جلسة 15 من نوفمبر سنة 2021
برئاسة السيـد القاضي/ نبيل أحمد صادق "نائب رئيس المحكمة"، وعضوية السادة القضاة/ سمير حسن، محمد عاطف ثابت، ياسر الشريف "نواب رئيس المحكمة" ومحمد ثابت عويضة.
----------------
(108)
الطعن رقم 17925 لسنة 90 القضائية
(1) دعوى " نطاق الدعوى : تكييف الدعوى " " الطلبات في الدعوى " .
تكييف الطلبات في الدعوى . مناطه . حقيقة المقصود بما عناه المدعي فيها . دلالته . ما يطرحه واقعًا ومبررًا لطلباته دون حرفية العبارات أو الألفاظ التي تصاغ بها .
(2) شركات " انقضاء الشركة : الأسباب العامة لانقضاء الشركات : حل الشركة قضاء " .
صدور حكم نهائي بحل الشركة . أثــره . انقضاؤها نهائيًا من تاريخ الحكم .
(3) شركات " شركات الأشخاص : شركة التضامن " .
استمرار نشاط شركة التضامن رغم انتهائها دون اتفاق مسبق بين الشركاء . مؤداه . اعتبارها شركة واقع .
(4) شركات " شركة الواقع : نشأتها " .
استمرار نشاط شركة التضامن موضوع التداعي دون اعتراض طرفيه . اعتبارها شركة واقع حتى تاريخ الحكم النهائي بحلها وتصفيتها . أثره . لكل منهما نصيب في أرباحها حتى ذلك التاريخ . التزام الحكم المطعون فيه ذلك القضاء . صحيح .
(5) حكم " حجية الأحكام : ما لا يحوز حجية " .
الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع . عدم اكتسابه الحجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو افتراضات موضوعية طالما لم يحسم خلافًا بين الخصوم . أثره . جواز العدول عنه . مثال ذلك .
(6) محكمة الموضوع " سلطتها بالنسبة لمسائل الإثبات : تقدير عمل الخبير " .
تقدير عمل أهل الخبرة . من سلطة محكمة الموضوع . أثره . مثال .
(8،7) فوائد " الفوائد القانونية : بدء سريانها " .
(7) سريان الفوائد . شرطه . أن يكون محل الالتزام مبلغًا من النقود معلوم المقدار . م 226 مدني . المقصود بكون الالتزام معين المقدار . أن يكون قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير .
(8) إلزام الحكم المطعون فيه الطاعن بأداء قيمة أرباح المطعون ضدهم في الشركة محل التداعي استنادًا لتقارير الخبرة المنتدبة بالدعوى . مفاده . المبلغ المقضي به غير معلوم المقدار وقت رفع الدعوى . مؤداه . سريان الفوائد القانونية عليه من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًّا . مخالفة الحكم المطعون فيه هذا النظر . خطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها أو الألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات، وإنما بحقيقة المقصود بما عناه المدعي فيها أخذًا في الاعتبار ما يطرحه واقعًا مبررًا لها.
2- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أنه يترتب على صدور حكم نهائي بحل الشركة انقضاؤها نهائيًا اعتبارًا من تاريخ الحكم.
3- ممارسة شركة التضامن لنشاطها بعد انتهائها دون اتفاق مسبق بين الشركاء اعتبارها شركة واقع، ذلك إلى حين تصفية هذا النشاط.
4- إذ كان البين من الأوراق أن طلبات المطعون ضدهم في الدعوى ندب خبير لبيان مستحقاتهم من أرباح الشركة موضوع التداعي (شركة تضامن) منذ تاريخ وفاة مورثهم في 17/3/2003؛ إذ إن الشركة ظلت قائمة حتى تاريخ انتهائها بمقتضى الإخطار المؤرخ 21/9/2009 المرسل من الطاعن إلى المطعون ضدهم برغبته في إنهائها إعمالًا للبند الثاني عشر من عقد إنشائها، ولا يعد الحكم النهائي بانتهائها سوى كاشفٍ لهذا التاريخ، إلا أن الشركة موضوع التداعي -كما هو ثابت بتقرير الخبير- استمرت في ممارسة نشاطها دون أي اعتراض من طرفي التداعي، الأمر الذي يجعل منها شركة واقع بينهما لكلٍّ منهما نصيب في أرباحها حتى تاريخ الحكم النهائي بحلها وتصفيتها، ومن ثم فإن القضاء للمطعون ضدهم بنصيبهم فيها حتى سنة 2012 لا يكون قضاءً بما لم يطلبه الخصوم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجه صحيح، ولا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في هذا الخصوص بقصر طلباتهم على المطالبة بالأرباح حتى إيداع صحيفة طلبهم العارض في 20/7/2010 طالما أنه لا يغير من النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
5- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع لا يقيد المحكمة عند الفصل في الموضوع إلا أن يكون قد فصل فصلًا لازمًا في شق النزاع تستنفد به المحكمة ولايتها ، ولا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو افتراضات موضوعية ما دام لا يتضمن حسمًا لخلاف بين الخصوم ويجوز العدول عنه والالتفات عما تضمنه من آراء قانونية أو افتراضات واقعية بقصد إنارة الطريق أمامه لتحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها، ومن ثم فإن الحكم بندب الخبير المؤرخ 14/11/2018، فضلًا على أنه لا يحوز ثمة حجية، فهو لم يفصل بصفة صريحة أو ضمنية في تصفية الحساب بين طرفي النزاع، ومن ثم فلا يكون له ثمة حجية في هذه المسألة، فيضحى النعي عليه بما ورد بسبب النعي على غير أساس.
6- المقرر -في قضاء محكمة النقض- أن تقدير عمل أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله، كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه؛ إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه. وكانت المحكمة قد خلصت بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى إلى إلزام الطاعن بأداء قيمة أرباح المطعون ضدهم عن المدة المطالب بها، والتي قدرتها تقارير الخبرة المنتدبة في الدعوى لفحص اعتراضات الخصوم، وكان ما خلص إليه سائغًا له أصل ثابت بالأوراق، ويؤدي إلى ما انتهى إليه من نتيجة، فلا يعدو ما يثيره الطاعن بنعيه -في هذا الخصوص- سوى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى غير مقبول.
7- إذ كانت المادة 226 من القانون المدني قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغًا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار- وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض– أن يكون تحديد مقداره قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير.
8- إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية إلى إلزام الطاعن بأداء قيمة أرباح المطعون ضدهم (في الشركة موضوع التداعي) عن المدة المطالب بها على سندٍ من تقارير الخبرة المنتدبة في الدعوى، فإن مفاد ذلك أن المبلغ المقضي به لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى، بما يتعين معه سريان الفوائد اعتبارًا من تاريخ صيرورة الحكم به نهائيًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع -على ما يبين من الحكم المطعون فيه - وسائر أوراق الطعن- تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم ... لسنة 2010 تجاري كلي إسكندرية بطلب الحكم أولًا: بانتهاء شركة التوصية البسيطة موضوع التداعي بعد تاريخ31/12/2009، ثانيًا: تعيين الطاعن الشريك المتضامن في الشركة مصفيًا قضائيًا لها بلا أجر ومباشرة إجراءات تصفيتها، على سندٍ من أن الطاعن ومورث المطعون ضدهما شريكان متضامنان بعقد شركة توصية بسيطة منشأة منذ عام 1999 اسمها التجاري "..." مدتها ثلاث سنوات مجددة حتى 31/12/2009، وإذ توفى مورث المطعون ضدهم في 17/3/2003 وخلفه المطعون ضدهم حصته بالشركة، فأخطرهم الطاعن بعدم رغبته في التجديد لمدة أخرى في 11/9/2009 و 26/9/2009 إعمالًا لنص البند 12 من عقد تأسيس الشركة، ومن ثم انتهائها، على أن يتولى الطاعن إجراءات التصفية نفاذًا لنص البند 14 من العقد سالف البيان، ولعدم استجابتهم أقام الدعوى للقضاء له بما سلف من طلبات، ندبت المحكمة خبيرًا في الدعوى، وبعد أن أودع تقريره النهائي، وجه المطعون ضدهم طلبًا عارضًا للحكم أولًا: بإلزام المطعون ضده الرابع بصفته بتقديم ما تحت يده من المستندات الخاصة بالقوائم المالية والميزانيات منذ وفاة مورثهم في 17/3/2003 ، ثانيًا: إلزام المطعون ضدهم بصفاتهم من الخامس حتى الأخير بتقديم ما تحت يدهم من المستندات الخاصة بالتعاملات المالية التي تمت بينهم وبين الشركة موضوع التداعي منذ وفاة مورثهم في 17/3/2003 وحتى تاريخه، ثالثًا: تعيين لجنة ثلاثية من الخبراء لبحث وتحديد الأرباح الحقيقية للشركة منذ وفاة مورثهم وحتى تاريخه وتحديد المبالغ المستحقة لهم في ذمة الطاعن، رابعًا: إلزام الطاعن بما يسفر عنه تقرير لجنة الخبراء والفوائد القانونية بواقع 5% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وبتاريخ 31/8/2015 حكمت المحكمة أولًا: في الدعوى الأصلية بانتهاء شركة التوصية البسيطة "شركة ..." لانتهاء مدتها في آخر ديسمبر سنة 2009 وتعيين الطاعن مصفيًا لها بالمجان ليتولى استلامها وجرد موجوداتها وحصر ديونها واستيفاء ما لها من حقوق والوفاء بما عليها من التزامات وقسمة الصافي من أصولها قسمةً عينيةً بين الشركاء وفق أنصبتهم، ثانياً:-وفي موضوع الدعوى الفرعية بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون ضدها الأولى مبلغ 46198 جنيهًا وإلى المطعون ضدها الثانية 230922 جنيهًا نصيبهما عن الفترة من 2010 حتى نهاية عام 2012 والفوائد القانونية بواقع 5% سنويًا من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 71ق الإسكندرية، ندبت المحكمة خبيرًا، وبعد أن أودع تقريره النهائي، قضت بتاريخ 16/9/2020 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال، والقصور في التسبيب في أسباب ثلاثة أولها من ثلاثة أوجه، حاصل الوجه الأول من السببين الأول والثالث منها أن الحكم المطعون فيه؛ إذ أيَّدَ حكم محكمة أول درجة فيما قضى به للمطعون ضدهم من الأول حتى الثالث بأرباح عن السنوات من 2010 حتى 2012، فإنه يكون قد قضى بما لم يطلبه الخصوم؛ إذ إن طلباتهم بالدعوى الفرعية اقتصرت على احتساب أرباحهم من الشركة محل التداعي وإلزام الطاعن بأدائها من تاريخ وفاة مورثهم في 17/3/2003 حتى تاريخ رفع دعواهم الفرعية في 20/7/2010 وفق صراحة عبارة "حتى الآن" بصحيفة طلبهم العارض، فيضحى حكمًا معدومًا، ومغفلًا دفاع الطاعن الجوهري أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بعدم جواز احتساب تلك الأرباح لانتهاء عقد الشركة، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد؛ ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن العبرة في تكييف الطلبات في الدعوى ليس بحرفية عباراتها أو الألفاظ التي تصاغ بها هذه الطلبات، وإنما بحقيقة المقصود بما عناه المدعى فيها أخذًا في الاعتبار ما يطرحه واقعًا مبررًا لها، كما أن المقرر –أيضًا- في قضاء هذه المحكمة- أنه يترتب على صدور حكم نهائي بحل الشركة انقضاؤها نهائيًا اعتبارًا من تاريخ الحكم، وأن ممارسة شركة التضامن لنشاطها بعد انتهائها دون اتفاق مسبق بين الشركاء اعتبارها شركة واقع ذلك إلى حين تصفية هذا النشاط. لمَّا كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن طلبات المطعون ضدهم في الدعوى ندب خبير لبيان مستحقاتهم من أرباح الشركة موضوع التداعي منذ تاريخ وفاة مورثهم في 17/3/2003؛ إذ إن الشركة ظلت قائمة حتى تاريخ انتهائها بمقتضى الإخطار المؤرخ 21/9/2009 المرسل من الطاعن إلى المطعون ضدهم برغبته في إنهائها إعمالًا للبند الثاني عشر من عقد إنشائها، ولا يعد الحكم النهائي بانتهائها سوى كاشف لهذا التاريخ، إلَّا أن الشركة موضوع التداعي كما هو ثابت بتقرير الخبير استمرت في ممارسة نشاطها دون أي اعتراض من طرفي التداعي، الأمر الذي يجعل منها شركة واقع بينهما لكل منهما نصيب في أرباحها حتى تاريخ الحكم النهائي بحلها وتصفيتها، ومن ثم فإن القضاء للمطعون ضدهم بنصيبهم فيها حتى سنة 2012 لا يكون قضاءً بما لم يطلبه الخصوم، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد طبق القانون على وجه صحيح، ولا يعيب الحكم المطعون فيه عدم الرد على دفاع الطاعن أمام محكمة الموضوع بدرجتيها في هذا الخصوص بقصر طلباتهم على المطالبة بالأرباح حتى إيداع صحيفة طلبهم العارض في 20/7/2010 طالما أنه لا يغير من النتيجة الصحيحة التي انتهى إليها.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الأول في الوجه الثالث من السبب الأول مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه؛ لإهدار الحكم المطعون فيه لحجية الحكم الصادر من ذات المحكمة المؤرخ 14/11/2018 بندب أحد الخبراء لتصفية الحساب فيما بين الطاعن والمطعون ضدهم من الأول إلى الثالث في ضوء ما هو مستحق لهم من أرباح وما بين المبالغ التي سددت لحسابهم عن المدة من أول يناير 2010 حتى آخر ديسمبر 2012، والتي حصلها التقرير المودع بالدعوى، مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديدٍ؛ ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن الحكم الصادر قبل الفصل في الموضوع لا يقيد المحكمة عند الفصل في الموضوع، إلا أن يكون قد فصل فصلًا لازمًا في شق النزاع تستنفد به المحكمة ولايتها، ولا يحوز حجية بالنسبة لما يثيره من وجهات نظر قانونية أو افتراضات موضوعية ما دام لا يتضمن حسمًا لخلافٍ بين الخصوم، ويجوز العدول عنه والالتفات عما تضمنه من آراء قانونية أو افتراضاتٍ واقعيةً بقصد إنارة الطريق أمامه لتحقيق المأمورية حتى تتهيأ الدعوى للفصل في موضوعها، ومن ثم فإن الحكم بندب الخبير المؤرخ 14/11/2018، فضلًا على أنه لا يحوز ثمة حجية، فهو لم يفصل بصفة صريحة أو ضمنية في تصفية الحساب بين طرفي النزاع، ومن ثم فلا يكون له ثمة حجية في هذه المسألة، فيضحى النعي عليه بما ورد بسبب النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالشق الثاني في الوجه الثالث من السبب الأول والسبب الثاني مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه والفساد في الاستدلال؛ إذ إنه قضى بتأييد الحكم الابتدائي على خلاف الثابت بتقرير الخبير مجتزئًا منه، ودون أن يبحثه كاملًا، ودون أن يورد بأسبابه سبب عدم اعتداده بالحساب الأول الذي أجراه الخبير تنفيذًا للمأمورية الواردة بالحكم التمهيدي بندبه بعدما قدمه من إنذارات عرض وإيصالات استلام وقسائم سداد، والتي أثبتها تقرير الخبير وصولًا إلى ما انتهى إليه من نتيجة في احتساب أرباح المطعون ضدهم بعد خصمها، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن المقرر -في قضاء هذه المحكمة- أن تقدير عمل أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله/ كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه؛ إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه، وكانت المحكمة قد خلصت بما لها من سلطة تقدير أدلة الدعوى إلى إلزام الطاعن بأداء قيمة أرباح المطعون ضدهم عن المدة المطالب بها، والتي قدرتها تقارير الخبرة المنتدبة في الدعوى لفحص اعتراضات الخصوم، وكان ما خلص إليه سائغًا له أصل ثابت بالأوراق، ويؤدي إلى ما انتهى إليه من نتيجة، فلا يعدو ما يثيره الطاعن بنعيه -في هذا الخصوص- سوى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى غير مقبول.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب؛ إذ أيد الحكم الابتدائي في قضائه بسريان الفوائد القانونية على المبلغ المقضي به اعتبارًا من تاريخ المطالبة القضائية في 20/7/2010، في حين أنه غير معلوم المقدار وقت الطلب، فلا تستحق عنه الفوائد من هذا التاريخ سالف البيان، مما يعيبه، ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله؛ ذلك أنه لمَّا كانت المادة 226 من القانون المدني قد اشترطت لسريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية أن يكون محل الالتزام مبلغًا من النقود معلوم المقدار وقت الطلب، والمقصود بكون محل الالتزام معلوم المقدار- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون تحديد مقداره قائمًا على أسس ثابتة لا يكون معها للقضاء سلطة في التقدير. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى في حدود سلطته الموضوعية إلى إلزام الطاعن بأداء قيمة أرباح المطعون ضدهم عن المدة المطالب على سندٍ من تقارير الخبرة المنتدبة في الدعوى، فإن مفاد ذلك أن المبلغ المقضي به لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى، بما يتعين معه سريان الفوائد اعتبارًا من تاريخ صيرورة الحكم به نهائيًا، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، بما يوجب نقضه جزئيًا في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولِمَا تقدَّم، فإنه يتعين إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من استحقاق الفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد والقضاء بالفوائد القانونية من تاريخ صيرورة الحكم نهائيًا وحتى تمام السداد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق