الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 28 مايو 2015

الطعن 11605 لسنة 65 ق جلسة 1 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 201 ص 1318

جلسة الأول من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني نائبي رئيس المحكمة وأسامة توفيق وعبد الرحمن هيكل.

----------------

(201)
الطعن رقم 11605 لسنة 65 القضائية

(1) نقض "أسباب الطعن. توقيعها". محاماة.
توقيع مذكرة أسباب الطعن من محام غير مقبول أمام محكمة النقض. أثره. عدم قبول الطعن شكلاً.
(2) إضرار عمدي. قصد جنائي.
القصد الجنائي في جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً عقوبات. مناط تحققه؟
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص واقعة الدعوى".
لمحكمة الموضوع استخلاص الواقعة من أدلتها وعناصرها المختلفة. شرطه؟
(4) حكم "بيانات التسبيب". نقض "أثر الطعن".
وجوب بناء الأحكام على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى.
استناد الحكم إلى ما لا أساس له في الأوراق. يعيبه.
تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
وحدة الواقعة وحسن سير العدالة توجبان امتداد أثر نقض الحكم للطاعن الذي لم يقبل طعنه شكلاً.

----------------
1 - من المقرر أن مذكرة أسباب الطعن المقدمة من ورثة.... موقعة من محام غير مقبول أمام النقض، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً ومصادرة الكفالة.
2 - من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا يتحقق القصد الجنائي فيها إلا باتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة المعهودة إلى الموظف.
3 - من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك وأن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى.
4 - لما كان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذا استند في قضائه - ضمن ما استند إلى ما لا أصل له في الأوراق وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أوره الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل، أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى أنه غير قائم.
لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن الثاني وإلى الطاعن الأول كليهما وكذا ورثة.... وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم أولاً: - المتهمان الأول والثاني: - بصفتهما موظفين عموميين الأول مدير فرع بنك الشركة..... (إحدى الوحدات الاقتصادية التي تساهم فيهما الدولة) والثاني مدير مساعد بذات الفرع - أضرا عمداً بأموال البنك سالف الذكر بأن أصدرا للمتهم الثالث أربعة خطابات ضمان رغم علمهما بعدم وجود موافقة بها من المركز الرئيسي وعدم توافر شروط إصدارها مما أدى إلى سداد البنك مبلغ ثلاثة ملايين جنيه بست شيكات مصرفية أرقامها....، .....، .....، .....، .....، ...... لبنك..... الدولي فرع..... عندما طلب الأخير تسييل خطاب الضمان المؤرخ..... وكذلك مبلغ 43320.67 فوائد عن خطاب الضمان الصادر في..... ثانياً: المتهم الأول أيضاً: أ - بصفته السابقة سهل للمتهم الثالث الاستيلاء على مبلغ 3708080 جنيه ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية آلاف وثمانين جنيهاً من أموال البنك المذكور بأن اشترى منه شيكات بالمخالفة للتعليمات المصرفية بالقيمة المبينة آنفاً. ب - ارتكب تزويراً في محررات للبنك سالف البيان هي أصول الشيكات المصرفية وصورها أرقام...، ...، ...، ...، ...، ... بالإضافة إلى صورة الشيك رقم... وكان ذلك بتغيير المحررات بأن عدل تواريخ أصول هذه الشيكات لتكون.... بدلاً من.... وتغيير تواريخ الصور إلى.... ج - اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الثالث في ارتكاب جريمة التزوير بأن اتفق معه على وضع عبارة مقبول الدفع على الشيكين وأخذهما منه لإيهام إدارة البنك بأن مديونيته مغطاة بضمانات فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت بانقضاء الدعوى الجنائية قبل المتهم الثالث لوفاته، كما قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً، ثالثاً، 41/ 1، 113/ 1، 116 مكرراً/ 1، 118، 118 مكرراً/ 1، 119/ 1، 119/ 1 مكرراً 1/ هـ/ 214 مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32/ 2 من ذات القانون. أولاً: - بمعاقبة المتهم الأول بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبتغريمه 3708080 (ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية آلاف وثمانون جنيهاً) وإلزامه برد مبلغ مساو لمبلغ الغرامة المقضى بها بالتضامن مع ورثة المتهم الثالث..... في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم وبعزله من وظيفته عما أسند إليه. ثانياً: - بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبعزله من وظيفته لمدة سنتين. ثالثاً: - إلزام ورثة المتهم الثالث بالتضامن من فيما بينهم في حدود ما آل إليهم من تركة مورثهم برد مبلغ 3708080 (ثلاثة ملايين وسبعمائة وثمانية وثمانين جنيهاً) بالتضامن مع المتهم الأول. رابعاً: - بمصادرة المحررات المزورة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني وكذا ورثة المتهم الثالث في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مذكرة أسباب الطعن المقدمة من ورثة.... موقعة من محام غير مقبول أمام محكمة النقض، ومن ثم يتعين الحكم بعدم قبول الطعن شكلاً ومصادرة الكفالة.
من حيث إن الطعن المقدم من كل من المحكوم عليهما استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن الثاني.... على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الإضرار العمدي بالمال العام قد شابه الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال ذلك بأنه عول في إثبات القصد الجنائي على ما نسبه إلى الشهود - دون أصل في الأوراق - قولاً أن قصد الطاعن اتجه إلى الإضرار بأموال بنك الشركة.... الذي يعمل به وتساهم الدولة فيه. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه دان الطاعن الثاني بجناية الإضرار العمدي بأموال بنك الشركة.... الذي تساهم فيه الدولة ويعمل الطاعن ذلك مديراً مساعداً لفرعه بـ..... وأورد من بين أدلة الثبوت التي استند إليها شهادة كل من.... المحامي بالبنك سالف الذكر و.... مدير إدارة الائتمان به و..... مساعد مدير عام البنك. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدي المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا يتحقق القصد الجنائي فيها إلا باتجاه إرادة الجاني إلى الإضرار بالمال أو المصلحة المعهودة إلى الموظف، وكان الحكم المطعون فيه قد عول في إثبات هذا القصد بالنسبة إلى الطاعن الثاني - من بين ما استند إليه - أن كلاً من الشهود الثلاثة سالفي الذكر علل الواقعة في التحقيقات وبجلسة المحاكمة بقصد الطاعن ذاك تسهيل الاستيلاء على أموال البنك إضراراً به، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة وتحقيقات النيابة العامة بالمفردات المضمومة أن أقوال هؤلاء الثلاثة قد خلت مما نسبه إليهم الحكم مما سلف بيانه. وإذ كان ذلك، وكان من المقرر أنه وإن كان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص الواقعة من أدلتها أو عناصرها المختلفة إلا أن شرط ذلك أن يكون استخلاصها سائغاً وأن يكون دليلها فيما انتهت إليه قائماً في أوراق الدعوى، وكان الأصل أنه يتعين على المحكمة ألا تبني حكمها إلا على الوقائع الثابتة في أوراق الدعوى، وليس لها أن تقيم قضاءها على أمور لا سند لها من التحقيقات، فإن الحكم المطعون فيه إذا استند في قضائه - ضمن ما استند إلى ما لا أصل له في الأوراق وهو ما يعيبه بما يبطله، ولا يؤثر في ذلك ما أورده الحكم من أدلة أخرى إذ الأدلة في المواد الجنائية ضمائم متساندة والمحكمة تكون عقيدتها منها مجتمعة بحيث إذا سقط أحدها أو استبعد تعذر التعرف على مبلغ الأثر الذي كان لهذا الدليل أو الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو أنها تفطنت إلى أنه غير قائم. لما كان ما تقدم، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة إلى الطاعن الثاني وإلى الطاعن الأول كليهما وكذا ورثة..... وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة ودون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، ووجوه طعن الطاعن الآخر.

كتاب دوري رقم 4 لسنة 2011 بشأن الحبس مع الشغل



لما كانت المادة 479 من قانون الاجراءات الجنائية نصت على ان لكل محكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ثلاثة اشهر ان يطلب بدلا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن وفقا لما هو مقرر بالمواد 510 وما بعدها ن ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار .
ولما كانت السجون قد تكدست بالمحكوم عليهم مما قد يتعذر معه تحقيق الرعاية الصحية والادمية لهم .
فإننا ندعو السادة القضاة الى عدم اقران عقوبة الحبس الذي يقل عن ثلاثة اشهر بالشغل في الجرائم التي لا يعاقب عليها بالحبس مع الشغل .

تحريرا في 24 / 1 / 2011 
مساعد وزير العدل 
لشئون التفتيش القضائي 
المستشار / محفوظ صابر

الخميس، 21 مايو 2015

الطعن 9886 لسنة 65 ق جلسة 2 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 202 ص 1324

جلسة 2 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومصطفى عبد المجيد وزغلول البلشي نواب رئيس المحكمة وعبد الرحمن فهمي.

---------------

(202)
الطعن رقم 9886 لسنة 65 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) حكم "بيانات الديباجة".
مواد الاتهام. ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم. إيراد الحكم مواد القانون التي أخذ المتهمين بها. كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها.
(3) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون.
المادتين 112، 113، عقوبات. نطاقهما؟
المقصود بالموظف العام والأموال العامة في حكم المادتين 119/ ح، 119/ هـ مكرراً عقوبات؟
(4) اختلاس أموال أميرية. قانون "تفسيره". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مراكز الشباب تعد من الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة. مؤدى ذلك: اعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق قانون العقوبات. إثبات الحكم أن المتهم يعمل بمركز للشباب وأن الأموال المختلسة المستولى عليها مملوكة للمركز وسلمت للمتهم بسبب وظيفته. النعي عليه في هذا الشأن. غير مقبول.
(5) اختلاس أموال أميرية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات تحققه بتصرف الموظف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له. تخلص المتهم من بعد من المال المختلس. لا يؤثر في قيام الجريمة. علة ذلك؟
تحدث الحكم استقلالاً عن توافر هذا القصد. غير لازم. كفاية أن يكون فيما أورده من وقائع ما يدل على قيامه.
مثال لتسبيب كاف وسائغ في توافر نية الاختلاس.
(6) محاماة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده. موكول إلى تقديره حسبما يمليه عليه ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(7) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
حق المحكمة في الأخذ باعتراف المتهمين بالتحقيقات وبمحضر الجلسة. باعتباره حجة عليهم. متى اطمأنت إليه.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبب الطعن.
مثال.
(9) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
عدم التزام المحكمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
(10) دفوع "الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش. دفاع موضوعي. كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن رداً عليه.
(11) اشتراك. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تغير وصف الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به. مساءلة الشريك بالظرف الخاص بالفاعل. شرطه: العلم.
نعى الطاعن الثالث أن الواقعة بالنسبة له سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول الوظيفية وطبيعة المال موضوع الاتهام. في حين أن الحكم المطعون فيه أورد صفة الأخير وطبيعة ذلك المال. منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدل موضوعي في سلطة المحكمة في استخلاص صورة الواقعة.
(12) اشتراك. فاعل أصلي. مسئولية جنائية. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إفصاح الحكم عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً. غير لازم.
إثبات الحكم اتفاق الطاعن مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها. كفايته لاعتباره فاعلاً أصلياً.
(13) فاعل أصلي. اشتراك. نقض "المصلحة فيه".
انتفاء مصلحة الطاعن في النعي على الحكم عدم بيان دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أو شريكاً. علة ذلك؟
(14) غرامة. عقوبة "تطبيقها".
الغرامة المنصوص عليها في المادة 118 عقوبات. نسبية تضامن المتهمين في الالتزام بها. فاعلين كانوا أو شركاء. ما لم ينص القانون على خلافه. أساس ذلك؟
(15) اختلاس أموال أميرية. غرامة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ضبط الأشياء المختلسة. لا يمنع الحكم بالغرامة النسبية. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. لا خطأ.
مثال:
(16) عقوبة "الإعفاء منها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نقض أسباب إعفاء المتهم من العقاب. غير لازم. إلا إذا دفع بذلك أمام المحكمة. إثارته أو النعي على الحكم قعوده عن التحدث عنه لأول مرة أمام النقض. غير جائز.

------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - لما كان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي أخذ الطاعنين بها بقوله "لذلك وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تعيين معاقبتهم بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2 112/ 1، 113/ 1، 118، 119/ ح/ 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
3 - لما كان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادتين 112، 113 الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته، أو استولى بغير حق على مال عام أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات. وأراد - على ما عددته المادة 119 مكرراً منه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة، وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً. ولما كان البند (هـ) من هذه المادة قد نص على أن يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة - وكانت الفقرة (ح) من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب أموال أية جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة.
4 - لما كانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة، قد نصت على اعتبار الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها في الباب السادس في المواد 98، 99/ 100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، واعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات. ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول يعمل بمركز شباب...، وإن الخزينة التي تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من أموال - كانت في عهدته وأنه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ... وأن الأموال التي تم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وأن تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة.
5 - لما كان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، ومتى ثبت ذلك في حقه، فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة قيام المتهم من بعد بالتخلص من المال المختلس بأي وجه، لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بإلقائها في ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد أن أرشد عنها الطاعن الثاني، وكان ما أورده الحكم من ذلك يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين.
6 - من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته.
7 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من أن المتهمين سئلوا عن التهم المسندة إليهم اعترفوا جميعاً بها، وأن المحكمة سألت المتهم الأول عن الخزينة فقرر أنها عهدته وأن ثمنها لا يزيد على أربعمائة جنيه فإنه يصح الأخذ بهذا الاعتراف باعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه.
8 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً عما ينعوه في أسباب طعنهم عن بطلان استجوابهم بمحضر الضبط، فليس لهم من بعد أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن.
9 - لما كان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها.
10 - من المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها.
11 - لما كان من المقرر أنه إذا كان الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به، فإن المتهم بالاشتراك يكون مسئولاً على أساس وجود هذا الظرف ما دام أنه يعلم ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الأول الوظيفية وأن المال موضوع الاتهام المسند إليه يعتبر من الأموال العامة، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام، التي دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من أن الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول وأن المال موضوع الاتهام مال عام، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب.
12 - من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفي أن ذلك مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حده ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً.
13 - من المقرر أنه لا مصلحة للطاعن فيما أثاره من أن الحكم لم يبين دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أم شريكاً، لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات.
14 - لما كان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك بأن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجاني بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقيد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو من في حكمه.
15 - لما كان من المقرر أن ضبط الأشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ.... جنيه مضافاً إليه مبلغ.... جنيه ثمن الخزينة التي تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ.... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون.
16 - لما كان قصارى ما أثبته المدافع عن الطاعن الثاني بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة إذ هو الذي أرشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الإعفاء من العقاب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهم أولاً: - المتهم الأول والثاني والثالث: اشتركوا في اتفاق جنائي القصد منه ارتكاب جنايات اختلاس الخزينة المملوكة لمركز شباب... والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على ما بها من مبالغ على النحو المبين بالتحقيقات. ثانياً: المتهم الأول: بصفته موظفاً عاما "عام بمركز شباب..." اختلس الخزينة المبينة الوصف بالأوراق والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته 2 - بصفته آنفة البيان استولى بغير حق على مبلغ.... جنيه والمملوكة لجهة عمله سالفة الذكر على النحو المبين بالتحقيقات. 3 - بصفته آنفة البيان سهل للمتهمين الثاني والثالث الاستيلاء بغير حق وبنية التملك على مبلغ.... جنيه والمملوكة لجهة عمله على النحو المبين بالتحقيقات. ثالثاً: المتهمان الثاني والثالث: اشتركا بطريقي الاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب جريمة الاختلاس وتسهيل الاستيلاء بأن اتفقا معه على ارتكابها وساعداه بأن قاما بنزع الخزينة من المكان المخصص لها ونقلاها خارج مركز شباب.... بواسطة سيارة الثاني واقتسموا ما بها من مبالغ وألقاها الأول والثاني عقب ذلك بترعة المنصورية فتمت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وتلك المساعدة. وأحالتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمحاكمتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً.... عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2، 112/ 1، 113/ 1، 118، 119 فقرة/ ح، 119 مكرراً هـ من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمهم جميعاً على سبيل التضامن مبلغ وقدره 88400 جنيه وإلزامهم متضامنين برد مبلغ ستين جنيهاً وعزل المتهم الأول من وظيفته.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجرائم الاتفاق الجنائي والاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام والاشتراك في ذلك - قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وران عليه الإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن الحكم خلا من بيان واقعة الدعوى بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهم بها، كما خلت ديباجته من نص القانون الذي حكم بموجبه، ولم يستظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وكيف أنه تسلم الخزينة بسبب وظيفته، ولم يتحر ملكية الدولة للمال المستولى عليه. وأن الطاعن الأول لم يقصد اختلاس الخزينة ولم تتجه نيته إلى تملكها، وإنما قصد الاستيلاء على ما بها من أموال، وأن المدافعين عن الطاعنين لم يبدوا دفاعاً حقيقياً في الدعوى، واكتفوا بطلب استعمال الرأفة، وعول الحكم على اعتراف الطاعنين بمحضر الجلسة ولم يورد مضمونه، كما عول على اعترافهم بمحضر الضبط رغم أنه وليد استجواب باطل، ولم يرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما، وأن الواقعة بالنسبة للطاعن الثالث مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول الوظيفية وكون المال المستولى عليه يعتبر مالاً عاماً. ولم يحدد الحكم دور كل من الطاعنين في الجريمة وما إذا كان فاعلاً أصلياً أم شريكاً فيها، وقضى بتغريمهم متضامنين مبلغ 88400 جنيه على خلاف أحكام القانون، والتفت عن طلب الطاعن الثاني بإعفائه من العقاب طبقاً لنص المادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات. وإن ذلك كله مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات واعترافات الطاعنين في التحقيقات وبجلسة المحاكمة، وهي أدلة سائغة تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون كما جرى به نص المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ليست من البيانات التي يجب أن تشتمل عليها ديباجة الحكم، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية لم توجب إلا أن يشار في الحكم إلى نص القانون الذي حكم بموجبه وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه بعد أن بين في ديباجته وصف الجرائم المسندة إلى الطاعنين وحصل الواقعة المستوجبة للعقوبة، ومؤدى أدلة الثبوت أشار إلى المواد التي آخذ الطاعنين بها بقوله "لذلك وعملاً بالمادة 304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية تعين معاقبتهم بالمواد 40/ ثانيا وثالثاً، 41/ 1، 48/ 1 - 2، 112/ 1، 113/ 1، 118، 119/ ح، 119 مكرراً/ هـ من قانون العقوبات "فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون الذي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون. لما كان ذلك، وكان قانون العقوبات إذ عاقب بمقتضى المادتين 112، 113 الموظف العام أو من في حكمه إذا اختلس شيئاً مسلماً إليه بحكم وظيفته، أو استولى بغير حق على مال عام أو سهل ذلك لغيره بأية طريقة - فقد دل على اتجاهه إلى التوسع في تحديد مدلول الموظف العام في الجرائم المنصوص عليها في الباب الرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وأراد - على ما عددته المادة 119 مكرراً منه - معاقبة جميع فئات العاملين في الحكومة والجهات التابعة لها فعلاً أو الملحقة بها حكماً مهما تنوعت أشكالها وأياً كانت درجة الموظف أو من في حكمه في سلم الوظيفة، وأياً كان نوع العمل المكلف به، لا فرق بين الدائم والمؤقت وسواء كان العمل بأجر أو بغير أجر، طواعية أو جبراً. ولما كان البند "هـ" من هذه المادة قد نص على أن يقصد بالموظف العام في حكم هذا الباب رؤساء وأعضاء مجالس الإدارة والمديرون وسائر العاملين في الجهات التي اعتبرت أموالها أموالاً عامة طبقاً للمادة السابقة - وكانت الفقرة "ح" من المادة 119 من القانون المذكور قد نصت على أن المقصود بالأموال العامة في تطبيق أحكام هذا الباب - أموال أية جهة ينص القانون على اعتبار أموالها من الأموال العامة. وكانت المادة 15 من القانون رقم 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة، قد نصت على اعتبار الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة - ومنها مراكز الشباب المنصوص عليها في الباب السادس في المواد 98، 99/ 100 منه - من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، واعتبار أموالها من الأموال العامة في تطبيق أحكام قانون العقوبات. ولما كان الثابت بمدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن الأول يعمل بمركز شباب.... وأن الخزينة التي تم اختلاسها والاستيلاء على ما بها من أموال - كانت في عهدته وأنه تسلمها بموجب إيصال مؤرخ.... وأن الأموال التي تم الاستيلاء وتسهيل الاستيلاء عليها مملوكة لمركز الشباب المذكور، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد استظهر صفة الطاعن الأول الوظيفية، وأن تسلمه الخزينة كان بسبب وظيفته، وأن الأموال موضوع الاتهام المسند إليه من الأموال العامة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يكفي لتوافر القصد الجنائي في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 من قانون العقوبات أن يكون الموظف المتهم قد تصرف في المال الذي بعهدته على اعتبار أنه مملوك له، ومتى ثبت ذلك في حقه، فإنه لا يؤثر في قيام الجريمة قيام المتهم من بعد التخلص من المال المختلس بأي وجه، لأن الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفي قيامها، كما أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة، بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف ما يدل على قيامه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت قيام الطاعن الأول باختلاس الخزينة عهدته بالاشتراك مع الطاعنين الثاني والثالث والاستيلاء على ما بها من مبالغ مالية واقتسامها فيما بينهم وقيامهم بالتخلص من الخزينة الفارغة بإلقائها في ترعة المنصورية حيث تم انتشالها بعد أن أرشد عنها الطاعن الثاني، وكان ما أورده الحكم من ذلك يكفي لتوافر القصد الجنائي لدى الطاعنين، فإن النعي على الحكم بالقصور في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن المدافعين عن الطاعنين ترافعوا في موضوع التهم المسندة إليهم ولم يقصروا في إبداء أوجه الدفاع، وكان من المقرر أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يمليه عليه ضميره ويوحي به اجتهاده وتقاليد مهنته، فإنه لا وجه لما يتحدى به الطاعنون من أن المحامين المدافعين عنهم لم يكونوا ملمين بوقائع الدعوى ولم يبدوا دفاعاً حقيقياً فيها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن أورد مؤدى اعتراف الطاعنين بالتحقيقات على نحو مفصل حصل ما ورد بمحضر جلسة المحاكمة من أن المتهمين سئلوا عن التهم المسندة إليه اعترفوا جميعاً بها، وأن المحكمة سألت المتهم الأول عن الخزينة فقرر أنها عهدته وأن ثمنها لا يزيد على أربعمائة جنيه، فإنه يصح الأخذ بهذا الاعتراف باعتباره حجة على الطاعنين ما دامت المحكمة قد اطمأنت إليه. ولما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيروا شيئاً عما ينعوه في أسباب طعنهم على بطلان استجوابهم بمحضر الضبط، فليس لهم من بعد أن يثيروا هذا الأمر لأول مرة أمام محكمة النقض، إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن. ولما كان الطاعنون لم يدفعوا أمام محكمة الموضوع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل الإذن بهما، فإن المحكمة لا تكون ملزمة بالرد على دفاع لم يثر أمامها، هذا إلى أن المقرر أن الدفع بحصول الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن يعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه إذا كان الفعل الجنائي الذي حصل الاشتراك فيه قد تغير وصفه بالنسبة للفاعل الأصلي بسبب ظرف خاص به، فإن المتهم بالاشتراك يكون مسئولاً على أساس وجود هذا الظرف ما دام أنه يعلم، ولما كان ما أورده الحكم المطعون فيه يفيد علم الطاعن الثالث بصفة الطاعن الأول الوظيفية وأن المال موضوع الاتهام المسند إليه يعتبر من الأموال العامة، وتتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في الاختلاس والاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على مال عام، التي دان الطاعنين بها، فإن ما يثيره الطاعن الثالث من أن الواقعة بالنسبة له مجرد سرقة بطريق الكسر لانتفاء علمه بصفة الطاعن الأول وأن المال موضوع الاتهام مال عام، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقها الحكم وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير مقبول. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن يفصح الحكم صراحة عما إذا كان المتهم فاعلاً أصلياً أو شريكاً بل يكفي أن يكون مستفاداً من الوقائع التي أثبتها الحكم، كما أنه ليس بلازم أن يحدد الحكم الأفعال التي أتاها كل مساهم على حده ودوره في الجريمة التي دانه بها ما دام قد أثبت في حقه اتفاقه مع باقي المتهمين على ارتكاب الجريمة التي دانهم بها، واتفاق نيتهم على تحقيق النتيجة التي وقعت واتجاه نشاطهم الإجرامي إلى ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن هذا وحده يكفي لتضامنه في المسئولية الجنائية باعتباره فاعلاً أصلياً. هذا إلى أنه لا مصلحة للطاعن الثاني فيما أثاره من أن الحكم لم يبين دور كل متهم وما إذا كان فاعلاً أم شريكاً، لكون العقوبة المقررة للفاعل الأصلي هي بذاتها العقوبة المقررة للشريك لأن من اشترك في جريمة فعليه عقوبتها طبقاً لنص المادة 41 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الغرامة التي نصت عليها المادة 118 من قانون العقوبات وإن كان الشارع قد ربط لها حداً أدنى لا يقل عن خمسمائة جنيه، إلا أنها من الغرامات النسبية التي أشارت إليها المادة 44 من القانون سالف الذكر، وبالتالي يكون المتهمون أياً كانت صفاتهم متضامنين في الالتزام بها ما لم ينص القانون على خلافه، ذلك بأن المشرع في المادة 118 من قانون العقوبات ألزم بها الجاني بصفة عامة دون تخصيص، وجاءت عبارة المادة 44 مطلقة شاملة للفاعلين أو الشركاء دون تقييد بأن يكون من حكم بها عليه موظفاً أو من في حكمه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن ضبط الأشياء المختلسة لا شأن له بالغرامة النسبية الواجب القضاء بها، وكان الحكم المطعون فيه قد حدد المال المستولى عليه بمبلغ... جنيه مضافاً إليه مبلغ.... جنيه ثمن الخزينة التي تم اختلاسها لتصير جملة الغرامة النسبية مبلغ.... جنيه وهو ما قضى به الحكم المطعون فيه، فإنه لا يكون قد خالف القانون. لما كان ذلك، وكان قصارى ما أثبته المدافع عن الطاعن الثاني بمحضر جلسة المحاكمة هو طلب استعمال الرأفة إذ هو الذي أرشد عن الخزينة ولم يتمسك بطلب الإعفاء من العقاب. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن محكمة الموضوع ليست ملزمة بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها إلا إذا دفع بذلك أمامها، فإذا هو لم يتمسك لدى محكمة الموضوع بحقه في الإعفاء من العقاب إعمالاً للمادة 118 مكرراً (ب) من قانون العقوبات فليس له من بعد أن يثير هذا لأول مرة أمام محكمة النقض، ولا أن ينعى على الحكم قعوده عن التحدث عنه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 20955 لسنة 62 ق جلسة 3 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 204 ص 1345

جلسة 3 ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل ويحيى محمود خليفة نواب رئيس المحكمة. وإبراهيم العربي عبد المنعم.

------------------

(204)
الطعن رقم 20955 لسنة 62 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده".
التقرير بالطعن بالنقض في الميعاد. دون تقدير الأسباب. أثره عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك.
(2) قانون تفسير. "دعوى جنائية لتحريتها". محكمة الأحوال الشخصية. استئناف "نطقه". جريمة "جرائم الجلسات" "إهانة هيئة قضائية".
جريمة النقدي المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 107 قانون والمادة 244 إجراءات. مفادها.
القضاء بعدم جواز استئناف الحكم الصادر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية في جنحة تعد وقعت على هيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة صحيح. أساس ذلك.
(3) "تقدير التخليص". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". تقرير التخليص. ماهيته؟
ورود نقض أو خطأ في تقرير التخليص. لا يبطل الحكم.
النعي بقصور تقرير التخلص لأول مرة أمام النقض. غير جائز.
(4) تقرير التخليص. تزوير "الادعاء تزوير".
عدم جواز حجة ما أثبته الحكم من تلاوة تقرير التخلص إلا بالطعن بالتزوير.
(5) استئناف "نظره والحكم فيه". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم المستأنف. غير جائز. ما دام الطعن وارداً على الحكم الاستئناف القاضي بعدم جواز الاستئناف.

----------------
1 - لما كان الطاعن الأول.... وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم الصادر بجلسة.... إلا أنه لم يقدم أسباباً لهذا الطعن، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه في الحكم المذكور غير مقبول، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن بالنقض هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
2 - لما كان الحكم المستأنف قد صدر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية في جنحة تعد وقعت عليها أثناء انعقادها تطبيقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 107 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي تنص على أنه "مع مراعاة أحكام قانون المحاكاة للمحكمة أن تحاكم من تقع منه أثناء انعقادها جنحة تعد على هيئتها أو على أحد العاملين بالمحكمة وتحكم عليه فوراً بالعقوبة" والمادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص في فقرتها الأولى على أنه "إذا وقعت جنحة زو مخالفة الجلية، يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم". ولما كان الشارع - بما نص عليه في المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية - قد قصر حق المتهم في الاستئناف على الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية في مواد الجنح وفي مواد المخالفات التي بينها بيان حصر، فإن الحكمين المطعون فيهما إذ أقاما قضاءهما بعدم جواز الاستئناف على أساس أن الحكم المستأنف صدر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية في جنحة تعد وقعت على هيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة، يكونان قد اقترنا بالصواب بما يضحى معه النعي عليهما في هذا الشأن غير سديد.
3 - كان تقرير التلخيص وفقاً لنص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح بيان لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يثوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق بالحكم الصادر في الدعوى، وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين على ما تضمنه التقرير فلا يجوز لهما من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض.
4 - لما كان البين من الحكمين المطعون فيهما أنه قد أثبت فيها أن تقرير التلخيص قد تلي، فإنه لا يجوز للطاعنين أن يجحدا ما أثبته الحكمان من تام هذا الإجراء إلا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يفعلاه.
5 - لما كان الطعن وارداً على الحكمين الصادرين في الاستئناف بعدم جوازه دون الحكم المستأنف، فلا يقبل من الطاعنين أن يترضا في طعنهما لهذا الحكم.


الوقائع

أقامت دائرة الأحوال الشخصية بمحكمة.... الابتدائية الدعوى ضد الطاعنين بوصف أنهما تعديا عليها أثناء انعقاد الجلسة على النحو المبين بالأوراق وقضت حضورياً بجلستها المعقودة بذات اليوم عملاً بالمواد 133/ 1 و136 و137/ 1 و306 من قانون العقوبات والمادة 107 من قانون المرافعات المدنية والتجارية والمادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية بمعاقبة كل منهما بالحبس مع الشغل والنفاذ للأول لمدة ستة أشهر والثاني لمدة ثلاث أشهر. استأنفا ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بعدم جواز الاستئناف.
طعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

من حيث إن الطاعن الأول وإن قرر بالطعن بطريق النقض في الحكم الصادر بجلسة.... إلا أنه لم يقدم أسباباً لهذا الطعن، ومن ثم يكون الطعن المقدم منه في الحكم المذكور غير مقبول، لما هو مقرر من أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التي بني عليها الطعن في الميعاد الذي حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم أسبابه يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر ولا يغني عنه.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان على الحكمين الصادرين بجلسة.... أنهما إذ قضيا بعدم جواز استئنافهما في الحكم الصادر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية، قد شابهما القصور في التسبيب والبطلان ذلك بأن خليا من الأسباب التي أقاما عليها قضاءهما، وصدور بناء على تقرير تلخيص قاصر لم تثبت تلاوته، وخلا الحكم المستأنف مما يفيد صدوره بجلسة علنية، كل ذلك يعيب الحكمين المطعون فيهما ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكمين المطعون فيهما أقاما قضاءهما بعدم جواز استئناف الطاعنين على ما نصه: (.... وكان الثابت من أوراق الدعوى ومستنداتها أن الحكم المستأنف صادر من محكمة ابتدائية في جنحة تعدي على المحكمة وهو لا يجوز استئنافه ومن ثم تقضي المحكمة بعدم جواز الاستئناف...). لما كان ذلك، وكان الحكم المستأنف قد صدر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية في جنحة تعد وقعت عليها أثناء انعقاد تطبيقاً لنص الفقرة الأولى من المادة 107 من قانون المرافعات المدنية والتجارية التي تنص على أنه "مع مراعاة أحكام قانون المحاماة للمحكمة أن تحاكم من تقع منه أثناء انعقادها جنحة تعد على هيئتها أو على أحد أعضائها أو أحد العاملين بالمحكمة وتحكم عليه فوراً بالعقوبة" والمادة 244 من قانون الإجراءات الجنائية التي تنص في فقرتها الأولى على أنه "وقعت جنحة أو مخالفة في الجلسة، يجوز للمحكمة أن تقيم الدعوى على المتهم في الحال، وتحكم فيها بعد سماع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم". لما كان ذلك وكان الشارع - بما نص عليه في المادة 402 من قانون الإجراءات الجنائية - قد قصر حق المتهم في الاستئناف على الأحكام الصادرة من المحكمة الجزئية في مواد الجنح في مواد المخالفات التي بينها بيان حصر، فإن الحكمين المطعون فيما إذ أقاما قضاءهما بعدم جواز الاستئناف على أن الحكم المستأنف من دائر الأحوال المستأنف صدر من دائرة الأحوال الشخصية بالمحكمة الابتدائية في جنحة تعد وقعت على هيئة المحكمة أثناء انعقاد الجلسة، يكونان قد اقترنا بالصواب بما يضحى معه النعي عليهما في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان تقرير التلخيص وفقاً لنص المادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيهما من تحقيقات وإجراءات ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق بالحكم الصادر في الدعوى وكان الثابت من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنين لم يعترضا على ما تضمنه التقرير فلا يجوز لهما من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان البين من الحكمين المطعون فيهما أنه قد أثبت فيهما أن تقرير التخليص قد تلي، فإنه لا يجوز للطاعنين أن يجحدا ما أثبته الحكمان من تام هذا الإجراء إلا بطريق الطعن بالتزوير وهو ما لم يفعلاه، كان الطعن وارداً على الحكمين الصادرين في الاستئناف بعدم جوازه دون الحكم المستأنف، فلا يقبل من الطاعنين أن يعترضا في طعنهما لهذا الحكم، ومن ثم فإن باقي ما يثيره الطاعنان لا يكون مقبولاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله.

الطعن 10336 لسنة 62 ق جلسة 3 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 203 ص 1340

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد اللطيف علي أبو النيل ومحمد إسماعيل موسى ومصطفى محمد صادق ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(203)
الطعن رقم 10336 لسنة 62 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) محال عامة. مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
لعبة الشيش بيش من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة. المادة 19 من القانون 371 لسنة 1956 وقرار وزير الداخلية رقم 37 لسنة 1957 تحقق الربح في المقامرة على طعام أو شراب ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شيء يقوم بمال. كتحققه في صورة المقامرة على مبلغ من النقود مسئولية مستغل المقهى عن هذه المقامرة. تحققها. سواء عادت فائدة منها أم لا. المادة 38 من القانون 371 لسنة 1956.
(3) استدلالات. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها" مأمورو الضبط القضائي "سلطاتهم".
عدم إفصاح رجل الضبط القضائي عن مصدر تحرياته أو عن وسيلته في التحري. لا يعيبها. علة ذلك؟
(4) إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
النعي على المحكمة عدم إجابتها الطاعن إلى طلب ضم حرز المضبوطات التحديد نوع اللعبة التي كان يزاولها المحكوم عليهما الآخران غير مقبول. ما دامت انتهت في تدليل سائغ إلى أنها لعبة "الشيش بيش" المحظور لعبها في المحال العامة.

------------------
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، وجاءت أسبابه خالية من قالة التناقض، وكان الطاعن لم ينازع في أن لها معينها الصحيح بالأوراق كان ذلك محققاً لحكم القانون بما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - لما كانت لعبة "الشيش بيش" التي كان يزاولها المحكوم عليهما الآخران بمقهى الطاعن وفي حضرته وتحت سمعه وبصره، هي من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة طبقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 371 لسنة 1956 - في شأن المحال العامة - وقرار وزير الداخلية رقم 37 لسنة 1957، وكان الربح كما يتحقق في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام أو شراب ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شيء آخر يقوم بمال، فإن مسئولية الطاعن باعتباره مستغلاً للمقهى عن هذه المخالفة تكون قد تحققت على مقتضى المادة 38 من القانون رقم 371 لسنة 1956 سالف الذكر، سواء أعادت عليه فائدة من وراء المقامرة أم لا.
3 - من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات ألا يفصح رجل الضبط القضائي عن مصدر تحرياته أو عن وسيلته في التحري، إذ أن ذلك لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها.
4 - لا تثريب على المحكمة إن هي لم تجب الطاعن إلى مطلبه ضم حرز المضبوطات وصولاً إلى تحديد نوع اللعبة التي كان يزاولها المحكوم عليهما الآخران بمقهى الطاعن - بفرض إبدائه - بعد أن انتهت في استخلاص صحيح وتدليل سائغ إلى أنها لعبة "الشيش بيش" المحظور لعبها في المحال العامة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 -.... 2 -.... 3 -..... بوصف أنهم 1 - المتهمان الأول والثاني: لعبا القمار في محل عام 2 - المتهم الطاعن: سمح بلعب القمار في محله وطلبت عقابهم بالمواد 1، 19، 34، 36، 37، 38 من القانون رقم 371 لسنة 1956 ومحكمة جنح طنطا قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس الطاعن شهراً واحد مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً وغرامة مائة جنيه ومصادرة الأدوات والنقود المضبوطة وغلق المقهى لمدة أسبوعاً.
ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه وأمرت بوقف تنفيذ عقوبة الحبس.
فطعن الأستاذ/.... المحامي بصفته وكيلاً عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، وجاءت أسبابه خالية من قالة التناقض، وكان الطاعن لم ينازع في أن لها معينها الصحيح بالأوراق كان ذلك محققاً لحكم القانون بما يضحى معه منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكانت لعبة "الشيش بيش" التي كان يزاولها المحكوم عليهما الآخران بمقهى الطاعن وفي حضرته وتحت سمعه وبصره، هي من ألعاب القمار المحظور لعبها في المحال العامة طبقاً لنص المادة 19 من القانون رقم 371 لسنة 1956 - في شأن المحال العامة - وقرار وزير الداخلية رقم 37 لسنة 1957، وكان الربح كما يتحقق في صورة المقامرة على مبلغ من النقود قد يتحقق أيضاً في المقامرة على طعام ثمنه مستحق الأداء لصاحب المقهى أو على أي شيء آخر يقوم بمال، فإن مسئولية الطاعن باعتباره مستغلاً للمقهى عن هذه المخالفة تكون قد تحققت على مقتضى المادة 38 القانون رقم 371 لسنة 1956 سالف الذكر، سواء أعادت عليه فائدة من وراء المقامرة أم لا، وهو ما لم يخطئ الحكم المطعون فيه في تقديره، بما يكون معه منعى الطاعن في هذا الشأن ولا محل له. لما كان ذلك، وكان ذلك من المقرر أنه لا يعيب الإجراءات أن لا يفصح رجل الضبط القضائي عن مصدر تحرياته أو عن وسيلته في التحري، إذ أن ذلك لا يكشف بذاته عن عدم جديتها لأنه لا يمس ذاتيتها، فإن ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص - بفرض حصوله - يكون غير قويم. لما كان ذلك، وكان لا تثريب على المحكمة إن هي لم تجب الطاعن إلى مطلبه ضم حرز المضبوطات وصولاً إلى تحديد نوع اللعبة التي كان يزاولها المحكوم عليهما الآخران بمقهى الطاعن - بفرض إبدائه - بعد أن انتهت في استخلاص صحيح وتدليل سائغ إلى أنها لعبة "الشيش بيش" المحظور لعبها في المحال العامة، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير مقبول.
ولما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً التقرير بعدم قبوله.

الطعن 12035 لسنة 65 ق جلسة 3 / 12 / 1997 مكتب فني 48 ق 205 ص 1350

جلسة 3 من ديسمبر 1997

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد إسماعيل موسى ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة ومحمد عيد سالم.

--------------

(205)
الطعن رقم 12035 لسنة 65 القضائية

وصف التهمة. اختلاس أموال أميرية. تسهيل استيلاء. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إجراءات "إجراءات المحكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق المحكمة في تعديل وصف التهمة. حده؟
تعديل وصف التهمة من اختلاس واشتراك فيه إلى تسهيل استيلاء والاشتراك فيه. وجوب تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه. مخالفة ذلك: إخلال بحق الدفاع.

--------------------
لما كان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعات الدفاع عن الطاعنين دارت حول الوصف الذي أقيمت به الدعوى الجنائية وكانت المحكمة لم تعدل وصف التهمة في مواجهتها أو تلفت نظر الدفاع إلى ما أجرته من تعديل كي يعد دفاعه على أساسه فإن ذلك يعيب إجراءات المحاكمة بما يبطلها - ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور وأن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون، لأن وصف النيابة العامة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم - إلا أنه تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبينها القانون نتيجة إدخال عناصر جديدة تضاف إلى تلك التي أقيمت بها - الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من جريمة اختلاس واشتراك فيه إلى جريمة تسهيل استيلاء واشتراك فيه - فإن هذا التغيير يقتض من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذ طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بوصف أنهما: الأول: وهو موظف عام سكرتير نيابة.... اختلس المستند المبين بالأوراق المملوك لـ...... والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. الثاني اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع الأول في اختلاس المستند سالف البيان حرضه. واتفق معه على نزعة من ملف القضية رقم... لسنة... جنح قسم... وإعطائه إياه وساعده بأن أمده بمستند آخر مزور على غراره وأودعه في القضية سالفة الذكر فتمت الجريمة بناء على ذلك التحريض والاتفاق وهذه المساعدة وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40، 41، 113/ 1 - 2 - 3، 118، 118 مكرر، 119/ أ، 119 مكرر - أ من قانون العقوبات بمعاقبة كل من الطاعنين بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزل الأول من وظيفته وإلزامهما برد المستند المستولى عليه إلى صاحبته وبتغريمهما مبلغ 1700 جنيه وذلك باعتبار أن التهمة المسندة إلى الأول تسهيل استيلاء وإلى الثاني اشتراك فيه.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمتي تسهيل الاستيلاء بغير حق على قائمة المنقولات المملوكة للمجني عليها والاشتراك فيه قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أنهما قدما للمحاكمة بوصف اختلاس المستند المذكور والاشتراك إلا أن المحكمة انتهت في حكمها إلى أن أولهما سهل للآخر - الذي اشترك معه في ذلك - الاستيلاء عليه، دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التعديل. بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الدعوى الجنائية أقيمت على الطاعنين بوصف أنهما: الأول: وهو موظف عام - سكرتير.... - اختلس المستند المبين بالأوراق المملوك ل..... والذي وجد في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع.... الثاني: اشتراك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع الأول في اختلاس المستند سالف البيان بأن حرضه واتفق معه على نزعه من ملف القضية رقم.... جنح قسم.... وإعطائه إياه وساعده بأن أمده بمستند آخر مزور على غراره وأودعه في القضية سالفة الذكر فتمت الجريمة بناء على تلك التحريض والاتفاق وهذه المساعدة. وطلبت النيابة العامة عقابهما بالمواد 40، 41، 112/ 1، 118/ أ، 118 مكرراً/ أ من قانون العقوبات ومحكمة أمن الدولة العليا بالمنصورة بعد أن سمعت الدعوى انتهت بحكمها المطعون فيه إلى إدانة الطاعنين بوصف أنهما الأول: بصفته موظفاً عاماً - سكرتير جلسة.... - سهل للمتهم الثاني بغير حق الاستيلاء على قائمة المنقولات المبينة الوصف والقيمة بالأوراق المملوكة ل..... والمسلمة إلى جهة علمه والمودعة بملف الجنحة رقم... لسنة.... وذلك بأن سلمه القائمة الصحيحة سالفة الذكر ووضع قائمة أخرى بدلاً منها.... الثاني اشترك مع الأول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجريمة سالفة الذكر بأن حرضه واتفق معه على ارتكاب وساعده على ذلك بأن قدم إليه قائمة أخرى خلاف القائمة المستولى عليها ووضعها بملف الجنحة سالفة الذكر للاعتداد بها فتمت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة وأن عقابهما ينطبق على نص المواد 40، 41، 113/ 1، 2، 3، 118، 118 مكرراً، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن مرافعات الدفاع عن الطاعنين دارت حول الوصف الذي أقيمت به الدعوى الجنائية وكانت المحكمة لم تعدل وصف التهمة في مواجهتهما أو تلفت نظر الدفاع إلى ما أجرته من تعديل كي يعد دفاعه على أساسه فإن ذلك يعيب إجراءات المحاكمة بما يبطلها - ذلك بأنه إذا كان الأصل أن المحكمة غير مقيدة بالوصف الذي تسبغه النيابة العامة على الواقعة كما وردت بأمر الإحالة أو التكليف بالحضور وأن من واجبها أن تطبق على الواقعة المطروحة عليها وصفها الصحيح طبقاً للقانون، لأن وصف النيابة العامة ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف الذي ترى هي أنه الوصف القانوني السليم - إلا أنه إذ تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تغيير التهمة ذاتها بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانون نتيجة إدخال عناصر جديدة تضاف إلى تلك التي أقيمت بها - الدعوى - وتكون قد شملتها التحقيقات كتعديل التهمة من جريمة اختلاس واشتراك فيه إلى جريمة تسهيل استيلاء واشتراك فيه - فإن هذا التغيير يقتضي من المحكمة تنبيه المتهم إليه ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذ طلب ذلك عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع، ويكون حكمها معيباً بالبطلان في الإجراءات بما يوجب نقضه والإعادة وذلك بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

الثلاثاء، 19 مايو 2015

الطعن 23201 لسنة 63 ق جلسة 3 / 10 / 1995 مكتب فني 46 ق 156 ص 1055

جلسة 3 من أكتوبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب وأمين عبد العليم ومحمد شعبان وعلي شكيب نواب رئيس المحكمة.

-----------------

(156)
الطعن رقم 23201 لسنة 63 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة. كفاية أن يكون مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) رشوة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
حق محكمة الموضوع في أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما كان له مأخذه الصحيح من الأوراق.
الخطأ في تحديد مصدر الدليل. لا يضيع أثره. ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
(3) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق المحكمة في الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
(4) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته والرد عليه. هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه في طلباته الختامية.
(5) إجراءات "إجراءات المحاكمة". إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إعراض المحكمة عن سماع شهود نفي لم يعلنوا وفقاً للمادة 214 مكرر المضافة بالقانون 170 لسنة 1981 إجراءات. لا تثريب عليها.
انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة. لا يعيبه. ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والمنطق القانوني السليم.
(6) إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قرار المحكمة في صدد تجهيز الدعوى وجمع الأدلة. تحضيري.
المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. اكتفاء بأدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
(7) إثبات "بوجه عام" "أوراق رسمية". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في المحاكمات الجنائية باقتناع القاضي بناء على الأدلة المطروحة عليه. عدم جواز مطالبته بالأخذ بدليل معين. ما لم يقيده القانون بذلك.
حق المحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
(8) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". إثبات "بوجه عام". رشوة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها سواء من الأدلة المباشرة أو بالاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ما دام سائغاً.
النعي بوجود تناقض بين اتهام الطاعن بعرض رشوة وكذا اتهامه بقبول رشوة. جدل موضوعي. لا تجوز إثارته أمام النقض.
(9) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. أسباب الإباحة وموانع العقاب. "موانع العقاب". إثبات "اعتراف". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الإعفاء الوارد بالمادة 107 مكرراً عقوبات. قصره على الراشي ومن يصح وصفه وسيطاً سواء من جانب الراشي أو المرتشي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على عدم تمتع المرتشي بالإعفاء القانوني في جريمة الرشوة.
(10) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات". إثبات "بوجه عام". استدلالات. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي.
مثال لرد سائغ على الادعاء بأن الإذن صدر عن جريمة مستقبلة.
(11) إثبات "اعتراف" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي.
انتهاء المحكمة إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف. مفاده؟
(12) قانون "سريانه". فاعل أصلي. شريك.
سريان أحكام قانون العقوبات على كل شخص ارتكب خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أصلياً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها داخل إقليم الدولة. المادة 3/ 1 عقوبات.
مثال في جريمة رشوة.
(13) اختصاص "اختصاص مكاني" "اختصاص إقليمي".
سريان أحكام قانون العقوبات المصري على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه.
مكان ارتكاب الجريمة هو الذي يتحقق فيه الركن المادي أو جزء منه. قيامه على ثلاثة عناصر الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما. مؤدى ذلك؟
(14) جريمة "أركانها". موظفون عموميون. قانون "تفسيره". رشوة.
جريمة الرشوة. تمامها بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي تسليم مبلغ الرشوة من بعد ليس إلا نتيجة بينهما.
(15) رشوة. جريمة "أركانها". موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
لا يقدح في قيام جريمة عرض الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
(16) إثبات "شهود". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التشكيك في أقوال الشهود. والدفاع بتلفيق التهمة. من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً. الرد عليها يستفاد من أدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
(17) رشوة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة الرشوة. متى يتوافر؟

-------------------
1 - من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشهود مما أدلوا به في محضر جلسة المحاكمة وفي التحقيق الابتدائي مع أنها لم ترد إلا في أحدهما دون الآخر ذلك بأن الخطأ في مصدر الدليل بفرض وقوعه لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث.
4 - من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية.
5 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود" فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه على يد محضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان الطاعن لم يسلم في أسباب طعنه أنه لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلان الشهود الذين يطلب سماع شهادتهم فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت على طلب سماع شهود النفي الذين طلب سماعهم بجلسات المحاكمة ولا يقدح في ذلك ما تزيد إليه الحكم في هذا الشأن لما هو مقرر من أن انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة لا يعيبه ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والمنطق القانوني السليم ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد.
6 - من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قراراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم حتماً للعمل على تنفيذها صوناً لهذه الحقوق كما أنه من المقرر أيضاً أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي وفي كل جزئية يثيرها على استقلال اكتفاء بأدلة الثبوت التي يوردها الحكم.
7 - من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً على حكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها.
8 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها يستوي في ذلك الأدلة المباشرة أو غيرها من طرق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سائغاً وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وجود اتفاق سابق بين الطاعن والمتهم الثاني على مبلغ 7540 دولار كرشوة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
9 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعنين بتمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 107 عقوبات وأطرحه في قوله "وحيث إنه لما كانت المادة 107 مكرر عقوبات تجري على أن يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي ومع ذلك يعفي الراشي أو الوسيط من العقوبات إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها فإنه من المقرر أنه يشترط في الإعفاء الذي يؤدي إلى إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة وفقاً لهذه المادة أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فإنه لا يمكن تطبيق هذا الإعفاء، لما كان ذلك، وكان المتهم الثاني قد تخلف عن الحضور بجلسة المحاكمة ومن ثم يمتنع على المحكمة إعمال ذلك الإعفاء في حقه ويكون دفاع المتهم الأول بدوره أنه يستفيد من ذلك الإعفاء إذ أقر بالتحقيقات باستلام المبلغ وأرشد إلى أن صاحبه الشاهد الأول يكون قائماً على غير سند فإنه فضلاً عن أنه غير صادق وغير كامل ولا يغطي وقائع الرشوة حسب تصوير دفاعه ولم يقرر به تفصيلاً أمام المحكمة وهي جهة الحكم وتعرض عن هذا الدفاع بدوره" وذلك من الحكم يكفي ويسوغ به الرد على هذا الدفاع هذا فضلاً عن أن المشرع في المادة 107 مكرر من قانون العقوبات قد منح الإعفاء الوارد بها للراشي باعتباره طرفاً في الجريمة ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط فيها سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب أو يعمل من جانب المرتشي وهو ما يتصور وقوعه أحياناً دون أن يمتد الإعفاء للمرتشي، وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشياً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً.
10 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش بوضع الهاتف الذي بمنزل الطاعن ومحل عمله تحت المراقبة لابتنائه على تحريات غير جدية وصدوره عن جريمة مستقبلة وأطرحه في قوله: - "لما كان ذلك وكانت التحريات التي أجراها.... عضو الرقابة الإدارية بمحضره المؤرخ.... الساعة.... قد تمت بناء على بلاغ من رئيس مجلس إدارة المصنع والتابع للهيئة العربية للتصنيع واستناداً إلى مكالمة تليفونية وردت إليه بطريق الخطأ وهذا البلاغ ضد الرجل الثاني في المصنع وبشأن وقائع لها خطرها من واقع عمل هذا المتهم في المصنع وكانت شكوكه وبلاغه لها هداها الحقيقي من واقع ما قام به من عمل قد انتهى بالفعل واضطره إلى إبلاغ رئاسته ثم هيئة الرقابة الإدارية - وكانت هذه التحريات قد أسفرت عما قام به المتهم من عمل سابق بالمصنع وما أجراه من اتفاق وقدره وما تم به الوفاء بشأنه من مستحقات ومحل إقامة هذا المتهم ورقم تليفون منزله وظروفه الشخصية وانتهت إلى ترجيح صحة بلاغ المبلغ وقد تأكدت صحة جميع الوقائع السابقة لتلك التحريات وكانت تتبع الإجراءات التالية يقتضي مراقبة تليفون منزله وعمله لضبط ما يتم بعد ذلك من وقائع ومن ثم بات النعي على جدية هذه التحريات قائماً على غير سند لا ينال من ذلك سرعة ما تم من إجراءات بعد أن لقيت الوقائع صداها الحقيقي من الخطر وبالتالي إن اطمأن المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا إلى تلك التحريات وأصدر إذنه بالرقابة والتسجيل فإن الإجراء يكون قد تم صحيحاً متفقاً وصحيح القانون وبات النعي عليه بالبطلان قائماً على غير سند كما لا ينال من ذلك الادعاء أنها بشأن جريمة مستقبلة إذ أوضحت التحريات أن المتهم الأول هو المهيمن على التعاقد وأن التحريات قد أشارت إلى صحة بلاغ المبلغ ووجود اتفاق مسبق وتام على تقاضي مبالغ بشأن التعاقد السابق وأنه بصدد تقاضي تلك المبالغ المتفق عليها ومن ثم بات الادعاء بأنها جريمة مستقبلة قائماً بدوره على غير سند" وذلك من الحكم رد سائغ إذ أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة وعلى ما أفصحت عنه فيما تقدم قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأنه صدر عن جريمة تحقق وقوعها وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون هذا فضلاً عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الأشرطة وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
11 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حقه غيره من المتهمين وفي أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر مؤدى اعتراف المتهم الثاني في التحقيقات وخلص على سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما ارتآه من مطابقته للواقع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
12 - من المقرر أن الفقرة أولاً من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت استثناء من قاعدة إقليمية القوانين الجنائية - على أن تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الاتفاق بين الطاعن والمتهم الثاني على مبلغ الرشوة قد امتد على أن يكون سداد الجزء الباقي من العطية بالدولار الأمريكي وقدرها 7540 دولار في مصر ثم حضور المتهم الثاني إلى مصر موضحاً أن من أسباب حضوره سداد ذلك المبلغ الباقي المتفق عليه فإن في ذلك ما يكفي لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة طالما أن الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر.
13 - لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه ونصت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وكان مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما وتعتبر الجريمة أنها ارتكبت في المكان الذي وقع فيه الفعل المادي وفي المكان الذي حدثت فيه النتيجة وفي كل مكان تحققت فيه الآثار المباشرة للفعل والتي تتكون من الحلقات السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة.
14 - من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما، وإذ كانت واقعة الدعوى كما وردت في أمر الإحالة وفي الحكم هي أن الطاعن طلب من المحكوم عليه الآخر رشوة ووافقه المحكوم عليه الآخر على ذلك بمناسبة توريده لقوالب بلاستيك ومعدات معمل تحليل للهيئة التي يمثلها الطاعن الذي اشترط أن يكون تسليم جزء من المبلغ في مصر نفاذاً للاتفاق الذي تم بينهما في هذا الشأن وأن التسليم تم بالفعل بجمهورية مصر العربية وقام الطاعن بعرض هذا الجزء من المبلغ على رئيس مجلس إدارة مصنع.... الشاهد الأول على سبيل الرشوة فإن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه تكون مختصة بنظر الدعوى وتطبيق القانون المصري عليها إعمالاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر اعتباراً بأنها المحكمة المختصة ولا يحول دون ذلك أن يكون الاتفاق على واقعة الرشوة قد تم بالخارج ما دامت واقعة تسليم جزء من مبلغ الرشوة وعرضه على الشاهد الأول - وهي حلقة من حلقات النشاط الإجرامي قد تمت بجمهورية مصر العربية.
15 - من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي.
16 - لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن الجريمة المنسوبة إليه قد وقعت بناء على اتفاق بين الشاهد الأول والمتهم الثاني والشركة الوسيطة بقصد الإطاحة به فإن ما أثاره من ذلك لدى محكمة الموضوع بقصد التشكيك في أقوال شاهد الإثبات الأول وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
17 - من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المتهم الثاني مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي - كما هو معرف به في القانون - ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافره ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما أولاً: المتهم الأول (طاعن) ( أ ) بصفته في حكم الموظف العمومي طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباتها وأمانتها بأن طلب وأخذ مبلغ.... من المتهم الثاني على سبيل الرشوة مقابل إتمام إجراءات صفقة تجارية لتوريد قوالب بلاستيك لجهة عمله بمعرفة الشركة الخاصة بالأخير وفق القواعد المقررة وتسهيل إتمام إجراءات صفقة أخرى بين هاتين الجهتين لتوريد أجهزة معملية بالمخالفة لتلك القواعد (ب) عرض عطية على موظف عام حكماً بعد أدائه عمل من أعمال وظيفته بأن قدم... رئيس مجلس إدارة مصنع... مبلغ... بقصد المكافأة بعد اعتماده إتمام إجراءات صفقة توريد أجهزة المعمل لجهة عمله وبدون اتفاق سابق على ذلك ولكن الموظف العام حكماً لم يقبل العطية منه، ثانياً: المتهم الثاني قدم رشوة لموظف عام حكماً لأداء عمل من أعمال وظيفته وللإخلال بواجباته وأمانته بأن أعطى للمتهم الأول المبلغ المذكور على سبيل الرشوة مقابل إتمام إجراءات صفقة التوريد وإحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 2/ 1، 103، 104، 107 مكرر، 109 مكرر من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة الطاعن بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه خمسة آلاف جنيه ومصادرة المبالغ المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي طلب وأخذ عطية وعرض عطية على موظف عام قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع وأخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يورد مؤدى الأدلة التي عول عليها في إدانته وأورد في مدوناته أن الشاهد.... قد شهد بجلسات المحاكمة في حين أنه لم يسأل أمام المحكمة ولم يرد على ما تمسك به من سماع أقوال ذلك الشاهد والتفتت المحكمة عن طلبه باستدعاء المتهم الثاني لمناقشته رغم سبق استجابتها وتكليف النيابة العامة بإعلانه وأطرحت المحكمة طلبه استدعاء موظف حسابات شركة.... والمسئول بشركة.... بما لا يسوغ إطراحه ورغم استجابة المحكمة لما طلبه من الاستعلام من بنك.... الألماني بلندن عمن أودع به المبلغ لحسابه ومن طلب تحويله إلى دولارات بفرع البنك ومن الذي طلب أن تكون مراسلته على عنوان شركة.... بألمانيا وضم محضر مجلس إدارة المصنع الخاص بعملية توريد أجهزة المعمل وضم الشكاوى التي سبق أن قدمها ضد إدارة المصنع السابقة إلا أنها فصلت في الدعوى دون أن تذكر شيئاً لعدولها عن تحقيق تلك الطلبات ورد الحكم على دفاعه المتمثل في أن لا صلة له بالمبالغ التي تم تحويلها إلى رقم حسابه ببنك التوفير الألماني بدلالة الخطاب الصادر من البنك المذكور والمتضمن بأن هذا التحويل تم خطأ بناءً على طلب المتهم الثاني اعتقاداً بأنه مفوض منه بما لا يصلح رداً كما أطرح دفاعه القائم على أساس وجود تناقض بين اتهامه بطلب مبلغ 7540 دولار وأخذه لنفسه على سبيل الرشوة من المتهم الثاني وبين اتهامه بعرض ذلك المبلغ على سبيل الرشوة على الشاهد الأول بما لا سند له في الأوراق ولم يعرض الحكم إيرادا ورداً لدفاعه بتمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 107 مكرر عقوبات ورد رداً غير سائغ على الدفع بعدم جدية التحريات التي بني عليها الإذن بوضع هاتف منزله ومحل عمله تحت المراقبة وبطلان الإذن لصدوره عن جريمة مستقبلة كما رد على الدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إلى المتهم الثاني لصدوره وليد إكراه وتهديد ووعد ووعيد بما لا يصلح رداً وأطرح الدفع بعدم سريان القانون المصري على الجرائم المنسوبة إليه لوقوعها خارج البلاد بما لا يسوغ به إطراحه وكذلك دفاعه بأن الجريمة تحريضية من الشاهد الأول والتفت عن دفاعه بأن الجريمة تمت بناء على اتفاق بين الشاهد الأول والمتهم الثاني والشركة الوسيطة بقصد الإطاحة به من الشركة ولم يدلل الحكم على توافر القصد الجنائي لديه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن الطاعن والذي يعمل.... سافر إلى ألمانيا بتكليف من جهة عمله لإتمام إجراءات التعاقد مع الشركة الألمانية المملوكة للمتهم الثاني على توريد أدوات وأجهزة صحبة لجنة مختصة وفحص تلك المعدات قبل شحنها حيث اتفق مع المتهم الثاني على أن يحصل على مقابل مادي منه قدره ثلاثين ألف مارك ألماني لإتمام صفقة القوالب ومبلغ 7.900 مارك ألماني مقابل إتمام صفقة توريد الأجهزة المعملية على أن تودع له في بنك توفير.... التابع لـ.... بألمانيا بحسابه رقم... فضلاً عن مبلغ... دولار أمريكي تسلم له بالقاهرة وقد قام المتهم الثاني بإيداع مبلغي المارك الألماني بحسابه ثم حولت بعد ذلك إلى مبلغ 7540 دولار أمريكي وتحويلها إلى وديعتين محددتين المدة بحسابه بفرع البنك بلندن، وعند اتصال المتهم الثاني تليفونياً بالشاهد الأول لتنفيذ الشق الثاني من الاتفاق وتسليم المبلغ المتبقي. أبلغ ذلك الشاهد الرقابة الإدارية التي استصدرت إذناً من نيابة أمن الدولة العليا بإجراء التسجيلات الصوتية والمرئية التي تدور مع الطاعن وخلالها عرض المذكور المبلغ الدولاري على الشاهد الأول الذي تظاهر بعدم رفضها إلى أن تم ضبط المتهم حال تلبسهما بالرشوة وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم في حق الطاعن أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات والتسجيلات الصوتية والمرئية وما أورده خبيري الهندسة بشأن أصوات المتهمين وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعن في أن لها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وأورد مؤدى كل منها في بيان واف يكشف عن إلمامه بتلك الأدلة ومنها الاعتراف الكتابي المنسوب للمتهم الثاني ولم يعول على ثمة دليل مستمد من تفتيش حقيبة المتهم الثاني وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون ويكون منعى الطاعن على الحكم بقالة القصور غير سديد. لما كان ذلك وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة أن الشاهد.... لم يشهد بالتحقيق الذي أجرته المحكمة وكان الطاعن لا ينازع في أن ما حصله الحكم من أقوال الشاهد المذكور له أصله الثابت في الأوراق وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشهود مما أدلوا به في محضر جلسة المحاكمة وفي التحقيق الابتدائي مع أنها لم ترد إلا في أحدهما دون الآخر ذلك بأن الخطأ في مصدر الدليل بفرض وقوعه لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة المؤرخ.... أن الدفاع عن الطاعن اكتفى بسماع من سمعت أقوالهم، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع الشهود إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث فإنه ليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماع أقوال الشاهد.... ويكون منعاه في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة الأخيرة أن المدافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً الحكم ببراءته مما أسند إليه دون أن يتمسك بسماع أقوال المتهم الثاني فإن المحكمة لا تكون مخطئة إذا لم تسمع هذا المتهم أو ترد على طلب سماعه لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمة ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لطلب الطاعن استدعاء موظف حسابات شركة.... وكذا استدعاء المسئول بشركة.... وأطرحه بقوله: "وتنوه المحكمة من بعد كل ما سلف إلى أن طلب الدفاع استدعاء موظف الحسابات بشركة المتهم المدعو.... وكذا مندوب الشركة الوسيطة لا فائدة منه وغير منتج في الدعوى إذ فضلاً عن أن معلوماتهما لا تخرج عن الإدلاء بما اتفق عليه من مبالغ نقدية للشركة الوسيطة ويشاركها فيها المتهم الأول وقد ذكرها المتهم الثاني تفصيلاً وقدم مستندات التحويل المصرفية الدالة على سدادها في حسابات المتهم الأول على نحو ما سلف، ومن ثم فإن تقريرات المدعو.... وهو عامل لديه - في حالة استدعائه مجرد إثبات لما هو ثابت بالفعل وغير منتج في وقائع الدعوى ولا ترى المحكمة ثمة فائدة منه، وعلى الرغم من ذلك صرحت للدفاع بإعلانهما إن شاء وإذ لم يفعل التفتت عن هذا الطلب" وذلك من الحكم رد سائغ لما هو مقرر من أن الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً "أ" من قانون الإجراءات الجنائية المضافة بالقانون رقم 170 لسنة 1981 إذ جرى نصها بالآتي: "وعلى الخصوم أن يعلنوا شهودهم الذين لم تدرج أسماؤهم في القائمة سالفة الذكر على يد محضر بالحضور بالجلسة المحددة لنظر الدعوى وذلك مع تحمل نفقات الإعلان وإيداع مصاريف انتقال الشهود" فإن هذا النص صريح في وجوب قيام المتهم بإعلان من يطلب سماعه من الشهود الذين لم يدرجوا في القائمة المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 214 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون رقم 170 لسنة 1981 السالف الإشارة إليه على يد محضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم من قبله على تصريح من المحكمة وإذ كان الطاعن يسلم في أسباب طعنه أنه لم يتبع الطريق الذي رسمه القانون لإعلان الشهود الذين يطلب سماع شهادتهم فإنه لا تثريب على المحكمة إذا هي أعرضت عن طلب سماع شهود النفي الذين طلب سماعهم بجلسات المحاكمة ولا يقدح في ذلك ما تزيد إليه الحكم في هذا الشأن لما هو مقرر من أن انطواء الحكم على تقريرات قانونية خاطئة لا يعيبه ما دامت النتيجة التي خلص إليها صحيحة وتتفق والمنطق القانوني السليم ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القرار الذي تصدره المحكمة في مجال تجهيز الدعوى وجمع الأدلة لا يعدو أن يكون قرراً تحضيرياً لا تتولد عنه حقوق للخصوم حتماً للعمل على تنفيذها صوناً لهذه الحقوق كما أنه من المقرر أيضاًَ أن المحكمة ليست ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي، وفي كل جزئية يثيرها على استقلال اكتفاء بأدلة الثبوت التي يوردها الحكم فإن منعى الطاعن على الحكم في خصوص الاستعلام من بنك.... عمن أودع به المبلغ لحسابه ومن طلب تحويله إلى دولارات ومن الذي طلب أن تكون مراسلته على عنوان شركة.... بألمانيا وطلب ضم محضر مجلس إدارة المصنع الخاص لعملية توريد أجهزة المعمل وضم الشكاوى التي سبق له تقديمها ضد إدارة المصنع يكون غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن المتمثل في أن لا صلة له بالمبالغ التي تم تحويلها إلى رقم حسابه ببنك.... الألماني مدللاً على ذلك بخطاب صادر من البنك المذكور يفيد أن هذا التحويل تم خطأ بناء على طلب المتهم الثاني باعتقاد أنه مفوض من الطاعن وأطرحه في قوله "وحيث إنه بالنسبة لدفاع المتهم بعدم علمه بالمبالغ التي أودعت في حسابه بالخارج وتقديمه ضمن حافظة مستنداته خطاب البنك بناء على طلبه أن إجراء تحويل المبالغ قد تمت خطأ بناء على طلب المتهم الثاني وبظن أنه مفوض من المتهم الأول فإن ذلك الدفاع يخالف كل ما استقرت عليه الأعراف المصرفية أنه إذا كان يمكن للمتهم الثاني أن يودع في حساب المتهم الأول مبلغ الرشوة المتفق عليه فإنه فضلاً عن أنه يتعذر عليه ذلك بغير إرشاد المتهم الأول نفسه إلى رقم حسابه الخاص حتى يمكن الإيداع فيه فإنه بفرض حدوثه بالفعل بغير علم صاحب الحساب فإنه يستحيل تصور قيام البنك بتحويل العملة إلى عملة أخرى ومن الحساب بالبنك إلى فرع البنك بانجلترا بحساب جديد هناك دون إذن صاحب الحساب الأصلي أو توكيل المتهم الثاني صريح في اتخاذ مثل ذلك الإجراء وتلتفت المحكمة عن خطاب البنك الذي قدمه المتهم الأول في هذا الشأن إذ أنه يخالف أي قانون أو عرف مصرفي ويفتح الباب إلى خلافات قانونية خطيرة لا شك أن جميع البنوك تتحرز فيها بدقة ولا يخرج هذا الدفاع عن كونه محاولة للتنصل مما ثبت عليه كتابة من استلام مستندات التحويل البنكية وعدم اعتراضه عليها بعد علمه يقيناً بتمامها وذلك فضلاً عن تحويلها إلى وديعة ممنوعة من الصرف حتى تاريخ محدد امتنع البنك عن تحويلها إلى صاحب الشأن ويتوقعه شخصاً قبل طول أجل هذه الوديعة وهو قيد يستحيل تصور حدوثه بغير توافق صاحب الوديعة وقت إنشائها وكان من المقرر أن العبرة في المحاكمات الجنائية هي باقتناع قاضي الموضوع بناء على الأدلة المطروحة عليه بإدانة المتهم أو ببراءته فلا يصح مطالبته بالأخذ بدليل معين فقد جعل القانون من سلطته أن يزن قوة الإثبات وأن يأخذ من أي بينة أو قرينة يرتاح إليها دليلاً على حكمه إلا إذا قيده القانون بدليل معين ينص عليه كما أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بوجود تناقض بين اتهامه بطلب مبلغ 7540 دولار على سبيل الرشوة من المتهم الثاني وبين اتهامه بعرض ذلك المبلغ على سبيل الرشوة للشاهد الأول وأطرحه في قوله "وحيث إنه بشأن دفاع المتهم الأول من وجود تناقض في الاتهام المسند من النيابة العامة بين اتهامه بطلب مبلغ 7540 دولار وأخذه بالفعل رغم وضوح ذلك من الحديث المسجل مع المتهم الأول وبين عرض نفس المبلغ على شاهد الإثبات الأول رئيس مجلس إدارة المصنع فإن ذلك الدفاع مردود بأن الاتفاق بين المتهم الثاني والمتهم الأول على ذلك المبلغ سابق وثابت وأن اتصال المتهم الثاني برئيس مجلس الإدارة الذي تم خطأ كان بسبيل إبلاغ المتهم الأول بعزم المتهم الثاني على الحضور للوفاء بتعهده بسداده كالاتفاق وتكملة لما قام بإيداعه بحسابه من قبل فضلاً عن إقرار المتهم الثاني أنه عرض عليه تسليمه بالفعل في لقائهما بالفندق وبالسيارة إلا أنه رفض، ومن ثم كان طلب هذه الرشوة ثابتاً بيقين في حق المتهمين إلا أنه إزاء افتضاح الأمر ووصوله إلى علم رئيس مجلس الإدارة رأى المتهم الأول الاستغناء عن ذلك المبلغ وعدم التمسك به وتركه لرئيس مجلس الإدارة على أمل أن يكون قبول الأخير للمبلغ ساتراً لما افتضح من الأمر وإنهاء لذلك المأزق إلا أن تظاهره يوم الإعراض عليه وطلبه إلى المتهم الأول استلام المبلغ منعاً لإحراجه على نحو ما سلف أظهر حقيقة الاتفاق بين المتهمين، ومن ثم يكون هذا الدفاع بدوره على غير سند وتلتفت عنه المحكمة". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها يستوي في ذلك الأدلة المباشرة أو غيرها من طرق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سائغا،ً وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى وجود اتفاق سابق بين الطاعن والمتهم الثاني على مبلغ 7540 دولار كرشوة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بتمتعه بالإعفاء المنصوص عليه في المادة 107 مكرر عقوبات وأطرحه في قوله "وحيث إنه لما كانت المادة 107 مكرر عقوبات تجري على أن يعاقب الراشي والوسيط بالعقوبة المقررة للمرتشي، ومع ذلك يعفى الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا أخبر السلطات بالجريمة أو اعترف بها فإنه من المقرر أنه يشترط في الإعفاء الذي يؤدي إلى إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة وفقاً لهذه المادة أن يكون صادقاً كاملاً يغطي جميع وقائع الرشوة التي ارتكبها الراشي أو الوسيط دون نقص أو تحريف وأن يكون حاصلاً لدى جهة الحكم حتى تتحقق فائدته فإذا حصل الاعتراف لدى جهة التحقيق ثم عدل عنه لدى المحكمة فإنه لا يمكن تطبيق هذا الإعفاء، لما كان ذلك، وكان المتهم الثاني قد تخلف عن الحضور بجلسة المحاكمة، ومن ثم يمتنع على المحكمة أعمال ذلك الإعفاء في حقه ويكون دفاع المتهم الأول بدوره أنه يستفيد من ذلك الإعفاء إذ أقر بالتحقيقات باستلام المبلغ وأرشد إلى أن صاحبه الشاهد الأول يكون قائماً على غير سند فإنه فضلاً عن أنه غير صادق وغير كامل ولا يغطي وقائع الرشوة حسب تصوير دفاعه ولم يقرر به تفصيلاً أمام المحكمة وهي جهة الحكم وتعرض عن هذا الدفاع بدوره" وذلك من الحكم يكفي ويسوغ به الرد على هذا الدفاع هذا فضلاً عن أن المشرع في المادة 107 مكرر من قانون العقوبات قد منح الإعفاء الوارد بها للراشي باعتباره طرفاً في الجريمة ولكل من يصح وصفه بأنه وسيط منها سواء كان يعمل من جانب الراشي وهو الطالب أو يعمل من جانب المرتشي وهو ما يتصور وقوعه أحياناً دون أن يمتد الإعفاء للمرتشي وإذ كان الحكم قد دلل بما أورده من أدلة سائغة على أن ما ارتكبه الطاعن يوفر في حقه جريمة الرشوة باعتباره مرتشياً فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون سديداً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش بوضع الهاتف الذي بمنزل الطاعن ومحل عمله تحت المراقبة لابتنائه على تحريات غير جدية وصدوره عن جريمة مستقبلة وأطرحه في قوله: - "لما كان ذلك، وكانت التحريات التي أجراها.... عضو الرقابة الإدارية بمحضره المؤرخ.... الساعة.... مساءً قد تمت بناء على بلاغ من رئيس مجلس إدارة المصنع والتابع للهيئة العربية للتصنيع واستناداً على مكالمة تليفونية وردت إليه بطريق الخطأ وهذا البلاغ ضد الرجل الثاني في المصنع وبشأن وقائع لها خطرها من واقع عمل هذا المتهم في المصنع وكانت شكوكه وبلاغه لها هداها الحقيقي من واقع ما قام به من عمل قد انتهى بالفعل واضطره إلى إبلاغ رئاسته ثم هيئة الرقابة الإدارية - وكانت هذه التحريات قد أسفرت عما قام به المتهم من عمل سابق بالمصنع وما أجراه من اتفاق وقدره وما تم به الوفاء بشأنه من مستحقات ومحل إقامة هذا المتهم ورقم تليفون منزله وظروفه الشخصية وانتهت إلى ترجيح صحة بلاغ المبلغ وقد تأكدت صحة جميع الوقائع السابقة لتلك التحريات، وكان تتبع الإجراءات التالية يقتضي مراقبة تليفون منزله وعمله لضبط ما تم بعد ذلك من وقائع، ومن ثم بات النعي على جدية هذه التحريات قائماً على غير سند لا ينال من ذلك سرعة ما تم من إجراءات بعد أن لقيت الوقائع صداها الحقيقي من الخطر وبالتالي أن اطمأن المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا إلى تلك التحريات وأصدر إذنه بالرقابة والتسجيل فإن الإجراء يكون قد تم صحيحاً متفقاً وصحيح القانون وبات النعي عليه بالبطلان قائماً على غير سند كما لا ينال من ذلك الادعاء أنها بشأن جريمة مستقبلة إذ أوضحت التحريات أن المتهم الأول هو المهيمن على التعاقد وأن التحريات قد أشارت إلى صحة بلاغ المبلغ ووجود اتفاق مسبق وتام على تقاضي مبالغ بشأن التعاقد السابق وأنه بصدد تقاضي تلك المبالغ المتفق عليها، ومن ثم بات الادعاء بأنها جريمة مستقبلة قائماً بدوره على غير سند" وذلك من الحكم رد سائغ إذ أنه من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار أمر التفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فمتى كانت المحكمة وعلى ما أفصحت عنه فيما تقدم قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره وأنه صدر عن جريمة تحقق وقوعها وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون، هذا فضلاً عن أن المحكمة لم تبن قضاءها بصفة أصلية على فحوى الدليل الناتج من تفريغ الأشرطة وإنما استندت إلى هذه التسجيلات كقرينة تعزز بها أدلة الثبوت التي أوردتها ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع بأن اعتراف المتهم الثاني كان وليد إكراه وتهديد ووعد ووعيد واطرحه في قوله "وكانت تقريرات المتهم الثاني بمحضر التحقيق الابتدائي قد صدرت منه طواعية واختياراً واضحة الدلالة في شأن اتفاقه والمتهم الأول على أن يأخذ الأخير عطية لقاء عمل من أعمال وظيفته وقدر هذه العطية المتفق عليها وما تسلمه منها بالخارج وكيفية تسليمها إليه وما تبقى منها وكيفية تسليمها إليه في مصر وقد خلت الأوراق من دليل على أن تلك التقريرات كانت نتيجة وعد ووعيد أو تهديد واتفقت تقريراته مع ما قدمه من مستندات دالة على وفائه بما اتفق عليه مع المتهم الأول وإيداعه بنفسه أو بمعرفة أحد عماله بقدر العطية المتفق عليها في حساب المتهم الأول بالبنك وما أجراه بشأنها من تحويلات سواء في العملة المتفق على السداد بها أو الدولة المحول إليها، ومن ثم كانت واضحة الدلالة في توافر أركان جريمة الرشوة باعتباره راشياً، ويكون المتهم الأول مرتشياً فيها" وهذا الذي أورده الحكم سائغاً وكافياً للرد على هذا الدفع لما هو مقرر من أن الاعتراف في المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات وأن سلطتها مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وفي حق غيره من المتهمين وفي أي دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك، ومتى خلصت إلى سلامة الدليل المستمد من الاعتراف فإن مفاد ذلك أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر مؤدى اعتراف المتهم الثاني في التحقيقات وخلص على سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف لما ارتآه من مطابقته للواقع فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن بعدم سريان القانون المصري على الجرائم المنسوبة إليه وأطرحها في قوله "وحيث إنه عن الدفع بأن الواقعة برمتها قد تمت بالخارج حيث يعد ذلك الاتفاق مباحاً غير معاقب عليه فإن ذلك القول مردود بأن الفعل المسند إلى المتهمين معاقب عليه وفق أحكام قانون العقوبات المصري وأنه وإن كان الاتفاق قد تم بالخارج وثبت سداد الجزء الأول من العطية بالخارج بالفعل بطريق الإيداع بحسابه بالبنك فإن ارتباط الصفقتين ببعضهما ارتباطاً لا يقبل التجزئة واتفاقهما على أن يكون سداد الجزء الباقي من العطية بالدولار الأمريكي وقدرها 7540 دولار في مصر ثم حضور المتهم الثاني موضحاً أن من أسباب حضوره سداد ذلك المبلغ الباقي المتفق عليه مما يضحى معه سداد الجزء الباقي في دائرة الاختصاص المكاني داخل حدود جمهورية مصر العربية بمثابة وقوع جزء من الجريمة داخل مصر وتضحى المحكمة مختصة قانوناً بنظر الدعوى استناداً إلى حكم المادة 2/ 1 من قانون العقوبات..." وذلك من الحكم يكفي ويسوغ به الرد على الدفع وكانت الفقرة أولاً من المادة الثانية من قانون العقوبات قد نصت استثناء من قاعدة إقليمية القوانين الجنائية - على أن تسري أحكام هذا القانون على كل من ارتكب خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الاتفاق بين الطاعن والمتهم الثاني على مبلغ الرشوة قد امتد على أن يكون سداد الجزء الباقي من العطية بالدولار الأمريكي وقدرها 7540 دولار في مصر ثم حضور المتهم الثاني إلى مصر موضحاً أن من أسباب حضوره سداد ذلك المبلغ الباقي المتفق عليه فإن في ذلك ما يكفي لسريان قانون العقوبات المصري على الواقعة طالما أن الجريمة التي ارتكبت وقع بعضها في مصر هذا فضلاً عن أنه لما كانت المادة الأولى من قانون العقوبات قد نصت على أن تسري أحكام هذا القانون على كل من يرتكب في القطر المصري جريمة من الجرائم المنصوص عليها فيه ونصت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وكان مكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر الفعل والنتيجة وعلاقة السببية بينهما، وتعتبر الجريمة أنها ارتكبت في المكان الذي وقع فيه الفعل المادي وفي المكان الذي حدثت فيه النتيجة وفي كل مكان تحققت فيه الآثار المباشرة للفعل والتي تتكون من الحلقات السببية التي تربط بين الفعل والنتيجة كما أنه من المقرر أن جريمة الرشوة تتم بمجرد طلب الرشوة من جانب الموظف والقبول من جانب الراشي وما تسليم المبلغ بعد ذلك إلا نتيجة لما تم الاتفاق عليه بينهما، وإذ كانت واقعة الدعوى كما وردت في أمر الإحالة وفي الحكم هي أن الطاعن طلب من المحكوم عليه الآخر رشوة ووافقه المحكوم عليه الآخر على ذلك بمناسبة توريد قوالب بلاستيك ومعدات معمل تحليل للهيئة التي يمثلها الطاعن الذي اشترط أن يكون تسليم جزء من المبلغ في مصر نفاذاً للاتفاق الذي تم بينهما في هذا الشأن وأن التسليم تم بالفعل بجمهورية مصر العربية وقام بعرض هذا الجزء من المبلغ على رئيس مجلس إدارة مصنع.... الشاهد الأول على سبيل الرشوة فإن المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه تكون مختصة بنظر الدعوى وتطبيق القانون المصري عليها إعمالاً لنص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية آنفة الذكر اعتباراً بأنها المحكمة المختصة ولا يحول دون ذلك أن يكون الاتفاق على واقعة الرشوة قد تم بالخارج ما دامت واقعة تسليم جزء من مبلغ الرشوة وعرضه على الشاهد الأول - وهي حلقة من حلقات النشاط الإجرامي قد تمت بجمهورية مصر العربية ويكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأن الجريمة تحريضية من الشاهد الأول بقصد الإيقاع به وأطرحه في قوله "وحيث إنه بشأن دفاع المتهم الأول بأن الجريمة تحريضية من الشاهد الأول وبقصد الإيقاع به فإن ذلك مردود بأن كل الحديث الذي دار بينهما وفقاً للثابت بالتسجيلات وتفريغها بأوراق الدعوى ما هو إلا محاولة من الشاهد الأول لكشف تفصيلات الجريمة وحلقاتها السابقة والتالية وكشف أركانها وحقيقة قصد المتهم الأول منها وليس دفعه إلى ارتكابها إذ أن إرادة المتهم الأول فيها كانت حرة طليقة في ارتكابها وانزلاقه إليها كان وليد إرادة تامة غير مشوبة بشيء". وذلك من الحكم رد سائغ يصادف صحيح القانون ذلك أنه من المقرر أنه لا يؤثر في قيام جريمة الرشوة أن تكون قد وقعت نتيجة تدبير لضبطها وألا يكون المرتشي جاداً في قبوله الرشوة متى كان عرضها جدياً في ظاهره وكان الغرض منها العبث بمقتضيات الوظيفة لمصلحة الراشي ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن الجريمة المنسوبة إليه قد وقعت بناء على اتفاق بين الشاهد الأول والمتهم الثاني والشركة الوسيطة بقصد الإطاحة به فإن ما أثاره من ذلك لدى محكمة الموضوع بقصد التشكيك في أقوال شاهد الإثبات الأول وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق التهمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من المحكمة بل الرد يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الدعوى التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها، ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات والتفاته عن دفاع الطاعن في هذا الشأن ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بوجه طعنه إنما ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى وفي استنباط معتقدها منها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بالأدلة السائغة التي أوردها أن الطاعن طلب وأخذ عطية من المتهم الثاني مقابل إتمام إجراءات صفقة تجارية لجهة عمله بمعرفة الشركة الخاصة بالمتهم الثاني وتسهيل إتمام صفقة أخرى بين هاتين الجهتين لتوريد أجهزة معملية وما أورده الحكم يتوافر به العناصر القانونية لجريمة الرشوة المعاقب عليها بالمادة 103 من قانون العقوبات على ما هي محددة به في القانون، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في الرشوة يتوافر بمجرد علم المرتشي عند طلب أو قبول الوعد أو العطية أو الفائدة أنه يفعل هذا لقاء القيام بعمل أو الامتناع عن عمل من أعمال وظيفته أو للإخلال بواجباته وأنه ثمن لاتجاره بوظيفته واستغلالها ويستنتج هذا الركن من الظروف والملابسات التي صاحبت العمل أو الامتناع أو الإخلال بواجبات الوظيفة وكان الحكم المطعون فيه قد دلل على أن العطية قدمت للطاعن تنفيذاً للاتفاق السابق الذي انعقد بينه وبين المتهم الثاني مما يتحقق معه معنى الاتجار بالوظيفة ويتوافر به القصد الجنائي - كما هو معرف به في القانون - ولا يشترط أن يستظهر الحكم هذا الركن على استقلال ما دامت الوقائع كما أثبتها تفيد توافره ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 49048 لسنة 59 ق جلسة 7 / 6 / 1994 مكتب فني 45 ق 110 ص 726

 برئاسة محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبى رئيس المحكمة وعمر بريك ويوسف عبد السلام.
---------------
إن المادة الثانية من قانون العقوبات تنص على أنه تسرى أحكام هذا القانون أيضا على الأشخاص الأتي ذكرهم أولا : كل من أرتكب في خارج القطر فعلا يجعله فاعلا أو شريكا في جريمة وقعت في القطر المصري .... إلخ وقضت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر هي الفعل والنتيجة وعلاقة السببية ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها بالتبعية للدعوى الجنائية التي لا يجوز رفعها إلا من النيابة العامة دون أن يعني الحكم ببيان ماهية هذا الفعل وهل وقع الركن المادي للجريمة بالخارج أم أن جزءا منه وقع داخل القطر المصري الأمر الذي يستفاد منه أن المحكمة لم تلم بالدعوى الماماً كاملاً شاملاً يهيئ لها أن تمحصه التمحيص الكافي الذي يدل علي أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعريف الحقيقة مما يعجز محكمة النقض عن أعمال رقابتها على الوجه الصحيح فإن الحكم يكون مشوبا بالقصور الذي يعيبه.
--------------
     الوقائع
اقام المدعى بالحقوق المدنية دعواه بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح بولاق ضد المطعون ضده بوصف أنه قذف في حقه بإحدي طرق النشر بأن نشر بإحدي المجلات الصادرة من وزارة الإعلام ...... أموراً ووقائع لو صحت لاستوجبت احتقاره بين أهله ووطنه وطلب عقابه بالمادتين 303، 307 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 51 جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً ببراءة المطعون ضده ورفض الدعوى المدنية.
استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة شمال القاهرة الإبتدائية -بهيئة استئنافية- قضت غيابياً وبإجمال الآراء بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضي به في الدعوى المدنية وإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للمدعى بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيهاً علي سبيل التعويض المؤقت. عارض المطعون ضده وقضي في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وبعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها بالتبعية للدعوى الجنائية التي لا يجوز رفعها إلا من النيابة العامة.
فطعن المدعى بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
---------------
     المحكمة
من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ذلك بأنه قضى بعدم قبول الدعوى المدنية تبعاً لعدم جواز رفع الدعوى الجنائية إلا من النيابة العامة دون أن يورد أسباباً كافية لقضائه وبين وقوع الفعل واعتبر أنه وقع في الخارج رغم أن ركن العلانية قد تحقق وقوعه بالقاهرة مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن المادة الثانية من قانون العقوبات تنص على أنه تسري أحكام هذا القانون أيضاً على الأشخاص الآتي ذكرهم أولاً: كل من ارتكب في خارج القطر فعلاً يجعله فاعلاً أو شريكاً في جريمة وقعت كلها أو بعضها في القطر المصري ........ الخ وقضت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية على أن يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وكان ارتكاب الجريمة هو المكان الذي يتحقق فيه ركنها المادي أو جزء من هذا الركن والذي يقوم على ثلاثة عناصر هي الفعل والنتيجة وعلاقة السببية. ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى بعدم قبول الدعوى المدنية لرفعها بالتبعية للدعوى الجنائية التي لا يجوز رفعها إلا من النيابة العامة دون أن يعني الحكم بيان ماهية هذا الفعل وهل وقع الركن المادي للجريمة بالخارج أم أن جزءاً منه وقع داخل القطر المصري الأمر الذي يستفاد منه أن المحكمة لم تلم بالدعوى إلماماً كاملاً شاملاً يهيئ لها أن تمحصه التمحيص الكافي الذي يدل على أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور الذي يعيبه ويوجب نقضه فيما قضى به في الدعوى المدنية وألزمت المطعون ضده المصروفات المدنية.