الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 1 ديسمبر 2017

الطعن 3597 لسنة 57 ق جلسة 22 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 15 ص 109

جلسة 22 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وحسين الشافعي وحسام عبد الرحيم.

---------------

(15)
الطعن رقم 3597 لسنة 57 القضائية

عقوبة "العقوبة غير المقيدة للحرية". كفالة.
إيداع الكفالة المنصوص عليها في المادة 36 من القانون 57 لسنة 1959 أو الحصول على قرار من لجنة المساعدة القضائية بالإعفاء منها. شرط. لقبول طعن المحكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية.

--------------
من المقرر أن القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أوجب على المحكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية لقبول طعنه - إيداع الكفالة المبينة في المادة 36 منه، ولما كان الطاعن وهو محكوم عليه بعقوبة الغرامة - لم يودع خزينة المحكمة التي أصدرت الحكم مبلغ الكفالة المقررة في القانون حتى تاريخ نظر الطعن بالجلسة ولم يحصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها، فإن طعنه يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.


الوقائع

صدر الحكم المطعون فيه من محكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية - في قضية الجنحة رقم....... الحدائق المقيدة برقم..... س جنوب القاهرة في ...... بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ ...... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أوجب على المحكوم عليه بعقوبة غير مقيدة للحرية لقبول طعنه - إيداع الكفالة المبينة في المادة 36 منه، ولما كان الطاعن وهو محكوم عليه بعقوبة الغرامة - لم يودع خزينة المحكمة التي أصدرت الحكم مبلغ الكفالة المقررة في القانون حتى تاريخ نظر الطعن بالجلسة ولم يحصل على قرار من لجنة المساعدة القضائية بإعفائه منها، فإن طعنه يكون مفصحاً عن عدم قبوله شكلاً.

الطعن 6156 لسنة 58 ق جلسة 19 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 14 ص 103

جلسة 19 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وأحمد جمال عبد اللطيف.

----------------

(14)
الطعن رقم 6156 لسنة 58 القضائية

(1) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية. دستور. نقد.
حق السلطة التنفيذية. دستورياً. إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين. دون زيادة أو تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها. ليس معناه نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين للسلطة التنفيذية.
اللائحة لا تضع قيداً على خلاف نص في القانون.
(2) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزراية. نقد.
صحة القرار الصادر بموجب التفويض التشريعي. رهينة بعدم وجود تضاد بينه وبين نص القانون المحدد لأوضاعه وشروطه.
تغليب نص القانون عند التعارض بينه وبين نص وراد في لائحته. واجب.
(3) قانون "التفويض التشريعي". لوائح. قرارات وزارية. دستور. نقد.
تقييد اللائحة التنفيذية للقانون 97 لسنة 1976. حق المسافر في حمل النقد الأجنبي السابق إثبات دخوله إلى البلاد بالمخالفة لنص القانون. أثره؟
(4) نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون".
إدانة الطاعن بجريمة الشروع في إخراج نقد أجنبي من البلاد رغم ما أورده الحكم من إثبات الطاعن لهذا النقد بالإقرار الجمركي عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة. خطأ في القانون.
خطأ الحكم في تطبيق القانون - حق محكمة النقض تصحيحه.

---------------
1 - لئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا الحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص في القانون.
2 - يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد أدنى تضاد بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة.
3 - لما كان النص في البند ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 سالفة الذكر، على قصر حق المسافر في حمل نقد أجنبي على ما يكون قد أثبت بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد في المرة الأخيرة فحسب يتعارض مع ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى المشار إليها من القانون ذاته، من حظر فرض أية قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من قيود في هذا الصدد، ومن ثم يكون للمسافر إلى الخارج حق حمل أي نقد أجنبي أثبته بإقراره الجمركي عند دخوله إلى مصر، أو إخراجه منها، ويكون فعله في هذه الحالة، حملاً للنقد الأجنبي، أو إخراجاً له بمنأى عن التجريم، ويستوي في ذلك أن يتم الخروج بالنقد الأجنبي في السفرة التالية مباشرة للدخول به أو في أي سفرة أخرى لاحقه.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته في مدوناته من أن النقد الأجنبي المسند إلى الطاعن الشروع في إخراجه من البلاد مثبت بالإقرار الجمركي المحرر بمعرفة الطاعن عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه، وكان ما أسند إلى الطاعن - على السياق المتقدم لا جريمة فيه، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في إخراج النقد الأجنبي المبين بالمحضر من البلاد وعلى غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً وعن غير طريق المصارف المعتمدة، وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو ضبطه والجريمة متلبس بها. وطلبت عقابه بالمادتين 45، 47 من قانون العقوبات والمادتين 1، 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 المعدل بالقانون رقم 67 لسنة 1980 والمادة 42 من اللائحة التنفيذية، ومحكمة الجرائم المالية قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه وبرد المبالغ المضبوطة إلى من ضبطت معه. استأنفت النيابة العامة. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وتغريم المتهم مائتي جنيه والمصادرة.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الشروع في تصدير نقد أجنبي إلى الخارج على خلاف الشروط المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه استند إلى ما نصت عليه اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 من صلاحية الإقرار الجمركي المثبت به إدخال نقد أجنبي إلى البلاد، لتصدير هذا النقد عند السفر في المرة التالية فحسب للدخول به، على الرغم من مخالفة هذا النص لما حظرته المادة الأولى من القانون المشار إليه من وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد.
ومن حيث إن البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى الطاعن أنه شرع في إخراج أوراق نقد أجنبي من البلاد بغير الشروط المقررة قانوناً وطلبت معاقبته بالمادتين 45 و47 من قانون العقوبات والمادتين 1 و14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي المعدل ولائحته التنفيذية، ومحكمة أول درجة قضت ببراءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه واستأنفت النيابة العامة هذا الحكم، فقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون فيه بإجماع الآراء بإلغاء الحكم المستأنف وبتغريم الطاعن مائتي جنيه والمصادرة وألزمته المصاريف الجنائية، وقد أسس الحكم المطعون فيه قضاءه على قوله: "..... وكان الثابت من الأوراق أن المتهم سبق أن وصل إلى البلاد وحرر إقراراً جمركياً بتاريخ 20/ 12/ 1984 أثبت به ما بصحبته من نقد أجنبي وحال مغادرته للبلاد بتاريخ 31/ 3/ 1985 - تاريخ الضبط - تبين أن بصحبته نقداً أجنبياً وعندما استفسر منه عن مصدر هذا النقد أخرج لمحرر محضر الضبط الإقرار الجمركي سالف الإلمام - وعند مطالعة محرر المحضر لجواز سفر المتهم تبين أن له سفرية أخرى للخارج بتاريخ 2/ 2/ 1985، ومن ثم فإن هذا الإقرار الجمركي يكون قد استنفد الغرض منه وفقد قوته في إثبات مصدر النقد الأجنبي المضبوط مع المتهم، ويكون الأخير قد خالف نص الفقرة ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية والتي جاء نصها واضحاً في أن الإقرار الجمركي الذي يعتد به هو الإقرار الجمركي عند الوصول عن السفرية السابقة مباشرة". لما كان ذلك، وكانت الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي قد نصت على أنه "ويحدد الوزير المختص شروط إخراج النقد الأجنبي صحبة المغادرين مع مراعاة عدم وضع قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد "وكانت المادة 42 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادر بها قرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976 تنص - بعد تعديلها بالقرار رقم 74 لسنة 1984 - تنص على أنه "يحق للمسافرين إلى الخارج حمل أوراق نقد أجنبي وأدوات دفع أخرى بالنقد الأجنبي وذلك وفقاً للحدود التالية ( أ ) المبالغ المثبتة بالإقرار الجمركي عند الوصول عن السفرية السابقة مباشرة". لما كان ذلك ولئن كان من المقرر أن من حق السلطة التنفيذية - طبقاً للمبادئ الدستورية المتواضع عليها - أن تتولى أعمالاً تشريعية عن طريق إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين بما ليس فيه تعديل لها أو إعفاء من تنفيذها إلا أن هذا لحق لا يعني نزول السلطة التشريعية عن سلطتها في سن القوانين بل هو دعوة لهذه السلطة لاستعمال حقها في وضع القواعد التفصيلية اللازمة لتنفيذ القوانين دون أن تزيد عليها شيئاً جديداً أو أن تعدل فيها أو أن تعطل تنفيذها أو أن تعفى من هذا التنفيذ، ومن ثم فإن اللائحة التنفيذية لا يصح أن تضع قيداً على خلاف نص في القانون، كما أنه يشترط لصدور القرار في حدود التفويض التشريعي ألا يوجد تضاد بين الحظر الوارد في نص القانون وبين الشروط والأوضاع المحددة في القرار، وأنه عند التعارض بين نصين أحدهما وارد في القانون والآخر وارد في لائحته التنفيذية، فإن النص الأول يكون هو الواجب التطبيق باعتباره أسمى درجة وأصلاً للائحة. لما كان ذلك، وكان النص في البند ( أ ) من المادة 42 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 97 لسنة 1976 سالفة الذكر، على قصر حق المسافر في حمل نقد أجنبي على ما يكون قد أثبت بإقراره الجمركي عند وصوله للبلاد في المرة الأخيرة فحسب يتعارض مع ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة الأولى المشار إليها من القانون ذاته، من حظر فرض أية قيود على إخراج النقد الأجنبي الثابت إدخاله للبلاد، فإنه يتعين الاعتداد بما نص عليه القانون في هذا الخصوص والالتفات عما فرضته اللائحة التنفيذية من قيود في هذا الصدد، ومن ثم يكون للمسافر إلى الخارج حق حمل أي نقد أجنبي أثبته بإقراره الجمركي عند دخوله إلى مصر، أو إخراجه منها، ويكون فعله في هذه الحالة، حملاً للنقد الأجنبي، أو إخراجاً له بمنأى عن التجريم، ويستوي في ذلك أن يتم الخروج بالنقد الأجنبي في السفرة التالية مباشرة للدخول به أو في أي سفرة أخرى لاحقه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه - على الرغم مما أثبته في مدوناته من أن النقد الأجنبي المسند إلى الطاعن الشروع في إخراجه من البلاد، مثبت بالإقرار الجمركي المحرر بمعرفة الطاعن عند قدومه إلى مصر في مرة سابقة قد خالف النظر المتقدم فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. لما كان ذلك، وكان العيب الذي شاب الحكم المطعون فيه مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها فيه، وكان ما أسند إلى الطاعن - على السياق المتقدم لا جريمة فيه، فإنه يتعين عملاً بنص المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959، أن تصحح محكمة النقض الخطأ وتحكم بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من براءة الطاعن ورد المبالغ المضبوطة إليه.

الطعن 6151 لسنة 58 ق جلسة 18 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 13 ص 97

جلسة 18 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

-----------------

(13)
الطعن رقم 6151 لسنة 58 القضائية

(1) نقد. قانون "تفسيره". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
إدخال أو إخراج النقد المصري. على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً. مؤثم. المادة 9 من القانون 97 لسنة 1976.
العقوبات المقررة لمخالفة أحكام القانون 97 لسنة 1976 أو الشروع فيها؟
(2) نقد. قانون "تفسيره" "العلم بالقانون". جريمة "أركانها". قصد جنائي. دفوع "الدفع بالاعتذار بالجهل بالقانون". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة من القانون 97 لسنة 1976. عمدية. لم يستلزم القانون لها قصداً خاصاً. مؤدى ذلك؟
الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه. لا ينفي القصد الجنائي. أساس ذلك؟
العلم بالقانون الجنائي والقوانين العقابية المكملة له. مفترض في حق الكافة.
الدفع بالجهل أو الغلط فيه لنفي القصد الجنائي. غير مقبول.

----------------
1- إن الفعل الذي قارفه الطاعن, وهو إدخاله إلى البلاد أوراق نقد مصري - سبعة آلاف جنيه - على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, مؤثم بالمادة التاسعة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, التي تنص على أنه "لا يجوز إدخال أو إخراج النقد المصري إلا وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون - المار ذكره - ونص في المادة 43 منها على أنه "يجوز حمل أوراق نقد مصري رفق القادمين إلى البلاد والمسافرين منها في حدود عشرين جنيهاً مصرياً لكل فرد" ونصت المادة 14 من القانون - المار ذكره - في فقرتها الأولى من أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تضاعف العقوبة, وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها".
2- لما كانت الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة - من القانون رقم 97 لسنة 1976 - هي من الجرائم العمدية, ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - والغلط فيها, لما أحاط بها من ظروف تتمثل في قيامه باستبدال النقد المصري المضبوط - بالنقد السعودي - من إحدى المصارف بالمملكة العربية السعودية لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون - وهو لا يقبل منه, لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي, باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع, وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكلمة له - مفترض في حق الكافة, ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لديه لقيام حالة من الغلط في الواقعة والجهل بها, واعتبره - في خصوصية واقعة الدعوى الراهنة والظروف التي أحاطت بوقوعها - مجرد دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون, فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - ادخل إلى البلاد أوراق النقد المصري المبينة بالمحضر على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, وطلبت عقابه بالمادتين 9, 14 من القانون رقم 97 لسنة 1976 والمادة 43 من اللائحة التنفيذية للقانون، ومحكمة جنح الجرائم المالية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه وأمرت برد المبالغ المضبوطة إليه على أن يكون ذلك حال خروجه بها إلى خارج البلاد. استأنفت النيابة العامة, ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية "بهيئة استئنافية" قضت حضورياً بإجماع الآراء بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف, وتغريم المتهم مائتي جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إدخال أوراق نقد مصري إلى البلاد على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قام على انتفاء القصد الجنائي لديه بالواقعة والغلط فيها, تأسيساً على أنه قام باستبدال النقد المصري المضبوط بالنقد السعودي - وهو مقابل أجره عن عمله بالمملكة العربية السعودية - عن طريق أحد المصارف المعتمدة بها, وقدم الدليل على صحة هذا الدفاع، وكان من شأن هذا العمل المصرفي حمله على الاعتقاد بمشروعية الواقعة عند قدومه إلى البلاد ومعه النقد المضبوط, إلا أن الحكم لم يعن ببحث وتمحيص دفاعه, كما أن ما أورده الحكم - في مقام استظهار القصد الجنائي ينبئ عن اختلاف فكرته بين إطراح الجهل بالواقعة والغلط فيها باعتباره من أسباب انتفاء القصد الجنائي, وبين افتراض العلم بالقانون, مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إدخال نقد مصري إلى البلاد على خلاف الشروط والأوضاع المقررة قانوناً التي دان الطاعن بها, وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة مما أثبت بمحضر الضبط ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها, وأطرح الحكم ما قام عليه حكم محكمة الدرجة الأولى - تبريراً لقضائه ببراءة الطاعن - من اقتناعه بفكرة الغلط في الواقعة والجهل بها, التي دفع الطاعن بها مسئوليته عن الجريمة المسندة إليه تأسيساً على أن هذه الجريمة يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, الذي يقوم على عنصرين هما العلم والإرادة, وأن عنصر العلم المتطلب لتوافر القصد الجنائي في الجريمة التي دين بها الطاعن لا يسوغ الدفع بانتفائه على قيام فكرة الغلط في الواقعة والجهل بها, لأن العلم بالقانون هو عنصر في القصد الجنائي, والعلم بقانون العقوبات - والقوانين العقابية المكملة له - مفترض ولا يعتد بالاعتذار بالجهل به. لما كان ذلك, وكان الفعل الذي قارفه الطاعن, وهو إدخاله إلى البلاد أوراق نقد مصري - سبعة آلاف جنيه - على غير الشروط والأوضاع المقررة قانوناً, مؤثم بالمادة التاسعة من القانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي, التي تنص على أنه "لا يجوز إدخال أو إخراج النقد المصري إلا وفقاً للشروط التي يصدر بها قرار من الوزير المختص" وقد صدر قرار وزير الاقتصاد والتعاون الاقتصادي رقم 316 لسنة 1976 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون - المار ذكره - ونص في المادة 43 منها على أنه "يجوز حمل أوراق نقد مصري رفق القادمين إلى البلاد والمسافرين منها في حدود عشرين جنيهاً مصرياً لكل فرد" ونصت المادة 14 من القانون - المار ذكره - في فقرتها الأولى من أن "كل من خالف أحكام هذا القانون أو شرع في مخالفتها أو خالف القواعد المنفذة لها يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر وبغرامة لا تقل عن مائتي جنيه ولا تزيد على ألف جنيه, أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا يجوز الحكم بوقف تنفيذ عقوبة الغرامة وفي حالة العود تضاعف العقوبة, وفي جميع الأحوال تضبط المبالغ محل الدعوى ويحكم بمصادرتها, فإن لم تضبط حكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها". لما كان ذلك, وكانت الجريمة المنصوص عليها في المادة التاسعة - من القانون رقم 97 لسنة 1976 على السياق المتقدم - هي من الجرائم العمدية, ولم يستلزم القانون لهذه الجريمة قصداً خاصاً، بل يكفي لقيامها توافر القصد الجنائي العام, والذي يقتضي تعمد اقتراف الفعل المادي وتعمد النتيجة المترتبة على هذا الفعل وكان ما أثبته الحكم عن واقعة الدعوى كافياً في الدلالة على توافر القصد الجنائي لدى الطاعن فإن ما يثيره في خصوص انتفاء هذا القصد لديه بدعوى الجهل بالواقعة - محل التجريم - والغلط فيها, لما أحاط بها من ظروف تتمثل في قيامه باستبدال النقد المصري المضبوط - بالنقد السعودي - من إحدى المصارف بالمملكة العربية السعودية لا يعدو أن يكون مجرد اعتقاد خاطئ بمشروعية الواقعة وعدم فهمه للقانون وهو في حقيقته دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون - وهو لا يقبل منه, لما هو مقرر من أن الجهل بالقانون أو الغلط في فهم نصوصه لا ينفي القصد الجنائي, باعتبار أن العلم بالقانون العقابي وفهمه على وجهه الصحيح أمر مفترض في الناس كافة وإن كان هذا الافتراض يخالف الواقع في كثير من الأحيان، إلا أنه افتراض تمليه الدواعي العملية لحماية مصلحة المجموع, وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن العلم بالقانون الجنائي - والقوانين العقابية المكلمة له - مفترض في حق الكافة, ومن ثم فلا يقبل الدفع بالجهل أو الغلط فيه كذريعة لنفي القصد الجنائي. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما دفع به الطاعن من انتفاء القصد الجنائي لديه لقيام حالة من الغلط في الواقعة والجهل بها, واعتبره - في خصوصية واقعة الدعوى الراهنة والظروف التي أحاطت بوقوعها - مجرد دفع بالاعتذار بالجهل بالقانون, فإنه يكون قد صادف التطبيق القانوني الصحيح ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً, ومصادرة الكفالة.

الطعن 5808 لسنة 58 ق جلسة 18 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 12 ص 94

جلسة 18 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي أسحق نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

---------------

(12)
الطعن رقم 5808 لسنة 58 القضائية

محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع". ما يوفره. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاستعانة بمحام إلزامية لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي.
حضور محام منتدب مع المتهم واقتصاره على طلب البراءة واحتياطياً استعمال الرأفة. لا يتحقق غرض الشارع من وجوب إبداء دفاع جدي. أساس ذلك؟

---------------
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن بعد أن قرر أنه لم يوكل محامياً وقد أعطت المحكمة للمحامي المنتدب صورة من الجناية للاطلاع بيد أنه لم يتناول في مرافعته وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها وأوجه دفاع الطاعن بشأنها واقتصر على طلب البراءة واحتياطياً استعمال منتهى الرأفة، لما كان ذلك, وكان من القواعد الأساسية التي أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تؤتي ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه وحرصاً من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام - منتدباً كان أو موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية - إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال, وكان ما أبداه المحامي المنتدب في مرافعته - على السياق المتقدم - لا يحقق غرض الشارع الذي من أجله أوجب حضور محام مع كل متهم بجناية ليقدم عنه دفاعاً جدياً ولا يقتصر على مجرد إبداء طلب لا يبين سنده فيه, فإن حق الاستعانة بمدافع يكون في هذه الحالة قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره, ومن ثم تكون إجراءات المحاكمة قد وقعت باطلة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً - حشيش - في غير الأحوال المصرح بها قانوناً, وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1, 2, 7/ 1, 34/ أ, 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 والمعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبند رقم 103 من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون الأول بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة وتغريمه عشرة آلاف جنيه والمصادرة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار في غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه إخلال بحق الدفاع. ذلك بأن المحكمة انتدبت له محامياً - اقتصر في مرافعته على طلب البراءة أو استعمال الرأفة مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن بعد أن قرر أنه لم يوكل محامياً وقد أعطت المحكمة للمحامي المنتدب صورة من الجناية للاطلاع بيد أنه لم يتناول في مرافعته وقائع الدعوى وظروفها وملابساتها وأوجه دفاع الطاعن بشأنها واقتصر على طلب البراءة واحتياطياً استعمال منتهى الرأفة، لما كان ذلك, وكان من القواعد الأساسية التي أوجبها القانون أن تكون الاستعانة بالمحامي إلزامية لكل متهم بجناية حتى يكفل له دفاعاً حقيقياً لا مجرد دفاع شكلي تقديراً بأن الاتهام بجناية أمر له خطره ولا تؤتي ثمرة هذا الضمان إلا بحضور محام أثناء المحاكمة ليشهد إجراءاتها وليعاون المتهم معاونة إيجابية بكل ما يرى تقديمه من وجوه الدفاع عنه وحرصاً من الشارع على فاعلية هذا الضمان الجوهري فرض عقوبة الغرامة في المادة 375 من قانون الإجراءات الجنائية على كل محام - منتدباً كان أو موكلاً من قبل متهم يحاكم في جناية - إذا هو لم يدافع عنه أو يعين من يقوم مقامه للدفاع عن المتهم وذلك فضلاً عن المحاكمة التأديبية إذا اقتضتها الحال, وكان ما أبداه المحامي المنتدب في مرافعته - على السياق المتقدم - لا يحقق غرض الشارع الذي من أجله أوجب حضور محام مع كل متهم بجناية ليقدم عنه دفاعاً جدياً ولا يقتصر على مجرد إبداء طلب لا يبين سنده فيه, فإن حق الاستعانة بمدافع يكون في هذه الحالة قد قصر دون بلوغ غايته وتعطلت حكمة تقريره, ومن ثم تكون إجراءات المحاكمة قد وقعت باطلة. مما يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة.

الطعن 3745 لسنة 58 ق جلسة 18 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 11 ص 87

جلسة 18 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام علي الصادق عثمان.

---------------

(11)
الطعن رقم 3745 لسنة 58 القضائية

قتل عمد. اقتران. ارتباط. نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى". سرقة. عقوبة "تطبيقها".
عقوبة المادة 234/ 2 عقوبات. يكفي لتطبيقها ثبوت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن.
مثال لتسبيب سائغ لحكم بالإدانة في جريمة قتل مقترنة بجريمة سرقة. صادر من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى.

----------------
لما كانت المادة 234 من قانون العقوبات بنصها في الشق الأول من الفقرة الثانية منها على ظروف الاقتران فإنه يكفي لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن, وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين ارتكبوا جريمة القتل العمد التي استقلت تماماً عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً - التي ارتكبوها أيضاً- والتي تلتها ببرهة وجيزة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات, ذلك أن جناية السرقة قد وقعت في إحدى الطرق العامة ليلاً بل وفي إحدى وسائل النقل البرية من المتهمين الثلاثة الذين كانوا يحملون أسلحة "مدي".


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً: 1- ....... توفي إلى رحمة الله 2-........ (طاعن) 3 - ........ (طاعن) أولاً: المتهمون جميعاً قتلوا...... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن طعنوه بمدية في أجزاء متفرقة من جسمه قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وقد اقترنت بهذه الجناية جناية أخرى هي أنهم في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقوا مبلغ النقود والأشياء الأخرى المبينة وصفاً وقيمة بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليه سالف الذكر في إحدى وسائل النقل البرية حالة كونهم حاملين أسلحة بيضاء. ثانياً: المتهم الأول أيضاً: 1- وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في محرر رسمي هو البطاقة الشخصية رقم 20541 سجل مدني شبرا بأن نزع صورة صاحب البطاقة ولصق صورته بدلاً منها. 2- عثر على البطاقة الشخصية سالفة الذكر والمملوكة لـ........ واختلسها لنفسه بنية تملكها إضراراً بالمجني عليه, وإحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة, وبتاريخ....... قررت محكمة جنايات القاهرة إحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الديار المصرية لإبداء رأيه فيها وحددت جلسة....... للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت المحكمة المذكورة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 43, 211, 212, 234/ 1 - 2, 315, 321 مكرراً من قانون العقوبات، مع إعمال المادتين 32/ 2, 17 بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث من القانون ذاته, أولاً: بمعاقبة....... بالإعدام شنقاً عن التهمة الأولى المسندة إليه. ثانياً: بمعاقبة....... بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة عن التهمتين الثانية والثالثة المسندتين إليه. ثالثاً: بمعاقبة كل من....... و....... بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليهما. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض لإقرار الحكم، وبتاريخ...... قضت محكمة النقض أولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المطعون فيه, وإحالة القضية إلى محكمة جنايات القاهرة لتحكم فيها من جديد دائرة أخرى بالنسبة للطاعن والمحكوم عليهما الآخرين.
ومحكمة الإعادة قضت حضورياً بالنسبة للمتهمين الثاني والثالث عملاً بالمادتين 234/ 1 - 2, 315/ أولاً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته أولاً: بانقضاء الدعوى العمومية قبل المتهم الأول..... لوفاته. ثانياً: بمعاقبة كل من........ و...... بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشرة سنة عما أسند إليهما.
فطعن المحكوم عليهما الثاني والثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.
وبجلسة....... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة....... لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من الأوراق والتحقيقات وجلسات المحاكمة تتحصل في أن المتهمين الثلاثة...... الذي قضى بتاريخ........ بانقضاء الدعوى الجنائية لوفاته. و....... و....... اتفقوا فيما بينهم على سرقة إحدى سيارات الأجرة وبيعها والحصول على ثمنها، وفي حوالي السابعة من مساء يوم....... توجهوا جميعاً تنفيذاًَ لهذا الاتفاق إلى ناحية الأميرية وتصادف مرور المجني عليه...... بسيارته الأجرة رقم....... القاهرة فاستوقفوه أمام كوبري مسطرد واستقلوا السيارة حيث جلس المتهم الأول....... على المقعد الأمامي الأيمن بجواره وجلس المتهمان........ و........ على المقعد الخلفي بحيث كان الثاني خلف السائق المجني عليه والثالث إلى جواره وطلبوا إليه أن يقوم بتوصيلهم إلى ناحية مساكن عين شمس وعندئذ طلبوا إليه مغادرة السيارة وإذ رفض ذلك بادروه بالاعتداء عليه بطعنه بمطاوي في مواضع متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ثم ألقوا بجثته في الطريق العام بعد أن جردوه من النقود التي يحملها ومن ساعة يده وولاعته ثم سرقوا السيارة ولاذوا بالفرار إلى ناحية سرياقوس حيث ألقوا بدواستها الملوثة بالدماء في رشاح وغادروا السيارة وقام المتهم....... ببيع الساعة لـ....... وأعطى الولاعة لـ....... حيث تم ضبطهما.
وحيث إن الواقعة على الصورة المتقدمة قد ثبت وقوعها وتوافرت الأدلة على صحة إسنادها للمتهمين....... و....... من أقوال الرائد...... رئيس مباحث قسم السلام ومن إقرار المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات واعتراف المتهم......... بالتحقيقات وجلستي المحاكمة، وكذا من أقوال........ و........ ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه.
فقد شهد الرائد....... رئيس مباحث قسم السلام بالتحقيقات أنه أبلغ بتاريخ 6/ 12/ 1984 بوجود جثة لشخص مجهول بأرض الأباصيري بدائرة قسم السلام وتبين أنها لـ....... سائق السيارة رقم..... أجرة القاهرة التي عثر عليها بناحية سرياقوس مركز الخانكة وبها آثار دماء وأسفرت التحريات عن أن المتهمين....... و....... و....... هم الذين ارتكبوا حادث قتل المجني عليه وسرقة سيارته ومتعلقاته فتم ضبطهم واعترفوا بارتكاب الحادث وأرشد المتهم....... عن مكان الساعة والولاعة المسروقين وتم ضبطهما لدى....... و....... وإذ تم عرضهما على أرملة المجني عليه تعرفت عليها.
وأقر المتهم....... بمحضر جمع الاستدلالات بمساهمته مع المتهمين الآخرين في سرقة متعلقات المجني عليه وسيارته, وبسؤاله في تحقيقات النيابة اعترف بأنه اتفق مع المتهمين........ و....... قبل الحادث بحوالي ثمانية أيام على سرقة سيارة أجرة تم بيعها للحصول على ثمنها وفي مساء يوم الحادث استقلوا السيارة الأجرة التي كان يقودها المجني عليه وطلبوا إليه التوجه لناحية عين شمس وجلس هو إلى جوار السائق بينما جلس المتهمان الآخران في المقعد الخلفي – وكان كلاً منهما يحمل مطواة - وعند وصولهم لتلك الناحية طلب المتهم...... إلى السائق مغادرة السيارة وإذ رفض ذلك طوق عنقه بيده وأخرج المطواة وانهال عليه طعناً بها كما حذا المتهم........ حذوه فأخرج مطواته هو الآخر وأخذ في طعن المجني عليه بها واستولوا على السيارة وساعة يد المجني عليه وولاعته ثم ألقوا بجثته بالقرب من شريط السكك الحديدية وتم التخلص من فرش السيارة والدواسة الملوثين بالدماء وتسلم....... المسروقات لبيعها, وبجلسة...... اعترف المتهم....... بطعنه المجني عليه عدة طعنات بمطواة كل يحملها وبجلسة....... كرر اعترافه الذي أدلى به في التحقيقات. وأقر المتهمان...... و....... بمحضر جمع الاستدلالات باستقلالهما سيارة المجني عليه مع المتهم....... وسرقة متعلقات المجني عليه والسيارة بناء على اتفاق سابق بينهم ثم فرارهم بالسيارة بعد إلقاء جثة المجني عليه منها. وقرر....... في تحقيقات النيابة أن المتهم....... باعه الساعة المضبوطة بمبلغ خمسين جنيهاً - كما قرر....... أن الأخير أعطاه الولاعة التي تبين أنها تخص المجني عليه.
وثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه أن بها تسعة عشر جرحاً طعنياً وقطعياً بالصدر والوجه والعنق والساعد الأيمن واليد اليسرى يحدث كل منها من الطعن والمصادمة بجسم أو أجسام صلبة حادة كسكين أو مطواة أو ما في حكها وتعزي الوفاة إلى الإصابات الطعنية النافذة بالصدر لما صاحبها من قطع بالرئة اليسرى ونزيف غزير بالصدر وكذلك للإصابات القطعية المتعددة لما صاحبها من نزيف خارجي جسيم.
وحيث إن المتهمين أنكرا ما نسب إليهما وطلب المدافعان عنهما براءتهما تأسيساً على خلو الأوراق من دليل على الاتفاق الجنائي وعدم ثبوت التهمة في حقهما.
وحيث إن المحكمة تطمئن لاعتراف المتهم........ بالتحقيقات وجلستي المحاكمة وإلى إقرار المتهمين بمحضر جمع الاستدلالات وتستخلص منها أنهم اتفقوا ثلاثتهم قبل الحادث على سرقة سيارة أجرة لبيعها والحصول على ثمنها وأنهم تنفيذاً لهذا الاتفاق توجهوا في يوم الحادث إلى ناحية الأميرية واستوقفوا المجني عليه الذي كان ماراً بسيارته الأجرة وطلبوا إليه التوجه لناحية عين شمس وعند وصولهم إليها بادروا المجني عليه طعناً بالمدى التي كانوا يحملونها حتى أزهقوا روحه واستولوا على ساعته وولاعته ثم لاذوا فراراً بالسيارة وتركوها في بلدة سرياقوس تمهيداً لبيعها, وهو استخلاص يسانده ما ثبت من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليه من وجود عديد من الطعنات بأجزاء متفرقة منها بلغت تسعة عشر جرحاً وكلها قطعية طعنية تظاهر اعتراف المتهم....... من طعنه وكذا المتهمين الآخرين المجني عليه بالمدى تستخلص منه المحكمة أن المتهمين الثلاثة ساهموا في الاعتداء على المجني عليه وإزهاق روحه كما ساهموا في سرقة سيارته ومنقولاته, كما يساند هذا الاستخلاص إرشاد المتهم..... عن الساعة والولاعة المسروقين وأقوال....... من أن المتهم الأخير هو الذي باعه الساعة وأقوال...... من أن المتهم ذاته هو الذي أعطاه الولاعة.
وحيث إنه عن نية القتل فهي ثابتة في حق المتهمين من طعنهم المجني عليه بآلات قاتلة "مدى" طعنات عديدة متتالية في أجزاء متفرقة من جسده بلغت تسع عشرة طعنه وتوجيهها إلى أماكن قاتلة من جسده كصدره وعنقه حتى أزهقوا روحه خشية افتضاح أمرهم بعد أن بادر بالصياح والاستغاثة كما أنهم طلبوا إليه متعلقاته وترك السيارة لهم الأمر الذي تتبين منه المحكمة أن المتهمين كانوا يقصدون إزهاق روح المجني عليه.
وحيث إن المادة 234 من قانون العقوبات بنصها في الشق الأول في الفقرة الثانية منها على ظروف الاقتران فإن يكفي لانطباقها ومن ثم تغليظ العقاب أن يثبت استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام المصاحبة الزمنية بينهما وأن تكون الجنايتان قد ارتكبتا في وقت واحد أو في فترة قصيرة من الزمن, وإذ كان ذلك وكان الثابت من التحقيقات أن المتهمين ارتكبوا جريمة القتل العمد التي استقلت تماماً عن جناية السرقة مع حمل السلاح ليلاً - التي ارتكبوها أيضاً - والتي تلتها ببرهة وجيزة فتحقق بذلك شرطا الاستقلال والمصاحبة الزمنية الأمر المنطبق على نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات, ذلك أن جناية السرقة قد وقعت في إحدى الطرق العامة ليلاً بل وفي إحدى وسائل النقل البرية من المتهمين الثلاثة الذين كانوا يحملون أسلحة "مدى".
وحيث إنه لما تقدم يكون قد وقر في يقين المحكمة أن المتهمين (1) ....... (2) ....... في ليلية....... بدائرة قسم السلام - محافظة القاهرة قتلا....... عمداً بأن انهالا عليه طعناً بالمدى في أجزاء متفرقة من جسده قاصدين من ذلك قتله فاحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته, وقد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى هي أنهما في الزمان والمكان سالفي الذكر سرقا منقولات المجني عليه المبينة الوصف والقيمة بالتحقيقات في إحدى وسائل النقل البرية سيارة أجرة وفي طريق عام حالة كونهما يحملان أسلحة بيضاء "مدى" الأمر المعاقب عليه بنص المادتين 234/ 1, 2 و315 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن المحكمة ترى لظروف الدعوى وملابساتها معاملة المتهمين بالرأفة في حدود ما تقضي به المادة 17 من قانون العقوبات.

الطعن 5805 لسنة 58 ق جلسة 17 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 10 ص 81

جلسة 17 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ أحمد محمود هيكل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وطلعت الاكيابى ومحمود عبد الباري وأمين عبد العليم.

----------------

(10)
الطعن رقم 5805 لسنة 58 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". تلبس. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى" "سلطتها في تقدير الدليل".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وإطراح ما يخالفها من صور. ما دام استخلاصها سائغاً.
وزن أقوال الشاهد وتقدير ظروف الإدلاء بها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده: إطراح الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
تقدير توافر أو عدم توافر التلبس. موضوعي. ما دام مبرراً.
(2) إجراءات "إجراءات التحقيق". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
بقاء شخصية المرشد غير معروفة وعدم إفصاح مأمور الضبط عنها. لا يعيب الإجراءات.
(3) مواد مخدرة. عقوبة "الإعفاء منها". أسباب الإباحة وموانع العقاب "موانع العقاب".
تقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب طبقاً للمادة 48 من القانون 182 لسنة 1960 غير لازم. إلا إذا دفع بذلك أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارة ذلك أمام النقض.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بارتكاب الجريمة بمعرفة آخر. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.

-------------------
1- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
2- من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي.
3- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها, فإذا هو لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل, فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه, كما هو الشأن في الدعوى المطروحة.
4- من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بأن مرتكب الجريمة شخصاً آخر مردود بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه - أولاً: - أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (أفيون) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً - ثانياً: - توسط في بيع جوهر مخدر (أفيون) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً, وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً في 6 يناير سنة 1988 عملاً بالمواد 1/ 1/, 2, 7/ أ, 34/ أ, 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند ( أ ) من الجدول الأول المعدل والملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادتين 32/ 2, 17 من قانون العقوبات والمادة 36 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وتغريمه ثلاث آلاف جنيه ومصادرة المخدر والسيارة المضبوطين.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة وتوسط في بيع جوهر مخدر (أفيون) قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال, وانطوى على إخلال بحق الدفاع, ذلك أن الحكم أطرح دفع الطاعن ببطلان القبض والتفتيش لأن الواقعة لم تكن في حالة تلبس بما لا يسوغ رفضه, كما التفت عن دفاعه القائم على بطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على تجهيل الضابط لاسم المرشد واختلاقه الواقعة في تصوير لا يتفق مع حقيقة الواقع, وأعرض عن دفاعه القائم على أحقيته في الإعفاء من العقاب لكون المخدر يخص شخصاً آخر تقاعس الضابط عن ضبطه, ولم يعن بتمحيص دفاعه الوارد بالتحقيقات المؤسس على أن المخدر المضبوط لم يتم ضبطه بالسيارة المضبوطة وإنما ضبط داخل سيارة أخرى, كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مفاده أن الضابط التقى بالطاعن ومرافقه بعد أن قدمه إليهما المرشد على أنه التاجر راغب الشراء, وبعد أن طلب الضابط مشاهدة كمية الأفيون قام مرافق الطاعن بفتح حقيبة السيارة البيجو التي كانا يستقلانها، وقام الطاعن بإخراج حقيبة من البلاستيك وفتحها فوجد الضابط أن ما بداخلها كيساً من الكرافت الأصفر بداخله كيس من البلاستيك الأبيض بداخله كمية من مخدر الأفيون عرفه من شكله ورائحته فقبض عليهما, وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة مستمدة من أقوال الضابط وما ثبت من تقرير التحليل، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. وقد عرض الحكم من بعد ذلك للدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه بالنسبة للدفع المبدى من الحاضر مع المتهم ببطلان القبض والتفتيش فإن الثابت من أقوال الضابط المذكور في التحقيقات والتي تطمئن إليها المحكمة أن المرشد السري لم يبلغه باسمي المتهمين وإنما أبلغه بأوصافهما فقط ومن ثم فلم يكن في وسعه أن يستصدر إذناًَ من النيابة العامة بضبطهما - وتفتيشهما وقد كانا مجهولي لديه ولم يعرف اسميهما إلا بعد ضبطهما وبالتالي فلا تثريب عليه فيما اتخذ من إجراءات لضبطهما، ومتى كان الأمر كذلك وكان الثابت أيضاً من أقوال الضابط المشار إليه أن المتهمين عرضا عليه كمية الأفيون المضبوطة التي تعرف على كنها من شكلها ورائحتها الأمر الذي يجعل الجريمة في حالة تلبس ويحق معه للضابط - وهو من مأموري الضبط القضائي أن يقبض على المتهم ويفتشه - ومن ثم يكون الدفع ببطلان القبض والتفتيش في غير محله ومن ثم تلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن الضابط اختلق حالة التلبس لا يكون له محل. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة. وكان مما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كاف وسائغ في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه ينحل إلى جدل موضوعي, لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض, لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن تبقى شخصية المرشد غير معروفة وأن لا يفصح عنها رجل الضبط القضائي, فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون على غير أساس. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها, فإذا هو لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقوبة إعمالاً للمادة 48 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل, فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه, كما هو الشأن في الدعوى المطروحة. لما كان ذلك, وكان من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بأن مرتكب الجريمة شخصاً آخر مردود بأن نفى التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاءه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها, ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في صدد أن مرتكب الجريمة شخص آخر وأن المخدر ضبط بسيارة أخرى لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 5760 لسنة 58 ق جلسة 17 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 9 ص 77

جلسة 17 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ حسن عثمان عمار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود البارودي نائب رئيس المحكمة وصلاح عطية وحسن عشيش ورضوان عبد العليم.

-------------------

(9)
الطعن رقم 5760 لسنة 58 القضائية

(1) إصابة خطأ. خطأ. حكم. "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟
سلامة الحكم بالإدانة في الجرائم غير العمدية مشروط ببيان ركني الخطأ ورابطة السببية. اكتفاء الحكم بالإدانة بالإحالة إلى محضر الضبط دون إيراد مضمونه ودون بيان كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن وموقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث. قصور.
(2) نقض "أثر الطعن".
عدم امتداد أثر الطعن بالنقض لمن لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية وأنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونه ولم يبين وجه استدلاله به على الجريمة التي دان الطاعن بها، هذا فضلاً عن أنه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للسيارة وكنه الخطأ الذي وقع منه ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك على قيام رابطة السببية، كما أغفل بيان إصابات المجني عليه وكيف أنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صادر إثباتها في الحكم.
2 - لما كان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا أنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم، ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنه: ارتكب جريمة القتل الخطأ والإصابة والقيادة الخطرة، وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات، ومحكمة جنح البدرشين قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ. عارض، وأثناء نظر المعارضة ادعى والد المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، وقضى في المعارضة بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. استأنف، ومحكمة الجيزة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم ستة أشهر مع الشغل.
فطعن الأستاذ/ ....... المحامي عن الأستاذ/ ....... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل والإصابة الخطأ قد شابه قصور في البيان، ذلك أنه لم يعن ببيان أركان هاتين الجريمتين ولم يستظهر عنصر الخطأ ويورد دليله عليه بالرغم مما تمسك به الطاعن في دفاعه المثبت بمذكرته أمام المحكمة الاستئنافية من أن الخطأ يقع في جانب المحكوم عليه الثاني، كما أغفل الحكم الإشارة إلى التقرير الطبي ولم يورد مؤداه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اقتصر في بيانه لواقعة الدعوى والأدلة على ثبوتها في حق الطاعن على قوله "وحيث إن التهمة ثابتة قبل المتهم ثبوتاً كافياً مما جاء بمحضر الضبط المرفق ومن عدم دفع المتهم للاتهام بدفاع مقبول يطمئن إليه وجدان المحكمة ومن ثم يتعين عقابه بمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية". لما كان ذلك، وكان القانون قد أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بما تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه استدلالها بها وسلامة مأخذها تمكيناً لمحكمة النقض من مراقبة صحة التطبيق القانوني على الواقعة كما صار إثباتها بالحكم وإلا كان قاصراً، وكان من المقرر أن ركن الخطأ هو العنصر المميز في الجرائم غير العمدية وإنه يجب لسلامة القضاء بالإدانة في جريمة القتل الخطأ - حسبما هي معرفة به في المادة 238 من قانون العقوبات - أن يبين الحكم كنه الخطأ الذي وقع من المتهم ورابطة السببية بين الخطأ والقتل بحيث لا يتصور وقوع القتل بغير هذا الخطأ، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد اكتفى في بيان الدليل بالإحالة إلى محضر ضبط الواقعة ولم يورد مضمونه ولم يبين وجه استدلاله به على الجريمة التي دان الطاعن بها، هذا فضلاً عن أنه لم يبين كيفية وقوع الحادث وسلوك الطاعن أثناء قيادته للسيارة وكنه الخطأ الذي وقع منه ويورد الدليل على كل ذلك مردوداً إلى أصل ثابت في الأوراق، كما لم يبين موقف المجني عليه ومسلكه أثناء وقوع الحادث وأثر ذلك على قيام رابطة السببية، كما أغفل بيان إصابات المجني عليه وكيف إنها أدت إلى وفاته من واقع تقرير فني باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية البحتة، الأمر الذي يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة. لما كان ما تقدم، وكان وجه الطعن وإن اتصل بالمحكوم عليه الآخر في الدعوى إلا إنه لا يفيد من نقض الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً في الخصومة الاستئنافية التي صدر فيها ذلك الحكم، ومن ثم لم يكن له أصلاً حق الطعن بالنقض فلا يمتد إليه أثره.

الطعن 6050 لسنة 58 ق جلسة 12 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 8 ص 72

جلسة 12 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وأحمد جمال عبد اللطيف.

----------------

(8)
الطعن رقم 6050 لسنة 58 القضائية

(1) شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "أسباب الإباحة".
حق الساحب المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها. علة ذلك؟ المادة 148 من قانون التجارة.
(2) شيك بدون رصيد. قانون "تفسيره". أسباب الإباحة وموانع العقاب. "أسباب الإباحة". تبديد. سرقة. نصب.
سرقة الورقة والحصول عليها بطريق التهديد. دخولهما في حكم ضياعها.
إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بحالات الإباحة في المعارضة في الوفاء بقيمته. أساس ذلك؟
(3) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "حالات الطعن. الخطأ في القانون". شيك بدون رصيد.
الدفاع الجوهري. على المحكمة أن تعرض له استقلالاً كشفاً لمدى صدقه أو ترد عليه بما يدفعه. إمساكها عن ذلك. قصور.
مثال.

------------------
1 - إن نص المادة 148 من قانون التجارة قد جرى على أنه "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها"، وكان المقرر طبقاً للنص القانوني سالف الذكر أن الشارع أباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد.
2 - لما كان من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما إنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال، وأن الورقة متحصلة من جريمة، ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة - التي هي الأصل - هي الأولى بالرعاية.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن سالف الإشارة، وكان الدفاع المسوق من الطاعن يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن توقف الدعوى الماثلة، حتى يفصل في جنحة التبديد المقامة من الطاعن على ما سلف إيراده - أن تبين لها، أن محلها ذات الشيك في الدعوى المعروضة، اعتباراً بأن الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الأخرى، وتتحقق به مسئولية الطاعن جنائياً أو تنتفي وذلك عملاً بنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يتسع له وجه الطعن ويظاهر المسطور في مستنداته التي حوتها المفردات المضمومة التي أفصح في طعنه أنه تمسك بدلالتها وفقاً للاتهام المسند إليه في الدعوى الماثلة، فإن تبين لها أن الحكم في الدعوى لا تتوقف نتيجته على الفصل في الدعوى الأخرى، كان عليها أن تعرض لدفاعه ذاك استقلالاً وأن تستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدة صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح مركز تلا ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً في.... عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم أسبوعين مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت، عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض. وقضى في معارضته الاستئنافية بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ........ المحامي عن الأستاذ/ ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب وإخلال بحق الدفاع، ذلك بأنه لم يعرض للدفاع الجوهري الذي أبداه في مذكرته المقدمة للمحكمة الاستئنافية والمؤيدة بالمستندات التي ضمنها أن حصول المدعي بالحقوق المدنية على الشيك كان نتيجة جريمة خيانة أمانة إلا أن الحكم أعرض كلية - عن هذا الدفاع، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات أن الطاعن قدم إلى محكمة ثاني درجة مذكرة بدفاعه ضمنها أن المستفيد....... كان بحوزته أربعة شيكات أصدرها الطاعن كل منها بمبلغ مائتي جنيه ثم أناب المدعو....... باسترداد تلك الشيكات من المستفيد بعد أن سلمه قيمتها، ولخلاف نشب بين الأخير والطاعن رفض رد الشيكات إليه وقام...... بمطالبته بقيمة شيكين بينما سلم الشيكين الآخرين إلى المدعي بالحقوق المدنية من بينها الشيك موضوع الدعوى الراهنة، وكان ذلك بطريق التواطؤ، وقدم تأييداً لدفاعه صورة رسمية من الشكوى رقم 2386 لسنة 1984 إداري تلا التي تضمنت سؤال أطراف النزاع وسؤال..... و....... حيث قررا بأنهما حضرا واقعة تكليف الطاعن لـ....... باسترداد الشيكات الأربع من المستفيد بعد أن سلمه قيمتها، كما تضمنت المفردات شهادة رسمية مؤرخة 26/ 6/ 1985 من جدول الجنح بنيابة تلا في الجنحة رقم 2975 لسنة 1985 تبين منها أنها مقامة بطريق الادعاء المباشر من الطاعن ضد المدعي بالحقوق المدنية في الدعوى الراهنة والمستفيد و...... باتهامهم بارتكاب واقعة خيانة أمانة لعدم رد الشيكات إلى الطاعن. لما كان ذلك، وكان نص المادة 148 من قانون التجارة قد جرى على أنه "لا تقبل المعارضة في قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها". وكان المقرر طبقاً للنص القانوني سالف الذكر أن الشارع أباح للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ماله بغير توقف على حكم من القضاء، لما قدره من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. لما كان ما تقدم، وكان من المسلم به أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون بغير خلاف، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث إباحة حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال، وأن الورقة متحصلة من جريمة، ولا يغير من الأمر ما يمكن أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن يتوفر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة - التي هي الأصل - هي الأولى بالرعاية. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعرض لدفاع الطاعن سالف الإشارة، وكان الدفاع المسوق من الطاعن يعد - في خصوص الدعوى المطروحة - هاماً وجوهرياً لما يترتب عليه من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن توقف الدعوى الماثلة، حتى يفصل في جنحة التبديد المقامة من الطاعن على ما سلف إيراده - إن تبين لها، أن محلها ذات الشيك في الدعوى المعروضة، اعتباراً بأن الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في الدعوى الأخرى، وتتحقق به مسئولية الطاعن جنائياً أو تنتفي وذلك عملاً بنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية، وهو ما يتسع له وجه الطعن ويظاهر المسطور في مستنداته التي حوتها المفردات المضمومة، التي أفصح في طعنه أنه تمسك بدلالتها وفقاً للاتهام المسند إليه في الدعوى الماثلة، فإن تبين لها أن الحكم في الدعوى لا تتوقف نتيجته على الفصل في الدعوى الأخرى، كان عليها أن تعرض لدفاعه ذاك استقلالاً وأن تستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن ارتأت إطراحه، أما وقد أمسكت عن ذلك، فإن حكمها يكون مشوباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع بما يعيبه ويوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية. مع إلزام المطعون ضده (المدعي بالحقوق المدنية) المصاريف المدنية وذلك دون حاجة إلى بحث الوجه الآخر للطعن.

الطعن 1604 لسنة 57 ق جلسة 12 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 7 ص 68

جلسة 12 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد أحمد حسن وعبد الوهاب الخياط نائبي رئيس المحكمة وعبد اللطيف أبو النيل وعمار إبراهيم.

----------------

(7)
الطعن رقم 1604 لسنة 57 القضائية

قضاة "صلاحيتهم". حكم "بطلانه". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها تلقائياً، وإلا كان حكمه باطلاً. أساس وعلة ذلك؟
التحقيق في مفهوم المادة 247 إجراءات. معناه؟
مباشرة القاضي عملاً من أعمال التحقيق بوصفه وكيلاً للنيابة في الدعوى. وجوب امتناعه عن نظرها والحكم فيها.

-----------------
لما كانت المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات، الملغى الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة. مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجوب هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، هو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك، والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعين النقض والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: هربا بضائع أجنبية (لب أسمر) وذلك بالمخالفة للقوانين على النحو المبين بالأوراق. وطلبت عقابهما بالمواد 1، 2، 3، 4، 121، 122، 123، 124/ 1 من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل. ومحكمة جنح كوم أمبو قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهما سنة مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وغرامة ألف جنيه والمصادرة وأداء ضعف الرسوم الجمركية. عارضا وادعت مصلحة الجمارك قبل المتهمين بمبلغ 2937.66 جنيهاً على سبيل التعويض وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المعارض فيه إلى حبس كل منهما ستة أشهر مع الشغل وكفالة ثلاثين جنيهاً وتغريم كل منهما مائتي جنيه وتأييده فيما عدا ذلك. استأنفا. ومحكمة أسوان الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأساتذة....... و........ و....... المحامين نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دانهما بجريمة تهريب بضائع أجنبية دون سداد الرسوم الجمركية قد شابه البطلان ذلك أن أحد أعضاء الهيئة التي أصدرته قام بعمل من أعمال التحقيق في الدعوى إبان عمله وكيلاً للنائب العام، بما يعيب الحكم بما يبطله ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن المادة 247 من قانون الإجراءات الجنائية قد حددت الأحوال التي يمتنع فيها على القاضي الحكم في الدعوى لما بينها وبين وظيفة القضاء من تعارض، ومن هذه الأحوال أن يكون القاضي قد قام في الدعوى بعمل من أعمال التحقيق، وهو نص مقتبس مما ورد في المادة 313 من قانون المرافعات، الملغى الصادر به القانون رقم 77 لسنة 1949 والمطابقة لنص المادة 146 من قانون المرافعات القائم - ومتعلق بالنظام العام فيتعين على القاضي في تلك الأحوال أن يمتنع من تلقاء نفسه عن الحكم في الدعوى ولو لم يطلب أحد الخصوم رده، وإلا وقع قضاؤه باطلاً بحكم القانون لتعلقه بأصل من أصول المحاكمة، مقرر للاطمئنان إلى توزيع العدالة بالفصل بين أعمال التحقيق والقضاء، إذ أساس وجوب هذا الامتناع هو قيام القاضي بعمل يجعل له رأياً في الدعوى يتعارض مع ما يشترط في القاضي من خلو الذهن عن موضوعها ليستطيع أن يزن حجج الخصوم وزناً مجرداً، وكان معنى التحقيق في مفهوم حكم المادة 247 سالفة الذكر كسبب لامتناع القاضي عن الحكم، وهو ما يجريه القاضي في نطاق تطبيق قانون الإجراءات الجنائية بصفته سلطة تحقيق. لما كان ذلك، وكان الثابت من الاطلاع على المفردات المضمومة أن السيد عضو اليسار بالهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه قد باشر عملاً من أعمال التحقيق الابتدائي في الدعوى بوصفه وكيلاً للنيابة العامة وهي السلطة الأصلية صاحبة الاختصاص العام بالتحقيق الابتدائي، وذلك قبل تعيينه قاضياً، مما كان لزومه أن يمتنع عن نظر الدعوى تلك، والحكم فيها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون باطلاً متعين النقض والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي وجوه الطعن. مع إلزام المطعون ضده بصفته المصاريف المدنية.

الطعن 5791 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1 / 1989 مكتب فني 40 ق 6 ص 56

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وإبراهيم عبد المطلب ووفيق الدهشان.

---------------

(6)
الطعن رقم 5791 لسنة 58 القضائية

(1) مواد مخدرة. عقوبة "تطبيقها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقوبة الجرائم المنصوص عليها بالمادة 34 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه. لا يجوز طبقاً للمادة 36 من القانون المذكور عند إعمال لمادة 17 عقوبات النزول بالعقوبة المقررة إلا إلى العقوبة التالية لها مباشرة.
(2) مواد مخدرة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي.
(3) نيابة عامة. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". الاختصاص "الاختصاص المكاني".
مثال لتسبيب سائغ للرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً.
(4) دستور. قانون "تفسيره". تفتيش "إذن التفتيش وتسبيبه". نيابة عامة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
عدم وجوب تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن. أساس ذلك؟
اقتصار أمر النيابة العامة بالتفتيش على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال. لا موجب لتسبيبه.
إثارة الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالتفتيش لعدم تسبيبه لأول مرة أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟
(5) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات. شموله كافة أنحاء الجمهورية. أساس وأثر ذلك؟
(6) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". نيابة عامة.
التفتيش الذي تجريه النيابة العامة أو تأذن به. في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه. شرط صحته؟
اطمئنان المحكمة إلى ما أسفرت عنه التحريات من أن الطاعن حصل على كمية من المخدرات لنقلها لأعوانه من التجار. مفهومه: صدور الأمر بالتفتيش لضبط جريمة تحقق وقوعها. لا جريمة مستقبلة أو محتملة.
(7) إثبات "بوجه عام". شهود. محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. وإطراح ما يخالفها.
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال شاهد؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. عدم جواز إثارته أمام محكمة النقض.
(8) إجراءات "إجراءات التحقيق". إثبات "معاينة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(9) مواد مخدرة. قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". جريمة "أركانها".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر، قوامه. العلم بكنه المواد المخدرة. تحدث الحكم عنه استقلالاً غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.
(10) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "خبرة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مجادلة المتهم بإحراز مخدر فيما اطمأنت إليه المحكمة من أن المخدر المضبوط هو الذي جرى تحليله. جدل في تقدير الدليل. إثارته أمام محكمة النقض غير مقبولة.

---------------
1 - لما كانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيقه المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - لما كان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المشار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه.
4 - لما كانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاً عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيبه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناد إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد....... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين) ......" فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً.
6 - من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
7 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقواله الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
8 - لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضباط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم.
9 - لما كان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدفع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجري عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي أطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز وحاز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانونا، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات الزقازيق قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمي 40 لسنة 1966، 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه والمصادرة، فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة وإحراز جوهرين مخدرين بقصد الاتجار وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد أخطأ في تطبيق القانون، وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه إذ عاقب الطاعن بعقوبة الأشغال الشاقة مدة سبع سنوات طبقاً للمادة 34/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960، وأعمل في حقه المادة 17 من قانون العقوبات، كان يجب عليه النزول بالعقوبة إلى عقوبة السجن، وتمسك الطاعن بالدفع ببطلان إذن النيابة الصادر بالتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية، ولصدوره من وكيل نيابة غير مختص مكانياً بإصداره، وبغير تسبيب، ولمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، ولصدوره عن جريمة مستقبلية، ورد الحكم على هذه الدفوع بما لا يصلح رداً، وأغفل دفاع الطاعن بشأن تعييب إجراءات التحقيق، لقعود النيابة العامة عن سؤال الضباط في خصوص سبق معرفتهم للطاعن - مع ما له من أثر في بيان جدية التحريات - وإمكان التعرف عليه حال مروره بالسيارة في مكان الضبط، وعدم إجراء معاينة لهذا المكان لبيان كيفية حصول الضبط في ظروف الزمان والمكان التي تم فيها، بالرغم من التمسك باستحالة حصوله في مثل هذه الظروف وفق ما جاء بتصوير الشهود، ولم يدلل الحكم تدليلاً كافياً على توافر علم الطاعن بكنه المادة المضبوطة، وأطرح دفاعه بشأن اختلاف وزن عينات المخدر عند التحليل عنها لدى التحريز بما لا يسوغه، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشاهدين العقيد...... والمقدم..... وما جاء بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى إلى معاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة - مدة سبع سنوات - طبقاً للمواد 1، 2، 7/ 1، 34/ أ، 42/ 1 القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966، والقانون رقم 61 لسنة 1977 والبندين 9، 57 من الجدول رقم 1 المرفق بالقانون الأول، مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات، لما كان ذلك، وكانت المادة 34 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 تنص على أن: "يعاقب بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة وبغرامة من ثلاثة آلاف جنيه إلى عشرة آلاف جنيه ( أ ) كل من حاز أو أحرز أو اشترى أو باع أو سلم أو نقل أو قدم للتعاطي جوهراً مخدراً وكان ذلك بقصد الاتجار أو اتجر فيها بأية صورة وذلك في غير الأحوال المصرح بها في هذا القانون"، وكانت المادة 36 من القانون - المار ذكره - قد نصت على أنه: "استثناء من أحكام المادة 17 من قانون العقوبات لا يجوز في تطبيق المواد السابقة النزول عن العقوبة التالية مباشرة للعقوبة المقررة للجريمة"، فإن الحكم المطعون فيه إذ نزل بالعقوبة المقيدة للحرية المقررة للجريمة التي دان الطاعن بها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة، يكون قد أصاب صحيح القانون، ويضحى النعي عليه في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، فإذا كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على الدفع بعدم اختصاص وكيل النيابة مكانياً بإصدار إذن التفتيش في قوله: "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الإذن - لصدوره من غير مختص، فإن الثابت من كتاب نيابة الزقازيق الكلية أن نيابة العاشر من رمضان قد أنشئت بالقرار رقم 985 لسنة 1987 بتاريخ 2/ 5/ 1987 أي بعد صدور الإذن في 16/ 3/ 1987 من السيد وكيل نيابة بلبيس المختص آنذاك بإصداره"، لما كان ذلك، وكان ما أثبته الحكم - على النحو المار بيانه - يكفي لاعتبار إذن التفتيش صحيحاً صادراً ممن يملك إصداره، ويكون الحكم سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلانه. لما كان ذلك، وكانت المادة 44 من الدستور، والمادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم 37 لسنة 1972 لا توجبان تسبيب أمر التفتيش إلا حين ينصب على المسكن، والحال في الدعوى الراهنة أن أمر النيابة العامة بالتفتيش انصب على شخص الطاعن ووسيلة الانتقال دون مسكنه فلا موجب لتسبيبه، هذا فضلاًَ عن أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن الدفع ببطلان إذن النيابة العامة لعدم تسبيه، فإنه لا يقبل من الطاعن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض، لأنه من الدفوع القانونية التي تختلط بالواقع وتقتضي تحقيقاً موضوعياً تنحسر عنه وظيفة هذه المحكمة، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره لمأمور ضبط غير مختص بتنفيذه، وأطرحه استناداً إلى أن اختصاص ضباط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يشمل كافة أنحاء الجمهورية، كان الثابت من الأوراق أن إذن النيابة بالضبط والتفتيش قد صدر للعقيد...... المفتش بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وكان نص المادة 49 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد جرى على أنه: "يكون لمديري إدارتي مكافحة المخدرات في كل من الإقليمين وأقسامها وفروعها ومعاونيها من الضباط والكونستبلات والمساعدين الأول والمساعدين الثانيين صفة مأموري الضبطية القضائية في جميع أنحاء (الإقليمين)....." فإن ضابط الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يكون قد أجرى التفتيش في حدود اختصاصه المكاني الذي ينبسط على كل إقليم الجمهورية ويكون رد الحكم على الدفع سديداً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن كل ما يشترط لصحة التفتيش الذي تجريه النيابة أو تأذن في إجرائه في مسكن المتهم أو ما يتصل بشخصه هو أن يكون رجل الضبط القضائي قد علم من تحرياته واستدلالاته أن جريمة معينة - جناية أو جنحة - قد وقعت من شخص معين، وأن تكون هناك من الدلائل والأمارات الكافية والشبهات المقبولة ضد هذا الشخص ما يبرر تعرض التفتيش لحريته أو لحرمة مسكنه في سبيل كشف اتصاله بتلك الجريمة، وإذ كانت المحكمة - في الدعوى الراهنة - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي أسفرت عن أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة، وقد حصل على كمية منها لنقلها لبعض أعوانه من التجار بمنطقة العاشر من رمضان، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم المطعون فيه يكفي لاعتبار الإذن صحيحاً صادراً لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في صورة الواقعة بدعوى استحالة ضبطه في ظروف الزمان والمكان التي حصل فيها الضبط ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة عن سؤال الضابط عن سبق معرفتهم للطاعن وعدم إجراء معاينة لمكان الضبط لإثبات إمكان حصول الضبط في الظروف التي تم فيها لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة حيازة أو إحراز جوهر مخدر يتحقق بعلم الحائز أو المحرز بأن ما يحوزه أو يحرزه هو من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحوزه مخدراً، وإذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للجواهر المخدرة المضبوطة وعلى علمه بكنهها، فإن ما ينعاه الأخير على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح ما أثاره الطاعن من دفاع بشأن اختلاف وزن عينات المخدر المضبوط المرسل للتحليل عنه عند التحليل، اطمئناناً من المحكمة إلى أن الإحراز التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها هي التي تم ضبطها فإن جدل الطاعن والتشكيك في انقطاع الصلة بين المواد المخدرة المضبوطة المقدمة للنيابة والتي أجرى عليها التحليل بدعوى اختلاف ما رصدته النيابة من أوزان لها عند التحريز مع ما ثبت في تقرير التحليل من أوزان، إن هو إلا جدل في تقدير الدليل المستمد من أقوال شهود الواقعة وفي عملية التحليل التي اطمأنت إليها محكمة الموضوع فلا يجوز مجادلتها أو مصادرتها في عقيدتها فيما هو من إطلاقاتها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 592 لسنة 58 ق جلسة 11 / 1/ 1989 مكتب فني 40 ق 5 ص 49

جلسة 11 من يناير سنة 1989

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم حسين رضوان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ ناجي اسحق وفتحي خليفة نائبي رئيس المحكمة وسري صيام وعلي الصادق عثمان.

-----------------

(5)
الطعن رقم 592 لسنة 58 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
(2) قتل عمد. سبق إصرار. نقض "الطعن لثاني مرة". محكمة النقض "نظر الطعن والفصل فيه".
سبق الإصرار. ماهيته وشرط توافره في حق الجاني؟
مثال لقضاء لمحكمة النقض بالإدانة في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.

-----------------
1 - من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
2 - من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن بيت النية على قتله وأعد لذلك سلاحاً نارياً مششخناً "بندقية" وتوجه إليه في المكان الذي أيقن وجوده فيه وأطلق عليه عدة أعيرة نارية قاصداً من ذلك قتله، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض، ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة جنايات قنا للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة أخرى - قضت حضورياً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة والمصادرة. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) وبجلسة....... قضت محكمة النقض بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة........ لنظر الموضوع.


المحكمة

من حيث إن واقعات الدعوى تتحصل في أنه في يوم..... أبلغ..... مدير مخازن شبكات كهرباء مصر العليا الشرطة بقتل شيخ الخفراء......... بمكان عمله بمخازن الشبكة نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه، وقد تبين من المعاينة أن المجني عليه قتل داخل الكشك المعد لمبيت الخفراء وعثر بمكان الحادث على مقذوفات لأعيرة نارية إلى جوار السرير الذي كان المجني عليه ينام فوقه، واتضح أن مرتكب الحادث هو المتهم الخفير...... لوجود خلافات سابقة بينه وبين شيخ الخفراء المجني عليه بسبب العمل، وأجرى بشأنها تحقيق إداري مما أثار حفيظة المتهم فبيت النية وأصر على الانتقام من شيخ الخفراء وأعد بندقيته المرخصة وترقب المجني عليه حتى نام في الكشك المخصص له وفتح بابه وأطلق عليه الرصاص أثناء نومه فوق سريره قاصداً قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
ومن حيث إن الواقعة - على الصورة المبينة فيما سبق - قد تحقق وقوعها من أقوال كل من...... و....... و........ و....... ومن تقرير الصفة التشريحية وتقرير فحص السلاح ومن التحريات فقد شهد الخفير...... أنه تسلم نوبة الحراسة عصر يوم...... ومعه كل من الخفراء، المتهم....... و....... و....... ووقعوا بالحضور أمام شيخ الخفراء المجني عليه وقبيل فجر يوم...... صحا على صوت أعيرة نارية وأبصر المتهم خارجاً من الكشك الذي كان المجني عليه نائماً بداخله - يحمل بندقيته وتوعده وزميله........ بالإيذاء أن باحا لأحد بأمره. وشهد الخفير....... أنه تسلم نوبة الحراسة في الموقع مع زملائه وبعد انتهاء نوبة حراسته نام وزميله....... في مصلى مجاورة للكشك المخصص لمبيت شيخ الخفراء المجني عليه وسمع صوت أعيرة نارية - قبيل الفجر - وأبصر المتهم داخل الكشك يشد أجزاء البندقية وأمره بالصمت ثم ولى هارباً وشهد...... أنه تسلم والمتهم نوبة الحراسة بعد منتصف ليلة الحادث من زميله الشاهدين السابقين، وقبيل الفجر فوجئ بالمتهم يقتحم الكشك الذي ينام فيه شيخ الخفراء المجني عليه وسمع أصوات أعيرة نارية خرج المتهم على أثرها من الكشك مهرولاً وهدده وزملاءه بالإيذاء إن فضحوا أمره، وشهد...... أنه أبلغ بالحادث وأضاف أن ثمة خلافاًًًً بين المتهم والمجني عليه إذ حرر الثاني مذكرة للإدارة نسب فيها للأول الإهمال في الحراسة. وشهد....... المحامي بهيئة كهرباء مصر بنجع حمادي أنه أحيلت إليه مذكرة مقدمة بتاريخ....... من شيخ الخفراء المجني عليه ضد المتهم وقد قرر المجني عليه أنه لاحظ أنه قد دونت كلمة "غياب" قرين اسمه في دفتر الحضور والانصراف....... وأنه تبين له أن الخفير المتهم هو الذي دونها وأنه كثير الشغب وقد ردد رئيس المخازن...... ما قرره شيخ الخفراء وطلب نقل المتهم إلى موقع آخر وقد امتنع المتهم عن الإدلاء بأقواله في التحقيق الإداري. وشهد........ أمين المخازن بإدارة شبكات الكهرباء بنجع حمادي أنه بعد أن علم بالحادث توجه إلى مكانه ووجد المجني عليه مقتولاً نتيجة إطلاق أعيرة نارية عليه وأن الخفير........ أنبأه أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه وأضاف الشاهد أنه علم أن ثمة خلافاً بينهما بسبب العمل وأن المجني عليه قدم مذكرة ضد المتهم لإدارة الشئون القانونية وتم التحقيق فيها وقد تبين من تقرير الصفة التشريحية أن إصابات المجني عليه بالوجه والصدر حدثت نتيجة أعيرة نارية أطلقت من سلاح ناري مششخن وأن الوفاة حدثت من صدمة عصبية شديدة نتيجة كسور بقاع الجمجمة والوجنتين والعمود الفقري وفقرات العنق وتهتكات الرئتين والأوعية الدموية الكبرى للقلب وتهتكات الكبد والكلية اليمنى وكسور الضلوع وتبين من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية أن المظروف الفارغ المضبوط بمكان الحادث عيار 7.92 مم وهو نفس عيار بندقية المتهم المضبوطة كما تبين أن المقذوفات الثلاث الأخرى والمضبوطة داخل الكشك تستخدم في الأسلحة النارية المششخنة عيار 7.92 مم وقد دلت تحريات الشرطة على أن المتهم هو الذي قتل المجني عليه بدافع الانتقام لأنه أبلغ ضده أنه كان قد عبث في مدونات دفتر الحضور والانصراف ولأنه قرر في التحقيق الإداري أن المتهم مشاغب وغير منتظم في أداء عمله وأنه أبلغ ضده من بعد أن رفض استلام نوبة خدمته مما أثار المتهم فبيت النية على التخلص من غريمه بقتله.
ومن حيث إن المتهم أنكر ما نسب إليه، وقد شرح المدافع عنه ظروف الدعوى وقال إن أقوال الشهود جاءت متأخرة وأنهم لم يشهدوا واقعة قتل المجني عليه وأن أقوالهم قد تضاربت وأن سلاح المتهم المرخص لم يستخدم في تاريخ معاصر لوقوع الحادث إذ الثابت من تقرير الأدلة الجنائية أن بداخل ماسورته طبقة من الصدأ وأنه يتعذر تحديد وقت إطلاق النار منها.
ومن حيث إنه تحقيقاً لدفاع المتهم في شأن تحديد وقت استعمال السلاح فقد قررت هذه المحكمة استدعاء خبير فحص الأسلحة والطلقات بإدارة المعمل الجنائي وسؤاله عما تمسك به الدفاع في شأن المدة اللازمة لتكون طبقة الصدأ داخل ماسورة السلاح. وقد قرر الخبير المقدم....... أن المدة اللازمة لتراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح الناري تختلف باختلاف الظروف الجوية ودقة التحريز وإحكام غلق فوهة السلاح وأجزائه المتحركة وأن وضع الماء داخل الماسورة بقصد إخفاء معالم إطلاق النار من شأنه أن يعجل بتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة وانتهى إلى أنه يتعذر - من الناحية الفنية - تحديد المدة اللازمة لتكون الصدأ داخل ماسورة السلاح وأنه من الجائز أن تتكون طبقة الصدأ داخل الماسورة خلال فترة شهرين من تاريخ إطلاقه.
ومن حيث إن المحكمة وبما لها من سلطة في تقدير أدلة الدعوى تطمئن إلى أقوال الشهود ولا ترى فيما آثاره الدفاع في شأن أقوالهم مما ينال منها أو يحمل المحكمة على عدم الأخذ بها، كما تطمئن المحكمة إلى الدليل الفني المستمد من تقرير مصلحة الأدلة الجنائية "إدارة المعمل الجنائي" الذي تم بتاريخ...... في شأن فحص بندقية المتهم والذي أبان بأنها صالحة للاستعمال وأنه سبق إطلاق الظرف الفارغ وأنه من عيار السلاح المضبوط ولا ترى المحكمة فيما ورد في التقرير ذاته أن هناك صدأ داخل ماسورة السلاح ولا ما أثاره الدفاع من أن ذلك يحول دون القتل إن السلاح المضبوط هو الذي استخدم في ارتكاب الحادث ذلك بأن الثابت من أقوال خبير السلاح المقدم....... الذي تطمئن المحكمة إلى أقواله أن المدة اللازمة لتكون الصدأ تختلف باختلاف الظروف الجوية وطريقة التحريز ومدى إحكامه وأن صب الماء داخل الماسورة - لإخفاء معالم الجريمة - من شأنه أن يعجل بظهور طبقة الصدأ وأنه من الجائز تراكم الصدأ داخل ماسورة السلاح خلال شهرين - وهي المدة التي انقضت بين وقوع الحادث وفحص السلاح المضبوط - وبالتالي فإن دفاع المتهم في هذا الشأن لا يؤثر في عقيدة المحكمة واقتناعها أن السلاح المضبوط والخاص بالمتهم هو الذي استخدم في القتل ولا يشكك في أقوال الشهود بعد أن أطمأنت المحكمة إليها وبالتالي فإن المحكمة تطرح دفاع المتهم جانباً.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، وكان الثابت من الأدلة التي اطمأنت إليها هذه المحكمة أن خلافاً شجر بين المتهم والمجني عليه في شأن التزام الأول بنظام الحراسة في موقع العمل وأن المجني عليه قد شكا للمسئولين من ذلك وحققت الشكوى مما أثار حفيظة المشكو في حقه فأصر على التخلص من رئيسه في العمل وانتهز فرصة نومه بمفرده في الكشك المخصص لمبيته فاقتحمه حاملاً بندقيته المعمرة بالمقذوفات النارية وهي سلاح قاتل بطبيعته وأطلق عليه عدة أعيرة نارية أصابته في رأسه وصدره وبطنه وهي كلها إصابات قاتلة مما أودى بحياته، فإن نية القتل تكون قد توافرت في حق المتهم.
ومن حيث إنه لما كان من المقرر أن ظرف سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني تستفاد من وقائع خارجية، وكانت المحكمة قد اقتنعت بتوافر هذا الظرف في حق المتهم بما أضمره من غل وضغينة بسبب الخلاف في العمل بينه وبين المجني عليه على النحو المفصل فيما سبق فصمم على التخلص منه والفتك به وظل يترقب استغراقه في النوم في المكان المخصص لذلك في موقع العمل حتى قبيل فجر يوم الحادث واقتحم عليه مخدعه وأطلق عليه النار، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهم.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم فإنه يكون الثابت يقيناً أن المتهم...... في يوم...... بدائرة مركز نجع حمادي محافظة قنا: قتل....... عمداً مع سبق الإصرار بأن عقد العزم على قتله وصمم على ذلك وأعد لهذا الغرض سلاحاً نارياً مششخناً - بندقية ميزر - وتوجه إليه في المكان الذي أيقن بوجوده فيه بعد أن استغرق في النوم وأطلق عليه عدة أعيرة نارية فأحدثت به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته - ويتعين لذلك عقابه بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات - وترى المحكمة نظراً لظروف الدعوى وملابساتها أن تأخذه بقسط من الرأفة في الحدود التي تجيزها المادة 17 من قانون العقوبات.
ومن حيث إن الثابت مما تقدم أن المتهم قد استخدم السلاح المضبوط في قتل المجني عليه فإن المحكمة تقضي بمصادرته برغم أنه مرخص له باستعماله وذلك عملاً بنص المادة 30/ 1 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فترى المحكمة إلزام المتهم بها عملاً بالمادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.