الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 1 يونيو 2015

الطعن 12619 لسنة 65 ق جلسة 29 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 145 ص 958

جلسة 29 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ نجاح نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسن حمزة وحامد عبد الله ومحمد عبد العزيز محمد وجاب الله محمد جاب الله نواب رئيس المحكمة.

---------------

(145)
الطعن رقم 12619 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "وضعه والتوقيع عليه. إصداره".
التوقيع على الحكم. المقصود به؟
اختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع عليه. تنظيمي.
توقيع أقدم الأعضاء على الحكم. جائز. متى عرض لرئيس الهيئة عذر قهري منعه من توقيعه. إثبات ذلك العذر. غير لازم.
مثال.
(2) حكم "وضعه والتوقيع عليه. إصداره".
كتابة أسباب الحكم عند النطق به. غير لازم.
تداول المحكمة في الحكم. يتلازم وتداولها في الأسباب التي تبنيه عليها. منازعة الطاعن في أن الأسباب لم تكن موضوع مداولة جميع القضاة. غير مقبولة.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده. مؤدى أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعامل الكيميائية في بيان واف. لا قصور.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". مواد مخدرة.
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
القضاء ببراءة الطاعن من تهمة حيازة مخدر الهيروين المضبوط أسفل حاشية الأريكة التي كان يجلس عليها مع شقيقه وقت الضبط. لا يتعارض مع القضاء بإدانته عن حيازته مخدر الحشيش المضبوط بصوان ملابسه الموجود بغرفة نومه.
(5) مواد مخدرة. مسئولية جنائية. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط المسئولية في جريمة إحراز وحيازة الجواهر المخدرة. ثبوت اتصال الجاني بالمخدر بالذات أو بالواسطة بأية صورة عن علم وإرادة. تحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن. غير لازم. متى كان ما أورده كافياً في الدلالة عليه.

-----------------
1 - لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن هيئة المحكمة التي نظرت القضية بجلسة 9 من إبريل سنة 1995 كانت مشكلة برئاسة المستشار/ ..... وعضوية المستشارين..... الرئيس بالمحكمة و......، وقد صدر الحكم المطعون فيه في تلك الجلسة، ولم يوقع رئيس الدائرة الحكم ووقعه عضو اليمين المستشار...... لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد نصت على أنه "يحرر الحكم بأسبابه كاملاً خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان، ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذا حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره..." فدل الشارع بذلك على أن التوقيع على الحكم إنما قصد منه استيفاء ورقة الحكم شكلها القانوني الذي تكتسب به قوتها في الإثبات وأنه يكفي لتحقيق هذا الغرض أن يكون التوقيع من أي قاض ممن اشتركوا في إصداره، أما النص على اختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع فقد قصد به تنظيم العمل وتوحيده، فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب التي كانت محل مداولة الأعضاء جميعاً - فوقع الحكم نيابة عنه أقدم العضوين الآخرين، فلا يصح أن ينعى على ذلك الإجراء بالبطلان لاستناده إلى قاعدة مقررة في القانون بما لا يحتاج إلى إنابة خاصة أو إذن في إجرائه.
2 - لما كان القضاء قد جرى على عدم كتابة أسباب الحكم عند النطق به، إلا أن ذلك ليس معناه أن المحكمة تتداول في الحكم دون أن تتداول في ذات الوقت في الأسباب التي تبنيه عليها، فإن الأمرين بطبيعة الحال متلازمان، فإنه لا يقبل من الطاعن القول بأن الأسباب لم تكن موضوع مداولة جميع القضاة.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر بقصد التعاطي التي دان الطاعن بها، وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعامل الكيمائية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها وأفصح عن اطمئنانه إلى أدلة الثبوت تلك، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب.
4 - لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم من قضائه ببراءة الطاعن من جريمة حيازة جوهر الهيروين - موضوع التهمة الأولى - الذي ضبط أسفل حاشية الأريكة التي كان يجلس عليها مع شقيقه وقت الضبط لشيوع الاتهام بينهما، لا يتعارض مع قضائه بإدانة الطاعن عن جريمة حيازة مخدر الحشيش المضبوط بصوان ملابسه الموجود داخل غرفة نومه، أخذاً بأقوال شاهد الإثبات التي اطمأن إليها، ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه.
5 - من المقرر أن مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. ولما كان ما أورده الحكم في مدوناته، أخذاً بالأدلة السائغة التي تساند إليها كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وبسط سلطانه عليه، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. 2 - حاز بقصد التعاطي جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحول المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول الأول الملحق به أولاً: ببراءة المتهم من التهمة الأولى المسندة إليه ومصادرة المخدر المضبوط. ثانياً: بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه والمصادرة عن التهمة الثانية المسندة إليه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة جوهر مخدر - حشيش - بقصد التعاطي في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، قد شابه بطلان وقصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وانطوى على تناقض، ذلك أن الحكم لم يوقع عليه من رئيس الهيئة التي أصدرته، وهو ما يرشح للقول بأنه لم يشترك في إصداره بدليل عدم توقيعه محضر الجلسة التي صدر فيها الحكم، كما جاءت الأسباب مجملة مجهلة خلت من بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة وأدلة الثبوت عليها، هذا إلى أن المحكمة أسست قضاءها ببراءة الطاعن من التهمة الأولى استناداً إلى شيوع الاتهام بينه وبين شقيقه في حين قضت بإدانته عن التهمة الثانية على الرغم من توافر حالة الشيوع - وهو ما يصم الحكم بالتناقض - ودون أن يعنى بالتدليل على انبساط سلطان الطاعن على المخدر المضبوط، كل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن هيئة المحكمة التي نظرت القضية بجلسة 9 من إبريل سنة 1995 كانت مشكلة برئاسة المستشار/....... وعضوية المستشارين..... الرئيس بالمحكمة و......، وقد صدر الحكم المطعون فيه في تلك الجلسة، ولم يوقع رئيس الدائرة الحكم ووقعه عضو اليمين المستشار..... لما كان ذلك، وكانت المادة 312 من قانون الإجراءات الجنائية معدلة بالقانون رقم 107 لسنة 1962 قد نصت على أنه "يحرر الحكم بأسبابه كاملاً خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره بقدر الإمكان، ويوقع عليه رئيس المحكمة وكاتبها، وإذ حصل مانع للرئيس يوقعه أحد القضاة الذين اشتركوا معه في إصداره..." فدل الشارع بذلك على أن التوقيع على الحكم إنما قصد منه استيفاء ورقة الحكم شكلها القانوني الذي تكتسب به قوتها في الإثبات وأنه يكفي لتحقيق هذا الغرض أن يكون التوقيع من أي قاض مما اشتركوا في إصداره، أما النص على اختصاص رئيس الهيئة التي أصدرت الحكم بالتوقيع فقد قصد به تنظيم العمل وتوحيده، فإن عرض له مانع قهري - بعد صدور الحكم وقبل توقيع الأسباب التي كانت محل مداولة الأعضاء جميعاً - فوقع الحكم نيابة عنه أقدم العضوين الآخرين، فلا يصح أن ينعى على ذلك الإجراء بالبطلان لاستناده إلى قاعدة مقررة في القانون بما لا يحتاج إلى إنابة خاصة أو إذن في إجرائه. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يمارى في أن عذراً قهرياً قد قام برئيس الدائرة التي أصدرت الحكم - بعد أن أصدرته ونطقت به - وكان القانون لم يوجب إثبات هذا العذر، وكان القضاء قد جرى على عدم وجوب كتابة أسباب الحكم عند النطق به، إلا أن ذلك ليس معناه أن المحكمة تتداول في الحكم دون أن تتداول في ذات الوقت في الأسباب التي تبنيه عليها، فإن الأمرين بطبيعة الحال متلازمان، فإنه لا يقبل من الطاعن القول بأن الأسباب لم تكن موضوع مداولة جميع القضاة، ويضحى ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ولا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمة حيازة المخدر بقصد التعاطي التي دان الطاعن بها، وأورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعامل الكيمائية في بيان واف يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها وأفصح عن اطمئنانه إلى أدلة الثبوت تلك، فإنه ينحسر عنه دعوى القصور في التسبيب، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة، وكان مفاد ما أورده الحكم من قضائه ببراءة الطاعن من جريمة حيازة جوهر الهيروين - موضوع التهمة الأولى - الذي ضبط أسفل حاشية الأريكة التي كان يجلس عليها مع شقيقه وقت الضبط لشيوع الاتهام بينهما، لا يتعارض مع قضائه بإدانة الطاعن عن جريمة حيازة مخدر الحشيش المضبوط بصوان ملابسه الموجودة داخل غرفة نومه، أخذاً بأقوال شاهد الإثبات التي اطمأن إليها، ومن ثم فإن قالة التناقض والتخاذل تنحسر عن الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك، وكان مناط المسئولية في حالتي إحراز وحيازة الجواهر المخدرة هو ثبوت اتصال الجاني بالمخدر اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة المخدر حيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه. ولما كان ما أورده الحكم في مدوناته - أخذاً بالأدلة السائغة التي تساند إليها كافياً في الدلالة على حيازة الطاعن للمخدر المضبوط وبسط سلطانه عليها، فإن ما يعيبه الطاعن على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4467 لسنة 66 ق جلسة 29 / 9 / 1997 مكتب فني 48 ق 146 ص 965

جلسة 29 من سبتمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(146)
الطعن رقم 4467 لسنة 66 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم الطاعنة أسباب طعنها. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة".
لا محل للنعي على الحكم بالإجمال ما دام قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد نص تقرير الخبير كاملاً. لا ينال من سلامة الحكم.
(4) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم تعويله على قول للشاهد. لم يورده في بيان مؤدى شهادته التي عولت عليها في الإدانة. غير مقبول.
(5) استدلالات. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم".
عدم اشتراط القانون فترة زمنية محددة لإجراء التحريات.
إجراء مأمور الضبط القضائي التحريات بنفسه. غير لازم. حقه في الاستعانة. برجال السلطة العامة والمرشدين السريين.
(6) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير مقبولة.
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم تعويله على قول للشاهدين لم ينقله عنهما. غير مقبول.
(8) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(9) سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
مثال للتدليل على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين في جريمة قتل عمد.
(10) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي. ما دام سائغاً.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. إثبات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ في رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي.
(12) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
(13) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد أو مبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها.
(14) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟

----------------
1 - لما كانت الطاعنة وإن قررت بالطعن في الميعاد، إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
2 - لما كان الحكم قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعن الأول من إجمال في هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره في هذا الصدد.
3 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
4 - لما كان الحكم لم يورد في بيان مؤدى شهادة النقيب.... التي عول عليها في الإدانة قولاً عن ضعف بنية المجني عليه أو عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له، فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن القول يكون غير ذي موضوع.
5 - من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في التحريات، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقله إليه.
6 - لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال النقيب..... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم لم ينقل عن الشاهدين.... و.... أن الأول أبصر المجني عليه ميتاً وأن الثاني سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
8 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه في حق المتهمين فهي ثابتة في حقهما من اتحاد إرادتهما واتجاهها إلى قتل المجني عليه باتفاقهما المسبق وإخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة وإصرار المتهم الأول على خنق المجني عليه وكتم أنفاسه حتى كان له ما أراد رغم مقاومة المجني عليه واستغاثته فضلاً عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذي جاء متفقاً مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية". وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد برئ من دعوى القصور في التسبيب.
9 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار في الواقعة فإن مناط قيام هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وأخطاره وتدبر عواقبه ثم يخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره في حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات وإعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما في تحقيق مصلحة يبغيانها هي الزواج بعد التخلص من المجني عليه زوج المتهمة الثانية"، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين.
10 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
11 - لما كان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة..... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن طلب في مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعي غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ومع ذلك فإن الحكم عرض له ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره في تحديد الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجباً لذلك لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجني عليه والإصابات الموجودة بجثة المجني عليه وجزمه بأن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه حيوية حديثة في مجموعها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة، وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى وإصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة أسفكسيا الخنق وكتم النفس الأمر الذي جاء متفقاً مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق إيراد مؤداها مما تنتفي العلة في طلب مناقشته لكونه غير منتج في الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من أدلة الإثبات والوقائع التي ثبت لديها لتكوين عقيدتها في الدعوى مطمئنة الوجدان....". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مما سلف يعتبر كافياً وسائغاً في رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية.
12 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قد أثار أن النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء هذه المعاينة، فضلاً عن أن النيابة العامة - كما يبين من المفردات - أجرت معاينة لمكان الحادث أرفق بها رسم تخطيطي تضمنت أن منزل المجني عليه يكون من طابق واحد ومن ثم فلا يحق للطاعن أن يثير شيئاً في شأن خلو الأوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه إذ لا يعدو ذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم.
13 - من المقرر أن تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لعرض القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وإن لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.
14 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول: قتل عمداً..... مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله بأن توجه إليه في مسكنه الذي أيقن سلفاً وجوده فيه وبعد أن تأكد من نومه دلف إليه وما أن ظفر به حتى أطبق بيديه على عنقه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهمان اشتركا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية قتل المجني عليه سالف الذكر بأن اتفقا على أن يتوجه المتهم الأول إلى مسكن المجني عليه لقتله بعد أن تترك المتهمة الثانية مسكنها مصطحبة أولادها حتى ينفرد به ويتمكن من إتمام ما اتفق عليه على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقررت المحكمة بإجماع الآراء إحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 41، 48/ 1 - 2، 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته - بإعدام المتهمين شنقاً عما أسند إليهما، بعد أن أضافت إلى الوصف الوارد بأمر الإحالة بالنسبة إلى المتهمة الثانية - اشتركت مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن اتفقت معه على ارتكابها وحرضته على ذلك وساعدته بعمل سهل له ارتكاب الجريمة بأن أخلت له مسكن المجني عليه واصطحبت أولادها إلى مكان آخر وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بطلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما... الخ


المحكمة

من حيث إن الطاعنة الثانية وإن قررت بالطعن في الميعاد، إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أجمل في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت، وأشار إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد ما تضمنه من وصف إصابات المجني عليه وموضعها وما وجد بجسده من سحجات وكيفية حدوث الخنق وكتم النفس معاً والساعة التي تم فيها الكشف الطبي، وذلك ليتسنى التحقيق من ملاءمة هذه العناصر لباقي أدلة الدعوى، وعول الحكم على ما ذكره النقيب...... عن ضعف بنية المجني عليه مع أن معاينة النيابة وتقرير الصفة التشريحية كليهما لم يشرا إلى ذلك، وعلى قوله بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن بادر بالاعتراف له مع أنه لم يثبت ذلك بمحضره، وعلى تحرياته وقد تمت في فترة وجيزة ولم يحدد الضابط مصدرها، وعلى أقوال الشاهد.... أنه أبصر المجني عليه ميتاً دون أن يذكر كيف تحقق من موته، وعلى شهادة...... أنه سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً دون الإفصاح عن كيفية تحديده وسيلة القتل، ولم يدلل الحكم على نية القتل وظرف سبق الإصرار بما يقيمها في حق الطاعن سيما وأن اعترافه كان وليد إكراه مادي ومعنوي من الشرطة، وأطرح طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي برد غير سائغ، كما خلت الأوراق من المعاينة التصويرية للحادث وبيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن علاقة صداقة ربطت بين المتهم الأول..... والمجني عليه..... وظل المتهم يتردد على مسكن المجني عليه في أوقات مختلفة إلى أن نشأت بينه وبين زوجة المجني عليه المتهمة الثانية.... علاقة عاطفية وتوطدت العلاقة الآثمة بينهما إلى الحد الذي وصلا فيه إلى أن أياً منهما لا يكبح جماح نفسه عن الآخر وأحلا ما حرمه الله واندفعا في علاقة جنسية آثمة في غيبة الزوج المجني عليه وفي مخدعه حتى أنهما كان يمارسان الرذيلة في شهر رمضان واستمر الحال على ذلك إلى أن تطور الحديث فيما بينهما إلى التفكير في وجوب التخلص من المجني عليه بقتله حيث تواعدا على الزواج بعد ذلك، وأعملا الفكر في هدوء وروية ورتبا وتدبرا سوياً ما عقدا عليه العزم وخرجا من ذلك مصممين على ارتكاب الجريمة وأعدا لذلك عدتهما وحددا ميقاتها وطريقة تنفيذها بأن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه بخنقه أثناء نومه في سريره بمفرده بعد أن تقوم المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحاب أولادها معها إلى بلدتها حتى يخلو المكان للمتهم الأول. وإمعاناً من المتهمة الثانية على تحريض المتهم الأول على ارتكاب الجريمة وشد أزره قامت بتهديده بأنها ستشعل النار بنفسها إذا لم يقم بتنفيذ ما اتفقا عليه، إلى أن كان مساء يوم..... المحدد لارتكاب الجريمة فقامت المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحبت معها أولادها إلى بلدتها بميت غمر حتى يخلو المكان للمتهم الأول الذي وصل إلى مسكن المجني عليه حوالي الساعة التاسعة مساء مع علمه بأنه متواجد بمفرده حسب الاتفاق مع المتهمة الثانية، وظل ساهراً مع المجني عليه حتى ساعة متأخرة من الليل حتى غلب المجني عليه النعاس ودخل إلى غرفة نومه بينما ظل المتهم في غرفة أخرى، وقبيل الفجر بعدما ظن المتهم أن المجني عليه استغرق في نومه طرق باب حجرته ففتح له المجني عليه حيث خرج من حجرة النوم إلى الصالة فانقض عليه المتهم وأمسك برقبته بكلتا يديه وضغط عليها بشدة، إلا أن المجني عليه ظل يقاومه حتى استطاع التخلص منه والاستغاثة، إلا أن المتهم تمكن من السيطرة عليه والإمساك برقبته مرة أخرى وقام بخنقه حتى تأكد من موته ثم قام بوضع جثته فوق سريره وأثناء ذلك سمع طرقاً بالباب فحاول الهرب من نافذة حجرة النوم إلا أن تجمع الأهالي منعه من ذلك فعاد إلى داخل المسكن حيث تم القبض عليه بمعرفة الشاهد الثالث". وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من أقوال الشهود.... و...... والنقيب...... ومن اعتراف المتهمين في تحقيقات النيابة العامة ومما أورده تقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة الطاعن الأول بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي وإلى إدانة الطاعنة الثانية بجريمتي الاشتراك في الجريمة الأولى وبالجريمة الثانية وأنزل عليهما العقاب بالمواد المنطبقة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم - على السياق المتقدم - قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعن الأول من إجمال في هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس باليدين وأن إصاباته تشير في مجموعها إلى إصابات رضية حيوية حديثة نشأت من المصادمة بجسم راض وخشن في بعض منها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى إصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس. فإن الحكم يكون قد نقل عن التقرير ذاك وصف إصابات المجني عليه التي أثبت أنها تتفق مع الوسيلة التي تم بها القتل وتلك التي تشير إلى حدوث عنف أو مقاومة، وعلى نحو يفصح عن إمكان حدوث فعل القتل بالخنق وكتم النفس معاً ويكون ما يدعيه الطاعن الأول من إغفال الحكم لعناصر التقرير تلك غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يورد في بيان مؤدى شهادة النقيب..... التي عول عليها في الإدانة قولاً عن ضعف بنية المجني عليه أو عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له، فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن القول يكون غير ذي موضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في التحريات، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادرة ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقله إليه، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال النقيب..... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم ينقل عن الشاهدين...... و...... أن الأول أبصر المجني عليه ميتاً وأن الثاني سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه في حق المتهمين فهي ثابتة في حقهما من اتحاد إرادتهما واتجاهها إلى قتل المجني عليه باتفاقهما المسبق وإخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة وإصرار المتهم الأول على خنق المجني عليه وكتم أنفاسه حتى كان له ما أراد رغم مقاومة المجني عليه واستغاثته فضلاً عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذي جاء متفقاً مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية"، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد برئ من دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار في الواقعة فإن مناط قيام هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وإخطاره وتدبر عواقبه ثم يخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره في حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات وإعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما في تحقيق مصلحة يبغيانها هي الزواج بعد التخلص من المجني عليه زوج المتهمة الثانية"، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنساخ، فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى - على السياق الذي سلف بيانه - وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين باعترافهما لصدوره تحت تأثير الإكراه وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المتهمين على سند من صدوره تحت ضغط وإكراه فقد جاء مرسلاً وقد خلت الأوراق مما يشير إلى وقوع إكراه أو ضغط على المتهمين فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى صحة وسلامة الاعتراف الصادر من المتهمين وتأخذ به وتعول عليه في قضائها لصدوره أمام سلطة التحقيق دون إكراه أو ضغط ولاتفاقه مع ما جاء بشهادة الشاهد الثالث وما ورد بتقرير الصفة التشريحية والسابق إيراد مؤداها، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدفع". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه المبطل للاعتراف سائغاً في تنفيده وإطراحه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة..... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن طلب في مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعي غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ومع ذلك فإن الحكم عرض له ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره في تحديد الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجباً لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجني عليه والإصابات الموجودة بجثة المجني عليه وجزمه بأن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه حيوية حديثة في مجموعها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة، وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى وإصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس الأمر الذي جاء متفقاً مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق إيراد مؤداها مما تنتفي العلة في طلب مناقشته لكونه غير منتج في الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من أدلة الإثبات والوقائع التي ثبتت لديها لتكوين عقيدتها في الدعوى مطمئنة الوجدان...". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مما سلف يعتبر كافياً وسائغاً في رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... أن المدافع عن الطاعن الأول قد أثار أن النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء هذه المعاينة، فضلاً عن أن النيابة العامة - كما يبين من المفردات - أجرت معاينة لمكان الحادث أرفق بها رسم تخطيطي تضمنت أن منزل المجني عليه يكون من طابق واحد، ومن ثم فلا يحق للطاعن أن يثير شيئاً في شأن خلو الأوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه إذ لا يعدو ذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه من المقرر أن تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لعرض القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وإن لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.
ومن حيث إن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.

الطعن 12062 لسنة 65 ق جلسة 1 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 147 ص 982

جلسة الأول من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان وحسين الجيزاوي وهاني خليل نواب رئيس المحكمة.

---------------

(147)
الطعن رقم 12062 لسنة 65 القضائية

(1) أمر بألا وجه. نيابة عامة.
الأمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية. الأصل فيه أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة. استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر. شرطه؟
مجرد إرسال النيابة كتاباً إلى الجهة الإدارية التابع لها المتهم لمحاكمته تأديبياً لا يفيد إصدارها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبله.
(2) نقض "أسباب الطعن. تحديدها".
وضوح وتحديد وجه الطعن. شرط لقبوله.
(3) عقوبة "العقوبة التكميلية" عزل. الإضرار العمدي بالمال العام. نقض "حالات الطعن. مخالفة القانون". "نظر الطعن والحكم فيه". ظروف مخففة.
إدانة المتهم عن جريمة الإضرار بأموال الجهة التي يعمل بها ومعاملته بالرأفة ومعاقبته بالحبس والعزل. وجوب توقيت عقوبة العزل. أساس ذلك؟
إطلاق الحكم المطعون فيه عقوبة العزل بالمخالفة للمادة 27 عقوبات واقتصار العيب الذي شاب الحكم على هذه المخالفة يوجب تصحيحه. أساس ذلك؟

------------------
1 - من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فلا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، وإذ كانت النيابة العامة - بفرض صحة ما يثيره الطاعن - قد أرسلت كتاباً إلى الجهة الإدارية التابع لها لاتخاذ إجراءات محاكمته تأديبياً عن الواقعة، فإن ذلك بمجرده لا يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة قد ارتأت إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن.
2 - يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً، فإذا كان الطاعن لم يفصح في منعاه عن أساس دفعه بقيام التنازع السلبي في الاختصاص الذي قرر أن الحكم لم يعرض له، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غير مقبول.
3 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الإضرار بأموال الجهة التي يعمل بها وعامله بالرأفة وعاقبه بالحبس لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته، وكانت المادة 27 من قانون العقوبات قد نصت على أن: "كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه"، وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات برغم توافر موجبها فإنه يكون قد خالف القانون، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من. 1)......، 2)...... طاعن بأنهما بصفتهما موظفين عامين (الأول مدير مركز التأهيل المهني بسجن...... التابع لجهاز التعمير والثاني مشرف فني بتلك الجهة) أضرا عمداً بأموال جهة عملهما سالفة الذكر بأن فوض المتهم الأول المتهم الثاني في التعاقد مع شركة..... على شراء وتسليم عدد خمسين جهاز تليفزيون من إنتاجها بغرض توزيع تلك الأجهزة على العاملين بالمركز سالف الذكر فاستأثرا بها ولم يسددا ثمنها مما ألحق ضرراً بأموال جهة عملهما قدره ثلاثون ألف جنيه وذلك على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا ببنها لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً للأول وحضورياً للثاني عملاً بالمواد 116 مكرراً/ أ، 118 مكرراً 119/ 1، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول بالأشغال الشاقة مدة خمس سنوات ومعاقبة المتهم الثاني (الطاعن) بالحبس مع الشغل مدة سنة واحدة عما أسند إلى كل منهما من اتهام وبعزل المتهم الثاني من وظيفته فطعن المحكوم عليه..... في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه - وآخر - بجريمة الإضرار العمدي بأموال الجهة التي يعمل بها قد خالف الثابت بالأوراق وشابه قصور في التسبيب. وأخطأ في تطبيق القانون. ذلك أنه دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر النيابة العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية إلا أن الحكم أطرح هذا الدفع استناداً إلى عدم وجود هذا الأمر وهو ما يخالف الثابت بالأوراق من قيام النيابة العامة بإرسال الأوراق للجهة الإدارية المختصة لمحاكمة المتهمين تأديبياً عما أسند إليهما، ولم يعرض الحكم لدفع الطاعن بقيام تنازع سلبي في الاختصاص، كما أن المحكمة عاملت الطاعن بالرأفة وعاقبته بالحبس والعزل من وظيفته دون تحديد لمدة العزل بما لا يقل عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها مخالفة بذلك نص المادة 27 من قانون العقوبات، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات، والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسبق صدور أمر ضمني بعدم وجود وجه لإقامتها عليه تأسيساً على أن النيابة العامة قد أرسلت الأوراق للجهة الإدارية التابع لها الطاعن لاتخاذ إجراءات محاكمته تأديبياً وانتهى إلى رفضه قولاً أن الثابت من الأوراق عدم صدور مثل هذا الأمر من السلطة المختصة بالنيابة العامة وهي سلطة المحامي العام المختص طبقاً لنص المادة 209 من قانون الإجراءات الجنائية وأن ثمة جزاء تأديبياً لم يوقع على الطاعن ولم تنته النيابة العامة إلى التقرير في الواقعة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية اكتفاء بإحالة الطاعن للمحاكمة التأديبية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان تصرف النيابة العامة لا يفيد على وجه القطع استقرار الرأي على عدم رفع الدعوى الجنائية، فإنه لا يصح اعتبار تصرفها أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، لأن الأصل في هذا الأمر أن يكون صريحاً ومدوناً بالكتابة فإنه لا يصح استنتاجه من تصرف أو إجراء آخر إلا إذا كان هذا التصرف أو الإجراء يترتب عليه حتماً وبطريق اللزوم العقلي أن ثمة أمراً بألا وجه لإقامة الدعوى، وإذ كانت النيابة العامة - بفرض صحة ما يثيره الطاعن - قد أرسلت كتاباً إلى الجهة الإدارية التابع لها لاتخاذ إجراءات محاكمته تأديبياً عن الواقعة، فإن ذلك بمجرده لا يفيد على وجه القطع واللزوم أن النيابة العامة قد ارتأت إصدار أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية على الطاعن، ويكون ما انتهى إليه الحكم من إطراح دفع الطاعن في هذا الشأن سديداً. لما كان ذلك، وكان يتعين لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً ومحدداً، وكان الطاعن لم يفصح في منعاه عن أساس دفعه بقيام التنازع السلبي في الاختصاص الذي قرر أن الحكم لم يعرض له، فإن نعيه في هذا الشأن يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الإضرار بأموال الجهة التي يعمل بها وعامله بالرأفة وعاقبه بالحبس لمدة سنة واحدة وعزله من وظيفته، وكانت المادة 27 من قانون العقوبات قد نصت على أن: "كل موظف عمومي ارتكب جناية مما نص عليه في الباب الثالث والرابع والسادس والسادس عشر من الكتاب الثاني من هذا القانون عومل بالرأفة فحكم عليه بالحبس يحكم عليه أيضاً بالعزل مدة لا تنقص عن ضعف مدة الحبس المحكوم بها عليه". وكان الحكم المطعون فيه قد أطلق عقوبة العزل من الوظيفة ولم يعمل حكم المادة 27 من قانون العقوبات برغم توافر موجبها فإنه يكون قد خالف القانون، وإذ كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على هذه المخالفة فإنه يتعين إعمالاً للقاعدة المنصوص عليها في المادة 39 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر به القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 تصحيح الحكم المطعون فيه بتوقيت عقوبة العزل بجعلها لمدة سنتين.

الطعن 13824 لسنة 65 ق جلسة 2 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 148 ص 987

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي، وفيق الدهشان وفريد عوض نواب رئيس المحكمة، ومحمود مسعود شرف.

------------

(148)
الطعن رقم 13824 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
التقرير بالطعن. مناط اتصال المحكمة به وتقديم الأسباب في الميعاد شرط قبوله.
التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد دون تقديم أسبابه. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها.
(3) دفوع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال.
(4) إثبات "شهود" دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة عدم سماع شهود النفي. غير مقبول. أساس ذلك؟
(5) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". قصد جنائي.
القصد الجنائي في جريمة التزوير. موضوعي. تحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال. غير لازم. ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
(6) تزوير. "تزوير الأوراق الرسمية. اشتراك. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عقد الزواج وثيقة رسمية. مناط العقاب على التزوير فيها؟
حضور الطاعنة أمام المأذون مع باقي المتهمين للزواج من المتهم الثاني وتقريرها خلوها من الموانع الشرعية رغم أنها زوجة للمتهم الثالث مع علمهما بذلك. إثبات المأذون ذلك وتحريره الوثيقة التي وقعت عليها وباقي المتهمين. كفايته لإدانتها بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج.
(7) تزوير "تزوير الأوراق الرسمية". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انصراف أسباب الطعن إلى تهمة استعمال المحرر المزور التي تدان بها الطاعنة. أثره؟
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب النقض ما لا يقبل منها".
دفاع الطاعنة بأنه سيقت إلى ارتكاب الواقعة رغماً عنها. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.

----------------
1 - لما كان الطاعن الثاني وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه. ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله. وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاًً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
3 - إذ الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعنة من أن زوجها السابق قد طلقها بقوله: إن ذلك الدفاع مردود عليه بأن المتهمين الأولى والثالث ذكرا في تحقيقات النيابة أنهما ما زالا زوجين حتى تاريخ التحقيق معهما بالنيابة العامة بل ذكرت المتهمة الأولى أن الزواج المزور هو زواج على الورق فقط وأنها ما زالت في عصمة زوجها المتهم الثالث، وأنها حامل من ذلك الزوج - كما لم يقدم أي منهما دليلاً على وقوع الطلاق في 1/ 4/ 1994 بل الثابت بمحضر جلسة 22/ 3/ 1995 أن المحكمة سألت المتهمة الأولى عن واقعة تطليق المتهم الثالث لها فقررت أنها لا زالت زوجة له ولم يطلقها حتى الآن الأمر الذي يكون معه ذلك الدفاع قد أسس على غير سند من القانون متعيناً رفضه. وكان هذا الرد والذي لا تمارى الطاعنة في أن له صداه من أوراق الدعوى - مما يسوغ به اطراح مثل هذا الدفاع. ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعنة قد طلب إلى المحكمة بجلسة 22 من مارس سنة 1995 ضم المحضر رقم..... إداري...... لإثبات واقعة طلاق الطاعنة من المتهم الثالث أو ما يثيره في طعنه من طلبه سماع شهود نفي، إذ ثبت تنازله عن طلباته السابقة وذلك بجلسة 11 من إبريل سنة 1995 ثم ترافعه بذات الجلسة التي اختتمت فيها المرافعة وإصراره على تنازله عن طلبه السابق واختتام مرافعته أصلياً بطلب البراءة واحتياطياً باستعمال الرأفة - لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه به. ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه.
4 - إذ كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تطلب سماع شهود نفي ولم تسلك من جانبها الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً/ 1 - 2 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن منعاها في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً.
5 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه.
6 - إن عقد الزواج، وثيقة رسمية مناط العقاب على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية من العلم بذلك، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويراً. وإذ كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة أنها حضرت أمام المأذون مع المحكوم عليهم الآخرين للزواج من المتهم الثاني وقررت خلافاً للحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة للمتهم الثالث بصحيح العقد الشرعي رقم.... مع علمها بذلك فأثبت المأذون ذلك وحرر الوثيقة التي وقعت الطاعنة وباقي المتهمين عليها، فإن هذا يكفي لإدانتها بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي عليه في هذا الشأن وجه.
7 - إذ كان الحكم لم يدن الطاعنة بجريمة استعمال المحرر المزور التي دان بها الطاعن الثاني وحده فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل.
8 - إذ كان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة أثارت دفاعاً مؤداه أنها قد سيقت إلى ارتكاب الواقعة رغماً عنها فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة كل من 1 -..... (طاعنة) 2 -..... 3 -.... (طاعن) 4 -..... بأنهم (1) وهم ليسوا من أرباب الوظائف العمومية اشتركوا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع موظف عمومي حسن النية هو..... مأذون..... التابع لمحكمة..... في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو وثيقة عقد الزوج رقم... والمثبت لزواج المتهمة الأولى من المتهم الثاني حال تحريره من المختص بحكم وظيفته وكان ذلك بجعلهم واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة بأن اتفقوا معاً على تزويره ومثلوا أمام الموظف سالف الذكر وساعدوه بأن أدلت الأولى له على خلاف الحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة المتهم الثالث بصحيح العقد الشرعي رقم... فأثبت الموظف العمومي حسن النية ذلك ووقعوا على تلك الوثيقة فتمت الجريمة بناء على الاتفاق وتلك المساعدة - وأحالتهم إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً الأولى والثالث وغيابياً للباقين عملاً بالمواد 40/ ثانياً، 41/ 1، 213، 214 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من ذات القانون بمعاقبتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم وبمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما الأولى والثالث في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الثاني..... وإن قرر بالطعن في الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر من أن التقرير بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله. وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الطاعنة الأولى..... قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة الأولى على الحكم المطعون فيه أنه دانها بجريمة الاشتراك في تزوير محرر رسمي قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع واعتوره البطلان، ذلك بأنه لم يبين مضمون أقوال الطاعنة والشهود وباقي أدلة الثبوت وخلا من بيان نص القانون الذي أنزل عليها العقاب بمقتضاه، ولم ترد المحكمة على دفاعها القائم على طلاقها من زوجها السابق - المحكوم عليه الثالث - شفاهة وانقضاء عدتها من قبل زواجها من الطاعن الثاني ولم تجبها إلى طلبها ضم إلى المحضر رقم..... إداري...... لإثبات ذلك وإلى طلبها سماع شهود نفي. ودانتها رغم انتفاء القصد الجنائي في جريمتي التزوير والاستعمال لديها ورغم كونها أمية سيقت إلى ارتكاب الواقعة مع باقي المتهمين رغماً عنها. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه يبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنة بها وأقام عليها في حقها أدلة مستمدة من أقوال الرائد.... ضابط مباحث مصلحة الجوازات وما قررته الطاعنة والمحكوم عليه الثالث بمحضر الضبط وبتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من الاطلاع على وثيقتي الزواج رقمي.... و..... لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون وإذ كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى اتبع ذلك ببيان مفصل للأدلة التي تساند إليها في إدانة الطاعنة وهي أدلة سائغة لا تمارى الطاعن في أن لها أصلها في أوراق الدعوى كما أورد مواد العقاب في قوله: "الأمر المستوجب معاقبتهم عن ذلك وفقاً للمواد 40/ ثانياً وثالثاً و41/ 1، و213، 214 عقوبات وإدانتهم وفقاً لما جاء بالمادة 304/ 2 إ ج." فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد رد على ما أثاره المدافع عن الطاعنة من أن زوجها السابق قد طلقها بقوله "إن ذلك الدفاع مردود عليه بأن المتهمين الأولى والثالث ذكرا في تحقيقات النيابة أنهما لا زالا زوجين حتى تاريخ التحقيق معهما بالنيابة العامة بل ذكرت المتهمة الأولى أن الزواج المزور هو زواج على الورق فقط وأنها ما زالت في عصمة زوجها المتهم الثالث وأنها حامل من ذلك الزوج - كما لم يقدم أي منهما دليلاً على وقوع الطلاق في 1/ 4/ 1994 بل الثابت بمحضر جلسة 22/ 3/ 1995 أن المحكمة سألت المتهم الأولى عن واقعة تطليق المتهم الثالث لها فقررت أنها ما زالت زوجة له ولم يطلقها حتى الآن الأمر الذي يكون معه ذلك الدفاع قد أسس على غير سند من القانون متعيناً رفضه" وكان هذا الرد والذي لا تمارى الطاعنة في أن له صداه من أوراق الدعوى - مما يسوغ به إطراح مثل هذا الدفاع. ولا يقدح في ذلك أن يكون المدافع عن الطاعنة قد طلب إلى المحكمة بجلسة 22 من مارس سنة 1995 ضم المحضر رقم.... إداري.... لإثبات واقعة طلاق الطاعنة من المتهم الثالث أو ما يثره في طعنه من طلبه سماع شهود نفي. إذ ثبت تنازله عن طلباته السابقة وذلك بجلسة 11 من إبريل سنة 1995 ثم ترافعه بذات الجلسة التي اختتمت فيها المرافعة وإصراره على تنازله عن طلبه السابق واختتام مرافعته أصلياً بطلب البراءة واحتياطياً باستعمال الرأفة - لما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمي إليه به، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختامية، فلا تثريب على المحكمة إن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه، كما أن البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة لم تطلب سماع شهود نفي ولم تسلك من جانبها الطريق الذي رسمه القانون في المادة 214 مكرراً/ 1 - 2 من قانون الإجراءات الجنائية، فإن منعاها في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة التزوير من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التي تفصل فيها محكمة الموضوع في ضوء الظروف المطروحة عليها، وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال ما دام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه. وكان عقد الزواج وثيقة رسمية مناط العقاب على التزوير فيها هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية من العلم بذلك، فكل عبث يرمي إلى إثبات غير الحقيقة في هذا الصدد يعتبر تزويراً. ولما كان الحكم قد أثبت في حق الطاعنة أنها حضرت أمام المأذون مع المحكوم عليهم الآخرين للزواج من المتهم الثاني وقررت خلافاً للحقيقة بخلوها من الموانع الشرعية حال كونها زوجة للمتهم الثالث بصحيح العقد الشرعي رقم.... مع علمها بذلك فأثبت المأذون ذلك وحرر الوثيقة التي وقعت الطاعنة وباقي المتهمين عليها، فإن هذا يكفي لإدانتها بالاشتراك في تزوير وثيقة الزواج بما لا يكون للنعي عليه في هذا الشأن وجه. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يدن الطاعنة بجريمة استعمال المحرر المزور التي دان بها الطاعن الثاني وحده فإن ما تثيره في هذا الشأن يكون وارداً على غير محل. لما كان ذلك، وكان لا يبين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة قد أثارت دفاعاً مؤداه أنها قد سيقت إلى ارتكاب الواقعة رغماً عنها فإنه لا يقبل منها إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13853 لسنة 65 ق جلسة 2 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 149 ص 995

جلسة 2 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد يحيى رشدان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مجدي الجندي ووفيق الدهشان وإبراهيم الهنيدي نواب رئيس المحكمة. ومحمود مسعود شرف.

----------------

(149)
الطعن رقم 13853 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم مؤدى أقوال المبلغ وفحوى تقرير خبير الأصوات من بين أدلة الإدانة. كفايته للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها. ينحسر معه النعي على الحكم بالقصور.
(3) إثبات "خبرة" "قرائن". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
استناد الحكم إلى ما جاء بتقرير خبير تفريغ الشرائط المسجلة. كقرينة معززة لأدلة الثبوت الأساسية التي بني عليها قضاءه. لا يعيبه.
(4) محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها".
لمحكمة الجنايات عند إعادة محاكمة متهم غائب. إيراد أسباب الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها. متى كانت تصلح لحمل قضائها بالإدانة.
(5) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع بصدور الإذن بعدم الضبط والتفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط. موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع إجراءات التسجيل والضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(6) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
الجدل الموضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها. غير جائز إثارته أمام النقض.
(7) حكم "ما يعيبه ما لا يعيبه في نطاق التدليل" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذي يعيب الحكم. ماهيته؟
مثال لنفي التناقض.
(8) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". استدلالات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
(9) نقض "أسباب الطعن. تحديدها" "نظر الطعن والحكم فيه".
وضوح وجه الطعن وتحديده. شرط لقبوله.
(10) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". حكم "بطلانه".
إعادة المحاكمة أمام ذات دائرة محكمة الجنايات التي أصدرت الحكم الغيابي على المتهم في حالة حضوره أو القبض عليه. غير لازم. ما تطلبته المادة 395 إجراءات. هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة، نظر الدعوى عند إعادة إجراءات المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي. لا يرتب بطلاناً.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع بوقف الدعوى تعليقاً". إجراءات "إجراءات المحاكمة".
دفع الطاعن - المعاد إجراءات محاكمته في جناية - بوجوب وقف الدعوى تعليقاً لحين الفصل في الطعن بالنقض المقام من المحكوم عليه الآخر. ظاهر البطلان. التفات الحكم عن التعرض له إيراداً ورداً. لا يعيبه. علة ذلك.
(12) محكمة الإعادة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إعادة المحاكمة بمقتضى المادة 395 إجراءات. محاكمة مبتدأة تفصل فيها محكمة الإعادة بكامل حريتها.
نعى الطاعن ببطلان الحكم الغيابي لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً ولعدم إعلانه في المحاكمة الغيابية. غير مجد. ما دامت إجراءات المحاكمة أمام محكمة الإعادة تمت صحيحة. إثارة ذلك أمام النقض. غير جائز. علة ذلك؟

----------------
1 - إن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ الحكم فيه بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المبلغ.... وفحوى ما أورده تقرير خبير الأصوات - والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد في غير محله.
3 - لما كان الثابت من مدونات الحكم وما رد به على الدفع ببطلان التسجيلات أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يورد مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل ما دام أنه قد عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول.
4 - من المقرر أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد ذات الأسباب التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.
5 - من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة بالأدلة السائغة التي أوردتها - إلى وقوع إجراءات التسجيل وما تبعها من إجراءات الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن.
6 - لما كان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كالحال في هذه الدعوى - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم بأقوال الشاهد.... بشأن اصطحابه للمبلغ إلى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الآخر ودار حوار بينهم بشأن طلب رشوة وسببه برغم أن بلاغ المجني عليه ومحضر التحريات خلواً من هذه الواقعة لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى مفادها أن الطاعن توسط لدى المبَّلغ ليعطي للمحكمة عليه الآخر مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك للمبلغ من مخالفات وأن ما أثبته الحكم بمدوناته بشأن المقابلة التي تمت بالمصنع بين المبلغ والمحكوم عليه الآخر والتي أنكر خلالها الأخير علاقته بالطاعن وسبق تسلمه مبلغ مائة وخمسين جنيهاً منه وطلبه أن تكون علاقة المبلغ به مباشرة ووعده بأن يرد له المبلغ الذي تسلمه الطاعن منه لم يكن سوى تسجيل لهذه المقابلة وما دار فيها من حوار، هذا إلى أن ما أورده الحكم بمدوناته من أن كلاً من الطاعنين والمحكوم عليه الآخر طلب - على حده - مبلغ خمسمائة جنيه، على سبيل الرشوة ثم أورد في موضع آخر منه أن التحريات أكدت صحة طلب المتهمين معاً للمبلغ المذكور لا يعد تناقضاً لما هو مقرر من أن التناقض الذي يعيب الحكم هو الذي تتهاتر به أسبابه بحيث يمحو بعضها ما يثبته بعضها الآخر ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون في غير محله.
8 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة - على ما أفصحت عنه فيما تقدم - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر تسجيل المحادثات والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
9 - من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية الغموض والإبهام اللذين شابا إذن التفتيش فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند.
10 - إن قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي على المتهم في حالة حضوره أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة - كشرط لصحة الإجراءات - بل كل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة بما مفاده أن القانون لم يرتب البطلان في حالة نظر الدعوى عند إعادة إجراءات المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب إحالة الدعوى لدائرة أخرى - بفرض إثارته أمامها - ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً.
11 - لما كان الثابت من الأوراق أنها حوت دعوى جنائية واحدة فصل فيها بحكم جنائي حضورياً للمحكوم عليه الآخر وغيابياً للطاعن الذي أعيدت إجراءات محاكمته الراهنة ومن ثم فإنه بفرض أن المحكوم عليه الآخر طعن بالنقض في الحكم الصادر ضده بالإدانة فإن ذلك لا يقيد محكمة الموضوع التي تنظر دعوى الطاعن ومن ثم فإن الدفع الذي أبداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى تعليقاً يكون دفعاً ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد.
12 - إن إعادة المحاكمة الجنائية طبقاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية هي بحكم القانون بمثابة مبتدأة، ولمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها. وإذ كان ذلك، وكانت إجراءات الطاعن أمام محكمة الإعادة قد تمت صحيحة - وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - بمحاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا فإنه غير مجد ما يتمسك به من بطلان الحكم الغيابي لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً ولعدم إعلانه في المحاكمة الغيابية - بفرض صحة ذلك - ولا تقبل إثارته ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر سبق الحكم عليه بأنه توسط في ارتكاب جريمة طلب وأخذ رشوة بأن اتفق مع المتهم الآخر على ارتكابها وطلب من.... لحساب المتهم الآخر مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة أخذ منها مبلغ مائة وخمسين جنيهاً كدفعة أولى من المبلغ المطلوب مقابل امتناع المتهم المذكور - الآخر - عن اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك له من مخالفات هندسية - وإحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة، والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 103، 104، 107 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه مبلغ ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الوساطة في طلب وأخذ رشوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك بأن الحكم لم يستظهر أركان الجريمة في حق الطاعن وخلا من بيان الأفعال التي أتاها كوسيط في جريمة الرشوة ولم يورد مؤدى أقوال المبلغ.... التي عول عليها في الإدانة، كما لم يبين الحكم مضمون الدليل الذي استمده من التسجيلات ووجه استدلاله به على ثبوت الجريمة في حق الطاعن لاسيما وأنه دفع ببطلان هذه التسجيلات لتمامها قبل صدور إذن من النيابة العامة بها ولاستحالة سماع ما سجل منها حوار كما دفع ببطلان عمل خبير الإذاعة الذي قام بنسبة صوت الطاعن بالتسجيلات له برغم أنه في تاريخ التفريغ لم يكن قد قبض عليه أو أخذت بصمة صوته بيد أن الحكم رد على هذه الدفوع برد غير سائغ ورددت ذات أسباب الحكم الغيابي الساقط بشأن إطراحها. كما استدل الحكم على صحة الواقعة بأقوال الشاهد.... من أنه اصطحب المبلغ إلى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الآخر ودر حوار بينهم في شأن طلب الرشوة وسببه في حين أن بلاغ المجني عليه ومحضر التحريات خلواً من تلك الواقعة، هذا إلى أن الحكم اعتنق صورتين متعارضتين لواقعة الدعوى حيث أثبت أن المحكوم عليه الآخر "المرتشي" هو الذي أصل بالمبلغ وتوجه إلى مصنعه بمفرده دون الطاعن وأن المحادثة التي دارت بين المرتشي والمبلغ أنكر خلالها الأول علاقته بالطاعن وسبق تسلمه منه مبلغ مائة وخمسين جنيهاً وطلب أن تكون علاقة المبلغ به مباشرة دون الطاعن ووعده بأن يرد له المبلغ الذي تسلمه الطاعن منه ثم عاد الحكم ودانه بجريمة الوساطة في الرشوة كما وأن الحكم أثبت بمدوناته أن كلاً من المتهمين على حده طلب مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة في حين أثبت في موضوع آخر منه أن التحريات أكدت صحة طلب المتهمين معاً للمبلغ المذكور وفي كلا الحالين فإن المحكوم عليه الآخر "المرتشي" يكون هو الذي طلب الرشوة بشخصه بما لا حاجة معه لتوسط غيره، هذا بالإضافة إلى أن الطاعن دفع بعدم جدية التحريات لكونها مجرد ترديد لأقوال المبلغ، كما دفع ببطلان إذن التفتيش لما شابه من غموض وإبهام وطلب إحالة الدعوى لدائرة أخرى لوجود مانع قانوني لدى الهيئة التي تنظرها لأن رئيس الدائرة التي رأس جلسة محاكمة الطاعن الغيابية هو نفسه الذي كان يرأس الدائرة التي تنظر هذه الدعوى، كما طلب وقف الدعوى وقفاً تعليقياً لحين الفصل في الطعن المقدم من المحكوم عليه الآخر في الحكم الصادر بجلسة 28/ 11/ 1993 والذي صدر غيابياً ضد الطاعن وحضورياً للمحكوم عليه الآخر وذلك لاستحالة تصور أن يكون هناك رأي لرئيس الدائرة في الدعوى الراهنة يتعارض مع رأيه المسطر بالحكم الأول بيد أن المحكمة لم تعرض لدفوعه ولم تستجب لطلباته وأخيراً فقد دفع الطاعن أيضاً ببطلان الحكم الغيابي الصادر ضده لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً إذ صدر من محكمة جنايات في حين أن الاختصاص ينعقد لمحكمة أمن الدولة العليا ولعدم إعلانه بإجراءات المحاكمة مما يجعل الخصومة منعدمة بيد أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع إيراداً ورداً. كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الوساطة في طلب وأخذ رشوة التي دان الطاعن بها، وقد حصل الحكم واقعة الدعوى بما مفاده أن المتهم الأول.... - الذي سبق الحكم عليه - يعمل مهندساً للتنظيم بحي.... محافظة القاهرة ويختص بحكم وظيفته بالمرور على منطقة عمله ومراقبة ما يقام في دائرته من أبنية وما إذا كان مرخصاً لصاحب البناء بإقامته من عدم ومدى مطابقته للمواصفات وشروط الترخيص وخط التنظيم وتحرير محاضر بالمخالفات التي يقوم بضبطها لأصحاب الأبنية المخالفة وعندما شرع... في إقامة بناء على قطعة أرض يملكها... قام المتهم المذكور بالمرور عليه وكلفه بالحضور إليه في مكتب المتهم الثاني "الطاعن" الذي أبلغه بأن المتهم الأول قد حرر له محضر مخالفة للمباني التي يقوم بها وطالبه بمبلغ خمسمائة جنيه للتغاضي عن السير في إجراءات المحضر فضلاً عن مبالغ مماثلة نظير كل دور يقوم ببنائه بعد ذلك، كما حضر المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه بدوره وأكد ذلك الطلب، فقام صاحب البناء بإبلاغ رئيس مباحث مرافق شمال القاهرة الذي أجرى تحريات وأسفرت عن صحة البلاغ، فعرض الأمر على السيد المستشار المحامي العام لنيابة شرق القاهرة الكلية فأذن له وكيل النيابة بتسجيل المحادثات التي تدور بين المبلغ وبين المتهمين وتتعلق بالتوسط وطلب هذه الرشوة وضبطهما حال قبضيهما أو أحدهما لهذا المبلغ فأجرى تسجيل هذه الأحاديث التي أكدت طلب الرشوة والتوسط فيها وتم ضبط المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه حال تلبسه بها "ثم أورد الحكم على ثبوت الواقعة على النحو السالف بيانه أدلة مستمدة من إجراءات الضبط والتفتيش وأقوال الشهود... و... و... بمحضر التحقيق الابتدائي والتي تعززت بما أجرى من تسجيلات صوتية أجريت مع المتهمين وما أوراه خبير الهندسة الإذاعية بشأن هذه التسجيلات وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياًَ إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد مؤدى أقوال المبلغ.... وفحوص ما أورده تقرير خبير الأصوات - والتي كانت من بين الأدلة التي استخلص منها الإدانة في بيان يكفي للتدليل على ثبوت الصورة التي اقتنعت بها المحكمة واستقرت في وجدانها فإنه تنحسر عنه دعوى القصور في التسبيب ويكون ما يثره الطاعن في هذا الصدد في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفوع المتعلقة ببطلان التسجيلات لاستحالة سماع ما سجل منها وعدم أخذ بصمة الطاعن في تاريخ التفريغ في قوله: ".... وكانت تقريرات شهود الإثبات التي تعززت بما من تسجيلات قد حددت دور كل منهم في الواقعة وأن اللقاء قد تم بين المبلغ وبين كل من المتهمين وأن حديثه إلى كل منهما قد أصبح دور كل منهما على حده بما يضحى معه دفاع المتهم في شأن التشكيك في وجود صلة بين كل من المتهمين أو إنكار المتهم الماثل (الطاعن) صلته بالواقعة مجرد دفاع مرسل تدحضه الأدلة القولية والفنية التي تضافرت على النحو سالف الذكر في إثبات الاتهام في حق كل من المتهمين ودور كل منهما في ارتكاب الواقعة وإثبات أركانها وحقيقة قصد كل من المتهمين منها". لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم وما رد به على الدفع سالف الذكر أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل المستمد من هذه التسجيلات وإنما استندت إليها كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها فإنه لا جناح على الحكم إن هو لم يبين مؤدى هذه التسجيلات على نحو مفصل ما دام أنه قد عول على تلك القرينة تأييداً وتعزيزاً للأدلة الأخرى التي اعتمد عليها في قضائه ولم يتخذ من هذه التسجيلات دليلاً أساسياً على ثبوت الاتهام قبل الطاعن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من عدم بيان مؤدى الدليل المستمد من التسجيلات وقصور الحكم في الرد على دفاعه بشأنها يكون غير مقبول هذا فضلاً عن أنه لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات عند إعادة محاكمة المتهم الذي كان غائباً من أن تورد ذات الأسباب التي اتخذها الحكم الغيابي الساقط قانوناً أسباباً لحكمها ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط إنما هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة بالأدلة السائغة التي أوردتها - وهو الحال في الدعوى الماثلة - إلى وقوع إجراءات التسجيل وما تبعها من إجراءات الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان لا يلزم في الأدلة التي يعول عليها الحكم أن ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئيات الدعوى لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه - كالحال في هذه الدعوى - ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول استدلال الحكم بأقوال الشاهد.... بشأن اصطحابه للمبلغ إلى مكتب الطاعن حيث تقابلا معه والمحكوم عليه الآخر ودار حوار بينهم بشأن طلب رشوة وسببه برغم أن بلاغ المجني عليه ومحضر التحريات خلواً من هذه الواقعة لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اعتنق صورة واحدة لواقعة الدعوى مفادها أن الطاعن توسط لدى المبلغ ليعطي للمحكوم عليه الآخر مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة مقابل امتناعه عن اتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة بشأن ما شاب العقار المملوك للمبلغ من محالفات وأن ما أثبته الحكم بمدوناته بشأن المقابلة التي تمت بالمصنع بين المبلغ والمحكوم عليه الآخر والتي أنكر خلالها الأخير علاقته بالطاعن وسبق تسلمه مبلغ مائة وخمسين جنيهاً منه وطلبه أن تكون علاقة المبلغ به مباشرة ووعده بأن يرد له المبلغ الذي تسلمه الطاعن منه لم يكن سوى تسجيل لهذه المقابلة وما دار فيها من حوار، هذا إلى أن ما أورده الحكم بمدوناته من أن كلاً من الطاعن والمحكوم عليه الآخر طلب - على حده - مبلغ خمسمائة جنيه على سبيل الرشوة ثم أورد في موضع آخر منه أن التحريات أكدت صحة طلب المتهمين معاً للمبلغ المذكور لا يعد تناقضاً لما هو مقرر من أن التناقض الذي تتهاتر به أسبابه بحيث يمحو بعضها ما يثبته بعضها الآخر ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بهذا الوجه من الطعن يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفع الطاعن بعدم جدية التحريات وأطرحه في قوله: "..... وكانت التحريات التي أجراها الرائد.... وأثبتها بمحضره المؤرخ 7/ 10/ 1992 قد تمت بعد البلاغ الذي قام به..... وأثبته في محضره بتاريخ 3/ 10/ 1992 وإثر مرور المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه.... بموقع البناء الذي شرع في إقامته وتحديده مكاناً للقاء بمكتب المتهم الثاني الماثل.... المحامي، وإثر إتمام اللقاء بالفعل مع كل من المتهمين ووضوح لغرض من ذلك الاستدعاء واستغرقت تحرياته الفقرة من تلقي البلاغ حتى تاريخ محضره في 7/ 10/ 1992 وأسفر عن البيانات الكاملة عن المبلغ وعلمه وبيانات البناء الذي شرع في إقامته وبيانات كل من المتهمين وعمل كل منها ومقره والدور الذي يقوم به كل منها وأسفرت التحريات كذلك عن صحة البلاغ وسوء سمعة المتهم الأول الذي سبق الحكم عليه في عمله وكيفية استغلاله لطبيعة عمله في تقاضي مبالغ الرشوة وكيفية تهديد المخالفين لقوانين البناء والفئات التي اعتاد طلبها، وكان تقدير جدية هذه التحريات منوط بالنيابة العامة وتخضع في تقديرها إياها لرقابة محكمة الموضوع وإذ اطمأنت إليها بحق أصدرت إذنها للرائد.... أو من ينوب عنه أو يعاونه من مأموري الضبط المختصين في إجراء تسجيل المحادثات الشفهية بالوسائل الفنية المتاحة والتي تدور في الأماكن الخاصة بدائرة قسم..... بين المبلغ وأي من المتهمين وتتعلق بهذه الواقعة ومن ثم كان اطمئنانها لتلك التحريات له ما يسانده من الواقع وتطمئن إليه هذه المحكمة بدورها ومن ثم كان نعي الدفاع بشأن جدية التحريات لا أساس له وتلتفت عنه المحكمة: وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة - على ما أفصحت عنه فيما تقدم - قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر تسجيل المحادثات والتفتيش وكفايتها لتسويغ إصدارات أقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ومن ثم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً، وكان الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية الغموض والإبهام اللذين شابا إذن التفتيش فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات الجنائية لم يستوجب في مواد الجنايات أن تعاد المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي على المتهم في حالة حضوره أو القبض عليه قبل سقوط العقوبة المحكوم بها بمضي المدة - كشرط لصحة الإجراءات - بل ما تطلبته المادة 395 من ذلك القانون في هذه الحالة هو إعادة نظر الدعوى أمام المحكمة بما مفاده أن القانون لم يرتب البطلان في حالة نظر الدعوى عند إعادة إجراءات المحاكمة أمام ذات الدائرة التي أصدرت الحكم الغيابي ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي التفتت عن طلب إحالة الدعوى لدائرة أخرى - بفرض إثارته أمامها - ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أنها حوت دعوى جنائية واحدة فصل فيها بحكم جنائي حضورياً للمحكوم عليه الآخر وغيابياً للطاعن الذي أعيدت إجراءات محاكمته الراهنة ومن ثم فإنه بفرض أن المحكوم عليه الآخر طعن بالنقض في الحكم الصادر ضده بالإدانة فإن ذلك لا يقيد محكمة الموضوع التي تنظر دعوى الطاعن ومن ثم فإن الدفع الذي أبداه المدافع عن الطاعن بوجوب وقف الدعوى تعليقاً يكون دفعاً ظاهر البطلان فلا تثريب على المحكمة إن هي سكتت عنه إيراداً له ورداً عليه ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الصدد بالإخلال بحق الدفاع غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إعادة المحاكمة الجنائية طبقاً لنص المادة 395 من قانون الإجراءات الجنائية هي بحكم القانون بمثابة محاكمة مبتدأة، ولمحكمة الإعادة أن تفصل في الدعوى بكامل حريتها. وإذ كان ذلك، وكانت إجراءات محاكمة الطاعن أمام محكمة الإعادة قد تمت صحيحة - وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه - بمحاكمته أمام محكمة أمن الدولة العليا فإنه غير مجد ما يتمسك به من بطلان الحكم الغيابي لصدوره من محكمة غير مختصة ولائياً ولعدم إعلانه في المحاكمة الغيابية - بفرض صحة ذلك - ولا يقبل إثارة ذلك أمام محكمة النقض ومن ثم فإن منعاه في هذا الصدد لا يعدو أن يكون دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان ولا على المحكمة إن التفتت عنه ولم ترد عليه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 19031 لسنة 65 ق جلسة 4 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 150 ص 1009

جلسة 4 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمود عبد الباري ومحمد حسين مصطفى ونير عثمان ورجب فراج نواب رئيس المحكمة.

----------------

(150)
الطعن رقم 19031 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات حكم الإدانة" تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حكم الإدانة وجوب بيانه نص القانون الذي حكم بمقتضاه. المادة 310 إجراءات عدم رسم القانون شكلاً لصياغة الحكم إيراد الحكم مادة القانون التي أخذ المتهم بها كفايته بياناً لنص القانون الذي حكم بمقتضاه.
مثال.
(2) سرقة "سرقة بالإكراه". إكراه". ارتباط. إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الإكراه في السرقة. متى يتحقق؟
تحقق الإكراه في السرقة ولو وقع فعل الإكراه بعد حصولها. متى كان القصد منه الفرار بالمسروقات. إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بأقوال الشهود.
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى. غير جائز. أمام النقض.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل"
الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم. ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة.
مثال.
(5) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام محكمة الموضوع بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
استفادة الرد عليها من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم. عدم إيراد الحكم لهذا الدفاع. مفاده؟
(6) ضرر. سرقة "سرقة بالإكراه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استلام المجني عليه للمبلغ المسروق. لا ينفي وقوع الضرر في جريمة السرقة. المنازعة في ذلك. غير مقبولة.

----------------
1 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله - "الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين إدانته عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون.
2 - إن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة ولا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه.
3 - إن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. فإن ما يثيره الطاعن شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين.... و.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
4 - إن الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، وإذ كان الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فإنه - وعلى فرض أن الحكم قد أورد أن البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالأوراق فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
5 - لما كان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إعراضه عن إيراد دفاع الطاعن القائم على أن البلاغ الأول وأقوال ابن المجني عليه لم يتضمنا اتهاماً له، وكذا ما أثاره من أن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة في حين قرار ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط، مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد.
6 - لما كان الثابت من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعل الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التي دين بها فإن منازعة الطاعن في شأن انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن المجني عليه قد تسلم النقود التي ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالإكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه سرق المبلغ النقدي المبين القدر بالتحقيقات المملوك لـ.... وكان ذلك بطريق الإكراه الواقع على..... بأن اقتحم عليه مسكنه وكمم فاه وهدده بالقتل فشل بذلك مقاومته وتمكن بهذه الوسيلة من الإكراه من الاستيلاء على النقود الموجودة بالمسكن وأحالته إلى محكمة جنايات الجيزة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً..... عملاً بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وإلزامه أن يؤدي إلى المدعي بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت.
فطعنت.... المحامية نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة السرقة بإكراه قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد، ذلك بأنه لم يورد النص العقابي الذي أدان الطاعن بمقتضاه، وأغفل بيان الارتباط بين الاعتداء وفعل السرقة، وعول في الإدانة على أقوال.... و.... رغم أن أقوالهما لا تثبت ارتكاب الطاعن للجريمة، كما أورد أن المدافع عن الطاعن ذكر أنه لم ترفع بصمات من مكان الحادث على خلاف دفاعه بأنه تم رفع البصمات، ولم يعن بالرد على دفاع الطاعن بأن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة مبعثرة في حين قرر ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط وأن البلاغ الأول وأقوال المذكور لم يتضمنا اتهاماً للطاعن، فضلاً عن أن الحكم ألزم الطاعن بالتعويض رغم أن المجني عليه تسلم النقود التي ضبطت، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة السرقة بالإكراه التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وما جاء بمعاينة الشرطة وهي أدلة سائغة لها موردها من الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجبت على الحكم أن يبين نص القانون الذي حكم بمقتضاه، إلا أن القانون لم يرسم شكلاً يصوغ فيه الحكم هذا البيان. ولما كان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجريمة المسندة إلى الطاعن، حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت ثم أشار إلى النص الذي أخذه به بقوله - "الأمر المعاقب عليه بالمادة 314/ 1 من قانون العقوبات ومن ثم يتعين إدانته عملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية" فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان نص القانون الذي حكم بمقتضاه بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الإكراه في السرقة يتحقق بكل وسيلة قسرية تقع على الأشخاص بتعطيل قوة المقاومة أو إعدامها عندهم تسهيلاً للسرقة وكان لا يشترط لتحقق الظرف المشدد المنصوص عليه في المادة 314 من قانون العقوبات أن يكون الاعتداء سابقاً أو مقارناً لفعل الاختلاس بل يتحقق ولو كان قد تلاه مباشرة متى كان الغرض منه النجاة بالشيء المختلس وإذ كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به كافة أركان جناية السرقة بالإكراه كما هي معرفة به في القانون وكان إثبات الارتباط بين السرقة والإكراه هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام قد استخلصه مما ينتجه - كما هو الشأن في الطعن الماثل - فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها فإن ما يثيره الطاعن شأن القوة التدليلية لأقوال الشاهدين.... و.... لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الأصل أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة وإذ كان الحكم لم يعول في إدانة الطاعن على رفع البصمات من مكان السرقة فإنه - وعلى فرض أن الحكم قد أورد أن البصمات لم ترفع من مكان الحادث على خلاف الثابت بالأوراق - يكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهة يثيرها استقلالاً إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم وفي عدم إيرادها لهذا الدفاع ما يدل على أنها أطرحته اطمئناناً منها للأدلة التي عولت عليها في الإدانة. ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم المطعون فيه إعراضه عن إيراد دفاع الطاعن القائم على أن البلاغ الأول وأقوال ابن المجني عليه لم يتضمنا اتهاماً له، وكذا ما أثاره من أن معاينة الشرطة أثبتت أن جميع محتويات الغرفة محل السرقة كانت مبعثرة في حين قرار ابن المجني عليه أن السرقة انصبت على الصوان فقط، مما يكون معه هذا الوجه من النعي غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أسس دعواه المدنية على المطالبة بتعويض الضرر الفعلي الناتج عن خطأ الطاعن الناشئ عن الجريمة التي دين بها. فإن منازعة الطاعن في شأن انتفاء الضرر الذي قضى به الحكم المطعون فيه استناداً إلى أن المجني عليه قد تسلم النقود التي ضبطت مع الطاعن لا يكون لها محل طالما أن هذه المنازعة لا تدل بذاتها على انتفاء الضرر المترتب على جريمة السرقة بالإكراه ويكون بذلك قد توافرت للدعوى المدنية كافة أركانها القانونية من خطأ وضرر ورابطة سببية. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13560 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 151 ص 1016

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي نواب رئيس المحكمة وممدوح يوسف.

----------------

(151)
الطعن رقم 13560 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب" "ميعاد".
مصادفة اليوم الأخير من ميعاد الطعن بالنقض عطلة رسمية. أثره: امتداده إلى التالي لنهاية العطلة.
(2) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب".
إيداع الأسباب دون التقرير بالطعن. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً أساس ذلك؟
(3) ارتباط. عقوبة "عقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
إعمال المادة 32 عقوبات ومعاقبة الطاعن بالعقوبة الأشد. أثره: عدم جدوى نعي الطاعن قصور الحكم في التدليل على الجريمة الأخف وعدم ذكر النص المعاقب عليها.
(4) عزل. عقوبة "تطبيقها".
العزل عقوبة تبعية وجوبية لعقوبة الجناية. المادة 25 عقوبات.
(5) تزوير. إجراءات "إجراءات المحاكمة".
نعي الطاعن عدم اطلاعه على الأوراق المزورة. لا يقبل. ما دام لم يدع أنها كانت بحرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى. علة ذلك؟

---------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1994، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن.... في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً.
2 - لما كان المحكوم عليهم من الثانية إلى السابع وإن قدموا أسباباً في الميعاد إلا أنهم لم يقرروا بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر. ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلاً.
3 - إن ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من إغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وقصوره في التدليل عليها وعدم ذكره النص القانوني الذي يعاقب عليها لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة التزوير التي أثبتها الحكم في حقه.
4 - لا صحة لما يقول به الطاعن إن عقوبة العزل التي أوقعها الحكم هي أثر لإدانته بجريمة التسبب خطأ في الإضرار بأموال جهة عمله لأن عقوبة العزل في خصوص هذه الدعوى هي عقوبة تبعية وجوبية للحكم عليه بعقوبة جناية التزوير في محرر رسمي طبقاً للمادة 25 من قانون العقوبات.
5 - لما كان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة فلا يقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين: أولاً: - المتهم الأول: - ( أ ) بصفته موظفاً عمومياً أمين سر جلسة الجنح والمخالفات بنيابة..... ارتكب أثناء تأدية وظيفته تزويراً في القضايا....، .....، .....، ..... لسنة 1989، ..... لسنة 1992 بأن اصطنع على غير الحقيقة أحكاماً تمهيدية نسب صدورها إلى القاضي تفيد إحالة تلك القضايا إلى مكتب الخبراء بوزارة العدل رغم صدور أحكاماً فيها بإدانة المتهمين وبأن أثبت على خلاف الحقيقة أيضاً في جدول قيد قضايا الجنح ويومية الجلسة حكمين في الجنحتين رقمي....، .....، جنح..... ببراءة المتهمين رغم عدم الفصل فيهما مع علمه بذلك. (ب) بصفته سالفة البيان تسبب بخطئه في إلحاق ضرر جسيم بمصالح الجهة التي يعمل بها، وكان ذلك ناشئاً عن إهماله في أداء وظيفته بأن تسبب في فقدان أوراق القضايا أرقام.... لسنة 1986، ....، ..... لسنة 1987، ..... لسنة 1990 .....، ..... لسنة 1991، ..... لسنة 1992 وذلك على نحو المبين بالتحقيقات: ثانياً: - المتهمون من الثاني إلى السابع: اشتركوا بطريق الاتفاق والتحريض مع المتهم الأول في تزوير الأحكام موضوع التهمة الأولى بأن قاموا بتحريضه والاتفاق معه على ارتكابها ووقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض. وأحالتهم إلى محكمة جنايات بني سويف لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ 1 - 2، 41/ 1، 212، 213 عقوبات مع تطبيق المادتين 17، 32 عقوبات. أولاً: بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات عما أسند إليه وبعزله من وظيفته. ثانياً: بمعاقبة باقي المتهمين بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وأمرت بوقف تنفيذها. فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض... الخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1994، وكانت المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959 المعدلة بالمادة التاسعة من القانون رقم 23 لسنة 1992 تنص على وجوب التقرير بالطعن وإيداع الأسباب التي بني عليها في ظرف ستين يوماً من تاريخ الحكم الحضوري، وكان هذا الميعاد ينقضي بالنسبة للحكم المطعون فيه في 9 من ديسمبر سنة 1994 بيد أنه لما كان ذلك اليوم يوم جمعة وهو عطلة رسمية، ومن ثم فإن ميعاد الطعن يمتد إلى يوم 10 من ديسمبر سنة 1994، وإذ أودعت مذكرة أسباب الطعن الماثل في ذلك اليوم فإنها تكون قد أودعت في الميعاد المقرر قانوناً.
وحيث إن المحكوم عليهم من الثانية إلى السابع وإن قدموا أسباباً في الميعاد إلا أنهم لم يقرروا بالطعن في قلم كتاب المحكمة التي أصدرت الحكم طبقاً للمادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالفة الذكر، ولما كان التقرير بالطعن كما رسمه القانون هو الذي يترتب عليه دخول الطعن في حوزة محكمة النقض واتصالها به بناء على إعلان ذي الشأن عن رغبته فيه، فإن عدم التقرير بالطعن لا يجعل للطعن قائمة ولا تتصل به محكمة النقض ولا يغني عنه أي إجراء آخر، ومن ثم يتعين عدم قبول الطعن المقدم من هؤلاء الطاعنين شكلاً.
وحيث إن الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التزوير في محرر رسمي والتسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها قد شابه القصور في التسبيب والبطلان والإخلال بحق الدفاع ذلك أن الحكم في بيانه لواقعة الدعوى لم يذكر شيئاً عن الجريمة الثانية ولم يورد الأدلة على ثبوتها في حقه والنص القانوني الذي يعاقب عليها خاصة وإن الحكم قد أنزل به عقوبة العزل كأثر مترتب على ثبوت هذه الجريمة فضلاً عن أن المحكمة لم تطلع على الأوراق المزورة، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة التزوير في محرر رسمي التي دين الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يمارى الطاعن في أن لها أصلاً ثابتاً في الأوراق، وكان ما يثيره الطاعن نعياً على الحكم من إغفاله التحدث عن جريمة التسبب خطأ في إلحاق ضرر جسيم بأموال الجهة التي يعمل بها وقصوره في التدليل عليها وعدم ذكره النص القانوني الذي يعاقب عليها لا يجديه نفعاً ما دامت المحكمة قد طبقت عليه حكم المادة 32 من قانون العقوبات وقضت بمعاقبته بالعقوبة الأشد وهي المقررة لجريمة التزوير التي أثبتها الحكم في حقه. ولا صحة لما يقول به الطاعن أن عقوبة العزل التي أوقعها الحكم هي أثر لإدانته بجريمة التسبب خطأ في الإضرار بأموال جهة عمله لأن عقوبة العزل في خصوص هذه الدعوى هي عقوبة تبعية وجوبية للحكم عليه بعقوبة جناية طبقاً للمادة 25 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يدعي أن الأوراق المزورة كانت في حرز مغلق لم يفض لدى نظر الدعوى أمام المحكمة. فلا يقبل منه الادعاء بعدم اطلاع المحكمة عليها أو أنها لم تكن معروضة على بساط البحث والمناقشة لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 13610 لسنة 65 ق جلسة 5 / 10 / 1997 مكتب فني 48 ق 152 ص 1022

جلسة 5 من أكتوبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسام عبد الرحيم وسمير أنيس وفتحي الصباغ وعبد المنعم منصور نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(152)
الطعن رقم 13610 لسنة 65 القضائية

(1) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
وجوب تحقيق المحكمة الدليل الذي رأت لزومه للفصل في الدعوى. أو تضمين حكمها أسباب عدولها عن هذا التحقيق. قعودها عن تحقيق دفاع قدرت جديته ثم سكتت عنه إيراداً ورداً. يعيب حكمها.
مثال: لتسبيب معيب لحكم لم يشر كلية لتقرير الخبير المقدم في الدعوى مما ينبئ عن عدم مواجهة المحكمة لعناصر الدعوى.
(2) اختلاس أموال أميرية. جريمة "أركانها".
مناط العقاب. بمقتضى المادة 112 من قانون العقوبات؟
(3) اختلاس أموال أميرية. إثبات "بوجه عام" جريمة. حكم "تسبيبه: تسبيب معيب".
مجرد وجود عجز في حساب الموظف العام. عدم اعتباره بذاته دليلاً على حصول الاختلاس. علة ذلك؟
الأحكام الجنائية. وجوب أن تبنى على الجزم واليقين.
(4) اختلاس أموال أميرية. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
دفاع الطاعن بأن العجز في حسابه يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة. جوهري. وجوب أن يمحصه الحكم ويقسطه حقه. إغفال ذلك. قصور وإخلال بحق الدفاع.
(5) اختلاس أموال أميرية.
تحدث الحكم عن نية الاختلاس استقلالاً. غير لازم. شرطه؟

----------------
1 - لما كان البين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الموضوع - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه، وقبل أن يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تشير إلى تقرير الخبير الذي أودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتائج، فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي أقام عليها قضاءه، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما وهي لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهرياً ومؤثراً في مصيرها ولم تكشف عنه إيراداً له ورداً عليه فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه.
2 - إن القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائز له - إلى التصرف فيه على اعتبار أنه مملوك له، هو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي هو نية إضاعة المال على ربه.
3 - إن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وأن الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز في حسابه دون أن يستظهر أن نيته انصرفت إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - في خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
5 - من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس إلا أن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بوصف أنه بصفته موظفاً عاماً مندوب تحصيل بوحدة الأشعة المقطعية بمستشفيات جامعة..... اختلس المبالغ النقدية البالغ قدرها 140618.010 فقط مائة وأربعون ألف وستمائة عشر جنيهاً وعشرة مليمات والمملوكة للجهة سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من مندوبي التحصيل وسلمت إليه بهذه الصفة وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2/ أ، 118، 118 مكرراً، 119/ أ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وتغريمه مبلغ 140618.010 وإلزامه برد المبلغ المختلس وقدره 140618.010 وبعزله من وظيفته.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... الخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أن المحكمة في سبيل تحقيق دفاع الطاعن - كانت قد ندبت مكتب خبراء وزارة العدل لأداء المأمورية المبينة بأسباب حكمها إلا أن المحكمة فصلت في الدعوى قبل أن يقدم الخبير تقريره ودون أن تشير إلى التقرير الذي أودع ملف الدعوى هذا فضلاً عن أنه تمسك في مرافعته بأن العجز في عهدته مرجعه إلى عدم انتظام العمل واشتراك آخرين معه في التحصيل ورغم جوهرية هذا الدفاع الذي ساقه، فإن المحكمة لم تعن بإيراده أو الرد عليه مكتفية في إدانته بمجرد ثبوت العجز في حسابه دون أن تستظهر انصراف نيته إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محكمة الموضوع - تحقيقاً لدفاع الطاعن - واستجلاء لواقعة الدعوى قبل الفصل فيها ندبت مكتب الخبراء بوزارة العدل للاطلاع على أوراقها ومستنداتها لبيان المبلغ موضوع العجز والمسئول عنه وسبب هذا العجز وتاريخه، وقبل أن يقدم مكتب الخبراء تقريره - على ما يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة - عادت المحكمة وفصلت في موضوع الدعوى دون أن تشير إلى تقرير الخبير الذي أودع ملف الدعوى - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - فلم يورد فحواه ولم يعرض لما انتهى إليه من نتائج فإن ذلك مما ينبئ بأن المحكمة لم تواجه عناصر الدعوى ولم تلم بها على وجه يفصح عن أنها فطنت لها ووازنت بينها. ولا يحمل قضاؤها على أنه عدول عن تحقيق الدعوى عن طريق مكتب الخبراء اكتفاء بالأسباب التي أقام عليها قضاءه، ذلك بأنه من المقرر أنه إذا كانت المحكمة قد رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فواجب عليها أن تعمل على تحقيق هذا الدليل أو تضمن حكمها الأسباب التي دعتها إلى أن تعود فتقرر عدم حاجة الدعوى ذاتها إلى هذا التحقيق، أما وهي لم تفعل ولم تعن بتحقيق دفاع الطاعن - بعد أن قدرت جديته - ولم تقسطه حقه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، وهو دفاع يعد في خصوص هذه الدعوى جوهرياً ومؤثراً في مصيرها ولم تكشف عنه إيراداً له ورداً عليه فإن ذلك يعيب حكمها ويوجب نقضه، هذا فضلاً عن أنه لما كان القانون قد فرض العقاب في المادة 112 من قانون العقوبات على عبث الموظف بما يؤتمن عليه مما يوجد بين يديه بمقتضى وظيفته بشرط انصراف نيته - باعتباره حائزاً له - إلى التصرف فيه على اعتباره أنه مملوك له، وهو معنى مركب من فعل مادي - هو التصرف في المال - ومن عامل معنوي هو نية إضاعة المال على ربه، وكان من المقرر أن مجرد وجود عجز في حساب الموظف العمومي لا يمكن أن يكون بذاته دليلاً على حصول الاختلاس لجواز أن يكون ذلك ناشئاً عن خطأ في العمليات الحسابية أو لسبب آخر، وكانت الأحكام في المواد الجنائية يجب أن تبنى على الجزم واليقين لا على الظن والتخمين. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعن بجريمة الاختلاس لمجرد ثبوت عجز في حسابه دون أن يستظهر أن نيته انصرفت إلى إضافة المال المختلس إلى ذمته مع أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن العجز في حسابه إنما يرجع إلى عدم انتظام العمل وقيام آخرين بالتحصيل معه وعدم خصم المبالغ المنصرفة على صيانة الأجهزة وعلى الرغم من جوهرية هذا الدفاع - خصوصية هذه الدعوى لتعلقه بأحد أركان الجريمة التي دين الطاعن بها - مما من شأنه لو ثبت أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع ولم يقسطه حقه ولم يعن بتمحيصه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه - فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع ولا ينال من ذلك، ما هو مقرر من أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن نية الاختلاس لأن شرط ذلك أن تكون الواقعة الجنائية التي أثبتها الحكم تفيد بذاتها أن المتهم قصد بفعلته إضافة ما اختلسه إلى ملكه الأمر الذي خلت منه مدونات الحكم - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يوجب نقضه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.