الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 25 يوليو 2025

الطعن 4 لسنة 2025 تمييز دبي تجاري جلسة 16 / 4 / 2025

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 16-04-2025 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 4 لسنة2025 طعن تجاري

طاعن:
م. ك. ك. ك.

مطعون ضده:
ت. ا. ش. ذ. م. م.

الحكم المطعون فيه:
الصادر بالاستئناف رقم 2024/24 بطلان حكم تحكيم بتاريخ 28-11-2024
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي أعده وتلاه بالجلسة السيد القاضي المقرر طارق يعقوب الخياط وبعد المداولة. 
حيث إن الوقائـع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن الطاعن (ميهتا كيشور كومار كانتيلا) أقام الدعوى رقم 24 لسنة 2024 بطلان حكم تحكيم أمام محكمة الاستئناف بدبي قبل المطعون ضدها (تنظيفكو الأمارات - ش.ذ.م.م) بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر من محكمة لندن للتحكيم الدولي بتاريخ 2024/5/20 والمعلن إليه في 2024/5/21 والصادر في القضية التحكيمية رقم ( DL20373 ) واعتباره كأن لم يكن ومحو كافة آثاره، وبيانًا لذلك قال إن حكم التحكيم صدر باطلًا بالنظر إلى تشكيل هيئة التحكيم بالمخالفة لأحكام المادتين 4، 5 من المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 الصادر من سمو حاكم دبي بشأن مركز دبي للتحكيم الدولي، فضلًا عن مخالفة الحكم للنظام العام وقواعد الاختصاص لأن المرسوم المذكور ألغى مؤسسة التحكيم (محكمة لندن للتحكيم الدولي) بمركز دبي المالي العالمي والذي نظر الدعوى وأصدر حكم التحكيم رغم إلغائه وعدم وجوده قانونًا، ولصدور حكم التحكيم بعد انتهاء مدة التحكيم المتعين صدوره خلالها، فضلًا عن سقوط مدة شرط التحكيم ومضي المـدة المقررة لإجراء التحكيم (يسري الشرط وفق الاتفاقية لمدة "18" شهرا)، هذا إلى أن حكم التحكيم استبعد تطبيق أحكام المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 الواجب التطبيق، علاوة على صدور الحكم من محكم غير متفق عليه من الأطراف، ولمخالفة حكم التحكيم لأسس التقاضي وإغفاله لدفاع الطاعن وعدم بحثه واستعراضه لأوجه دفاعه ومستنداته بما فيها تقرير الخبرة المقدم بأوراق الدعوى، مما حدا بالطاعن إلى إقامة دعواه الراهنة ، وبتاريخ 2024/11/28 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم اختصاصها ولائيًا بنظرها، طعن الطاعن في هذا الحكم بالتمييز الماثل بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى في 2024/12/26 طلب فيها نقضه، قدم محامي المطعون ضدها مذكرة بدفاعه في الميعاد القانوني طلب فيها رفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره. وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. وحيث إن الطعن أقيم على تسعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الثاني منها على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والاخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم المطعون فيه عول على أصل الاتفاقية الموقعة بتاريخ 2021/3/25 بين مركز دبي للتحكيم الدولي ومحكمة لندن للتحكيم الدولي التي أعطت الحق لمحكمة لندن للتحكيم الدولي في الاستمرار في مباشرة الدعوى التحكيمية المقامة أمام مركز دبي المالي العالمي بعد صدور المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021، على الرغم من عدم إرفاق نسخة من هذه الاتفاقية بالنظام كما لم يتم سرد بيانها واستعراض بنودها، ولم يتم تمكين أطراف الدعوى من الاطلاع عليها والتعقيب عليها وإبداء دفاعهم بشأنها، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعي غير مقبول، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه ولئن كان لا يجوز للقاضي أن يحكم بعلمه الخاص إلا أنه غير ممنوع من الحكم بالعِلم العام، هذا ويعد من قبيل العلم العام الذي لا يحتاج إلى دليل على قيامه، جريان العادة على الاعتداد بالبيانات والإحصائيات والأرقام والمصطلحات القانونية المنشورة على شبكة الإنترنت بالمواقع الرسمية للمنظمات الدولية أو الوكالات أو المعاهد والجامعات المتخصصة المرتبطة بها، باعتبارها مواقع متخصصة تعتمد على تدقيق المعلومات وتحديثها على نحو دائم، كما أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه "لا محل لتأويل النص الواضح الصريح متى كان قاطعًا في الدلالة على المراد منه، ولا محل للخروج عليه بدعوى تفسيره أو البحث عن الغرض منه، لما كان ذلك، وكان المرسوم رقم 34 لسنة 2021 بشأن مركز دبي للتحكيم الدولي -المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 2021/9/20 بعد أن نص في المادة الرابعة منه على إلغاء مركز الإمارات للتحكيم البحري، ومؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي DIFC Arbitration institute ?DAI? ، وأشار إليهما باسم "مراكز التحكيم الملغاة"، نص في المادة 8 (ج) منه على استمرار العمل بقواعد التحكيم والتوفيق المعمول بها لدى مراكز التحكيم الملغاة إلى المدى الذي لا تتعارض فيه وأحكام هذا المرسوم والنظام الأساسي الملحق به، وذلك إلى حين اعتماد قواعد التحكيم والتوفيق الخاصة بمركز دبي للتحكيم الدولي من مجلس إدارة المركز، ثم نص في المادة 9 من المرسوم على أنه "على مركز دبي للتحكيم الدولي التنسيق مع كافة الجهات المعنية في إمارة دبي لتوفيق أوضاعه بما يتفق وأحكام هذا المرسوم والنظام الأساسي الملحق به، خلال مهلة لا تزيد على (6) أشهر من تاريخ العمل بهذا المرسوم."، أي في تاريخ 20 مارس 2022، وكان من المتاح للكافة من خلال موقع مركز دبي للتحكيم الدولي أو موقع مركز لندن للتحكيم الدولي، فضلًا عن العديد من المواقع الأخرى، الاطلاع على البيان الصحفي المشترك الصادر منهما بتاريخ 28-3-2022 عن توقيعهما "اتفاقية تتوافق وتنسجم مع مرسوم حكومة دبي رقم 34 لسنة 2021، تقوم بموجبها محكمة لندن للتحكيم الدولي بإدارة كل قضايا المنازعات والتحكيم القائمة التي كانت تنظر بها مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي وذلك حسب قواعد التحكيم المعروفة بـ RULES DIFC-LCIA ، أي القضايا التي تم تسجيلها والعمل على تسويتها في مؤسسة التحكيم بمركز دبي المالي العالمي تحت رقم دعوى معين ومحدد في أو قبل تاريخ 20 مارس 2022، وذلك من مركزها الرئيسي في لندن، واتفق الجانبان كذلك على آلية منظمة لإدارة الأموال والمبالغ التي تم تسديدها من قبل الأطراف المتنازعة ... "، ولازم ذلك ومقتضاه أنه إعمالًا للمادة 9 من المرسوم المشار إليها قام مركز دبي للتحكيم الدولي بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية لتوفيق أوضاعه بما يتفق وأحكام هذا المرسوم والنظام الأساسي الملحق به، ومن بين هذه الجهات مركز لندن للتحكيم الدولي بمقره الرئيسي في لندن، وانتهى التنسيق بينهما إلى الاتفاق على أن تقوم محكمة لندن للتحكيم الدولي بإدارة كل قضايا المنازعات والتحكيم القائمة التي كانت تنظر بها مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي وذلك حسب قواعد التحكيم المعروفة بـ RULES DIFC-LCIA ، أي القضايا التي تم تسجيلها والعمل على تسويتها في أو قبل تاريخ 20 مارس 2022 تاريخ انتهاء مهلة الستة أشهر، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع لعدم إرفاقه نسخة من هذه الاتفاقية المبرمة بين مركزي التحكيم بالنظام الالكتروني لمحاكم دبي وعدم تمكين أطراف الدعوى من الاطلاع عليها لإبداء دفاعهم بشأنها وتعويله عليها في قضائه دون سرد تفاصيل بنودها في أسبابه، يكون على غير أساس . وحيث ينعى الطاعن بالأسباب من الخامس إلى التاسع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، إذ لم يقض ببطلان حكم التحكيم عملًا بالمادة (53/1/ز) من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 لصدوره بعد انتهاء مدة التحكيم، بالرغم من أن الثابت من حكم وإجراءات التحكيم موضوع الدعوى أن حكم التحكيم كان يجب أن يصدر خلال 6 أشهر من تاريخ انعقاد الجلسة الاجرائية بتاريخ 2021/9/22 ، وأن هذه المدة قابلة للتمديد بحد أقصى 6 أشهر أخرى طبقًا لقانون التحكيم الاتحادي أو أن يطلب من المحكمة تحديد ميعاد إضافي، إلا أن حكم التحكيم صدر بتاريخ 2024/5/20 أي بعد حوالي عامين ونصف من انعقاد أول جلسة تحكيم دون تقديم طلب إلى المحكمة لتحديد موعد إضافي، ولم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم عملًا بالمادة (53/1/أ) من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 لسقوط مدة شرط التحكيم التي حددها الأطراف باتفاقية التفاهم موضوع الدعوى المؤرخة في 2015/1/5 والمتضمنة شرط التحكيم والتي نصت في البند 12 منها على سريان الاتفاقية لمدة 18 شهر فقط، وهو ما يعني انتهاء سريانها بما فيها شرط التحكيم بمرور 18 شهرًا من تاريخ تحريرها في تاريخ 2018/9/5 ، كما لم يقض ببطلان حكم التحكيم عملًا بالمادة (53/1/ه) من ذات القانون السابق على الرغم من أن المحكم استبعد تطبيق المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 الذي صدر أثناء نظر التحكيم ونص على إلغاء مؤسسة التحكيم في مركز دبي المالي العالمي، واستمر في نظر الدعوى ونقل إدارة الملف إلى محكمة لندن للتحكيم الدولي، وكذلك لم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم عملًا بالمادة (53/1/و) من ذات القانون السابق بالمخالفة للمادة 9 من ذات القانون، إذ خلا شرط التحكيم الوارد في اتفاقية التفاهم المبرمة بين الطرفين من اتفاق على تحديد عدد المحكمين وهو ما كان يتعين معه تعيين هيئة تحكيم من ثلاثة محكمين إلا أنه تم تعيين محكم واحد رغم عدم اتفاق الأطراف على عدد المحكمين، كما جاء هذا التعيين من جانب مركز التحكيم في مركز دبي المالي العالمي الذي تم إلغاؤه بالمرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021، والذي كان من شأن تطبيقه أن يتم تعيين هيئة التحكيم من جانب مركز دبي للتحكيم الدولي، وأخيرًا فلم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم عملًا بالمادة (53/1/ز) من قانون التحكيم الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 على الرغم من بطلان إجراءات التحكيم التي أثرت في حكم التحكيم الذي أغفل دفاع ومستندات الطاعن التي تثبت بما لا يدع مجالًا للشك أحقيته في المطالبة موضوع الدعوى التحكيمية، ذلك أنه سدد للمطعون ضدها مبلغ (1،500،000) درهم، ولم تقم هي بتنفيذ كافة التزاماتها التي تعهدت بها بناء على مذكرة التفاهم وهو ما أكدته الخبرة المنتدبة في النزاع رقم 25 لسنة 2017 نزاع تعيين خبرة عقاري دبي، وعلى الرغم من كل ذلك فلم يقض الحكم المطعون فيه ببطلان حكم التحكيم، مما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعي غير مقبول ، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الطعن بطريق التمييز إنما يعني مخاصمة الحكم المطعون فيه ولذا يتعين أن ينصب النعي على عيب قام عليه ذلك الحكم وتناول دعامته الأساسية التي لا يقوم قضاؤه بدونها فإذا خلا من ذلك العيب الموجه إليه كان النعي وارداً على غير محل من قضائه لما كان ذلك، وكانت أسباب الطعن تقوم على تخطئة الحكم المطعون فيه لعدم قضائه ببطلان حكم التحكيم، فإنها تكون قد وردت على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه الذي وقف عند القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى، ولم يعرض بالتالي في قضائه لأي سبب من أسباب بطلان حكم التحكيم، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون غير مقبول . وحيث إن مما ينعي به الطاعن بباقي أسباب الطعن منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول تقدم الطاعن بطلب التحكيم بتاريخ 2020/10/30 لمركز التحكيم في مركز دبي المالي العالمي DIFC-LCIA عملًا بشرط التحكيم الوارد في اتفاقية التفاهم الموقعة بينه وبين المطعون ضدها، وبتاريخ 2021/9/14 أصدر سمو حاكم دبي المرسوم بقانون رقم 34 لسنة 2021 بشأن مركز دبي للتحكيم الدولي والذي تضمنت مواده النص على إلغاء مركز الإمارات للتحكيم البحري ومؤسسة التحكيم (محكمة لندن للتحكيم الدولي) في مركز دبي المالي العالمي، وحلول مركز دبي للتحكيم الدولي محل المؤسسات الملغاة سالفة البيان، وعلى الرغم من ذلك فقد استمر المحكم في نظر التحكيم بالمخالفة للقانون والنظام العام، وبتاريخ 2022/3/20 تم إدارة القضية بواسطة (محكمة لندن للتحكيم الدولي) رغم أنها أيضًا غير مختصة وفقًا للمرسوم بقانون المشار إليه الذي جعل الاختصاص لمركز دبي للتحكيم الدولي فتكون محاكم دبي هي التي ينعقد لها الاختصاص بنظر دعوى البطلان بوصفها صاحبة الولاية العامة والمختصة بنظر دعاوى البطلان على أحكام التحكيم الصادرة من مركز دبي للتحكيم الدولي، وأقام الحكم قضاءه بعدم اختصاص محاكم دبي ولائيًا بنظر النزاع على سند من أن حكم التحكيم قد صدر عن مركز التحكيم التابع لمحاكم مركز دبي المالي العالمي، في حين أن (محكمة لندن للتحكيم الدولي) باشرت الدعوى بعد إلغاء مؤسسة التحكيم بمركز دبي المالي العالمي وليس قبل الإلغاء، وتمت إدارة القضية بواسطة (محكمة لندن للتحكيم الدولي) بعد صدور المرسوم بقانون المشار إليه، كما أنه على فرض قيام مركز دبي للتحكيم للدولي بتفويض أو إنابة (محكمة لندن للتحكيم الدولي) بنظر الدعاوى التحكيمية المقامة قبل صدور ذلك المرسوم، فإن الاختصاص بنظر دعاوى البطلان على الأحكام الصادرة من (محكمة لندن للتحكيم الدولي) بالإنابة عن مركز دبي للتحكيم الدولي -صاحب الاختصاص الأصيل- ينعقد لمحكمة استئناف دبي وحدها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر بما يعيبه ويستوجب نقضه . وحيث أن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحكيم هو اختيار المتنازعين طرفاً غيرهما محايداً للفصل فيما شجر بينهما من نزاع دون الالتجاء إلى القضاء، ويكون التحكيم تبعاً لعقد يذكر في صلبه وضمن شروطه ويسمى شرط التحكيم، ويرتكز التحكيم على إرادة الخصوم متمثلة في الاتفاق على التحكيم، وهذا الاتفاق يعد المصدر الأساسي الذي يستمد منه المحكم سلطة الحكم في النزاع بدلاً من القضاء المختص، كما من المقرر بقضاء هذه المحكمة أن مكان التحكيم أو المقر القانوني للتحكيم هو الاختصاص القضائي الذي يجري فيه التحكيم-أي الدولة أو المدينة أو أي منطقة حرة مالية لها استقلال مالي وإداري وسلطة قضائية قائمة بذاتها- وتتحدد تبعًا له آثار هامة من بينها القانون الواجب التطبيق على إجراءات التحكيم، والمحكمة المختصة بالإشراف على التحكيم ونظر دعوى البطلان، وجنسية حكم التحكيم من حيث كونه وطنيًا أم أجنبيًا (المادة 3/2/أ من قانون التحكيم الاتحادي)، والمكان الذي يُعتبر أن حكم التحكيم قد صدر فيه (المادة 41/6 من قانون التحكيم الاتحادي). والأصل أن يتفق الأطراف على اختيار مكان التحكيم صراحة، كما يجوز أن يتفقوا على اختياره ضمنًا من خلال اختيار قواعد تحكيم مؤسسية تشير إلى مكان تحكيم مفترض أو آلية واجبة الاتباع لتحديده في غيبة اتفاق صريح من الأطراف على خلاف ذلك، أو أخيرًا بمعرفة هيئة التحكيم في حالة عدم اتفاق الأطراف صراحة أو ضمنًا (المادة 28/1 من قانون التحكيم الاتحادي). ولا تلازم بين المقر القانوني للتحكيم seat of arbitration باعتباره فكرة قانونية مجردة، وبين المكان الفعلي الجغرافي لانعقاد جلسات التحكيم venue of arbitration ، إذ إن الأخير لا يترتب عليه أي أثر قانوني. كما أنه لا صلة بين مراكز التحكيم وقواعدها وبين تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان، والتي لا تتحدد إلا على أساس المقر القانوني للتحكيم، ومن ثم فلا عبرة على أي نحو بموقع مركز التحكيم عند تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان وإنما العبرة بما اتفق عليه الأطراف صراحة عند اختيارهم للمقر القانوني للتحكيم، لما كان ذلك وكان الثابت من مذكرة التفاهم المؤرخة 2015/1/5 بين الطاعن والمطعون ضدها اتفاقهما في البند 15 منها على أن يتم التحكيم في دبي، كما أن الثابت في حكم التحكيم كذلك في الفِقرة 28 منه أنه بموجب اتفاقية التحكيم اتفق الطرفان على أن مكان التحكيم (المقر القانوني) هو دبي، كما ورد به في الفِقرة 301 من أسبابه أن القانون الاتحادي رقم 6 لسنة 2018 هو الذي يحكم إجراءات التحكيم، فإن الاختصاص ينعقد لمحكمة استئناف دبي بنظر دعوى بطلان هذا الحكم، لأن العبرة فقط هي بما اتفق عليه الطرفان صراحة عند اختيارهما للمقر القانوني للتحكيم متمثلًا في اختيارهم لدبي كمقر قانوني للتحكيم، وكذا اتفاقهما على تطبيق قوانين دبي ومنها قانون التحكيم الاتحادي، وهو ما يقطع الصلة تماما بين قواعد مركز التحكيم الذي اختاره الطرفان - مركز لندن للتحكيم الدولي DIFC-LCIA لعام 2016، - وبين تحديد المحكمة المختصة بنظر دعوى البطلان، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وذهب إلى أن الاختصاص بنظر دعوى البطلان ينعقد لمحاكم مركز دبي المالي العالمي لمجرد اختيار الطرفين لقواعد مركز لندن للتحكيم الدولي DIFC-LCIA وأن حكم التحكيم يعتبر بهذه المثابة قد صدر تحت إدارة وإشراف مركز لندن للتحكيم الدولي التابع لمحاكم مركز دبي المالي العالمي، ورتب على ذلك قضاءه بعدم اختصاص محاكم دبي بنظر دعوى البطلان ، وهو ما يحول بين المحكمة وبسط رقابتها على الحكم المستأنف في خصوص استئنافه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه، وإذ حجبه ذلك عن نظر موضوع الاستئناف المشار إليه ، فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة . 
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة: بنقض الحكم المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين، وألزمت المطعون ضدها بالمصروفات وبمبلغ ألفي درهم مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق