جلسة 15 من نوفمبر سنة 1987
برياسة السيد المستشار/ سعيد صقر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الحسيني الكناني، عبد النبي خمخم، محمد عبد البر حسين وخلف فتح الباب.
----------------
(201)
الطعن رقم 680 لسنة 51 القضائية
(1) دفوع. "نظام عام" نقض "السبب الجديد"
الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم. غير متعلق بالنظام العام. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) نقض "السبب الجديد".
دفاع المستأجر بوجوب إعذاره بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل رفع دعوى الإخلاء لإساءة الاستعمال - دفاع قانوني يقوم على واقع. عدم جواز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
(3) إيجار "التزامات اؤجر: ضمان التعرض"
ضمان المؤجر التعويض المادي الواقع من الغير على المستأجر. شرطه. أن يكون الغير مستأجراً منه.
(4) نقض "السبب الجديد"
دفاع المستأجر باعتبار سكوت المؤجر عن استعمال حقه في طلب الإخلاء من قبيل التعبير الضمني عن الإرادة في إسقاط الحق. عدم قبول التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض لما يخالطه من واقع لم يسبق التمسك به أمام محكمة الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 1100 لسنة 1978 أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية على الطاعن وآخرين وطلبوا الحكم بفسخ عقد إيجار الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لهم، وقالوا بياناً لدعواهم أنه بموجب عقد إيجار مؤرخ 15/ 10/ 1950 استأجر الطاعن من مورثهم شقة بالعقار رقم 25 شارع مصطفى كامل لاستعمالها مكتباً لمكافحة البلهارسيا إلا أنه غير من معالمها من الداخل واستعمالها فرعاً للمستشفى العام فألحق بالعقار وبباقي مستأجري وحداته ضرراً بالغاً ومن ثم أقاموا الدعوى بطلباتهم سالفة البيان - أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ثم ندبت خبيراً فيها، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بفسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة وتسليمها للمطعون ضدهم - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 381 لسنة 13 قضائية طنطا - مأمورية شبين الكوم - وبتاريخ 13/ 1/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الدعوى أقيمت على الطاعن بصفته ممثلاً لمديرية الشئون الصحية بمحافظة المنوفية في حين أنه لا صفة له في تمثيلها أمام القضاء، وأن ذي الصفة في ذلك هو محافظ المنوفية عملاً بأحكام القانون رقم 52 لسنة 1975 في شأن نظام الحكم المحلي ولائحته التنفيذية مما يحق له معه أن يتمسك بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الدفع بانعدام صفة أحد الخصوم في الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير متعلق بالنظام العام - وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن لم يسبق له التمسك أمام محكمة الموضوع بانعدام صفته في الدعوى، فإن إثارته لهذا الدفع أمام محكمة النقض لأول مرة يكون غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن المادة 31/ جـ من القانون رقم 49 لسنة 1977 - الذي يحكم واقعة الدعوى - توجب على المؤجر إعذار المستأجر بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل رفع الدعوى بالإخلاء للضرر إلا أن الحكم قضى بإخلاء العين المؤجرة دون بحث مدى قيام المطعون ضده بإعذار الطاعن بل ورغم عدم قيامهم بذلك.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لئن كان النص في المادة 31/ ج من القانون رقم 49 لسنة 1977 على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية... جـ - إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة والمتعارف عليها وتضر بمصلحة المؤجر أو استعمله في غير الأغراض المؤجر من أجلها، وذلك بعد إعذاره بإعادة الحال إلى ما كانت عليه". يدل على أن المشرع اعتبر إعذار المستأجر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه شرطاً لقبول دعوى الإخلاء في الحالة المنصوص عليها في هذا البند إلا أنه لما كان دفاع الطاعن المستند إلى حكم المادة 31/ ج سالفة الذكر هو دفاع قانوني يقوم على واقع يتطلب التحقق من حصول الإعذار مستوفياً لشرائطه أو عدم حصوله، وكان البين من الأوراق أن الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بهذا الدفاع حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة الحكم المطعون فيه في خصوصه فإنه لا يقبل من الطاعن التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على الحكم بقصور التسبيب في هذا الشأن على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم اعتنق ما ذهب إليه قضاء محكمة الدرجة الأولى من أن تغيير الاستعمال ينجم عنه ضرر لملاك العقار ومستأجريه فأخطأ بذلك تطبيق نص المادة 31 - ج التي لا تعتد بالضرر الذي يصيب الأخيرين لأنهم ليسوا أطرافاً في العلاقة الإيجارية، كما أن الحكم لم يفصح عن كنه الضرر الذي ترتب على تغيير استعمال العين المؤجرة من مكتب إلى فرع للمستشفى واعتبر تردد الجمهور للكشف والعلاج مما يتحقق به الضرر مع أن ذلك من الأمور المعتادة في الجهات الحكومية.
وحيث إن النعي في شقه الأول مردود بأنه لما كان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لا مسئولية على المؤجر عن التعرض المادي الواقع على المستأجر منه، وإذا كان صادراً من الغير إلا أنه يكون مسئولاً عنه إذا كان هذا الغير مستأجر منه أيضاً، إذ يعتبر بذلك في حكم أتباعه المشار إليهم في المادة 571 من القانون المدني، باعتبار أنه تلقى الحق في الإيجار عنه، وأن صلته به هي التي مكنت له من التعرض للمستأجر الآخر فيمتد ضمان المؤجر إلى هذا التعرض - لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استند فيما ارتآه من تحقق الضرر بالمطعون ضدهم نتيجة فعل الطاعن إلى ما يصيب باقي مستأجري العقار من ضرر يجعل المطعون ضدهم مسئولين عنه تجاههم، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، والنعي في شقه الثاني مردود بأنه لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض في مدوناته لبيان كنه الضرر المترتب على تغيير استعمال العين المؤجرة مقرراً أن في تغيير استعمال العين من مكتب إلى فرع مستشفى يتردد عليه الأهالي للكشف والعلاج وما يصاحب ذلك الاستعمال من ازدحام وسوء استخدام العين المؤجرة ومدخل العقار وسلمه يتحقق به الضرر وكان هذا الذي قرره الحكم سائغاً وكافياً لاستظهار كنه الضرر المبرر لطلب الإخلاء فإنه النعي عليه بهذا الشق يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق من وجهين أولها: أن الحكم استناداً إلى تقرير الخبير ذهب إلى أن عين النزاع مستعملة فرعاً للمستشفى العام حال أن هذا التقرير أورى أنها مستعملة عيادة خارجية، والثاني: أن الحكم قرر توافر الضرر المترتب على تغيير استعمال عين النزاع مع أن الثابت من شهادة شاهدي المطعون ضدهم أن هذا التغيير تم في سنة 1967 وسكت عنه المطعون ضدهم رغم مضي أكثر من ثلاث عشرة سنة مما يعتبر موافقة ضمنية على النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتقاء الضرر.
وحيث إن النعي في وجهه الأول غير صحيح ذلك أنه لما كان الثابت من محضر المعاينة بتقرير الخبير أنه وجد على واجهة عين النزاع لافتة مكتوب عليها "مستشفى شبين الكوم - العيادة الخارجية العامة - عيادة الحي الشرقي"، كما وجد لافتة أخرى بداخلها تبين الخدمات التي تقوم بها هذه العيادة، وخلص إلى نتيجة مؤداها أن شقة النزاع تستخدم فرعاً للمستشفى العام لعلاج جميع الأمراض، فإن ما ذهب إليه الحكم من أن العين المؤجرة مستعملة فرعاً للمستشفى العام لا يكون قد خالف الثابت بالأوراق، والنعي في وجهه الآخر غير مقبول ذلك أنه لما كان من المقرر أنه لا يجوز التمسك أمام محكمة النقض بسبب واقعي - أو قانوني يخالطه واقع - ولم يسبق إبداؤه أمام محكمة الموضوع. وكان الطاعن لم يسبق له التمسك أمام هذه المحكمة بأمر اعتبار سكوت المطعون ضدهم عن استعمال حقهم في طلب الإخلاء مدة من الزمن من قبيل التعبير الضمني عن الإرادة في إسقاط الحق في ذلك فإن التمسك بهذا الوجه من الدفاع أمام محكمة النقض لأول مرة يكون غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق