقم .... وإلغاء ما ترتب عليهما من آثار وطلب الحكم ببطلان الوثيقة والمخطط سالفي الذكر، واحتياطياً: ندب خبير في الدعوى لتحديد مساحة الأرض ومطابقتها على المخططات والكروكيات، وبيان كيفية استخراج المخطط رقم .... ومن قام باستخراجه، ومدى اتفاقه مع الأصول الفنية، وما إذا كانت الأرض المبيعة تشمل جميع القسيمة من عدمه، وتحديد المساحة الزائدة عن القدر المبيع سواء في أرض المطعون ضده الثالث في الطعن الأول أو الطاعنين الأول والثالث فيه، مع طرد المطعون ضده المذكور من أرض التداعي المملوكة له ولبقية ورثة المرحوم الشيخ .... وتسليمها إليه خالية من الشواغل والأشخاص. ندبت المحكمة لجنة من ثلاثة خبراء أودعت تقريريها الأصلي والتكميلي. طلب المطعون ضده الثالث رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها، ودفع بعدم قبول طلب التدخل الهجومي لانتفاء صفة طالب التدخل، وبعدم جواز نظر هذا الطلب لسابقة الفصل فيه بالحكم رقم .... لسنة 2003 مدني كلي رأس الخيمة وقرار النيابة العامة في الدعوى رقم .... لسنة 2009 جزاء رأس الخيمة، وبعدم قبول إدخال دائرة البلدية في الدعوى المقابلة رقم .... لسنة 2015، كما طلب الحكم بطرد الطاعن الثالث من المساحة المغتصبة من أرضه من الجهة الجنوبية وكذا من الجهة الغربية (عزب وزرائب الجمال) وإزالة السياج المقام من الغرب، وتسليم المساحة إليه خالية من الأشخاص والشواغل، وببيان الحد الفاصل بينه وبين الطاعن الأول، وإلزام الدائرة المطعون ضدها الأولى بوضع علامات محددة للأرض موضوع النزاع وفق ما انتهى إليه تقرير الخبرة المودع في الأوراق. صمم الطاعنان الأول والثالث على دفاعهما السابق، وطلبا تعديل الحكم التمهيدي بتضمينه بحث وثائق الملكية الخاصة بهما، وبيان حدودها، واعترضا على تقرير الخبرة لعدم بحثه لمستنداتهما، وطلبا استدعاء لجنة الخبراء لمناقشتهم، وأضافا طلبا جديدا بتثبيت ملكية الطاعن الثالث للأرض التي تحت يده بوضع اليد المدة الطويلة المكسبة للملكية. طلب الخصمان المدخلان إعادة بحث ملكيتهما وملكية الطاعنين الأول والثالث في الطعن الأول، وإعادة الأوراق إلى لجنة الخبراء، واعترضا على تقرير الخبرة لعدم بحث مستنداتهم وتغاضي اللجنة عن الحدود المبينة بالعقود، وطلبا استدعاء اللجنة لمناقشتها، وفي موضوع الدعوى دفعا بعدم جواز نظرها لسابقة الفصل فيها بالحكم البات الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 2009 مدني كلي رأس الخيمة، وطلبا رفض الدعوى بحالتها، ووجها طلباً إضافياً بثبيت ملكيتهما للأرض التي تحت يدهما. وبعد أن استجوبت المحكمة وكيل الطاعنين الأول والثالث والمطعون ضده الثالث حكمت أولا: بقبول التدخل الهجومي المبدى من .... شكلا وفي موضوعه بعدم جواز نظره لسابقة الفصل فيه بالحكم الصادر في الدعوى رقم .... لسنة 2003 مدني كلي رأس الخيمة. ثانيا: في موضوع الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة: بعدم قبول طلب الإدخال المبدى من الطاعنين الأول والثالث شكلا، وبعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطاعن الأول لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الطعنين رقمي .... و.... لسنة 2011 في 3/4/2011، وبرفض الدعوى بالنسبة للطاعن الثالث والمطعون ضدها الأولى "دائرة البلدية". ثالثا: في الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة: بطرد الطاعن الثالث من الأرض المملوكة للمطعون ضده الثالث من الناحية الغربية وفقا للحد الغربي الوارد بوثيقة الملكية رقم .... والمخطط الخاص بها. رابعا: في الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة: بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليها الثانية (دائرة الأشغال) لإقامتها بغير الطريق الذي رسمه القانون، وبعدم قبول الطلب المضاف بشأن تثبيت الملكية لعدم سداد رسمه، وفي موضوع الدعوى برفضها. 
استأنف الطاعنون في الطعن الأول، وكذا الخصم المدخل- المطعون ضده الرابع في الطعن الثاني - هذا الحكم أمام محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم .... لسنة 2018 مدني، واستأنفه المطعون ضده الثالث – الطاعن في الطعن الأول - أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم .... لسنة 2018 مدني، كما استأنفه المطعون ضده السادس في الطعن الثاني أمام المحكمة ذاتها بالاستئناف رقم .... لسنة 2018 مدني، والمحكمة ضمت الاستئنافات الثلاثة للارتباط وليصدر فيها حكم واحد، ثم قضت بتاريخ 27/8/2018 بقبول الاستئنافات الثلاثة شكلاً وقبل الفصل في الدفوع والموضوع بإعادة الدعوى إلى لجنة الخبراء لبحث اعتراضات الخصوم، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها قضت المحكمة بتاريخ 10/12/2018 برفض الاستئنافات الثلاثة وتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 11 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة، كما طعن فيه المطعون ضده الثالث في الطعن المشار إليه بالطريق ذاته بالطعن رقم 12 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة، وإذ عُرض الطعنان على 
هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما، وفيها قررت ضم الطعن الثاني إلى الأول، وأرجأت إصدار حكمها إلى جلسة اليوم. 
أولا: الطعن رقم 11 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة: 
حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعي الطاعنون بالوجهين الأول والخامس من السبب الأول وبالشق الأخير من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت في الأوراق؛ ذلك أنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي الذي انتهى إلى توافر صفة الطاعن الثالث في الدعوى رغم أن أرض النزاع مملوكة لأولاده الطاعنين الأول والثانية في الطعن الماثل، والمطعون ضده الرابع في الطعن رقم .... لسنة 2019 تمييز مدني، وأنه يضع اليد عليها لحسابهم لا بصفته الشخصية، كما انتهى إلى توافر الصفة لدى المطعون ضده الثالث رغم انتفاء صفته كمالك للأرض، مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن استخلاص توافر الصفة في الدعوى هو من قبيل فهم الواقع فيها، وهو مما يستقل به قاضي الموضوع وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى في الدعوى رقم .... لسنة 2015 مدني كلي رأس الخيمة بطرد الطاعن الثالث من الجزء الغربي لأرض المطعون ضده الثالث استنادا إلى ما اطمأن إليه من تقرير لجنة الخبرة من وجود اعتداء على حدود الأرض من الناحية الغربية حسب الثابت من معاينة اللجنة وإقرار الطاعن المذكور من أن تلك المساحة ليست ملكه، وأنه يحوزها بصفة مؤقتة، وأن محل التعدي واقع في ملكية المدعي (المطعون ضده الثالث) الثابتة بوثيقة الملكية وهو ما تطمئن إليه المحكمة؛ مما يكون معه للمدعي الحق في الحماية من الاعتداء الواقع عليه، ويكون طلب طرد المدعى عليه ( الطاعن الثالث) منه قد جاء على سند صحيح من الواقع والقانون، وكان ما أورده الحكم في هذا الخصوص سائغا وكافيا في استظهار صفة كل من الطاعن الثالث والمطعون ضده الثالث في الدعوى، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الخامس من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون؛ ذلك أنه قضى بعدم قبول إدخال الطاعنة الثانية وشقيقها المطعون ضده الرابع في الطعن رقم 12 لسنة 2019 رغم توفر مصلحتهما في الدعوى وإبدائهما طلبات مستقلة فيها؛ مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن النص في المادة 94 من قانون الإجراءات المدنية على أنه "... ويجوز للمدعى عليه إذا ادعى أن له حقا في الرجوع بالحق المدعى به على شخص ليس طرفًا في الدعوى أن يقدم طلباً مكتوباً إلى مكتب إدارة الدعوى أو إلى المحكمة يبين فيه ماهية الادعاء وأسبابه ويطلب إدخال ذلك الشخص طرفاً في الدعوى ويكون ذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى ..." يدل على أنه إذا انتفى حق المدعى عليه في الرجوع بالحق المدعى به على الشخص المطلوب إدخاله كان طلب الإدخال غير جائز. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم قبول طلب الطاعنين الأول والثالث بإدخال الطاعنة الثانية وشقيقها .... - المطعون ضده الرابع في الطعن رقم 12 لسنة 2019 تمييز مدني - بما أورده في مدوناته مما حاصله أن الطاعنين الأول والثالث قاما بإدخال الأخيرين دون أن يوجها إليهما أية طلبات، وكان هذا الذي خلص إليه الحكم سائغا وكافيا لحمل قضائه في هذا الشأن، فإن النعي عليه يكون على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه التناقض ذلك أنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للطاعن الأول لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني كلي رأس الخيمة، ثم قضى بطرد الطاعن الثالث من الجزء الغربي لأرض المطعون ضده المذكور رغم تمسك الطاعن الثالث بالدفع بعدم الجواز لكونه مستفيداً به، وتمسكه برفض الدعوى برمتها، هذا إلى تناقضه مع حكم محكمة التمييز الصادر في الطعنين رقمي 4 و7 لسنة 6 ق والذي قطع بعدم ملكية المطعون ضده لأرض النزاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التناقض الذي يبطل الحكم ويؤدي إلى نقضه هو التناقض الذي يقع في الأسباب بحيث لا يتأتى معه فهم الأساس الذي أقيم عليه الحكم، أو ما يكون واقعاً بين الأسباب والمنطوق. لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى الطاعن الأول في خصوص الجزء الجنوبي من أرض المطعون ضده الثالث لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني كلي رأس الخيمة، ثم قضى برفض هذا الدفع بالنسبة للطاعن الثالث في خصوص الجهة الغربية من الأرض تأسيساً على ما أورده من أن هذا الجزء من الأرض لم يكن مطروحا في الدعوى المشار إليها، فضلاً عن أن الطاعن الثالث لم يكن طرفا فيها، فإن النعي على الحكم بالتناقض في هذا الشأن يكون على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أنه عول على تقرير لجنة الخبرة رغم تناقضه مع حكم محكمة التمييز المشار إليه والذي ثبت منه عدم استقرار الملكية لأي من طرفي النزاع بناء على التقرير المودع في الدعوى سند الدفع بعدم الجواز والذي انتهى إلى دخول أرض النزاع ضمن حدود المطعون ضده لوجود خطأ في المخطط الصادر من إدارة التخطيط والمساحة، ورغم قصور عمل لجنة الخبراء وعدم بحثها لمستندات الطاعنين ومدى مطابقة الحدود الواردة بالمخطط مع تلك الواردة بعقد شراء المطعون ضده، وكذا المستندات الصادرة عن دائرة البلدية والمؤيدة لدعوى الطاعنين، ومواجهة الدائرة بما تم في الرسائل المرفقة المنوه عنها في تقرير اللجنة، ولم تستظهر اللجنة السبب في نقص مساحة الطاعنين عن الحد المقرر لهم بموجب أمر المنح والذي تدل عليه الحدود الواردة بكتاب دائرة البلدية الصادر بتاريخ 12/4/2015 ، ولم تلتفت المحكمة إلى مستنداتهم الدالة على عدم صحة المخطط رقم .... لاسيما أمر سمو الحاكم المشتملة عليه رسالته المؤرخة 29/6/1998 بتحديد المساحة المبيعة إلى المطعون ضده الثالث دون زيادة أو نقصان، وكذا الكتاب الصادر من دائرة البلدية إلى سعادة المستشار رئيس دائرة المحاكم برأس الخيمة، وتقرير الخبير المودع في الدعوى 23 لسنة 2008 المشار إليها والذي انتهى إلى عدم صحة المخطط بعد فحص الأوراق وسماع المهندس المختص بدائرة الأراضي، ورسالة رئيس بلدية رأس الخيمة إلى المطعون ضده المذكور بضرورة تسليم الأرض المملوكة له لتخصيصها مرافق لخدمة أهل المنطقة، وقبض التعويض المستحق عنها، كما أن الحكم لم يفطن إلى أن أرض النزاع كانت موقوفة لصالح الطاعنين الأول والثانية، ومؤشرا عليها بأحقيتهما في تملكها في حالة إلغاء الوقف الصادر من سمو الحاكم، وهو ما يؤكد بطلان وثيقة انتقال ملكيتها إلى المطعون ضده الثالث، وكونه غاصباً لها إلا أن دائرة البلدية تغاضت عن هذا البطلان، ولم ترد عليه ردا صريحا واضحا، ولم تشر إلى مستندات الخصمين المدخلين ولم ترد على طلباتهما، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في جملته مردود؛ ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات المقدمة فيها وموازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه وهو غير ملزم بالرد على كل ما يقدمه الخصوم من مستندات، وحسبه أن يقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمله، ولا عليه أن يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالا على كل قول أو حجة أو دليل أو طلب أثاروه ما دام في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، كما أنه من المقرر أن لمحكمة الموضوع متى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة بعد ذلك بالرد استقلالا على الطعون التي توجه إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع - بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة والمستندات وتقارير الخبراء فيها - قد واجهت عناصر النزاع الواقعية والقانونية على حد سواء، ثم عولت في حدود تلك السلطة التقديرية على ما جاء بتقرير لجنة الخبراء لسلامة الأسس التي بنت عليها رأيها من ثبوت اعتداء الطاعن الثالث على أرض النزاع من ناحية الجنوب والغرب بناء على الإحداثيات التي أخذتها اللجنة في المعاينتين الأولى والثانية، وذلك باستغلال الأرض وزراعتها، ووجود جدار أسمنتي في أرض المطعون ضده الثالث، وقد بلغت مساحة هذا الاعتداء 358939 قدما مربعا، بالإضافة إلى وجود بعض العزب الخاصة بالجمال، وأن الطاعن المذكور أفاد بأن الأرض التي يضع فيها هذه العزب لا تخصه، ولا تعود ملكيتها إليه، وأنه يضع فيها هذه العزب مؤقتاً، وأفاد وكيل المطعون ضده الثالث أنه لا يستطيع الدخول إلى هذه العزب أو استغلال مكانها، وانتهت المحكمة من ذلك إلى طرد الطاعن الثالث من الجزء الغربي للأرض المملوكة للمطعون ضده المذكور وفق الحد الغربي الوارد بوثيقة الملكية رقم .... والمخطط الخاص بها، وكانت أسبابها في هذا الخصوص سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق، وتكفي لحمل قضائها، وتؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها، وتتضمن الرد المسقط لكل حجج الطاعنين وأوجه دفاعهم ومستنداتهم وطلباتهم في هذا الخصوص، فإن ما يثيرونه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما لا يجوز إثارته أمام محكمة التمييز، ومن ثم يكون غير مقبول. ولا يجدي الطاعنين ما يثيرونه من أن ملكية المطعون ضده الثالث تم إلغاؤها بموجب أمر من سمو الحاكم، وأنه تم تخصيصها مرافق لخدمة أهل المنطقة استنادا إلى رسالة صادرة من رئيس البلدية السابق إليه بتاريخ 15/7/1998 ؛ ذلك أن الثابت من الأوراق أنه لم يصدر أمر بهذا الإلغاء من سمو الحاكم، بل قام سموه باعتماد بيع الأرض من المرحوم الشيخ .... إلى المطعون ضده الثالث، وأنه لم يتم أي تغيير على الأرض وذلك حسبما هو ثابت من تقرير لجنة الخبراء التكميلي، والمستندات المشار إليها فيه، ومنها خطاب مدير قطاع الأراضي والأملاك رقم 511/2915 الصادر في 8/6/2015، وخطاب مدير عام البلدية رقم 10/3/2142 بتاريخ 10/9/2015، كما لا يجديهم التذرع بأن أرض النزاع الكائنة بالجهة الجنوبية كانت موقوفة بأمر من سمو الحاكم مع أحقيتهم في تملكها إذا تم رفع هذا الإيقاف ما دامت الجهة صاحبة الحق في الأرض لم تشأ منح هذا الجزء لهم، واختصت به المرحوم الشيخ .... ضمن المساحة الإجمالية الممنوحة له، والتي تم نقل ملكيتها من بعده وتسجيلها باسم المطعون ضده الثالث، ومن ثم فإن النعي على الحكم بما سلف يكون على غير أساس. 
وحيث إن الطاعنين ينعون بباقي السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع؛ ذلك أن المحكمة لم تجبهم إلى طلبهم بتعيين الحدود المرسومة لمساحتهم بموجب أمر المنح، وكيفت الدعوى المقابلة على أنها استبدال وليست فصلا للحدود بين الطرفين، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أن دعوى تعيين الحدود بين العقارات المتجاورة المقصود بها رسم الحد الفاصل في الطبيعة بين عقارين متجاورين، وتقتصر مهمة القاضي فيها على تطبيق مستندات الملكية وبيان الحد الفاصل بين العقارين طالما أنه لا يوجد نزاع جدي حول ملكية كل منهما لعقاره أو حول مساحة العقار. لما كان ذلك، وكان الطاعنون لم يؤسسوا منازعتهم في الدعوى الماثلة على ملكيتهم للجزء الجنوبي من الأرض محل النزاع، بل على كون هذا الجزء موقوفاً من قبل الحكومة وأن لهم الأحقية في تملكه عند رفع الإيقاف، فإنه لا يكون من حقهم طلب تعيين الحد الفاصل لانتفاء شروطه، ولكونه ينطوي على طلب ضمني بتثبيت ملكيتهم لهذا الجزء رغم انتفاء سندهم في ذلك، وثبوت ملكيته للمطعون ضده الثالث، ومن ثم فإن نعيهم في هذا الشأن يكون على غير أساس. 
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن. 

ثانيا: الطعن رقم 12 لسنة 2019 تمييز مدني رأس الخيمة: 
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق؛ ذلك أنه قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة إلى المطعون ضده الثاني في خصوص الجزء الجنوبي من أرض النزاع لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني كلي رأس الخيمة، وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول في هذا الشق تأسيسا على ما انتهى إليه الحكم الصادر في الطعنين رقمي 4 و7 لسنة 6 ق من عدم ملكية الطاعن لهذا الجزء رغم أن الثابت من طلباته الختامية المبداة بمذكرته المقدمة أمام محكمة أول درجة بجلسة 27/3/2018 أنه قصر الخصومة فيها بالنسبة لطلب الطرد للغصب من الجهتين الجنوبية والغربية على المطعون ضده الأول دون المطعون ضده الثاني الذي حدد طلباته بالنسبة إليه في طلب بيان الحد الفاصل بين عقاريهما طبقا للمستندات الصادرة عن المطعون ضدها الثالثة والموضحة بتقريرها المؤرخ 30/11/2014، وإلزامها بوضع علامات محددة لأرض النزاع طبقا لتقريرها سالف الذكر وما انتهى إليه تقرير الخبرة؛ مما تكون معه الدعوى الراهنة تختلف في موضوعها عن الدعوى السابقة بالنسبة للأخير، كما أن المطعون ضدها الثالثة لم تنازع في خصوص دخول أرض النزاع في ملكية الطاعن، وصحة عقد شرائه لها، بل أصدرت تقريرا يؤكد هذه الملكية، لا سيما أن محكمة التمييز نفت في حكمها المشار إليه ملكية المطعون ضدهما الثاني والخامسة لأرض النزاع؛ مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول سديد؛ ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن العبرة بالطلبات الختامية في الدعوى وليس بالطلبات السابقة عليها، وأن مناط الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو اتحاد الخصوم والموضوع والسبب في كل من الدعويين السابقة والماثلة، وأن تكون المسألة المقضي فيها قد تناقش الطرفان فيها واستقرت حقيقتها بينهما استقرارا جامعا مانعا من إعادة المنازعة بشأنها، وأن تكون هي الأساس فيما يدعيه المدعي في الدعوى الثانية. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى رقم .... لسنة 2008 مدني كلي رأس الخيمة قد أقيمت من الطاعن على المطعون ضدهم الثاني والرابع والخامسة بطلب الحكم بطردهم من الأرض المملوكة له لغصبهم لها، وإلزامهم بأن يدفعوا له مقابل انتفاعهم بها في المدة من سنة 2002 حتى تاريخ صدور الحكم، في حين أن الدعوى الماثلة – بحسب الطلبات الختامية فيها – أقيمت في شقها المتعلق بالمطعون ضده الثاني بطلب الحكم ببيان الحد الفاصل بين عقار الطاعن وعقاره طبقا للمستندات الصادرة من دائرة بلدية رأس الخيمة والموضحة بتقريرها الصادر في 30/11/2014، وإلزام دائرة البلدية بوضع علامات محددة لأرض النزاع، وهي بهذه المثابة تختلف موضوعاً وسبباً عن الدعوى السابقة، فإن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الثاني لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم .... لسنة 2008 المشار إليها تأسيسا على أن الدعوى الماثلة في شقها المتعلق بالمطعون ضده الثاني هي دعوى طرد للغصب يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، كما خالف الثابت في الأوراق، مما يعيبه ويوجب نقضه نقضاً جزئياً في هذا الخصوص، ولما كان هذا الخطأ قد حجبه عن بحث موضوع الدعوى بالنسبة لهذا الشق، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة. 
كما أن النعي في شقه الثاني في محله؛ ذلك أنه من المقرر أن الملك لا ينفك عن مالك، ولا يستثنى من ذلك إلا الأشياء التي لا تقبل بطبيعتها التملك، أو كانت خارجة عن التعامل بحكم القانون، وهو أصل لا يرد عليه أي استثناء بما في ذلك الوقف الذي وإن خرج بمجرد الإشهاد عن ملك الواقف إلا أن الإجماع منعقد على دخوله حكما في ملك الله تعالى؛ بما مؤداه أن المال لا يخرج من ذمة مالكه إلا ليدخل في ذمة مالك آخر، وذلك طبقا لأسباب اكتساب الملكية المقررة قانوناً ما لم يكن هذا المال من المتروكات المستغنى عنها؛ ذلك أن الملكية حق دائم بالنسبة إلى الشيء المملوك لا بالنسبة إلى شخص المالك؛ ومن ثم فهي تدوم بدوام الشيء ولا تزول إلا بزواله، وهو ما يعبر عنه في فقه القانون المدني بأن الملكية تتأبد بانتقالها من مالك إلى آخر، كما أنه ولئن كان من المقرر أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام، وأن الحكم متى صار باتاً أصبح عنواناً على الحقيقة، بل أقوى من الحقيقة ذاتها إلا أن إعمال هذه الحجية شرطه ألا يفضي ذلك إلى مستحيل. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضده الأول في هذا الشق تأسيسا على ما انتهت إليه محكمة التمييز في الطعنين رقمي 4 و7 لسنة 6 ق من عدم ملكية الطاعن لهذا الجزء، وكان الثابت من حكم التمييز المشار إليه أنه لم يرتب حقا للمطعون ضدهم الثاني والرابع والخامسة في مواجهة الطاعن بالنسبة للجزء الجنوبي من أرض النزاع، بل انتهى إلى عدم ملكيتهم أيضا لهذا الجزء، وكان قصارى ما يستفاد من هذا الحكم أن ذلك الجزء باق على ملك الحكومة ممثلة في الدائرة المطعون ضدها الثالثة، إلا أنه لما كان الثابت من الأوراق أن تلك الجهة لم تنازع الطاعن في خصوص ملكيته لهذا الجزء لا في الدعوى الراهنة ولا في سواها، بل أكدت في أكثر من مناسبة على صحة إجراءات نقل وتسجيل ملكية هذا الجزء ضمن المساحة الإجمالية الممنوحة للمرحوم الشيخ .... بأمر صاحب السمو المرحوم صقر بن محمد القاسمي حاكم إمارة رأس الخيمة، والذي صدرت بموجبه الوثيقة رقم .... ، والمخطط رقم .... باسم الشيخ .... ، وقد انتقلت المساحة كاملة بطريق البيع من الأخير إلى الطاعن وصدرت بذلك الوثيقة رقم .... والمخطط رقم .... وتم اعتماد البيع من صاحب السمو الحاكم، وكان قصارى ما يدعيه المطعون ضدهم الأول والثاني والرابع والخامسة على المساحة محل النزاع أنهم كانوا موعودين بمنحها لهم في حالة رفع الإيقاف عنها، وهو ما لم يحدث أصلا من الجهة المالكة لها، بل تصرفت هذه الجهة على خلافه؛ بمنحها تلك المساحة إلى المرحوم الشيخ .... ضمن المساحة الإجمالية الممنوحة له، وكان الثابت من تقرير الخبرة التكميلي المودع في الدعوى أن خلافاً ثار بين الأخير وبين المطعون ضده الأول .... لتعارض التوصيف الخاص به مع المساحة المهشرة المشار إليها في المخطط رقم .... ، وعليه تم الرجوع إلى سمو الحاكم الذي أصدر أمره بتاريخ 27/12/1997 بتحديد أرض الشيخ .... ثم اعتماد البيع، وبناء على هذا الأمر تم اعتماد التوصيف بموجب تأشيرة مدير الأراضي بتاريخ 28/12/1997، وصدر على هذا الأساس المخطط رقم .... بتاريخ 10/1/1998 باسم الشيخ .... حسب أمر سمو الحاكم وذلك بمساحة إجمالية قدرها 4578575 قدما مربعا، وأصدرت دائرة الأراضي بتاريخ 12/1/1998 مستند توزيع الأراضي الزراعية رقم 1149 والذي تضمن أنه بأمر صاحب السمو حاكم البلاد الشيخ صقر بن محمد القاسمي وحسب المذكرة المؤرخة 2/11/1997 قد أعطي الشيخ .... المساحة بالحدود التي بينها المخطط الصادر بها، وتم التوقيع على ذلك من سمو الحاكم، وكل من رئيس الأراضي، ومدير الأراضي، وبتاريخ 12/1/1998 أصدرت دائرة الأراضي وثيقة إثبات العقارات والأراضي الزراعية رقم .... باسم الشيخ .... متضمنة أن الأرض آلت إليه هبة حسب أمر سمو الحاكم، وتم تعيين حدودها وفقا للحدود التي بينها المخطط رقم .... ، وبتاريخ 25/1/1998 تم تقديم طلب نقل ملكية المساحة من الشيخ .... إلى الطاعن .... ، وبعد إجراء التحري الذي أسفر عن أن المساحة غير مرهونة، وغير موقوفة، وغير منقولة، وغير محجوزة. أصدرت دائرة الأراضي وثيقة انتقال ملكية العقارات والأراضي الزراعية رقم .... من الشيخ .... إلى الطاعن حيث كانت مطابقة للحدود والأبعاد والمساحة التي تضمنتها وثيقة إثبات العقارات والأراضي الزراعية رقم .... والمخطط رقم .... المشار إليه، وتم التوقيع عليها من مدير دائرة الأراضي، ومن البائع والمشتري والشهود، ثم تم اعتمادها من سمو الحاكم، ولما كان البين مما سلف أن الأرض محل النزاع انتقلت ملكيتها انتقالا صحيحاً من الحكومة إلى الشيخ .... ثم إلى الطاعن بموجب عقد بيع صحيح تم اعتماده من سمو الحاكم، فإن حق الطاعن في ملكيتها يكون بريئاً من العيب والشبهة، لا سيما أن حكم التمييز المشار إليه لم يشتمل على مسألة أساسية استقرت حقيقتها بين الطاعن والمطعون ضدهم الأول والثاني والرابع والخامسة استقرارا جامعا مانعا على نحو يرتب لهم حقوقا على أرض النزاع، ويخولهم التمسك بحجية هذا الحكم على نحو يمنع من إعادة نظر النزاع في مواجهتهم من جديد، لا سيما وقد نفى ذلك الحكم ملكيتهم أيضا لتلك الأرض، وكانت الدائرة المطعون ضدها الثالثة وهي الجهة الوحيدة المستفيدة من نفي ملكية الطاعن لأرض النزاع لم تتمسك بذلك في مواجهته، بل أفصحت طوال مراحل النزاع عن صحة إجراءات نقل ملكية كامل المساحة إليه وتسجيلها باسمه، ومن قبله سلفه الشيخ .... ، كما أكدت مرارا عدم صدور أمر من سمو الحاكم بإلغاء تلك الملكية بخلاف ما يدعيه بقية المطعون ضدهم؛ وقام دفاعها في الدعوى الراهنة على كونها ليست طرفاً في النزاع لوقوعه على أرض لا تخصها ولا تخص الحكومة بوجه عام وذلك على ما يبين من مذكرة ممثل الدائرة ومستشارها القانوني المؤرخة 29/9/2015 وبقية الأوراق الصادرة عنها؛ بما لا يتصور معه إلا دخول هذه الأرض في ملك الطاعن لاستحالة انفكاكها عن ملكه وملك الحكومة معا في آن واحد؛ مما مؤداه أن يد المطعون ضدهم الأول والثاني والرابع والخامسة عليها يد غاصبة، وإذ خالف الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى برفض الدعوى قبل المطعون ضده الأول بالنسبة للجزء الجنوبي من أرض النزاع لعدم ثبوت ملكية الطاعن لهذا الجزء فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت في الأوراق بما يعيبه ويوجب نقضه نقضاً جزئيا في خصوص هذا الشق، وما رتبه عليه من رفض بقية طلبات الطاعن المتمثلة في تعيين الحد الفاصل، وإلزام دائرة البلدية بوضع العلامات عليه. 
وحيث إن الموضوع - في خصوص طلب الطرد للغصب من الجزء الجنوبي من أرض الطاعن، وتسليمه إليه، وإزالة السياج الكائن بالجهة الغربية من الأرض - صالح للفصل فيه، وكان الثابت من تقرير لجنة الخبرة التكميلي أن هناك اعتداء من المطعون ضده الأول على أرض الطاعن من الناحيتين الجنوبية والغربية، وذلك بناء على الإحداثيات التي أخذتها اللجنة في المعاينتين الأولى والثانية، وتمثل ذلك في استغلاله للأرض وزراعتها، وأن هناك جدارا أسمنتيا في أرض الطاعن، وأن هذا الاعتداء تم على مساحة 358939 قدما مربعا، وكان الثابت أن المذكور يضع اليد على الجزء الجنوبي من أرض الطاعن دون سند قانوني، وأن ما أقامه من منشآت على الأرض من الناحية الغربية يمثل اعتداء على ملكية الأخير فإنه يتعين الحكم بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض دعوى الطاعن في هذا الشق والقضاء بطرد المطعون ضده الأول من هذا الجزء، وتسليمه إلى الطاعن خاليا من الشواغل، وإزالة السياج الكائن بالجهة الغربية من الأرض. 
وحيث إنه عن طلب الطاعن إلزام الدائرة المطعون ضدها الثالثة بوضع العلامات المحددة لملكه، فلما كان هذا الطلب يحتاج إلى تحقيق موضوعي تنأى عنه طبيعة محكمة التمييز، فإن المحكمة تقضي بإحالته إلى محكمة الاستئناف للفصل فيه على ضوء ما أوردته محكمة التمييز من أسباب.

الطعن 16 لسنة 14 ق جلسة 21 / 4 / 2019 مدني

باسم صاحب السمو الشيخ / سعود بن صقر بن محمد القاسمي 
حـــاكم إمـــارة رأس الخيمــــة 
------------------------- 
محكمــــة تمييــز رأس الخيمة 
الدائـــرة المدنية 
برئاسة السيد القاضي / صلاح عبد العاطي أبو رابح 
وعضوية السيدين القاضيين / علي عبدالفتاح جبريل وأحمد مصطفى أبو زيد
في الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء بإمارة رأس الخيمة
في يوم الأحد 16 من شعبان سنة 1440 هـ الموافق 21 من أبريل سنة 2019
أصدرت الحكم الآتي: 
في الطعـن المقيـــد فـي جــدول المحكمـة بـرقم 16 لسنـــة 14 ق 2019 – مدنى 
المرفوع من: النائب العام بصفته ممثلا لحكومة رأس الخيمة – دائرة الخدمات العامة ( الأشغال العامة سابقاً ) 
ضـــــــد 
شركة .... الوطنية المحدودة. ذ م م بوكالة المحامي: ..... 
الوقـــــــــائــع
في يـوم 24/02/2019 طُعن بطريـق النقض في حكم محكمة استئناف رأس الخيمة في الاستئناف رقم ..... لسنة 2016 مدني، الصادر بتاريخ 31/12/2018 بصحيفة طلب فيها الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه. 
وفي 25/02/2019 أُعلنت المطعون ضدها بصحيفة الطعن . 
وفي 06/03/2019 أودعت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطعن. 
وفي 31/03/2019 عُرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فرأت أنه جدير بالنظر وحـددت لنظره جلسة 21/04/2019 وبها سُمعت الدعوى أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم. 

المحكمـــــــــــــــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه القاضي المقرر/ علي عبد الفتاح جبريل والمرافعة وبعد المداولة 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها أقامت على الدائرة الطاعنة الدعوى رقم ..... لسنة 2016 تجاري كلي رأس الخيمة بطلب الحكم بإلزامها بأن تؤدي إليها مبلغ 765081,37 درهما، والفائدة التأخيرية بواقع 9% من تاريخ رفع الدعوى وحتى تمام السداد، وقالت بيانا لدعواها إنها تعمل في مجال توريد وتركيب البلاط والطابوق ومشتقاته، وبموجب عدة أوامر شراء صادرة من الطاعنة بغرض توريد وتركيب كربستون، وإزالة وإعادة تركيب، وأعمال حفر وتملية وتمهيد لتركيب الكربستون قامت المطعون ضدها بتلك الأعمال على أكمل وجه وذلك لعدة مشاريع في الإمارة، وقد استحق على الطاعنة مبلغ 1217575,97 درهما سددت منه مبلغ 845260,034 درهما، وتبقى في ذمتها مبلغ 372315,63 درهما عبارة عن فواتير غير مدفوعة، وفروق في الفواتير، فضلا عن فروق فواتير عدلتها الطاعنة خلافا للمتفق عليه بين الطرفين، مما تجمد معه في ذمة الأخيرة مبلغ 287245,74 درهما فضلاً عن التأمينات الواجب ردها إلى المطعون ضدها وقدرها 150520 درهما بما جملته المبلغ المطالب به، وإذ امتنعت الطاعنة عن سداد هذا المبلغ فقد أقامت الدعوى. ندبت المحكمة خبيرا وبعد أن أودع تقريره حكمت برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، وبعدم سماع الدعوى لانقضاء الحق في المطالبة بالتقادم. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف رأس الخيمة بالاستئناف رقم ..... لسنة 2016 مدني، والمحكمة قضت بتاريخ 12/12/ 2016 بقبول الاستئناف شكلاً، وبإعادة ندب خبير محكمة أول درجة لبحث الاعتراضات المبداة على التقرير، وبعد أن أودع الخبير تقريره التكميلي ندبت المحكمة لجنة خبراء ثلاثية، وبعد أن أودعت تقريرها قضت المحكمة بتاريخ 30/4/2018 بإلغاء الحكم المستأنف، وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 472550,27 درهما، وفوائده التأخيرية بواقع 6 % سنويا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام ورفض الدعوى فيما زاد عن ذلك. طعنت المطعون ضدها في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم ..... لسنة 13 ق 2018 تمييز تجاري رأس الخيمة، كما طعنت عليه الطاعنة بالطريق ذاته بالطعن رقم ..... لسنة 13 ق 2018 تمييز مدني رأس الخيمة، ومحكمة التمييز قضت بتاريخ 13/8/2018 في الطعن الأول برفضه، وفي الطعن الأخير بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لإعادة نظرها، والمحكمة الأخيرة أعادت ندب لجنة الخبراء السابقة، وبعد أن أودعت اللجنة تقريرها قضت بتاريخ 31/12/2018 بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة بأن تؤدي إلى المطعون ضدها مبلغ 472550,27 درهما، وفوائده التأخيرية بواقع 6% سنويا من تاريخ رفع الدعوى وحتى السداد التام ورفض الدعوى فيما زاد عن ذلك. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره ثم قررت إصدار حكمها بجلسة اليوم. 
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعي الطاعنة بهما على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت في الأوراق ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ ذلك أنه قضى برفض دفع الطاعنة بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المنصوص عليها في المادة 476/ أ من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على أن العقد سند الدعوى ليس عقد توريد، بل هو عقد مقاولة يخضع للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 473 من القانون المشار إليه، واستند الحكم في هذا الخصوص إلى ما انتهى إليه التقرير التكميلي للجنة الخبراء المنتدبة من غلبة أعمال المقاولة في المعاملة موضوع النزاع على أعمال التوريد رغم أن اللجنة بنت رأيها السالف على مستندات مجهولة المصدر، وخالية من التوقيعات قدمتها المطعون ضدها، وكانت محل جحد وإنكار من الطاعنة، ودون أن تتحقق اللجنة من صحتها من واقع سجلات الشركة وحساباتها خصوصاً وأنها ملزمة بإمساك دفاتر وسجلات منتظمة، ولم تعن اللجنة ومن بعدها الحكم المطعون فيه بالرد على اعتراضات الطاعنة في هذا الخصوص، كما لم يفطن الحكم إلى أن التوريد كان هو العلاقة الأصلية بين الطرفين، وأن التركيب مجرد أثر من آثاره، وأنه بفرض ازدواج الطبيعة القانونية للعقد وكونه عقد مقاولة وتوريد في آن واحد، فإن المطالبة في الدعوى الراهنة تتعلق بفروق أسعار ما تم توريده من بلاط؛ مما يستوجب تطبيق أحكام التقادم القصير المنصوص عليه في المادة 476/أ المشار إليها، كما عول الحكم في قضائه بإلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به على التقرير الأول للجنة الخبراء رغم اختلافه مع تقريرين سابقين في خصوص المبلغ المستحق للمطعون ضدها ودون أن يبين علة أخذه به واطراحه لهما، ورغم ما شابه من بطلان لعدم تنفيذ اللجنة للمأمورية المنوطة بها وخروجها عنها بعدم الانتقال إلى مقر الطرفين بمقولة تنازلهما عن ذلك، وعدم إجراء المعاينة لمرور أكثر من اثني عشر عاما على تنفيذ الأعمال، وانفراد الخبير الحسابي بوضع التقرير رغم التوقيع عليه من الخبيرين الهندسيين اللذين لا شأن لهما بالعمل الحسابي، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعنة في هذا الخصوص، وأحال بشأنه إلى التقرير بما يعد تخلياً من المحكمة عن ولايتها القضائية في خصوص إحدى المسائل القانونية، كما ألزم الطاعنة بمبلغ التأمين رغم عدم تقديم المطعون ضدها الدليل عليه، ولم يعرض الحكم لدفاع الطاعنة الجوهري لا سيما المتعلق بعدم حجية الفواتير سند الدعوى لكونها مصطنعة من المطعون ضدها، وكل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى نص المادتين 872 و873 من قانون المعاملات المدنية أن عقد المقاولة هو عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بأن يصنع شيئا، أو أن يؤدي عملا لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر، ويجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم صاحب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله، كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم المادة والعمل معا، وفي هذه الحالة الأخيرة يشتبه عقد المقاولة بعقد البيع، غير أن مناط التفرقة بينهما أنه إذا كانت قيمة المادة أو المهمات المستعملة ثانوية بالنسبة إلى عمل المقاولة كان العقد مقاولة، وإن كان الأمر بعكس ذلك كان العقد بيعا، وكان من المقرر أن العبرة في تكييف العقد هي بحقيقة ما عناه الطرفان منه، وتعرف ذلك من سلطة محكمة الموضوع فمتى استظهرت قصد العاقدين، وردته إلى شواهد وأسانيد تؤدي إليه عقلا، ثم أنزلت عليه الحكم القانوني الصحيح، فإنه لا يقبل من أيهما التذرع بأن المحكمة أخطأت في تكييف العقد توصلا إلى نقض حكمها في هذا الخصوص، وكان من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الدعاوى الناشئة عن الالتزامات التعاقدية – غير التي أفرد لها المشرع تقادما خاصا – تتقادم بخمس عشرة سنة، وأن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات المقدمة إليها بما فيها تقارير الخبرة، والمفاضلة بين هذه التقارير والأخذ بأحدها دون غيره، ومتى رأت في حدود سلطتها التقديرية الأخذ بتقرير الخبير لاقتناعها بصحة أسبابه فإنها لا تكون ملزمة من بعد بالرد استقلالا على الطعون الموجهة إليه لأن في أخذها به محمولا على أسبابه ما يفيد أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق الرد عليه بأكثر مما تضمنه التقرير، كما أنه لا إلزام على الخبير بأداء عمله على وجه محدد إذ بحسبه أن يقوم بما عهد به إليه على النحو الذي يراه محققا للغاية من ندبه ما دام عمله خاضعا لتقدير المحكمة التي يحق لها الاكتفاء بما أجراه ما دامت ترى فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى، وكان عدم انتقال الخبير إلى مقار الخصوم أو عدم معاينته للأعمال التي تم إنجازها لا يؤثر في صحة تقريره طالما أنه استند إلى ما له أصل ثابت في الأوراق بما يكفي لإبداء الرأي في المهمة الموكلة إليه، ومرد ذلك إلى تقدير محكمة الموضوع دون معقب عليها في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دفع الطاعنة بعدم سماع الدعوى لمضي المدة المنصوص عليها في المادة 476/أ من قانون المعاملات المدنية تأسيسا على ما اطمأن إليه من التقرير التكميلي الأخير للجنة الخبراء المنتدبة من أن قيمة أعمال المقاولة التي قامت المطعون ضدها بإنجازها لصالح الطاعنة هي مبلغ 2817029,82 درهما بما نسبته 75,09 % من قيمة الأعمال المنجزة، وأن قيمة التوريدات بلغت 934658,70 درهما بما نسبته 24,91 % من قيمة تلك الأعمال، وخلص من ذلك إلى أن عقد المقاولة قد اقترن بعقد التوريد، وأن قيمة العقد الأخير ثانوية بالنسبة إلى العقد الأول، ومن ثم فإن العقد المبرم بين الطرفين يكون في حقيقته عقد مقاولة لغلبة أعمال المقاولة فيه على أعمال التوريد، ويكون بذلك خارجا عن نطاق تطبيق أحكام التقادم المنصوص عليها في المادة 476/ أ من قانون المعاملات المدنية، وخاضعا للتقادم الطويل المنصوص عليه في المادة 473 من القانون ذاته والذي لم يكن قد اكتمل عند رفع الدعوى، ثم عرض الحكم لدفاع الطاعنة القائم على جحد جميع صور الفواتير المقدمة من المطعون ضدها، وإنكار أصلها، وكونها مصطنعة بمعرفة الأخيرة، وعدم استنادها إلى دفاتر منتظمة لديها، واطرحه بما حاصله أنه قد سبق للطاعنة مناقشة موضوع تلك الفواتير في مراحل الدعوى المختلفة، وقدمت مستندات تفيد سداد مبالغ منها تمثلت في صور شيكات وسندات صرف قامت الخبرة باعتمادها والاستناد إليها في حساب المبالغ المسددة، وغير المسددة والمستحقة لها، وأن الطاعنة طلبت في مذكرة دفاعها بجلسة 21/11/2016 احتياطيا رفض الدعوى لبراءة ذمتها بالسداد، فضلا عما جاء بتقرير لجنة الخبراء الأخير على لسان وكيل الطاعنة بمحضر الأعمال المؤرخ 25/11/2018 رغم تمسكه باصطناع المطعون ضدها لتلك الفواتير إلا أنه استند إليها في تكييف العلاقة التعاقدية بين الطرفين، وما إذا كانت عقد توريد أم عقد مقاولة، واستخلص الحكم من ذلك أن سبق مناقشة الطاعنة لموضوع تلك الفواتير يمنعها فيما بعد من إنكارها أو جحدها لا سيما وأنها تعاملت مع المطعون ضدها بتكليفها بتنفيذ المشروعات التابعة لها دون عقود أو اتفاقيات حيث كان التعامل بين الطرفين يتم شفاهة على النحو الوارد بتقرير اللجنة الأخير، ودون التأكد من امتلاك المطعون ضدها لدفاتر محاسبية من عدمه خلال فترة تنفيذ تلك المشروعات قبل التعامل معها بما يعد تقصيرا منها، فضلا عن أن اللجنة قد توصلت في تقريريها السابق والتكميلي الأخير إلى وجود شهادات دفع صادرة من الطاعنة لصالح المطعون ضدها عن المشاريع التي نفذتها الأخيرة والواردة بكشف المشاريع المقدم منها، والثابت منه إنجازها، وعدم تقديم الطاعنة أية مستندات تخالف هذا الكشف أو شهادات الدفع سالفة البيان، ثم انتهى الحكم إلى إلزام الطاعنة بالمبلغ المقضي به وفوائده التأخيرية استنادا إلى التقرير الأول للجنة الخبراء المعينة من محكمة الاستئناف بموجب حكمها التمهيدي الصادر بجلسة 30/10/2017 والذي اطمأنت إليه المحكمة لسلامة الأسس وكفاية الأبحاث التي أقيم عليها، والذي انتهى إلى انشغال ذمة الطاعنة بهذا المبلغ، وهو عبارة عن قيمة فواتير غير مسددة قدرها 372315,63 درهما، ومبالغ تأمين محتجزة قدرها 100234,64 درهما، وكان ما انتهى إليه الحكم في هذا الخصوص سائغاً ويتفق وصحيح القانون، وله أصله الثابت في الأوراق، ويكفي لحمل قضائه، وفيه الرد الضمني المسقط لكل ما أثارته الطاعنة من حجج مخالفة، وليس فيه ما يفيد أن محكمة الموضوع ناطت بالخبير الفصل في أية مسألة قانونية، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن ينحل إلى مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره مما تنحسر عنه رقابة محكمة التمييز. ولا يغير من ذلك ما تثيره الطاعنة من أن الطلبات في الدعوى الراهنة تقتصر على طلب الحكم بفروق أسعار ما تم توريده من بلاط؛ باعتبار أن أوراق الدعوى ومستنداتها دلت على خلاف ذلك. 
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.