الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 22 يوليو 2025

الطعن 7109 لسنة 54 ق جلسة 14 / 5 / 1986 مكتب فني 37 ق 107 ص 542

جلسة 14 من مايو سنة 1986

برياسة السيد المستشار: محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.

---------------

(107)
الطعن رقم 7109 لسنة 54 القضائية

شيك بدون رصيد. نصب. سرقة. الحصول على ورقة بطريق التهديد. أسباب الإباحة "استعمال حق مقرر بمقتضى القانون". قانون "تفسيره". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
سحب الشيك وتسليمه للمستفيد. اعتباره كالوفاء الحاصل بالنقود. مؤدى ذلك؟
استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضعه من القوانين المعمول بها. اعتباره سبباً من أسباب الإباحة. متى ارتكب بنية سليمة. أساس ذلك؟.
حق الساحب في المعارضة في الوفاء بقيمة الكمبيالة في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها. علة ذلك؟.
سرقة الورقة أو الحصول عليها بطريق التهديد دخولها في حكم ضياعها.
إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بحالات الإباحة في المعارضة في الوفاء بقيمته. أساس ذلك؟
تمسك الطاعن بحصول المدعي بالحقوق المدنية على الشيك بطريق النصب. جوهري. التزام المحكمة بتمحيصه أو الرد عليه. قعودها عن ذلك. قصور.

-----------------
لما كان الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمستفيد يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه، إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة، فقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أن "لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها - باعتبارها كلاً متسقاً مترابط القواعد - يعتبر سبباً من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة، فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا، وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدر أحدهما صيانة للآخر، وعلى هذا الأساس نصت المادة 148 من قانون التجارة على أن "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها "فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ما له بغير توقف على حكم القضاء لما قدره الشارع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. وإذ جعل هذا الحق للساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلى دعوى وعلى غير ما توجبه المادة 337 من قانون العقوبات، فقد أضحى الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق قيداً وارداً على نص من نصوص التجريم وتوفرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده - إذا ما صدر بنية سليمة - إلى حق مقرر بمقتضى القانون. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصله من جريمة، ولا يغير من الأمر أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن تتوافر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة هي الأولى بالرعاية، وإذ كان ذلك، فإن ما تمسك به الطاعن من دفاع - على السياق آنفاً - وهو دفاع يظاهره ما قدمه من مستندات يضحى هاماً وجوهرياً لما له من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له وتستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدعى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه إن رأت إطراحه، أما وقد سكتت عن ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعوى بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الساحل ضد الطاعن بوصف أنه أصدر له شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب. وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل، وكفالة ألف وستمائة وخمسة وعشرين جنيهاً وإلزامه بأن يدفع له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم - ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً اعتبارياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض، وقضى بقبولها شكلاً وفي الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن الأستاذ/ ..... المحامي عن الأستاذ/ ..... نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إصدار شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض قد شابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه تمسك بأن المدعي بالحقوق المدنية قد استحصل منه على الشيك باستعمال طرق احتيالية بأن أوهمه بوجود مشروع كاذب هو السعي لإيجاد عمل لثلاثين شخصاً بالأردن مقابل مبلغ مائة وثمانين جنيهاً عن كل عامل ولما تبين له أن المشروع وهمي فقد أصدر أمره إلى البنك بعدم الدفع وقدم تدليل على دفاعه صورة من الحكم الصادر في الجنحة رقم 5390 لسنة 1980.... بإدانة المدعي بالحقوق المدنية في جريمة النصب هذه، إلا أن المحكمة لم ترد على دفاعه مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من المفردات المضمومة أن الطاعن تمسك في المذكرة المقدمة منه إلى المحكمة الاستئنافية بأن المدعي بالحقوق المدنية أوهمه أن في وسعه السعي لإيجاد عمل لثلاثين شخصاً بالأردن وتم الاتفاق بينهما على أن يدفع الطاعن مبلغ مائة وثمانين جنيهاً عن كل عامل وتنفيذاً لهذا الاتفاق فقد حرر الشيك موضوع الاتهام وتعهد المدعي بالحقوق المدنية برد قيمة الشيك إذا قعد عن تنفيذ التزامه بتشغيل العمال، وإذ تبين للطاعن أن المشروع وهمي فقد أصدر أمره إلى البنك بعدم دفع قيمة الشيك، وقدم الطاعن حافظة طواها على صورة من الاتفاق المعقود بينه وبين المدعي بالحقوق المدنية وقد نص فيه على أنه حالة عودة العمال من الأردن بدون عمل يلتزم المدعي بالحقوق المدنية وشريكه برد قيمة الشيكين الصادرين لهما من الطاعن والمستحقين في...... كما قدم الطاعن صورة رسمية من الحكم الصادر في الجنحة رقم..... الساحل المرفوعة من الطاعن بطلب معاقبة المدعي بالحقوق المدنية بالعقوبة المقررة لجريمة النصب وإلزامه بالتعويض لاحتياله عليه وحصوله منه على مبلغ ألف جنيه نقداً وشيك بمبلغ 1650 جنيهاً مستحق الأداء في......، وقد قضى فيها بحبس المدعي بالحقوق المدنية ستة أشهر مع الشغل وإلزامه بأن يدفع للطاعن مبلغ واحد وخمسين جنيهاً تعويضاً مؤقتاً. لما كان ذلك، وكان الأصل أن سحب الشيك وتسليمه للمستفيد يعتبر وفاء كالوفاء الحاصل بالنقود سواء بسواء بحيث لا يجوز للساحب أن يسترد قيمته أو يعمل على تأخير الوفاء به لصاحبه، إلا أن ثمة قيداً يرد على هذا الأصل هو المستفاد من الجمع بين حكمي المادتين 60 من قانون العقوبات و148 من قانون التجارة، فقد نصت المادة 60 من قانون العقوبات على أن "لا تسري أحكام قانون العقوبات على كل فعل ارتكب بنية سليمة عملاً بحق مقرر بمقتضى الشريعة بما مؤداه أن استعمال الحق المقرر بالقانون أينما كان موضع هذا الحق من القوانين المعمول بها - باعتبارها كلاً متسقاً مترابط القواعد - يعتبر سبباً من أسباب الإباحة إذا ما ارتكب بنية سليمة، فالقانون يفترض قيام مصلحة يعترف بها ويحميها بحيث يسمح باتخاذ ما يلزم لتحقيقها واستخلاص ما تنطوي عليه من مزايا، وهو في ذلك إنما يوازن بين حقين يهدر أحدهما صيانة للآخر، وعلى هذا الأساس نصت المادة 148 من قانون التجارة على أن "لا تقبل المعارضة في دفع قيمة الكمبيالة إلا في حالتي ضياعها أو تفليس حاملها "فأباح بذلك للساحب أن يتخذ من جانبه إجراء يصون به ما له بغير توقف على حكم القضاء لما قدره الشارع من أن حق الساحب في حالتي الضياع وإفلاس الحامل يعلو على حق المستفيد. وإذ جعل هذا الحق الساحب يباشره بنفسه بغير حاجة إلى دعوى وعلى غير ما توجبه المادة 337 من قانون العقوبات، فقد أضحى الأمر بعدم الدفع في هذا النطاق قيداً وارداً على نص من نصوص التجريم وتوافرت له بذلك مقومات أسباب الإباحة لاستناده - إذا ما صدر بنية سليمة - إلى حق مقرر بمقتضى القانون. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه يدخل في حكم الضياع السرقة البسيطة والسرقة بظروف والحصول على الورقة بالتهديد، كما أنه من المقرر أن القياس في أسباب الإباحة أمر يقره القانون، فإنه يمكن إلحاق حالتي تبديد الشيك والحصول عليه بطريق النصب بتلك الحالات من حيث حق المعارضة في الوفاء بقيمته، فهي بها أشبه على تقدير أنها جميعاً من جرائم سلب المال وأن الورقة فيها متحصله من جريمة، ولا يغير من الأمر أن يترتب على مباشرة الساحب لهذا الحق من الإخلال بما يجب أن تتوافر للشيك من ضمانات في التعامل، ذلك بأن الشارع رأى أن مصلحة الساحب في الحالات المنصوص عليها في المادة 148 من قانون التجارة هي الأولى بالرعاية، وإذ كان ذلك، فإن ما تمسك به الطاعن من دفاع - على السياق آنفاً - وهو دفاع يظاهره ما قدمه من مستندات يضحى هاماً وجوهرياً لما له من أثر في تحديد مسئوليته الجنائية مما كان يتعين معه على المحكمة أن تعرض له وتستظهره وتمحص عناصره كشفاً لمدعى صدقه وأن ترد عليه بما يدفعه أن رأت إطراحه، أما وقد سكتت عن ذلك فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه والإعادة مع إلزام المطعون ضده "المدعي بالحقوق المدنية" المصاريف المدنية وذلك بدون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق