جلسة 15 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / محمد جمال الشربيني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / ناجي عز الدين ، كمال صقر ، محسن البكري وعبد الحميد جابر نواب رئيس المحكمة .
-----------------
(31)
الطعن رقم 1050 لسنة 88 القضائية
(1) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . سلاح . جريمة " أركانها " .
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراده على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة تؤدي لما رتبه عليها . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً أو نمطاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
جريمة حيازة سلاح ناري بدون ترخيص . تحققها بالحيازة المادية للسلاح أياً كانت مدتها أو الباعث عليها . علة ذلك ؟
مثال .
(2) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
عدم إيراد الحكم نص أقوال الشهود بكل فحواها أو تقرير الخبير بكامل أجزائه . لا ينال من سلامته .
مثال .
(3) إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر أو اختلافها في بعض التفصيلات . لا يعيبه . علة ذلك ؟
(4) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الفقرة الثانية من المادة 24 إجراءات جنائية . مفادها ؟
خلو محضر جمع الاستدلالات من توقيع الشاهدين . ليس من شأنه إهدار قیمته كعنصرمن عناصر الإثبات . خضوع ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع . النعي عليه بالبطلان . غير مقبول . ما دام الحكم لم يعول في الإدانة على دليل مستمد منه .
مثال .
(5) دفوع " الدفع ببطلان القبض والتفتيش " " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . سلاح . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
الدفع بانقطاع الصلة بالمضبوطات . موضوعي . لا يستلزم رداً اكتفاءً بأدلة الثبوت التي أوردتها .
إقامة الحكم قضاءه بالإدانة على انبساط سلطان الطاعن على التليسكوبين المضبوطين . صحيح . النعي في هذا الشأن . غير مقبول.
حصول التفتيش في غيبة المتهم أو من ينيبه . لا بطلان .
(6) قبض . نقض " المصلحة في الطعن" .
نعي الطاعن عدم عرضه على النيابة خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه . غير مجدٍ . طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى .
(7) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها . غير مقبول .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(8) نيابة عامة . دعوى جنائية " قيود تحريكها " . سلاح . تهريب جمركي .
اختصاص النيابة العامة دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها دون قيد إلَّا استثناءً بموجب نص . إقامتها الدعوى الجنائية ومباشرتها التحقيق عن جريمتي استيراد أسلحة نارية تليسكوبين وحيازتها . لا يتوقف على صدور إذن من وزير المالية أو من يفوضه . علة ذلك : استقلالهما عن جريمة التهريب الجمركي . دفاع الطاعن في هذا الشأن . ظاهر البطلان . أساس ذلك ؟
(9) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، هذا فضلاً عن أنه يكفي لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري مما لا يجوز الترخيص به مجرد الحيازة المادية - طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كان لأمر عارض أو طارئ - لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن حاز سلاحاً نارياً - التليسكوبين - وهما يستخدمان على الأسلحة النارية لدقة التصويب وأثبت صلاحيتهما للاستعمال من واقع دليل فني ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً للدلالة على قيام الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما بأركانهما القانونية ، ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سديد .
2- لما كان ما أورده الحكم بمدوناته من أقوال الشاهد الخامس ونقلاً عن تقرير الأدلة الجنائية كافياً في بيان مضمون هذين الدليلين الذين عوّل عليهما الحكم في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه ، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص أقوال الشهود بكل فحواها أو تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى .
3- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .
4- لما كان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لدفوع الطاعن ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وبانقطاع صلته بالمضبوطات ، وببطلان استجوابه لعدم عرضه على النيابة العامة خلال ٢٤ ساعة من القبض عليه ، وبقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط واطرحهم برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفضهم ، وكانت المادة 24 من قانون الاجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه ( يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصوله ) ، مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبيناً فيه وقت اتخاذ الإجراء ومكان حصوله إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته البطلان ، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من توقيع الشاهدين ليس من شأنه إهدار قیمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون قويما ً.
5- من المقرر أن الدفع بانقطاع صلة الطاعن بالمضبوطات من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما ثبت من انبساط سلطانه على التليسكوبين المضبوطين تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير إسدید ، وكان من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم أو من ينيبه عنه لا يترتب عليه البطلان ، ومن ثم فحضوره هو أو من ينيبه عنه ليس شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش ولا يقدح في صحة هذا الإجراء أن يكون قد حصل في غيبة الطاعن أو غيبة من ينيبه عنه .
6- لما كان لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه -بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
7- لما كان البيّن من محضري جلستي المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار إلى قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط ، إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن إثارة ما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ويكون ما ينعاه في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض .
8- لما كانت النيابة العامة طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق معه لارتكابه جريمتي استيراد أسلحة نارية - تليسكوبين - وحيازتها حال كونها مما لا يجوز الترخيص بها وطلبت عقابه بالمواد 1/1 ، 12 ، 26/3 ، 28/2 ، 30/1 ، 35 مكرراً أ/2 ، 3 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بشأن الأسلحة والذخائر ، والبند ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق به ، وكان القانون قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن وهي جرائم مستقلة متميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك ، فإن قيام النيابة بتحقيق الجريمتين موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى بشأنهما لا يتوقف على صدور إذن من وزير المالية أو من يفوضه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند ، هذا فضلاً عن كونه دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان .
9- من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : أولاً : استورد أسلحة نارية (اثنين تليسكوب) والتي تركب على الأسلحة النارية والتي لا يجوز الترخيص باستيرادها وذلك على النحو المبين بالأوراق .
ثانياً : حاز بغير ترخيص أسلحة نارية (اثنين تليسكوب) والتي تركب على الأسلحة النارية والتي لا يجوز الترخيص باستيرادها وذلك على النحو المبين بالأوراق .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 12 ، 26 /3 ، 28 /2 ، 30 /1 ، 35 مكرراً أ/2 ، 3 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقوانين أرقام 26 لسنة 1978 ،101 لسنة 1980 ، 165 لسنة 1981 ، والبند " ب " من القسم الثاني من الجدول رقم (3) المرفق والمضاف بالقانون رقم 97 لسنة 1992 والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 والمستبدل بقرار وزير الداخلية رقم 13354 لسنة 1995 ، مع إعمال المادتين 17 ، 32 من قانون العقوبات ،بمعاقبته بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات وغرامة خمسة آلاف جنيه ومصادرة المضبوطات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي استيراد أسلحة نارية - تليسكوبين - وحيازتها حال كونها مما لا يجوز الترخيص بها ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبيّن واقعة الدعوى المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمتين والأدلة التي استند اليها في قضائه بالإدانة ومؤدى كل دليل منها وجاءت عباراته مبهمة مجملة ، ولم يورد مضمون أقوال الشاهد الخامس - مجري التحريات - وتقرير الأدلة الجنائية على نحو كاف ، وأحال في أقوال الشاهدين الثالث والرابع الى ما أورده من أقوال الثاني رغم تناقض أقوالهم ، واطرح برد قاصر دفوعه ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية لعدم توقيع الشاهدين الثاني والثالث عليه رغم أنهما صاحبي الاختصاص الأصيل لكونهما من مأموري الجمارك ، وبانقطاع صلته بالمضبوطات بدلالة مباشرة الإجراءات في غيبته ، وبطلان استجوابه لعدم عرضه على النيابة العامة خلال ٢٤ ساعة من القبض عليه ، وبقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط ، ودانه حال كون الواقعة محل الاتهام تشكل جريمة التهريب الجمركي التي لا يجوز تحريك الدعوى بشأنها أو اتخاذ أي إجراء فيها بغير طلب كتابي من وزير المالية أو من يفوضه ، وأخيراً فقد عوَّل على التحريات رغم مكتبيتها ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، هذا فضلاً عن أنه يكفي لتحقق جريمة حيازة سلاح ناري مما لا يجوز الترخيص به مجرد الحيازة المادية - طالت أم قصرت وأياً كان الباعث عليها ولو كان لأمر عارض أو طارئ - لأن قيام هذه الجريمة لا يتطلب سوى القصد الجنائي العام الذي يتحقق بمجرد إحراز أو حيازة السلاح الناري بدون ترخيص عن علم وإدراك وإذ كان الثابت مما أورده الحكم المطعون فيه أن الطاعن حاز سلاحاً نارياً - التليسكوبين - وهما يستخدمان على الأسلحة النارية لدقة التصويب وأثبت صلاحيتهما للاستعمال من واقع دليل فني ، فإن ما أورده الحكم يكون كافياً للدلالة على قيام الجريمتين اللتين دان الطاعن بهما بأركانهما القانونية ، ويضحى منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن غير سدید . لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم بمدوناته من أقوال الشاهد الخامس ونقلاً عن تقرير الأدلة الجنائية كافياً في بيان مضمون هذين الدليلين الذين عوّل عليهما الحكم في قضائه ، فإن هذا حسبه كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه، ذلك بأنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص أقوال الشهود بكل فحواها أو تقرير الخبير بكامل أجزائه ، ومن ثم تنتفي عن الحكم دعوى القصور في هذا المنحى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم لا يعيبه ذلك أن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها أن تعتمد على ما تطمئن إليه من أقوال الشهود وأن تطرح ما عداها وفي عدم إيراد الحكم لهذه التفصيلات ما يفيد اطراحه لها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان البيّن من الحكم المطعون فيه أنه قد عرض لدفوع الطاعن ببطلان محضر الضبط لمخالفته نص المادة 24 من قانون الإجراءات الجنائية ، وبانقطاع صلته بالمضبوطات ، وببطلان استجوابه لعدم عرضه على النيابة العامة خلال ٢٤ ساعة من القبض عليه ، وبقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط واطرحهم برد كاف وسائغ يستقيم به ما خلص إليه من رفضهم ، وكانت المادة 24 من قانون الاجراءات الجنائية تنص في فقرتها الثانية على أنه ( يجب أن تثبت جميع الإجراءات التي يقوم بها مأمورو الضبط القضائي في محاضر موقع عليها منهم يبين بها وقت اتخاذ الإجراءات ومكان حصوله ) ، مما يستفاد منه أن القانون وإن كان يوجب أن يحرر مأمور الضبط القضائي محضراً بكل ما يجريه في الدعوى من إجراءات مبيناً فيه وقت اتخاذ الإجراء ومكان حصوله إلا أن ما نص عليه القانون فيما تقدم لم يرد إلا على سبيل التنظيم والإرشاد ولم يرتب على مخالفته البطلان ، ومن ثم فإن خلو محضر جمع الاستدلالات من توقيع الشاهدين ليس من شأنه إهدار قیمته كعنصر من عناصر الإثبات وإنما يخضع كل ما يعتريه من نقص أو عيب لتقدير محكمة الموضوع ، هذا فضلاً عن أن الحكم قد بنى قضاءه على ما اطمأن إليه من أدلة الثبوت التي قام عليها ولم يعول على أي دليل مستمد من محضر الضبط ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون قويماً ، وكان من المقرر أن الدفع بانقطاع صلة الطاعن بالمضبوطات من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعن على ما ثبت من انبساط سلطانه على التليسكوبين المضبوطين تأسيساً على أدلة سائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة ، فإن منعاه في هذا الشأن يكون غير سدید ، وكان من المقرر أن حصول التفتيش بغير حضور المتهم أو من ينيبه عنه لا يترتب عليه البطلان ، ومن ثم فحضوره هو أو من ينيبه عنه ليس شرطاً جوهرياً لصحة التفتيش ولا يقدح في صحة هذا الإجراء أن يكون قد حصل في غيبة الطاعن أو غيبة من ينيبه عنه ، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة في خلال أربع وعشرين ساعة من القبض عليه - بفرض صحته – طالما أنه لا يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى ، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً ، وكان البيّن من محضري جلستي المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن وإن أشار إلى قصور تحقيقات النيابة العامة لعدم إجراء معاينة لمكان الضبط ، إلا أنه لم يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن ، فإن إثارة ما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وليس للطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ويكون ما ينعاه في هذا الصدد ينحل في الواقع إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما لا يجوز التحدي به أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكانت النيابة العامة طبقاً لما تنص عليه المادة الأولى من قانون الإجراءات الجنائية تختص دون غيرها برفع الدعوى الجنائية ومباشرتها طبقاً للقانون وأن اختصاصها في هذا الشأن مطلق لا يرد عليه القيد إلا باستثناء من نص الشارع ، وإذ أقامت النيابة العامة الدعوى ضد الطاعن وباشرت التحقيق معه لارتكابه جريمتي استيراد أسلحة نارية - تليسكوبين - وحيازتها حال كونها مما لا يجوز الترخيص بها وطلبت عقابه بالمواد 1/1 ، 12 ، 26/3 ، 28/2 ، 30/1 ، 35 مكرراً أ/2 ، 3 من القانون 394 لسنة 1954 المعدل بشأن الأسلحة والذخائر ، والبند ب من القسم الثاني من الجدول رقم 3 الملحق به ، وكان القانون قد خلا من أي قيد على حرية النيابة العامة في رفع الدعوى الجنائية عن الجريمتين المسندتين إلى الطاعن وهي جرائم مستقلة متميزة بعناصرها القانونية عن جرائم التهريب الجمركي المنصوص عليها في القانون رقم 66 لسنة 1963 بشأن الجمارك ، فإن قيام النيابة بتحقيق الجريمتين موضوع الاتهام ومباشرة الدعوى بشأنهما لا يتوقف على صدور إذن من وزير المالية أو من يفوضه ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون على غير سند ، هذا فضلاً عن كونه دفاعاً قانونياً ظاهر البطلان . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا تثريب على المحكمة إن هي أخذت بتحريات رجال المباحث ضمن الأدلة التي استندت إليها ، لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قائماً على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق