هيئة المحكمة : الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران
الصديق أبو الحسن وفلاح الهاجري .
1- الارتباط بين الجرائم قائم في حال وجود عنصر مشترك مؤثر على عناصر
الاثبات الاخرى أو سير التحقيق فيها.
- جريمة – اثبات – تحقيق .
2- جواز مخالفة قاعدة الاختصاص المكاني في حال توافر الارتباط بين
الجرائم واحالة الدعوى إلى المحكمة المختصة مكانياً بإحداها أو إلى المحكمة الاعلى
درجة وذلك منعاً لتضارب الاحكام ولحسن سير العدالة.
- اختصاص – جريمة – حكم – عدالة .
3- سلطة محكمة الموضوع في تقدير مدى توافر الارتباط بين الجرائم شرط
اقامة قضائها على اسباب سائغة.
- محكمة الموضوع – جريمة .
4- سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع وتقدير الادلة والاخذ
باعتراف المتهم بالرغم من عدوله عنه فيما بعد وذلك في صدوره عنه بارادة حرة مختارة
شرط اقامة قضائها على اسباب سائغة.
- محكمة الموضوع – ادلة – اعتراف – ارادة .
5- قيام مأمور الضبط القضائي الحاصل على اذن بالتفتيش بندب مأموراً
آخر للقيام بالمهمة بدلاً عنه هو امر صحيح شرط تصريح الاذن له بذلك وكون المندوب
تابعاً للنادب في عمله.
- ضبط قضائي – تفتيش – اذن – انتداب – عمل .
6- عمل الاكراه هو الاصل وعلى المدعي العكس اثبات ذلك.
- اكراه – اثبات .
7- الدفع بشيوع التهمة هو دفع موضوعي غير لازم رداً خاصاً من المحكمة
في حال تضمن الحكم ثبوت التهمة.
- دفاع ودفوع – اثبات .
8- وجوب تضمن حكم الادانة بياناً للواقعة المستوجبة للعقوبة وظروف
ارتكاب الجريمة والاشارة إلى النص القانوني المحكوم بموجبه مع عدم التزام المحكمة
بالرد على كل اقوال الخصوم.
- عقوبة – خصومة – حكم .
9- اعفاء الجناة من العقوبات المقررة للجرائم المبينة في المواد 46
و48 و49 و50 عقوبات في ابلاغهم السلطات القضائية أو الادارية عن المعلومات التي
لديهم قبل البدء في ارتكاب الجريمة.
- جناية – عقوبة – تبليغ – سلطة قضائية – قضاء –
ادارة – جريمة .
10- جواز اعفاء المحكمة الجناة من العقوبة في حال ابلاغهم عن
المعلومات التي لديهم بعد ارتكاب الجريمة وقبل البدء في التحقيق اضافة إلى جواز
تخفيفها العقوبة في حال تسهيل الجاني للسلطة المختصة القبض على احد مرتكبي
الجريمة.
- جناية – عقوبة – تبليغ – جريمة – تحقيق – اختصاص
– قبض .
11- سلطة محكمة الموضوع بالفصل في جواز الاعفاء أو تخفيف العقوبة شرط
اقامة قضائها على اسباب سائغة.
- محكمة الموضوع – عقوبة .
ملخص
المكتب الفني للمحكمة الاتحادية العليا
( 1 ) اختصاص " اختصاص مكاني ". دعوى . ارتباط .
الاختصاص يتعين بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة . تقديم متهم أو
أكثر عن جريمة واحدة ، أو عن جرائم مرتبطة شملها تحقيق واحد إلى جهتين من جهات
الحكم ، وكانت كلتاها مختصة ، إحالة الدعوى الي المحكمة التي قدمت إليها أولاً .
تقدير مدى الارتباط موضوعي .
( 2 ) محكمة الموضوع " سلطتها . إثبات " الاعتراف
". جريمة " الجريمة التعزيرية ".
فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الاتهام فيها سلطة لمحكمة
الموضوع . لها الأخذ باعتراف المتهم أمام الشرطة أو النيابة العامة ، ولو رجع عنه
في الجرائم التعزيرية .
( 3 ) مأمور الضبط القضائي . " في التفتيش ". تفتيش .
ندب مأمور الضبط القضائي الذي صدر له إذن التفتيش لمأمور أخر
للقيام به كتابة أو شفاهة صحيح . شرطه إباحة الإذن ذلك .
( 4 ) دفاع . مواد مخدرة . محكمة الموضوع .
الدفع بشيوع التهمة دفع موضوعي لا يستأهل رداً خاصة من المحكمة
. شرطه تضمن الأدلة ما يفيد ثبوت تهمة حيازة المخدر في حق المتهم .
( 5 ) حكم " تسبيب الأحكام ".
وجوب أن يتضمن حكم الإدانة بيانا للواقعة المستوجبة للعقوبة
والظروف التي وقعت فيها وأن يشير إلي نص القانون الذي حكم بموجبه م 216 إجراءات
جزائية وأن تفصل المحكمة في الطلبات والدفوع م 217 إجراءات جزائية . عدم التزامها
بالرد علي كل ما أثاره الخصوم . شرطه أن تقيم قضاءها علي ما يكفي لحمله .
( 6 ) تحقيق . عقوبة . مواد مخدرة . أساب الإباحة وموانع العقاب
. محكمة الموضوع .
مناط الإعفاء من العقوبة المقررة في مكافحة
المخدرات والمؤثرات العقلية هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة . ويقوم أحدهم
بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بما يعلمه عنها قبل البدء في ارتكاب الجريمة
. القيام بالإبلاغ بعد ارتكابها وقبل البدء في التحقيق . مؤداه جواز إعفاء المحكمة
للمتهم . شرطه إسهام إبلاغه في معاونة السلطات للتوصل لباقي الجناة . للمحكمة أن
تخفف العقوبة إذا سهل المتهم للسلطات _ أثناء التحقيق أو المحاكمة القبض علي احد
مرتكبي الجريمة مادة 55 من قانون مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية . عدم
تحقق صدق التبليغ مؤداه عدم استحقاق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته . الفصل في ذلك
من سلطة محكمة الموضوع .
1 - أنه وإن كان نص المادة 142 من قانون الإجراءات الجزائية
بأنه ( يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة ) إلا أن نص المادة 145 من
ذات القانون من أنه ( إذا قدم متهم أو أكثر عن جريمة واحدة أو عن جرائم مرتبطة
شملها تحقيق واحد ، إلى جهتين من جهات الحكم ، وكانت كلتاهما مختصة ، تحال الدعوى
إلى المحكمة التي قدمت إليها أولاً ). ومؤدى ذلك أن الارتباط يكون قائماً بين
الجرائم التي يتناولها التحقيق الواحد إذا كان بينها عنصر مشترك يؤثر على عناصر
الإثبات الأخرى أو سير التحقيق فيها ، ولا شك أن الارتباط البسيط قد يبرر نظر
الدعاوى الناشئة عن الجرائم المرتبطة أمام محكمة واحدة نظراً لحسن سير العدالة
ومنعا من تضارب الأحكام ومن أجل ذلك يجوز فيها مخالفة قواعد الاختصاص المكاني
وإحالة الدعاوى إلى المحكمة المختصة مكانياً بإحداها متى كانت قد قدمت إليها
الدعوى أولاً أو إحالتها إلى المحكمة الأعلى درجة حسب الأحوال وتقدير مدى توافر
قيام الارتباط من عدمه مرجعه إلى محكمة الموضوع متى كان ذلك سائغاً وكافياً لحمل
قضائها في هذا الخصوص .
2 - أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الاتهام فيها – والأخذ باعتراف المتهم
أمام الشرطة أو النيابة العامة ، ولو رجع عنه في الجرائم التعزيرية متى صدر منه
هذا الاعتراف عن إرادة حره مختارة طالما كان مطابقاً لحقيقة الواقع في الدعوى ولا
رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند ، وحسبها أن تقيم قضاءها على
أسباب سائغة تكفي لحمله .
3 - أن ندب مأمور الضبط القضائي الذي صدر له إذن التفتيش –
مأموراً آخر للقيام به بدلاً منه كتابة أو شفاهة صحيح متى كان الإذن قد أباح له ذلك
، وكان المندوب ممن يتبعون النادب في عمله . وأنه إذا صدر إذن التفتيش من النيابة
العامة لأحد مأموري الضبط أو من يعاونه أو يندبه ، فإن انتقال أي من هؤلاء لتنفيذه
يجعل ما أجراه بمفرده صحيحاً لوقوعه في حدود الأمر الصادر من النيابة العامة بذلك
والذي خول كلاً منهم سلطة إجرائه ما دام أن من أذن بالتفتيش لم يقصد أن يقوم
بتنفيذه شخص معين بالذات بحيث يكون مقصوراً عليه لا يتعداه بالإجازة إلى غيره .
كما أنه لا يشترط أن يكون مأمور الضبط الذي استصدره قد ندب زميله كتابة أسوة
بالأمر الصادر من النيابة العامة نفسها ، بل يجوز أن يكون الندب شفاهة . ومن
المقرر كذلك أن الأصل في الإجراءات الصحة ، وأن عدم الإكراه هو الأصل ويقع عبء
الإثبات على من يدعي خلاف هذا الأصل .
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفع بشيوع التهمة هو
دفع موضوعي لا يستأهل رداً خاصاً من المحكمة متى تضمنت الأدلة التي اطمأن إليها
الحكم ما يفيد ثبوت تهمة حيازة المخدر في حق المتهم .
5 - أن المادتين 216 ، 217 من قانون الإجراءات الجنائية لم
توجبا في الحكم إلا أن يشتمل على الأسباب التي بني عليها ، وأن يتضمن حكم الإدانة
بياناً للواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وأن يشير إلى نص
القانون الذي حكم بموجبه وان تفصل المحكمة في الطلبات والدفوع التي تقدم إليها من
الخصوم ، وتبين الأسباب التي استندت إليها وأن تذكر بطبيعة الحال الأدلة التي
أقامت عليها قضاءها ، وهي ليست ملزمة من بعد أن ترد على ما كل أثاره الخصوم ، طالما
أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله .
6 - أن نص المادة 55 من القانون الاتحادي 14/95
بشأن مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية من أنه ( يعفى من العقوبات المقررة
للجرائم المبينة في المواد 46 ، 48 ، 49 ، 50 كل من بادر من الجناة إلى إبلاغ
السلطات القضائية أو الإدارية بما يعلمه عنها قبل البدء في ارتكاب الجريمة ، ويجوز
للمحكمة الإعفاء من العقوبة إذا حصل الإبلاغ بعد ارتكاب الجريمة وقبل البدء في
التحقيق ، كما يجوز للمحكمة تخفيف العقوبة إذا سهل الجاني للسلطات المختصة أثناء
التحقيق أو المحاكمة القبض على أحد مرتكبي الجريمة ) يدل على أن مناط الإعفاء من
العقوبة المقررة للمواد سالفة الذكر ومنها حيازة مادة الحشيش الواردة بالجدول ( 4
) الملحق بالقانون الذي تتحقق به حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في
الجريمة فاعلين أو شركاء فيها ، ويقوم أحدهم بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية
بما يعلمه عنها قبل البدء في ارتكاب الجريمة . فإذا حصل الإبلاغ بعد ارتكاب
الجريمة ، وقبل البدء في التحقيق فإنه يجوز لمحكمة الموضوع إعفاء المتهم الذي أبلغ
عن غيره من الجناة من العقوبة ، شريطة أن يسهم إبلاغه إسهاماً ايجابياً ومنتجاً في
معاونة السلطات للتوصل إلى باقي الجناة . كما - يجوز للمحكمة تخفيف العقوبة إذا
سهل المتهم للسلطات المختصة – أثناء التحقيق أو المحاكمة القبض على أحد مرتكبي
الجريمة . وذلك باعتبار أن هذا الإعفاء أو التخفيف هو نوع من المكافأة أجاز
القانون منحها لكل من يؤدي خدمة للعدالة . فإذا لم يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير
متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع .
والفصل في كل ذلك وفي جواز الإعفاء أو التخفيف من سلطة قاضي الموضوع متى كان ذلك
سائغاً وكافياً لحمل قضائه . وإلا كان حكمة معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال
بحق الدفاع بما يوجب نقضه .
المحكمة ،
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة .
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية .
وحيث إن الواقعة تتلخص على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر
الأوراق في أن النيابة العامة اتهمت الطاعنين إبراهيم .....، وفاضل ..... وآخر
محمد ..... لأنهم في 16/1 / 2000 وأيام سابقة عليه بدائرة أبو ظبي .
الطاعن في الطعن الأول : ابراهيم ..... ( أ ) جلب مادة مخدرة
حشيشاً بقصد الاتجار بالمخالفة لأحكام القانون ( ب ) تعاطى مواد مخدرة (( حشيشا ،
مورفين ، كودايين )) بالمخالفة لأحكام القانون .
الطاعن في الطعن الثاني : فاضل ..... ( أ ) جلب مادة مخدرة ((
حشيشاً )) بالمخالفة لأحكام القانون ( ب ) اشترك بطريق الاتفاق مع المتهم الأول في
جلب مادة الحشيش المخدرة المبينة بالتهمة الأولى بأن اتفق معه على ذلك ، فقام
الأول بإحضارها من سلطنة عمان إلى داخل الدولة ، فتمت الجريمة بناء على ذلك
الاتفاق ( ج ) حاز بقصد التعاطي المادة المخدرة سالفة الذكر بالمخالفة لأحكام
القانون .
ثالثاً – الطاعن في الطعن الثاني – والمحكوم عليه الآخر – محمد
..... معاً – تعاطيا المادة المخدرة سالفة الذكر بالمخالفة لأحكام القانون ، وطلبت
معاقبتهم طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية والمواد 1/1 ، 5 ، 6/1 ، 34 و 39 ، 48 ،
56 ، 63 ، 65 من القانون 14/95 في شأن مكافحة المواد المخدرة والمؤثرات العقلية
والبندين 19 ، 65 من الجدول رقم 1 والبند رقم 7 من الجدول رقم 2 – الملحقين به
والمادتين 45/2 ، 47 من قانون العقوبات الاتحادي . وبجلسة 7/10/2000 حكمت محكمة
جنايات أبو ظبي الشرعية حضورياً : أولاً – بإدانة الطاعن إبراهيم عبد الله الفارسي
( 1 ) بارتكابه جريمة جلب مادة مخدرة الحشيش بغير قصد الاتجار ( بعد تعديل الوصف )
ومعاقبته تعزيراً بالسجن مدة خمس عشرة سنه ، وبغرامة مائه ألف درهم من تاريخ
توقيفه ( 2 ) بارتكابه جريمة تعاطي المواد المخدرة ومعاقبته تعزيراً بالسجن مدة
أربع سنوات وتنفيذ العقوبات المقيدة للحرية بالتعاقب . ثانياً - بإدانة الطاعن
فاضل حميد البادي ( 1 ) بارتكابه جريمتي الجلب والاشتراك مع المتهم الأول في جلب
مخدر الحشيش ومعاقبته تعزيراً بالسجن لمدة خمس عشر سنه ، وبغرامة مائة ألف درهم من
تاريخ توقيفه ( 2 ) بارتكابه جريمتي حيازة مخدر الحشيش بقصد التعاطي – وتعاطيه .
ومعاقبته تعزيراً بالسجن أربع سنوات وتنفذ العقوبات المقيدة للحرية بالتعاقب .
ثالثاً – بإدانة المتهم الآخر – محمد .....– بارتكاب جريمة تعاطي مخدر الحشيش
ومعاقبته تعزيراً بالسجن أربع سنوات من تاريخ توقيفه . رابعاً – مصادرة المواد
المخدرة المضبوطة محل الجريمة وإعدامها . خامساً – إبعاد المحكوم عليهم عن الدولة
بعد تنفيذ العقوبات .
استأنف الطاعن إبراهيم .... الحكم برقم 1569/2000 والطاعن فاضل
..... برقم 1562/2000 ومحمد ..... برقم 1580/2000 شرعي أبو ظبي .
وبجلسة 6/2 / 2001 حكمت المحكمة بإلغاء الفقرة الثالثة من الحكم
المستأنف وقضت مجدداً ببراءة محمد علي محمد من الاتهام المسند إليه وتأييد الحكم
فيما عدا ذلك ، فطعن الأول بالطعن 75/23 والثاني بالطعن 77/23 ، وأودعت النيابة
مذكرة برأيها في الطعنين رأت فيها رفض الطعن 75/23 وفي موضوع الطعن 77/23 بنقض
الحكم المطعون فيه والإحالة .
أولاً : - الطعن 75/23 – المقدم من إبراهيم
حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون
والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع
ومخالفة الثابت بالأوراق من وجوه .
الوجه الأول : يقول فيه إن الجريمة وقعت بمدينة العين وليس في
أبو ظبي ، فينعقد الاختصاص لمحكمة العين وحدها . وقد خالف الحكم هذا النظر مما
يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه وإن كان نص المادة 142 من قانون الإجراءات الجزائية
بأنه ( يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة ) إلا أن نص المادة 145 من
ذات القانون من أنه ( إذا قدم متهم أو أكثر عن جريمة واحدة أو عن جرائم مرتبطة
شملها تحقيق واحد ، إلى جهتين من جهات الحكم ، وكانت كلتاهما مختصة ، تحال الدعوى
إلى المحكمة التي قدمت إليها أولاً ). ومؤدى ذلك أن الارتباط يكون قائماً بين
الجرائم التي يتناولها التحقيق الواحد إذا كان بينها عنصر مشترك يؤثر على عناصر
الإثبات الأخرى أو سير التحقيق فيها ،
ولا
شك أن الارتباط البسيط قد يبرر نظر الدعاوى الناشئة عن الجرائم المرتبطة أمام
محكمة واحدة نظراً لحسن سير العدالة ومنعا من تضارب الأحكام ومن أجل ذلك يجوز فيها
مخالفة قواعد الاختصاص المكاني وإحالة الدعاوى إلى المحكمة المختصة مكانياً
بإحداها متى كانت قد قدمت إليها الدعوى أولاً أو إحالتها إلى المحكمة الأعلى درجة
حسب الأحوال
وتقدير
مدى توافر قيام الارتباط من عدمه مرجعه إلى محكمة الموضوع متى كان ذلك سائغاً
وكافياً لحمل قضائها في هذا الخصوص .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن قسم
مكافحة المخدرات بالإدارة العامة بشرطة أبو ظبي استصدر بتاريخ 15/1 / 2000 إذنا من
النيابة العامة في الساعة 5 ، 1 ظهراً بالقبض على الطاعن في الطعن الثاني فاضل
حميد خميس ، ولدى سؤاله بواسطة قسم المكافحة بشرطة أبو ظبي بتاريخ 16/1 / 2000 في
الساعة الخامسة عصراً ، أفاد بمحضر التحريات بأنه يحصل على مخدر الحشيش من شخص
يدعي إبراهيم .....– الطاعن في الطعن الأول - والذي يتردد دائماً على مدينة العين
وأبو ظبي - وفي ذات التاريخ في الساعة 20 ، 5 عصراً استصدرت الشرطة إذناً من
النيابة العامة بأبو ظبي بانتداب أحد السادة أعضاء النيابة العامة بالعين للإذن
لرئيس قسم مكافحة المخدرات أو لمن ينتدبه من أفراد الضبطية القضائية المختصين لضبط
وتفتيش هذا الطاعن وتفتيش السيارة التي يقودها ساعة الضبط ، وذلك بحثاً عن أي مواد
مخدرة أو أي ممنوعات تظهر عرضا أثناء التفتيش ، وخولته باقي صلاحيات إصدار الإذن .
وفي ذات اليوم في الساعة السابعة وثلاثين دقيقة أصدر وكيل نيابة العين المناوب
إذنا للنقيب مكتوم على عزيز أو من ينيبه أو ينوب عنه من رجال الضبطية القضائية
المختصة بضبط المتهم الطاعن في الطعن الأول وتفتيشه وتفتيش سيارته وضبط وتفتيش من
يوجد معه ساعة الضبط بحثاً عن أي مواد مخدرة يحوزها أو يحرزها وفي نفس التاريخ تم
ضبطه والتحقيق معه في الساعة 45 ، 11 مساء بواسطة الملازم عبيد سلطان بتكليف من
رئيس قسم مكافحة المخدرات لشرطة أبو ظبي .
لما كان ذلك وكان هناك متهم آخر شريك مع الطاعن في الجريمة – هو
فاضل حميد خميس قد تم القبض عليه بتاريخ 15/1 / 2000 قبل القبض على هذا الطاعن ،
وكانت النيابة العامة قد أحالت المتهمين جميعاً على محكمة جنايات أبو ظبي بما فيهم
الطاعن ، فإن محكمة جنايات أبو ظبي تكون هي المختصة بنظر الدعوى الجزائية المقامة
على الطاعن المذكور وزملائه أمامها عملاً بالمادة 145 من قانون الإجراءات الجزائية
، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضي برفض دفع الطاعن بعدم اختصاص
المحكمة مكانياً بنظر الدعوى على أساس ذلك فإن النعي يكون على غير أساس متعين
الرفض .
وحيث إن الطاعن يقول في الوجه الثاني والثالث والرابع والسادس
أن ضبطه تم قبل وجود أدلة جدية وقبل صدور إذن من النيابة العامة ، ولم يكن ذلك تحت
إشراف الضابط المأذون له بالتفتيش لأن النقيب سلطان ..... الذي تولى إجراءات القبض
والتفتيش لم يكن مأذونا له به ، فوقع القبض والتفتيش باطلين . وكذلك يبطل الاعتراف
المنسوب إليه لترتبه على إجراء باطل ، ولأنه جاء غير مطابق لحقيقة الواقع ، إذ أن
الثابت من الأوراق أنه في يوم 16/1 / 2000 في الساعة ( 5 ) عصراً أخذت أقوال
المتهم الثاني عن مصدر حصوله على المخدر ، فأفاد بأن مصدره المتهم الأول – الطاعن
– وكان وقت القبض على الأخير – كما قرر النقيب ..... – ما بين الساعة السادسة
والساعة السابعة والستة وعشرين دقيقه ، فكانت الفترة التي رتبت فيها الشرطة
الاتصال بين الأول والثاني لإحضار مخدر الحشيش إلى العين بعد الخامسة عصراً وإلقاء
القبض على الطاعن بعد صلاة المغرب بفترة قصيرة أقل من ساعة ونصف ، لا تسمح للطاعن
أن يقوم خلالها بالوصول إلى ولاية صحار بعمان لإحضار المخدر ثم العودة به مرة أخرى
إلى العين قبل ميعاد الضبط بينما المسافة بين صحار والعين تزيد على مائتي كيلومتر
مما يتضح منه أن اعترافه لم يكن مطابقاً للحقيقة والواقع وجاء وليد قسوة وإكراه
وقد تمسك ببطلانه . كما أنه شكك في نتيجة فحص عينة البول لاحتمال اختلاط العينات
لأن الفحص قد أظهر فيها ( حشيش + مورفين + كودايين ) وهذه المواد لم تضبط معه ولم
يعرض الحكم المطعون فيه لهذا الدفاع الجوهري ، مما يعيبه بمخـالفة القانون والثابت
بالأوراق ويوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع سلطة
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الاتهام فيها – والأخذ باعتراف المتهم
أمام الشرطة أو النيابة العامة ، ولو رجع عنه في الجرائم التعزيرية متى صدر منه
هذا الاعتراف عن إرادة حره مختارة طالما كان مطابقاً لحقيقة الواقع في الدعوى .
ولا رقيب عليها في ذلك طالما لم تعتمد على واقعة بلا سند ، وحسبها أن تقيم قضاءها
على أسباب سائغة تكفي لحمله .
كما
أن ندب مأمور الضبط القضائي الذي صدر له إذن التفتيش – مأموراً آخر للقيام به
بدلاً منه كتابة أو شفاهة صحيح متى كان الإذن قد أباح له ذلك ، وكان المندوب ممن
يتبعون النادب في عمله .
وأنه إذا صدر إذن التفتيش من النيابة العامة لأحد مأموري الضبط
أو من يعاونه أو يندبه ، فإن انتقال أي من هؤلاء لتنفيذه يجعل ما أجراه بمفرده
صحيحاً لوقوعه في حدود الأمر الصادر من النيابة العامة بذلك والذي خول كلاً منهم
سلطة إجرائه ما دام أن من أذن بالتفتيش لم يقصد أن يقوم بتنفيذه شخص معين بالذات
بحيث يكون مقصوراً عليه لا يتعداه بالإجازة إلى غيره . كما أنه لا يشترط أن يكون
مأمور الضبط الذي استصدره قد ندب زميله كتابة أسوة بالأمر الصادر من النيابة
العامة نفسها ، بل يجوز أن يكون الندب شفاهة .
ومن
المقرر كذلك أن الأصل في الإجراءات الصحة ، وأن عدم الإكراه هو الأصل ويقع عبء
الإثبات على من يدعي خلاف هذا الأصل .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه ، وكما
سبق بيانه في الرد على الوجه الأول – من الطعن – أن وكيل نيابة العين المناوب بناء
على ندبه من وكيل نيابة أبو ظبي أصدر إذنه بتاريخ 16/1 / 2000 في الساعة السابعة
والنصف – للنقيب مكتوم على عزيز أو من ينوب عنه أو ينيبه من رجال الضبطيه القضائية
المختصة بذلك لضبط الطاعن إبراهيم ..... وتفتيشه وتفتيش سيارته ، وضبط وتفتيش من
يوجد معه ساعة الضبط ، وقد تم ضبطه يوم 16/1 / 2000 بناء على إذن وكيل النيابة
وحرر محضر الضبط موقعاً من النقيب سلطان .....، والشرطي وليد ثابت الكندي من شرطة
أبو ظبي والنقيب مكتوم ..... والعريف درويش ..... والشرطي علي ..... من شرطة العين
فإن إجراءات القبض والتفتيش تكون قد تمت صحيحة قانوناً وما ترتب عليها من إجراءات لاحقة
تكون أيضاً قد وقعت صحيحة وفق ما رسمه القانون وعلى من يدعي خلافها عبء أثبات ذلك
. وإذ لم يثبت الطاعن ما ادعاه فإن النعي في هذا الخصوص يكون على غير أساس متعين
الرفض . سيما وأن الضابط مكتوم على نفسه المأذون بالقيام بالإجراء قد شارك في
تنظيم محضر الضبط . وإذ تصدى الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه
لدفاع الطاعن ، وأورد في أسبابه أن الاتهام الثاني المسند للطاعن – المتهم الأول –
وهو تعاطيه مادة مخدرة غير مصرح بها – ثابت قبله ثبوتاً كافياً من تحليل عينة بوله
بمعرفة قسم الأدلة الجنائية واحتوائها على المواد المخدرة ( حشيش + مورفين +
كودايين ) الأمر الذي يقطع بتعاطيه المواد المخدرة ، ولا يعدو أن يكون القصد من
إنكاره هو الإفلات من العقاب . وأضاف الحكم المطعون فيه أن باقي الدفوع الأخرى فقد
سبق إثارتها أمام محكمة أول درجة وردت عليها . ومحكمة الاستئناف تؤيدها في ردها –
وهذه أسباب سائغة لها أصلها الثابت من الأوراق . وتكفي لحمل قضاء الحكم في هذا
الشق من الاتهام ، إذ الثابت من الأوراق أن عينة بول الطاعن على ما يبين من كتاب
قسم مكافحة المخدرات المؤرخ 17/1 م 2000 أخذت يوم 17/1 / 2000 ورقمت 46/2000 ق م
وعليها توقيع المتهم وبصمة إبهامه الأيسر ، واسم وتوقيع من أخذها ومن أرسلها إلى
المختبر الجنائي ومن استلمها به ، ومن استلم نتيجة التحليل ، وأفاد قسم الأدلة
الجنائية – فرع السموم والمخدرات – أنها وصلت إليه في مظروف محرز برقم 46/2000 وهو
ذات رقمها مما ينفي احتمال شبهة الاختلاط ، كما خلت الأوراق مما يفيد وقوع قسوة أو
إكراه على الطاعن ، ومن ثم يضحي قولاً مرسلاً ، ولا يعدو النعي بهذه الوجوه أن
يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة الموضوع . سلطة تقديره متعين الرفض .
وحيث إن الطاعن ينعي بالوجه الخامس أنه تمسك أمام محكمة الموضوع
بشيوع التهمة المسندة إليه لأنه عندما تم ضبطه وتفتيشه لم يضبط لديه أي مخدر .
وكان المخدر المضبوط بعيداً عن السيارة التي كان معه فيها شخص آخر . وخلت الأوراق
من أي دليل على بسط سلطانه منفرداً على المخدر واستمرار سيطرته عليه ، ولم يرد
الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه على هذا الدفاع الجوهري ، وجاراه الحكم المطعون فيه
مما يعيبه ويوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن
تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير أدلة الاتهام فيها مما يدخل في سلطة محكمة
الموضوع متى كان ذلك سائغاً وكافياً لحمل قضائها .
وأن
الدفع بشيوع التهمة هو دفع موضوعي لا يستأهل رداً خاصاً من المحكمة متى تضمنت
الأدلة التي اطمأن إليها الحكم ما يفيد ثبوت تهمة حيازة المخدر في حق المتهم .
لما كان ذلك وكان حكم أول درجة المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون
فيه قد أورد بأسبابه بأنه في 16/1 / 2000 وبناء على إفادة الطاعن الثاني فاضل حميد
بحصوله على المخدر من الطاعن الماثل إبراهيم ..... – والذي اتفق معه على تسليمه
كمية من مخدر الحشيش بمدينة العين ، وأنه تم ضبط المتهم – الطاعن – بالقرب من فندق
انتركونتننتال العين ، حيث تم العثور على قطعة كبيرة لمخدر الحشيش تزن 30 ، 1
كيلوجرام بجانب سيارته . وكان بجانبه المتهم الثالث الذي قضي ببراءته من تهمة
تعاطي المخدر ، وأنه بمواجهة الطاعن أمام الشرطة والنيابة العامة اعتراف بحيازته
لهذا المخدر وجلبه من سلطنة عمان مقابل مبلغ 500 درهم لتسليمها للمتهم الثاني ،
وإذ خلصت المحكمة من الرد على الوجه السابق على صحة هذا الاعتراف وكان ذلك كافياً
لحمل قضائها ، ومن ثم فإن النعي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما لمحكمة
الموضوع من سلطة فهمه وتقدير دليله مما لا تجوز إثارته أمام المحكمة العليا ويكون
النعي على غير أساس .
وحيث إن الطاعن ينعي بباقي الأوجه على الحكم المطعون فيه القصور
في التسبيب ، ذلك أنه لم يعرض لدفاع الطاعن ومستنداته ومنها بطلان القبض والتفتيش
لتمامه قبل صدور إذن من النيابة العامة ولانعدام التحريات الجدية مما يعيب الحكم
ويستوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعي مردود ، ذلك أن المادتين 216 ، 217 من قانون الإجراءات الجنائية لم
توجبا في الحكم إلا أن يشتمل على الأسباب التي بني عليها ، وأن يتضمن حكم الإدانة
بياناً للواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، وأن يشير إلى نص
القانون الذي حكم بموجبه وان تفصل المحكمة في الطلبات والدفوع التي تقدم إليها من
الخصوم ، وتبين الأسباب التي استندت إليها وأن تذكر بطبيعة الحال الأدلة التي
أقامت عليها قضاءها ، وهي ليست ملزمة من بعد أن ترد على ما كل أثاره الخصوم ،
طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله .
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد بين في أسبابه وأسباب
حكم أول درجة التي أخذ بها ظروف الواقعة وملابساتها والأدلة التي أدان بها الطاعن
ومادة العقاب وصحة إجراءات القبض والتفتيش على ما سلف ذكره وتعويله في إدانة
الطاعن على من سمعت أقواله وشهادته من الشهود ، ومن اعتراف الطاعن الذي اطمأن إلى
صحة صدوره منه عن إرادة حرة مختارة مطابقة للواقع سواء أمام الشرطة أو النيابة
العامة بحيازته للمخدر المضبوط سائغاً بما يكفي لحمل قضائه ، ومن ثم فإن النعي
يكون على غير أساس متعين الرفض .
ولما تقدم يتعين رفض هذا الطعن .
ثانياً : الطعن 77/23 ق ع المقام من فاضل
وحيث إن مما ينعي به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في
تطبيق القانون والقصور في التسبيب ، ويقول في بيان ذلك أنه أبلغ السلطات قبل
ارتكاب الجريمة وقبل وصول المخدر للدولة ، وأثمر ذلك في قبض المتهم – الطاعن الأول
– إبراهيم ..... متلبساً بالمخدر ، وطلب أمام محكمة البداية شموله بالعفو القضائي
إعمالا للمادة 55 من القانون 14/95 بشأن مكافحة المخدرات . فرد الحكم المستأنف على
دفاعه رداً غامضاً ومبهماً . كما أغفل إعمال الفقرة الثانية من ذات المادة التي لم
يقصد المشرع بجوازيتها عدم تطبيقها حال توفر شروطها في الواقع والقانون ، بل يحمل
عدم تطبيقها تعنتا ضد الطاعن ، وأن التفسير الصحيح هو أن جريمة التعاطي وجريمة
الحيازة بقصد التعاطي تخضع للإعفاء المقرر في ذات المادة 55 بينما استند ذلك الحكم
لنص المادة 65 من ذات القانون بعدم جواز النزول بالعقوبة ، وجاراه الحكم المطعون
فيه فيما انتهى إليه معللاً بأن محكمة الاستئناف تؤيد محكمة البداية في ردها . وهو
إجمال مجهل ولا يقيم قضاءه مما يعيب الحكم المطعون فيه بسبب الطعن ويوجب نقضه .
وحيث
إن هذا النعي سديد ذلك أن نص المادة 55 من القانون الاتحادي 14/95 بشأن مكافحة
المخدرات والمؤثرات العقلية من أنه ( يعفى من العقوبات المقررة للجرائم المبينة في
المواد 46 ، 48 ، 49 ، 50 كل من بادر من الجناة إلى إبلاغ السلطات القضائية أو
الإدارية بما يعلمه عنها قبل البدء في ارتكاب الجريمة ،
ويجوز
للمحكمة الإعفاء من العقوبة إذا حصل الإبلاغ بعد ارتكاب الجريمة وقبل البدء في
التحقيق ، كما يجوز للمحكمة تخفيف العقوبة إذا سهل الجاني للسلطات المختصة أثناء
التحقيق أو المحاكمة القبض على أحد مرتكبي الجريمة )
يدل على أن مناط الإعفاء من العقوبة المقررة للمواد سالفة الذكر
ومنها حيازة مادة الحشيش الواردة بالجدول ( 4 ) الملحق بالقانون الذي تتحقق به
حكمة التشريع هو تعدد الجناة المساهمين في الجريمة فاعلين أو شركاء فيها ، ويقوم
أحدهم بإبلاغ السلطات القضائية أو الإدارية بما يعلمه عنها قبل البدء في ارتكاب
الجريمة . فإذا حصل الإبلاغ بعد ارتكاب الجريمة ، وقبل البدء في التحقيق فإنه يجوز
لمحكمة الموضوع إعفاء المتهم الذي أبلغ عن غيره من الجناة من العقوبة ، شريطة أن
يسهم إبلاغه إسهاماً ايجابياً ومنتجاً في معاونة السلطات للتوصل إلى باقي الجناة .
كما - يجوز للمحكمة تخفيف العقوبة إذا سهل المتهم للسلطات المختصة – أثناء التحقيق
أو المحاكمة القبض على أحد مرتكبي الجريمة . وذلك باعتبار أن هذا الإعفاء أو
التخفيف هو نوع من المكافأة أجاز القانون منحها لكل من يؤدي خدمة للعدالة فإذا لم
يتحقق صدق التبليغ بأن كان غير متسم بالجدية فلا يستحق صاحبه الإعفاء لانتفاء
مقوماته وعدم تحقق حكمة التشريع .
والفصل
في كل ذلك وفي جواز الإعفاء أو التخفيف من سلطة قاضي الموضوع متى كان ذلك سائغاً
وكافياً لحمل قضائه . وإلا كان حكمة معيباً بالقصور في التسبيب والإخلال بحق
الدفاع بما يوجب نقضه .
لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن
دفع أمام محكمة أول درجة بحقه في التمتع بالإعفاء من العقوبة أو التخفيف فيها لما
أسهم به من كشف الجناة الآخرين إلا أن الحكم المستأنف المؤيد لأسبابه أدانه عن
جريمتي جلب مخدر الحشيش والحيازة بقصد التعاطي وتعاطيه ، ورد على دفاعه بقوله (
أنه عن طلب محاميه ( أعمال ) نص المادة 55 من القانون 14/95 فإن المتهم الثاني –
الطاعن – تم القبض عليه ومعه مخدر الحشيش في حيازته قبل أن يبادر إلى الإبلاغ عن
المتهم الأول ، ولا يجوز النزول عن الحد الأدنى بالعقوبة التي يحكم بها تطبيقا
للقانون 14/95 عملاً بالمادة 65 منه والفقرة الثانية من المادة 55 جوازية ولا ترى
المحكمة إجابة الدفاع لذلك ). وإذ أيد الحكم المطعون فيه هذا القضاء لأسبابه بما
تعلل به من أن ( باقي الدفوع الأخرى قد سبق وأن أثيرت أمام محكمة أول درجة ورد
عليها وان محكمة الاستئناف تؤيدها في ردها ). فإن هذا الرد يكون مشوباً بالخطأ في
تطبيق القانون والفساد في الاستدلال – ذلك أن القبض على الطاعن وبحيازته مخدر
الحشيش قبل الإبلاغ عن المحكوم عليه الآخر لا يحول دون توافر شروط باقي حالات تلك
المادة من جواز الإعفاء عن العقوبة إذا حصل الإبلاغ بعد ارتكاب الجريمة وقبل البدء
في التحقيق ، وفي جواز تخفيف العقوبة إذا سهل الجاني للسلطات المختصة في أثناء
التحقيق أو المحاكمة القبض على أحد مرتكبي الجريمة . ومؤدى تخفيف العقـوبة هو جواز
النزول بها خلافاً لحكم المادة 65 من ذات القانون .
لما كان ذلك وكان رد حكم أول درجة المؤيد بالحكم المطعون فيه قد
جاء مشوبا بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ، وقد حجبه ذلك عن بحث
موجبات تطبيق حكم المادة 55 من القانون سالف الذكر على وجهه الصحيح مما يعيب الحكم
المطعون فيه ويوجب نقضه على أن يكون مع النقض الإحالة دون حاجه لبحث باقي أسباب
الطعن .