جلسة الاثنين 18 أبريل 2016
برئاسة السيد القاضي/ عبد العزيز عبد الله الزرعوني رئيس الدائرة وعضوية السادة القضاة: مصطفى عطا محمد الشناوي، مصبح سعيد ثعلوب، محمود مسعود متولي شرف ومحمود فهمي سلطان.
--------------
(27)
الطعن رقم 273 لسنة 2016 "جزاء"
(1 ، 2) دفاع شرعي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدفاع الشرعي". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
(2) تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفائها. من سلطة محكمة الموضوع. شرط ذلك.
(2) حق الدفاع الشرعي. الغرض منه. التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلا الاعتداء على المدافع أو غيره. غير جائز. النعي في هذا الشأن. غير مقبول. مثال.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى". تمييز "أسباب الطعن: ما لا يقبل منها".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة. عدم مطالبتها بالأخذ بالأدلة المباشرة. لها استخلاص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق. النعي في هذا الشأن. جدل موضوعي. غير مقبول. أمام محكمة التمييز.
-------------------
1 - المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها.
2 - حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلا الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم، أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس، بل كان معتديا وحين ضرب المجني عليه بدفعه كان قاصدا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند.
3 - المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، وهو الحال في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز.
---------------
الوقائع
وحيث إن النيابة العامة اتهمت كلا من: 1 ....... 2 ...... 3 ...... 4 ..... 5 ..... 6 ......
إنهم بتاريخ 6/3/2014 بدائرة مركز شرطة القصيص.
أولا: المتهمون الأول والثاني والخامس والسادس:
اعتدى كل منهم على سلامة جسم الآخر مما ألحق ببعضهم البعض الإصابات المبينة باستمارة الفحص الطبي وبتقرير الطب الشرعي والتي أعجزتهم عن القيام بأعمالهم الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوما، على النحو الثابت بالأوراق.
ثانيا: المتهم الثالث:
اعتدى على سلامة جسم المتهمين الأول والثاني بواسطة أداة "سكين" وأفضى الاعتداء إلى إلحاق الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي والتي أعجزتهما عن القيام بأعمالهما الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما دون تخلف عاهة مستديمة.
ثالثا: المتهمة الرابعة:
اعتدت على سلامة جسم المتهم الأول بأن قامت بدهسه بواسطة مركبة كانت تقودها مما ألحق به الإصابات المبينة باستمارة الفحص الطبي وبتقرير الطب الشرعي والتي أعجزته عن القيام بأعماله الشخصية مدة لا تزيد على عشرين يوما.
وطلبت عقابهم بالمادتين 331، 339/ 1- 2 من قانون العقوبات الاتحادي المعدل، وبجلسة 7/7/2015 حكمت محكمة الجنح حضوريا بالنسبة للمتهمين الثالث والسادس وحضوريا اعتباريا بالنسبة لباقي المتهمين (حسب ترتيب المتهمين الوارد بأمر الإحالة). أولا: بمعاقبة كل من ..... ...... بالحبس لمدة سنة عما نسب إليه ثانيا:
بمعاقبة كل من ...... و....... بالحبس لمدة شهر عما نسب إليه. ثالثا: ببراءة كل من ....... و....... مما نسب إليهما.
طعن المحكوم عليهما الخامس والسادس ....... و....... في هذا الحكم بالاستئناف رقم 5466/ 2015، كما طعنت المحكوم عليها الرابعة ..... بالاستئناف رقم 6009/ 2015، وطعنت النيابة العامة بالاستئناف رقم 5667/ 2015 فيما قضى به من براءة.
وبجلسة 27/10/2015 حكمت المحكمة الاستئنافية حضوريا بقبول الاستئنافات شكلا.
ثانيا: في موضوع الاستئناف رقم 5667/ 2015 المرفوع من النيابة العامة برفضه وتأييد الحكم المستأنف بشأن المستأنف ضدهما الأولى والثاني.
ثالثا: في موضوع الاستئنافين رقمي 5466، 6009/ 2015 بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بتغريم كل من المتهمين الثلاثة .... و...... و...... خمسة آلاف درهم عما أسند إليهم بدل الحبس.
طعن المحكوم عليه السادس ..... في هذا الحكم بالتمييز المقيد برقم 809/ 2015.
وبجلسة 21/12/2015 حكمت محكمة التمييز بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتقضي فيها من جديد دائرة مشكلة من قضاة آخرين.
وبجلسة 15/3/2016 حكمت محكمة الإعادة - بهيئة مغايرة - حضوريا في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددا بمعاقبة ...... بتغريمه مبلغ ألفي درهم عما أسند إليه.
طعن المحكوم عليه ..... في هذا الحكم بالتمييز الماثل - للمرة الثانية - بموجب تقرير مؤرخ 29/3/2016 مرفق به مذكرة بأسباب الطعن موقعا عليها من محاميه الموكل طلب فيها نقض الحكم وسدد مبلغ التأمين المقرر.
---------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص الذي أعده السيد القاضي ..... وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
وحيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاعتداء على سلامة جسم الغير قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ذلك أنه نفى عن الطاعن وجوده في حالة دفاع شرعي عن نفسه بما لا يسوغ ذلك أن دفعه للمتهم الأول في الدعوى كان بسبب دخول الأخير إلى منزل الطاعن وانتهاك حرمته وهو يحمل سيفا يهدد به وهو ما تأيد بأقوال الشاهد ............ وما ثبت من المستندات المقدمة في الدعوى من قيامه بكسر باب منزل الطاعن إلا أن الحكم قضى بإدانته دون أن يفطن إلى كل ذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد أنشأ لنفسه أسبابا ومنطوقا جديدين وبين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن القائم على حالة الدفاع الشرعي وأطرحه بقوله:- ((.... وكان الثابت للمحكمة من صورة الواقعة التي استقرت في عقيدتها واطمأنت إليها وخلصت إليها من أقوال المتهم المستأنف والتي أدلى بها في محضر استدلالات الشرطة وتحقيقات النيابة أن المدعو ....... دخل المنزل الذي يسكنه وأخذ يسأل عما إذا كانت زوجته ...... المتهمة الرابعة - والمتهم الثالث ....... متواجدين في المنزل الذي يسكنه من عدمه إذ لم يثبت من الأوراق بوجود أي أعمال تشكل خطرا ضد المتهم أو ضد أي من أهله كان لا بد من دفعه إلا بالاعتداء على المدعو ...... إذ إن المحكمة لا تطمئن لأقوال المتهم من أن المدعو ...... كان يحمل سيفا عند دخوله المنزل إذ لم يثبت ذلك من الأوراق كما أن المدعو ..... دخل المنزل للاستفسار فقط عما إذا كانت زوجته التي اتصلت به هاتفيا تخبره بتواجدها في المنزل العائد للمتهم الثالث ....... الذي أكد ذلك من خلال تحدثه مع المدعو ...... وأنها برفقته ولم يبد المدعو .... أي أعمال خطر تهدد المتهم أو أهل بيته، كما لم يثبت من الأوراق قيام كسر باب المنزل مما تنتفي معه مظنة الدفاع الشرعي عن النفس إذ لم يصدر من المجني عليه فعل يستوجب الدفاع ويكون تعدي المتهم عليه بغير مبرر، إذ إن مسلك المتهم كان اعتداء أو من ثم فإن الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي يكون على غير أساس من الواقع وصحيح القانون)). لما كان ذلك، وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى ولمحكمة الموضوع الفصل فيه بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي خلصت إليها، وكان حق الدفاع الشرعي لم يشرع إلا لرد الاعتداء عن طريق الحيلولة بين من يباشر الاعتداء وبين الاستمرار فيه، فلا يسوغ التعرض بفعل الضرب لمن لم يثبت أنه كان يعتدي أو يحاول فعلا الاعتداء على المدافع أو غيره، وإذ كان ما أورده الحكم على السياق المتقدم أن الطاعن لم يكن في حالة دفاع شرعي عن النفس، بل كان معتديا وحين ضرب المجني عليه بدفعه كان قاصدا إلحاق الأذى به لا دفع اعتداء وقع عليه، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن من فساد استدلال الحكم بصدد انتفاء حق الطاعن في الدفاع الشرعي بدعوى أن المتهم الأول كسر باب المنزل ودخل حاملا سيفا يؤيده أقوال أحد الشهود والمستندات المقدمة في الدعوى، فإن ذلك مردود بدوره بأنه وقد استخلص الحكم واقعة الدعوى على نحو ما سلف بيانه وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليها اقتناعها، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليما متفقا مع حكم العقل والمنطق، وهو الحال في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومصادرتها في عقيدتها مما لا يقبل إثارته أمام محكمة التمييز. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعين الرفض مع مصادرة مبلغ التأمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق