جلسة 2 من ديسمبر سنة 2019
برئاسة السيد القاضي / مصطفى محمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / نبيل مسعود ، حسين النخلاوي والسيد أحمد نواب رئيس المحكمة و د. أحمد أبو العينين.
----------------
(97)
الطعن رقم 15860 لسنة 83 القضائية
(1) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير آراء الخبراء " .
تقدير القوة التدليلية لآراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي .
(2) مواد مخدرة . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم وصف الحكم لعقار الترامادول بالمخدر . لا ينال من سلامته . ما دام الطاعن لا يدعي أنه ليس من المخدرات المحظور حيازتها أو إحرازها .
(3) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها .
مثال .
(4) وصف التهمة . محكمة النقض " سلطتها " . قصد جنائي . مواد مخدرة . نقض " عدم جواز مضارة الطاعن بطعنه " " المصلحة في الطعن " .
لمحكمة النقض تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها . تجاوزها مقدار العقوبة المقضي بها . غير جائز . علة وأساس ذلك ؟
خطأ الحكم في اعتبار حيازة الطاعن للعقاقير المخدرة بدون قصد رغم ضبطه يبيعها . لمحكمة النقض إسباغ الوصف الصحيح واعتبارها بقصد الاتجار دون تشديد العقوبة المقضي بها عليه . التعييب في خصوص استبعاد قصد الاتجار . غير مجد .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
اطمئنان المحكمة لجدية التحريات . كفايته للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم جديتها .
إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض . غير مقبول . علة ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير حالة التلبس " . دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " . نقض " المصلحة في الطعن " .
تقدير توافر حالة التلبس . موضوعي . ما دام سائغاً .
تدليل الحكم على توافر حالة التلبس . كفايته للرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش .
النعي بعدم وجود إذن من النيابة العامة . غير مجد .
(7) إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر حاجة لإجرائه . غير مقبول .
مثال .
(8) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
من يقوم بإجراء باطل . لا تقبل منه الشهادة عليه . حد ذلك ؟
للمحكمة التعويل في الإدانة على أقوال ضابط الواقعة متى انتهت لصحة إجراءاته .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إلمام المحكمة بواقعة الدعوى وإحاطتها بالاتهام وأخذها بالأدلة وهي على بينة من أمرها . المجادلة في ذلك . انطواؤها على منازعة موضوعية مما تستقل بها .
(10) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " .
تعييب صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة . غير مقبول . ما دامت قد اطمأنت لأقوال ضابط الواقعة وصحة تصويره لها .
(11) صيادلة . نقض " المصلحة في الطعن " .
نعي الطاعن بخلو الأوراق مما يفيد تعيين مدير مسئول عن الصيدلية أو أنه مستأجر لها . غير مجد . ما دام أنه لم يكن ليحول دون مساءلته عن الجرائم التي دين بها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما انتهى إليه تقرير المعمل الكيماوي فإنه لا يقبل من الطاعن العودة إلى مجادلتها فيما خلصت إليه المحكمة .
2- لما كان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير المعمل الكيماوي أن " العينة المأخوذة من المضبوطات لعقار الترامادول هيدروكلوريد " ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم وصفه هذا العقار بالمخدر طالما أن الطاعن لا يدعي أن هذا العقار ليس من المخدرات المحظور حيازتها أو إحرازها في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم ، فضلا عن أن الطاعن لم يبين أوجه الاختلاف بين شهادتي الشاهدين بل ساق قولاً مرسلاً ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله .
4- من المقرر أن الشارع بموجب نص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لم يُنهِ هذه المحكمة - محكمة النقض - عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها ، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها حتى لا يضار طاعنٌ بطعنه ، بل إن القانون وقد فرض على محكمة الموضوع إضفاء الوصف الصحيح على واقعة الدعوى فإنه فرض على محكمة النقض أن تراقب إضفاء تلك المحكمة - محكمة الموضوع - للوصف الصحيح على الواقعة ، ولا سبيل عليها في ذلك وإنما السبيل عليها إن هي جاوزت مقدار العقوبة المقضي بها من محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكانت واقعات الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه في بيانها وفي معرض رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس أن تحريات الضابط دلت على قيام الصيدلية التي يعمل بها الطاعن ببيع أدوية وعقاقير مخدرة محظور تداولها فانتقل ــــ وبرفقته الشاهد الثاني ــــ إلى مكان تواجد الطاعن بالصيدلية حيث كلف أحد مصادره السرية بإجراء محاولة شراء من الطاعن حيث باع له الأخير شريط لعقار الترامادول المخدر وبتفتيش الصيدلية عُثر بداخلها على الأقراص المخدرة المضبوطة ، فإن ما ورد على هذا النحو إن هو إلا عملية بيع من الطاعن وشراء من المصدر السري للمواد المخدرة ، لا تحمل إلا وصفاً واحداً وهو أن حيازة الطاعن لتلك المواد المخدرة كانت بقصد الاتجار، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين اعتبر حيازة الطاعن للمواد المخدرة كانت مجردةً من القصود المسماة في القانون ، فإنه يتعين على هذه المحكمة - محكمة النقض - أن ترد ذلك الوصف لقصد الطاعن من حيازة المواد المخدرة المضبوطة الذي أسبغه الحكم المطعون فيه - خطأً -إلى وصفه الصحيح وهو الحيازة بقصد الاتجار والمؤثم بنص المادة 34 /1 بدلا من نص المادة 38 /1 من قانون مكافحة المخدرات التي دين الطاعن بموجبها ، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى به الحكم المطعون فيه ، كما يضحي لا جدوى الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه بصدد استبعاد قصد الاتجار عن الجريمة الأولى المسندة إليه .
5- لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لابتنائهما على تحريات غير جدية استناداً لما خلصت إليه المحكمة من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات للأسس التي يتحدث عنها بأسباب طعنه ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد .
6- من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بهما محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل ، ويكون ما ينعاه الطاعن من عدم صدور إذن النيابة العامة غير ذي جدوى .
7- لما كان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد دفعيه - المار بيانهما - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول .
8- من المقرر أن الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه القبض والتفتيش ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم .
9- لما كانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى ومستنداتها وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذ بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
10- لما كان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوی أن للواقعة صورة أخرى ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد .
11- لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه بأسباب طعنه من خلو الأوراق مما يفيد تعيين مدير مسئول عن الصيدلية أو أن الطاعن مستأجر لها ، فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره طالما أن ذلك - بفرض صحته - لم يكن ليحول دون مُساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
ــ حاز بقصد الاتجار عقار " الترامادول " المخدر في غير الأحوال المصرح بها قانوناً .
ــ زاول مهنة الصيدلة بدون الحصول على ترخيص بذلك .
- عرض للبيع أدوية لم يصدر قرار وزير الصحة بتداولها .
- باع سلعة مسعرة جبرياً بسعر يزيد عن السعر المقرر .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً وعملاً بالمواد 1 ، 2 ، 38 /1 ، 42 /1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 122 لسنة 1989 ، والقسم الثاني من الجدول رقم (1) والملحق بالقانون الأول والمضاف بقانون رقم 125 لسنة 2012 والمواد 1 ، 58 ، 59 ، 64 ، 65 ، 78 ، 81/1 ، 84 من القانون رقم 127 لسنة 1955 المعدل بالقانونين رقمي 360 لسنة 1956 ، 167 لسنة 1998 والمواد 1 ، 2 ، 9 ، 14 ، 15 ، 16/1 من المرسوم بقانون رقم 163 لسنة 1950 المعدل بالقانونين رقمي 108 لسنة 1980 ، 128 لسنة 1982 مع إعمال نص المادة 32/2 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وتغريمه خمسين ألف جنيه وألزمته المصاريف الجنائية وبمصادرة المضبوطات . وذلك باعتبار أن الحيازة كانت بغير قصد من القصود المسماة في القانون .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم حيازة عقار مخدر بغير قصد من القصود المسماة في القانون ومزاولة مهنة الصيدلة بدون ترخيص وعرض أدوية للبيع غير مصرح بتداولها وبيع سلعة مسعرة جبرياً بأزيد من السعر المقدَّر لها ، قد شابه القصور والتناقض في التسيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن الحكم عول على تقرير المعمل الكيماوي رغم أنه لا يصلح دليلاً للإدانة - لشواهد عددها - وحصَّل الحكم من هذا التقرير أن العينة المأخوذة من المضبوطات لعقار " الترامادول هيدروكلوريد " دون أن يصفه الحكم بالمخدر، ولم يورد أقوال الشاهد الثاني وأحال بشأنها إلى ما أورده من أقوال الشاهد الأول رغم اختلافهما في الشهادة ، وأثبت الحكم بمدوناته أن تحريات ضابط الواقعة دلت على اتجار الطاعن في العقاقير المخدرة ثم عاد ونفى عنه قصد الاتجار بما يشوبه بالتناقض ، ورد الحكم بما لا يسوغ على دفعه ببطلان القبض والتفتيش وما تلاهما من إجراءات لابتنائه على تحريات غير جدية - لشواهد عددها - ولانتفاء حالة التلبس وعدم صدور إذن من النيابة العامة ولم تعن المحكمة بتحقيق هذين الدفعين ، بما ينبئ عن اضطراب صورة الواقعة في عقيدة المحكمة وأن لها صورة أخرى غير التي أوردها الضابط ، وخلت الأوراق مما يفيد تعيين مدير مسئول عن الصيدلية أو أن الطاعن مستأجر لها ، وهو ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن الأدلة ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى ما انتهى إليه تقرير المعمل الكيماوي فإنه لا يقبل من الطاعن العودة إلى مجادلتها فيما خلصت إليه المحكمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من تقرير المعمل الكيماوي أن " العينة المأخوذة من المضبوطات لعقار الترامادول هيدروكلوريد " ، فإنه لا ينال من سلامة الحكم عدم وصفه هذا العقار بالمخدر طالما أن الطاعن لا يدعي أن هذا العقار ليس من المخدرات المحظور حيازتها أو إحرازها في غير الأحوال المصرح بها قانوناً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وكان الطاعن لا يجادل في أن أقوال الشاهد الثاني متفقة مع أقوال الشاهد الأول التي أحال إليها الحكم ، فضلا عن أن الطاعن لم يبين أوجه الاختلاف بين شهادتي الشاهدين بل ساق قولاً مرسلاً ، فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الشارع بموجب نص المادة 43 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لم يُنهِ هذه المحكمة- محكمة النقض - عن تقدير وقائع الدعوى وإسباغ الوصف الصحيح عليها ، وإنما نهاها فقط عن تجاوز مقدار العقوبة المقضي بها حتى لا يضار طاعنٌ بطعنه ، بل إن القانون وقد فرض على محكمة الموضوع إضفاء الوصف الصحيح على واقعة الدعوى فإنه فرض على محكمة النقض أن تراقب إضفاء تلك المحكمة - محكمة الموضوع - للوصف الصحيح على الواقعة ، ولا سبيل عليها في ذلك وإنما السبيل عليها إن هي جاوزت مقدار العقوبة المقضي بها من محكمة الموضوع . لما كان ذلك ، وكانت واقعات الدعوى كما أوردها الحكم المطعون فيه في بيانها وفي معرض رده على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لانتقاء حالة التلبس أن تحريات الضابط دلت على قيام الصيدلية التي يعمل بها الطاعن ببيع أدوية وعقاقير مخدرة محظور تداولها فانتقل - وبرفقته الشاهد الثاني - إلى مكان تواجد الطاعن بالصيدلية حيث كلف أحد مصادره السرية بإجراء محاولة شراء من الطاعن حيث باع له الأخير شريط لعقار الترامادول المخدر وبتفتيش الصيدلية عُثر بداخلها على الأقراص المخدرة المضبوطة ، فإن ما ورد على هذا النحو إن هو إلا عملية بيع من الطاعن وشراء من المصدر السري للمواد المخدرة ، لا تحمل إلا وصفاً واحداً وهو أن حيازة الطاعن لتلك المواد المخدرة كانت بقصد الاتجار، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب حين اعتبر حيازة الطاعن للمواد المخدرة كانت مجردةً من القصود المسماة في القانون ، فإنه يتعين على هذه المحكمة - محكمة النقض - أن ترد ذلك الوصف لقصد الطاعن من حيازة المواد المخدرة المضبوطة الذي أسبغه الحكم المطعون فيه - خطأً - إلى وصفه الصحيح وهو الحيازة بقصد الاتجار والمؤثم بنص المادة 34 /1 بدلا من نص المادة 38 /1 من قانون مكافحة المخدرات التي دين الطاعن بموجبها ، ولما كان المحكوم عليه هو الطاعن فإن المحكمة لا تملك تشديد العقوبة عليه بأزيد مما قضى به الحكم المطعون فيه ، كما يضحي لا جدوى الطاعن من تعييب الحكم المطعون فيه بصدد استبعاد قصد الاتجار عن الجريمة الأولى المسندة إليه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع ببطلان القبض والتفتيش لابتنائهما على تحريات غير جدية استناداً لما خلصت إليه المحكمة من اطمئنانها إلى جدية تلك التحريات وهو ما يعد كافياً للرد على ما أثاره الطاعن في هذا الخصوص ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لعدم جدية التحريات للأسس التي يتحدث عنها بأسباب طعنه ، وكان من المقرر أنه لا يصح إثارة أساس جديد للدفع ببطلان القبض والتفتيش أمام محكمة النقض ما دام أنه في عداد الدفوع القانونية المختلطة بالواقع ما لم يكن قد أثير أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم ترشح لقيام هذا البطلان لهذا السبب فإنه لا يقبل منه إثارة ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القول بتوافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من المسائل الموضوعية التي تستقل بهما محكمة الموضوع بغير معقب عليها ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة ، وكان ما أورده الحكم تدليلاً على توافر حالة التلبس ورداً على ما دفع به الطاعن من عدم توافر هذه الحالة ومن بطلان القبض والتفتيش كافياً وسائغاً في الرد على الدفع ويتفق وصحيح القانون ، فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون له محل ، ويكون ما ينعاه الطاعن من عدم صدور إذن النيابة العامة غير ذي جدوى . لما كان ذلك ، وكان البيّن من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة تحقيقاً معيناً بصدد دفعيه - المار بيانهما - فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة لإجرائه ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن يكون غير مقبول . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ، ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ، ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله وما أسفر عنه القبض والتفتيش ضمن ما عولت عليه في إدانة الطاعن ، ويكون النعي على الحكم في هذا الشأن غير قويم . لما كان ذلك ، وكانت مدونات الحكم المطعون فيه تنبئ عن أن المحكمة ألمت بواقعة الدعوى ومستنداتها وأحاطت بالاتهام المسند إلى الطاعن ودانته بالأدلة السائغة التي أخذ بها وهي على بينة من أمرها ، فإن مجادلتها في ذلك ينطوي على منازعة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال الضابط وصحة تصويره للواقعة ، فإنه لا يكون ثمة محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها بدعوی أن للواقعة صورة أخرى ، ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن غير سديد . لما كان ذلك ، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يدعيه بأسباب طعنه من خلو الأوراق مما يفيد تعيين مدير مسئول عن الصيدلية أو أن الطاعن مستأجر لها ، فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره طالما أن ذلك - بفرض صحته - لم يكن ليحول دون مُساءلة الطاعن عن الجرائم التي دين بها ، ومن ثم فإن ما ينعاه في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق