الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 21 سبتمبر 2014

الطعن 20899 لسنة 66 ق جلسة 8 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 138 ص 1021

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح البرجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ نير عثمان، رجب فراج، محمود مسعود شرف نواب رئيس المحكمة. ود/ صلاح البرعي.

--------------

(138)
الطعن رقم 20899 لسنة 66 القضائية

(1) مأمورو الضبط القضائي "اختصاصهم". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش".
كل إجراء يقوم به مأمور الضبط القضائي في الكشف عن الجريمة صحيح. طالما بقيت إرادة الجناة حرة. ما دام لم يقع منه تحريض على ارتكابها.
تقدير توافر حالة التلبس من عدمه. موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
خطأ الحكم فيما لا أدلة في منطقه واستدلاله. لا يعيبه. أساس ذلك؟
(3) إثبات "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات. بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً.
النعي على المحكمة قعودها عن سماع أقوال شاهد أمرت بتلاوتها وتليت. غير مقبول.
(4) محاماة. إجراءات "إجراءات المحاكمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ندب المحكمة محامياً عن المتهم لغياب محاميه الموكل. عدم اعتراض المتهم على هذا الإجراء وعدم تمسكه بالتأجيل لحضور محاميه لا يعد إخلالاً بحق الدفاع.
استعداد المدافع أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته.
(5) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون مجموع ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(6) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ الموضوع بأقوال الشاهد مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع بتلفيق أو كيديتها. موضوعي. لا يستوجب رداً صريحاً استفادة الرد ضمناً من أدله الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". إثبات "اعتراف" شهود. حكم "تسبيب. تسبيب غير معيب". نقض المصلحة في الطعن".
النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان الاعتراف. غير مجد. طالما لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد منه.
(9) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفوع "الدفع ببطلان قرار الإحالة". إحالة. بطلان. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قرار الإحالة إجراء سابق على المحاكمة. الدفع ببطلان لأول مره أمام محكمة النقض غير مقبول. علة ذلك؟
(10) مواد مخدرة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية. الفصل فيها موضوعي. ما دام سائغاً المجادلة في ذلك. غير جائزة.
(11) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن المخدر أرسل للتحليل هو الذي صار تحليله وإلى النتيجة التي انتهى إليها. قضاؤها بناء على ذلك ودون النظر إلى الخلاف في الوزن. لا عيب.
(12) مواد مخدرة. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حظر جلب أو تصدير أو نقل أو تملك أو إحراز أو شراء أو بيع أو تداول أو تسليم أو تسليم أو النزول عن البيانات المبينة بالجدول (5) في جميع أطوار نموها وكذلك بذورها. المادة 29 من القانون 182 لسنة 1960.
الاستثناءات الواردة بالجدول رقم (6) من القانون سالف الذكر. ماهيتها؟
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على أن المضبوطات من الجواهر المخدرة الممنوعة.
(13) قانون "تطبيق". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن بعدم انطباق المادة 33/ 1 بند ج من القانون 182 لسنة 1960 المعدل وانطباق المادة 34/ 3 من ذات القانون منازعة في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة. جدل موضوعي في استخلاصها. غير مقبول.

---------------
1 - لما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجل الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافى القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدمة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوعي بغير معقب عليها ما دام قد أقامت قضاؤها على أسباب سائغة، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبينها.
2 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما أثبته من أن ضابط الواقعة قرر أنه فتش المتهم فعثر معه على المخدر ثم إيراده مرة أخرى أن المتهم قدم له المخدر طواعية، فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على إحراز الطاعن للمخدر، وتكون دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة لما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله.
3 - من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهد الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعه.
4 - لما كان الثابت في محضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن وترافع المحامي مدافعاً عنه بما هو مدون في محضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً في هذا الشأن، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام يبد المتهم اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بتأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل وهو الحال في الدعوى الماثلة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ولا محل لما قد يقال من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحى به ضميره واجتهاده وتقاليد المهنة.
5 - لما كان ذلك وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون.
6 - لما كان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض.
7 - من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.
8 - لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور عن بحث إنكار المتهم أمام النيابة أو المحكمة ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهما دليلان مستقلان عن الاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
9 - لما كان الثابت من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن بطلان قرار الإحالة، وكان هذا القرار إجراء سابقا على المحاكمة، فإنه لا يقبل منه إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع.
10 - لما كانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة الطاعن للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافى وواقع الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد.
11 - لما كان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون نظر للخلاف في الوزن المقول به خاصة وأن الطاعن لم يثر أمامها سبباً عن هذا الخلاف.
12 - لما كان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نص في المادة التاسعة والعشرين منه على أنه "يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتداول أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم 5 في جميع أطوار نموها، وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (6) ولم يستثن الشارع من الجدول رقم (6) المشار إليه سوى ألياف سيقان نبات القنب الهندي وبذوره المحموسة مما يكفل عدم إنباتها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت نقلاً عن تقرير التحليل بمصلحة الطب الشرعي أن ما ضبط مع الطاعن خمس لفافات ورقية تحوى أجزاء نباتية خضراء اللون وجافة عبارة عن سيقان وأوراق وقمم زهرية وبذور ثبت أنها لنبات الحشيش، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم استناداً إلى الدليل الفني يدخل في عداد الجواهر المخدر المبينة بالبند 57 من الجدول الأول والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 المرفق بقانون المخدرات ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
13 - لما كان الحكم قد دان الطاعن بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار، المعاقب عليها بالمادة 33/ 1 بند ج من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق المادة المار بيانها، وانطباق المادة 34/ أ من القانون سالف الذكر على الواقعة، لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياًَ في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل به بغير معقب، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أحرز بقصد الاتجار نبات الحشيش المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 33/ 1 بند ج من القانون رقم 182 لسنة 1960 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة..... بالأشغال الشاقة المؤبدة وبتغريمه مبلغ مائة ألف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة حيازة نبات مخدر (حشيش) بقصد الاتجار قد شابه البطلان والقصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع ذلك أنه دفع ببطلان القبض والتفتيش لإجرائهما بدون أمر من النيابة العامة ولأن الجريمة لم تكن في حالة تلبس إذ أن الضابط خلق بنفسه تلك الجريمة بيد أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغه، كما أسند إلى ضابط الواقعة أنه قام بتفتيش المتهم فعثر معه على المخدر على حين قرر مرة أخرى أن المتهم أخرج له المخدر طواعية من تلقاء نفسه، ولم تحقق المحكمة الدعوى واكتفت بأقوال الضابط في التحقيقات استناداً إلى موافقة محاميه على هذا الإجراء مع أن المحامي المذكور لم يكن موكلاً منه بل كان منتدباً، ولم يعن الحكم بإيراد مضمون ما أثبته محرر المحضر في محضره، ولم يورد مؤدى أقوال شاهد الإثبات والأدلة التي عول عليها في إدانته، وأن الواقعة يستحيل حدوثها بالصورة التي رواها هذا الشاهد، ولم يعن الحكم بالرد على الدفع بكيدية الاتهام وتلفيق التهمة، وعولت المحكمة على اعترافه للضابط دون أن تعنى ببحث إنكاره للاتهام أمام النيابة والمحكمة، ولم تحل الدعوى إلى محكمة الجنايات من المحامي العام بموجب تقرير اتهام بل رفعت بأمر إحالة خلا من بيان الجريمة المسندة إليه ومواد القانون المراد تطبيقها، وجاء الحكم قاصراً في التدليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن، هذا إلى أن الحكم لم يواجه الخلاف في وزن المخدر بين ما تضمنه محضر الضبط وتقرير المعمل الكيماوي، ولم يبين ما إذا كانت المادة المضبوطة من طائفة المواد المخدرة المبينة بالجدول الملحق بالقانون رقم 182 لسنة 1960 وما إذا كانت تحتوي على المادة الفعالة من عدمه، وأخيراً فقد دانه بالمادة 33/ 1 بند ج من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 وهي لا تنطبق على واقعة الدعوى، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مرشداً سرياً أبلغ ضابط الواقعة أن المتهم وهو هارب من المراقبة ومسجل خطر يمارس تجارة المخدرات فطلب منه مسايرة المتهم بطلب شراء مخدر منه وأعطاه ورقة نقدية فئة العشرة جنيهات وراقبه وهو يشتري منه المخدر وعقب المحاولة اتجه إليه المتهم وقدم له لفافة تبين أنها تحوي مادة البانجو فاتجه إثر ذلك إلى المتهم وقام بتفتيشه فعثر معه على أربع لفافات ثلاث منها بجيبه الأيمن والرابعة بجيب قميصه بكل منها مادة البانجو وقد واجه المتهم بما أسفر عنه الضبط فأقر له بملكيته للمضبوطات وأنه يتجر في المواد المخدرة، وأورد الحكم على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - في حق الطاعن أدلة مستمدة من شهادة النقيب.... الذي قام بضبط الواقعة ومما ثبت من تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان الحكم قد تناول الدفع ببطلان القبض والتفتيش ورد عليه بقوله "وحيث إنه لما كان ما تقدم وكانت المحكمة تطمئن إلى ما أثبته محرر المحضر في تحقيقات النيابة وبها ثبت في حق المتهم اتجاره في المواد المخدرة على النحو المعرف به في القانون ذلك أنه باع للمرشد لفافة من المخدر مقابل عشرة جنيهات ضبطت معه حال تفتيشه أثر محاولة الشراء وهو ما تطمئن به المحكمة إلى توافر العناصر اللازمة للجريمة المنصوص عليها في المادة 33/ 1 ج من قانون المخدرات رقم 182 لسنة 1960 المعدل ومن ثم يتعين توقيع العقوبة المقررة بهذه المادة...." وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على الدفع مفاده أن المحكمة قد استخلصت في حدود سلطتها الموضوعية ومن الأدلة التي أوردتها أن لقاء الضابط بالطاعن جرى في حدود إجراءات التحري المشروعة قانوناً وأن القبض على الطاعن وضبط المخدر المعروض للبيع تم بعد ما كانت جناية بيع هذا المخدر متلبساً بها بتمام التعاقد الذي تظاهر فيه المرشد بالشراء تحت مراقبة ضابط الواقعة، ولما كان من المقرر أنه لا تثريب على مأمور الضبط القضائي ومرؤوسيهم فيما يقومون به من التحري عن الجرائم بقصد اكتشافها ولو اتخذوا في سبيل ذلك التخفي وانتحال الصفات حتى يأنس الجاني لهم ويأمن جانبهم، فمسايرة رجل الضبط للجناة بقصد ضبط جريمة يقارفونها لا يجافى القانون ولا يعد تحريضاً منهم للجناة ما دام إرادة هؤلاء تبقى حرة غير معدمة وما دام أنه لم يقع منهم تحريض على ارتكاب هذه الجريمة، وكان القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دام قد أقامت قضاؤها على أسباب سائغة، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس التي تبينها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بشأن خطأ الحكم فيما أثبته من أن ضابط الواقعة قرر أنه فتش المتهم فعثر معه على المخدر ثم إيراده مرة أخرى أن المتهم قدم له المخدر طواعية، فإن ذلك لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا أثر له في منطق الحكم واستدلاله على إحراز الطاعن للمخدر، وتكون دعوى الخطأ في الإسناد غير مقبولة لما هو مقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها، ويكون منعى الطاعن في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول سماعهم من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت في محضر جلسة المحاكمة أن النيابة والدفاع اكتفيا بأقوال الشاهد الواردة بالتحقيقات والمحكمة أمرت بتلاوتها وتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعه. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر الجلسة أن المحكمة ندبت محامياً للدفاع عن الطاعن وترافع المحامي مدافعاً عنه بما هو مدون في محضر الجلسة ولم يثبت أن الطاعن اعترض على ذلك أو أبدى طلباً في هذا الشأن، وكان من المقرر أنه إذا لم يحضر المحامي الموكل عن المتهم وندبت المحكمة محامياً آخر ترافع في الدعوى، فإن ذلك لا يعد إخلالاً بحق الدفاع ما دام لم يبد المتهم اعتراضاً على هذا الإجراء ولم يتمسك أمام المحكمة بتأجيل نظر الدعوى حتى يحضر محاميه الموكل وهو الحال في الدعوى الماثلة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد ولا محل لما قد يقال من أن المحامي المنتدب لم يكن عالماً بوقائع الدعوى إذ أن استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمر موكول إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد المهنة. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة وتتوافر به كافة الأركان القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها كان ذلك محققاً لحكم القانون. ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب عليها، ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك وكانت المحكمة في الدعوى الماثلة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع بتلفيق الاتهام أو كيديته من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها. لما كان ذلك، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور عن بحث إنكار المتهم أمام النيابة أو المحكمة ما دام البين من الواقعة كما صار إثباتها في الحكم ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من الاعتراف المدعي ببطلانه وإنما أقام قضاءه على الدليل المستمد من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الكيماوي وهما دليلان مستقلان عن الاعتراف، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محضر جلسات المحاكمة أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بشأن بطلان قرار الإحالة، وكان هذا القرار إجراء سابقا على المحاكمة، فإنه لا يقبل منه إثارة أمر بطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام أنه لم يدفع به أمام محكمة الموضوع. لما كان ذلك وكانت حيازة وإحراز المخدر بقصد الاتجار هي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما أنه يقيمها على ما ينتجها، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت في حدود سلطتها في تقدير أدلة الدعوى والتي لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي بأن حيازة الطاعن للمخدر المضبوط كان بقصد الاتجار، فإنه لا يجوز مجادلتها في ذلك بما يتنافى وواقع الدعوى ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة متى اطمأنت إلى أن المخدر الذي أرسل إلى المعامل الكيماوية هو الذي صار تحليله واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل كما هو الحال في الدعوى المطروحة فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك دون نظر للخلاف في الوزن المقول به خاصة وأن الطاعن لم يثر أمامها سبباً عن هذا الخلاف. لما كان ذلك وكان القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها قد نص في المادة التاسعة والعشرين منه على أنه "يحظر على أي شخص أن يجلب أو يصدر أو ينقل أو يملك أو يحرز أو يشتري أو يبيع أو يتداول أو يتسلم أو يسلم أو ينزل عن النباتات المذكورة في الجدول رقم 5 في جميع أطوار نموها، وكذلك بذورها مع استثناء أجزاء النباتات المبينة بالجدول رقم (6) ولم يستثن الشارع من الجدول رقم (6) المشار إليه سوى ألياف سيقان نبات القنب الهندي وبذوره المحموسة مما يكفل عدم إنباتها، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت نقلاً عن تقرير التحليل بمصلحة الطب الشرعي أن ما ضبط مع الطاعن خمس لفافات ورقية تحوى أجزاء نباتية خضراء اللون وجافة عبارة عن سيقان وأوراق وقمم زهرية وبذور ثبت أنها لنبات الحشيش، ومن ثم فإن ما أثبته الحكم استناداً إلى الدليل الفني يدخل في عداد الجواهر المخدرة المبينة بالبند 57 من الجدول الأول والبند رقم 1 من الجدول رقم 5 المرفق بقانون المخدرات ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد دان الطاعن بجريمة إحراز نبات الحشيش المخدر بقصد الاتجار، المعاقب عليها بالمادة 33/ 1 بند ج من القانون 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 122 لسنة 1989، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم انطباق المادة المار بيانها، وانطباق المادة 34/ أ من القانون سالف الذكر على الواقعة، لا يعدو أن يكون منازعة في الصور التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صوره الدعوى كما ارتسمت في وجدانها، مما تستقل به بغير معقب، ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 18471 لسنة 63 ق جلسة 8 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 136 ص 996

جلسة 8 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ د. عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد عبد الرحمن ووفيق الدهشان نائبي رئيس المحكمة. ومحمد عيد محجوب وأبو بكر البسيوني.

-------------

(136)
الطعن رقم 18471 لسنة 63 القضائية

(1) نقض "التقرير بالطعن وإيداع الأسباب. ميعاده" "الطعن للمرة الثانية".
عدم تقديم الطاعن أسباباً لطعنه للمرة الثانية. أثره: عدم قبوله شكلاً.
(2) إشكال في التنفيذ. نقض "المصلحة في الطعن". نيابة عامة.
عدم ورود الإشكال إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً لحين الفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع. متى كان باب الطعن في الحكم مفتوحاً. المادة 525 إجراءات جنائية.
طعن النيابة في الحكم الصادر في الإشكال بوقف تنفيذ الحكم المستشكل فيه. غير مجد. ما دام قد قضى في الطعن فيه بالنقض. بعدم قبوله شكلاً. علة ذلك؟

-----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 27 من يونيو سنة 1984 بقبول معارضة الطاعن الاستئنافية شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه فطعن المحكوم عليه فيه بطريق النقض حيث قضى فيه بتاريخ 9/ 2/ 1998 بعدم قبوله - لعدم ثبوت توقيع أسباب الطعن من محام مقبول أمام محكمة النقض - وبتاريخ 21/ 11/ 1992 عاود الطاعن الطعن للمرة الثانية عن ذات الحكم ولم يقدم أسباباً لطعنه متجاوزاً بذلك الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه فإنه الطعن الماثل يفصح عن عدم قبوله شكلاً.
2 - لما كان الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً حتى يفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع إذا كان باب الطعن في الحكم ما زال مفتوحاً وذلك طبقاً لمص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه في الحكم المستشكل في تنفيذه - قد قضى فيه بعدم قبوله شكلاً على ما سلف بيانه وانقضى بذلك أثر وقف التنفيذ الذي قضى به الحكم الصادر في الإشكال. فإن طعن النيابة العامة في هذا الحكم الأخير الوقتي قد أضحى بذلك عديم الجدوى متعيناً عدم قبوله موضوعاً.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه توصل باستخدام طرق احتيالية إلى الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين قدراً والمملوك للمجني عليهم وذلك بأن أوهمهم بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة وهي أنه يمكنه مساعدتهم في السفر للخارج وتمكن بهذه الطريقة من الاستيلاء على بعض ثروتهم وطلبت عقابه بالمادة 336 من قانون العقوبات. ومحكمة جنح الدرب الأحمر قضت غيابياً عملاً بمادة الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن المحكوم عليه في الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم...... قضائية) وهذه المحكمة - محكمة النقض - قررت بعدم قبول الطعن. فعاود المحكوم عليه بالطعن بطريق النقض للمرة الثانية في..... ولم يقدم أسباباً لطعنه. واستشكل المحكوم عليه في هذا الحكم وقضى فيه بجلسة... بوقف تنفيذ الحكم المستشكل في تنفيذه لحين الفصل في الطعن بالنقض المقدم منه.
فطعنت النيابة العامة في الحكم الصادر في الإشكال بطريق النقض في.... وقدمت مذكرة بأسباب الطعن في التاريخ ذاته موقعاً عليها رئيساً بها.
فطعن المحكوم عليهما الأول والثاني في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

أولاً: عن الطعن المقدم من المحكوم عليه:
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 27 من يونيو سنة 1984 بقبول معارضة الطاعن الاستئنافية شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه فطعن المحكوم عليه فيه بطريق النقض حيث قضى فيه بتاريخ 9/ 2/ 1998 بعدم قبوله - لعدم ثبوت توقيع أسباب الطعن من محام مقبول أمام محكمة النقض - وبتاريخ 21/ 11/ 1992 عاود الطاعن الطعن للمرة الثانية عن ذات الحكم ولم يقدم أسباباً لطعنه متجاوزاً بذلك الميعاد المنصوص عليه في المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض - وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه فإن الطعن الماثل يفصح عن عدم قبوله شكلاً.


ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
حيث إنه لما كان الإشكال لا يرد إلا على تنفيذ حكم بطلب وقفه مؤقتاً حتى يفصل في النزاع نهائياً من محكمة الموضوع إذا كان باب الطعن في الحكم ما زال مفتوحاً وذلك طبقاً لنص المادة 525 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان الطعن بالنقض من المحكوم عليه في الحكم المستشكل في تنفيذه - قد قضى فيه بعدم قبوله شكلاً على ما سلف بيانه وانقضى بذلك أثر وقف التنفيذ الذي قضى به الحكم الصادر في الإشكال. فإن طعن النيابة العامة في هذا الحكم الأخير الوقتي قد أضحى بذلك عديم الجدوى متعيناً عدم قبوله موضوعاً.

الطعن 4534 لسنة 61 ق جلسة 11 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 141 ص 1056

جلسة 11 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ طلعت الأكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جبري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نائبي رئيس المحكمة. ومحمد محمود إبراهيم وعادل السيد السعيد الكناني.

-----------------

(141)
الطعن رقم 4534 لسنة 61 القضائية

وصف التهمة. محكمة الموضوع "سلطتها في وصف التهمة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
حق محكمة الموضوع في تعديل وصف التهمة مشروط بعدم تجاوز ذلك إلى تحوير كيان الواقعة المادية.
تعديل ذات التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة بعناصر أخرى. يقتضي تنبيه المتهم إلى ذلك ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك. شرطه؟
عدم جواز الإساءة إلى مركز المتهم متى كان مستأنفاً وحده. أساس ذلك؟
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جرائم إخفاء أشياء متحصلة من سرقة ونصب وتهرب جمركي.

----------------
لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى، وإلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل ذات التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى، فإن هذا التغيير يقتضى من المحكمة أن تلتزم في هذا الصدد بمراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما يقتضيه من وجوب تنبيه المتهم إلى التغيير في التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، وبشرط ألا يترتب على ذلك إساءة بمركز المتهم إذا كان هو المستأنف وحده. وإذ كان الثابت أن الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعنين بوصف أنهما: أولاً: أخفيا السيارتين المبينتين بالأوراق والمملوكتين للشركة الدولية للزيت مع علمهما بمصدرها. ثانياً: أن الطاعن الأول: تمكن من الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك وكان ذلك باستخدام طرق احتيالية..... ثالثاً: الطاعن الثاني حاز السيارات المبينة بالأوراق دون سداد الرسوم الجمركية عليها بقصد الاتجار وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من سرقة، ودان الطاعن الثاني...... بجريمة النصب، ودان الطاعن الأول..... بجريمة التهريب الجمركي. لما كان ذلك، وكان الذي أجراه الحكم لا يعد تعديلاً في وصف التهم وترتيب الطاعنين وإنما هو تعديل في ذات التهم المسندة إلى كل منهما لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى، مما كان يقتضى لفت نظر الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بنى على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: أولاً: المتهمان أخفيا السيارتين المبينتين بالأوراق والمملوكتين..... مع علمهما بمصدرها ثانياً: التهم الأول أيضاً: تمكن من الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك..... وكان ذلك باستخدام طرق احتيالية المتهم الثاني: حاز السيارات المبينة بالأوراق دون سداد الرسوم الجمركية عليها بقصد الاتجار. وطلبت معاقبتهما بالمواد 318، 44 مكرراً/ 1، 336/ 1 من قانون العقوبات والمواد 121، 122، 44 مكرر من القانون 66 لسنة 63 المعدل. ومحكمة جنح العجوزة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس كل منهما شهراً مع الشغل وكفالة مائة جنيه عن تهمة الإخفاء. ثانياً: بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه عن تهمة النصب. ثالثاً: بحبس الثاني سنتين مع الشغل وكفالة مائة جنيه وغرامة ألف جنيه وأداء مثلي الضريبة الجمركية المستحقة والمصادرة. عارضا وقضى في معارضتهما بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف المحكوم عليهما. ومحكمة الجيزة الابتدائية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع ببطلان الحكم المستأنف والقضاء مجدداً بحبس المتهمين شهراً مع الشغل والنفاذ لكل منهما عن تهمة الإخفاء وحبس المتهم الثاني..... ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ عن تهمة النصب وحبس المتهم الأول.... سنتين مع الشغل والنفاذ وتغريمه ألف جنيه وإلزامه بأن يؤدى إلى وزير المالية بصفته مبلغ عشرين ألفاً وستمائة وأربعة وتسعين جنيهاً وخمسمائة وسبعين مليماً وتعويضاً يعادل مثلي الضرائب الجمركية مع المصادرة للمضبوطات وذلك عن تهمة التهريب الجمركي.
فطعن كل من المحكوم عليهما والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض...... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان - المحكوم عليهما - على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم إخفاء أشياء متحصلة من جريمة سرقة، والنصب، والتهرب من أداء الضرائب الجمركية قد شابه البطلان والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المحكمة الاستئنافية عاقبت كلا منهما عن تهم تغاير تلك التي دانتهما بها محكمة أول درجة دون لفت نظر الدفاع، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن لمحكمة الموضوع ألا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته، وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني السليم الذي ترى انطباقه على واقعة الدعوى، وإلا أنه إذا تعدى الأمر مجرد تعديل الوصف إلى تعديل ذات التهمة بتحوير كيان الواقعة المادية التي أقيمت بها الدعوى وبنيانها القانوني والاستعانة في ذلك بعناصر أخرى تضاف إلى تلك التي أقيمت بها الدعوى، فإن التغيير يقتضى من المحكمة أن تلتزم في هذا الصدد بمراعاة الضمانات التي نصت عليها المادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية بما يقتضيه من وجوب تنبيه المتهم إلى التغيير في التهمة ومنحه أجلاً لتحضير دفاعه إذا طلب ذلك، وبشرط ألا يترتب على ذلك إساءة بمركز المتهم إذا كان هو المستأنف وحده. وإذ كان الثابت أن الدعوى الجنائية قد رفعت على الطاعنين بوصف أنهما: أولاً: أخفيا السيارتين المبينتين بالأوراق والمملوكتين للشركة الدولية للزيت مع علمهما بمصدرها. ثانياً: أن الطاعن الأول: تمكن من الاستيلاء على المبلغ النقدي المبين بالأوراق والمملوك وكان ذلك باستخدام طرق احتيالية....... ثالثاً: الطاعن الثاني حاز السيارات المبينة بالأوراق دون سداد الرسوم الجمركية عليها بقصد الاتجار وكان الحكم المطعون فيه قد دان الطاعنين بجريمة إخفاء أشياء متحصلة من سرقة، ودان الطاعن الثاني..... بجريمة النصب، ودان الطاعن الأول..... بجريمة التهريب الجمركي. لما كان ذلك، وكان الذي أجراه الحكم لا يعد تعديلاً في وصف التهم وترتيب الطاعنين وإنما هو تعديل في ذات التهم المسندة إلى كل منهما لا تملك المحكمة إجراءه إلا في أثناء المحاكمة وقبل الحكم في الدعوى، مما كان يقتضى لفت نظر الدفاع عملاً بالمادة 308 من قانون الإجراءات الجنائية أما وهي لم تفعل فإن حكمها يكون قد بنى على إجراء باطل أخل بحق الطاعنين في الدفاع مما يعيب الحكم ويوجب نقضه والإعادة، دون حاجة لمناقشة الوجوه الأخرى لطعني المحكوم عليهما والنيابة العامة.

الطعن 22204 لسنة 66 ق جلسة 12 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 142 ص 1060

جلسة 12 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا نائبي رئيس المحكمة. وأسامة توفيق وهشام البسطويسي.

-------------

(142)
الطعن رقم 22204 لسنة 66 القضائية

(1) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
استخلاص قصد القتل من عناصر الدعوى. موضوعي.
(2) سبق الإصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
البحث في توافر سبق الإصرار. موضوعي. شرط ذلك؟
العبرة في توافر سبق الإصرار بما يقع في الزمن بين التصميم على الجريمة ووقوعها طال هذا الزمن أم قصر. انتهاء الجاني بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة. مفاده. توافر ظرف سبق الإصرار. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير جائز.
استخلاص الحكم ظرف سبق الإصرار من وجود خلافات سابقة بين المجني عليها والطاعن ولد في نفسه أمراً دفعه إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير سائغ وصحيح.
(3) باعث. جريمة "أركانها".
الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً فيها.
(4) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني. لا بالألفاظ والمباني.
(5) قتل عمد. سبق إصرار. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن على الحكم بالقصور بشأن ظرف سبق الإصرار غير مجد. ما دامت العقوبة الموقعة عليه تدخل في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد مجردة من سبق الإصرار.
تقدير العقوبة. مداره. ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الطاعن لا الوصف القاضي الذي تكيفه المحكمة.
إعمال المحكمة حقها في استعمال الرأفة بالتطبيق لنص المادة 17 عقوبات. مفاده: تقديرها العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وظروفها.
(6) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة".
عدم إيراد نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيب الحكم.
(7) عقوبة "توقيعها". ظروف مخففة. محكمة الموضوع "سلطتها في توقيع العقوبة".
بيان موجب استعمال القاضي الرأفة والنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانوناً. غير لازم. مجرد القول بوجود ظروف مخففة والإشارة إلى النص المستند إليه في تقدير العقوبة. كفايته. أساس ذلك؟
(8) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محاماة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب النقض. ما لا يقبل منها".
مجلس نقابة المحامين يعاون المحاكم في تعيين من يلزم ندبه من المحامين ولا يسلبها الخيار بين ندبها من يقبل الدفاع عن المتهم منهم أو ندبها المحامي صاحب الدور عن طريق النقابة.
(9) أسباب الإباحة وموانع العقاب "عاهة في العقل".
تقصي المحكمة أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها. غير لازم. ما لم يدفع به أمامها الدفاع بوجود خلل في قوى المتهم العقلية. إثارته لأول مرة أمام النقض غير جائز.

---------------
1 - ولما كان استخلاص قصد القتل من عناصر الدعوى موكولاً إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية.
2 - من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلاً مع هذا الاستنتاج. وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً، ولا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض. وكان المستفاد مما أورده الحكم أن خلافاً سابقاً نشب بين المجني عليها والطاعن ولد في نفسه أمراً دفعه إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير. فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون.
3 - من المقرر أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها.
4 - من المقرر أن العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني.
5 - لما كان الحكم قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف.
6 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
7 - لما كان ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب أن الحكم المطعون فيه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات دون أن يبين في أسبابه موجب إعمالها مردود بأنه إذا أراد القاضي استعمال الرأفة والنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانوناً إلى درجة أخف فهو لا يكون ملزماً ببيان موجب ذلك بل كل ما يطلب منه عندئذ هو مجرد القول بأن هناك ظروفاً مخففة والإشارة إلى النص الذي يستند إليه في تقدير العقوبة، ذلك بأن الرأفة شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحياناً أن يحددها حتى يصورها بالقلم أو باللسان، ولهذا لم يكلف القانون القاضي - وما كان ليستطيع تكليفه - بيانها بل هو يقبل منه مجرد قوله بقيام هذا الشعور في نفسه ولا يسأله عليها دليلاً. ومن ثم فإنه فضلاً عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الصدد فإن هذا الوجه من أسباب الطعن يكون غير سديد.
8 - لما كان الثابت بمحضر جلسة...... أن الطاعن لم يطلب توكيل محام للدفاع عنه، فندبت المحكمة الأستاذ/..... المحامي للدفاع عنه بعد موافقة المتهم، وطلب المحامي المنتدب أجلاً للاطلاع والاستعداد فأجابته المحكمة إلى طلبه وقررت التأجيل لجلسة..... لهذا السبب وبالجلسة الأخيرة ترافع المحامي المنتدب في الدعوى حسبما أملته عليه واجبات مهنته ورسمته تقاليدها. وكان مجلس نقابة المحامين يقوم بدور المعاون للمحاكم في تعيين من يلزم ندبه من المحامين دون أن يسلبها الخيار بين أن تندب للمتهم من يقبل الدفاع عنه من المحامين أو أن تندب له المحامي صاحب الدور عن طريق النقابة. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع وأن المحامي المنتدب لم يوفق في الدفاع عنه لا يكون له محل.
9 - لما كان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه إنه لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئاً عن خلل في قواه العقلية وكانت المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية بأنه في ليلة.....: 1 - قتل عمداً...... مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك أداة (فأس) وما أن ظفر بها حتى انهال عليها بها ضرباً على رأسها وركلاً بقدميه قاصداً من ذلك قتلها فأحدث إصاباتها الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها. 2 - سرق القرط الذهبي المبين وصفاً وقيمة بالتحقيقات وفي مكان مسكون وأحالته إلى محكمة جنايات طنطا لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 230، 231، 317/ أولاً ورابعاً من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة عما أسند إليه وبمصادرة الأداة المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد وانطوى على الفساد في الاستدلال وأخل بحقه في الدفاع ذلك بأنه اقتصر في تدليله على توافر نية القتل على تعداد الأفعال المادية للطاعن، واستخلص ظرف سبق الإصرار بما لا ينتجه إذ وقعت الجريمة أثر استفزاز المجني عليها لزوجها الطاعن لأنها تأبت عليه ولشكه في سلوكها بما لا يسمح للطاعن بمدة زمنية كافية للتفكير الهادئ والتروي، وأداة الجريمة (الفأس) من أدوات مهنة الطاعن وهي في مسكنه منذ زمن خلافاً لما أورده الحكم - بما لا أصل له في الأوراق - من أنه أعدها لارتكاب جريمته، كما أن الحكم لم يورد مضمون تقرير الصفة التشريحية مكتفياً بإيراد نتيجته، فضلاً عن إعماله المادة 17 من قانون العقوبات دون بيان موجب إعمالها، هذا إلى أن المحامي الذي ندبته المحكمة لم يكن صاحب الدور ولم تسأل الطاعن - قبل ندبه - عما إذا كان لديه محامياً موكلاً عنه، وترافع المحامي المنتدب دون الإلمام بوقائع الدعوى مما أضحى معه دفاعاً شكلياً لم يشر فيه إلى قصور وتناقض أدلة الدعوى ولم يثر أن الطاعن به خلل في قواه العقلية، وكل ذلك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى كما استخلصها من الأوراق بقوله "إن بعض الخلافات نشبت بين المتهم....... وزوجته المجني عليها.... الأمر الذي صمم معه المتهم على التخلص منها وأعد لذلك الغرض الأداة التي تمكنه من الإجهاز عليها "الفأس" وما أن جمعهما فراش واحد وتأكد من استغراقها وولديها منه..... و.... في النوم العميق حتى أحضر الفأس وانهال بها على رأسها من الناحية اليسرى ثم حملها وألقاها أرضاً وأخذ يركلها بقدميه حتى فارقت الحياة ولم تمنعه نظرات ولديه الخائفة من إتمام جريمته التي شاهداها بل تمادى في إجرامه بأن نزع المصاغ الذهبي من أذني المجني عليها وسارع بالفرار وبإبلاغ الأمر إلى الشرطة فقد أسفرت تحريات الرائد/.... رئيس مباحث مركز زفتي والنقيب.... معاون المباحث على أن المتهم هو مرتكب الحادث وبضبطه أقر بارتكابه إياه". وأورد على ثبوت الواقعة - على هذه الصورة - في حق الطاعن أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها مستمدة من أقوال الرائد.... والنقيب.... وولدي الطاعن ومن اعترافه وما أثبته تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها وتقرير المعامل الطبية. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن القائم على انتفاء نية القتل وأطرحه مدللاً على توافرها في حقه بقوله: "إن المحكمة تطمئن إلى توافر نية القتل التي وإن كانت أمراً خفياً يضمره الجاني في نفسه إلا أن الظروف والملابسات تكشف عنها ويستشف من ثنايا الواقعة وأحداثها وتستظهرها المحكمة في هذه الدعوى من اعتراف المتهم بوجود خلافات بينه وبين المجني عليها وأنه تركها حتى استغرقت وأولادها منه في النوم ثم أحضر الفأس وانهال بها ضرباً على رأسها وعندما اكتشف أنها ما زالت على قيد الحياة حملها وألقاها أرضاً ثم ركلها بقدمه حتى فارقت الحياة بما تتوافر معه نية القتل" كما دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فإنه متوافر في حق المتهم لأنه فكر في الخلاص من المجني عليها قبل أن يقوم بإزهاق روحها بفترة ليست بالقصيرة تفكيراً هادئاً مشوب بتسرع أو انفعال ثم خطط وفكر في طريقة الخلاص منها بقتلها حيث اعترف بأنه انتظر حتى ذهبت المجني عليها وأولادها في نوم عميق ثم أسرع وأحضر الفأس وضربها بها على رأسها ثم أكمل ذلك بركلها بقدمه حتى فارقت الحياة. ولما كان استخلاص قصد القتل من عناصر الدعوى موكولاً إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. كما أنه من المقرر أن البحث في توافر ظرف سبق الإصرار من إطلاقات قاضي الموضوع يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافى عقلاً مع هذا الاستنتاج. وليست العبرة في توافر ظرف سبق الإصرار بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال هذا الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان ظرف سبق الإصرار متوافراً، ولا تقبل المنازعة فيه أمام محكمة النقض. كان المستفاد مما أورده الحكم أن خلافاً سابقاً نشب بين المجني عليها والطاعن ولد في نفسه أمراً دفعه إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير وروية وتدبير. فإن استخلاصه لظرف سبق الإصرار يكون سليماً وصحيحاً في القانون. ولا ينال من صحته ما يثيره الطاعن من قول الحكم أنه أعد أداة الجريمة "الفأس" في معرض بيانه لصورة الواقعة في حين أنها من أدوات مهنته الموجودة بمسكنه أو ما يثيره في شأن الباعث على ارتكاب الجريمة من شكه في سلوك المجني عليها وتأبيها على معاشرته، إذ فضلاً عن أن الباعث على ارتكاب الجريمة ليس ركناً من أركانها أو عنصراً من عناصرها. ولا يقدح في سلامة الحكم قوله أن الطاعن أعد أداة الجريمة "الفأس" في معرض بيانه لصورة الواقعة ما دام أنها تدخل في مدلول إحضاره لتلك الأداة التي أوردها الحكم في معرض تدليله على توافر ظرف سبق الإصرار لما هو مقرر من أن العبرة في الأحكام بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني. فإن نعي الطاعن بأن العبارة الأولى لا أصل لها في الأوراق يكون في غير محله. ويضحى كل ما يثيره في شأن تدليل الحكم على توافر نية القتل وظرف سبق الإصرار غير سديد. وكان الحكم - فوق ذلك - قد قضى على الطاعن بعقوبة داخلة في حدود العقوبة المقررة للقتل العمد بغير سبق إصرار فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً. ولا يغير من هذا النظر القول بأن المحكمة أخذت الطاعن بالرأفة وأنها كانت عند تقدير العقوبة تحت تأثير الوصف الذي أعطته للواقعة إذ أن تقدير العقوبة مداره ذات الواقعة الجنائية التي قارفها الجاني لا الوصف القانوني الذي تكيفه المحكمة وهي إذ تعمل حقها الاختياري في استعمال الرأفة وذلك بتطبيق المادة 17 من قانون العقوبات. فإنما تقدر العقوبة التي تتناسب مع الواقعة وما أحاط بها من ظروف. لما كان ذلك، وكان الحكم قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجني عليها قوله: "أن وفاة المجني عليها تعزى للإصابات المتواجدة بالرأس والناتجة من الضرب بجسم صلب ثقيل وجائز حدوثها من الفأس المضبوطة وبالتصوير الذي أورده المتهم في اعترافاته. وكان ما أورده الحكم نقلاً عن تقرير الصفة التشريحية كافياً في بيان مضمونه ولتحقيق المواءمة بينه وبين باقي الأدلة المطروحة في الدعوى فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم عدم إيراده مضمون هذا التقرير لا يكون له محل لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن بدعوى القصور في التسبيب أن الحكم المطعون فيه أعمل المادة 17 من قانون العقوبات دون أن يبين في أسبابه موجب إعمالها مردوداً بأنه إذا أراد القاضي استعمال الرأفة والنزول عن درجة العقوبة المنصوص عليها قانوناً إلى درجة أخف فهو لا يكون ملزماً ببيان موجب ذلك بل كل ما يطلب منه عندئذ هو مجرد القول بأن هناك ظروفاً مخففة والإشارة إلى النص الذي يستند إليه في تقدير العقوبة، ذلك بأن الرأفة شعور باطني تثيره في نفس القاضي علل مختلفة لا يستطيع أحياناً أن يحددها حتى يصورها بالقلم أو باللسان، ولهذا لم يكلف القانون القاضي - وما كان ليستطيع تكليفه - بيانها بل هو يقبل منه مجرد قوله بقيام هذا الشعور في نفسه ولا يسأله عليها دليلاً. ومن ثم فإنه فضلاً عن انتفاء مصلحة الطاعن فيما يثيره في هذا الصدد فإن هذا الوجه من أسباب الطعن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الثابت بمحضر جلسة 15/ 7/ 1996 أن الطاعن لم يطلب توكيل محام للدفاع عنه، فندبت المحكمة الأستاذ/.... المحامي للدفاع عنه بعد موافقة المتهم، وطلب المحامي المنتدب أجلاً للاطلاع والاستعداد فأجابته المحكمة إلى طلبه وقررت التأجيل لجلسة 20/ 7/ 1996 لهذا السبب وبالجلسة الأخيرة ترافع المحامي المنتدب في الدعوى حسبما أملته عليه واجبات مهنته ورسمته تقاليدها. وكان مجلس نقابة المحامين يقوم بدور المعاون للمحاكم في تعيين من يلزم ندبه من المحامين دون أن يسلبها الخيار بين أن تندب للمتهم من يقبل الدفاع عنه من المحامين أو أن تندب له المحامي صاحب الدور عن طريق النقابة. فإن ما يثيره الطاعن من دعوى الإخلال بحق الدفاع وأن المحامي المنتدب لم يوفق في الدفاع عنه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطاعن لا يماري في أسباب طعنه إنه لم يثر لدى محكمة الموضوع شيئاً عن خلل في قواه العقلية وكانت المحكمة لا تلتزم بتقصي أسباب إعفاء المتهم من العقاب في حكمها ما لم يدفع به أمامها، وكان هذا الدفاع يقوم على واقع يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة محكمة النقض، فإن إثارته أمامها لأول مرة تكون غير مقبولة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 4896 لسنة 62 ق جلسة 13 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 144 ص 1073

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وعبد الرحمن أبو سليمة وسلامة أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة.

----------------

(144)
الطعن رقم 4896 لسنة 62 القضائية

 (1)حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2)
دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة قعودها عن تحقيق دفاع لم يبد أمامها أو الرد عليه. غير جائز. مثال.
 (3)
إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الإعادة.
نقض الحكم وإعادة المحاكمة. يعيد الدعوى بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم إلى محكمة الإعادة. أساس ذلك.
 (4)
بناء. قانون "تفسيره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
ورود نص المادة الرابعة من القانون 106 لسنة 1976 مطلقاً من كل قيد بشأن وجوب الحصول على ترخيص في حالة إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية.
المادة الأولى من القانون 106 لسنة 1976 لم تعف أعمال إقامة المباني التي لا تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه من الحصول على الترخيص الذي أوجبته المادة الرابعة قصر الإعفاء من شرط الحصول على موافقة لجنة توجيه أعمال البناء الذي يستلزمه الشارع بالإضافة إلى الترخيص متى زادت قيمة البناء على المبالغ المذكور.
النص في المادتين الأولى من القانون 106 لسنة 1976 والثانية عشرة من القانون 136 لسنة 1981 ليس منه ما يخصص حكم المادة الرابعة من القانون سالف الذكر
.
 (5)
نقض "نظر الطعن والحكم فيه". عقوبة "تطبيقها". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". "نظر الطعن والحكم فيه".
إضارة الطاعن بطعنه. غير جائز. المادة 43 من القرار بقانون رقم 57 لسنة 1959. إنزال الحكم المطعون فيه بالطاعن عقوبة الحبس - ولو مع وقف التنفيذ بعد إلغائها بموجب الحكم المنقرض. خطأ في تطبيق القانون يوجب النقض والتصحيح دون تحديد جلسة لنظر الموضوع. أساس وعلة ذلك؟
(6)
بناء. قانون "تفسيره". القانون الأصلح". محكمة النقض "سلطتها".
صدور القانون 25 لسنة 1992 بتعديل المادة 22/ 1 من القانون 106 لسنة 1976 وإباحته النزول بالغرامة عن قيمة الأعمال المخالفة أو مواد البناء المتعامل فيها. أصلح للمتهم. علة ذلك.
لمحكمة النقض تصحيح الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه قانون أصلح للمتهم. المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959.

------------------
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يحقق حكم القانون.
2 - لما كان يبين من مراجعة الأوراق أن الطاعن، وإن كان قد أثار في المحكمة الأولى أنه كان خارج البلاد، كما طلب ندب خبير في الدعوى، إلا أنه لم يثر في دفاعه لدى محكمة الإعادة شيئاً يتصل بهذين الأمرين، أو ما يشير إلى تمسكه بدفاعه السابق في شأنهما ومن ثم فإنه لا يكون له أن يطلب من المحكمة الأخيرة الاستجابة إلى تحقيق دفاع لم يبد أمامها أو الرد عليه.
3 - من المقرر أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مناحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أو المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع، ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك.
4 - لما كانت المادة الرابعة من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إذ نصت على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون..... إلخ" فقد جاء نصها مطلقاً من كل قيد وليس فيه ما يفيد قصر الرخصة على الأبنية التي تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه دون تلك التي لا تزيد قيمتها على هذا المبلغ ما دام أن الشارع قد أوجب في هذه المادة الحصول على ترخيص لكل بناء يراد إقامته أو غير ذلك من الأعمال التي أشار إليها النص، ولا وجه لتعييب الحكم المطعون فيه لاستناده إلى نص المادة الأولى من القانون 106 لسنة 1976 لأن هذه المادة لم تعف أعمال إقامة المباني التي لا تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه من الحصول على الترخيص الذي أوجبته المادة الرابعة آنفة البيان بالنسبة لهذه الأعمال أياً كانت قيمتها، وإنما أعفتها من شرط الحصول على موافقة لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء الذي يستلزمه الشارع بالإضافة إلى الترخيص المشار إليه متى زادت قيمتها على المبلغ المذكور، فليس في نص المادة الأولى سالفة البيان أو نص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الذي جرى على أنه "فيما عدا المباني من المستوى الفاخر، يلغى شرط الحصول على موافقة لجنة توجيه وتنظيم البناء قبل الحصول على الترخيص بإقامة المباني وسائر أحكام الباب الأول من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، كما تلغى المادة 21 من ذلك القانون" والذي وقعت الجريمة في ظله ما يخصص عموم الحكم الوارد في المادة الرابعة سالفة الذكر.
5 - لما كان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي أدان الطاعن بالحبس مع الشغل وغرامة تعادل قيمة الأعمال وإذ استأنف الطاعن قضت محكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة استئنافية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة وإلغائه فيما عدا ذلك، فقرر المحكوم عليه وحده بالطعن بالنقض في الحكم المذكور وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وأن محكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة استئنافية أخرى قضت بتاريخ 7 من يناير سنة 1992 بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس. وكان نقض الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب الطاعن وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فإن الحكم المطعون فيه إذ أنزل بالطاعن عقوبة الحبس - ولو مع وقف التنفيذ - بعد أن كانت قد ألغيت بموجب الحكم المنقوض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المذكور أن تحكم هذه المحكمة في الطعن وتصحيح الخطأ وذلك بإلغاء عقوبة الحبس المقضي بها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى.
6 - لما كان قد صدر - بعد الحكم المطعون فيه - القانون رقم 25 لسنة 1992 معدلاً المادة 22 من قانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء على النحو التالي" مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز قيمة الأعمال المخالفة أو مواد البناء المتعامل فيها حسب الأحوال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المواد 4 و5 و6 مكرراً و7 و8 و9 و11 و12 و13 و14 و17 من هذا القانون أو لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة تنفيذاً لها" وكان مفاد هذا النص أنه أباح النزول بالغرامة عن قيمة الأعمال المخالفة أو مواد البناء المتعامل فيها حسب الأحوال بعد أن كانت محددة بهذه القيمة بما لا يجوز النزول عنها، وهو ما يتحقق به القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لهذه المحكمة تصحيح الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم ومن ثم فإن المحكمة تقضي بتصحيح الحكم - من جهة أخرى - بتغريم المتهم ثلاثة آلاف جنيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن: أولاً: أقام بناء قبل الحصول على ترخيص بذلك من الجهة المختصة. ثانياً: أقام بناء يزيد تكلفته عن خمسة آلاف جنيه. وطلبت عقابه بالمواد 1/ 1، 3، 2، 4، 21، 22/ 1 من القانون رقم 106 لسنة 1976. ومحكمة جنح كفر الشيخ قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهراً مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وغرامة تعادل قيمة الأعمال المخالفة. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه. استأنف ومحكمة كفر الشيخ الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لعقوبة الغرامة وإلغاؤه فيما عدا ذلك.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض قيد بجدول محكمة النقض برقم..... لسنة 59 القضائية. ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة كفر الشيخ الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. ومحكمة الإعادة - بهيئة استئنافية أخرى - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وإيقاف عقوبة الحبس فقط.
فطعن الأستاذ/.... المحامي عن الأستاذ/.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبني الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمتي إقامة بناء بغير ترخيص، وإقامة بناء تزيد قيمته عن خمسة آلاف جنيه دون موافقة اللجنة المختصة قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن أسباب الحكم جاءت قاصرة، ولم ترد المحكمة على دفاعه بأنه كان خارج البلاد إبان الواقعة، ولم تعن بندب خبير في الدعوى لتقدير قيمة الأعمال، كما أعلمت في حقه المادة الأولى من القانون رقم 106 لسنة 1976 رغم إلغائها بالقانون 136 لسنة 1981 مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بها وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما انتهى إليه، وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً تصوغ فيه المحكمة بيان الواقعة والظروف التي وقعت فيها، وأنه متى كان مجموع ما أورده الحكم - كما هو الحال في الدعوى - كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصته المحكمة فإن ذلك يحقق حكم القانون، ويضحى منعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور في غير محله.
لما كان ذلك وكان يبين من مراجعة الأوراق أن الطاعن، وإن كان قد أثار في المحكمة الأولى أنه كان خارج البلاد، كما طلب ندب خبير في الدعوى، إلا أنه لم يثر في دفاعه لدى محكمة الإعادة شيئاً يتصل بهذين الأمرين، أو ما يشير إلى تمسكه بدفاعه السابق في شأنهما ومن ثم فإنه لا يكون له أن يطلب من المحكمة الأخيرة الاستجابة إلى تحقيق دفاع لم يبد أمامها أو الرد عليه، ولا يغير من ذلك أن نقض الحكم وإعادة المحاكمة يعيد الدعوى إلى محكمة الإعادة بالحالة التي كانت عليها قبل صدور الحكم المنقوض لأن هذا الأصل المقرر لا يتناهى إلى وسائل الدفاع التي لا مناحة في أن ملاك الأمر فيها يرجع أولاً وأخيراً إلى المتهم وحده يختار منها - هو أو المدافع عنه - ما يناسبه ويتسق مع خطته في الدفاع، ويدع منها ما قد يرى - من بعد - أنه ليس كذلك لما كان ذلك، وكانت المادة الرابعة من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء والمعدلة بالقانون رقم 30 لسنة 1983 إذ نصت على أنه "لا يجوز إنشاء مبان أو إقامة أعمال أو توسيعها أو تعليتها أو تعديلها أو تدعيمها أو هدمها أو إجراء أية تشطيبات خارجية مما تحدده اللائحة التنفيذية إلا بعد الحصول على ترخيص في ذلك من الجهة الإدارية المختصة بشئون التنظيم أو إخطارها بذلك وفقاً لما تبينه اللائحة التنفيذية لهذا القانون.... إلخ" فقد جاء نصها مطلقاً من كل قيد وليس فيه ما يفيد قصر الرخصة على الأبنية التي تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه دون تلك التي لا تزيد قيمتها على هذا المبلغ ما دام أن الشارع قد أوجب في هذه المادة الحصول على ترخيص لكل بناء يراد إقامته أو غير ذلك من الأعمال التي أشار إليها النص، ولا وجه لتعييب الحكم المطعون فيه لاستناده إلى نص المادة الأولى من القانون 106 لسنة 1976 لأن هذه المادة لم تعف أعمال إقامة المباني التي لا تزيد قيمتها على خمسة آلاف جنيه من الحصول على الترخيص الذي أوجبته المادة الرابعة آنفة البيان بالنسبة لهذه الأعمال أياً كانت قيمتها، وإنما أعفتها من شرط الحصول على موافقة لجنة توجيه وتنظيم أعمال البناء الذي يستلزمه الشارع بالإضافة إلى الترخيص المشار إليه متى زادت قيمتها على المبلغ المذكور، فليس في نص المادة الأولى سالفة البيان أو نص المادة الثانية عشرة من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الذي جرى على أنه "فيما عدا المباني من المستوى الفاخر، يلغى شرط الحصول على موافقة لجنة توجيه وتنظيم البناء قبل الحصول على الترخيص بإقامة المباني وسائر أحكام الباب الأول من القانون 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، كما تلغى المادة 21 من ذلك القانون" والذي وقعت الجريمة في ظله ما يخصص عموم الحكم الوارد في المادة الرابعة سالفة الذكر. ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان يبين من الاطلاع على الأوراق أن الحكم الابتدائي أدان الطاعن بالحبس مع الشغل وغرامة تعادل قيمة الأعمال وإذ استأنف الطاعن قضت محكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة استئنافية بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من غرامة وإلغائه فيما عدا ذلك، فقرر المحكوم عليه وحده بالطعن بالنقض في الحكم المذكور وقد قضت محكمة النقض بقبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه والإحالة، وأن محكمة كفر الشيخ الابتدائية بهيئة استئنافية أخرى قضت بتاريخ 7 من يناير سنة 1992 بحكمها المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف مع إيقاف عقوبة الحبس. وكان نقض الحكم السابق حاصلاً بناء على طلب الطاعن وحده دون النيابة العامة مما لا يجوز معه أن يضار بطعنه عملاً بنص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض فإن الحكم المطعون فيه إذ أنزل بالطاعن عقوبة الحبس - ولو مع وقف التنفيذ - بعد أن كانت قد ألغيت بموجب الحكم المنقوض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون المذكور أن تحكم هذه المحكمة في الطعن وتصحيح الخطأ وذلك بإلغاء عقوبة الحبس المقضى بها دون حاجة إلى تحديد جلسة لنظر الموضوع - باعتبار أن الطعن للمرة الثانية - ما دام أن العوار لم يرد على بطلان في الحكم أو بطلان في الإجراءات أثر فيه مما كان يقتضي التعرض لموضوع الدعوى. لما كان ذلك، وكان قد صدر - بعد الحكم المطعون فيه - القانون رقم 25 لسنة 1992 معدلاً المادة 22 من قانون رقم 106 لسنة 1976 في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء على النحو التالي" مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب بالحبس وبغرامة لا تجاوز قيمة الأعمال المخالفة أو مواد البناء المتعامل فيها حسب الأحوال أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المواد 4 و5 و6 مكرراً و7 و8 و9 و11 و12 و13 و14 و17 من هذا القانون أو لائحته التنفيذية أو القرارات الصادرة تنفيذاً لها" وكان مفاد هذا النص أنه أباح النزول بالغرامة عن قيمة الأعمال المخالفة أو مواد البناء المتعامل فيها حسب الأحوال بعد أن كانت محددة بهذه القيمة بما لا يجوز النزول عنها، وهو ما يتحقق به القانون الأصلح للمتهم في حكم المادة الخامسة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكانت المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض تخول لهذه المحكمة تصحيح الحكم لمصلحة المتهم من تلقاء نفسها إذا صدر بعد وقوع الفعل وقبل الفصل فيه بحكم بات قانون أصلح للمتهم ومن ثم فإن المحكمة تقضي بتصحيح الحكم - من جهة أخرى - بتغريم المتهم ثلاثة آلاف جنيه.

الطعن 22228 لسنة 66 ق جلسة 13 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 145 ص 1081

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وطه سيد قاسم نواب رئيس المحكمة. وفؤاد حسن.

--------------

(145)
الطعن رقم 22228 لسنة 66 القضائية

(1) دفوع "الدفع ببطلان إذن التفتيش". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع ببطلان إذن التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. إثارته لأول مرة أمام النقض. غير جائز ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته. علة ذلك؟
الدفع ببطلان إذن التفتيش. وجوب إبدائه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
مثال لقول مرسل لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش.
(2) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات.
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته. مناط توافره. علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجوهر المخدرة.
(4) مواد مخدرة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
دفاع المتهمة بأن المخدر دس عليه المقصود به إثارة الشبهة في أدله الثبوت التي أوردها الحكم. موضوعي. الرد عليه صراحة. غير لازم.
(5) دفوع" الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الدفع بشيوع التهمة وتلفيقها. موضوعي. لا يستلزم رداً خاصاً من المحكمة اكتفاء بما أوردته من أدلة الثبوت.
(6) مواد مخدرة. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات "شهود". قصد جنائي.
إيراد الحكم في بيانه لأقوال الشهود ما يفيد توافر قصد الاتجار في المواد المخدرة. انتهاؤه من بعد إلى اقتناعه بعدم توافر هذا القصد. لا يعيبه.
(7) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما أستند إليه منها.
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه.
(8) مصادرة. عقوبة "عقوبة تكميلية". مواد مخدرة. نقض "حالات الطعن. والخطأ في القانون".
المصادرة في حكم المادة 30 عقوبات. ماهيتها؟
عقوبة المصادرة المقررة بالمادة 42 من القانون رقم 282 لسنة 1960 المعدل نطاقها؟
إغفال القضاء بمصادرة النقود التي ضبطت مع الطاعن والتي لا صلة بينها وبين الجريمة التي دين بها. صحيح في القانون.
(9) نقض "المصلحة في الطعن". "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
انعدام مصلحة الطاعن في النعي على الحكم خطؤه في تطبيق القانون لعدم قضائه بمصادرة النقود المضبوطة مع الطاعن. أساس ذلك؟

--------------
1 - لما كان يبين من محضر جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش. وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعياً على التحريات لعدم إفصاح الضابط عن مصدره السري، ونفي ضابط مباحث دراو اشتراكه فيها، وأن الطاعن كان يؤدى الصلاة ولم يسبق له الاتجار في المواد المخدرة أو ضبطه في قضايا مماثلة كما أن مكان الضبط لا يتناسب مع ذات الشيء المضبوط، وإذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه.
2 - من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها على سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون.
3 - من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً وإذ كان يبين من محضري جلستي المحاكمة أن أياً من الطاعن أو الدفاع عنه لم يدفع بانتفاء العلم، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بوجود المخدر في سلة الخوص - التي ضبط فيها - والتي كانت بمدخل متجره، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم علمه بحقيقة الجوهر المضبوط ونعيه على الحكم بالقصور في التسبيب في إثبات هذا العلم يكون غير سديد.
4 - لما كان دفاع المتهم بأن المخدر دس عليه إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند.
5 - لما كان الدفع بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهم هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
6 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة وأن أورد على لسان الضابط الشاهد الثاني أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، وإذا أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن - فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة ينأى عن قالة التناقض في التسبيب.
7 - لما كان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال الشاهدين الأول والثاني في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشاهد الثاني على أقوال الشاهد الأول والتي تنحصر في انتقاله بصحبته إلى متجر الطاعن - بعد حضوره إليه في قسم شرطة دراو - وقيامه بالتحفظ على الطاعن الذي قام الشاهد الأول بتفتيشه - وهو ما لا يماري فيه الطاعن - فإن الحكم يكون بريئاً من قاله القصور في التسبيب.
8 - لما كانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل، وهي عقيدة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبية يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لا توجب سوى القضاء بمصادرة المواد المخدرة والنباتات والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، فإن المحكمة إذ لم تقض بمصادرة النقود المضبوطة - والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها - لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح ما دامت واقعة الدعوى كما أوردتها الحكم قد خلت من وجود صلة بين تلك النقود والجريمة التي دين الطاعن بها.
9 - لما كان من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم قضائه بمصادرة المبلغ النقدي الذي شهد ضابط الواقعة بعثوره عليه مع الطاعن وأنه من متحصلات بيع المخدر.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه حاز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "هيروين" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات أسوان لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 3، 38، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من القسم الأول من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول والمستبدل بالقانون الأخير مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبته بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات وتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه ومصادرة المخدر باعتبار أن الإحراز مجرد من القصور.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة حيازة جوهر مخدر (هيروين) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه جاء قاصراً في الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات، ولم يدلل على توافر الركن المعنوي للجريمة التي دان الطاعن بها رغم ما أثاره الأخير من عدم علمه بحقيقة الجوهر المضبوط وأنه دس عليه وأن مكان العثور عليه مطروق للكافة. هذا إلى أن الحكم في تحصيله لأقوال النقيب..... أثبت أن تحريات الأخير دلت على أن الطاعن يتجر في المواد المخدرة ثم انتهى إلى أن الأوراق خلت من دليل على توافر قصد الاتجار لدى الطاعن وعول الحكم المطعون فيه في قضائه بالإدانة على أقوال النقيبين.... و...... وأحال في بيان مؤدى شهادة الثاني إلى أقوال الشاهد الأول على الرغم من اختلاف روايتيهما في خصوص واقعة تفتيش المحل والعثور على المخدر ومكان الضبط وأخيراً فإن الحكم لم يقض بمصادرة المبلغ المضبوط رغم ما جاء بشهادة ضابط الواقعة من عثوره على مبلغ من المال مع الطاعن وأن هذا المبلغ من متحصلات بيع المخدر. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة حيازة مخدر (هيروين) بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح من أقوال الشهود ومن تقرير المعامل الكيماوية بمصلحة الطب الشرعي وما ثبت من معاينة النيابة العامة لمكان الضبط، ومن شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان يبين من محضر جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان إذن التفتيش. وكان هذا الدفع من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم تكن مدونات الحكم تحمل مقوماته لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، ولا يقدح في ذلك أن يكون الدفاع عن الطاعن قد ضمن مرافعته نعياً على التحريات لعدم إفصاح الضابط عن مصدره السري، ونفي ضابط مباحث دراو اشتراكه فيها، وأن الطاعن كان يؤدى الصلاة ولم يسبق له الاتجار في المواد المخدرة أو ضبطه في قضايا مماثلة كما أن مكان الضبط لا يتناسب مع ذات الشيء المضبوط، وإذ هو قول مرسل على إطلاقه لا يحمل على الدفع الصريح ببطلان إذن التفتيش الذي يجب إبداؤه في عبارة صريحة تشتمل على بيان المراد منه، هذا فضلاً عن أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها على سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، وإذ كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بنى عليها إذن التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون ولا محل له. ولا على المحكمة إن هي التفتت عن الرد عليه. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر أو حيازته يتوافر متى قام الدليل على علم الجاني بأن ما يحوزه أو يحرزه من الجواهر المخدرة، ولا حرج على القاضي في استظهار هذا العلم من ظروف الدعوى وملابساتها على أي نحو يراه ما دام أنه يتضح من مدونات الحكم توافره توافراً فعلياً وإذ كان يبين من محضري جلستي المحاكمة أن أياً من الطاعن أو الدفاع عنه لم يدفع بانتفاء العلم، وكان ما ساقه الحكم المطعون فيه من وقائع الدعوى وملابساتها كافياً في الدلالة على علم الطاعن بوجود المخدر في سلة الخوص - التي ضبط فيها - والتي كانت بمدخل متجره، فإن ما يثيره الطاعن بشأن عدم علمه بحقيقة الجوهر المضبوط ونعيه على الحكم بالقصور في التسبيب في إثبات هذا العلم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان دفاع المتهم بأن المخدر دس عليه إنما قصد به إثارة الشبهة في أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ويعتبر من قبيل الدفاع الموضوعي الذي لا يستلزم من المحكمة رداً صريحاً ويكون منعى الطاعن في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان الدفع بشيوع التهمة أو بأنها ملفقة على المتهم هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاءً بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها، وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وكان استخلاصها سائغاً وفيه الرد الضمني برفض ما يخالفها ويؤدى إلى النتيجة التي انتهى إليها الحكم، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يورد في بيانه لواقعة الدعوى أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة وأن أورد على لسان الضابط الشاهد الثاني أن الطاعن يتجر بالمواد المخدرة إلا أن البين من أسبابه أنه حصل مؤدى أدلة الثبوت في الواقعة كما هي قائمة في الأوراق، وإذا أورد بعد ذلك ما قصد إليه في اقتناعه من عدم توافر قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي في حق الطاعن فإن ذلك يكون استخلاصاً موضوعياً للقصد من الحيازة ينأى عن قالة التناقض في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أورد مؤدى أقوال الشاهد الأول..... من أن المراقبة السرية التي شاركه فيها الشاهد الثاني... أكدت صحة التحريات التي دلت على أن الطاعن يجوز ويحرز مواداً مخدرة وأنه يتخذ من محله وكراً لذلك فانتقل - بعد استئذان النيابة العامة - وبرفقته الشاهد الثالث وقوة من الشرطة السريين إلى قسم شرطة دراو حيث تقابلاً مع الشاهد الثاني وإذ علموا بوجود الطاعن في متجره فقد توجهوا إليه وتوقفوا أمام المتجر مباشرة وتوجه (أي الشاهد الأول) والشاهد الثاني إلى داخل المتجر حيث قام الأخير بالتحفظ على الطاعن بينما قام هو بتفتيشه فعثر بجيب جلبابه على مبلغ ستة جنيهات وخمسة وسبعين قرشاً ثم قام بتفتيش المتجر فعثر داخل إحدى سلال الخوص الكائنة وسط سلال أخرى بمدخل المتجر على كمية المادة المضبوطة وإذ واجه الطاعن بها أنكر صلته بها وأقر بملكيته للنقود، ثم أورد الحكم مؤدى أقوال الشاهد الثاني نقيب..... وقد انصبت على قيامه بمراقبة الطاعن وأسفر ذلك عن اتجاره في المواد المخدرة وأضاف بمضمون ما قرره الشاهد الأول واستطرد قائلاً أن الشاهد الأول قام بتفتيش المحل ثم حضر إليه حيث كان يتحفظ على الطاعن وكانت اللفافة معه ولكن لا يعرف من أين أخرجها تحديداً وأنه أقام بفضها أمام الطاعن وواجهه بها في حضوره. لما كان ذلك، وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما أستند إليه الحكم منها، وكان لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال الشاهدين الأول والثاني في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهما بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشاهد الثاني على أقوال الشاهد الأول والتي تنحصر في انتقاله بصحبته إلى متجر الطاعن - بعد حضوره إليه في قسم شرطة دراو - وقيامه بالتحفظ على الطاعن الذي قام الشاهد الأول بتفتيشه - وهو ما لا يمارى فيه الطاعن - فإن الحكم يكون بريئاً من قاله القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكانت المصادرة في حكم المادة 30 من قانون العقوبات إجراء الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة قهراً عن صاحبها وبغير مقابل، وهي عقيدة اختيارية تكميلية في الجنايات والجنح إلا إذا نص القانون على غير ذلك، وقد تكون المصادرة وجوبيه يقتضيها النظام العام لتعلقها بشيء خارج بطبيعته عن دائرة التعامل، وهي على هذا الاعتبار تدبير وقائي لا مفر من اتخاذه في مواجهة الكافة، وكانت المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها لا توجب سوى القضاء بمصادرة المواد المخدرة والنباتات والأدوات ووسائل النقل المضبوطة التي تكون قد استخدمت في ارتكاب الجريمة، فإن المحكمة إذ لم تقض بمصادرة النقود المضبوطة - والتي لا تعد حيازتها جريمة في حد ذاتها - لا تكون قد جانبت التطبيق القانوني الصحيح ما دامت واقعة الدعوى كما أوردها الحكم قد خلت من وجود صلة بين تلك النقود والجريمة التي دين الطاعن بها، هذا فضلاً عن أن من المقرر أن المصلحة شرط لازم في كل طعن، فإذا انتفت لا يكون الطعن مقبولاً، وكان لا مصلحة للطاعن فيما يثيره من خطأ الحكم في تطبيق القانون لعدم قضائه بمصادرة المبلغ النقدي الذي شهد ضابط الواقعة بعثوره عليه مع الطاعن وأنه من متحصلات بيع المخدر، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد.

الطعن 47377 لسنة 59 ق جلسة 13 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 143 ص 1069

جلسة 13 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ صلاح عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ رضوان عبد العليم ومحمد شعبان باشا وعبد الرحمن أبو سليمة وسلامة أحمد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة.

--------------

(143)
الطعن رقم 47377 لسنة 59 القضائية

(1) بلاغ كاذب. جريمة "أركانها".
جريمة البلاغ الكاذب. مناط تحققها؟
(2) بلاغ كاذب. حكم "حجيته". "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب. عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه.
ثبوت كذب البلاغ. لا يكفي وحده للإدانة.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي المطعون ضده على الحكم المطعون فيه مخالفته لحجية الحكم الصادر في جنحة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار للأسباب التي بنى عليها. غير مقبول. ما دام أنه نفى عنه سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي اطمأنت إليها المحكمة.
تعييب الحكم القاضي بالبراءة في إحدى دعاماته. غير مقبول. ما دام أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله.
(4) بلاغ كاذب. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب. توافره بعلم المبلغ بكذب الوقائع المبلغ عنها. وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده. تقدير ذلك. موضوعي.
(5) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية الشك في صحة إسناد التهمة للمتهم للقضاء بالبراءة. ما دامت المحكمة قد أحاطت بالدعوى وألمت بها عن بصر وبصيرة.
الجدل الموضوعي في سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.

----------------
1 - من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعلة ولو لم تقم دعوى بما أخبر به.
2 - لما كان من المقرر أن الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه. إلا أن ثبوت كذب البلاغ لا يكفي وحده للإدانة. لما كان ذلك، لما كان ذلك، وكان الحكم القاضي ببراءة الطاعن من تهمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل والمحرر عنها الجنحة رقم 25 لسنة 1976 أمن دولة قسم أول شبرا الخيمة وقد أسس قضاءه على كذب البلاغ، إلا أن البين أن الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فإن النعي على الحكم بدعوى مخالفته لحجية الحكم الصادر في الجنحة سالفة البيان وللأسباب التي بنى عليها لا يكون له محل.
3 - لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله.
4 - لما كان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأنه محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة عليها.
5 - لما كان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن باقي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قليوب ضد المطعون ضده - بأنه أبلغ كذباً وبسوء قصد عن واقعة تقاضيه مبلغ 3000 جنيه منه خارج نطاق عقد الإيجار. وطلب عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدى له مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنح قسم أول شبرا الخيمة قضت حضورياً ببراءة المتهم مما نسب إليه ورفض الدعوى المدنية. استأنف المدعي بالحقوق المدنية ومحكمة بنها الابتدائية - مأمورية قليوب الاستئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض....... إلخ.


المحكمة

من حيث إنه من المقرر قانوناً أنه يشترط لتحقق جريمة البلاغ الكاذب توافر ركنين هما ثبوت كذب الوقائع المبلغ عنها، وأن يكون الجاني عالماً بكذبها ومنتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، وأن يكون الأمر المخبر به مما يستوجب عقوبة فاعلة ولو لم تقم دعوى بما أخبر به، وكان من المقرر أيضاً أن الحكم الجنائي الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه. إلا أن ثبوت كذب البلاغ لا يكفي وحده للإدانة. لما كان ذلك، وكان الحكم القاضي ببراءة الطاعن من تهمة تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل والمحرر عنها الجنحة رقم..... لسنة 1976 أمن دولة قسم أول شبرا الخيمة وقد أسس قضاءه على كذب البلاغ، إلا أن البين أن الحكم المطعون فيه قد نفى عن المطعون ضده سوء القصد في بلاغه ضد الطاعن وعدم انتوائه السوء والإضرار به للأسباب التي أوردها واطمأنت إليها المحكمة، فإن النعي على الحكم بدعوى مخالفته لحجية الحكم الصادر في الجنحة سالفة البيان وللأسباب التي بنى عليها لا يكون له محل. ولا ينال من ذلك ما أورده الحكم المطعون فيه من أنه لا يرى في عجز المطعون ضده عن إثبات بلاغه دليلاً على كذب الواقعة لما هو مقرر من أنه لا يقدح في سلامة الحكم القاضي بالبراءة أن تكون إحدى دعاماته معيبة ما دام قد أقيم على دعامات أخرى تكفي لحمله. لما كان ذلك، وكان القصد الجنائي في جريمة البلاغ الكاذب يتوافر بعلم المبلغ بكذب الوقائع التي أبلغ عنها وانتوائه الكيد والإضرار بالمبلغ ضده، وتقدير هذه الأمور من شأنه محكمة الموضوع التي لها مطلق الحق في استظهارها من الوقائع المطروحة عليها، وكان الحكم المطعون فيه قد برر قضاءه بالبراءة لانتفاء القصد الجنائي لدى المطعون ضده على ما سلف، وكان يكفي في المحاكمة الجنائية أن يتشكك القاضي في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لكي يقضي له بالبراءة، وإذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما يطمئن إليه في تقدير الدليل ما دام الظاهر أن المحكمة أحاطت بالدعوى وألمت بظروفها عن بصر وبصيرة، فإن باقي ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس مفصحاً عن عدم قبوله موضوعاً ويتعين التقرير بذلك ومصادرة الكفالة.

الطعن 8735 لسنة 64 ق جلسة 14 / 10 / 1998 مكتب فني 49 ق 147 ص 1093

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1998

برئاسة السيد المستشار/ عبد اللطيف علي أبو النيل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ بهيج حسن القصبجي ويحيى محمود خليفة ومحمد علي رجب نواب رئيس المحكمة. وإبراهيم العربي عبد المنعم.

-----------------

(147)
الطعن رقم 8735 لسنة 64 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المحلي". محكمة استئنافية "استئناف ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
قضاء المحكمة الاستئنافية بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وأحالتها للمحكمة الجزئية المختصة. مقتضاه: إلغاء الحكم الابتدائي الصادر في الموضوع بالإدانة.
قضاء المحكمة المحال إليها بتأييد الحكم المعارض فيه. حقيقته: تأييد الحكم لا وجود له قانوناً. استئناف ذلك الحكم. علة ذلك؟
(2) استئناف "نظره والحكم فيه". نقض "ما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام".
الطعن بطريق النقض. غير جائز. متى انغلق باب الطعن بطريق الاستئناف. لا يغير من ذلك قضاء الحكم المطعون فيه خطأ بعدم قبول الاستئناف شكلاً دون قضائه بعدم جوازه. علة ذلك؟

----------------
1 - لما كان الحكم الصادر من محكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة سمنود الجزئية ينطوي بذاته على إلغاء الحكم الابتدائي الصادر من محكمة قسم دمنهور الجزئية في موضوع الدعوى بالإدانة فإن قضاء محكمة سمنود الجزئية بتأييد الحكم المعارض فيه هو في حقيقته تأييد لحكم لا وجود له قانوناً، ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تظل باقية لم يصدر فيها بعد حكم بالإدانة أو بالبراءة، ولا يجوز اللجوء إلى المحكمة الاستئنافية لإكمال هذا النقض لأن هذه المحكمة الأخيرة إنما تعيد النظر فيما فصلت فيه محكمة أول درجة وطالما أنها لم تفصل في الدعوى فإن اختصاصها يظل باقياً بالنسبة لها ولا يمكن للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بنفسها في أمر لم تستنفذ محكمة أول درجة بعد ولايتها في الفصل فيه وإلا فوتت بذلك درجة من درجات التقاضي على المتهم، وبالتالي فإن استئناف الحكم الابتدائي المشار إليه يكون غير جائز.
2 - من المقرر أنه متى انغلق باب الطعن بطريق الاستئناف فلا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض، وإذ كان طعن النيابة العامة في الحكم الابتدائي بطريق الاستئناف غير جائز فإن طعنها بطريق النقض في الحكم الاستئنافي المطعون فيه يكون غير جائز، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد قضى خطأ بعدم قبول استئناف المتهم شكلاً لرفعه بعد الميعاد ولم يقض بعدم جواز الاستئناف، ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للطاعنة حقاً في الطعن بالنقض في الحكم المذكور متى امتنع عليها حق الطعن فيه ابتداء بطريق الاستئناف، لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم جواز الطعن.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح قسم دمنهور ضد المطعون ضده بوصف أنه: أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب مع علمه بذلك وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وألزمه بأن يؤدى له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً عملاً بمادتي الاتهام بحبسه ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ وإلزامه بأن يؤدى للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً للتقرير به بعد الميعاد. عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه وقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة سمنود. ومحكمة جنح سمنود قضت بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعاً، وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه. استأنف ومحكمة طنطا الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.


المحكمة

من حيث إن البين من الأوراق أن المدعي بالحقوق المدنية أقام دعواه أمام محكمة قسم دمنهور الجزئية بالطريق المباشر ونسب إلى المتهم فيها أنه أعطاه بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد، وبجلسة.... قضت تلك المحكمة غيابياً بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وألزمته بالتعويض المؤقت، فعارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، فاستأنف ومحكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد، ولما عارض قضت تلك المحكمة بإلغاء الحكم المعارض فيه وبقبول الاستئناف شكلاً وبإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة سمنود الجزئية لنظرها أمامها، ولما قدمت القضية إلى محكمة مركز سمنود قضت بجلسة..... بقبول المعارضة شكلاً وبرفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه، فاستأنف المتهم، ومحكمة طنطا الابتدائية "مأمورية المحلة الكبرى" - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بجلسة ..... بعدم قبول الاستئناف شكلاً لرفعه بعد الميعاد، فقررت النيابة العامة بالطعن بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت في ذات التاريخ مذكرة بأسباب الطعن موقعاً عليها من رئيس نيابة. لما كان ذلك وكان الحكم الصادر من محكمة دمنهور الابتدائية - بهيئة استئنافية - بعدم اختصاصها محلياً بنظر الدعوى وأحالتها إلى محكمة سمنود الجزئية ينطوي بذاته على إلغاء الحكم الابتدائي الصادر من محكمة قسم دمنهور الجزئية في موضوع الدعوى بالإدانة فإن قضاء محكمة سمنود الجزئية بتأييد الحكم المعارض فيه - على النحو مار البيان - هو في حقيقته تأييد لحكم لا وجود له قانوناً، ومن ثم فإن الدعوى الجنائية تظل باقية لم يصدر فيها بعد حكم بالإدانة أو بالبراءة، ولا يجوز اللجوء إلى المحكمة الاستئنافية لإكمال هذا النقض لأن هذه المحكمة الأخيرة إنما تعيد النظر فيما فصلت فيه محكمة أول درجة وطالما أنها لم تفصل في الدعوى فإن اختصاصها يظل باقياً بالنسبة لها ولا يمكن للمحكمة الاستئنافية أن تحكم بنفسها في أمر لم تستنفذ محكمة أول درجة بعد ولايتها في الفصل فيه وإلا فوتت بذلك درجة من درجات التقاضي على المتهم، وبالتالي فإن استئناف الحكم الابتدائي المشار إليه يكون غير جائز، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه متى انغلق باب الطعن بطريق الاستئناف فلا يجوز من باب أولى الطعن بطريق النقض، وإذ كان طعن النيابة العامة في الحكم الابتدائي المار ذكره بطريق الاستئناف غير جائز فإن طعنها بطريق النقض في الحكم الاستئنافي المطعون فيه يكون غير جائز، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم المطعون فيه قد قضى خطأ بعدم قبول استئناف المتهم شكلاً لرفعه بعد الميعاد ولم يقض بعدم جواز الاستئناف، ذلك أن قضاء المحكمة الاستئنافية ليس من شأنه أن ينشئ للطاعنة حقاً في الطعن بالنقض في الحكم المذكور متى امتنع عليها حق الطعن فيه ابتداء بطريق الاستئناف، لما كان ما تقدم فإنه يتعين التقرير بعدم جواز الطعن.